كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
تجمدت ماى فى مكانها فور سماعها لذلك الصوت الغريب حتى أنها كادت تتوقف عن التنفس وعن الحركة . وعجزت بالتأكيد عن الاستدارة والتطلع إلى المرأة التى انضمت إليهما للتو لكنها عرفت من تكون .عرفت ذلك الصوت الجذاب المميز إنها أبريل روبين....
لم تشك ماى فى أن دافيد قد نصب فخاً لها وأنه رتب عمداً لقاء الممثلة بها هنا فى هذا المكان...وفى الواقع أكدت كلمات المراة الأخرى شكوكها . فلا عجب إذن من ظهور الصدمة على وجه دافيد قبل ثوان قليلة عندما واجهته برفضها القاطع لقاء تلك الممثلة المشهورة
أطلقت نظرة اتهامية نحو دافيد بينما راح هذا الأخير ينظر إليها بقلق قبل أن يقف لتحية المرأة الأخرى. أحست ماى بأن كمل عضلة من عضلات جسمها تتوتر وبدا ان الهواء قد هرب من رئتيها وراحت ترتجف بشكل سئ .
لا يمكن لهذا أن يحدث ! ولا يمكن أن يكون هذا ما يحدث الآن!
أنه أسوأ كوابيسها.....لكن بات الآن حقيقة واقعة!
ظنت ماى فى البداية بأن رفضها لدورها فى الفيلم الذى عرضه عليها دافيد كفيل بأن يجنبها هذا اللقاء وأنها تستطيع ان تطرد هذا الأمر من ذهنها كلياً . وبدلاً من ذلك ها هى تواجه الآن هذه المرأة التى لا تتمنى لقاءها...إطلاقاً! أطلق جود مارشال تحية ساخرة قائلاً :"مرحباً ماى"
وفى هذه اللحظة تحركت فاستدارت فى مقعدها لتنظر إلى جود وهو يقف بقرب أبريل روبين وأوحت لها تعابير وجهه بالتحدى المزعج وهو ما يفسر كلمة"نحن"فى عبارة روبين الأولى....
لكن النظر إلى جود أراح ماى من النظر إلى الممثلة الواقفة إلى جانبه . ومع ذلك كانت تحس بوجود المرأة الأخرى بقوة وكان بإمكانها سماع حديثها الهامس لـ دافيد وتنشق العطر الذى تضعه وهو عطر جعل رأس ماى يدور !
تخلى جود عن سخريته وراح إليها بقلق ثم سألها :"هل أنت بخير ماى؟"
انتصبت واقفة علها بذلك تخفف من الدوار الذى شعرت به فهى لن تسمح لنفسها بأن يغمى عليها وقالت :"بالطبع أنا بخير "
لكنها لم تكن كذلك ! وتابعت قولها بلهجة فيها بعض التوبيخ :"لم أتوقع رؤيتك هنا"
رد جود بسخرية:"لم أرغب بحرمانك من المفاجأة"
تأوهت ماى بتردد قائلة :"سأكون بخير من دون هذا النوع من المفاجآت "
هرب المرح من عينى جود بينما راح ينظر إليها متفحصاً أخيراً قال لها هامساً:"أتعرفين ؟ يبدو لى بأنك لست بخير"
جاء ردها قاسياً فقالت بنبرة ملؤها التحدى :"لعلنى مندهشة قليلاً...."
وتوقفت قليلاً لتستعير عبارة دافيد وتكمل :".....لأننى وجدت نفسى وسط هذه الرفقة الرائعة!"
بدا لها الأمر مريعاً لأنها تعلم بأن دافيد سيقوم فى أية لحظة بتقديمها إلى أبريل روبين.
