الفصل الرابع
حمام المشاعر
حين همت بالعودة من حيث أتت , رفع أندرو رأسه , فلما رآها ضاقت عيناه , ثم لم تلبث أن التفتت إليها بياتريس
والكراهية تقفز قفزا من عينيها 0
تحركت برشاقة عنه , وقالت بغضب :
ـ حقا أندرو !00 لقد بات يستحيل على المرء الحصول على بعض الخلوة في هذا البيت مؤخرا !
ـ إن جوديت لم تقصد التطفل 0
كانت المرة الأولى التي تشاهده فيها جوديت بعد عناقهما , وبعد معاملته لها بازدراء 000 فبذلت جهدها لئلا تتضرج وجنتاها خجلا , وقالت بخفة وهي تغلق الباب وراءها :
ـ ربما يجب أن تضعا يافطة على الباب !
لمع الغضب في عينيه وقال بحدة :
ـ لم أجد أن هذا ضروري في منزلي 0
جلست جوديت تنظر إليهما ببرود , راضية عن نفسها بما ترتديه من تنورة صيفية , وقميص أزرق مع أنهما لا يقارنان بتنورة بياتريس المصنوعة يدويا أو بقميصها الحريري 0
علمت أنها بصمتها أزعجته , فقد كان يتوقع منها ردا استعاضت عنه بنظرة هادئة هي أبعد ما تكون عن الواقع 000 ولكن إذا كان عليها تمثيل هذا الدور لصالح زاك , فهي مضطرة للبدء بالوقوف في وجه أخيه المتغطرس 0 فإن تركته يعلم أنه قادر على إرهابها من أول جولة , فلن تضر بذلك إلا زاك 0
فهي مضطرة للبدء بالوقوف في وجه أخيه المتغطرس 0 فإن تركته يعلم أنه قادر على إرهابها من أول جولة , فلن تضر بذلك إلا زاك 0
ولكن بياتريس على ما يبدو أساءت فهم صمتها 00 فنظرت إليها تبتسم بانتصار 0
ـ وماذا فعلت هذا الصباح ؟ (سألها أندرو )
ـ دخلت المرسم , ثم قمت بنزهة وقبل ذلك تحدثت إلى زاك طبعا 0
ـ زاك 0
وكأن ما سمعه أجفله 0
ـ حقا ؟
هزت رأسها :
ـ أجل 000 وهو يرسل لكي حبه 0
راقبت اللون الأحمر يتصاعد إلى وجهه , ثم سمعته يقول بخشونة :
ـ صحيح ؟
أخذت تتمتع بهذا , فهي للمرة الأولى تحس بأنها تسيطر على أندرو تورنتون الذي كان يائسا لمعرفة ما إذا كانت نفذت تهديدها , فأخبرت زاك بذاك العناق 0 ردت عليه :
ـ أجل 00 أكدت له أنكم جعلتموني جميعا أحس بأني على الرحب والسعة 0
اشتد ضغطه على فكه , وقال :
ـ أنا سعيد لأن هذا ما هو عليه شعورك 0
لمع في عينيها بريق الانتقام :
ـ أوه 00 أجل 00 خاصة لطفك الزائد ليلة أمس عندما أصريت على أن تعد لي كوب شاي 0 يا للطفك ودماثتك!
شهقت بياتريس :
ـ أندرو 0000 ؟
تابعت جوديت تدعي البراءة :
ـ خاصة وأنني لم أكن أرتدي ثيابا مناسبة 000 شعرت وكأنني امرأة غير محتشمة وأنا جالسة بغلالة النوم 0
إلا أننا راشدان 0
نظرت إليه بتحد , وهي تعلم من لمعان الغضب في عينيه , واشتداد ضغط فكه , أنها دفعته إلى أقصى حدوده في يوم واحد , وهذا كاف ليفهم أنها لن تسمح له بالتلاعب بها أو بمضايقتها , فأضافت بابتسامة مشرقة :
ـ أنت دون شك شاهدت نساء لا يحصى عددهن في ثياب خفيفة 0
استشاطت بياتريس غضبا بينا على ملامحها 0
ـ أندرو !
