ساد الصمت لحظة ثم نظرت كايت إلى بيللا نظرة احترام
ـ هذه فكرة لامعة بيللا
لكن فيبى لم تتأثر كثيراً بالفكرة :"لا أرى كيف يمكن لحبيب وهمى ان يفيدنى مهما كان مذهلاً"
ـ المسألة هى انه لا يجب أن يبدو وهمياً. كل ما عليك فعله هو استخدام شاب يدعى بأنه حبيبك المزعوم
حدقت فيبى بـ بيللا مصعوقة :"أنت تمزحين ! لا يمكننى فعل ذلك"
ـ أنا لا أقثترح أن تختارى شاباً غبياً . لست أول امرأة تحتاج إلى شاب فى ظرف كهذا.لابد ان هناك وكالات مشهورة تؤمن أشخاصاً جيدين معتادين على الأعراس و وجبات العشاء الرسمية
أضافت كايت متحمسة :"بما أنك تدفعين له يمكنك أن تجعليه يقول كل ما تريدينه . أختاريه وسيماً وأدعى أنه ناجح وثرى أيضاً . يمكنك ان تخبرى الجميع بأنه يعشقك ويطلب منك الزواج كل يوم ولكنك ليست واثقة من أنه الشخص المناسب الذى تريدينه لذا فأنك تجعلينه ينتظر"
ـ ولماذا أفعل هذا؟
ـ لكى يحسدك الجميع طبعاً أقله النساء الأخريات وإذا ما التقاك أحدهم فى وقت لاحق وسألك عما لحق به يمكنك أن تقولى إنك سئمت من مغازلته الدائمة
لم تستطيع فيبى أن تمنع نفسها عن الضحك:"لا أتخيل نفسى أقول هذا لأمى"
تدخلت بيللا معيدة الأمور إلى نصبها :"كايت تعقد الأمور . كل ما أنت بحاجة إليه هو شاب جذاب وبهى الطلعة لكى يحسدك الجميع عليه بدلاً من أن يشفقوا عليك أو يغطوا عيون أزواجهم كلما أقتربت منهم!"
أخذت فيبى تتصور ما سيكون عليه الوضع لو ذهبت إلى زفاف بين متأبطة ذراع رجل جذاباً ويبدو ثرياً.وكان عليها أن تقر بأن لتلك الفكرة حسناتها . فأولاً سوف ترتاح أمها و بينيلوبى وتستمتعان بالزفاف كما سيسهل عليها مواجهة بين و ليزا
ـ لست واثقة من أن بإمكانى القيام بذلك
فأجابت بيللا منتفضة من مكانها :"بل يمكنك ذلك . اولاً عليك أن تلمحى لأمك بأنك التقيت أحداً مميزاً فى حين نتدبر لك شاباً تلقنه دوره"
ـ لست أدرى....
قالت فيبى ذلك وقد أخافها حماس بيللا وكايت لطالما كانتا تدفعانها للقيام ببعض الأمور ومن ثم ترفعان يديهما مستسلمتين عندما يتبين أن ما فلتاه كان خطأ فادحاً . ولون الحمام الزهرى خير مثال على ذلك.ثم قالت بيللا :"يمكننا أن ننظر فى دليل الصفحات الصفراء . ولكن أين هو على أى حال؟"
وبدأت تبحث عن الدليل بين الأوراق والكتب المكدسة على الطاولة :"أنا واثقة من أننى رأيته هنا . يا إلهى! علينا أن نرتب المكان قريباً لا يمكننى إيجاد شئ . آهـ ها هو قفازى الضائع !"
وحملته منتصرة ثم رمته ناحية الأريكة فوقع خلفها مختلفاً مجدداً
ـ وجدته !
هتفت بيللا وقد عثرت على الدليل تحت كومة من الأوراق . لكن كايت قالت ببطء :"انتظرى لدى فكرة أفضل"
نظرت إليها بيللا متشككة :"لا تقولى لى قصة أخرى من نسيج خيالك؟"
ـ لا,لا.الأمر بسيط وبغاية الوضوح .لست أدرى كيف أن أياً منكما لم تفكر بذلك . لَمِ اللجوء إلى وكالة إذا كان المرشح الأفضل يعيش هنا فى المنزل ؟
ـ من؟
ـ جيب طبعاً
واستندت كايت إلى الخلف سعيدة بفكرتها اللامعة
ـ جيب ؟
حدقت الفتاتان الآخريان بـ فيبى التى بدت مصعوقة وهى تقول :
ـ لن أطلب ذلك من جيب !
