كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
7/ تمثيل....أو واقع؟
****************
منتديات ليلاس
ـ آهـ هيا لم يكن الأمر بهذا السوء!
قال هذا وهو يرخى رابطة عنقه بتنهيدة ارتياح ويجول فى الغرفة متأملاً الجدران الخشبية والمدفأة الحجرية الرائعة
ـ ربما ليس بالنسبة إليك ولكن الأمر كان أشبه بكابوس بالنسبة لى.لم أكن أعرف أى قصة ستختلق وكنت اتوقع فى أى لحظة ان يكتشف أحدهم أنك مزيف.كم يسعدنى أن يحصل ذلك!
ـ أهدأى.كل شئ على ما يرام . أنت تعبة وما نحتاجينه هو حمام دافئ.
ومن دون أن ينتظر ردها توجه نحو باب مجاور وما هى إلا لحظات حتى سُمع خرير المياه فى الحمام :"سأحضر لك شراباً لكى تسترخى وستشعرين بحال أفضل"
شعرت فيبى برغبة تدفعها لتقول له إنها هى من يقرر ما يشعرها بحال أفضل ولكن عندما وصلت إليها رائحة الرغوة الزكية فى الحمام أغرتها منتديات ليلاس فكرة الاسترخاء فى المياه.
فاستندت إلى الوسائد وتركت جيب يحضر لها الحمام
وأخيراً فتح لها الباب وأمسك بالمقبض قائلاً :
حمامك جاهز سيدتى
كان الحمام مذهلاً كباقى أجزاء الجناح تعلوه طاقة حجرية ضيقة وكان الحائط مزيناً برأس دب ومجموعة من التحف الأثرية ولاحظت فيبى أن جيب حضر لها المناشف ووضع لها قرب المغطس كل ما تحتاجه من الصابون وكريمات يقدمها الفندق
تأثرت رغماً عنها بالعناء الذى تكبده لأجلها فشكرته عندئذً منحها واحدة من ابتساماته المثيرة للاضطراب التى تفقدها دائماً السيطرة على نفسها وقال لها :"إنها طريقى فى الاعتذار . لم أقصد أن أضايقك اليوم "
ـ لا عليك
قالت فيبى ذلك شاعرة أن انزعاجها قد تبدد لحظة
عندما غادر الجناح خلعت فيبى ملابسها ودخلت الحمام .كان المغطس واسع بحجم حوض السباحة فاسترخت فيه متنهدة غامرة نفسها فى المياه المعطرة . ربما جيب ليس سيئاً فى النهاية.ربما كانت تبالغ فى ردات فعلها . جيب محق . الجميع تقبله من دون سؤال ولم يكن من حاجة لكل ذلك التوتر , لقد أرعبها الوضع برمته ولكنها فى النهاية أدركت أن ما أثارتوترها فعلاً لم يكن الزفاف ولا لقاءها مع بين أو خداعها عائلتها إنما جيب نفسه جيب وابتسامته المتلألئة ويده الدافئة على ظهرها
قال لها إنها جميلة وشجاعة وما كانت تفكر فى لحظة زواج بين كان النظرة فى عينيه وليس الغصة التى فى قلبها . النظرة فى عينيه ولمسة يده على بشرتها!
لكان الأمر أسهل بكثير لو لم يعانقها . فعلاً لم يكن فى حاجة لذلك.لو فكرت فى الأمر لأدركت أن ما من أحد يتوقع منهما أن يعانقا بعضهما هكذا وسط زفاف بين.كان يجدر بها أن تقول له إنها فكرة سخيفة وتدفعه عنها بصرامة.
