كاتب الموضوع :
جمره لم تحترق
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
14 ـ لا أستطيع الأنتظار
14 ـ
لا أستطيع الأنتظار
أحكم فيرغوس شد قبضته على يد كلويه حين شعر أنها تحاول انتزاعها.
لقد تطورت الأمور بسرعة وخرجت عن سيطرته.إن لم يستطع أن يفعل شيئاً لـ كلويه فعليه على الأقل أن يكون إلى جانبها حتى لو لم تشأ ذلك!
كانت تعابير وجه بينى مليئة بالحنان لكنها بدت مستلمة . وما لبثت أن ألحت على زوجها:"دايفيد؟"
تمنى فيرغوس لو أن الأمور لم تصل إلى هذا الحد.نظر إلى جده مؤنباً فهو يعلم أنه من أثار هذا الموضوع.من الواضح أن هذا الأخير قرر التدخل فى هذه المسألة منذ حديثهما بعد ظهر هذا اليوم . لطالما أحب فيرغوس جده وهو يكن له تقديراً كبيراً لكن فى هذه اللحظات بالذات رغب بأن يخنقه.
وقف بول هاملتون وتوجه إلى ابنته الكبرى :"لا أريدك أن تفعلى بينى"
ثم أخذها بين ذراعيه مؤكداً لها :"لا داعى لذلك عزيزتى ,صدقينى"
نظرت بينى إليه من دون خوف وقالت بلطف:"ناقشنا أنا و دايفيد الموضوع قبل مجيئنا إلى هنا الليلة . وقررنا أن من الأفضل توضيح الأمور جيداً وذلك لمصلحة الجميع"
ثم نظرت إلى بقية الجالسين :"ربما أن المعنيين بهذه المسألة موجودون هنا الليلة..."
قاطعها فيرغوس :"لا أظن أننى وجدى من ضمن هؤلاء الأشخاص"
لاحظ أن كلويه لا تزال مذهولة مما يجرى. لكنها بعد دقائق ستشعر بالصدمة فهو نفسه صُدم حين عرف الحقيقة.ابتسمت له بينى بكآبة وقالت:""أعتقد أنك معنى فيرغوس.أما بالنسبة إلى جدك فهو الشخص الذى ساعدنى على إدراك الأمور بصورتها الصحيحة.حين أتى لرؤيتى بعد الظهر , جعلنى أفهم أن على هذا الجنون ان يتوقف وأن الحقيقة مهما كانت مؤلمة يجب أن تقال"
تهدج صوت بينى وهى تتلفظ بكلماتها الأخيرة .
فوقف دايفيد على الفور واقترب من زوجته ثم قال بصوت أجش :"بينى...أرجوك لا تفعلى ذلك بنفسك . أنا الملام فى ذلك"
قالت بينى بقوة :"تفاهات . لو لم اكن منشغلة عنك...."
من المفاجئ أن جد فيرغوس هو من قاطعها هذه المرة :"بينى,زوجك على حق.ليس عليك أن تفعلى ذلك"
ثم التفت إلى كلويه والابتسامة تعلو وجهه:"الجميع هنا باستثناء كلويه على علم بما حدث منذ ثمانى سنوات ولا داعى لأن تتابعى تعذيب نفسك . لقد مررتما أنت ودايفيد يومها ببعض المشاكل وقد أدت تلك المشاكل لسوء الحظ إلى ابتعاد والدك عن مضمار السياسة وذلك بموافقة بيتر"
وتابع مؤكداً لها بحزم :"وهذا الجزء الأخير هو المهم الآن فقط"
شعر فيرغوس بازدياد توتر كلويه فقد أصبحت الآن تشد على يده.كان واثقاً من أنها لا تدرك مدى القوة التى تضغط بها التى تضغط بها على يده فهى لن تقبل لو أنها بكامل وعيها أن تظهر لأى شخص مدى الرعب الذى أصابها حين سمعت الحقيقة. دايفيد زوج بينى وصهر كلويه كان عشيق سوزان سترلينغ منذ ثمانى سنوات
لقد أصيب فيرغوس بالذهول أيضاً حين أتى دايفيد لرؤيته منذ عشر أيام وأخبره الحقيقة.ثم أضاف أنه سيلجأ إلى الصحافة ليعلن للجميع ما حدث مهما كانت العواقب ويضع بذلك حداً لكل ما قيل عن بول منذ ثمانى سنوات .