فنظر إليها ببرود يتحداها أن تستجوبه أو تحاسبه على ما يفعل :
ـ نعم ؟
غضت طرفها عنه ثم نظرت إلى جوديت بكره قائلة :
ـ ألن نتناول الغداء ؟
في تلك اللحظة دخلت تيريسا الغرفة , ترتدي ثوبا حريريا أخضر وتلقي التحية بإشراق دون أن تحس بالجو المشحون بين الجالسين الثلاثة 0
إلا أن جوديت كانت تحس بغضب أندرو وتعلم أنه يحضر لها ردا مناسبا على جرأتها عليه أمام بياتريس 00 فلقد أحرجته بعض الشيء لها أو بالأحرى أغضبته , لأنه لا يشعر بأنه مدين للأخرى بأي تفسير 00 ولكنه بالتأكيد سيطلب تفسيرا من جوديت قبل مضي هذا اليوم 0
حين غادر مع بياتريس 0 تنفست جوديت الصعداء غير أن تيريسا لاحظت أن هناك أمرا ما فسألت :
ـ أتساءل 00 لماذا تشاجرا ؟
ـ وهل يتشاجران عادة ؟
ـ أجل 00 وهل تتشاجرين مع زاك ؟
ردت دون تردد :
ـ أبدا 0
ـ أتحبينه ؟
ـ بطريقة ما 00
فلو تزوج ناتالي لأصح بمثابة صهر لها , ذلك أنها و ناتالي أشبه بشقيقتين 0 ابتسمت ووقفت :
ـ يبدو أن لكل إنسان شخصا يحبه إلاي خاصة وأن قريتنا لا تنعم بشبان مثيرين 0
ـ هناك بيار ليون 0
نظرت إليها تيريسا بحدة , ولكن التوتر زال عنها حين التقت عيونهما :
ـ إنه دائم الانشغال ولا يهتم إلا بمرضاه 00 ماذا ستفعلين بعد الظهر ؟
احترمت جوديت رغبتها في عدم التحدث عنه 0
ـ كنت أفكر في تنظيف الأشعت 0
ضحكت تيريسا :
ـ لقد آن الأوان !
ـ وهذا ما أظنه 0
ـ لو كنت مكانك لغيرت هذه الملابس 0 لقد حدث أن ساعدت أندرو مرة , وهو يحمم توم وتومي 000 بناء على خبرتي أتوقع أن تتسخي أنت أكثر مما ستنظفينه 0
عملت جوديت بنصيحة الفتاة , فارتدت أقدم جينز وقميص لديها وهما كلاهما ملطخ بالدهان , ثم ربطت شعرها وانطلقت إلى الخارج حيث وجدت الأشعت نائما 000 إن هذا الكلب يقضي معظم حياته نائما 0
توجهت إلى الإسطبل لتتناول منه المغطس المعدني الذي ذكرته تيريسا أمامها , فهو ما يستخدمه أندرو لكلبيه 00 راقب الكلب تحركاتها باهتمام وهي تحمل الماء في الدلو من حوض الإسطبل 0
ـ ماذا تفعلين بحق الله !
ردت حانقة متعبة من حمل الماء :
ـ وماذا ترى أنني أفعل ؟
ـ لماذا لم تستخدمي الخرطوم ؟
ـ أي خرطوم ؟
دخل الإسطبل وعاد يحمل خرطوما بلاستيكيا أحمر اللون 0 وقال ساخرا :
ـ هذا الخرطوم !
كادت جوديت تصرخ , لقد تعبت من نقل المياه مع أنها كانت قادرة على ملئه في دقائق بواسطة هذا الخرطوم 0
ـ لم يقل لي أحد إن هناك خرطوما !
هز كتفيه :
ـ كان معلقا في الداخل قرب الحوض 0
ـ حسنا لم أره !
ـ هذا واضح 0
كرهت منه تفوقه هذا فسألته :
ـ هل عادت الآنسة تشارمر إلى المنزل ؟
ـ أجل 00 لقد كان ما فعلته منذ قليل خسيسا 0
ـ إنه في خساسته يشبه ما فعلته بي أمس 0
التوى فمه :
ـ لا أذكر أن هذا كان رأيك في ذلك الوقت 00 بل الواقع أنه أعجبك 0
ـ وأعجبك أيضا 0
لم تتمكن من النكران , فحاولت السخرية منه إخفاء لحرجها , وهو أيضا لم ينكر الأمر , بل وقف بتحد وكأنه الشيطان نفسه 0 قال بهدوء وعيناه تداعبان وجهها :
ـ ربما يجب أن نكتشف هذا الإعجاب في وقت آخر ملائم 0
ـ وهل نسيت الآنسة تشامر ؟
ـ وهل نسيت أنت زاك ؟
ـ لم أنسه 00 فهو في أفكاري دائما 00 والآن 00 اعذرني أريد تنظيف الأشعت 0
ـ قد يكون هذا صعبا 0
ـ لماذا ؟
ـ أظنه فهم ما تفعلين واختفى وراء الاسطبل !
