الفصل الخامس
نيران حمراء
ما إن قالت تيريسا في اليوم التالي إن الكوخ جاهز للانتقال إليه , حتى تنفست الصعداء 0
لم تكن تعرف ما إذا كان أندرو يتعمد تجاهلها لأنها هي تعمدت تجاهله 0 كان قد غاب طوال اليوم في الأملاك
ولم يعد لتناول الغداء 000
شعرت جوديت أن أندرو سيسر بانتقالها إلى الكوخ أكثر منها , لذلك حين عرضت تيريسا عليها إيصالها إلى الكوخ قبلت العرض بسرور دون أن تذكر أي منهما أندرو , وكأنما اتفقتا بصمت على هذا 0
كان الكوخ جميلا من الخارج , فهو مسقوف بالقش الأبيض 0 يقع بين القرية والقصر 0 وهذا يعني أنها ليست مضطرة للسير طويلا لشراء طعامها 0
أما من الداخل فكان كامل الأثاث , ولو على طراز قديم قليلا , فله مطبخ صغير فيه كافة الأدوات , وغرفة جلوس أكبر منه بقليل , وغرفتا نوم , وحمام في الطابق العلوي منه 0
ابتسمت تيريسا قائلة :
ـ لا هاتف هنا , ولكن إذا أردت الاتصال بأحدهم فاستخدمي هاتفنا متى أردت 0 أما هذه المدفأة التي تينها , فهي غير معطلة , فإن شئت أشعليها 0
ـ في شهر نيسان ؟
ـ ستدهشك شدة برودة الكوخ في الليل 0 لدينا في القصر تدفئة مركزية , لذا لم تلاحظي البرد , ولكن هناك مدفأة كهربائية في المطبخ , يمكنك استخدامها عوضا عن الموقد 0
ابتسمت جوديت :
ـ لا 00سأحبها لأنني لم أملك يوما موقدا , ففي الشقة التي أقطن فيها تدفئة مركزية 0
ضحكت تيريسا :
ـ ولكن الحطب يرسل دخانا 0 أهناك ما أستطيع القيام به ؟
ـ لقد كنت في غاية اللطف معي 00 ودعي أندرو 00 عوضا عني 0 ـ لا تسمي هذا الانتقال وداعا , فأنت سترينه دون ريب حينما تستخدمين المرسم في المنزل 0
وافقت بخفة :
ـ ربما 00
صدمها الخبر الذي أطلعتها عليه تيريسا , وهو ذاك المتعلق بموت خطيبة أندرو في حادث سيارة 0 لقد تألم ألما شديدا دون ريب , ولكنه ألم ولى على ما يبدو , فليس ذاك العناق الحميم الذي رأته حينما دخلت الغرفة عليه وعلى بياتريس بعناق عابر 0
قالت تيريسا :
ـ سأعود الآن إذن 0 اعلميني حينما تريدين أي شيء 0
ما أشد ما تختلف هذه الفتاة عن تلك التي استقبلتها حين وصلت 0 وهي لن تدعي أنها مرتاحة للوضع الجديد 0
وضعت جوديت أغراضها القليلة بسرعة في الخزانة والأدراج , ثم انطلقت إلى القرية لشراء بعض الطعام قبل أن تغلق المحلات أبوابها 0 فقد أخبرتها تيريسا أن هناك مخزنا واحدا فيه الأطعمة غالية قليلا 0
قطعت المسافة الفاصلة بين الكوخ والقرية بغي عناء , فاشترت ما أرادت ثم انطلقت تسأل عن الطريق المؤدية إلى عيادة بيار ليون , فقد أرادت أن تعرض عليه الأشعت ليعاينه 00 ما إن وصل دورها في الدخول حتى حياها حرارة تشوبها بعض الرسمية 0
ـ مرحبا 0 لقد عاد إذن 0 ولقد نظفته تنظيفا رائعا 0
ـ أظن هذا 0 مع أنني عانيت منه في قاعة الانتظار , فقد راح يزمجر على الرجل الذي دخل قبلنا 0
لقد أدهشها تصرفه وزمجرته على الرجل , فقد كانت تظن أنه لا يزمجر إلا على أندرو 0 فإذا به يزمجر الآن
على بيار أيضا 0
ـ أن الحيوانات تحب وتكره , ويبدو أنه لم يحبني 0
حاول رفع الكلب إلى طاولة الفحص , فكاد يتلقى عضة في يده :
ـ ولا يحب أندرو كذلك 0
ـ ربما يكره الرجال عامة 0 يبدو لى بصحة جيدة 00 ألديه شهية قوية ؟
ضحكت :
ـ أوه 00 أجل !
ـ لا تطعميه أكثر مما يجب 00 إن عمره على ما يبدو لا يتجاوز السنة والنصف , لذا هو بحاجة إلى كل الحقن اللازمة 0 إنما أحذرك منها فهي غالية 0
ـ هذا ما ظننته 00 ولكن لا بد منها على ما أعتقد 0
قال لها بيار وهو يحقنه بالحقن اللازمة :
ـ هل سيقلك أحدهم ؟
ـ لا 00 سأعود سيرا 0
ـ إن انتظرتني قليلا أقلك 0 ليس أمامي إلا معاينة قط السيدة غرين 0
ما هي إلا عشر دقائق حتى كانا في السيارة حيث راح الأشعت يزمجر 0 سألها بيار أين تقيم فأخبرته 0
ـ إذن لقد جهز الكوخ الآن 0
ـ اليوم بالذات 000 أتعلم أن تيريسا خاب أملها لأنك لم تدخل إلى البيت يوم أوصلتني 0
بدا متحفظا :
ـ حقا ؟
عندما شعرت بتراجعه فهمت أنه يبادل تيريسا الاهتمام 00 فلماذا لا يجتمعان معا ؟ عندئذ قالت بإصرار حتى تختبر ردة فعله :
ـ أنا واثقة أنها سترحب بزيارتك 0
ـ ولكنني مشغول جدا 000
ـ لا تقل هذا يا رجل ! إلى هذه الدرجة تثقلك الأعمال ؟
ـ أجل 000 إنه موسم التوالد , وأنا مطلوب دائما 0
قررت جوديت بحكمة عدم الإلحاح , فثمة ما هو غير واضح لها , وهو أمر جرى بين الاثنين اللذين يرفضان على ما يبدو التحدث عنه 0
ترى هل تقدم هي على التحدث إلى أندرو بهذا الموضوع ؟ لا 00 لن تقدر , فكيف تفاتحه بموضوع شخصي كهذا بعدما جرى في الاسطبل ؟
عندما أوقف سيارته أمام الكوخ قالت تدعوه إلى منزلها :
ـ ادخل لاحتساء القهوة أو الشاي 0
ـ شكرا لك 00
ترجل من السيارة , ثم فتح الباب الخلفي للكلب الذي قفز هاربا فسألها مازحا :
ـ هل سيعود ؟
حمل معها مشترياتها , فابتسمت :
ـ أوه 00 بالطبع سيعود 0
بما أن وقت العشاء اقترب وستعد لنفسها وجبة , فقد دعت بيار إلى هذه الوجبة 0 بعد رفض متردد أقنعته بالبقاء , فتركته يستريح في غرفة الجلوس حتى تطهو الطعام في المطبخ 0
حضرت السلطة مع اللحم المشوي ثم وضعت الفاكهة 0 على الرغم من أن الوجبة لم تكن مثالا للطعام الشهي فقد تمتع بيار بها وقال لها وهو يساعدها في التنظيف :
ـ بصراحة لقد سئمت من إعداد الطعام لنفسي 0
أحست جوديت بالراحة بعد هذه الوجبة فراحت تنعم بتغريد الطيور وتتمتع بصحبة بيار0 سألته بنعومة :
ـ أليس لديك أهل ؟
ـ لقد انتقلا إلى موطننا الأصلي في الجبال بعد تقاعد والدي 0
ـ إذن أنت بحاجة إلى زوجة 0
ـ رجاء لا تبدئي 00 أنا آسف 00 فليس الزواج لي 0
أتكون تيريسا هي الفتاة المناسبة لتقول له إنه بحاجة إلى زوجة 000 وإنها هي الزوجة المناسبة ؟
إن تيريسا وقحة , لذا قد تقول ما تفكر فيه 0
ـ عرفت أن أندرو كان سيتزوج يوما 0
رد بحدة :
ـ أجل 0 التفتت إليه بفضول , تعبس بشدة لأنها رأت الشحوب يعلو وجهه :
ـ بيار 00 أكنت تعرفها ؟
رد باقتضاب :
ـ أجل 0
إذن , هذا موضوع حساس آخر 000 لقد تلبد الجو بالمواضيع الحساسة منذ وصولها إلى هنا 00 وهذا كثير على حياة ريفية 00
حاولت تغيير دفة الموضوع :
ـ هل سيصاب الأشعت بأية عوارض من جراء الحقن ؟
قال بعدما عاد إلى طبيعته :
ـ يجب ألا يصاب بشيء 0 ولكن راقبيه 00 على فكرة , لم أتعرف إليه في البداية 0
ـ كنت أعلم أن هناك كلب (كولي ) تحت ذلك المنظر الأشعت !
ـ يا للروعة ! يا لهذه العلاقة الحميمة !
دخل أندرو من الباب الخلفي المفتوح , وفمه يلتوي بسخرية 00 فأحنى رأسه للبيطري :
ـ بيار 00
رد بيار :
ـ أتعرف أندرو أن غسيل الصحون هو أقل ما أفعله بعد الوجبة اللذيذة التي قدمتها لي جوديت 0
نظر أندرو إلى جوديت بحدة :
ـ حقا ؟
فقالت له ببرود :
ـ أتود الانضمام إلينا في تناول القهوة ؟ إنما المؤسف أن المطبخ لن يتسع لنا نحن الثلاثة !