ـ ولِمَ لا ؟عليك أن تعترفى انه جذاب جداً
لطنها أعترضت قائلة :"ليس كثيراً"
لم تستطيع كايت ان تصدق أذنيها :"بربك يا فيبى ! إنه رائع وأنت تعلمين ذلك!"
ـ إنه معتد جداً بنفسه ثم لابد أنه يضع عدسات لاصقة . لا أحد يتمتع بعينين بمثل هذه الزرقة!
أجابتها كايت:"لا تكونى سخيفة! بالطبع عيناه طبيعيتان.ثم لابد أنك تجدينه جذاباً إذا كان عيبه الوحيد بالنسبة إليك هو زرقة عينيه !"
ـ لا انكر أنه بهى الطلعة ولكننى أظن أنه لكان أكثر وسامة لو لم يكن يعرف ذلك.
هزت كايت رأسها :"لا أعرف لماذا لا يروقك . أظن أنه رائع . إنه ممتع وسهل المعشر ولا ينزعج من الفوضى التى نحدثها فى المنزل ولا يصر على أن يصحح لك عندما تقولين إن تلك المنطقة تبعد حوالى 500 ميل فى حين أنه يعرف أنها تبعد 497 ميلاً"
ـ ألا تظنين أن هذا مبالغ فيه ؟ إنه مثالى جداً بالنسبة لى . لماذا ليس لديه حبيبة مادام رائعاً إلى هذا الحد؟
ـ ربما مخنث
ـ حتماً لا !
قالت فيبى ذلك وقد بدا لها أن جيب يغازل جميع النساء وهذا أشبه بالتنفس بالنسبة إليه , ولكنه طبعاً لم يجرؤ على ذلك معها .
قالت فيبى :"أفضله مخنثاً"
لكن كايت تدخلت :"لا أظنه كذلك . ربما قلبه محطم مثلنا"
لكن فيبى لم تقتنع بذلك :"إنه ماهر إذاً فى أخفاء الأمر . فهو دائماً يبتسم حتى عندما لا يبتسم"
طرفت الفتاة بعينيها :"ماذا؟"
ـ تعلمان.....
فات الأوان. لقد سمعت لهجتها
ـ لا
ـ بلى . تشعران دائماً بأنه يهزأ.
ـ فيبى هذا أسمه حس الفكاهة .
قالت بيللا ذلك وكأنها تشرح لطفل صغير :"لو كان الرجال جميعاً مثل جيب لكانت الحياة أسهل بكثير !"
بدأت فيبى تصاب باليأس إذ يبدو أن صديقتيها تعجزان عن فهم مدى العصبية التى يجعلها جيب تشعر بها .
راحت تنقر على ذراع الكرسى محاولة إيجاد الكلمات المناسبة للشرح:"إنه غامض حول كل شئ. نحن لا نعرف شيئاً عنه.صح؟ أعنى ما الذى يفعله طيلة النهار؟ يتحدث عن مشاريع مبهمة وبالنسبة لى أرى انه يمضى وقته كله بالتسكع هنا"
قالت كايت بصوت منطقى :"حسناً ! لديه حاسوب وهاتف نقال.وعلى الأرجح يمكنه ان يعمل من هنا من دون أن يذهب إلى المكتب"
ـ لا يبدو لى أنه يعمل . لم ألتق يوماً رجلاً بمثل كسله!
ـ إنه مسترخ . وهذه علامة جيدة
ـ لا يحق لأحد أن يكون على هذا القدر من الاسترخاء .
قاطعتها بيللا لافتة الانتباه بالمعلقة التى راحت تنقرها على كوبها :
ـ ألن ننتهى من هذا الجدل ؟ قولى ما شئت يا فيبى ولكن الواقع أن كايت محقة . جيب سيكون ممتازاً . هو وسيم وواثق من نفسه والأفضل من ذلك أنه يسكن هنا فإذا اتصلت أمك أو أى شخص آخر ورد هو على الهاتف سيزداد المتصل قناعة بعلاقتكما !
ـ ربما ولكن....
