لقد بدأت أخاف علي صحت عقلي ، فهذه هي المرة الأولي التي أتحدث فيها إلي كلب !
تجاوزتها الجيب , ومع ذلك لمحت الرجل القابع خلف المقود , ولكن الجيب توقف فجأة على بعد أمتار منها ,
فركضت بلهفة 0
أتودين أن أقلك :
كان المتكلم قد مال إلى النافذة الأخرى ليفتحها , وهو رجل في الثلاثين من عمره أشقر الشعر مثلها , ذو عينين زرقاوين دافئتين :
لا تقلقي , فأنا الطبيب المحلي 00 فلو هاجمتك لعرفت المنطقة بأسرها ما حدث بعد عشر دقائق !
ضحكت وقد أعجبت به :
أنا ذاهبة إلى تورنتون كاسل 0000
هز رأسه مقاطعا :
صديقة زاك 00
وترجل من السيارة , فلحقت به جوديت , وأعطته حقيبتها متسائلة :
أيعرف الجميع بقدومي إلى هنا ؟
حسنا 00 الرد على سؤالك نعم 00 ليس من سر في مكان صغير كهذا 0 إنني متعجب من أندرو ,
فلماذا لم يرسل إليك من يقلك ؟
ـ ظننت أن زاك نسي أن يخبرهم , ولكن العكس هو ما تبين لي 0
ـ ربما نسي أن يخبرهم متى تصلين 0
ـ ربما هذا صحيح , فهذه طبيعة زاك 0
ضحك البيطري الشاب :
أجل00 اسمي بيار ليون 00
وأنا جوديت بار 0
صافحها قائلا :
ـ سرني التعرف إليك 0أين ذهب كلبك ؟ ليجلس في الخلف مع الحقيبة ,فللسيارة حاجز شبكي في الخلف 0
أدارت جوديت طرفها حول المكان باستغراب 00 فقد اختفى الأشعث ! وعاد شعور الوحدة إليها مجددا000
فقالت بخشونة :
ـلم يكن كلبي في الواقع 0 لقد لحق بي هكذا 0 ألم تشاهده من قبل ؟
هز بيار رأسه :
ـلم أنظر إليه جيدا , ولكنني لا أظنه زارني مربضا 0 وهذا غير مدهش , ربما يعيش وحيدا , وهو إلى ذلك غير كبير في السن 0
تسلقت جوديت الجيب وهي ما تزال تفتش بعينيها عن الكلب 00
كيف اختفى هكذا ؟ ليس في الحقول التي حلها أشجار كثيفة , بل حقول واسعة يفصلها جدار هنا أو هناك ,
لذا لا مكان لكلب له هذا الحجم أن يختفي فيه 0 قال لها بيار وهو يشغل المحرك :
ـ لا تقلقي بشأنه 00 قد يظهر من جديد 00 لقد عاش زمنا وحده , ولن يعترض على أن يتابع سيرته هذه 0
سألت جوديت الطبيب لتصل الحديث بآخر :
أتعيش هنا ؟
ـ على بعد سبعة كيلو مترات 00 فلي منطقة واسعة أقوم بخدمتها 0
وهل منزل تورنتون كاسل بعيد ؟
بقي أمامنا كيلو متر تقريبا 0لماذا لم تتصلي من المحطة بأندرو الذي كان سيرسل سيارة دون شك لتقلك 0
فابتسمت :
أنا لا أعرفه في الواقع 000 وقد حاولت استئجار سيارة 00
أوه 00 ساق جوهان تؤلمه 0
كيف عرفت ؟
إنه يستخدم العذر نفسه منذ عشرين سنة 0
وكيف يكسب قوته إذن ؟
لا أدري , ولكنه يتدبر أمره بطريقة ما 0 وحين يحتاج إلى المال تشفى ساقه بسحر ساحر أسبوعين أو أكثر 000
ستجدين بعد أيام على وجودك هنا أن البلدة تكتظ بمن هم على شاكلته 0
وشاكلة الحمال ؟
صحيح 000 فظهره في ألم دائم , أتعرفين هذا ؟
بت أعرفه الآن !