لقد عرف بول ما حدث منذ ثمانى سنوات وناقش الموضوع مع ابنته الكبرى وقرر تحمل اللوم ليخفف من عذابها . لقد مر زواج بينى ودايفيد منذ ثمانى سنوات بأزمة. حين اعترفت بينى لـ دايفيد بأنها تورطت بغباء فى علاقة مع رجل آخر أقام هو أيضاً علاقة مع امرأة أخرى.
فكر فيرغوس فى أنه كان ليفعل الشئ نفسه.لكن علاقة دايفيد القصيرة بـ سوزان سترلينغ جعلت تلك المرأة مهوسة به حتى بعد أن قطع علاقته بها,فأصبحت تلاحقه أينما ذهب وتتصل به فى المنزل وتهدده بإخبار بينى.ولكى يمنع دايفيد تلك المرأة من إخبار بينى قال لها إنه لا يريد أى علاقة بها وإنه من المستحيل أن يترك زوجته التى يحبها.عندئذ أخبرته سوزان أنها تنتظر مولوداً منه
التفتت كلويه إلى فيرغوس معاتبة:"كنت على علم بذلك؟"
ابتلع ريقه بصعوبة وقد ادرك أنها ستغضب منه لكن ما الذى كان بإمكانه أن يفعله منذ عشر أيام سوى احترام ثقة دايفيد به ؟ بعد أن فكر ملياً باعتراف دايفيد,وبعد زيارة كلويه له فى اليوم نفسه قرر أن يمنع الرجل من التوجه إلى الصحافة لإطلاعها على الحقيقة.فجاء لزيارة بول وأخبره بما ينوى دايفيد فعله يومها قطع وعداً بألا يخبر أحد بالأمر حتى كلويه . أجاب بهدوء :"نعم, كنت أعلم "
قالت بسخط :"كل هذا الوقت"
عشرة أيام لست بالوقت الطويل.لكن هذه الأيام بدت لـ فيرغوس كالحياة بأكملها فقد أخفى الحقيقة عن كلويه. وادرك من اللوم الذى بدا بوضوح فى تعابير وجهها أن هذه الأيام كانت طويلة عليها أيضاً.نظر إليها متفحصاً :"لقد تصرف والدك منذ ثمانى سنوات بإيمان كبير وفعل كل ما فى وسعه لحماية ابنته و زوجها وأبنائهما من الصحافة . فهل تتوقعين منى أن أقوم بأقل من ذلك؟"
سحبت كلويه يدها بقوة من بين يديه ووقفت لتقول لأختها بكل تهذيب فيما هى تسير نحوها :"كان عليك أن تخبرينى بذلك فأنا لم أعد طفلة"
أمسكت بينى بيدها قائلة :"لكنك كنت كذلك منذ ثمانى سنوات . كما كان على أن أحترم رغبة أبى فقد فعل كل ذلك من أجلنا"
ونظرت بينى إلى والدها المحب الذى ضحى بنفسه من أجلها منذ ثمانى سنوات . فأكد لها بول بصوت أجش:"وقد أفعل ذلك ثانية...."
قاطع جد فيرغوس الحديث بنفاد صبر :"لكن ألا ترى يا رجل أن لا داعى لتقديم المزيد من التضحيات ؟ ما حصل منذ ثمانى سنوات يخص ستة أشخاص فى هذه الغرفة فقط"
ونظر بإعتذار إلى فيرغوس مضيفاً:"وأنا أستثنى فيرغوس ونفسى حتى الآن"
أذعن فيرغوس لنظرات جده ورد بهزة خفيفة من رأسه .ألتفت هيوغ إلى زعيم المعارضة و زوجته :"خمس منكم كانوا على علم بالحقيقة وهذا لا يشكل عائقاً أمام عودة بول إلى الحياة السياسية.ما أحاول قوله هو...."