ـ أنا واثقة من أنه مستعد لمساعدتك
قالت كايت ذلك قبل أن يتسنى لـ فيبى أن تفكر بمزيد من الاعترضات ثم تابعت قائلة :"يمكنك أن تعرضى المال عليه إن كان هذا ما تريدينه . أظنها طريقة تساعده من دون أن تجرح كبرياءه"
ـ آهـ أجل ! نحن نقلق على كبرياء جيب . ماذا عن كبريائى أنا؟
ـ فكرى بالمر على انه عقد عمل وهو كذلك فى مطلق الأحوال .
كنتِ جاهزة للذهاب إلى وكالة ومن يدرى أى نوع من الرجال المهووسين كان يمكن أن تقعى عليه. على الأقل جيب خيار أفضل!
فتفحت فيبى فمها لتقول إنها لم تكن أبداً مستعدة للذهاب إلى أى وكالة لكن باب الأمامى أنفتح فتوقفت عن الكلام
ابتسمت بيللا وكأنها ربحت لتوها :"ها هو جيب . يمكنك أن تسأليه يا فيبى"
ما هى إلا لحظات حتى دخل جيب المطبخ بنشاطه وحيويته المعتادة وكأن ريحاً نفخت فى المكان وكالعادة وجدت فيبى نفسها عاجزة أمام تأثير أبتسامته.
ـ مرحباً يا فتيات. لقد أحضرت مزيداً من العصير.
عندئذٍ همست كايت فى أذن فيبى :"أرأيت!كيف تقولين إنه ليس رائعاً؟"
تظاهرت فيبى بأنها لم تسمع . لن تسمح لـ كايت و بيللا بأن يجرّاها إلى هذه الفكرة السخيفة ! لا ضير من الذهاب إلى زفاف بين بمفردها !
لكن بيللا قالت :"جيب كنا نتكلم عنك لتوّنا "
ـ حقاً؟
واستدار جيب ناحيتهن بعد أن كان يضع المرطبات فى البراد
ـ فيبى تريد أن تطلب منك شيئاً
حدقت فيبى بصديقتها محذرة :"بيللا !"
ـ إسمعى فيبى .لم تكفى عن القول إنك خائفة من الذهاب إلى ذلك الزفاف. وكنت خائفة على كبريائك.إليك طريقة تحافظ على كبريائك ما السوء فى طلب ذلك من جيب؟
أخذ جيب ينقل نظراته من فتاة إلى أخرى:"طلب ماذا؟"
ـ هيا يا كايت لنترك فيبى تسأله بمفردها
قالت بيللا ذلك ونهضت من مكانها :"سندعكما وحدكما بعد ذلك يمكن لـ فيبى أن تقول أن الذنب ذنبنا نحن"
رفع جيب بتسلية ثم رمق فيبى بنظرة متسائلة فرفعت ذقنها :"لن أطلب منك شيئاً "
قالت ذلك بشجاعة ولكن كايت و بيللا كانتا قد اختفتا ولم تستطيع اللحاق بهما لأن جيب كان يقف أمام الباب وعيناه الزرقاوان تشعان بضحكة مثيرة للاضطراب
ـ نعم
نظرت إليه فيبى :"نعم ماذا؟"
ـ نعم .سأفعل ما تطلبينه منى
ـ لكنك لا تعرف ما سأطلبه
ـ هل هو أمر غير قانونى؟
ـ قطعاً لا !
ـ غير أخلاقى؟
ـ لا
هز جيب كتفيه:"ولماذا أرفض إذاً؟"
أدركت فيبى بأسى أنه أستدرجها لتتكلم عن فكرة كايت و بيلللا , الأمر الذى لم تشأ فعله! ولكنها لا يمكن أن ترحل فى وسط الحديث .
ـ لأنه محرج
ـ لك أم لى ؟
ـ لكلينا
ـ يبدو الأمر ممتعاً !
اقترب جيب ناحيتها فوجدت فيبى نفسها تستند إلى الخلف مجدداً فى كرسيها .
جلس على ذراع الكنبة وقال لها مشجعاً :"هيا بعد أن أخبرتنى هذا عليك أن تكملى!"
لم يكن قريباً جداً منها ولكنها كانت تشعر به فى كل ذرة من كيانها وتمنت لو أنه يعود إلى حيث كان بجانب البراد . لو أنه منتديات ليلاس ليس على هذا القدر من.....السيطرة!
