كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
ماذا تستطيع أن تفعل؟
ماذا تستطيع أن تفعل إزاء احتمال قدوم أبريل روبين إلى هنا وكشفها عن هويتها أمام جانيوارى و مارش ؟ وإذا ما أقدمت المرأة الأخرى على ذلك , ماذا ستفعل جانيوارى و مارش إزاء أزدواجية ماى طيلة هذه السنين؟
ـ ماى....؟
نظرت بشكل غريزى عندما سمعت صوت جود فى هذا المكان شبه المظلم وكانت تلك أول أشارة إلى أنه تبعها إلى الحظيرة بدلاً من أن يقود سيارته مبتعداً عن هذا المكان ما إن ترجلت منها.
أسرعت تمسح الدموع التى غطت خديها بينما راح جود يتقدم داخل الحظيرة. أخذ نفساً قوياً وقال :"لماذا لم تدخلى إلى المنزل؟"
ابتسمت ماى ابتسامة غير مرحة وردت :"لماذا أدخل برأيك أنت؟"
تقدم خطوة أخرى ليجلس قربها على كيس القش الذى تجلس عليه وأجابها:"كما قلت لك سابقاً آن الأوان لكى تغيرى أسلوب حياتك"
ثم اندفع فى إيضاح قوله عندمنا واجهته نظرتها المتسائلة :"سأكون هناك بانتظارك, هذا إذا سمحت لى"
رمته ماى بنظرة مستغربة فماذا يعنى بالضبط بملاحظته هذه؟
مهما كان مقصده فهى تعرف بأنها لا يمكنها أن تقبل عرضه وأن عليها أن تعالج المشكلة لوحدها تماماً كما أعتادت أن تفعل منذ أن توفى والدها
قالت ببطء ملحوظ :"لعل هناك طريقة تستطيع أن تساعدنى بها يا جود"
أحنى جود رأسه على كتفه وقال:"وما هى؟"
عدلت ماى من جلستها على الفور وتابعت قائلة:"أشتر منى هذه المزرعة, فوراً"
رجع جود إلى الخلف وكأنه تلقى ضربة منها :"أشترى منك المزرعة...؟! لكن....."
ـ فوراً
كررت قولها بينما أخذت هذه الفكرة تتبلور وتأخذ شكلها داخل تفكيرها وتابعت:"بإمكان جانيوارى و مارش أن تتزوجا فى لندن أما ويل و ماكس فيتمركزان هناك بطبيعة الحال ...."
قاطعها جود بخشونة قائلاً :"وماذا بشأنك أنت ماى؟ ماذا ستفعلين؟ هل ستقبلين عرض دافيد مليتون بعد كل شئ؟"
استبعدت الفكرة بنفاد صبر وردت:"بالطبع لا ! فهذا سيفسد مساعىّ بالكامل"
أنهى جود جملتها بإشمئزاز نيابة عنها :"لأن الهدف هو الابتعاد عن أبريل بأسرع وقت ممكن"
استدار ليضع يده على أعلى ذراعيها وأكمل قائلاً :"ألم تصغى إلى أى شئ قلته لك من قبل ؟ ألم تدركى بعد بأن شرائى لهذه المزرعة فى هذه الظروف وبالهدف المعلن الوحيد هو إبتعاد أختيك ونفسك عن هذا المكان لن يحل أى مشكلة."
هزها جود قليلاً ويتابع قوله :"أبريل موجودة هنا الآن وهى حقيقية وما من شئ تفعلينه أو تقولينه سيغير هذا الواقع"
هزت ماى رأسها بتصميم وقالت:"ما أن تدرك أبريل بأننى أعنى ما قلته سابقاً حتى تغادر ثانية وتعود إلى أميركا"
عبس جود وعلق قائلاً :"وماذا ستقولين لها لجعلها تقدم على هذا؟"
رفعت ماى ذقنها بتحدٍ وردت:"الحقيقة الكاملة وهى أن جانيوارى و مارش تعتقدان بأنها ميتة......"