ولكن عوضاً عن ذلك دنت منه وبادلته عناقه . اجتاحتها موجة حارة لا صلة لها بالحمام الذى تأخذه
غادرت الحمام ودخلت الغرفة فرأت جيب ممداً على السرير وقد أرخى قميصه ورفع كميه وأضعاً يده خلف رأسه.بدا مسترخياً كسولاً ما أثار توتر فيبى بعد أن كانت أعصابها قد هدأت خلال الاستحمام
استدار جيب نحوها فرأها مرتدية ثوب حمام الفندق وبشرتها تلمع فساد صمت قصير لكنه خرقه بعد لحظات :"أتشعرين بتحسن؟"
ـ نعم شكراً
وشعرت فجأة بالخجل أمامه:"يمكنك أن تستحم إذا أردت"
ـ سأدخل بعد قليل.هذا سرير مريح جداً يجب أن تجربيه
ترددت فيبى.كل ذرة فيها كانت تنبئها بأن الجلوس جنبه لن يؤدى سوى إلى المتاعب ولكن الوقت مازال باكراً للنزول إلى العشاء ثم هى ستجلس فقط على السري وليس داخله , وشتان بين الآمرين فما العيب فى ذلك؟
صعدت إلى جانبه وحاولت ألا تقترب كثيراً منه. كان السرير كبيراً جداً وكما قل جيب مريحاً أيضاً.فاستندت فيبى إلى الخلف متنهدة . بعد كل ضغوطات النهار كان ن الجيد أن تسترخى قليلاً
ـ لطالما أردت أن أنام فى سرير كهذا
خرق جيب الصمت بقوله هذا فأجفلت فيبى بعد أن كانت على وشك أن تغفو.كان صعباً عليها أن تفكر فيما سيحدث الليلة من دون أن تشغل بالها بمسألة النوم فى الغرفة نفسها مع جيب
ـ آمل ألا تكون تنوى النوم هنا الليلة!
ـ وأين سأنام؟هذه الأرض مصنوعة من الحجارة
نظرت فيبى فى أنحاء الغرفة بحثاً عن مكان مرريح قد يمضى فيه الليل فلم تجد سوى الأريكة وتنهدت فى سرها ظنت أن فكرة الزواج فى قصر بدت رومانسية لـ بي و ليزا ولكن الآن وقد رأت هذا فكرت فى أن غرفة فندق بسريرين أنسب بكثير
ـ ألا تظن أن النوم فى سرير واحد أمر حميم جداً بالنسبة إلى شخصين لم....؟
فابتسم جيب قائلاً:"لن أنسى أنك ربة عملى . إن كان هذا ما يقلقك"
ـ أنظروا من يتكلم!الشخص الذى نسى طيلة النهار أننى ربة عمله وبقى رافضاً أخذ المسأة على محمل الجد
ـ آه , أنت تبالغين
ـ أتفقنا على أن نتقيد بالقصة الأصلية وتبسيطها قدر الأمكان. أتذكر؟الأدعاء بإنك رئيس مصرف عالمى لم يكن واداً فى القصة الأساسية
نظر إليها جيب متسائلاً إن كان لديها أى فكرة عن مدى روعتها بشعرها الداكن وعينيها الخضراوين المشعتين غضباً
ـ لقد تقيدت بالمهم وهو اننى مغرم بك.لا شئ أبسط من ذلك. وقد نجحت,لا؟
أخفضت فيبى عينيها أولاً.لم تستطيع أن تنكر بإنه كان مقنعاً جداً إنه حتماً ممثل بارع أكثر منها
ـ بلى
ـ إننى أحاول القيان بمهمتى على أكمل وجه ولو كنتِ ربة عمل محبة لما فكرتى حتى بتركى أنام على الأض...ثم هذا السرير يتسع لعائلة من ستة أفراد على الأقل. كما يمكننا أن نضع الوسائد بيننا إذا كنت تخشين أن أقترب منك
ـ إياك أن تجرؤ على ذلك!
