كاتب الموضوع :
جمره لم تحترق
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
3 ـ المستبدة الصغيرة
3 ـ
المستبدة الصغيرة أخيراً حثها فيرغوس حين تأخرت فى الإجابة عن سؤال:"كلويه....؟"
لا تحتاج بالطبع إلى هذا الوقت كله لتقرر إن كانت تود قبول دعوته على العشاء أم لا.على أى حال هى من أتصل به . وقد أراد فيرغوس مناقشة بعض الأمور الغريبة بشأنها حين يتناولان العشاء معاً فى وقت لاحق من هذا الأسبوع .
بدت كلويه وكأنها تتعانى من دوار أصابها :"عفواً , فيرغوس .ماذا قلت؟"
لعلها متعبة فقط فليلة الأمس لم تتمكن من النوم جيداً!
- سألتك إن كنت تقبلين دعوتى على العشاء مساء يوم الجمعة.
أراد رؤيتها قبل يوم الجمعة ليطرح عليها بعض الأسئلة إلا أن والدته ستبقى فى المدينة لبقية الأسبوع .كما أنه افترض أن كلويه لديها وظيفة ويوم الجمعة ملائم للخروج بالنسبة إليها .
قبلت كلويه دعوته مبدية حماسها :"أود ذلك بالتأكيد .أين تود أن نذهب؟"
-ما رأيك بالذهاب إلى "برناردوز"؟
"برناردوز"مطعم عصرى يقصده الشبان عادة للقاء أو للتعارف ورغم أن فيرغوس لم يكن معتاداً على ارتياد مثل هذه الأماكن إلا أنه فكر بأن كلويه لا تزال شابة صغيرة ولابد أنها معتادة على زيارة أماكن كهذه.صحيح أن فيرغوس لا يعرف كم يبلغ عمر كلويه لكنها بدت له فى بداية العشرينات.خطر له أنها صغيرة جداً بالنسبة إليه,فسخر من نفسه لأنه لم يهتم بفارق العمر بينهما ليلة الأمس.
بدت تكشيرة كلويه واضحة من خلال نبرة صوتها :"ألا يمكن أن نقصد مكاناً أقل...استعراضاً؟"
أجاب وقد شعر بالرضى :"كلويه فوكس لقد زاد تقديرى لك الآن"
ثم أضاف :"أنا أكره تلك الأماكن المتكلفة أيضاً !"
فسألته باستغراب :"لِمَ اقترحت هذا المكان إذن؟"
أجاب فيرغوس بصدق :"ظننتك تحبين تلك الأماكن"
فقالت بخفة :"شكراً . لكن لا شكراً.يمكننا الذهاب إلى مطعم "الشيف سيمون""
أجاب فيرغوس فوراً وبنبرة عنيفة:"لا!"
بالرغم من العلاقة الحميمية التى تربط فيرغوس بـ لوغان وبرايس إلا أنه أراد إبقاء أفراد الأسرة الآخرين بعيداً عن تفاصيل حياته
خالته ماغ هى زوجة دانييل سيمون وبالأمس أصبح لوغان أبن خالته زوج دارسى أبنة دانييل .آخر ما يريده فيرغوس هو الظهور فى المطعم برفقة كلويه ليستعرض حياته الخاصة أمام أنظار أفراد الأسرة كلهم.لن تسأله كلويه عن سبب اعتراضه بل قالت:"حسناً.ما رأيك بالذهاب إلى "اكزاندر" بدلاً منه. إنه..."
إنه يعرف تماماً أين يقع ذلك المطعم الفاخر فقاطعها :"أنا أعرفه , كلويه "
لم يشعر بالرضى للطريقة التى تحاول فيها تلك الفتاة الصغيرة السيطرة عليه واتخاذ القرارات عنه.فالنساء المستبدات لسن النوع المفضل لديه ,ووالدته هى خير دليل على هؤلاء النسوة المدمرات . لقد تمكن والده من تحملها عشر سنوات قبل أن يتخلى عنها وعنه معاً!