استدارت جوديت شاهقة 00 لقد اختفى الكلب فعلا 0
ـ اللعنة ! اللعنة اللعنة !
ولولا وجود أندرو لضربت قدميها بالأرض !
ـ لقد كسرت ظهري وأنا أنقل الماء إلى الحوض , ثم أتيت أنت فأخفته 0
اتسعت عيناه وهو يراها تظلمه , ولكنه لم يلبث أن راح يبتسم ابتسامة سرعان ما أصبحت قهقهة 0
ـ علام تضحك ؟
توقف عن الضحك جاهدا 0
ـ وكأنك فتاة صغيرة في غضبك هذا !
ردت بصوت منخفض خطير :
ـ حقا ؟
رد مبتسما ثانية :
ـ حقا !
لاحظت جوديت هذه المرة أن بسمته زادته فتنة , فاختطف بذلك أنفاسها وقلبها 00 إن هذا الرجل مدمر حين ينسى قسوته 000 ولكن يستحيل أن تكون قد بدأت تنجذب إليه ! فهذا لن يساعد زاك أبدا 000 لا 00 يجب ألا تسمح لنفسها بالانجذاب إلى رجل قادر على تدميرها لو أراد 0
استدارت تربد الذهاب :
ـ سأحاول البحث عن الأشعت قبل أن يبرد الماء 0
فعاد إلى توتره وقسوته 0
ـ طبعا 0 لدي شامبو مناسب له سأحضره , وهو ما أستخدمه عادة حين أنظف كلبي 0
ـ وأين هما الآن ؟
ـ مع مدير الأملاك الذي يعتني بهما غالبا خاصة في غيابي 0
ـ وهل تغيب دائما ؟
ـ أحيانا لا 000 سأحضر الشامبو لكي 0
استدار مبتعدا , أما هي فراحت تبحث عن الكلب وهي تفكر في أندرو الذي تخلى عن قسوته تجاهها , وهذا ما أقلقها 0
بعد دقائق سمعت وقع خطى حصان مغادر , فالتفتت فإذا بها ترى أندرو ممتطيا حصانا أسود وكأنه الشيطان نفسه 000
خرجت تيريسا تقطع الفناء الخلفي , ترتدي ثياب الركوب :
ـ أهو أندرو الذي خرج فارسا ؟
ـ أجل 000
راحت تقرأ التعليمات على الزجاجة التي تركها لها , متمنية أن يظهر الأشعت قريبا , فهذا الحيوان يختفي ببراعة تامة 0
ـ أكان يضحك ؟
ضحكت جوديت أيضا :
ـ ولماذا تبدين مصدومة ؟
ـ كيف لا أصدم وهو لا يضحك أو يقهقه , بل يلوي فمه قليلا بابتسامة ساخرة 0لم أسمعه على هذا النحو منذ سنوات 0
ـ وكأنه يجدني مضحكة 0أو على الأقل طبعي يضحكه 0
ـ لا يهمني ما الذي يضحكه , بل أنا مسرورة لأنه يضحك 0 فما أروع سماع ضحكاته !
هزت جوديت كتفيها :
ـ من يعلم قد يجد في ما يضحكه غير ذلك 0
ـ جوديت 000
ها أنت أيها الكلب السخيف !
ما إن أطل الكلب من خلف الاسطبل حتى انحنت فوقه قائلة لتيريسا :
ـ أعينيني حتى أضعه في الحوض 0
ـ أوه 00 حسنا 0 ولكن اعلمي أننا سنبتل 0
وكانت صادقة حقا 0 فقد قاوم الأشعت جهودهما لغسله بهدوء , فصبر عليهما حتى فركتا فروه ثم قفز من الحوض وراح يهز نفسه ناشرا الماء في كل مكان 0 صاحت تيريسا تحاول الهرب من البلل , ولكن الأوان قد فات , فقد تبللت أكثر من الأول حتى التصقت ثيابها بجسمها وارتجفت رغم حرارة الشمس 0
ـ عظيم 00 أظنني مبللة أكثر منه !