كيف سيكون رد فعل المرأة الأخرى لهذا التقديم ؟ هل ستشعر بالرعب كما هو حال ماى ؟ أم أن ردة فعلها ستكون على شكل آخر ؟ فى مطلق الأحوال مهما كان نوع ردة فعل أبريل روبين على لقاءها فهى ستعرف كيف تخفية بصورة أفضل منها
هز جود رأسه ببطء ثم تمتم بعبوس :"لا اظن أن هناك ما يمكنه أن يدهشك ماى"
إنه على حق! فلا شئ يدهشها لأنها قررت منذ وقت طويل أنها امرأة قوية وأن بأستطاعتها القيام بأى شئ تختار القيام به . وأن أحداً لا يملك القوة على إثارة أعصابها....باستثناء شخص واحد : أبريل روبين
استدار دافيد ليضع يده بلطف على ذراع ماى قائلاًَ بحبور :"ماى أود أن أعرفك على أبريل روبين .أبريل, هذه هى ماى كالندر"
للمرة الأولى نظرت ما إلى المرأة الأخرى مباشرة . بدا جمال الممثلة أمراً لا جدال فيه . فشعرها الأسود القصير يحيط بملامحها الخالية من أى عيوب وهى ترتدى كنزة من الكشمير ذات لون أخضر غامق وبنطلون أسود . تلك الملابس جعلتها تبدو أكثر شباباً فلا يشك أحد بأنها بلغت منتصف العمر وهو الأمر الذى كانت ماى متيقنة منه تماماً
لم تظهر أى أشارة من عينى المرأة الأخرى تدل على أنها تعرف ماى عندما بادلتها نظرتها بهدوء . راقب جود ماى بقلق أثناء إتمام التعارف ولاحظ بأن خديها شحبا بشكل غير طبيعى وبدت عيناها الخضراوان كبيرتين وسط ذلك الشحوب . مما رآه أدرك أنها ليست بخير برغم مظهرها الذى يدل على عكس ذلك.
بادرت إلى تحية المرأة الأخرى بكلمات انتزعتها من بين فكيها المطبقين فقالت:"آنسة روبين"
ـ أوه نادينى أبريل من فضلك
أرفقت الممثلة الجميلة طلبها هذا بابتسامة دافئة وتابعت قائلة :"وهل أستطيع أن أناديك ماى ؟"
ظل جود يراقب ماى ملاحظاً مدى توتر أعصابها . وابتلعت ريقها بصعوبة كأن كتلة صلبة علقت فى حنجرتها . ماذا حدث لها بحق السماء ؟ لم يتأخر رد ماى على المرأة الأخرى :"أفضل أن تنادينى الآنسة كالندر"
وأضافت بإصرار :"لأننى أفضل أن أناديك آنسة روبين"
فكر جود فى قرارة نفسه :يا الله! ماذا دهاها ؟ لم يسبق لها أن تكلمت بهذه الطريقة المتعجرفة وساد الصمت المتوتر حولهم بعد تصريح ماى الفج ذاك . ربما كان يجدر به أن يحذرها بشأن هذا الاجتماع . من المحتمل أها تشعر بالتوتر فقط لأن أبريل ممثلة معروفة عالمياً ,اقتحمت عالم هوليود قبل عشرين عاماً وهى تتمتع بالشهرة أينما توجهت كما أنها تحظى باحترام زملائها الممثلين والجمهور على السواء.
لابد أن لقاءها هذه المرأة هو أشبه بحلم
نعم هذا هو السبب ! وما أن تدرك ماى مدى الدفء واللطف اللذين تتحلى بهما أبريل حتى تبدأ بالاسترخاء ومن المحتمل أن تستمتع برفقتها .
أكدت جود بصوت ينم عن الصرامة واللطف فى آن معاً:"إنها فكرة غير مقبولة يا ماى...."
ثم تحرك ليُمكن أبريل من الجلوس على كرسيها وهو يتابع قائلاً :"...هذا إذا كنا سنتناول الطعام معاً"
تمسكت ماى بحقيبتها وقبضت عليها بشدة ثم ردة بحدة :"لكننا لن نفعل. أخشى بأننى تذكرت أمراً على إنجازه , لذا لو سمحتم لى بالانصراف...."
تظوع جود للإجابة بحزم فقال :"لا لن نسمح لك!"
وقف دافيد مليتون يراقب الموقف بذهول وسكون ظاهرين ولاحظ بأن أبريل لا تبدو تماماً بهدوئها المعتاد . ولم يستغرب منها ذلك مطلقاً . إذ من الطبيعى تماماً أن تشعر ماى بعصبة ظاهرة عند لقائها بـ أبريل لكن ليس من المقبول أبداً أن تستمر بالتصرف بخشونة تجاه المرأة الأخرى
أخذ جود نفساً عميقاً وقد أدرك بأنهم باتوا يجذبون اهتمام الناس الموجودين فى الردهة.
اقترح بمرح :"اسمعوا لِمَ لا نجلس سوياً ونطلب عصيراً"
ثم نظر إلى ماى بتشجيع واضح وتابع قائلاً :"وعندها نستطيع أن نقرر ما إذا كنا سنتناول طعام الغداء معاً أم لا؟"
بادلته ماى نظراته بجرأة لافتة للنظر لكن قسمات وجهها خلت من أى تعبير وقالت:"كما قلت لكم سابقاً على أنجاز بعض الأعمال "
لكن برودتها تلك أختفت عندما استدارت لتنظر نحو دافيد ميلتون لتقول له :
"أنا آسفة حقاً بشأن ذلك دافيد"
ثم تابعت بصوت أجش :"لكن أنا....كان عليك أن تحذرنى"
بعد أن أنهت كلامها استدارت على أعقابها وغادرت بسرعة تقترب من الركض عبر الغرفة . وكأن الشيطان نفسه يلاحقها.
