كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
3 / وقعت فى الفخ
منتديات ليلاس
ـ هذا لطف منك دافيد
ابتسمت له ماى بخجل فيما هما يجلسان فى مقهى مطعم الفندق بانتظار الذهاب نحو الطاولة المخصصة لهما. تابعت القول وهى تهز رأسها بسخرية: "لكننى أخشى بأن يكون هذا كله مضيعة للوقت لأنه لن يتغير شئ"
رمقها دافيد بنظرة دافئة رزينة تنسجم مع وسامة وجهه قبل أن يؤكد لها بصوت أجش :"أنا لا أعتبر تناول العشاء مع امرأة جميلة مضيعة للوقت "
كان دافيد شخصاً لطيفاً جداً وهذا ما جعل الأمور أصعب بكثير, بالإضافة إلى أن ماى كانت تود بالفعل أن تقبل دوراً فى فيلمه المقبل ذاك الدور الذى عرضه عليها مراراً لكنها أحجمت عن إبلاغه هو أو أى شخص آخر بأن الأمر مستحيل تماماً .
وفت ماى بوعدها بالأتصال به فى مكان إقامته عند شقيقته فى وقت مبكر من صباح هذا اليوم . وكررت على ما سامعه ما أبلغته إياه فى لندن قبل أسابيع قليلة ومساء الأمس أيضاً . وكانت النتيجة أنه دعاها إلى تناول العشاء برفقته هذا المساء . أكد لها بأن هذا الأجتماع سيكون عشاء بين أصدقاء يجتمعون معاً , وهو لن يمارس أى ضغوط عليها . حتى انه لا يعتزم ذكر دورها فى الفيلم , إذا كانت تفضل ذلك.
كان العرض أكثر إغراءً من أن تقوم برفضه لأن دافيد بالغ الوسامة وهو شخص ساحر رفقته ممتعة . وقد قدم لها دافعاً جيداً لقبول دعوته ألا وهو عدم الإتيان على ذكر الدور المعروض عليها فى الفيلم....لكن ها هى تستعد الآن لفتح الموضوع بنفسها.....
يرجع التغيّر فى موقف ماى أساسً إلى شعورها بالذنب . ذلك أن دافيد أعطاها فرصة باختبار للظهور على الشاشة قبل عدة أسابيع....ليواجه بعد ذلك برفض عرضه بعد أن نجحت فى ذلك الاختبار
لابد أن دافيد يتساءل عن صحة حكمها على الأمور بعد رفضها لمثل هذا العرض . إذا إن الفوز بدور فى فيلم ما بعد النجاح فى أداء أدوار فى المسرحيات الإيمائية المحلية هو حلم كل ممثلة.
نظر دافيد إليها من فوق حافة كوبه ثم قال ببساطة :"هل من علاقة بين ترددك بقبول عرض القيام بدور ستيلا وبين الرجل الذى التقيته عندك الليلة الماضية ؟"
أكدت له وهى تهز رأسها نافية بحزم:"لا!"
حدق دافيد غليها بحيرة ظاهرة وقال:"ومن يكون ذلك الرجل بالضبط؟"
بالطبع تعرف ماى من هو هذا الرجل الذى استغل تعبها الشديد فى الأمسية الماضية والأهم من ذلك كله أنه يحاول انتزاع ملكية المزرعة من بين يدى أسرتها .
ـ ليس بذلك الشخص المهم
قالت ذلك بنفى شديد إلا أنها تذكرت فى تلك اللحظة بأن جود عانقها ليلة أمس والأسوأ من ذلك هو أنها بادلته العناق
فى البداية شعرت بمفاجأة شديدة منعتها من القيام بأى شئ عدا سكوتها التام بين ذراعى جود بسبب صدمتها . لكن ما إن تلاشت الصدمة حتى استجابت له ,بدلاً من أن تدفعه بعيداً عنها كما كان يجدر بها أن تفعل . وهى لن تسامحه أبداً على فعلته هذه فى وقت قريب
ـ أنا مسرور لسماع هذا !