بدأت جوديت بالقهقهة , ثم لم تلبث أن انضمت تيريسا إليها , متخلية عن عدائها , ساعية بكل ما أوتيت من قوة للمساعدة في تثبيت الكلب 000 بدأت جوديت تفرك جلده ليجف , ثم نظرت إليه بإعجاب :
ـ يبدو أحسن حالا الآن 00 أليس كذلك ؟
وافقت تيريسا بعد ما انكشف لونه الرمادي والأبيض الجميل :
ـ ويبدو جميلا كذلك 00 والآن فلنركض به قليلا حول الاسطبل قبل أن تمشطيه 0 فهذا ما قد يجففه بسرعة 0
اعتقد الكلب السخيف أنه يتسلى بالركض مرات ومرات حول الاسطبل , حتى تهالك أخيرا على باب المطبخ وهو ينظر إلى الفتاتين مترقبا 0 قالت تيريسا :
ـ أظنه بحاجة إلى الطعام 0
وتهالكت جوديت قربه وقالت لاهثة :
ـ ليس قبل أن أمشطه 00 اذهبي وبدلي ثيابك قبل أن تصابي بالرشح 0
ـ وأنت مبتلة حتى العظم أيضا 0
ـ سأغير ملابسي بعد انتهائي 0 فحالتك أسوأ من حالتي بكثير 0 اذهبي واستحمي , لن أتأخر 0
ما إن انتهت من تمشيطه حتى بدا حقا جميلا 00 إنه راعي غنم اسكتلندي ‘كولي ، أصيل , ولكنه حين رمى نفسه على قطعة اللحم لم يبد كذلك إطلاقا 0 بعد ذلك تركته لتفرغ الحوض , ولتحمله إلى الاسطبل بغية تعليقه على الجدار , ولكنها فؤجئت بأندرو يقول :
ـ دعي هذا لي 0
تناوله منها ليعلقه , فوقفت متوترة بين دائرة ذراعيه , تحس به قريبا منها 0
استدارت مرتبكة بين ذراعيه مما أدى إلى قربها منه أكثر , فقفزت مذعورة فارتطمت بالجدار خلفها 00 أخفض نظره ثم قال شاهقا وقد لمس ثيابها المبتلة :
ـ يا إلهي ! ماذا فعلت بنفسك ؟ أنت مبللة حتى العظم !
رطبت شفتيها بطرف لسانها :
ـ أنا 00 كان الأشعت 00 كريما جدا بمياه حمامه 0
أحست بحرارة يديه على ذراعيها , فانحبست أنفاسها في فمها 000 عندما سمع شهقة الذهول رفع عينيه الزمرديتين إلى عينيها وقال بخشونة وهو يفك شعرها من عقدته ويتركه ينسدل كشلال حريري على كتفيها :
ـ فكرت فيك عندما كنت خارجا 0
حينما كانت بين ذراعيه وجدت صعوبة كبرى في التقاط أنفاسها فردت وعواطفها تهدد بالانسلال من بين يديها :
ـ صحيح ؟
أجل 00 ولكنني لم أفكر في ما أفعله بل إني لم أتخيل أنك ستكونين بانتظاري هنا 0
ـ أوه 00 لكنني 0000
وتوقف ما يمكن أن يقال بينهما , وراحت مشاعرها تغرد , ودوار يتغلغل بين حواسها , وإحساس مجنون
ملهوف يستحوذ عليها 0
سمعته يتمتم :
أنت الكمال بعينه ! ناعمة , رقيقة 00
لم يكن لها عهد من قبل بإحساس كهذا , إحساس لذيذ يستولي عليها تدريجيا , ويطبق عليها 0
ـ جوديت ؟ أندرو 00 ؟ هل أنتما في الداخل ؟
كانت جوديت طوال الوقت الذي انتظرا فيه رحيل تيريسا تنظر إليه بعينين مذعورتين , ووصف الذعر في الواقع لا يفي ما كانت تشعر به 00 لقد كانت أكثر من مذعورة , فالتجربة التي مرت بها عصفت بعواطفها 0
ابتعد أخيرا وقع أقدام تيريسا , فابتعد أندرو عن جوديت00 وفيما راح ينظر إلى السقف ساهما خافت أن تتحرك
ثم قال بصوت أجش :
ـ فلنترك ما حدث منذ قليل دون بحث أو اتهامات متبادلة 000 أظن أن عليك الذهاب من هنا !