اقترحت كلويه فى محاولة لتصحيح موقفها أمامه :"هناك مكان هادئ آخر قد تفضل الذهاب إليه"
لقد تقبل فيرغوس فكرة أنها أروع وأجمل مخلوقة رآها فى حياته وأنهما قد أمضيا الليلة الماضية معاً.لكن ذلك لا يعنى أنه يثق بها تماماً إنها تعرف الكثير عنه فكيف يمكنه أن يشعر بالثقة بها؟يمكنه على الأقل أن يحدد الوقت إن لم يتمكن من تحديد المكان!
أجابها بهدوء:"لا اكزاندرمطعم جيد . سأحجز طاولة للساعة الثامنة ونصف .هل يناسبك ذلك؟"
وافقت كلويه:"حسناً,أراك يوم الجمعة إذن"
كانت على وشك أقفال الخط حين أوقفها قائلاً بجفاء :"كلويه ,يمر الرجل عادة بمنزل الفتاة لإصطحابها إلى العشاء"
قالت بقصد إزعاجه:"ظننت من الأفضل أن أذهب بسيارتى فقد تحتاج إلى من يعيدك إلى منزلك"
فقال مدافعاً عن نفسه:"لا أحتاج إلى ذلك فى الأوقات العادية"
لم يستطيع ان يغض النظر عما قصدته بكلامها عن حالته المزرية ليلة أمس ,رغم انها قالت ما قالته فى سبيل المزاح . لكن كلويه حاولت التخفيف عنه مبدية تعاطفها :"لقد أخبرتنى أنك كنت متضايقاً بسبب زواج قريبك"
لم يكن فيرغوس واثقاً مما أخبرها أو لم يخبرها به,ومما فعله أو لم يفعله ليلة أمس .لذا لم يشعر بالارتياح على الأطلاق .فهو فى العادة سيد نفسه وشديد التحكم بما يحيط به .أجاب بانزعاج :"فى الواقع , لا أدرى لما قلت ذلك بالأمس فأنا سعيد جداً من أجل لوغان ودارسى"
بعد التفكير رأى أنه سعيد فعلاً من اجلهما .فالغضب الذى شعر به فى الأمس خمد.على أى حال لن يبقى هو وبرايس ولوغان "الثلاثى المراوغ" إلى الأبد ثم تابع بنبرة حاسمة:"كما أننى أفضل أن أمر بك لاصطحابك إل المطعم نهار الجمعة"
فردت كلويه بشكل قاطع :"وأنا أفضل أن ألقاك فى المطعم"
شعر فيرغوس بخيبة أمل بسبب إصرارها على موقفها . لِـمَ لا تريده أن يمر بها يوم الجمعة؟هل لديها ما تخفيه أو ربما...شخص يخيفها؟إذا كانت لا تضع خاتم زواج فهذا لا يعنى أن ما من علاقة دائمة فى حياتها ,إذ لا يرغب الجميع بالزواج هذه الأيام .إن كان الأمر كذلك .فلابد أن شريكها ضعيف الشخصية كى يسمح لها بالمبيت خارج المنزل.لو أن فيرغوس مكانه لما كان متفهماً بهذا الشكل .
أجابها بلا مبالاة :"لك ما تريدين.والآن إذا لم يكن لديك مانع فسأعود لمتابعة الأستحمام فقد بدأت أشعر بالبرد"
أثارت هذه المحادثة سخطه فثمة ما يشعره بالانزعاج فى كلويه فوكس ولا يقتصر الأمر على إنها استبدادية فبالرغم من قضائه الأمسية برفقتها إلا أنه لا يشعر أنه يعرفها .
حسناً ! سوف يتغير الأمر كلياً يوم الجمعة.
على الأقل هذا ما كان ينويه .لكن كلويه لم تظهر بالمطعم فى الوقت المحدد . ها أن فيرغوس ينتظرها منذ خمس عشرة دقيقة وقد بلغت الساعة الآن التاسعة إلا ربعاً ولم تأت بعد.لذا بدأ يشعر بعدم الارتياح فهو يجلس إلى طاولة منعزلة حتى أنه بدأ يشعر بنظرات التعاطف التى يرمقه بها الجالسون إلى الطاولات الأخرى .وأن وصلت كلويه الآن فلن يكون فى مزاج جيد . فبالإضافة إلى طول انتظاره ,لم يتناول طعاماً بعد مع أنه عمل بجهد طيلة اليوم . وهذا ليس بالأمر المستغرب .فهو ينسى دائماً تناول الطعام ما أن يبدأ بالعمل.