قالت متمتمة :"كانت فكرة سخيفة "
ـ أفضل الأفكار أسخفها فى البداية. لو كانت جيدة لفكر فيها أحد من قبل.
ـ لكن هذه سخيفة فعلاً
ـ لم لا تدعينى أحكم بنفسى؟
أشاحت فيبى بنظرها عن عينيه الزرقاوين الدافئتين وحدقت ناحية الفوضى المتكدسة على الطاولة ثم قالت مستسلمة :"حسناً أنا بحاجة إلى حبيب"
ساد صمت قصير ثم قال:"فى هذه الحالة يسرنى أننى قلت نعم"
أحمر لون وجنتيها مع أنها لم تكن تنظر إليه
ـ ليس حبيباً حقيقياً ! لا تكن سخيفاً
ـ حـسـنـاً
ـ الأمر أن....
تلعثمت فيبى وهى تخبر جيب عن قصة زفاف بين ومحاولاتها لإسعاد جميع أفراد العائلة :"لذا كنا نتساءل...إنها فكرة كايت فأنا ما كنت لأفكر فى أمر كهذا...المر عائد إليك, طبعاً...يمكنك أن ترفض...ما من مشكلة...."
وتوقفت فجأة عن الكلام وقد ضاعت فى أفكارها ثم نظرت إلى جيب الذى كان يتأملها مبتسماً :"لقد سبق وقلت نعم زهرة منسية لذا لا مشكلة.ولكنى مازالت أجهل ما تريديننى أن أفعله,عدا عن ألا أكون حبيباً حقيقياً"
أخذت نفساً عميقاً وقالت :"حسناً...كنت أتساءل إن كان يُهمّك أن تجنى بعض المال . هذا كل شئ"
ارتفع حاجب جيب وهو يسألها :"أتعرضين علىّ عملاً؟"
ـ بدأ لنا أن الأمور ليست سهلة عليك فى الوقت الحاضر , وبالتالى أنا مستعدة لأدفع لك مقابل مرافقتك لى إلى الزفاف و...ادعائك...
ـ أننى مغرم بك!
أكمل الجملة عنها وابتسامة لعوب ترتسم على ثغره
ـ نــعـــم .
ها قد نطقت بالفكرة أخيراً ! وشعرت فجأة براحة غريبة . وربما كايت وبيللا على حق.يمكنه ببساطة أن يرفض وفى النهاية هى لم تفعل سوى عرض عمل عليه. أين الإحراج فى ذلك؟
ـ لم يسبق لأحد أن عرض على أمراً مماثلاً
ـ أنه مجرد عمل طبعاً.لكن لن يكون هناك أى...شئ آخر بيننا.
وشعرت بالاحمرار يغزو وجنتيها :"أدفع لك لتمثل , هذا كل شئ"
لم يجب جيب فوراً :"لست بحاجة لأن تدفعى لى.نحن صديقان أليس كذلك؟لو كان جوش مكانى الآن لما فكرت حتى بعرض المال عليه مقابل مساعدتك.صحيح؟"
كان ذلك صحيحاً تماماً وتمنت فيبى لو كان بإمكانها أن تطلب مساعدة جوش فهو لطيف وجدير بالثقة , لكن للأسف والدها يعرفان صداقته مع بيللا ولن يصدقا أنها تدخلت بينهما .
لم جيب مثل جوش . هو ليس هادئاً وليس أمناً أيضاً . لا يجعلها تشعر بالراحة كما يفعل جوش وهى لا تستطيع أن تعتبره صديقاً مثل جوش , مادامت أعصابها تتوتر ما أن يدخل الغرفة . الأصدقاء أشخاص يسترخى المرء ويتصرف بعفوية معهم وليسوا أشخاصاً يجعلونك تشعر بأن الأرض تتزعزع تحت قدميك
قالت بصرامة :"أفضل أن تعتبر المسألة صفقة عمل .بهذه الطريقة يمكننى أن أطلب منك القيام بأمور ما كنت لأطلبها منك لو أنك تسدينى خدمة"
ـ مثل ماذا؟
ـ مثل....