ـ ماذا قررت ؟ أعرف أن ذلك لن يعنى شيئاً.لم أنس البند الأول من اتفاقنا
سئمت فيبى من الجدال وقالت له :"حسناً ولكن لا أريد سماع المزيد من التفاهات الليلة,وإلا ستنام على الأرض فى نهاية المطاف ولا يهمنى إذا كانت باردة أم لا"
لم يكن امامهما سوى ساعتين قبل أن ينزلا للعشاء ولكن فيبىوجدت الوقت طويلاً جداً لا لأنه قال ما أزعجها إنما لأنها كلما أغمضت عينيها رأت ابتسامته تتراقص خلف جفنيها وعندما تفتحهما تنسلأن ناحيته رغماً عنها
فى الواقع ارتاحت كثيراً عندما ذهب جيب ليستحم فاستغلت الفرصة لتخرج من السرير وترتدى الفستان الذى ابتاعته خصيصاً لهذه الأمسية.كان بسيطاً جداً ضيقاً وذال ون أخضر يبرز لون عينيها الخضراوين
كانت فيبى مترددة بشأن ارتدائه ولكن كايت وبيللا أقنعتاها وقالتا لها أن ما من أحد سيصدق أنها محطمة القلب إذا ما ارتدته فهو يعكس صورة امرأة تسيطر على حياتها
أنفتح باب الحمام وخرج جيب واضعاً منشفة على وسطه وعندما رآها راح يصفر فاستدارت بسرعة مخطوفة النفاس إذ فتنتها عضلاته المفتولة واسمرار جسمه.عادت تنظر إلى المرآة وتسرح شعرها
قالت له و قد أرعبها ارتجاف صوتها :"آمل أنك لا تفكر بالذهاب هكذا"
تأمل جيب بدلته الرسمية دون حماس :"يا ليتنى أستطيع!أظننى سأرتدى هذه مجدداً.ليس لدى أى شئ آخر أرتديه . وقبل ان تقولى شيئاً نعم أعرف إنها غلطتى. لا أحب ارتداء البذلات.لا أطيق ربطاة العنق "
ـ غريب أنك لست معتاداً على ارتدائها فى حين أنك تدير مصرفاً.
قالت فيبى ذلك لاجئة إلى السخرية لتلهى نفسها عن التحديق فيه
رمقها بنظرة سريعة وابتسامة مشرقة قائلاً:"ربما مصرفى مختلف عن باقى المصارف وليس من الضرورى أن يرتدى فيه المرء بذلة يبدو فيها كالدمية طول النهار"
تمتمت من بين أسنانها إذ كان تضع الدبابيس فى فمها وهى تثبت شعرها :"ألا تريد لموظيفيك أن يبدو محترفين؟"
ـ مصرفى يُعنى بقدرات الموظف ومؤهلاته وليس بشكله
فأجابته بسخرية :"أجل.يا له من مصرف ناجح!والآن أرجوك هلا أبتعدت الليلة عن موضوع المصرف؟لا أريد أن تفشل الآن بعد أن وصلنا إلى هنا سأقدر جداً لو تذكرت ما جئت إلى هنا لتفعله "
ـ لأظهر للجميع كم أنا مغرم بك؟
قالت : "نعم" من دون أن تتمكن من النظر مباشرة فى عينيه وألهت نفسها تتأمل العقد الذى أصرت بيللا على أن تعيرها إياه
ـ لن يكون ذلك صعباً الليلة نظراً لما ترتدينه.تبدين رائعة للغاية
أجفلت فيبى واشتبكت نظرتها بعينيه فى المرآة.كان يبتسم وربما يمزح ولكن نبرة صوته جعلتها فجأة تشعر بقوة حضوره
أشاحت بنظرها قائلة :"لا حاجة بك للادعاء منذ الآن.لا أحد هنا"
ـ أعلم
تبخر الهواء فجأة فى رئتى فيبى فانصرفت تبحث عن العقد فى الدرج لتزيل وطأة الصمت وشعرت براحة لا توصف عدما عاد جيب إلى الحمام ليخرج منه مرتدياً سرواله وقميصه ثم راح يربط ربطة العنق
الحميمية التى أضفتها عملية ارتداء الملابس أثارت توتر فيبى فحاولت ان تضع عقد بيللا المذهل حول عنقها ولكن وجود جيب لم يفعل سوى أن زاد ارتجاف أصابعها