ضحك بيار :
عظيم جدا مع أنني أخشى أنني المغادر , فلدي زيارة أقوم بها 0
ابتلعت جوديت ريقها , فهي لم تكن تريد من أحدهما أن يغادر , بل أرادت أن ينتقلا إلى خارج المطبخ الصغير , أما البقاء على انفراد مع أندرو فآخر ما أرادته 0
حين خرج بيار قالت بهدوء :
ـ قهوة ؟
ـ شكرا 000 لم أكن أعلم أنك و بيار على علاقة حميمة 0
احم وجهها حياء :
ـ لسنا كما تقول ! لقد أقلني من القرية 0 فعرضت عليه العشاء 0
صبت القهوة , ثم حملتها إلى غرفة الجلوس وفكرت أنه حين سيدخلها أندرو سيطأطيء رأسه حتى يتجاوز بابها , فرأسه يكاد يلامس السقف حين يقف مستقيما 0
تمدد باسترخاء في أحد المقاعد , وقال ساخرا :
ـ إن هذه الأكواخ أعدت لصغار الأجسام 0 أتناسبك ؟
ـ جدا !
ماذا يفعل بحق الله ؟ وكيف يتصرف بشكل طبيعي فيما هي لا تشعر إلا بالقلق ؟
ـ هل استقريت ؟
ـ أجل 00 شكرا لك 0
ـ عظيم 00 بشأن ما جرى بالأمس 000
ـ لا أظنني أقبل أن تتطرق إلى هذا الموضوع 0
ـ أقصد موضوع الحمل 0
ـ أوه 00 كيف حاله الآن ؟
ـ ظننتك ترغبين في رؤيته 0
ـ طبعا أرغب 00 غدا 000
قاطعها بحزم :
ـ بل الآن فأنا أعمل طوال النهار بحيث لا يبقى لي فراغ إلا الآن 0
وقفت :
ـ سأحضر سترتي إذن 0
كان أندرو مسترخيا وراء مقود السيارة و كأنه لا يرغب في الكلام , ولكن ما كانت تستغربه أنها تشعر وكأنها تعرفه منذ زمن بعيد خاصة وهو يحتل كل تفكيرها 0
لم يتجه في سيره إلى القصر , بل تجاوز القصر وانعطف إلى طريق ضيقة أوصلتهما إلى كوخ يشبه كوخها , خرج منه رجل في متوسط العمر محييا وبرفقة الكلبين توم وتومي , فاغتبطت جوديت لأنها لم تصطحب الأشعت
ـ هذا ماريو ثاوث , مدير المزرعة 0
صافحت جوديت الرجل الذي اعتقدت يوما أن تيريسا مهتمة به 000 وكان أندرو قد عرف عنه بأنه صديق حميم للعائلة , ابتسم ماريو :
ـ وأنت لا بد جوديت 00 صديقة زاك 0
ـ أجل 0
ـ أريد أن أشكرك لإيجادك ذلك الحمل 000 إنه مخلوق جميل 0 من المؤسف أن يموت وحيدا هناك 0
ـ وهل كان عرضة للموت ؟
ـ بكل تأكيد 00 تعالي معي لأريك إياه 0
ـ لقد وجدت له أما تتبناه إذن 00 أين هو ؟
ـ إنه هناك 0
توجهت إليه تنظر وهي لا تكاد تصدق إن هذا الجميل الصغير النائم قرب النعجة هو نفسه الذي وجدته بالأمس , قالت :
ـ إنه جميل جدا 0
ـ أجل 00 كان سيموت كأمه 0
ـ وهل قتلتها الصدمة ؟
ـ أجل 00 لدينا متاعب كثيرة مع الكلاب هذه السنة 0 وقد كان الأسبوع الأخير أسوأ ما مر بنا 0
ـ إلا يمكن القيام بشيء ؟
ـ قتلها 0
ـ الخراف ؟
ـ لا 00 بل الكلاب 0
ـ أوه 00 لا !
ـ هذه هي الطريقة الوحيدة أمامنا , فلا يجوز التسامح مع قاتل خراف هنا 0
ـ لا 00 لا أعتقد هذا 0
صدمها المعنى الدرامي نفسيا 00 ولكن أليس قتل الخراف قاسيا كقتل الكلاب ؟
كان أندرو ينتظرها مستندا إلى السيارة حين عادا :
ـ أهو بخير ؟
أجابت بخجل :
ـ نعم 0
ـ أرأيت 00 تأمين الأهل سهل , أما تأمين الزوج فعكس ذلك 0
هز رأسه للرجل :
ـ شكرا ماريو 00 لقد حسبت جوديت أن نواياي بشأن هذا الحمل شريرة 0
تذكرت لطفه ورقته مع المخلوق التعس , فأنكرت :
ـ أوه 00 لا 00 لم أفكر في هذا إطلاقا 0
ابتسم ماريو :
ـ لا تسيئي به الظن , لقد كان له قطيع عندما كان صبيا , وقد مثل دور الأم البديلة أكثر من مرة لأكثر من حمل
لاحظت جوديت أن أندرو لم يسر بكشف هذا السر عن طفولته 0
فسألته مبتسمة :
ـ حقا ؟
هز ماريو رأسه :
ـ أجل 00 كان يسهر طوال الليل ليطعمها وطوال النهار أيضا , واستمر على هذا سنوات 0
رد أندرو بصوت أجش :
ـ أصبح عقلي أرجح من ذي قبل 0
نظر إليه ماريو والحب والاحترام في عينيه :
ـ ولكنني أذكر منذ وقت غير بعيد أنني شاهدتك تسهر الليل كله مع نعجة مريضة 0
نظر إليه أندرو غاضبا :
ـ إن كنت تقنع جوديت بإنسانيتي فقد فشلت لأن جوديت تعتبر أنني تجاوزت أوان الإصلاح , وما محاولتي حماية زاك في نظرها غير عجرفة 0
ضاقت عينا الرجل حينما رأى الاحمرار يغزو وجهها :
ـ أشك في هذا 0
عبس أندرو في وجهه , ثم نظر بحدة إلى جوديت , ولم يلبث أن أشاح بوجهه بعيدا ثم فتح باب السيارة ليقول بحدة :
ـ فلنذهب 0
التفتت أليه تمعن النظر وهو يتحدث إلى ماريو قبل الانطلاق 000 لقد وقعت في حب أندرو تورنتون , وقد عرف ماريو ثاوت سرها الذي لم تدركه إلا الآن 0
تنحت عن طريق أندرو في اليومين التاليين , فتعمدت عدم الذهاب إلى القصر إلا بعد التأكد من خروجه وكانت حينها تحمل صرة طعام لتتناول غداءها في المرسم الذي لا تغادره إلا بعد أن تتأكد من خروجه ثانية 0
إنها مجنونة دون شك وغبية لأنها سمحت لنفسها بالوقوع في حب رجل كهذا رغم أن هذا الحب قد بات جزءا أساسيا من وجودها كالماء والهواء , يسخر من الألم الذي أحست به عندما تركها فرانسوا 0 والغريب أنها لا تعرف إن كان يبادلها الحب , ومع ذلك تحبه وتريده 0 بل تتمنى الآن لو يكون إلى جانبها 0
أفكار كهذه كانت جديدة عليها بل لقد أصبحت تكره أن تكون وحدها وهي المعتادة على الوحدة , بل إنها لم تعد قادرة على تمضية الوقت في الرسم كما كانت تفعل 00
حالما دخل أندرو إلى المرسم بعد ظهر الخميس , بدأت يديها ترتجفان , فالتقطت قطعة قماش لتغطي ارتجافها 0
إنها تحبه فعلا 00 وهي مضطرة للاعتراف بهذا وإن كارهة خائفة !
حياها متوترا :
ـ مرحبا جوديت 0
بلعت لعابها بصعوبة :
ـ مرحبا أندرو 0
التوى فمه يسأل بسخرية :
ـ أمسموح لي أن أرى التحف ؟
انتفضت وكأنه ضربها :
ـ إنها ليست تحفا 0
قالت هذا ثم دارت حول الحمالة لتريه جمال الرسمة التي لم تنته منها بعد 0
فقال بصوت ناعم , وكأنه ندم على سخريته منها :
ـ كيف تجري الأمور ؟
ـ لا بأس بها 0
وضع يديه في جيبي الجينز 0
ـ قالت تيريسا إنك رفضت دعوتها للانضمام إلينا على العشاء هذه الليلة 0
ـ صحيح 00
ـ لماذا ؟
ـ حسنا 00 أنا 00 لأن 000
ـ يبدو أنها حارت في أسباب رفضك 0
أخفضت رأسها تنظر إلى يديها :
ـ أنا آسفة 0
ـ حقا ؟
جعلتها لهجته الساخرة ترفع رأسها ثانية :
ـ أجل 0
ـ لم الرفض إذن ؟
ـ لم أقصدكم حتى أبقى ضيفة عليكم 0
ضاقت عيناه فبدت شعلة كهرمانية في أعماق عينيه الخضراوين اللتين تسبران أغوار المحيط الأزرق أمامه :
ـ جوديت 00 هل تحاولين تجنبي ؟
هزت رأسها منكرة :
ـ ولماذا ؟
ـ تعرفين السبب 0
ـ لا 00 أنا 000
ـ بلى 00 اللعنة عليك ! فذلك اليوم كدت 000
ـ أرجوك 000
أردف دون أن يعير لما قالته اهتماما :
ـ لم تردعيني يومذاك بل رحت بعدما جرى تتجنبينني 0 أجل 000 أدركت هذا خاصة حينما قالت تيريسا إنها ليست دعوة العشاء الأولى التي ترفضينها 0
ظهر تعبير غاضب على وجه جوديت :
ـ لست السبب 00 أؤكد لك 0
ـ ألست السبب حقا ؟
ـ لا !