أوقف السيارة فجأة ووضع ذراعه على ظهر مقعدها :
ـ حسنا 00 لقد وصلنا 0
وصلنا ؟
نظرت يسارا فوجدت أن تورنتون كاسل كان بالفعل ( خلف أبواب حديدية ضخمة ) كما قالت المرأة في المحطة,
وهو أي المنزل محاط بسور يرتفع ما يزيد عن الثلاثة أمتار 00 وقد حدث ما إن وقع يصرها على المنزل حتى
شهقت دهشة 000 فالمنزل قصر ريفي قديم يعود إلى القرن السادس عشر , أمامه مرجات مقلمة مرتبة , وأشجار باسقة , وبستاني مشغول بالزهور الكبيرة 0
كان بيار يراقب ردة فعلها 0
ـ إنه مؤثر 000 أليس كذلك ؟
جدا 0
ـ إنه في الداخل أجمل بكثير 0 ليتني أملك الوقت لأوصلك إلى الداخل , فقد استدعيت منذ نصف ساعة لمعاينة بقرة توشك على أن تلد 0
ـ لقد كنت لطيفا , فشكرا لك 0
ـ عظيم 00 بلغي أندرو وتيريسا تحياتي 00 ولكن دعيني أراك 00 فأنا أتواجد في عيادة القرية أيام الاثنين والجمعة .
أعادت جوديت بعد مضي بيار في طريقه بصرها إلى القصر ثانية 000 كانت على حق حين تصورته منزلا ضخما , غير أنه في الواقع أكبر بكثير مما تصورته 0 وليس عندها فن أمنية الآن إلا أن يكون أندرو وتريسا لطيفين كزاك 0
شعرت بشيء رطب يلامس يدها , فالتفتت فإذا الكلب يشم يدها 00 فأحست بالبهجة وانحنت إليه :
ـ أين كنت ؟ ظننتك ذهبت إلى الأبد ! ولكنني مسرورة بعودتك 0 احتاجت إلى قوتها كلها لتفتح البوابة الحديدية التي اجتازتها يتبعها الكلب الممتع والمسلي 0
نظر إليها البستاني باستغراب 00 فأدركت فجأة أن منظرها أشعت من جراء غبار الطريق , ومن جراء مداعبة (الأشعت ) , هذا عدا شعرها المبعثر وحقيبتها التي ازدادت اتساخا من جيب بيار , فعلى ما يبدو أنه يحمل فيه الحيوانات 00 ولكنها هزت كتفيها بغير اكتراث , فماذا قد تفعله الآن لترتب مظهرها ؟
قالت للكلب :
ـ عليك البقاء خارجا 0
دقت جرس الباب ثم أضافت :
ـ سآخذ مفتاح الكوخ 00 فأشعت واحد أكثر من كاف لدخول هذا المنزل 0
لم يرف جفن الخادم حين قالت له من تكون , بل قال بجفاء :
الآنسة تيريسا في غرفة الجلوس 0
الحمد لله لأنها ستسكن في الكوخ بعيدا عن المنزل 00 فهي معتادة على أن تفعل ما تريد حينما تريد , لذا تستغرب وجود الخدم في المنزل 0
تركت حقيبتها على ردهة الدرج مع الكلب , ثم تبعت الخادم تمني النفس بلقاء أحد أفراد عائلة تورنتون !
كانت الغرفة طويلة تمتد تقريبا إلى آخر المنزل 0 في أحد أطرافها مكان الجلوس , أما أبوابها الخشبية الضخمة المزدوجة , فمفتوحة على الحديقة 00 ولكن ما لفت اهتمام جوديت , كانت الفتاة الجالسة أمام البيانو , وهي دون ريب شقيقة زاك فشعرها أدكن , كث قصير كشعر الصبيان , وعيناها لوزيتان كعيني شقيقها تحدق بهما إلى الحديقة 0
سعل الخادم سعلة خفيفة ليلفت اهتمام الفتاة , ومع أن كتفيها ارتفعتا قليلا , إلا أنها لم تتوقف عن العزف 0 كانت أصابعها تتحرك بخفة ورشاقة , وقد أعجبت جوديت التي لا تحب الموسيقى القديمة أو الحديثة بالعزف 0
فجأة , ضربت الفتاة أصابعها العشرة على المفاتيح , والتفتت إليهما بعينين مشتعلتين 0 وقالت بصوت متعجرف متجاهلة وجود جوديت :
ـ ما الأمر باتون ؟
لم يضطرب الخادم من خشونة صوتها , بل أعلن :
ـ الآنسة جوديت بار 0
التفتت العينان اللوزيتان الباردتان إلى جوديت التي تحملت العينين المقيمتين لها نظرا للظروف 00 فهذه الفتاة وقحة لا تشبه زاك أبدا 0
قالت الفتاة تصرف الخادم :
شكرا باتون 0 انصرف 0
وقفت فبدت قامتها مديدة وهي مرتدية ثوبها الليلكي الأنيق 0
ـ إذن 00 أنت جوديت بار 0 صديقة أخي الصغيرة من الكلية 0
عضت جوديت على شفتها , فهي لم تعجب بهذه الفتاة أقل إعجاب , وليت انطباعها الأولي هذا خاطىء !