فى الواقع وباستثناء الوقت القليل الذى أمضاه برفقة والدته قبل عودتها إلى اسكوتلندا كان فيرغوس يعمل بجهد طيلة الأسبوع . فهذه طريقته لصرف انتباهه عن انتظار موعد يوم الجمعة.
وبالرغم من محاولاته الكثيرة لم يتمكن فيرغوس من معرفة أى شئ عن كلويه فوكس .فقد سأل عنها بعضاً من أصدقائه ومعارفه بتحفظ وحذر فتبين له أن أحداً لم يسمع بأسمها من قبل,كما أن البحث المباشر عنها لم يساعده مطلقاً فهو لا يملك أدنى فكرة عن عنوان سكنها .أما دليل الهاتف فملئ بالأرقام لأشخاص من عائلة فوكس .مما جعل الأمر محيراً أكثر فأكثر .هل ظهرت كالسحر وهى لا تنتمى إلى أى مكان؟ فعدا أتصالها عشية نهار الأحد لم يظهر لها أثر طيلة الأسبوع .أنه....
بالرغم من اختفائها طوال الأسبوع عادت لتظهر من جديد الآن!
ومن جديد تمكنت من خطف أنفاسه ما أن ظهرت أمامه!
لقد بدات كلويه فاتنة تماماً ليلة السبت وصباح الأحد إلا أنها بدت الآن مختلفة و مميزة تماماً وادرك فيرغوس أنه ليس الوحيد الذى لاحظ جمالها الساحر.
مطعم اكزاندر من أكثر المطاعم فخامة وعراقة ومعظم زبائنه من المشاهير والأغنياء لكن حين سارت كلويه برشاقة فى الصالة المليئة بالناس عم السكوت وتوقف الجميع عن تناول الطعام الشهى ليتمكنوا من تأملها بإعجاب .
بدا فستانها القرمزى بياقته الرسمية فى غاية الأناقة وقد انسدل قماشه الحريرى على جسدها وكأنه جزء من بشرتها .كما أظهر ساقيها الطويلتين الممشوقتين.
أما شعرها فلم يكن هذه المرة منسدلاً على ظهرها بل مرفوعاً على شكل كعكة أنيقة عند قمة رأسها . لقد أظهرت أناقتها البسيطة الناعمة جمالها الفتان المميز.بدت بشرتها ناعمة كزهرة الماغنوليا أما عيناها الزرقاوان فقد أضفى عليهما الكحل سحراً خاصاً وقد وضعت على شفتيها أحمر شفاه قرمزى اللون كلون فستانها تماماً فبدت أجمل امرأة فى المطعم دون منازع
شعر فيرغوس بنوع من الرضى لأن هذه المرأة الجميلة ستكون رفيقته فى هذه السهرة .هبّ واقفاً ما إن أقتربت من الطاولة حيث يجلس :"تبدين جميلة"
تشبعت حواسه على الفور من رائحة العطر الذى تضعه ومع أن فيرغوس لم يعرف نوع العطر إلا أنه أدرك أن هذه الرائحة ستذكره دوماً بهذه المرأة الفاتنة
-شكراً لك فيرغوس
جالت ببصرها حولهما وقالت ببهجة واضحة :"ألا يبدو هذا المكان رائعاً؟"
لم يتمكن فيرغوس من إبعاد نظره عنها.إنه فى الخامسة والثلاثين من عمره وقد عرف العديد من النساء .وأقام علاقات حميمة معهن إلا أن أياً منهن لم تكن بمثل هذا السحر الذى تميز به كلويه فوكس
ابتسمت له كلويه فظهرت أسنانها الصغيرة البيضاء التى لا يزال يذكرها منذ لقائهما الأول فى نهاية الأسبوع المنصرم
-آسفة لأنى تأخرت قليلاً
لم يستطيع منع نفسه من الشعور بشئ من الغضب لأنها لم تقدم له أى تفسير لتأخرها عن الموعد المحدد.فقد مضى عليه حوالى نصف ساعة وهو يجلس بانتظارها حتى كاد يشعر أنه فى غاية الحماقة