ـ أظنك كاذبة جوديت إلا إذا كنت معتادة على ترك الرجال يعانقونك كما فعلت 0
وتحولت الشعلة الكهرمانية إلى نيران حمراء 0
ـ ثمة رجل واحد أسمح له بذلك وأنت على ما أظن تعرف من أعني 0
ـ زاك ؟
لم يرق لها إغضابه , ولكنه السبيل الوحيد للدفاع فلاذت إلى الصمت الذي أدانها في نظره , فشدد على سؤاله بجفاء :
ـ أتشتاقين إليه ؟
ـ طبعا 0
ـ إذن سيسرك أن تعرفي أنه سيكون هنا يوم الأحد 0
استحوذ عليها الاطمئنان وصحبه احمرار مفاجىء في عينيها :
ـ صحيح ؟
ارتد عنها إلى النافذة حانقا 0
ـ أجل 000 تشير ردة فعلك إلى أنك مسرورة بالخبر 0
شهقت :
ـ طبعا 0
رد نظره إليها وقد تشددت الخطوط حول فمه :
ـ وهل أخبرته عما جرى بيننا ؟
فجأة أصبح سبب كرهه لرؤية أخيه واضحا أمامها :
ـ العناق الأول أم الثاني ؟
ـ كلاهما 0
تنهدت :
ـ لا 00! اسمع أندرو 00 ليس لدي الرغبة في الوقوف بينك وبين زاك 000
برقت عيناه وهو يقاطعها :
ـ ألا ترغبين ؟ ولكن الأوان فات جوديت 00 أنت الآن حائل بيننا يصعب إبعاده , لذا كلما أسرعت بالرحيل عن المنزل كلما كان ذلك خير لنا 0
وخرج كالعاصفة من الغرفة فوقفت مسمرة دون حراك , تعض شفتها العليا مانعة الدموع من الانهمار من عينيها 00 إنه يريد منها أن تغادر منزله في أسرع وقت ممكن 0 وهي تريد الرحيل , تريد ترك المكان لئلا ترى أندرو مرة أخرى 0 ولكن , هل سيزول ألم حبها له ما إن تبتعد عنه 00 وهل ستتوقف عن حبه ؟
التفتت إلى الباب حينما انفتح فإذا تيريسا داخله , فانزعجت لأنها لا ترغب أدنى رغبة في التحدث إلى أحد 0
هي تريد الوحدة 00 لا00 لا 00 لا تريد الوحدة ! آه بل إنها لا تعرف ما تريد ! ربما ما تحتاج إليه هو بعض راحة البال , ولكن من أين لها الراحة بعد الآن 0
قالت تيريسا متوترة :
ـ قال أندرو إنك ما زلت ترفضين تناول العشاء معنا 0
ـ أظنني مصابة بالرشح 0
ونفخت أنفها في منديلها بصوت مرتفع , فهزت الفتاة رأسها :
ـ إنه الطقس 0
ـ ربما 0
ـ وهل أخبرك بمجيء زاك ؟
ـ أجل 0
ـ أليس خبرا مبهجا ؟
ـ أجل 0
ـ ألا تريدين حقا الانضمام إلينا للعشاء ؟
ـ لا , لا أريد 0
ـ أبسبب أندرو ؟
ـ لا !
ـ أعرف أنه كان نكدا أكثر مما ينبغي في الآونة الأخيرة 00 فهل نقل إليك بعضا من نكده ؟
ـ لا 00 فأنا لا أكاد أراه 0
سارت تيريسا إلى داخل الغرفة :
ـ أوه 00 لديه ما يشغل فكره 0
ـ صحيح ؟
ـ عادت الكلاب تهاجم الخراف ثانية 0
أحست جوديت بالرعب :
ـ أوه 00 لا !
هزت الفتاة رأسها عابسة :
ـ بلى 00 مع أن الأمر غريب , فهو لم يحدث إلا منذ أسبوع أو أسبوعين فقط 00 ربما هي كلاب شاردة 00 والآن فلأتركك لرسوماتك هل أراك غدا ؟
هزت جوديت رأسها :
ـ أجل 0
أقلقتها فكرة ما وأزعجها حتى غاب عنها خروج الفتاة الأخرى 000
ثمة كلب شارد واحد تعرفه في المنطقة 00 كلب شارد تعرف أنه يحب الخروج منفردا وهو لم يتواجد في المنطقة إلا منذ أسبوع 000 الأشعت !
حاولت إقناع نفسها باستحالة الفكرة متذكرة رقته مع الحمل , غير أنها لم تستطع صرف النظر عن الفكرة بسهولة
قد يكون الأشعت هو قاتل الخراف , وفي هذه الحالة سيقتلونه !
انتهى الفصل الخامس
الفصل السادس
الأخ الأكبر
بقيت جوديت في اليومين التاليين تراقب الأشعت بدقة , فكانت لا تقضي وقتا طويلا في المرسم حتى تتمكن من مراقبته , وقد حدث أنها ما عادت تسمع شيئا عن أحداث تتعلق بالخراف حتى ظنت أنهم عرفوا الفاعل 000
إن كان الأشعت هو الفاعل فلن تصدق أنه قد يقدر على القتل للانتقام فحسب , فما الأمر له إلا مجرد لعبة , ولكن المشكلة أن اللعبة أصبحت مميتة 0
شعرت يوم الأحد أن زاك تأخر في المجيء , لذا حينما شاهدت سيارته ( الستروان ) السوداء تتوقف أمام الكوخ أضيء وجهها , فركضت تستقبله وهو يترجل من سيارته رامية نفسها بين ذراعيه تحتضنه بشدة 0
أبعدها بلطف عنه لينظر إليها :
ـ هاي 00! ماذا قد تقول ناتالي ؟
شبكت ذراعيها بذراعه وهما يتوجهان إلى الداخل :
ـ وهل قبلت بك زوجا ؟
عندما أصبحا في غرفة الجلوس أضافت :
ـ أتود شرب الشاي ؟
ـ شكرا 00 والرد على سؤالك لا , لم تقبل بعد ولكنني أرى أن ابتعادي عنها ثلاثة أو أربعة أيام سيكون عاملا مهما يدفعها إلى اتخاذ القرار 0
ـ أي أن البعاد يؤجج مشاعر القلب ؟
ـ شيء من هذا القبيل 000 دون شك اشتقت لي ؟
ردت بخفة وهي تضع الفنجانين فوق الصحنين :
ـ لا يغرنك استقبالي الحار فقد كنت على استعداد لاستقبال أي كان بهذه الطريقة 000 أحسست بالوحدة كثيرا بعد مغادرة باريس 0
ـ وهل كانت عائلتي فظة في معاملتك ؟
ردت صادقة :
ـ لا 00 بل بت و تيريسا صديقتين حميمتين , أما أندرو فلا أكاد أراه 0
ـ إذن فهو ما عاد يزعجك بسرد قصص عن ماضي ؟
تناول قطعة بسكويت من العلبة التي قدمتها له ثم قالت وهي تجلس :
ـ لا 00 ما عاد يذكرك مع أنني أتمنى لو يكون هذا أصبح من ماضيك بالفعل ؟
ـ بكل تأكيد 0
ارتد إلى الوراء حين رفع الأشعت رأسه مزمجرا 00ثم جلس قربها :
ـ إذن هذا هو الكلب الذي أخبرت به ؟ إنه غير أليف 00 أليس كذلك ؟
ضحكت :
ـ بل هو في الواقع لطيف وما رأيته منه الآن يعود إلى أنك غريب عنه ولكنه سيعتاد عليك 0
بقي زاك يراقب الكلب بقلق :
ـ أوه 00 إنما السؤال هل سأعتاد أنا عليه ؟
ضحكت جوديت :
ـ على الأرجح 00 والآن حدثني عن باريس وأخبارها 0 كيف حال ناتالي ؟
ـ هاك رسالة منها , وهي رسالة أجابت فيها دون شك عما تودين الاستفسار عنه , وكانت قد أمضت أمسية كاملة في كتابتها 0
ـ شكرا 000
لقد اشتاقت إلى الدائرة الاجتماعية التي كانت تدور في فلكها في باريس 00 هنا لديها وقت للتفكير , والأحلام خاصة منها تلك المتعلقة بأندرو الذي رغم معانقته لها مرتين وانجذابه إليها لا يطيق وجودها 0
قطع زاك عليها أفكارها :
ـ هل أحببت البلد ؟
ـ أجل , فله جمال فريد 0
ـ ترى هل سترفضين إمضاء ليلة خارجا ؟
ـ نعم قد أرفض 0
كانت تعلم أنها لن تستطيع ترك الأشعت وحيدا فترة طويلة في مثل هذه الظروف 00
ـ وحتى العشاء ؟
ـ حسنا 000
ـ انضمي إلينا في القصر الليلة 0
لم يكن هذا ما فكرت فيه حين ترددت , حسبته مقدما على دعوتها إلى مطعم رائع على شاطىء البحيرة في المنتجع القريب 0 فيه الأضواء خافتة والموسيقى شاعرية 0 فهزت رأسها :
ـ لا 00 لا أظنني قادرة 0
ـ أوه 00 أرجوك تعالي 00 فأنا بحاجة إلى الدعم المعنوي 0 سيطرح أندرو بكل تأكيد أسئلة كثيرة لذا رجاء ساعديني بحضورك , فما أن أذكر ناتالي حتى يبدأ علي حملة أولها : أنت أصغر من أن تعرف ما تريد 0 !