قاطعها جود بفراغ صبر وقال:"رأيت النظرة التى ارتسمت على وجه أبريل فى وقت سابق من هذا اليوم يا ماى وتقول هذه النظرة بأنها مشتاقة إى رؤية جانيوارى ومارش وهى تريد ان ترى كيف أصبحتا تماماً كما رأتك أنت"
وقفت ماى على الفور غير مكترثة لألم ذراعيها وهى تسحبهما من قبضتى جود وصرخت قائلة:"ليس لها الحق بذلك!"
ابتسم جود قائلاً :"ابريل تعتقد بأن لديها كامل الحق فى هذا . اسمعى يا ماى لا أستطيع حتى ان أبدأ بفهم ما حصل هنا قبل عشرين علاماً لكنى..."
أكدت له ماى بمرارة :"لقد تركتنا....تركت أطفالها الثلاثة.....ومن جهتى هذا يكفى"
قال جود بهدوء :"لقد تركت أباكم أيضاً أليس كذلك؟"
اعترفت ماى بخشونة :"وكادت أن تقضى عليه أعرف ذلك لأننى علمت ما فعله هجراها به لم يتزوج ثانية, أتعرف......"
قاطعها جود بنعومة:"ولا أبريل تزوجت من بعده"
هزت رأسها ثم التفتت نحوه بنظرة إتهامية :طليست مهتمة بما فعلته أم لم تفعله . ألا ترى؟ إنها غلطتك يا جود. ما كان شئ من ذلك ليحصل لو لم تحضرها إلى هذا المكان ...."
لم تستطيع ماى إكمال عبارتها لأن جود جذبها بقوة نحوه معانقاً إياها بقوة أربكتها . وبعد لحظات من المقاومة لم تتمالك ماى نفسها فبادلته عناقه . فى تلك اللحظة بالذات تلاشت أهمية الأشياء ما عدا الأحاسيس الجامحة التى التهبت فى ما بينهما . كانت ماى تبادله العناق بعناق مماثل واضعة يدها على صدره الدافئ . راحت يداها تعبثان بشعره الداكن وتشدانه نحوها أكثر وهى تتمنى لو أن الإحساس بقربه يدوم فترة طويلة . سرت الحرارة فى أعماقها وراحت تتزايد بسرعة مجتاحة جسدها بأكمله . احتضنها جود بقوة وقال لها :"لا بأس يا ماى"
ثم تابع مهدئاً من مشاعرها الجياشة:"لا بأس"
شعرت بالصدمة بشكل مفاجئ عندما أدركت ما الذى يحدث بينهما بالضبط . لا! فما يحدث لم يكن امراً عادياً . كيف يمكن أن يكون لك وهى تغرق فى غرام عميق مع هذا الرجل
شعر جود بأن ماى تبتعد عنه عاطفياً و ذهنياً حتى مع استمرار تمسكه بها . وأدرك بأنها عادة مرة أخرى لتضع الحواجز بينهما كما كانت من قبل , بل بدرجة أعلى مما كانت عليه لأنها باتت تعرف بأنه قادر على خرقها بشكل يفوق تصورها .
لكن ما حدث بينهما فاق تصوره هو أيضاً من أين له أن يعرف ذلك؟ فلم يسبق له أبداً أن فكر....
كانت استجابة ماى له واستجابته لها كشفاً عميقاً بالنسبة إليه كشف يفوق كل ما مر به وعرفه فى السابق وحتى هذه اللحظة عندما شعر بها تبتعد عنه وشعر بأنه يريدها وليس فقط من الناحية الجسدية.....
قالت ماى له:"دعك منى يا جود"
سحب جود نفساً متعباً من دون ان يستجيب لطلبها وقال:"ماى...."
ـ قلت لك دعك منى
أصبح صوتها بارداً كالثلج الآن . ومع انها لم تقم بأى تحرك لإبعاده عنها شعر أنها باتت بعيدة عنه مئات الأميال.
يا إلهى! ألا يفترض بها أن تكون كذلك ؟ فالمشاعر التى تقاسماها لتو بالغة الأهمية ولا يجدر بهما إنكارها.