لكن دافيد لم يبدُ مقتنعاً تماماً بالتقليل من شأن جود
قررت ماى بأنه آن الأوان لتغيير الموضوع . وفى الواقع لعل وقت ذلك قد بدأ يفوت فقالت :"هل أنت عازم على البقاء فى المنطقة لمدة طويلة ؟"
هز دافيد كتفيه قائلاً :"سأبقى ليومين آخرين أو نحو ذلك أعتقد يا ماى ......"
عدل جلسته , أصبحت نظراته أكثر تركيزاً وتابع قائلاً:"....بأن هناك شخصاً أرغب أن تقابليه أثناء وجودى هنا "
اتسعت عيناها وسألته :"أى شخص؟"
كانت ماى تستمتع برفقته واستمتعت على الأخص بالوقت الذى أمضياه معاً عندما ذهبت إلى لندن لتخضع إلى تلك التجربة من أجل ظهورها على الشاشة قبل أسبوعين من الزمن لكن هذه هى المرة الأولى التى يخرج كلاهما معاً فيما يشبه مناسبة اجتماعية.
كان دايفيد يراقبها بتركيز فقال :"نعم, أترين ...."
ـ حسناً, حسناً, حسناً ! إذن أنت لا مضين وقتك كله بحلب البقرات وإطعام الدواجن !
تشدق بذلك بسخرية صوت مألوف لديها ....
أغمضت ماى عينيها للحظة ثم أخذت نفساً عميقاً قبل أن تجيب ز بالتأكيد فإن جود مارشال هو آخر أنسان ترغب بلقائه هذه الأمسية . حسناً! لعل ليس آخر أنسان كما اعترفت فيما بعد لنفسها بعبوس
حرصت زهرة منسية على إبقاء ملامحها حيادية فقالت وهى تنظر إليه لتحييه بحذر ظاهر :"مرحباً سيد مارشال!"
لم يكن من السهل عليها الحفاظ على حياديتها فيما يبدو هو جذاباً إلى ذلك الحد. كانت ماى قد ظنت بأن دافيد وسيم فى بذلته الداكنة وقميصه الزرقاء عندما التقيا فى ردهة الفندق قبل قليل لكن جود مارشال ببذلته الرسمية كان يفوقه وسامة إلى حد بعيد بكتفيه العريضتين وخصره النحيل وساقيه الطويلتين. كما أن البياض الناصع لقميصه قد أبرز السمرة الذهبية لوجهه ويديه أما عيناه الرماديتين فقد بدتا بلون فضى تقريباً فى تناقض مع بشرته السمراء .
عدلت ماى جلستها بحزم . فهى لن تستمر بالجلوس فى هذا المكان كتلميذة ساذجة دُهشت برجل وسيم بالغ الأناقة حتى ولو كان ذلك هو شعورها الحقيقى بالضبط....
تابعت قائلة :"أو حتى بانتعال أحذية طويلة الساقين وقبعات صوفية "
كانت تشعر بالثقة لأنها بدت أنيقة هذا المساء!
شملتها نظرة جود المتفحصة لتتناول مظهرها بأكمله . ضاقت عيناه الرماديتين وهو يرى شعرها المغسول حديثاً منسدلاً كالحرير على كتفيها , أما فستانها الأخضر الداكن فينساب بأناقة حول جسدها الرشيق . أرجع جود نظراته عمداً إلى وجهها وقال :" من الواضح بأنك لا تكتفين بذلك"
تشدق بذلك قبل أن يعود وينظر ببطء إلى الرجل الجالس معها ثم تابع وهو يرفع حاجبين داكنين بتحد :"لا أظن بأننا تعارفنا.....؟"
أيقنت ماى أن لا خيار أمام دافيد سوى أن يقف ويقدم نفسه إلا إذا كان يرغب بالتصرف بخشونة إزاء جود كما فعل هذا الأخير من قبل . مد دافيد يده بتهذيب وقال :"دافيد ميلتون"
رد جود عليه باقتضاب مماثل قد ظهر شئ من السخرية فى صوته وهو يتوجه ببصره نحو الرجل الآخر متفحصاً :"جود مارشال"
ثم كرر ببطء:"ميلتون؟. والآن أترانى......"