ـ أنا وزاك في الكلية ذاتها 000 صحيح 0
بدأت الفتاة تتخلى عن تحفظها قليلا , وأضاء المرح عينيها :
ـ اسمي تيريسا 000 أنت لست من كان يتوقعه أندرو أبدا !
ـ كيف ؟
أترين 00 أنه000
ثم لاذت بالصمت , فقد دخل إلى الغرفة رجل استدعى اهتمام جوديت 0 إنه أندرو تورنتون دون ريب , فهو أسود الشعر كزاك وإن كان هذا هو الشبه الوحيد بينهما ! فهذا الرجل مديد القامة , يتجاوز طوله المئة والخمسة والثمانين سنتمترا , قوي الجسد , رشيقا رشاقة لاعب رياضي , عريض المنكبين , مفتول العضلات 0
ولكن وجه هو ما أسر اهتمامها , فهو ليس فقط أكبر من أخيه بعشر سنوات , بل هو كذلك بهي الطلعة , وإن بطريقة خشنة , فشعره مسترسل إلى عنقه ,ووجهه أسمر لوحته أشعة الشمس , ولكن عينيه كانتا خضراوين , وأنفه طويلا محنيا كمنقار النسر , وفكه ثابتا وقويا 0
تأملتها عيناه الزمرديتان بشيء من الدهشة , وقال بصوت عميق أجوف , بعث الرعشة إلى أوصال جوديت :
ـ لم أكن أعلم أنك ستتلقين زيارة من صديقة , تيريسا 0
التوى فم شقيقته :
ـ هذا غير صحيح 0
إذن من ؟
إنها جوديت بار 0
سحب نفسا عميقا بغضب ثم قال بصوت يكرهه السمع :
ـ إنها دعابة أخرى من دعابات زاك ؟
أصغت جوديت إلى الحديث المتبادل بين الأخ وأخته , وقد غاص قلبها , فوجودها على ما يبدو غير مرحب به !
علما أن زاك أقسم أنه رتب كل شيء ! كان يجب أن تعرف ! ستقتله حين تعود 000
سمعت أندرو يتحدث إليها مباشرة :
ـ أرجو أن تعذرينا آنسة بار 00 فحين أخبرنا زاك عن زيارتك أغفل شيئا واحدا 0
على الأقل 00 إنه شيء واحد , ثم أردف بسخرية :
أغفل أنك فتاة !
ـ صحيح ؟
وماذا يعني هذا ؟ ألا يرحب بها لأنها فتاة 0
رد أندرو ببرود , وهو يحدجها بنظراته من رأسها حتى أخمص قدميها :
ـ أجل 00 قال إنه صديق 0
ـ وهل هناك فرق ؟
ـ نعم هناك فرق حين يصل الأمر إلى وفودك علينا 0
ثم هز كتفيه بلا مبالاة :
ـ أستغرب اهتمامك بالفن 0
شهقت بحدة :
ـ اهتمامي ؟ إنه أكثر من اهتمام 00 إنه عملي ومستقبلي 0
ـ أوه 000 صحيح ؟ وماذا ستفعلين به ؟ فإن كنت لا تملكين موهبة خارقة غير عادية , وإن كنت لا تحبين التعليم أو مجال الرسم العابر , فالفن مضيعة تامة للوقت 0 خاصة لامرأة 0
احمر وجه جوديت وردت رافعة الرأس تحديا :
ـ ربما 00 والآن لديك فرصة لاستخدام مرسم غير عادي 00 ولكن أخشى أن الكوخ 000
حاولت جوديت الحفاظ على هدوئها , فإن لم يسمح لها باستخدام الكوخ , فما حاجتها بالرسم 0 وإن لم تستطيع تأمين وسيلة نقل , فكيف لها التنقل ؟
ـ أترين 000
وتوقف , فقد سمع نباحا غريبا في المنزل 0
ـ ما هذا بحق الله !
تقدم إلى أبواب الشرفة المفتوحة , فلحقت جوديت به على مهل لأنها تعرف صاحب النباح :
إنه نباح ( الأشعت ) 000
انتهى الفصل الأول
الفصل الثاني
عداء الغرباء
كان الكلب ما زال على نباحه حين وصل ثلاثتهم , فوجدوه جالسا في فناء المنزل الخلفي رافعا رأسه إلى السماء الزرقاء , يعوي بصوت مؤثر وكأنما حياته تعتمد على هذا العواء 0
توقف أندرو تورنتون يحدق فيه وهو لا يصدق ما يراه 0
ـ يا إلهي ! ما هذا ؟
توقف الأشعت عن العواء وزمجر في وجه الرجل الطويل الناظر إليه بازدراء 0 قالت تيريسا متعجبة :
ـ وكأنه كلب !