قال بلهجة رسمية:"هل ترغبين فى كوب عصير؟"
ابتسمت بحزن وهزت رأسها نفياً .التفتت إلى النادل لتطلب منه كوباً من المياه المعدنية ثم استدارت مجدداً نحو فيرغوس برزانة :"هل أمضيت أسبوعاً جيداً؟"
فجأة تصاعد غضب فيرغوس ,أن هذه الطريقة فى الكلام سوف تخلق حاجزاً بينهما وهذا أمر غير مستحب بعد أن أمضيا ليلة السبت مع بعضهما البعض .لكنه أجاب بإختصار :"نعم , شكراً"
لقد قام خلال هذا الأسبوع بأبحاث عديدة عن موضوع كتابه الجديد وسيكون مستعداً للبدء بالكتابته قريباً
- ماذا عنك؟
هزت كلويه كتفيها :"كنت منشغلة طوال الأسبوع"
- بمَ كنت منشغلة ؟
نظرة إليه بعينيها الزرقاوين والمرح باد خلف رموشها الطويلة :"بأمور كثيرة"
نظرة المرح فى عينيها لم تخف على فيرغوس !أن هذه الفتاة الوقحة الصغيرة تعرف تماماً ما يرمى إليه سؤاله وقد قررت ألا تسهل عليه مهمته أبداً .أخذ نفساً عميقاً:"كلويه....!"
ضحكت كلويه عالياً وأمسكت بيده مطولاً وهى تعتذر :"أنا آسفة فيرغوس .ما كان على أن أضايقك هكذا أنا مصممة أزياء"
وأخيراً عرف شيئاً عنها عدا أسمها ! هذا ليس بكثير لكنها البداية فقط!
سألها باهتمام :"هل صممت هذا الفستان الذى ترتدينه الليلة بنفسك؟"
أجابت وهى تبتسم للنادل الذى جاء ليسكب لها الماء:"بالطبع"
بالطبع؟!
هذا يعنى أن تصاميمها رائعة فقد بدا الفستان مذهلاً عليها ومناسباً تماماً لجسدها النحيل والرقيق .شعر فيرغوس أن الجليد بدأ يذوب بينهما أخيراً علماً أن لا داعى لوجود هذا الحاجز الجليدى بينهما نظراً للظروف السابقة. فسألها بخفة:"لحساب من تعملين؟"
رشفت كلويه رشفة من كوبها قبل أن تجيب :"لحسابى الخاص .لكن ماذا عنك أنت,هل أنت...؟"
قاطعها فيرغوس وقد شعر بإنها تحاول تغيير الموضوع :"تقصدين أنك مصممة مستقلة؟"
لم تعلق كلويه كثيراً على الموضوع :"ليس تماماً ! هل ننظر إلى قائمة الطعام فأنا أتضور جوعاً"
تباً!لقد غيرت الموضوع مجدداً . لكنه لن يناقشها بشأن الطعام فهو يتضور جوعاً منذ فترة طويلة ويتوق لتناول أى شئ .لكن إن ظنت كلويه أنه سيتركها تتابع طريقتها الاستبدادية فى معاملته فهى مخطئة تماماً
نظرت كلويه إلى فيرغوس تراقبه خلسة من فوق لائحة الطعام .وادركت أنه يشعر بغضب شديد لتأخرها فى الوصول إلى المطعم بالرغم من محاولته إخفاء الأمر . لم يفاجئها شعوره أبداً فقد تأخرت متعمدة حوالى عشرين دقيقة .أمر واحد تمكنت من معرفته عنه الأسبوع الماضى وهو أن الابتسامة المتكلفة والمتملقة لا تثير اهتمامه لأكثر من دقيقتين .لقد تجنب هذا الرجل العديد من العلاقات ولم يفكر يوماً بالزواج خلال السنوات الخمس عشرة الماضية على الأقل .باختصار إن أى امرأة تتمكن من إثارة إعجابه للخروج برفقتها أكثر من مرتين هى امرأة مميزة وغير اعتيادية.