قاطعته ماى بإصراروهى تنهض برشاقة لتقف على قدميها . من الواضح انها رأت النادل يحوم فى المكان محاولاً جذب انتباههما فقالت بحزم وعيناها الخضراوان ترمقانها بتحد واضح :"أعتقد أن طاولتنا أصبحت جاهزة يا دافيد,عذراً منك جود....."
رد عليها جود بنظرة عنيدة دامت للحظات طويلة ثم اتجهت نظرته ببطء لتتفحص قوامها الرشيق . وعندما عادت نظرته إلى وجهها استطاعت ماى أن تشعر بظلال الأوان تتراقص فوق خديها كما أحست بارتجاف خفيف فى أطرافها وصعوبة فى التنفس كما لو انها كانت تركض.....
تساءل جود بحدة:"هل ستتناولان طعام العشاء فى الفندق؟"
نظرت غليه بتحدٍ واضح قائلة:"بالطبع, وأنت؟"
رد عليها بجفاء قائلاً :"بالطبع, فأنا أنتظر شخصاً سيرافقنى إلى العشاء "
ثم أكد بلا مبالاة :"لعلنا نحن الأربعة نستطيع أن نلتقى سوياً بعد أن نفرغ من تناول الطعام؟"
ارتفع حاجباه الداكنان بتحد واضح فوق عينيه الرماديتين المليئتين بالسخرية
بل لعل ذلك غير ممكن ! فهى هنا مع دافيد و من الجلى بأن الشخص الذى سيرافق جود على العشاء هو امرأة جميلة . وآخر شئ ترغب به ماى هو الجلوس ومشاركة هذين الرفيقين الحديث فى نهاية السهرة. لا شك بأن هذا الأمر سيصيبها بالاختناق .
قالت بعد تردد قليل :"لا أظن ذلك....شكراً"
ثم تابعت قائلة بحدة :"على بعضنا أن ينهض باكراً فى الصباح"
تدخل دافيد بانشراح بالغ قبل أن يتفوه الرجل الآخر بجواب قاطع كان يرتسم على شفتيه :"شكراً على العرض على أية حال"
منتديات ليلاس
أمسك دافيد بذراع ماى بقوة عندما استدارا ليتبعا النادل إلى قاعة الطعام وشعرت ماى بنظرات جود الرمادية الباردة تتبعهما فى كل خطوة من خطواتهما .
تنهدت بقوة وهى تجلس على الطاولة وكانت تلك أول أشارة تدل على ما يعتمل فى داخلها . شعرت بأن ساقيها ترتجفان قليلاً واعترفت لنفسها بأن جود مارشال يمتلك تاثيراً كبيراً عليها . شعرت بأنها تريد إما أن تصفعه أو أن تعانقه فى أية لحظة أما الآن فكان الاحتمال الثانى هو الأقوى بالتأكيد
ابتسمت ماى ساخرة وقالت لـ دافيد :"أنا حقاً آسفة بشأن هذا لكننى بدأت أشعر بأن ذلك الرجل يطاردينى"
إنه يطاردها فى اليقظة وفى النوم أيضاً.....
كان النوم قد جافى ماى برغم من حالتها المرهقة وبدا صعب المنال فى الليلة السابقة وذلك بسبب أفكارها عن جود مارشال والطريقة التى عانقها بها ما منعها من الاسترسال فى حالة الاسترخاء
ما الذى دفعه بحق السماء ليعانقها؟
|