تحركت جوديت إلى جانب الكلب وركعت قربه ثم قالت بغضب :
ـ إنه كلب ! إنه كلبي !
ارتفعا حاجبا أندرو بتعجرف :
ـ أتتوقعين أن يبقى في الكوخ ؟
ـ أما قلت لي إنني لا أستطيع استخدام الكوخ ؟
ـ حاليا لن تستطيعي , فجزء من السقف انهار بسبب عواصف الشتاء 0 وهذا ما لم نكتشفه إلا حين فتحنا الكوخ لنعده لك 00 لقد أوكلت تصليحه إلى رجل , ولكن حتى ينتهي التصليح فأنت ستحلين على الرحب والسعة في المنزل 000 أما الكلب فلا 0
نظرت إلى الأشعت فرأت ما لا بد رآه أندرو : كلبا أشعت , متسخًا, بحاجة ماسة إلى التنظيف والعناية , ولكن إذا كان ما قاله بيار ليون صحيحا , وكان الكلب شريرا , فلا داعي الاحتفاظ به 000 قال أندرو قبل أن تستطيع التعليق :
ـ لدي كلبان من نوع البيغل الذهبي 00 وأشك في أنهما سيتقبلان 00000
ـ اسمه ( الأشعث )
فقالت تيريسا :
إنه اسم يناسبه بشكل تام 0
ظهر على ثغر أندرو شبح ابتسامة :
ـ إن توم و تومي لن يحبا كلبا غريبا في المنزل ,ونظرا لحالة كلبك سأطلب منك أن ينام في الاسطبل حتى يجهز الكوخ وهذا لن يتجاوز بضع ليال 0
إن النوم في الاسطبل سيكون للأشعت المعتاد على النوم في العراء رفاهية وترف , ولكنها انزعجت من أندرو الذي يرى أن على كلبها الهجين ألا يختلط بالكلبين الأصيلين 0
قالت :
ـ أعتقد أنه بحاجة إلى حمام 0
ردت تيريسا ساخرة :
ـ هذا تصريح لا يفيه حقه 0
نظرت إليها جوديت بكراهية , إنها متكبرة كقطة سيامية 0
ـ ولكننا سافرنا مدة طويلة , وكلانا مغبر من السير من المحطة إلى هنا 0
شهقت الفتاة :
ـ سرت ؟
ـ طبعا 0
قطب أندرو جبينه وقد نسي مشكلة الأشعث :
ـ أجئت بالقطار ؟
ـ ولماذا كنت في المحطة إذن ؟
ـ لم يقل لنا زاك إنك قادمة بالقطار 0
ـ وهل الأمر مهم ؟
رد ببرود :
ـ أبدا 00 إلا أنه لم يكن داع للسير من المحطة حتى القصر , فما كان عليك إلا أن تخابرينا هاتفيا لنهب لاستقبالك
ـ لقد وجدت من أقلني 0
ـ حقا ؟
ـ أقلني البيطري , وهو رجل طيب يرسل لك تحياته 000
قالت تيريسا ببطء :
ـ إذن قابلت بيار 0
تطلعت جوديت إليها بفضول , فقد رأت أن خلف قولها العفوي هذا اهتماما عميقا , خاصة وأن وجنتيها اصطبغتا بجمرة الحياء 0 أتكون تيريسا أكثر من مهتمة بالبيطري ؟
ولكنها صرفت بسرعة التفكير عن مشاعر الفتاة , فلا شأن لها أبدا بحياة الآخرين الشخصية 0 إنها هنا بغية الرسم لذا الإسراع في الانتقال إلى الكوخ هو خير ما تقوم به 0
ـ أجل لقد قابلته 00 ولكنه كان على عجلة , فلم يستطع التوقف 0
اشتد ضغط تيريسا على شفتيها وتمتمت :
ـ إنه لا يستطيع أبدا 0
ثم ارتدت على عقبيها وأسرعت إلى المنزل غاضبة 000 إذن فهي أكثر من مهتمة به , ولكنه اهتمام غير متبادل
قال لها أندرو فجأة يقطع عليها أفكارها :
سأريك أين يمكن أن ينام الكلب 0
لحقت به على مهل , وهي تشعر بالقوة التي تنبعث منه 0 فخطواته ثابتة وعضلاته مفتولة ظهرت بوضوح عندما فتح باب الاسطبل 0
ـ هذه الحظيرة مكان مناسب 0