ردت بصوت منخفض :
ـ ربما أنت فعلا كذلك 0
ـ بالطبع لا 00 لقد كاد يتزوج عندما كان في مثل عمري 0
ـ من روزا ؟
ـ أجل 00 كيف عرفت ؟
ـ من تيريسا 0
ـ أنتما فعلا صديقتان ؟ أما قلت لك إنك بعد التعارف ستجدينها لطيفة ؟
ابتسمت :
ـ صحيح 0
ـ حسنا 00 أتعرفين أنني آسف عليه لأنه لم يجد من يحل محل روزا , وإن ذكرت بياتريس أقل لك إنه يرضى بها بسبب يأسه 0
ـ لا يبدو لي يأسا 0
ضحك زاك :
ـ لا 00 لا يبدو كذلك 0
ـ وهو إلى ذلك متعجرف و متسلط و قاس 000
ـ قاس ؟ لم أعرفه قاسيا يوما 0
تضرج وجهها :
ـ ربما 00 ربما لأنني امرأة أنظر إليه نظرة مختلفة عن نظرتك إليه 0
ـ أرجوك تنضمي إلينا الليلة 00 فسيبدو الأمر غريبا لو غبت عن الشاشة في الليلة الأولى على مجيئي 0
تنهدت جوديت :
ـ حسن جدا , علي أن أغادر بعد العشاء مباشرة 0
وقف :
ـ اتفقنا ! سآتي في السابعة والنصف لاصطحابك 0 أما الآن فسأتوجه إلى القصر 0
اتسعت عيناها وهي تلحق به إلى السيارة :
ـ أتعني أنك لم تذهب إلى القصر بعد ؟
ـ من حقي زيارة فتاتي أولا 0
ـ زاك 0000!
غادر ملوحا لها بيده مبتسما , ثم انطلق بسيارته على الطريق مسرعا حتى خلف وراءه غبارا غليظا 0
كانت على استعداد منتظرة حين وصل زاك في السابعة والنصف 0 فلما نظر إليها نظرة تعجب بسب الفستان الذي يلتصق بها مبرزا حنايا جسدها وجمالها الفضي 0 تجاهلته وأسرعت , لئلا يعلق على مظهرها , تطري بزته السوداء وقميصه الأبيض الناصع وربطة العنق المخملية 0
فضحك :
ـ يجب أن أتقن الدور 00 فهذا ما تتوقعه بياتريس 0
ـ بياتريس ؟
ضحك :
ـ ستكون هناك الليلة مع أندرو , فأنا أتوقع أخبارا عن عرس وشيك 0
حين دخلت غرفة الجلوس بعد ثلاثة أيام على رؤيتها , خفق قلبها بضعف , واستقرت نظرتها المتلهفة على كتفيه العريضتين اللتين تكسوهما سترة مخملية زمردية اللون 0 ثم انتقل بصرها إلى وجهه , بدا لها باردا مهذبا , وسألها ما تود أن تشربه قل العشاء فطلبت الكرز مع الصودا 0 غاصت أصابعها في ذراع زاك , الذي أساء فهم توترها :
ـ أوتش ! هوني عليك 00 استرخي 00 لن يأكلك أحد 0
ردت ملاحظته العرضية العفوية الخاطر إلى ذاكرتها ما همس لها به أندرو وهي بين ذراعيه عن شوقه إليها ! فازدادت شحوبا حتى وقف زاك أمامها ليسترها عن أنظار الآخرين 0
ـ جوديت 000 ما بك ؟
رفعت رأسها بكبرياء :
ـ لا شيء 00 لا شيء البتة 00 لقد أعد لي أندرو شرابا 0
ثم تركت زاك ودنت من أندرو بخطوات واثقة عازمة الرأي على عدم إظهار الأثر الذي تركه فيها 0 تناولت الكأس الطويلة منه بحذر لئلا تتلامس أصابعهما , فلاحظت منه نظرة كئيبة تبعها سؤال مفاجىء :
ـ أين كنت في اليومين الماضيين ؟
هزت كتفيها وكأنها غير مبالية :
ـ كنت أتنزه و الأشعت 0
ـ ظننتك جئت تريدين الرسم 0
أحست بأنها تتهاوى , ثم شعرت بيديه القويتين على ذراعيها , فارتدت عنه ونظرت إلى زاك فإذا به يتحدث مع بياتريس بصوت مرتفع حتى كاد يصل إلى مسمعيها 00 احمر وجهها وجعل الإحراج صوتها يخرج حادا :
ـ كما أريد رؤية موطن زاك , فنحن نشعر أن من الضروري أن يعجبني هذا المكان 0
ـ حقا ؟ وهل أعجبك ؟
ـ معظمه 00 أجل 0
ـ ليس علي أن أسأل عما لم يعجبك فيه لأنه واضح على ما يبدو 0 أهو مجنون ؟ ألا يسمع خفقات قلبها المدوية ؟ إنه يدوي طارقا مسمعيها , بل يكاد يطرق مسامع الحاضرين جميعهم 0 هزت رأسها :
ـ هذا ممكن 0
اختالت بياتريس في مشيتها عندما وصلت إلى جوار أندرو :
ـ حبيبي 00! يجب ألا تحتكر جوديت حبيبي ! فسيغار زاك 0
ردت جوديت على تطفلها بحدة :
ـ زاك يثق بي ثقة لن يغار معها علي أبدا 0
ـ إن ثقته المطلقة هذه مضجرة , فمن المثير أن يكون هناك لمحة من الخطر في كل علاقة 0
ضاقت عيناها وهي تنظر إلى جوديت , بشكل خطير 0
إنها تعلم 000 هذه المرأة 00 تعلم ! وهي تقول بكل صراحة , رغم ريائها , أنها لن تسمح لعلاقتها مع أندرو بالمضي قدما 0 وقف أندرو صامتا 00 ألم يلاحظ ما ترمي إليه هذه المرأة ؟ أم أنه لا يهتم ؟
انضم إليهم زاك فوضع ذراعه على كتفي جوديت :
ـ أكل شيء على ما يرام ؟
أسعدها هذا التملك الذي يظهره فابتسمت له :
ـ بما أنك الآن هنا فقد بات كل شيء على ما يرام 0
ضحك لها :
ـ وأنا أشعر بما تشعرين به 0
علقت بياتريس بنعومة وخبث :
ـ كان من الضروري لو بقيت معك في باريس ما دمتما تشتاقان لبعضكما بعضا إلى هذه الدرجة 0
ردد زاك ما قالته جوديت منذ قليل :
ـ أردت منها أن ترى موطني 000 أندرو ألم يحن وقت العشاء ؟
باتون يحاول لفت اهتمامي منذ دقائق 0
هز أندرو رأسه , وقال بوقار :
ـ أعرف هذا 0
فداعبه زاك :
ـ ولكنك تعجز عن سحب نفسك بعيدا عن سيدتين جميلتين 00 هه ؟
أمسك أندرو بذراع بياتريس :
ـ يبدو أن ذوقك قد تحسن مؤخرا 0
قال زاك لجوديت وهو يقودها إلى المائدة :
ـ بدأنا ننجح 00 فأنت تكادين تفتنينه وتسحرينه قبل رحيلك عن موطني ؟ أوه 00 لا تغضبي , فأنا لم أقصد هذا حرفيا أم يراني قصدته ؟ جودي 000
ـ إنهم بانتظارنا لبدء العشاء 0
ولكن زاك كان قد بدأ يخالجه الشك 0
لم يوجه أندرو إليها الليلة نظرات ممعنة , بل إنه في الواقع لم ينظر إليها 0 فقد ركز اهتمامه على رفيق تيريسا , هنري مردوك وهو ابن أحد أصحاب المزارع المجاورة الذي رغم وسامته و لطافته لم يكن يجذب اهتمام تيريسا
قال زاك لجوديت وهو يوصلها :
ـ بدت تيريسا هادئة جدا 0 ألديك فكرة عما يزعجها ؟
لديها فكرة جيدة , إنما ليس عليها أن تخبر زاك بمعاناة أخته المتألمة عن حب غير متبادل , وهي معاناة أليمة اكتشفتها هي نفسها منذ قليل عندما رأت الود القائم بين بياتريس و أندرو 0
ـ إنها شقيقتك زاك 00 فلماذا لا تسألها ؟
ـ لأنها ستطلب مني أن أهتم بشؤوني 00 فهي لا تبوح لي بسر منذ أن شبت , ولا أفهم السبب مع أننا كنا منذ وفاة أهلنا متقاربين , وكان أندرو هو من يرعانا ويربينا 0
قالت دون أن تفكر في ما تقول :
ـ حملان آخران 0 لقد أخبرني ماريو أن أندرو كان يربي الحملان اليتيمة في طفولته 0
ضحك زاك :
ـ إنه يأوي الشاردين واللقطاء 0
ـ ولكنه رفض الأشعت 0
ـ وهل أردت أن يقبلك أيضا ؟
أنكرت بحدة :
ـ لا 0
ـ ما رأيك بلوحات جدي الأكبر ؟ إنها مجموعة فريدة يعرضها أندرو في غرفة عرض خاصة به 0
ـ لم أشاهدها 0
ـ ماذا ؟
ـ اسمع زاك 00 أنا ضيفتك أنت 0 لذا لن أطلب من أندرو أو من أختك أن يرياني إياها 0
ـ ولماذا ؟
ـ لأنني لا أستطيع 0 ثم حذار لما تقول , فأنا زوجتك العتيدة على ما هو مفترض 0 أتذكر ؟
ـ لن أستطيع أبدا التعامل معك ! تعالي غدا إلى المنزل لأريك الرسوم على أن تأتي بعد الظهر لأنني في الصباح سأكون نائما , فهواء الريف دائما يؤثر في 0
ـ لا تحتج بالريف 00 فكلانا يعرف أنك لا تفارق الفراش إلا مكرها 0
ـ يمنعني الاحتشام أن أسأل كيف عرفت ذلك !