تعثرت وهي تقف على قدميها , تسوي ثيابها المشعثة وتركض إلى الباب 0 ولكنها قبل أن تنطلق في عدوها , التفتت إليه لحظة , فإذا به ما يزال واقفا في مكانه 000 كان من حسن حظها أنها لم تشاهد أحدا أثناء عدوها إلى غرفتها التي ما إن وصلت إلى بابها حتى استندت إليه بضعف ونبضاتها السريعة ترفض أ ن تبطىء 00 ما حصل منذ قليل أثار اضطرابها , وتركها غير قادرة على الثقة بنفسها 00 لم تكن لتصدق يوما أنها ستتصرف هكذا , وبمحض إرادتها 0 ولا يمكن أن تصدق أن لرجل مثل أندرو تورنتون هذا التأثير كله فيها 000
لم يؤثر حمام سريع أقل تأثير في تبريد أحاسيسها , فكان أن تركت المنزل لتمسي مع الأشعت مضرجة الوجنتين خجلا , مرتجفة الجسد 0
ربما استغلها أندرو ليلة أمس ليلقنها درسا 00 لا مجال للإنكار أنه اليوم قد أثر فيها عميقا تاركا ما حدث دون بحث أو اتهامات متبادلة 000 هذا ما طلبه , ولكن ماذا عن إحساسها هي ؟ أيمكن أن تنسى ببساطة ما جرى ؟
اختفى ثانية الأشعت عنها ولكنه سرعان ما عاد حين نادته وكأنه حفظ اسمه الجديد , ولم يلبث أن عاد إلى تقلقله وكأنما يريد الذهاب من جديد , ثم طفق بالنباح فنسيت ما فكرت فيه لحظات , فهناك أمر ما , والأشعت يشير إليها بأن تلحق به 0
سرعان ما اكتشفت السبب00 فقد كان في الحقل المحاور نعجة ميتة , وإلى جانبها حمل صغير لم تر قط أصغر منه , فعمره لم يتجاوز اليوم 00 حارت جوديت في ما تفعل بالحمل 000 فهل تحمله معها أم تحضر أندرو إلى هذا المكان ؟ بعد تفكير وجيز رأت أن الرأي الأخير هو الأصوب والأسلم 0 فهي لا تعرف شيئا عن الخراف إلا أنها مكسوة بالصوف وفاتنة !
طلبت من الأشعت أن يبقى مع الحمل وقد فهم على ما يبدو طلبها ! إذ جلس أمام الحمل الذي أظهر ارتباكه أنه لن يجرؤ على التحرك من مكانه 0
ركضت مقطوعة النفس إلى المنزل , فسألت باتون عن مكان أندرو فأخبرها أنه في مكتبته وأنه لا يريد أن يزعجه أحد 000 كانت تعرف لماذا يريد الوحدة , ففكره مشغول بالاتهامات التي تدور في فكرها 0000 حسنا 00 لا دخل للمشاكل الخاصة بحياة حمل صغير 0
حالما دخلت الغرفة رفع أندرو عينيه عابسا غير مدع أو متظاهر بالانشغال بالعمل 0
ـ ماذا تريدين ؟
ـ هناك خروف 00 أعني نعجة , وحمل , و00
تنهد وضاقت عيناه :
ـ اهدأي جوديت ! لدينا من النعاج عدد كبير , أما الحملان فلا تعد ولا تحصى 0
ـ أعرف 00 ولكن هذه النعجة ميتة وحملها ضائع 0
هب واقفا بسرعة خشية أن يضيع مزيدا من الوقت 0
ـ اصطحبيني إلى المكان 0
وانطلقا معا إلى موضع الحمل فلما شاهدته والأشعت قربه تنفست الصعداء 00 بدا الحمل وكأنه لا يفهم أن أمه ميتة , فما زال ملتصقا بها 0
ركع أندرو أمامهما , يتحدث بلطف إلى الحمل المذعور ويتفحص الأم فسألته :
ـ لماذا ماتت ؟
ـ يصعب أن أعرف 0 إنها صدمة 00
وحمل الحمل المحتج بين ذراعيه :
ـ آسف يا صغير 00 إنما ما العمل لقد ماتت 0
ترقرقت الدموع في عيني جوديت وكررت كلامه :