وإذ رآها جيب تتصارع مع العقد عرض عليها قائلاًَ :"دعينى أضعه لك"
كان من الغباء ان ترفض فأحنت رأسها فى حين دنا جيب منها وأراح شعرها جانباً . لمسة أصابعه عن عنقها أرسلت رجفة فى كيانها بأسره فوقفت جامدة مكانها وهو يضع لها العقد
وبدلاً م أن يتراجع عندما أنهى مهمته ترك جيب يديه تستريحان على كتفيها فرفعت فيبى رأسها ببطء واشتبكت نظراتهما فى المرآة كانت العينان الزرقاوان متسمتين بالتعبير نفسه عندما عانقها فى السيارة وبدأ قلبها يقفز فى صدرها
بللت شفتيها بجهد بالغ للتكلم لكنها لم تستطيع فأجلت صوتها وحاولت مجدداً :"من الأفضل أن نستعد وإلا تأخرنا"
أنزل جيب يديه عنها وتراجع إلى الخلف :"لا , لا نريد هذا.قد يظن الجميع أن شخصين مغرمين مثلاً لديهما أمور كثيرة يقومان بها لوحدهما ولن يخطر لهم أننا نرتدى ملابسنا ونمضى أمسيتنا بالكلام"
ـ كان ذلك جزءاً من الاتفاقية
ـ آهـ,نعم الاتفاقية.يجب ألا ننسى ذلكاجتازا الفناء صامتين واتجها نحو القاعة الرئيسية كانت فيبى تشعر بوجود جيب خلفها مباشرة وكانت معدتها متشنجة بسبب شعورها بوجوده يضغط على أعصابها ولم يعجب ذلك فيبى إطلاقاً
توزع المدعون على خمس موائد مستديرة. وكان جيب و فيبى جالسين مع لارا التى أمضت وقتها تتذمر من والديها وعدم موافقتهما غير المبررة على صديقها الأخير
أسرت لارا إليهما قائلة:"لديه فرقة موسيقية خاصة به.لقد أتى أحد المتخصصين فى الموسيقى ليستمع إلى أحد لأعمالهم وهو يظن أن لديهم مستقبل باهراً.سيذهبون قريباً إلى لندن ليسجلوا أسطوانة ولكن هذا لا يرضى أمى وأبى.إنهما تقليديان جداً لا يحتملان طريقة عيش جاد.لا يفهمان أنه فنان وانه يختنق فى المحيط العادى لهذا السبب لم تصله دعوة إلى الزفاف رغم أننا نخرج معاً منذ أسابيع.يريداننى أن أجد شخص مثل جيب لديه عمل جيد"
نظرت فيبى إلى جيب رغماً عنها فقال مستزاً:"يسعدن ان اعرف ان هناك من يقدر جهودى"
لم تلاحظ لارا السخرية فى كلامه فقالت له:"آه يظنان انك رائع وأمى تود دعوتك لقضاء عطلة نهاية الأسبوع لكى تتمكن من استجوابك كما يجب.من الأفضل ان تستعدى فيبى فأمى ستخرج كل البومات الصور وتخبر جيب عن المرة التى خلعت فيها سروالك الداخلى وسط الحفلة"
ـ كنت فى الثالثة من عمرى
قالت لارا:"على الأقل لن يرى جاد هذا.كان عليك أن تكون شخص ثائراً يا جيب ففى هذه الحالة ما كانا ليفكرا بدعوتك"
وتنهدت فيبى فى داخلها يا إلهى! كان عليها أن تتوقع أن أمها ستبدأ بالتخطيط للقاءات عائلية حميمة والآن عليها أن تختلق الأعذار لتبرر رفض الدعوة إلى عطلة نهاية الأسبوع إلى أن يتسنى الوقت الكافى لعلاقتهما المزعومة كى تنتهى
ولكن كيف عساها تفكر وجيب جالس إلى جانبها ؟كانت واعية إلى كل حركة يقوم بها إلى كل نظرة يرمقها بها إلى كل ابتسامة يبادرها بها.
لم تستطيع أن تأكل شيئاً فراحت تعبث بطعامها وهى تحاول أن تعرف ما إذا كانت تتوق لكى تنتهى هذه الأمسية أو تخشى ذلك لأنها ستكون معه بمفردها مجدداً.