ـ من عدد المرات التي تتأخر فيها عن الكلية 0 سأراك غدا 0
زارتها في الصباح التالي تيريسا متجهمة 00 وقالت بعد أن استراحت في مقعد وثير :
ـ ما رأيك بهنري ؟
ـ رأيي به ؟
ـ أجل 00 ما رأيك به 00 يعتقد أندرو أن علي الزواج به 0
ـ الزواج به ؟ أتعرفينه منذ زمن ؟
بدت الكآبة على الفتاة :
ـ طوال حياتي 0
ـ ليلة أمس شعرت أنك معجبة به 0
ـ يعجبني 00 ولكنني لا أحبه 0
ـ لا 00 فأنت تحبين بيار ليون 0 أليس كذلك ؟
احمر وجه تيريسا :
ـ لا 00 أنا 000
وقطعت احتجاجها لتقول معترفة بصوت أجش :
ـ أجل 00 أحبه 000 وقد اعتقدت زمنا أنه يبادلني الشعور 00 ثم 00 ثم 00 لا شيء 0
ـ ماذا حدث ؟
ـ لا أدري 00 نحن لم نخرج معا يوما , ولكن ذاك الشعور كان موجودا وكنت متيقنة من ذلك حتى توقف فجأة عن زيارة المنزل 0 سألته ماذا فعلت له , ولماذا ما عدت أعجبه 00 فقال 00 قال 00 إنني أتخيل هذا كله 00 ولكنني لا أتخيل جوديت , بل أنا واثقة من ذلك !
و جوديت متأكدة من حب بيار لها 000 فلماذا لا يعترف بحبه ؟
أردفت تيريسا يائسة :
ـ أندرو مقتنع أن علي الزواج من هنري 0
ـ ولماذا يجب أن تتزوجي الآن ما دمت صغيرة ؟
ـ يعتقد أندرو أنني بحاجة إلى استقرار عائلي 0
ـ وهو ألا يحتاج إلى هذا الاستقرار ؟
ابتسمت تيريسا بحزن :
ـ لا يعتقد هذا 000 آه يا عزيزتي ماذا أقول 0 إن هنري لا يناسبني , فهو ليس قوي الشخصية , وأكاد أسيطر عليه وأتجاوزه 000 لا تدهشي 00 فأنا أفهم نفسي فهما يخولني معرفة أي نوع من الرجال أريد وهنري ليس من هذا النوع أبدا 0
ـ قولي هذا لأندرو إذن 0
ـ قلت له 00 لماذا في رأيك تركت المنزل هذا الصباح مبكرة ؟
ـ ظننتك ترغبين في رؤيتي 0
بدت لها تيريسا فجأة صغيرة , ضعيفة وحائرة , ولكنها أجابت :
ـ وهذا سبب آخر 0 لقد فكرت في أن نصيحة تقدمها من هي أكبر مني سنا قد تساعدني 0
انفجرت جوديت بالضحك :
ـ السيدة الناضجة 000 أتظنين أن واحد وعشرين عاما تجعلني أكبر منك 0
ابتسمت :
ـ هذا ما ستشعرين به لو كنت في الثامنة عشرة 0
ـ وأنا من أوهمت نفسي بأنني ما زلت صغيرة !
خرجت تيريسا الآن من مزاجها العكر , فراحت الفتاتان تقضيان وقتا ممتعا في العناية بحديقة الكوخ حتى غلبهما الإرهاق , فاضطرت جوديت إلى إحضار إبريق الليموناضة الباردة من البراد , ثم تهالكت على مقعد في الحديقة قبالة تيريسا 0 فتأوهت الفتاة :
ـ أنت مفعمة حيوية 0
ـ أردت العناية بالحديقة منذ انتقالي إلى الكوخ , ولكنني كنت أحتاج إلى من يشجعني ويساعدني 0
ارتشفتا قليلا من الليموناضة وبعد ذلك راحت تيريسا تتمشى في الحديقة 0
ـ وأنا مسرورة لأنك تأخرت على الاهتمام بها 0
دخل زاك في هذه اللحظة إلى الحديقة :
ـ وأنا كذلك مسرور لأنني تأخرت حتى هذا الوقت إلا أنني سأتناول قليلا من الليموناضة 0
لم تتحرك جوديت 0
ـ لك ما شئت شرط أن تحضر كوبا 0
انتزعت كأسها من أمامه حينما مد يده :
ـ لا 00 لن تأخذه ! لقد عملت أنا و تيريسا فاستحققناه 0
توجه إلى المطبخ يدمدم متذمرا :
ـ يا مفسدة المتعة ! 00 هل أنا مدعو للغداء ؟
هزت جوديت رأسها :
ـ كلاكما مدعو 0 إذا ساعدتماني بتحضيره 0
جلست تيريسا في مقعدها ووضعت كوبها على الطاولة :
ـ من الأفضل أن أعود 000
رد زاك بكسل :
ـ ليس وحدك 0
قطبت شقيقته جبينها :
ـ ألا تريدان بعض الخلوة ؟
ضحك :
ـ إذا وعدتني أن تقفلي فمك مرة واحدة أعترف لك بسر000 ما رأيك جوديت ؟
ـ سأكون سعيدة ببوحه 0
وتركت الشقيقان على انفراد ثم بدأت بتحضير الطعام 0 وعندما عادت إليهما سمعت تيريسا تقول :
ـ مسكين أندرو ! لقد حاول دائما تقديم ما هو أفضل لنا وكانت النتيجة أننا لم نرغب في تنفيذ ما يطلبه منا 0
ـ إذا كان قادرا على اختيار بياتريس زوجة له , فلا شك أنه قادر على أن يخطىء بشأننا 0
نظرت تيريسا بحدة إلى جوديت :
ـ لا أحسبه اختار بياتريس بل لا أخاله اختار أية امرأة 0 ربما مخططك هذا يصب في مجرى مصلحتك 00 إنما هل فكرت في أنك ستفسد الأمور على جوديت ؟
ـ مع من ؟
ردت بنفاذ صبر :
ـ استخدم عقلك 0
مط شفتيه , ثم لم يلبث أن راح يهز كتفيه ناظرا إلى جوديت بعينين مستغربتين :
ـ أنت لا تعنين 000
صاحت جوديت بهما :
ـ لا 00 إنها لا تعني هذا 00 والآن أتريدان تناول الطعام أم لا ؟
ثم نظرت إليهما , تتحدى أيا منهما متابعة الحديث المتعلق بأندرو 00
كان الغداء مناسبة صاخبة , فلم يلاحظ أي منهم أنه ليس سوى قطعة دجاج وسلطة وفاكهة طازجة , فالفتاتان عملتا جاهدتين حتى جاعتا جوعا لا يهم معه ما يكون الطعام 000 أما زاك فهو حسب علم جوديت يأكل أي شيء
توجه الجميع بعد الغداء إلى القصر حيث اصحبها زاك إلى الطابق العلوي ليريها المعرض 0 فتح الباب بفخر وتركها تدخل 0 فضاعت على الفور في جمال الفن 0 كانت لوحات فوبيار رائعة تنقل إلى العين الريف السويسري بإبداع 0 كانت كل ضربة فرشاة وكل لون عميق تحفة بحد ذاتها 0
قطع زاك عليها استغراقها :
ـ سأتركك قليلا 00 هل سمحت ؟
ـ أوه 00 أجل 00 لا بأس 0
ـ انضمي إلينا لتناول الشاي حين تنتهين 0
ردت مازحة :
ـ ألا تفكر إلا في معدتك ؟
ـ بلى 00 بناتالي 00 أنا ذاهب للاتصال بها الآن 00 وسأبلغها حبك ما رأيك ؟
هزت رأسها :
ـ واشكرها عني لرسالتها 0 سأكتب رسالة عما قريب 0
استحوذت عليها ثانية لوحات الفنان التي لم تكن تعرف قبلا أنها موجودة 000 وكيف لا تخل لبها وهي على هذه الروعة ؟ فثمة عشرون لوحة كل واحدة منها تأسر العين وتفقد الإنسان الإحساس بالزمن 0 وقد حدث حين نظرت إلى الساعة أن فوجئت بها تتجاوز الرابعة والنصف فأسرعت تحث الخطى لأنها وعدت زاك بالانضمام إليهم لاحتساء الشاي 0
سمعت أندرو يسأل حانقا وهي تتقدم إلى غرفة الجلوس :
ـ أين كنت وقت الغداء ؟
ثم صاح بعد تلقيه رد زاك الخافت :
ـ مع جوديت ؟ و تيريسا كذلك , على ما أعتقد ؟
ـ أجل 00 ولكن 000
صاح أندرو بغضب :
ـ ماذا جرى لهذه العائلة ؟ قد أفهمك أنت أما تيريسا ! ألم يخطر على بال أحدكما إعلام باتون بخططكما ؟
رد زاك بعفوية :
ـ كان ذلك وليد الساعة 000 فهل أنت غاضب لأنك لم تدع أيضا لتناول الطعام ؟
أمسكت جوديت عمود الدرابزين و أغمضت عينيها 00 متمنية لو أن هذا كله حلما , فكيف لزاك أن يقول شيئا كهذا ؟
تصاعد صوت أندرو وازداد حدة :
ـ ماذا تقصد بقولك ؟ أتظن أنني لا أعرف اللياقة 0
قاطعه زاك بهدوء :
ـ لا أظن لغضبك علاقة باللياقة 00
انخفض صوت أندرو بشكل خطير :
ـ وبماذا له علاقة إذن ؟
ـ أظنك تغار 0
صاحت جوديت بصمت في داخلها : أوه لا 00 يل زاك 0 لا تفعل بي هذا !