لم يتمكن فيرغوس من منع نفسه من أن يقول بجفاء:"وهو فى العادة يأخذ وقته ليقول ما يريد"
رمقه جده بنظرة قاسية :"يبدو لى أيها الفتى أن مشروع كتابك هو الذى وصل الأمور إلى هذا الحد.ولو كنت مكانك لجلست صامتاً"
ابتسم فيرغوس موافقاً على ما قاله جده.لاشك فى أن موضوع كتابه هو ما جعل كرة الثلج تتدحرج.ثم وقف وهو يقول بنفاد صبر :"للمرة الأخيرة أقول إننى لن أقوم بتأليف هذه الرواية اللعينة"
أكد هيوغ برضى:"بالضبط"
ثم تابع وهو يشعر بالأنتصار:"لذا لن تتكرر تلك الحملة الإعلامية التى تعرض لها بول منذ ثمانى سنوات. وبالتالى ما من سبب يمنعه من العودة إلى الحياة السياسية. كما لم يحصل ما يجعله يغير قراراً أتخذه منذ عدة أشهر"
لم يكن فيرغوس واثقاً من أنه يوافق جده على جملته الأخيرة. فشعور كلويه نحوه تغير بالتأكيد . إنه يعلم أنها لم تكن متيمة بحبه من قبل لكنها الآن لم تعد تطيقه فمنذ قليل كانت تنظر إليه باشمئزاز
تابع هيوغ قائلاً :"لطالما عرف بيتر الحقيقة وهو يريدك فى حكومته. زوجتك وأبنتك الكبرى و زوجها يعرفون الحقيقة أيضاً. وحدها كلويه عليها أن تغير طريقة تفكيرها"
ووجه كلامه بلطف :"أليس كذلك صغيرتى؟"
نظر فيرغوس أيضاً إلى كلويه وقلبه يتقطع لرؤية شحوب وجهها والحزن الواضح فى عينيها.
تغير طريقة تفكيرها....؟
فى تلك اللحظة لم تكن قادرة على التفكير أصلاً.شعرت وكأن أحدهم ضربها بالمطرقة على رأسها.لطالما عرفت أن والدها ليس مذنباً ولم تشك به يوماً.لكن رغم أن هذه الأمور تحصل أحياناً فى الزواج فالناس يرتكبون الأخطاء.
أمر واحد بدا واضحاً بالنسبة إليها :"السيد ماكدونالد على حق أبى..."
قال الرجل الاسكوتلندى بلطف :"هيوغ"
منحته ابتسامة امتنان وصححت قائلة :"هيوغ محق يا أبى.ما من سبب يجعلك تنتقل إلى مايوركا.وتبديل رأيك بالنسبة للعودة إلى البرلمان حجة غير مقبولة"
قال بيتر أمبروس بحدة:"بالتأكيد ليس سبباً مقنعاً وأنا لن أقبل قراراً مماثلاً"
وأضاف بحزم :"أنا أحتاجك بول"
شعر والدها بالثقة بسبب كلمات الثقة هذه :"لا أريد أن اكون عائقاً"
أكد له بيتر بثقة :"لن تكون كذلك"
ومنح بيتر الرجل العجوز ابتسامة صغيرة:"أن هيوغ محق تماماً.وأنا أفكر بمكان مميز لك فى حكومتى المقبلة"
وتابع :"وقد يتطلب منك ذلك تغيير سكنك"
- حسناً بما أن الأمور توضحت أظن أن الوقت حان لـ فيرغوس وكلويه...
حملق فيرغوس فى وجه جده وقاطعه قائلاً:"جدى ألا تظن أنك تدخلت بما فيه الكفاية اليوم؟"
لم تجعله نظرات فيرغوس يضطرب أبداً بل قال بغموض:"على العكس ولعلمك لم أتدخل إلا من أجلك"
استمعت كلويه إلى الحديث المتبادل بين الرجلين وهى مشوشة كلياً.إنها توافق هيوغ الرأى فى ما يتعلق بوالدها. لكن ما علاقتها هى و فيرغوس بالأمر؟
ولتكون أكثر دقة ما من شئ أسمه كلوي وفيرغوس معاً!