عندما رأت كلويه وجهه المتصلب ولمحت نظرات الغضب فى عينيه البنيتين الدافئتين خشيت أن تكون قد تمادت فى أفكارها وتصرفاتها تجاهه.آخر ما تريده هو عدم انجذاب فيرغوس إليها .لأنه أعجبها .فهو رجل مثير للاهتمام ذكى ومسل ولا يمكن تجاهل صفاته الحميدة .كما أنه يتمتع بصفات صبيانية جذابة و محببة
تذكرت كلويه كيف حاول حمايتها حين وصل برايس ورآهما معاً .إنها واثقة من أنها لو تعرفت إلى فيرغوس فى ظروف مختلة لأحبته حباً عميقاً . لكن عليها ألا تفكر فى هذا الموضوع فى الظروف الحالية
وضعت كلويه لائحة الطعام على الطاولة وابتسمت له فيما نظر فيرغوس إليها بتساءل...إنها محقة....القلق يساوره تجاهها وهى لم تخطط لحدوث ذلك أبداً فقالت له بذكاء:"فى الواقع فيرغوس...أنا أملك ماركة ثياب خاصة بى وأوزع تصاميمى على دور أزياء متعددة"
فهم فيرغوس ما تعنيه وقال:"إذن لابد أنها تصاميم استثنائية"
أكدت له:"كثيراً"
علق قائلاً:"ولا شك أنها غالية الثمن أيضاً"
ضحكت بنعومة:"بالطبع"
شعر فيرغوس بالارتياح فقد أجابت على العديد من تساؤلاته .أنه يدرك الآن كيف تمكنت من شراء سيارة رياضية فخمة وكيف تشعر بالارتياح وتتصرف بشكل طبيعى فى مثل هذا المكان المميز والراقى .لكن كلويه شعرت أن لديه المزيد من الأسئلة التى يود طرحها عليها.
سألها عرضاً وهو يضع قائمة الطعام جانباً ليوجه اهتمامه الكامل إليها :"وما أسم الماركة الخاصة بك؟"
التوت شفتيها وأجابت بمراوغة :"إنها ماركة فوكسى .أسم غريب أليس كذلك؟"
ابتسم فيرغوس ابتسامة حزينة :"ليس تماماً .لكن هل يعقل أننا لم نلتق من قبل,كلويه فوكس؟وأننى لم أسمع بأسمك من قبل؟"
قبل سنة لم تكن كلويه تعيش فى لندن فقد كانت فى مدرسة داخلية فى جنوب انجلترا لسنوات طويلة قبل أن تدخل الجامعة ثم أنتقلت إلى باريس لتمضى سنة كاملة مع أحد المصممين الكبار هناك . أما فى السنة الماضية فقد أنشغلت كثيراً فى تحسين مستوى عملها لتظهر كمصممة أزياء متمكنة .بالأضافة إلى ذلك لم تكن صادقة تماماً حين أخبرته بأسمها .هزت كلويه كتفيها وأجابت:"أنه الحظ السئ على ما أظن"
ابتسم فيرغوس ابتسامة عريضة وهو يسألها:"حظك أم حظى؟"
أجابته كلويه :"حظنا كلينا , بالطبع.من الفظاظة أن أعنى شئ آخر"
فكر فيرغوس ثم تمتم قائلاً:"أنت لا ترغبين فى أن تكونى فظة.وتحاولين دائماً تنفيذ ما تقولين"
إنه يحاول أن يجمع بياناً مفصلاً عن صفاتها ليعرفها أكثر لكن تقدّمه بطئ .