ـ صدمة ؟
ـ أظن أن هناك ما أرعبها رعبا شديدا 000 تأتي كلاب القرية أحيانا هنا للعب 00
ما إن رأى الدموع تترقرق في عينيها حتى عبس بشدة لأول مرة :
جوديت ؟ ما الأمر ؟ ما بك ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت بصوت متحشرج :
ـ لدي ولدى الحمل قاسم مشترك 0 فكلانا يتيم 0
ـ أنت يتيمة الأبوين ؟
ـ منذ سنوات طوال 0
ـ آسف 00 ولكن هذا الفتى الصغير لن يبقى يتيما فترة طويلة 0 سأجد له أما جديدة تتبناه 0 هل تبناك أحد ؟
ـ لا 00 لأنني كنت كبيرة , في الثالثة من عمري 0 وابنة الثالثة تجاوزت عمر الطفولة 0
ـ ما زلت أراك طفلة 000 هيا بنا , لنأخذ الحمل إلى المنزل 0
حين وصلا , وضع الحمل في الجيب 0
ـ يحتفظ مدير المزرعة بحظيرة يضع فيها الحملان التي تحتاج إلى ما يتبناها , وهو يراقب هذه الحظيرة دوما 00 جوديت 000
ـ نعم ؟
ـ شكرا لك !
راقبت السيارة تبتعد دون أن تجيب 00 كيف يراها طفلة وهو من احتواها بين ذراعيه بشغف ؟
لم تندم يوما لأن أحدا لم يتبناها , وما السبب إلا علاقتها الحميمة بناتالي التي تعتبرها عائلتها كلها 0 ربتت على رأس الكلب مهنئة :
ـ أنت عظيم أشت 0 فلنكمل المشوار 0
عندما توجهت جوديت إلى غرفة الطعام عشاء وجدت تيريسا وحدها , فخفق قلبها 0 ذلك أنها مضطربة لمواجهة وجبة طعام أخرى مع بياتريس 00 فبالأمس تحملتها , ولكن بعدما حدث اليوم , لا تظن أنها قادرة على رؤية امرأة أخرى تلامس أندرو 0 قاطعت تيريسا أفكارها قائلة :
ـ سيتعشى أندرو عند بياتريس , وهو لن يعود إلا متأخرا 0
لماذا أحست بالسقم فجأة ؟ ولماذا نضحت يداها عرقا ؟
ـ هكذا إذن 0
ـ لقد أخبرني قصة الحمل 0
ـ وهل وجد له أما تتبناه ؟
ـ ماريو هو من سيجدها لأنه المدير , وهو إلى ذلك بارع في معاملة الخراف 0
أحست جوديت بالحيرة , فقد ظنت أن تيريسا مهتمة بالبيطري فقط , فإذا بها الآن مهتمة بالمدير0 قالت :
ـ أنا سعيدة لهذا 0
تناولت العشاء بصمت , كانت خلاله جوديت تفكر في ما يفعله أندرو مع بياتريس 0 ثم لم تلبث أن زجرت نفسها , فمن المستحيل أن تكون قد وقعت في حبه أو بدأت تقع 000 من المستحيل !
ـ جوديت ؟
رفعت رأسها فجأة وأجابت :
ـ نعم ؟
عضت الفتاة على شفتها دليل الارتباك , وهذا غريب على طبعها 0
ـ لقد 00 نزلت إلى الاسطبل بعد الظهر 0
ـ نعم ؟
ـ و ناديت 00 ولكنني لم أتلق إجابة علما أنني كنت أعرف أن أندرو كان هناك , فحصانه سالم كان في الفناء 0
ـ ولماذا تقولين هذا لي ؟ ربما استدعي على عجل 0
هزت تيريسا رأسها :
ـ لا00 صدقيني إنني لا أحاول إحراجك , ولكنني أعلم أنكما كنتما في الداخل وليس هناك إلا شيء أريده 0 فإن كانت علاقتك بزاك علاقة جادة , فاتركي أندرو وشأنه فقد تألم كثيرا ذات مرة , ولا أظنه يتحمل العذب مرة أخرى 0
أحست جوديت بجفاف فمها :
ـ كيف 00 تألم ؟
ـ كان منذ عشر سنوات على وشك الزواج من روزا التي أحبها حبا كبيرا , ولكنها ماتت 0