أحست جوديت أنه يرغب في وضعها كذلك فيها 0
لم يكن مجيئها أصلا فكرة صائبة فالأمر لا يسير على ما يرام فهي حتى الآن لا ترى للراحة والهدوء اللذين تنشدهما أثرا 0
وافقت ضجرة :
ـ حسنا لا بأس 0
لاحظ أندرو استياءها :
ـإذا تفضلين أن يدخل المنزل 0000
ـ لا 00 لا يهم 0 أظنه بحاجة مثلي إلى حمام أولا 000
كان زاك قد قال لها إن أخاه غير متزوج , وقد شعرت الآن بعد أن قابلته بالاستغراب , فهو رجل جذاب , في أواسط الثلاثين من عمره 000 فكيف حدث أن أفلت من يد امرأة حتى اللآن 0 أم أن اعتداده بنفسه وعجرفته الظاهرة جعلتاه لا يقع في سحر النساء 0
هز رأسه ليرد على ما قالت :
ـ سأستدعي باتون ليوصلك إلى غرفتك 0 أما فلك بعد الاغتسال أن تحصلي له من المطبخ على طعام 0
ـ سكرا لك 0
ـ ربما تودين أن يستقر قبل العودة إلى المنزل 00 يجب أن أعود إلى عملي ,ولكن باتون سيكون سعيدا بمساعدتك إن واجهت المصاعب 0
ـ عظيم 00 أراك فيما بعد إذن 0
هز رأسه بوقار :
ـ عند العشاء 0
لمحته آخر الأمر وهو يصعد الجيب الكحلي المتناقض لونه مع لون جيب بيار الرمادي 0
لم يخبرها زاك في الواقع كثيرا عن عائلته خاصة طباعهم وتعقيداتهم 00 تيريسا قتاة غريبة الأطوار , تبدو أكبر من عمرها في نواح , وأصغر في أخرى 000 أما أندرو , فمعقد حتى يكاد يتعسر عليها سبر غوره , مع أن جوديت تراهن أن نساء كثيرات حاولن ذلك 0
لقد رأت منه منذ البدء تجاهها عداء لم يكن من صنع يديها , فكأن يشك في دوافعها 000 أوه 00 ليت الكوخ جاهزا حين وصلت , أو ليتها علمت بحاله , لأنها لو علمت لأخرت قدومها بضعة أيام 000 أما الآن , فهي مضطرة إلى الاستفادة من الوضع 0
غرفة النوم التي خصصت لها كانت أنيقة كسائر غرف البيت 0 فيها سجادة صفراء شاحبة , ناعم صوفها , وغطاء سرير وردي , وستائر مخملية رائعة 0 كانت حقيبتها وعدة الرسم قد سبقها إلى الغرفة , فتذكرت سبب وجودها هنا00 في الغد ستبدأ العمل الذي سينسيها كل الصعاب التي واجهتها حتى الآن 0
كانت ترتدي ثيابها من جديد بعد الاستحمام حين دخلت عليها تيريسا , دون إعلام مسبق 0 فسوت جوديت بسرعة قميصها فوقها وبسطته فوق الجينز 00 إن كانت تيريسا تقصد إزعاجها , فستفشل حتما , فهي معتادة على عدم التمتع بالخلوة , ذلك أنها تتشاطر في الكلية غرفة النوم مع أأربع فتيات 0
واجهت الفتاة بتحد , فهي تعلم أن المقصود من تطفلها الفظاظة , فسألتها ببرود :
ـ نعم ؟
ـ أنت مطلوبة هاتفيا 0
تهللت أساريرها , ونست العداء :
ـ زاك ؟
ـ طبعا 00 استخدمي الهاتف في غرفة الجلوس 0
لم تنتظر لسماع المزيد , فركضت تهبط الدرج وتلتقط السماعة 0
ـ زاك !
ـ ومن غيره ؟ كيف تجري الأمور ؟
ـ حسنا 00 اضطررت للسير من المحطة إلى المنزل الرائع , ولكن الكوخ ليس جاهزا 00 لقد 000
ضحك :
ـ هاي 00 على رسلك ! سمعت هذا كله من تيريسا 0 كما سمعت أن معك حيوان غريب المنظر 0 ولكنني متأكد من أنك كنت وحيدة حين ودعتك وناتالي هذا الصباح 0