جاء صوت أندرو كالجليد :
ـ مم أغار ؟
ـ تقول تيريسا إنك أكثر من مهتم بجوديت 0
ـ تيريسا تتكلم كثيرا عن أمور لا تعرف عنها شيئا 0 فإن عانقتها بضع مرات 000
قفز زاك بذهول يقاطعه :
ـ أعانقتها ؟
ـ نعم وقد استجابت لعناقي ! فما رأيك بجوديت الغالية الآن ؟
ـ وماذا تريد أن أقول ؟
رد بسخرية :
ـ ما أقوله أنا 00 إنها ليست مهتمة بك كما تظن , بل أرى أن الأخ الأكبر الأغنى منك قد ينفعها أكثر 0
ران صمت مطبق فترة قصيرة حتى ظنت جوديت أن غضب أندرو أرهب زاك 0 عندئذ شعرت بالغثيان يجتاحها
أيحسب أن ضعفها واستجابتها له يعودان إلى طمعها به ؟
جاء صوت زاك فجأة قاطعا حادا كالفولاذ كما كان صوت أندرو منذ لحظات , قال بشراسة :
ـ لا يليق بك أن تكون في مكان يضم امرأة كجوديت 0 ربما عانقتها , غير أنك مازلت تجهلها 0
إنها أعذب وألطف وأوفى 0000
وشهق ثم قال :
ـ يا إلهي أنت تصيبني بالغثيان اشمئزازا منك 0
ثم خرج مسرعا من الغرفة فوجد جوديت مسمرة في مكانها شاحبة الوجه شحوبا أخبره بكل القضية 000
ـ جوديت !
وتقدم منها مذهولا وكأنه يكاد يغمى عليه 00 فجاء أندرو ووقف خلفه ووجهه رمادي من شدة الشحوب الذي اعتلى وجهه حين رأى الألم المرتسم على وجه جوديت , وفي عينيها الحمراوين :
ـ وماذا الآن 00 يا إلهي ! هل سمعت 000 ؟
صاح زاك به ساخطا :
ـ بالطبع سمعت 0 وإلا لماذا تراها على هذا الشكل ؟
والتفت إلى جوديت بعينين قلقتين :
ـ جوديت 000
اقترب أندرو منها فقالت بصوت متهدج بارد :
ـ لا تدن مني 00 زاك أعدني إلى الكوخ حالا 0
قال أندرو وكأنه يتوسل :
ـ جوديت 00
ـ لقد سمعتها أندرو 00 اتركها وشأنها 0 ألم ترتكب بحقها ما يكفي حتى الآن ؟
لم تعرف جوديت كيف وصلت إلى سيارة زاك أو كيف قطعت بهما الطريق , بل كان ما عرفته أنه معها في الكوخ وأنه يقدم لها فنجان قهوة مرة 0
ـ اشربي هذا 00 تيريسا على حق , أليس كذلك ؟ أنت تهتمين فعلا بأندرو 0
ردت بوهن :
ـ لا !
ـ وهو يهتم بك أيضا 0
ردت ساخرة :
ـ أتسمي هذا اهتماما ؟
هز رأسه :
ـ جوديت 00 أعتقد أن علي إطلاعه على الحقيقة 0
ـ لا !
كان نفيها هذه المرة قويا 00 ولكنه رغم ذلك أردف :
ـ لو عرف أنك لست صديقتي 000
ـ لما كان عانقني 0 لقد فعل ما فعل ليخبرك به ليس إلا 0
ـ أواثقة أنت ؟
ـ هو من قال لي 00 ولكنني قلت إنني سأخبرك أولا 000
ـ لم يحدث أن حاول التحرش بصديقة من صديقاتي يوما 0
ـ (حاول ) هي الكلمة الصحيحة , واستمراره في المحاولة لن يوصله إلى شيء 000 فلا تقلق زاك 00 فأنا قادرة على العناية بنفسي 0
ولكن 00 حين فكرت لاحقا في الأمر وهي على انفراد , وجدت أنها غير واثقة من نفسها وأنها ما زالت رغم رأيه الوضيع بها تحب أندرو , وأن غضبها ليس دفاعا متينا ضد حبه 0
الفصل السابع
لن أسامحك !
شاهدت جوديت زاك كثيرا في الأيام القليلة التالية 00 ولكنها لم تر أندرو مرة 0
قال لها زاك :
ـ لقد سافر في عمل , وقد أحسن صنيعا بسفره 0 أتعرفين أنه جرى بيننا شجار حاد حين عدت إلى المنزل يوم الاثنين ؟ وحتى أواسيك أخبرك بأنه ندم على كل كلمة قالها 0
لو كان نادما فعلا لاعتذر منها قبل سفره 0 لا 00 قد يكون نادما لأنها سمعته , ولكنها تشك في أنه نادم على ما قاله 0
اصطحبت الأشعت معها إلى القرية لشراء المأكولات , واضعة طوقا وسلسلة حول عنقه ليعتاد عليها , فلا يعقل أن يبقى بدونهما ليسير على هواه عندما تصطحبه إلى باريس 0 ولكن يبدو أن الطوق لم يعجبه , فقد استمر يحاول سحب عنقه منه , وحين ربطته أمام دكان السمان , خرجت بعد خمس دقائق فرأته قد لف نفسه بالسلسلة مقيدا بذلك نفسه إلى العمود 000 بعدما فكت عنه قيده وانطلقت في طريقها وجدت رجلا أشعت نامي اللحية يسد عليها طريقها , فحاولت تجاوزه :
ـ عفوا 00
ـ أوه 00 لا00 لن تذهبي 00 فهذا كلبي وأنا أريده !
بدأ الأشعت يزمجر ويشد السلسلة محاولا الهرب 00 سعت تحاول السيطرة عليه ولكنها وجدت صعوبة في ذلك لأنه راح يجر نفسه ويجرها 0
ـ أظنك مخطئا يا سيد 0
كشر الرجل :
ـ لا 00 لست مخطئا أعطني الكلب 0
ومد يده ليتناول منها السلسة 000 في تلك اللحظة قام الأشعت بآخر محاولة , فأفلت من يدها وطفق يعدو على غير هوادة في الحقول , عندئذ أمسك الرجل ذراعها بخشونة وقال بطريقة قذرة :
ـ لقد أفلته عمدا أيتها الفاجرة !
ثم راح يهزها 0
ـ لا 00 لا 00 أنا 00
ـ لوك كلبي 00 إنه لي ولكنه هرب قبل أسبوع أو أكثر وأنا منذ ذاك الوقت أبحث عنه 000 لقد سرقته مني 000
ـ أفي الأمر خطب ما ؟
التفتت جوديت حامدة الله لأنها سمعت صوت أندرو , فركضت إليه غير مترددة سعيدة برؤيته سعادة لم تشعر بها قبل الآن ! نظرت بغضب إلى الرجل :
ـ أظن هذا 000 السيد 00 أظنه مخطئا 0
ـ لست مخطئا 00
نظر إليه أندرو بعينين خضراوين باردتين :
ـ هذا يكفي تود 00 الآنسة بار هي ضيفتي 00 فإن كان لديك ما تقوله لها فقله لي 0
توقف الرجل عن عدائيته إذ بدا أن عجرفة أندرو أرهبته 0
ـ قلت لها كل ما أريد 00 وهذا ليس آخر المطاف 0
ثم ارتد على عقبيه فارتد معه معطفه الوسخ الممزق وسرواله البالي 0
كانت جوديت ما تزال مرتجفة فأمسكها أندرو واصطحبها إلى سيارته , ثم التفت إليها قبل أن يدير المحرك :
ـ حسنا ؟
ـ من هذا الرجل ؟
ـ تود بوتس 0 وهو يعيش في الجبال , ولا ينزل إلى القرية إلا نادرا ومن المؤسف أنه نزل هذا اليوم ,
فما خطبه ؟
عضت على شفتها , فإن كان ما قاله تود بوتس صحيحا , فهل يجبرها أندرو على إرجاع الأشعت لصاحبه ؟ ولكنها لن تستطيع إعادته إلى ذاك الرجل الذي يبدو أن الأشعت يكرهه !