لم تشأ فيبى أن تناقش معه ما عساها تطلب منه لتقنع عائلتها بأنهما مغرمان:"لا أعرف تماماً ولكن هناك حتماً شئ ما.على أى حال سبق وطلبت الكثير عندما سألتك أن تتخلى عن يوم كامل لتمضيه فى زفاف يعج بأشخاص لا تعرفهم
ـ أعرفك أنت
أجابها بذلك غير عابى بخطورة الموقف
عليك أن تتعرف إلى أكثر بكثير قبل أن تتمكن من مواجهة أمى واستجواباتها
منتديات ليلاس
التوى فم جيب بابتسامة :"أتحرق شوقاً لهذا"
وساد صمت قصير راحت فيبى تفكر خلاله فى أن جيب يستطيع بكلمة واحدة أن يقلب الجو ويشحنه
أجلت حنجرتها وحاولت التكلم بلهجة عملية :"حسناً كما قلت أفضل أن تبقى علاقتنا مهنية . سأدفع لك مقابل وقتك وشرائك بذلة رسمية أو أى شئ آخر قد تحتاجه "
تردد جيب لحظة فآخر ما يريده هو أخذ المال من فيبى لكنه لاحظ أنها داست على كرامتها بطلب هذا منه وربما قبول المال منها سيحفظ كبرياءها.وقد يجد طريقة ليعيده لها فى وقت لاحق.
كانت هذه فرصة مثلى ليثبت لجميع المتشككين أمثال مالورى وجوش أنه صديق جيد.فيبى بحاجة إليه وهو لن يخذلها وإذا كانت مساعدته لها تعنى قضاء يوم كامل بجانبها فهذا وليد الصداقة ليس إلا.وإذا كان دوره يقضى بأن يلمسها ويعانقها فهذا ليس ذنبه أيضاً ولن يحق لـ جوش أن يدعى بإنه خرق بنود الرهان.
قال أخيراً :"حسناً إذا كان هذا ما تريدينه إذ رأى أنه من الأفضل أن يبدو أنه بحاجة إلى المال . على الأقل ستشعر بهذه الطريقة أنها تسديه خدمة أيضاً
ـ كم تنوين أن تدفعى لى؟
ـ حسناً , لا أعرف تماماً...أظننى سأتصل بإحدى الوكالات وأستعلم كم سيكلف أستخدام أحدهم .
قالت ذلك وقد شعرت بشئ من الخيبة فقد تبين أنه مهتم بالمال فى نهاية المطاف . لابد أنه بحاجة ماسة إليه.
ـ أتفقنا.
قال جيب ذلك ومد يده مصافحاً . نظرت إليه فيبى مترددة لكنها لم تجد سبباً لتشعر بدفء راحته وقوت قبضته.
أفلت جيب يدها بينما هى تفكر فى أن الأمر لم يكن سيئاً إلى هذا الحد
ـ قولى لى مجدداً ماذا تريدين منى فعله.؟
ـ سأخبر أمى أننى التقيت شاباً مميزاً
قالت فيبى ذلك وقد تفاجأت بالسهولة التى انفجرت فيها وراءه الفكرة مع أنها قررت منذ لحظات أنها لا تريد هذا المشروع من أساسه.
ـ حسب معرفتى بأمى سوف تتصل مباشرة بـ بينيلوبى والدة بين ويمكنك أن تراهن على أنك ستحصل على دعوة لحضور الزفاف خلال دقائق.
ترددت لحظة ثم قالت:"المشكلة هى أنه إذا اتصلت أمى وصادف لسبب ما أن أجبت أنت على الهاتف عليك أن تكون حاضراً للرد على استجواباتها. هل من مانع؟"
أجابها جيب مبتسماً :"لهذا السبب تدفعين أجرى"
كان على طريقته الواقعية فى الإجابة أن تطمئن فيبى ولكن تعامله مع الأمر على أنه وظيفة كان يزعجها بعض الشئ رغم إنها هى من أصر على هذا.
ـ نعم...حسناً...ثم هناك زفاف وهنا يبدأ الإدعاء الفعلى
ـ الإدعاء بأننى مغرم بك؟
ـ نعم وان تدعى أن لديك عملاً مهماً.فى النهاية إذا كان على أختلاق حبيب فليكن ناجحاً.
ـ آهـ ! قد تكون هذه مشكلة . من الجيد بالنسبة لك أن تحظى بحبيب ثرى وناجح زلكن أتظنين أن بإمكانى تجسيد هذه الصورة؟
حدقت فيبى به بنظرة متفحصة.كان جالساً على ذراع الكنبة مرتدياً بنطلون جينز وسترة جلدية فوق قميص أبيض يغطى صدره العريض وكانت عيناه الزرقاوان تتراقصان . بدا حيوياً مثيراً و....حسناً كايت....جذاباً لكنه لا يشبه رجال الأعمال.