قال فيرغوس بغضب :"أجد ذلك صعب التصديق.ولو سألتنى اولاً لربما.."
رد هيوغ عليه من دون ندم:"لقد فعلت .لكن لدى أمنية قبل أن أموت وهى أن أرى أولاد أحفادى,لا أن تأتى بصحبتهم لزيارة قبرى بعد موتى"
شعرت كلويه بضياع كامل. كانت لا تزال مذهولة مما أكتشفته الليلة ولم تعد تستطيع التفكير بشكل متزن فكيف ستتمكن من فهم محادثة فيرغوس و جده.
ثمة أمور قليلة لاشك لديها فيها .فقصة دايفيد مثلاً يجب أن تبقى سراً كما بقيت لثمانى سنوات كما أن والدها يجب أن يتابع مشاريعه ويعود إلى الحياة السياسية.أما هى فستنتقل للعيش فى باريس فى الأسبوع المقبل....
- جدى, أنت حقاً عجوز فضولى...
قاطع هيوغ فيرغوس :"تذكر إيها الفتى أننا لسنا وحدنا الآن"
وأضاف معاتباً :"أن لم تسألها أنت فسأسلها أنا"
ثم استدار إلى والد كلويه بتوتر :"بول هل من حديقة يمكن لـ فيرغوس وابنتك أن يتمشا فيها قليلاً؟"
بدا والدها مذهولاً مثلها تماماً.بالطبع لديهم حديقة لكن كلويه لا ترغب بأن تتمشى فيها الآن ولا تظن ان فيرغوس يرغب بذلك أيضاً.
ردت والدتها بدفء :"بالطبع لدينا حديقة"
ثم أشارت بحزم غير معتاد :"بينى عزيزتى أرشدى فيرغوس إلى الحديقة وأنت كلويه أذهبى معه"
هذه اللهجة الحازمة التى لم تتعود عليها من أمها جعلت كلويه تنصاع لأمرها وتسير إلى الحديقة. أو على الأقل هذا ما أقنعت نفسها به...
من جهته لم يجد فيرغوس عذراً إلا أنه تبع وبينى إلى الخارج أيضاً.
استدارت بينى ثم عانقت كلويه قائلة:"أنا حقاً آسفة.لأن هذه المسألة جعلت الأمور صعبة عليكما"
ثم قالت لـ كلويه بإنفعال :"لم أكن أظن أن الأمر بينكما جدى إلى أن أخبرنى هيوغ بذلك.ولا أظن أن ماما وبابا أدركا ذلك أيضاً,حتى جاء هيوغ بعد الظهر لرؤيتهما.لم يكن أبى ليسمح بأن تصل الأمور إلى هذا الحد لو علم,فهو يحبك كما يحبنى تماماً"
وجدت كلويه نفسها فى منتصف الطريق إلى الحديقة برفقة فيرغوس من دون أن تعرف ما عليها أن تفعله.فهى تشعر بالارتباك فى هذه اللحظات أولاً بسبب ما قاله جد فيرغوس والآن بسبب ما قالته بينى.حتى إنها لم تتمكن من النظر إلى فيرغوس
قال فيرغوس بصوت اجش فيما هو يسير إلى جانبها :"ربما بدى جدى فضولياً لكن قلبه آمن فى صدره أما قلبى أنا...."
وتوقف عن الكلام قليلاً ليتابع :"إن قلبى بين يديك أنت كلويه فوكس هاملتون!"
رفعت كلويه بصرها إليه وقد اتسعت عيناها . شعت بأن اللون اختفى من خديها ليعود بعد ذلك بقوة أكبر كما شعرت بصعوبة فى التنفس فقد كان فيرغوس يرمقها بنظرات ملؤها الحب . أمسك بذراعها برفق قائلاً بصوت أجش : "دعينا نخرج"
أرشدته كلويه إلى الخارج وهى تمشى كالرجل الآلى . هل قال فيرغوس حقاً إن قلبه معها؟
بدت رائحة الأزهار فى الخارج زكية و قوية بما يكفى لتجعلها تصاب بدوار. لكنها مصابة بدوار أصلاً...فيرغوس مغرم بها ! وجدت هذه الفكرة صعبة التصديق فى الواقع لم تتمكن من تصديقها مطلقاً.