أكد لها بتصمميم كبير :"لن أترك الأمر هنا يا ماى"
منتديات ليلاس
قال ذلك وهو يمسد شعره بأصابع مرتجفة
كان صوتها يشى ببعض المرارة وهى تقول:"تترك ماذا يا جود؟ لقد تشاركنا عناقاً هنا على هذا القش هذا كل ما فى الأمر"
التمعت عيناه من فرط الانفعال ثم التفت إليها وقال بشراسة :"لا. لم ينته هذا الأمر بحق السماء !"
أخذ نفساً عميقاً وانتقى كلماته بعناية تامة ثم تابع قائلاً :"إن ما حدث بيننا الآن هو شئ غير اعتيادى يا ماى"
وقفت ماى لتتحرك بعيداً عنه ثم ردت عليه بسخرية :"وهل يعد الإنجذاب الحسى بين شخصين راشدين أمراً غير اعتيادى؟"
رد عليها بنفاد صبر وهو يتحرك ليقف بجانبها :"لم يكن ذلك مجدر انجذاب حسى يا ماى"
أصرت ماى على موقفها وقالت بلهجة لاذعة :"بالطبع كان كذلك لعل مرد ذلك إلى إلى أن مشاعرنا كانت مشدودة على أية حال"
رد عليها بقسوة :"توقفى عن ذلك يا ماى !"
وسرعان ما أمسك ذراعيها بيديه مرة جديدة فأصبحت من دون حراك أمامه وتابع قائلاً :"لا أستطيع أن أقول بأننى أكثر سعادة منك بعد هذا الاكتشاف الآن...."
بدت عيناها الخضراوان قاسيتين وهى تنظر إليه من دون ان يرف لها جفن ورددت عبارته بمرارة:طالاكتشاف؟ بالنسبة لى كان الاكتشاف الوحيد هو أننى ليست محصنة ضد الانجذاب الجسدى كما كنت أعتقد سابقاً"
هزت كتفيها قليلاً وأكملت كلامها بصعوبة :"سأتصرف بشكل أفضل فى المرة القادمة"
نظر جود إلى ماى بعينين ضيقتين وراحت نظراته تتفحص الظلال المرتسمة على وجهها فلم يستطيع تبين شئ غير العولة الباردة فيما بدت عيناها الخضراوان غامضتين تماماً
أبعد يديه عن ذراعيها وقال:"هل هذا كل ما يعنيه الأمر بالنسبة لك....الانجذاب الجسدى؟"
ردت ماى بجفاء :"ماذا إذن؟ منذ أن التقينا ونحن نطلق شرارات على بعضنا البعض بطريقة أو بأخرى . وما حدث كان مخرجاً طبيعياً لتلك الشرارات "
هزت رأسها ثم أكملت:"أفترض بأن ما حدث كان أفضل من الاستمرار بالعراك"
نظر إليها جود بخيبة أمل . أترأها مقتنعة حقاً بما تقوله؟ أم أنها تشعر بالانزعاج بسبب استجابتها له لكطنها أختارت التقليل من أهمية هذا الانزعاج بدلاً من مواجهته ؟ لا يستطيع أن يصدق بأنها تفعل هذا, بعد كل ما عرفه عن عائلتها . فهو لم يسمع بأنها تصرفت بطريقة عابثة مع اى رجل قبله
شعر بأن عليه أن يبتعد عن هذا المكان....ويبتعد عن ماى...ليحاول فهم معنى الأشياء التى حدثت . زم فمه ثم قال بإنفعال :طلعل من الأفضل لك أن تتوجهى إلى المنزل الآن. لا شك فى أن شقيقتيك قد شاهدتا السيارة فى الخارج وهما تتساءلان عما حدث لكلينا"
بدت السخرية واضحة فى كلامه لأنه تذكر الاهتمام الذى أظهره كل من ماكس و ويل إزاء تمضيته السهرة مع ماى لكنه تجاهل هذا الاهتمام كلياً تماماً كما فعلت ماى . أومأت ماى على الفور ثم قالت بينما شحب وجهها قليلاً فى شبه العتمة هذه:"أنا....كنت أفضل لو أنك لم تأتى معى"
ابتسم جود ابتسامة غير مرحة ثم اعترف بجفاء :"لم أكن أتصور أنى سأفعل...."