التوت شفتاها وهى تتأمله قائلة :"ربما عليك أن تقص شعرك ثم إن البذلة ستحدث فرقاً أيضاً.من الأفضل أن تستأجر واحدة قبل الزفاف"
ـ سيكون زفافاً ضخماً إذاً؟
أجابت فيبى من دون حماس :"نعم.سيجرى الأحتفال فى قصر كبير تم تحويله إلى فندق ضخم"
ـ ألن يتزوجا فى الكنيسة؟
ـ لا ستجرى مراسم الزفاف فى القصر أيضاً . وسوف يبقى الأصدقاء المقربون للعشاء.إنها دعوة حميمة على حد قول أمى وقد حجزوا كافة غرف القصر للمناسبة .لذا على أن أمر فى هذا كله وأتناول الفطور فى اليوم التالى و كأن وحده لا يكفى.
رفع جيب حاجبيه مستفهماً :"ستمضى الليلة هناك؟"
ـ على ذلك ولكن يمكننا أختلاق عذر من أجلك.سأقول لهم إنه عليك العودة لأن لديك اجتماع عمل فى اليوم التالى.
ـ يوم الأحد؟
ـ جميع رجال الأعمال الناجحين مدمنون على العمل.لا أظن أن أحداً سيتفاجئ إن قلت إن لديك اجتماعاً فى عطلة نهاية الأسبوع.
ـ حسناً.أنحنى إذاً أمام معرفتك مثل هذه الأمور.و أى نوع من رجال الأعمال يُفترض بى أن أكون فى حال سأل أحد؟
ـ لم نصل بعد إلى هذه النقطة. ماذا تود أن تكون؟
ـ ربما...لست أدرى.....
و راح يحك ذقنه مفكراً :"ماذا عن الأعمال المصرفية؟"
بدت فيبى متشككة :"ألا تظن أن عليك أن تدعى شيئاً....أقل طموحاً من هذا؟"
ـ ماذا تقصدين؟ ألا تظنين أننى أبدو كمصرفى؟
ـ ليس تماماً
ـ يمكننى أن أرتدى بذلة وأنافس أفضل المصرفيين.
لكن فيبى لم تقتنع رغم طمأنته لها.فقالت :"لا أظنها فكرة جيدة,فـ بين يعمل لدى إحدى أكبر شركات الاستشارات المالية ومعظم المدعوين من عالم المصارف.وأنت تعرف كيف يبدأ الرجال بتقصى أحوال الآخرين.إذا قلت إنك تعمل فى هذا المجال فسيكون عليك أن تواجه أسئلة مثل :
لمن تعمل؟ وكم من الأرباح تجنى؟ وكم سيارة فيرارى تركن فى مرآبك؟ ماذا ستقول عندئذٍ"
ـ سأقول أننى اعمل فى مصرف أميركى اهدائى سأتدبر أمرى.
لم تكن فيبى واثقة جداً لكنها حدثت نفسها بأنه يمكنها فى أسوأ الأحوال أن تقول لأمها إنه تعرض لحالة حادة من التسمم الغذائى وتذهب بمفردها كما خططت
ـ متى موعد الزفاف؟
ـ خلال ثلاثة أسابيع
ـ جيد.لدى متسع من الوقت لأحضر دورى.
بدا مرتاحاً للأمر وكأن النساء يطلبن منه كل يوم أن يدعى أنه مغرم بهن. أما فيبى فكانت تقضم أصابعها متوترة فسألته والشكوك تتآكلها :"هل أنت واثق من أنك لا تمانع القيام بذلك؟"
ـ ولـَمِ أمانع ؟إنها فرصة لأكسب بعض المال وأشرب المرطبات على حساب شخص آخر.سيكون ذلك مسلياً
لم تكن هذه فكرة فيبى عن التسلية :"بصراحة أى شئ يبدو لى أكثر تسلية من هذا"
ـ إذاً لا تقومى بذلك
فكرت فيبى فى الذهاب بمفردها إلى الزفاف وكيف سيبدو الأمر لعائلتها ولـ بين ؟فقالت وقد عقدت العزم على ما تريد:"لا,أريد القيام بذلك.فسيفرح الجميع لو رأوا أننى وجدت شخصاً آخر"
ـ الجميع ما عداك أنت.