ـ لا أدري 00 بدا لي غريبا 0
ـ إنه غريب ولكنه لا يؤذي 0
ـ لا عليك به 0 فلننس أمره 0
انطلق بالسيارة خارج القرية 00 فأسندت رأسها ونظرت إليه :
ـ هل كانت رحلة العمل موفقة ؟
ـ ومن قال إنها رحلة عمل ؟
ـ زاك 00 لم أكن أعرف أنها سر 0
ـ ليست بسر 0
ـ حسنا 0
إن كان يرغب في التحدث عن الأمر , فلن تدفعه إليه 0
قال فجأة بصوت خفيض أجش :
ـ أنا آسف جوديت 000 أجل كانت رحلة عمل موفقة قمت بها لحضور عرض لوحات أثرية أنا شريك فيه 0
ـ لم أعرف شيئا عن هذا 0
ـ أذهب إلى هناك مرة شهريا لأتحقق من استثماراتي 00 ولي كذلك عمل مماثل في باريس 0
تذكرت جوديت أن زاك قال لها مرة إنه يعرض مجموعة اللوحات الأثرية التي يملكونها في معرض خاص به , وكانت تعتقد أن ذلك يجري في القصر , فإذا بها تكتشف الآن أنه يعرضها في معرضه الخاص 0 سألته :
ـ أعتقد أنك بارع في اكتشاف المواهب ؟
ـ جدا 00 ما بالك جوديت ؟ أحسبت أن تلك الملاحظات التي ذكرتها حين التقينا ملاحظات عابرة ؟
ـ نعم حسبتها كذلك 0
ـ إذن اعلمي أن لها أساسا 00 فالفن يجري في عروق آل تورنتون , وهو إرث عن جدنا الأكبر 000 أعتقد أن زاك سيصبح فنانا ماهرا في يوم من الأيام 0
ـ أوليس ماهرا الآن ؟
ـ ليس كما يجب 0 إنه هامد الحس قليلا 00 وهو بحاجة إلى الإحساس بالمسؤولية حتى يبدع بالرسم 0
ـ تقصد أن يتألم قليلا 00هه ؟
هز رأسه :
ـ شيء من هذا القبيل 0
لم تكن تشك في صدق كلامه 0
ـ أنا مدين لك باعتذار 00 فقد كنت فظا في المرة الماضية حين تحدثت عنك , ولكنني لم أكن أعرف أنك ستسمعين ما أقول 0
ـ ولو عرفت ؟
تنهد :
ـ لقلت ذلك رغم كل شيء 0 ألم تخبريه عن عناقي ؟
ـ بلى 00 ولكنه صدم حين سمع الخبر منك ولم يصدم عندما سمعه مني 0
ـ ألم تفهمي من ردة فعله هذه شيئا ؟
ـ بلى 000 ولكنني من الفتيات الساعيات خلف ماله 000 أليس كذلك ؟
فتحت الباب وترجلت من السيارة , فمال فوق المقعد :
ـ جوديت 000
ـ وداعا أندرو 00 أشكر لك مساعدتي 0
قالت تلك الكلمات ثم دخلت الكوخ وأسرعت تقفل الباب وراءها 0 عندما سمعت هدير السيارة المنطلقة علمت أن بإمكان أعصابها المتوترة الاسترخاء 0 ترى لماذا يجب عليهما المشاجرة كلما التقيا ؟
ولماذا ينتهي الأمر دائما بأن تتألم هي ؟
بعد ظهر اليوم التالي , كان القلق قد استبد بها 0 فقد خشيت أن يجد تود بوتس مكانها ويأتي مطالبا بالكلب 000 ولكن الزائر لم يكن ذاك الرجل , بل أندرو :
ـ هل لي أن أدخل ؟
ارتدت إلى الوراء لتدخله 00 كانت تعبيرات وجهه جادة ومتجهمة 0 فهل عرف أن الأشعت هو قاتل الخراف ؟
ـ أتعرفين لماذا قصدتك ؟
عضت شفتها :
ـ أنا 00 أنا لست واثقة 00 هل الأمر يتعلق بالأشعت ؟
ـ صحيح 0
ـ ليس لي أن أقول إنني أحبه 000
ـ وأنا لست عديم الرحمة جوديت , أما تود فبلا قلب 0 لقد جاء يطلب مقابلتي اليوم 00 كم تمنيت لو بحت لي بالأمر حين سألتك يوم أمس 0
غمرتها الراحة 000 فهو لا يظنه قاتل الخراف 0
ـ الأشعت لا يحبه وقد هرب بالأمس حين شاهده 0
ـ أتلومينه على فراره ؟
ضحكت :
ـ لا 0
ـ لماذا ادعيت أنه لك عند وصولك إلى القصر ؟
ـ لأنني ظننته كلبا شاردا أحب أن أتبناه 0 وعندما قال بيار إنه لم يشاهده قط قلت لنفسي 000
ـ قلت لنفسك ما دام البيطري المحلي لم يره فهو ليس ملكا لأحد 0 ولكنني أشك في أن تود قد استشار بيطريا من قبل بشأن مواشيه فكيف يستشير بشأن كلب ؟
ـ ألديه مواشي ؟
ـ إنه ليس بالمتشرد كما بدا لك , إنما هو من الأشخاص الذين يرون أن هدر المال على الملابس تبذير 0
ـ ليس على الملابس فحسب , بل على كل شيء 000 لقد أسميت الكلب الأشعت بسبب الحال التي كان عليها 0 إن رجلا كهذا لا يستحق كلبا جميلا كالأشعت 0
ـ أوافقك الرأي , ولكن موافقتي أو عدمها لن تغير واقع أنه صاحبه 0
ـ ألديه رخصة ؟
ـ وأنت ؟
ـ أستطيع الحصول على رخصة 0
ـ وهو كذلك 0
فكرت للحظات :
ـ أوه 000 يمكنني شراؤه منه !
ـ وإذا لم يرغب في بيعه ؟
ـ أتسأله نيابة عني ؟
ـ سألته 000
ـ أوه 00 أندرو !
ـ ولكنه رفض 000 أنا آسف جوديت 00 ليس أمامك خيار 00 يجب أن تعيديه إلى صاحبه 0
ـ متى ؟
ـ الآن أفضل من بعده 0
ارتجفت شفتها , وتدفقت الدموع من عينيها :
ـ إنه ليس هنا الآن 000 لقد خرج 00 فهو يحب التجول 0
هز رأسه :
ـ لاحظت هذا 0 فقد رأيته أكثر من مرة قرب المنزل 00 اسمعي جوديت 00 أنا آسف 00
فصاحت به وقد تدفقت الدموع على وجهها كالسيل العارم :
ـ أنت لست آسفا 00! بل ستفعل أي شيء يؤلمني لأنك لا تحبني 0
ـ جوديت 00
ـ لا تلمسني ! أحب الأشعت 00 وإن أخذته مني فلن أسامحك أبدا !
اندفع نحوها بقوة وشدها من خصرها يضمها إليه :
ـ جوديت ! أنا مستعد للقيام بأي شيء لئلا تتألمي 0
رفعت رأسها إليه وهي ملتصقة به :
ـ كاذب ! بل أنت تتمتع بتعذيبي 00 أعرف هذا !
تأوه , وأخفض رأسه يقبل جبينها :
ـ جوديت 00 حبيبتي !
انتزعت نفسها منه :
ـ لا ! أكرهك ! أكرهك ! أتسمعني ؟
ـ أسمعك 00 وأنا آسف جوديت 0 أنا حقا آسف 0 صدقيني أم لا 000 فهذه هي الحقيقة !
لم تعد تصغي إليه , بل تحدق برعب إلى الباب الذي أطل منه الأشعت 0 أيها الكلب العبي ! ونظر الكلب إلى أندرو دون أن يزمجر كعادته 0 إن الكلب على حق في تصرفاته المعادية لأندرو , فهو عدوهما الذي سيفرق بينهما 00 ولكن إن فر الكلب من جديد ينقذ نفسه 0
نظر أندرو إلى الكلب وقال آمرا :
تعال إلى هنا 0
أطاعه الكلب , فصرخت تندفع نحوه :
ـ لا ! لن تأخذه ! لن أسمح لك بأخذه مني 0
ووقف يمسك يديها ويثبتهما إلى جنبيها وفي صوته نبرة هادئة لفتت نظرها 0
ـ لو كان هناك طريقة أخرى لاتخذتها 0 ولكن هذا الكلب لتود بوتس 0
ـ إنه رجل خال من الرحمة أو الشعور , و الأشعت يكرهه 0
ـ أجل 00 ولا ألومه على ذلك 0 ولكن ليس بيدي حيلة , فهو يهدد بمقاضاتك إن لم ترجعي إليه كلبه 0
ـ هل لي أن أرافقك لأرى كيف يعيش ؟
ـ لا أظن 000
ـ هل أستطيع ؟
ـ ولكنني أحذرك فلن يعجبك ما سترين 0
تدفقت دموعها بحرية حين عبرت السيارة إلى فناء مزرعة فيها منزل قديم محطم قربه الدجاجات والمواشي تتجول بحرية في فناء قذر 0
ترجل أندرو بحذر من السيارة أما هي فأرعبها ما تراه 0
ـ الأمر مرعب كريه 0 لا يمكن إعادة الأشعت إلى هنا !
ـ ليس لدي خيار جوديت 0
فيما كان يتكلم خرج تود بوتس من المنزل , أقذر مما بدا لها سابقا , وعلى وجهه نظرة حقد صوبها إلى الأشعت قال لها ساخرا :
ـ عدت إلى رشدك 00 هه 00 بمساعدة السيد تورنتون دون شك 0
تعلقت بالأشعت بعد أن ارتد إليها وقالت :
ـ كانت مساعدة كبيرة 0
فرد ساخرا :
ـ لأنه يعرف القانون 0
وأمسك بسلسلة الأشعت وجره خارج السيارة :
ـ لدي سوط يليق بك سيعلمك من هو سيدك وإن غصبا عنك 0
أقفل أندرو باب السيارة بحدة , وتقدم من الرجل ليديره نحوه بشراسة , ولكنها لم تسمع ما قاله للرجل الذي شحب وجهه وهو يسمع تلك الكلمات 0 وعندما انتهى أندرو عاد على وجهه نظرة احتقار 0
ـ لن يجرؤ على أذيته 00 لقد هددته بأن أؤذيه جسديا إن أذاه 0
صمت أندرو , أما هي فأجهشت بالبكاء , عندئذ تجهم وجهه وبقي على تجهمه حتى وصلا إلى الكوخ الذي أوقف
عنده السيارة :
ـ جوديت 000
ولكنها ازدادت نحيبا وقفزت من السيارة تعدو إلى الكوخ , لترمي نفسها على الأريكة منتحبة وكأنما لا تريد أن تتوقف عنه 0
بعد نصف ساعة سمعت طرقا على الباب , فلم تتحرك لترد بل بقيت تنظر ساهمة إلى السقف وذراعها تحت رأسها 00 فكان أن دخل زاك وركع قربها 0
ـ أوه 00 يا حبي ! لقد أخبرني أندرو بما حدث 0
ـ وهل أخبرك أنه كان عديم الإنسانية ؟ كيف 00 أخذ 00 أخذ الأشعت مني ؟
ـ أخبرني أنه أعاد الكلب إلى صاحبه 0 لم يكن لديه خيار 00 لقد طالب الرجل بكلبه لوك 0
ـ إنه الأشعت 000 اسمه الأشعت !