راح فيرغوس ينظر إليها على ضوء القمر وقال مشككاً:"كلويه؟"
بللت شفتيها الجافتين فجأة وقالت:"لم أكن لطيفة فى الأسبوعين الآخيرين"
ضحك فيرغوس بهدوء ثم قال بنبرة كئيبة :"لم تكونى لطيفة معى يوماً,لكننى لم أفقد الأمل"
ابتلعت ريقها بصعوبة :"هل هذا صحيح؟"
عبس فيرغوس قائلاً :"تقصدين بخصوص دايفيد؟ نعم لكن يجب ألا تلوميه لأنه لم يكشف هوية عشيق سوزان ستيرلنغ فوالدك لم يسمح له بذلك.ويمكن لوالدك أن يكون رجلاً عنيداً جداً..."
صححت له كلويه قائلة:"لا.لم أكن أسأل عن دايفيد لكنى...أنا...أنا أسأل أن كان صحيح أنك....أننى أنا..."
انهى فيرغوس جملتها بلطف:"أننى أحبك؟ نعم, كلويه هذا صحيح تماماً"
شعرت كلويه أن أنفاسها علقت فى حنجرتها فقد كان فيرغوس ينظر إليها وتعابيره تعكس حبه الكبير لها,ما لم يترك مجالاً للشك بأنه يكن لها مشاعر حقيقية.
هل هذا معقول؟ أيعقل بعد الأسابيع الماضية المليئة بالألم وسوء التفاهم أن تنتهى الأمور على افضل ما يرام؟
قال فيرغوس:"حاولت تصحيح الأمور من أجلك. لكن كل ما نجحت فيه هو التسبب لك بالمزيد من الألم.لكننى حاولت حقاً صدقينى كلويه أرجوك"
إنها تصدقه ولم تكن بحاجة لأن يخبرها بالمزيد :لقد أنتهى الماضى وما يهم الآن هو المستقبل. مستقبلها مع فيرغوس...
قالت بأنفاس مقطوعة:"فيرغوس, أنا أحبك"
نظر فيرغوس إليها بذهول كما فعلت هى تماماً منذ دقائق حين أخبرها أن قلبه بين يديها ثم قال:"هل تحبينى حقاً؟"
ضحكت بنعومة والسعادة تطل من عينيها :"نعم, أحبك"
- بما يكفى لكى تقبلى الزواج بى؟"
- إذا كنت واثقاً من هذا ما تريده حقاً.
ردت كلويه عليه بذلك,مع إنها كانت واثقة من مشاعره نحوها وقد بدا ذلك واضحاً على وجهها. لكن أن يحبها هو امر وأن يتزوجها أمر مختلف تماماً.
فأكد لها:"إن كنت تحبينى حقاً فلن أخطط لأى شئ آخر"
شعرت كلويه أن قلبها يكاد يقفز من صدرها :"أنا حقاً أحبك !"
عانقها قبل أن يقول:"إذن كلويه فوكس هاملتون هل تمنحيننى شرف أن تصبحى زوجتى؟"
ارتمت بين ذراعيه مما جعلها تسمع دقات قلبه المتسارعة وهو ينتظر فأجابته بعطف:"يسرنى ذلك فيرغوس"
حملها فيرغوس بين ذراعيه وسار بها إلى زاوية الحديقة حيث المقعد الخشبى . أجلسها على المقعد عانقها عناقاً حاراً.
كل الألم وسوء التفاهم والحزن التى شعرت بها فى الأسابيع الماضية تبددت مع هذا العناق الصادق . وعندما افترقا لينظر كل منهما بشغف نحو الآخر بدا وجهاهما متوهجين وعيونهما تلتمعان ببريق الحب.