ـ ماى ....
منتديات ليلاس
ما أن استدار جود ليتبع ماى حتى وضعت أبريل يدا محبطة على ذراعه وقالت له :"أتركها جود"
رد جود بسرعة :"هذا لن يحدث"
ركز نظراته فى عينى أبريل الجميلتين اللتين عكستا الأذى الذى لحق بها بشكل يكفى ليدفعه إلى التحرك ثم مضى خلف ماى.
خطا جود خطوات كبيرة عبر الغرفة ليحلق بها وكاد يتعثر بها عندما وجدها تقف أمام المدخل مباشرة وقبل أن يدفعها للاستدارة كى يرى وجهها أغلق الباب وراءه ثم سألها :"ماذا تظنين نفسك....؟"
اضطر جود لقطع تقريعه الغاضب لها عندما رأى الدموع تنهمر على خديها فقال وهو يشعر بتشوش تام حول الوضع بكامله:"ماى....."
قالت ماى بصوت مختنق :"أتركنى لوحدى"
تخلصت من ذراعيه وهى تقول :"أتركونى جميعكم. فقط....أتركونى لوحدى!"
بعد ذلك حدقت فيه بغضب وأضافت بعد أن بحثت فى حقيبتها عن مفاتيح سيارتها :"عد إلى الداخل إلى....إلى صديقتك!"
نظر إليها جود بدهشة وقد صدمته الدموع التى تنهمر على خديها . فى البداية تبعها ليطلبها بتفسير لتصرفها الوقح لكنه أدرك الآن بأن وراء دموعها قصة أخرى غير تلك التى ظن بأنه فهمها أولاً
جرب أن يخمن فقال والعبوس ظاهر فى قسمات وجهه :"هل للأمر علاقة بما قلته لك سابقاً بشأن سرور دافيد ميلتون لدى رؤيته لـ أبريل عندما حضر إلى طاولتنا فى المطعم الليلة الماضية؟ هل تظنين أنه متورط بعلاقة مع أبريل؟ هل هذا هو الأمر الذى يغضبك؟"
حملقت ماى فيه وهى لا تفهم ما يقول ثم قالت مكررة بنفاد صبر : "دافيد.....دافيد....."
ثم هزت رأسها وهمت بالانصراف بعد أن وجدت مفاتيح سيارتها وتابعت قائلة :"لا أفهم ما قلته جود"
أومأ جود برأسه باتجاه المطعم وقال :"أتحدث عن تصرفك الوقح فى الداخل قبل قليل"
تحدته ماى بقسوة وعيناها تلمعان بالدموع :"هل كنت وقحة معك؟"
ـ بالطبع لا
وأسرعت بطرح سؤال آخر :"وهل كنت وقحة مع دافيد؟"
ـ ما كنت أهتم لو كنت وقحة معه.....
سارعت تقول فى ما يشبه التأنيب :"إذن لابد أننى كنت وقحة مع أبريل روبين"
بدأ جود يفقد ما تبقى من صبره معها فقال :"تعرفين جيداً بأن هذا الواقع"
نظرت إليه ماى بسخرية وقالت :"وهل هذا ما يسبب لك الاضطراب؟"
أخذ جود نفساً متطعاً ثم بادرها بالقول :"بالطبع...."
لم يتعود أبداً أن يرفع صوته وهو غاضب ولم يسبق له أن غضب إن أمكنه ذلك,لأن الغضب يجعل من التفكير المنطقى مستحيلاً تابع قوله بهدوء :"أخبرونى يا ماى بحق السماء . ما خطبك؟"
كررت كلماته باستفزاز :"خطبى أنا ؟لماذا؟ ليس هناك أى خطب جود سبق أن قلت لكم ببساطة بأننى مشغولة"
رد عليها جود غير مصدق ادعاءها :"وهل الأمر مهم لدرجة أنه يتحتم عليك المغادرة الآن لإنجازه؟ وهل هو طارئ لدرجة أنه ليس بإمكانك الجلوس وتناول الغداء معنا أولاً؟"
قالت بدون اكتراث:"نعم"
زم جود شفتيه وهو يقول :"وتلك الدموع ؟ لاأفترض بإنها ناتجة عن فراغ أيضاً"
|