ـ حسنا 00 ولكن مالكه يريده مهما كان اسمه , والقانون في صفه 0
ـ وأندرو في صفه كذلك 0 لقد عاد الأشعت يعيش في حظيرة تود العديم الرحمة 0 يا إلهي أظن ذاك الرجل يعذب الكلب المسكين 0
ـ سيراقبه أندرو 0
ـ ومتى أصبح أندرو صديقا لك ؟
ـ أنا لم أنكر يوما محبتي أو احترامي له 00 ربما أرفض أن يزج أنفه في شؤوني , ولكن هذا لا يعني أنه عدوي
ـ لا 00 أنا آسفة 00 إنما لا أستطيع القبول بما فعله بي 0
ـ أفهمك 00
ـ أشك في هذا 0
ـ بل أفهمك فعلا جوديت 00 فأنت رغم حكمتك وقعت في حبه 000 أرجوك لا تنكري 0 فالصدق أفضل ميزة لديك , كما أنه رغم حكمته تعلق بك , ولا أدري إن كان شعوره ذاك حبا أم لا 0 فهو قادر على إخفاء مشاعره عن الجميع 000 ولكن مهما يكن عمق الأمر , فأنتما منجذبان إلى بعضكما بعضا 0
ـ أتصدق أن رجلا منجذبا إلي يفعل بي هذا ؟
ـ لماذا برأيك أتى إليك ؟ فلا حاجة إلى مجيئه خاصة وأنه بعد غياب يومين , مشغول جدا بالأعمال التي تراكمت أثناء غيابه , ولكن تود هدد بأن يأتي لأخذ الكلب فكان أن أصر أندرو على إنهاء الأمر عوضا عنه 0
ـ هذا لأنه أراد أن يؤلمني !
ـ بل أراد أن يجنبك ألما أنت بغنى عنه 0 لقد خاب أماي بك جوديت 0 أندرو لم يؤذ قط عمدا 000
ـ لقد أذاني !
ـ رغما عنه 000 اسمعي اقترح عليك العودة معي إلى باريس حالا استوت جالسة من اضطجاعها على الأريكة وهزت رأسها الشاحب :
ـ لقد دعوتني للإقامة ثلاثة أسابيع , وما زال أمامي ما يزيد عن الأسبوع 00
ـ جوديت 00
ـ سأبقى زاك 000 يجب أن أبقى 00 فلربما احتاجني 000
وقف غاضبا فبدا كأندرو :
ـ قد أجبرك على الرحيل بسحب دعوتي 0
ـ إذن سأجد مكانا آخر أقيم فيه !
تنهد :
ـ حسنا 00 ابقي هنا 0 إنما اعلمي أنك تزيدين الأمر سوءا على نفسك 0
ـ سأقبل المخاطرة 0
تمتم :
ـ سأودعك الآن فإن عدلت عن رأيك 00
ـ لن أعدل عنه 000 أراك الأسبوع المقبل زاك , كما هو مقرر 0
ـ حسنا 00 وداعا جوديت 0
بدت الأيام القليلة التالية حلما مزعجا 000 فهي لم تكن تعرف مدى اعتمادها على صحبة الأشعت إلا بعد رحيله 000 حيث راحت تعاني من شعور مطبق ملؤه الاكتئاب , وكانت تتصور دائما أنها تسمعه يعبث بالباب فتركض لتفتحه فإذا بها لا تجد أحدا 0
أخيرا حضرت تيريسا لرؤيتها وتعبير آسف على وجهها , ولكن أسفها هذا لم يغير من الواقع شيئا حتى حل ظهر السبت 0 ظهر ذلك اليوم ترجل أندرو من السيارة ثم دنا من الكوخ يطرق بابه , ولكنها تجاهلت طرقاته مع أنها تعلم أن تجاهلها لن يمنعه من الدخول 0
رفعت رأسها إليه , وكان وجهه شاحبا كوجهها , فانحنى على المدفأة الكهربائية رغم حرارة الطقس 0
وسألها بصوت هامس :
ـ أهو هبا ؟
ـ من 00 هنا ؟
ـ أتخدعينني جوديت 00 ؟
ـ سأخدعك إن استطعت 0 ولكن بما أنني لا أعرف عما تتكلم فكيف لي خداعك ؟
تنهد وجلس على كرسي مادا ساقيه أمامه :
ـ هرب الأشعت 0
تهللت أساريرها وقالت بصوت مقطوعة منه الأنفاس :
ـ هرب ؟
ـ أجل 000 فاعتقدت أنه جاء إليك , أما تود فهو مقتنع بأنه معك 0 زارني هذا الصباح 0
ـ متى هرب ؟
ـ ليلا 000 لقد عض الحبل حتى قطعه 0
ـ عظيم !
ـ ربما 00 ولكنني أخشى أن يكون قد وقع في متاعب أخرى , إذ عليه الوصول إلى الكوخ منذ مدة 0
ـ أتظن أنه 000
ـ ما عدت أعتقد أي شيء فيما يتعلق بهذا الكلب الذكي , القادر على العناية بنفسه 00 ولكنني أتمنى لو أصب جمام غضبي عليك وعليه فإذا بي عاجز لا أستطيع 0
اتسعت عيناها :
ـ ولماذا لا تستطيع ؟
ـ إذا رأيته فهل ستبلغينني ؟
ـ تعرف أنني لن أفعل 0
ـ أجل 00 جوديت أنا آسف لما حدث , ولكن هل يسرك أن تعرفي أن الحمل الذي أنقذته بصحة وعافية 0
ـ أعرف هذا 0 فقد رأيته مرات عديدة , وقد أطلقت عليه اسم دوق 0
كاد يضحك :
ـ دوق 0
ـ لأنه جميل ووسيم كالدوق 0
ـ لن تكوني أبدا مزارعة يا جوديت , فأنت رقيقة القلب 0
ـ أليست رقة القلب خيرا من قسوته ؟
هب واقفا يطلب الخروج 0 كان ما يزال في ثياب العمل 0
ـ سأزورك في الغد 0
ـ لا بأس 0
لو ظهر الأشعت لبذلت جهدها لئلا يراه , ولكنه سرعان ما فهم ما تفكر فيه فقال محذرا :
ـ سأعرف يا جوديت 0
ردت تدافع عن نفسها :
ـ لو كنت مكاني لحذوت حذوي 0
لامس خدها بلطف :
ـ أجل 00 أجل صحيح 0 حتى الغد جوديت 0
مر الوقت ثقيلا وبطيئا بانتظار ظهور الكلب ولما أصبحت الثامنة مساء قلقت لأنها تذكرت ما قاله أندرو عن إمكانية وقوعه في المتاعب 0
وفي التاسعة انطلقت تبحث عنه تاركة باب الكوخ مفتوحا , ليدخل إليه إن عاد 0 ثم سارت في الطريق التى اعتادت أن تتنزه معه فيها 0
بعد ساعة ونصف من التفتيش , توقفت عن مناداته , إذ استحال مع هذه العتمة رؤية شيء 0 وحين عادت إلى الكوخ شهقت دهشة , فقد كان الأشعت يجلس في الداخل قرب كرسي من الكراسي يجلس عليه أندرو ساهما 0
حالما رأته اتسعت عيناها فسعت إليه وركعت قرب الكلب وراحت تجهش بالبكاء 0
بعد قليل قال أندرو بصوت أجش بارد :
ـ إنه لك جوديت 00
ـ أنا 00أنت 00 لا أعرف ما تعني 0 هل تود بوتس 000
ـ تخلى عن المطالبة به 00 بل أجبر على التخلي عنه 0
ـ الأشعت ؟
ـ إنه بخير الآن 00 ولكن لو أمضى بضعة أيام أخرى معه لما بقي على هذه الحال 0 إن كنت ما زلت راغبة فيه فهو لك 0
ـ أحقا ما تقول ؟
ـ أجل 00 إنه 00
شهق صارخا باسمها حين رمت جسمها عليه فكادت توقعه عن الكرسي :
ـ جوديت !
ولكن سرعان ما احتوتها ذراعاه معانقا ما أجلسها قربه على المقعد حيث راحت تضمه أيضا وتجذبه إليها , فتأوه ورأسه مدفون في شعرها :
ـ اشتقت إليك 0
ـ وأنا كذلك 0
ـ صحيح ؟
ارتد عنها قليلا لينظر إليها فتجول إصبعها على فكه :
ـ يجب أن تعرف هذا 000 أوه أندرو 000 !
ـ ليتني أستطيع أن أحبك 00 ليتني أستطيع !
وفكرت حزينة لبعض الوقت في كل النسوة اللاتي أحببنه وأعطينه ما يريد 0 ثم لم يلبث أن غاب كل شيء عن تفكيرها 00 فأندرو هو الرجل الذي تحب 00 هو حياتها كلها 000 هو هواؤها وماؤها 000
انتهى الفصل السابع