رفع فيرغوس يده ليلامس خدها المتورد وهمس بصوت أجش :"أكاد لا أصدق أنك ستصبحين زوجتى"
ابتسمت كلويه بشئ من الخجل وهى لا تزال مبهورة بالحب الذى جمعهما :"منذ أسابيع كان الزواج آخر ما تفكر فيه"
لقد حصل كل شئ بسرعة . مشاعر الحب فاجأتهما . أما الآن وقد عرفا أنهما يحبان بعضهما بعضاً بدت كلويه واثقة من أنها لا تريد أن تعيش من دون فيرغوس وتمنت ان يساوره الشعور نفسه.
عانقها فيرغوس بقوة قائلاً:"سأكون صادقاً معك وأنا أنوى أن أبقى كذلك فى المستقبل . أظن أن فكرة الزواج بدأت تراودنى منذ أستيقظت يوم الأحد ورأيتك تقفين بجانب سريرى . كما أننى لم أتعمد أبداً تجنب الزواج.لكنى لم أكن قد التقيت بعد المرأة المناسبة..المرأة التى أشعر أننى لا أستطيع العيش من دونها"
تأوهت كلويه بلهفة وهى تضع رأسها على كتفه الدافئ وقالت:"آه فيرغوس...هذا بالضبط ما أردت سماعه!"
ضمها فيرغوس إليه قائلاً :"أنا أحبك كثيراً وأنوى إخبارك بذلك كل يوم من حياتنا معاً"
لم تكن كلويه تعرف أن هذا المقدار من السعادة موجود على الأرض حتى هذه اللحظة.ففى هذه اللحظة أدركت لما كافح والداها وبينى و دايفيد بقوة للحفاظ على زواجهم فالتخلى عن شخص يحبك بهذه القوة ليس أمراً سهلاً.
نظر إليها فيرغوس وقال يغيظها :"متى تودين أن ننتقل إلى باريس؟"
اتسعت عيناها للمفاجأة:"نحن؟لكن..."
رفع جاجبيه الداكنين :"لن أتركك تذهبين من دونى ألا تعلمين ذلك؟"
ثم هز رأسه بحزم:"كل أولئك الباريسين الرومانسين سيحاولون التودد إليك...لا لن أدعك وحدك.كما أنى كاتب,يمكننى أن أكتب رواياتى أينما كنت.و باريس تبدو لى مكاناً مناسباً"
لم تصدق كلويه أنه سيفعل ذلك من أجلها:"سأسافر على الأرجح لبضعة شهور فقط"
أوما فيرغوس برضى:"سوف نجعله شهر عسل طويل. لا أستطيع الأنتظار!"
ثم أضاف ممازحاً :"بعد الجهود الجبارة التى بذلها جدى يبدو لى أننا يجب أن نسمى طفلنا الأول على أسمه"
وعبس قائلاً:"هيوغ ماكلاود"
راحت كلويه تقهقه بسعادة:"فلنأمل أن تكون فتاة"
لا تبالى ما سيكون أسم طفلهما الأول يكفيها أن هذا الطفل ثمرة حبهما الكبير.
استعاد فيرغوس ملامحه الجدية ليقول:"أريد أن نتزوج قريباً"
وألح قائلاً بصوت أجش:"قريباً جداً"
أجابته بلهفة:"نعم, أرجوك"
ابتسم لها ابتسامة دافئة وقال مداعباً:"ألا تظنين أن علينا أن نعود الآن إلى الداخل ونضع حداً للتعاسة التى يشعر با الآخرون؟"
قالت باختصار :"أظن أنهم شعروا بما يكفى من التعاسة فى الأسابيع الماضية"
قرر فيرغوس بلهجة حاسمة :"حان الوقت لإقامة احتفال "
ووقف كلاهما فيما ظل فيرغوس ممسكاً بيدها معلناً برضى :"لندخل ونجعلهم يشاركوننا الاحتفال بالمناسبة...سوف ندعوهم جميعاً إلى زفافنا"
وافقته كلويه والسعادة تغمرها.
* * *
نهاية الفصل الرابع عشر
|