عليها أن تكف عن التفكير بـ جيب لو كانت كايت وبيللا هنا لقالتا لها حتماً إنها تحول مشاعرها من بين إلى جيب لأنه فى متناول يدها
وحاولت أن تقنع نفسها بأن جيب ليس سوى بديل بين .كل ما عليها فعله هو التركيز على بين فيهدأ نبضها قليلاً وتنحل العقدة فى معدتها
منتديات ليلاس
كان من الصعب عليها أن تفكر فى بين وهو بعيد عن ظرها ولكن ما أن عزفت الموسيقى وتزجه العروسان إلى حلبة الرقص وسط إعجاب الجميع وتنهداتهم حتى تسنت الفرصة لـ فيبى فأدارت كرسيها كما فعل الكثيرون لتتمكن من رؤية منتديات ليلاسبين وليزا عن كثب بدا مكتفياً راضياً.ليس الرجل الأكثر إثارة فى العالم لكنه راضٍ
من أين جاءتها تلك الفكرة؟لم تفكر يوماً من قبل أن بين فاتر أو ممل لذا ما من سبب لتبدأ بذلك الآن لمجرد أنه مختلف عن جيب ذى العينين الزرقاوين اللامعتين والضحكة المثيرة للاضطراب والقدرة على إثارة غضبها وضحكها فى الوقت نفسه
أدارت ظهرها له عمداً وصبت انتباهها على بين وبعد لحظات نهض جيب وذهب ليحدث والديها فى حين كانت فيبى لا تزال تحدق بحلبة الرقص ولكنها على ما يبدو كانت واعية لكل حركة قام بها جيب
لم تكن بحاجة إلى النظر إليه لتعرف أن وجهه يضئ ضحكاً وإشراقاً وأنه يؤشر بيديه وهو يتكلم
جاءت امها لتأخذ كرسى جيب الشاغر وقالت له مؤنبة:
ـ فيبى . ماذا تظنين نفسك فاعلة؟
من الجهة الأخرى من القاعة رأى جيب فيبى تتصلب وترفع ذقنها متحدية.لم يعرف ما كانت أمها تقوله لها ولكن من الواضح أنهما كانتا تتجادلان فقد أحمر وجه فيبى ولمع بريق خطير فى عينيها.
استأذن ونهض من مكانه ثم توجه إلى فيبى ومد لها يده :"هيا يا فيبى لنرقص"
نهضت فيبى من دون أن تنبس بنبت شفة.تركته يأخذها بين ذراعيه مستغلة الظرف لتخفى وجهها فى كتفه وشعرت فجأة أنها ترتجف . كان جيب يحتضنها بشدة وبشكل مريح مثير للاضطراب فى آن . كانت تشعر بقوة جسده وبرائحة بشرته الرجوليه
أحس جيب بارتجافها لابد من رؤية بين يراقص عروسه الجديدة أزعجتها كثيراً ولم يساعدها حتماً ما قالته لها أمها لقد دعاها إلى الرقص ليساعدها على النسيان لكنه لم يفكر كم أن هذا سيكون صعباً عليه هو.كانت دافئة رقيقة بين ذراعيه واستطاع أن يشم عطرها ويشعر بأنفاسها الدافئة و رفرفة أهدابها على كتفه وشعرها الحريرى تحت ذقنه
وذكر نفسه بأنه عليه أن يكون صديقاً ليس إلا فهذا ما تحتاجه فيبى الآن ومن الأجدر به أن يفكر كم أنها تتألم بدلاً من التفكير فى رغبته بالأنفراد بها لينسيها كل شئ عن بين ويجعلها تبتسم مجدداً
فى هذه الأثناء هى تريده أن يستمر فى ادعائه وهذه حجة ليجذبها أكثر إليه
كل ذلك جزء من التمثيل فى النهاية.فلو كان عاشقاً فعلاً لما رغب بتركها عندما تتوقف الموسيقى ولما أراد أن يعود بها إلى المائدة ليتشرك بها مع الجميع إنما لأخذها فى نزهة ليلية وعانقها فى الظلام
و من دون تفكير وجد نفسه يراقص فيبى متجهاً إلى الشرفة.لم تقاومه ولكن عندما توقفا أخيراً فى الظلام تراجعت قليلاً لتنظر إليه بعينيها الداكنتين نظراً لشحوب وجهها
ابتسمت قائلة :"شكراً لأنك انقذتنى. أنا وأمى كنا على وشك أن نتشاجر"
ـ ما الذى كانت تقوله لك؟
ـ جاءت تؤنبنى لأننى أتجاهلك
أخفت الظلال احمراروجنتى فيبى وهى تتذكر ما قالته لها أمها.
كانت الوالدة غاضبة جداً لأنها ظنت ان أبنتها تتحسر على بين أمام الجميع.قالت لها:" لقد قلت لنا إنك أنتهيت من بين وإنك مغرمة بـ جيب ولكن لا يبدو الأمر كذلك يبدو أنك تستعملين جيب لتعودى إلى بين.هذا ليس عدلاً فيبى.ليس عدلاً بالنسبة إلى بين ولا بالنسبة إلى جيب"
لم تستطيع فيبى أن تشرح لها أن مراقبة بين لم تكن سوى طريقة تتجنب فيها النظر إلى جيب
قالت فيبى لـ جيب :"ظنت أمى أننا تشاجرنا. وهة تخشى أن أخسرك بسبب عنادى"
ـ هل أقول لها إننى أحبك هكذا؟
أشرقت ابتسامتها فى النور الخافت :"لست واثقة من أنها ستصدقك. فى عالم أمى النساء رقيقات خاضعات يوافقن على كل ما يقوله أزواجهن
ـ يا له من عالم !