عندئذ قالت كلويه:"إذن عليك أن تعلم أيضاً أننى أفضل تناول الطعام مرتين يومين على الأقل "
ثم أضافت مؤكدة :"واليوم بالذات تناولت فطوراً سريعاً فى الصباح ولم أتناول طعام الغداء حتى...."
- وتودين الآن أن تأكلى.
هز فيرغوس رأسه كإشارة إلى النادل بأنهما جاهزان لطلب الطعام...وحين اقترب هذا الأخير ليسجل طلباتهما راحت كلويه تراقب فيرغوس بإمعان .ما من شك من مظهره الأنيق أو غناه أو سحره لكنها ذكرت نفسها بإن عليها ألا تقلل من تقدير ذكاءه أيضاً .فذكاؤه يتعدى المسائل البسيطة .إنه لا يعرف هويتها الليلة لكن لن يطول الأمر قبل أن يكتشف هوية صاحبة ماركة "فوكسى" الحقيقية.
لقد قامت بمخاطرة كبيرة حين أخبرته بذلك لكنها اضطرت لذلك بعد أن رأت موقفه الحذر منها . أرادت كلويه أن تثير اهتمامه لكنها لم تتوصل إلى ذلك إذا بقيت فى نظره امرأة غامضة .وإذا أرادت أن تصل إلى هدفها مع هذا الرجل فالطريق أمامها طويل.
وفيما هما يتناولان المقبلات قالت كلويه:"أخبرنى ,لِـمَ لم ترغب فى أن نتناول العشاء فى مطعم زوج خالتك؟"
كاد فيرغوس يختنق باللقمة التى وضعها فى فمه فنظر إليها وقد ظهر العبوس على وجهه .تأملته كلويه قبل أن تقول:"آسفة...هل قلت شيئاً خاطئاً؟"
بالطبع لا! لقد لاحظت بوضوح كم راعه اقتراحها بأن يلتقيا فى مطعم الشيف سيمون .أجابها فيرغوس ببطء :"ليست مخطئة على الإطلاق . والجواب بسيط كلويه أردت التعرف إليك أكثر من دون أن أسبب الحيرة لأقربائى"
كان بإمكانها أن تجيبه بتملق لكن رزانتها منعتها من ذلك فأجابته باختصار متكلف:"هذا لطف منك"
-هذا ما اعتقدته .كنت واثقاً من تأيدك لموقفى هذا . ثمة أمور عديدة لا نعرفها عن بعضنا البعض , أليس كذلك؟
ما يقصده هو أنه لا يزال يجهل الكثير عنها وهو يأمل بأن يتغير ذلك هذه الليلة.لكن إذا عرفت كلويه كيف تتصرف فإن الحظ لن يحالفه كثيراً.ابتسمت كلويه له:"لَم تقول هذا ؟أنه لأمر مسل أن تكتشف ما نجهله عن بعضنا البعض ,اليس كذلك؟"
أجابها فيرغوس بجفاء وقد بدا غير مقتنع على الإطلاق بما قالته:"ربما؟"
- أنا....
وفجأة سمعا صوتاً ينادى :"كلويه؟"
ثم أكمل الصوت بتردد :"أنت كلويه,أليس كذلك؟"
بغتت كلويه فالتفتت إلى مصدر الصوت بحركة سريعة خاطفة وسرعان ما تعرفت على الرجل الذى يقف بالقرب من طاولتهما ,أنه بيتر أمبروس!
لم تستغرب ألا يكون الرجل واثقاً من أنها كلويه فآخر مرة رآها فيها كانت فى الخامسة عشرة من عمرها
أبتلعت كلويه ريقها بصعوبة وتعمدت عدم النظر إلى فيرغوس .فمن نظرة جانبية صغيرة أدركت مدى ذهوله بعد أن عرف هوية الرجل . منذ ثلاث سنوات كان بيتر رئيس وزراء بريطانيا وهو لا يزال زعيم المعارضة حتى الآن . بدا واضحاً أنه يعرف كلويه جيداً ليناديها بأسمها .
لم تفكر كلويه فى أن الأمور ستصل إلى هذا الحد حين فكرت بملاحقة فيرغوس ماكلاود.
نهاية الفصل الثالث ...
|