ـ لقد اعتدت على الحزن منذ رحيل بين
ـ مازالت مغرمة به؟
نظرت فيبى إلى الهرة المسترخية على الكنبة وهى تجيبه :"بين جزء من حياتى.لقد كبرنا معاً وخططت للزواج به منذ كنت فى الرابعة من عمرى.ولم أرغب بأحد سواه فى حياتى.أظننى اعتبرت أنه سيكون دائماً بجانبى والآن لا اعتاد على فكرة رحيله"
وارتجف صوتها رغماً عنها :"أعلم أن بين لم يشأ إيذائى ولكنى تقبلت واقع أنه يحب ليزا وليس أنا. والآن أريده ان يكون سعيداً.وغذا كان هذا يعنى أن أدعى بأننى مغرمة بشخص آخر فى زفافه فهذا ما سأفعله"
معظم النساء اللواتى عرفهن جيب كن سيستسلمن للغضب لو تبددت أحلامهن,ولكن ليس فيبى, أراد أن يقول لها كم يجدها شجاعة لكنه خشى أن يجرح مشاعرها لو عرفت أنه لاحظ حزنها.فوقف بدلاً من ذلك وقال:"إذا كان هذا ما تريدينه يسعدنى ان أساعدك ولن أخذلك"
فأجأها الصدق فى صوته على حين غرة فنظرت إليه ورأت عينيه الزرقاوين تنضحان دفئاً وتعاطفاً وكأنه رأى الدموع العالقة فى حنجرتها
ـ شـكـراً
ـ ما من مشكلة
تمتم شيئاً عن الاستحمام ثم غادر الغرفة تاركاً إياها بمفردها مع الهرة.
تبعت خطواته بنظراتها ثم سألت الهرة:"ما رأيك؟ من كان ليظن ان جيب حساس بهذا الشكل؟"
تثاءبت الهرة غير مكترثة بكلام فيبى.فأخذت هذه تعيد فى ذاكرتها الحديث الذى جرى بينها وبين جيب.لقد كان متفهماً بشكل مفاجئ.لم يسأل أى شئ عن انفصالها عن بين أو يهزأ من وضعها.
كانت كايت على حق عندما قالت إنه أفضل من يمكن أن يساعدها.
ونظرت فيبى على الهرة التى كانت تتمطى وتذكرت كيف ابتسم جيب وقال لها :"يسعدنى أننى قلت نعم"عندما قالت له إنها بحاجة إلى حبيب.
أرسلت الذكرى موجة ارتعاش فى ظهرها فوقفت فجأة عن كرسيها وقفزة الهرة أيضاً من مكانها متأملة بشئ من الطعام وتوجهت إلى طبقها الموضوع على الأرض ثم راحت تحدق بـ فيبى بعينين صفراوين مهددتين.
فهمت فيبى ما عليها فعله لئلا تتعرض للعض, ووضعت زهرة منسية فى طبق الهرة بعض الطعام وهى تفكر
كيف سيمون إمضاء نهار كامل مع جيب ؟ سخيف طبعاً حسناً لقد كان ألطف مما توقعت وأقل إزعاجاً من العادة ولكن هذا ليس سبباً لتنسى أن الاتفاق الذى أبرماه مهنى بحت.
وقالت فيبى للهرة :"لا تقلقى! لن أرتكب أى حماقة . من غير المحتمل ان أتورط مع جيب"
وكأن الهرة اعترضت على أى شئ
ثم أن جيب ليس من النوع الذى تقع فى حبه الفتيات الحساسات أمثالها . قد يكون ظريفاً لفترة وممتعاً أيضاً ولكنه فى النهاية سيمضى فى طريقه وهذا مؤلم . عندما فكرت فيبى فى الألم الذى سببه لها رحيل بين السنة الماضية عرفت أنها ليست مستعدة للمخاطرة مجدداً.وإذا كان لا بد لها من الوقوع فى الحب مرة أخرى فعليها أن تكون واثقة من أن علاقتهما ستدوم إلى الأبد وجيب ببساطة ليس من النوع الذى يدوم إلى الأبد.
ـ أنا ممتنة لمساعدته لى....ولكن هذا كل شئ.
* * * *