ـ أجل
صمتت فيبى قليلاً ثم قالت:"أدين لك بإعتذار"
ـ لماذا؟
ـ بعد كل ما قلته لك وإلحاحى عليك بالتقيد بالقصة . أنا من أثارت شكوك أمى.هى تظن أننى أستغلك وإننى مازلت مغرمة بـ بين
وفكر جيب فى أن شيلا لاين ليست غبية ولابد إنها تعرف أبنتها أكثر من أى شخص آخر.فإذا ظنت أن فيبى لا تزال مغرمة بـ بين فلعل ذلك صحيح.
ـ من المستحسن أن نقنعها بإن ذلك غير صحيح. ماذا تريدين ان نفعل؟أنرقص مجدداً؟
نظرت فيبى إليه مجدداً ثم أشاحت بنظرها بعيداً.هذه فرصتها!
ـ لا
قالت هذا ثم أخذت نفساً عميقاً قبل أن تتابع:"أريدك ان تعانقنى...إذا كنت لا تمانع"
نظر جيب إليها بابتسامة ملتوية:"طبعاً...إذا كان هذا ما تريدينه"
لم يبدو متحمساً تماماً للفكرة بالنسبة إلى فيبى فغاص قلبها . بدت لها الفكرة منطقية عندما فكرت فيها فيبى أول مرة . ما الجدوى من التفكير بعناق ذلك الصباح فى حين أن بإمكانها أن تعانقه مجدداً؟هذه المرة ستكون مختلفة على الأقل ستهدأ أمها....فالأمر ليس أنها تريد معانقته إنما هذا جزء من التمثيلية. قالت بشكل دفاعى:"لا أريد إرغامك.يمكنك أن ترفض طبعاً إذا كنت لا تريد ذلك"
هز كتفيه :"ما من مشكلة فأنا أتقاضى المال لقاء ذلك أتذكرين؟"
إنها طريقة ممتازة لتجريد الأمور من الرومانسية
تمنت فيبى لو أنها لم تندأ بهذا من الأصل ولكن الأوان كان قد فات على التأخر الآن. وطالما أن جيب ذكرها ببرودة أنها تدفع له لقاء ذلك فلم لا تطلب منه أن يعانقها؟
سألها جيب قاطعاً عليها أفكارها :"هل نعود إلى هناك كى ترانا أمك بشكل أفضل؟"
ومن دون ان ينتظر ردها قادها من خصرها كالريشة بين يديه إلى أن وصلا إلى حافة باب الشرفة حيث بديا وكأنهما يقصدان الأختباء فى الظلام
رغم توقعها ما سيحصل أحست فيبى بجسمها يرتعش عندما شدها جيب إليه وراح قلبها يخفق بقوة آلمتها. وكانت الأثارة التى شعرت بها أفقدتها السيطرة على نفسها فقالت متلعثمة من دون ان تتحرك من بين ذراعيه:"ربما هذه ليست فكرة جيدة"
جذبها جيب إليه أكثر وقال بصوت غريب:"بل أظنها ممتازة"
وعندما دنا منها وعانقها بكل قوته تبدد تردد فيبى فى لحظة
كانت يداه دافئتين بدا خبير مع النساء لكن هذا التفكير ليس فى مكانه,كل ما يهمها الآن أنها بين ذراعيه تبادله العناق مستمتعة بمشاعرها بين ذراعيه . طوقت عنقه بكلتا يديها ودفنت وجهها فى كتفه سكرى بهذا الشعور.كم هذا رائع!ولكن فيبى أستجمعت شتات نفسها أخيراً وأستطاعت أن تنزل ذراعيها عن عنقه مبتعدة عنه وأخذت نفساً عميقاً قائلة:"أظن أن هذا العناق سيوهمهم بحبنا ويفى بالغرض"
* * *
|