لكن سرعان ما تحولت ابتسامته إلى عبوس عندما رفع يديه نحوها فأجفلت منه على الفور . تابع قائلاً بقسوة:"كنت أحاول أن أنزع القش عن شعرك"
توردا خدا ماى خجلاًُ ولم تستطيع التطلع فى عينيه لكنها تمتمت :"آه ! أنا آسفة"
عبس جود بشدة أثناء أنهماكه بنزع القش العالق فى شعرها الداكن . تعمد ان تكون حركاته جدية و رسمية مدركاً طيلة الوقت بأن حركة تشجيع واحدة من قبل ماى وحتى أبسط تساهل من تعابيرها الجامدة كفيلان بدفعه لأن يأخذها بين ذراعيه مرة ثانية. وهذه المرة لن يكون بإستطاعته إفلاتها
ويبدو إنها أحست بهذا الوضع لأنها ابتعدت عنه فور انتهائه من نزع القش عن شعرها
لم يشأ جود ان يتركها تذهب هكذا ببساطة لكن لم يكن أمام خيار آخر .فحتى هذه اللحظة لم يُكوُن أية فكرة عما يجرى بينه وبين ماى . كان يدرك بأن هناك شيئاً ما وهو شئ لا يريده أن يحدث فى حياته. فهو يريد....ما الذى يريده؟ إلى ان يعرف ماذا يريد وحتى يصل إلى فهم كامل بالنسبة لمشاعره الخاصة فهو لا يملك أى خيار غيرالسماح لها بالمغادرة . حتى ولو كان هذا يعنى أن الحواجز التى تضعها ماى فى وجهه ستكون أعلى عندما يلتقيان فى المرة المقبلة
تحركت ماى بإتجاه الباب وقالت له بتكلف :"سأرافقك حتى سيارتك"
تحرك فمه بعبوس شديد وأجابها :"كى تتأكدى من أننى غادرت المكان هذه المرة ؟"
هزت ماى كتفيها وردت عليه قائلة :"أشك فى أن أحداً يستطيع حملك على القيام بأى شئ لا تريد القيام به !"
لكن جود أدرك بوضوح شديد بأن هذه المرأة تستطيع ذلك فى هذه اللحظة أراد أن يعيدها إلى ذراعيه وأن يعانقها حتى النهاية.
أعترف جود فى قرارة نفسه بأنه متردد بالمغادرة وترك هذه المرأة لكنه أكد لها فى الوقت نفسه :"لا ! لا يستطيع أحد ذلك"
قال فجأة :"اتسمحين بإبلاغ ماكس بأننى سأتصل به غداً؟"
أومأت ماى من مسافة بعيدة :"سأبلغه"
وقبل أن يدخل سيارته ويدير محركها رفع يده بحركة وداعية قصيرة ثم قال مؤكداً :"شكراً"
حدّث جود نفسه بحزم لا تنظر وراءك فهذه المرأة يمكنها أن تسبب لك اتلمتاعب.....متاعب كبيرة فى الواقع !
لا تنظر خلفك!
إلا أنه تطلع فى المرآة الأمامية للسيارة وكأنه مدفوع إلى ذلك بجاذب مغنطيسى . فأذا بـ ماى ما تزال واقفة فى ساحة المزرعة حيث تركها بالضبط وقد ظهر عليها الارتياح التام فيما أظهر نور القمر بياض وجهها فى تناقض واضح مع شعرها الداكن .
طيلة حياته تمكن جود من التوجه إلى حيث يريد كشخص راشد فكان يقوم بكل ما يريده مستمتعاً بعلاقات لا معنى لها مع النساء إذا ما أظهرن الاستعداد لذلك.
والآن جاءت فكرة ابتعاده عن ماى واحتمال ألا يراها مرة ثانية لتحطم حياته المنظمة بشكل جيد إلى ملايين ملايين القطع....ويبقى السؤال: ماذا يستطيع أن يفعل بشأن ذلك , هذا إن استطاع؟
ملحوظة
الفصل ده موجود فى الرواية على أنه برضه رقمه( 9 ) وزى ما شفتوا أنه بنفس أسم الفصل التاسع بس للأمانة أناخليته الفصل العاشر زى ما مفروض أنو يكون وهذا للعلم فقط منتديات ليلاس
|