المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
ايدلوجيا في الحافله
- ركبت احدى وسائل المواصلات .. ووسائل المواصلات في مصر لمن لايعرف هي اشبه بصالون ثقافي لتبادل الاراء .. وخصوصا السياسيه .. يكفي فقط ان يفتح احد الركاب سيرة موضوع سياسي حتى ينطلق الجميع للتعليق والادلاء بأرائهم .. ويتحول الموضوع الى شيء يشبه المسابقه يفوز فيها من من يرفع صوته اكثر.. فكل شخص يريد ان يثبت لباقي الركاب أنه شخص متمرس فاهم في السياسه بينما الباقيين هم حمير جر لا اكثر .. وبالطبع فان المضرور من هذا الموضوع هم الاشخاص الذين يميلون للهدوء مثلي ويكرهون الصراخ .. لذا اظل ادعوا الله في سري ان تنقلب بهم السياره او تصدم بعمود او تدهسها مقطوره فقط ليصمتوا قليلا ويكفوا عن تلك الضوضاء .
- لذا عزمت النيه على ان اغير من استراتجيتي حين يحدث ذلك .. فأشاركهم في الصراخ والعويل والبكاء على حال البلد وضلال قائديها .. بل ازيد عليهم وافوقهم .. لذا اشتريت بعض حلوى النعناع .. وشربت كوب من اليانسون ليجلي صوتي .. بل وقمت بممارسة بعض تمارين الغناء ..حسنا الان صرت مستعدا .. ثم ركبت الحافله منتظرا فقط اول شخص يفتح فمه .. ولم يخب ظني ففتح شخص ما يبدو عليه علامات البساطه موضوع الانتخابات الرئاسيه.. ومن المرشح الاولى بانتخابه .. ومن ثم انطلقت كعفريت العلبه لا ألوى على شيء .. طرحت اسم مرشح احبه .. ثم صرخت ورغيت وزبدت .. وتناثر اللعاب من فمي في كل صوب وانا اشرح وجهة نظري وأن هذا المرشح هو من يستحق الترشيح .. بينما باقي المرشحين يملكون عقل دجاجه لاأكثر .. ويبدوا ان الاستراتجييه كانت ناجحه لاني كتمت جميع الافواه وانفردت فقط بالمنصه .. حتى اذا انتهيت من كلامي قلت ( من اجل كل ما ذكرت فأن هذا المرشح يملك ايدلوجيات رائعه قادره على الوصول بنا لغد افضل ) .. بصراحه فخرت بنفسي كثيرا وانتظرت التصفيق من ركاب تلك الحافله البائسه .. ولكن وعلى حين غفله .. قام احد الركاب كغراب البين وسألني بتردد ( يعني ايه كلمة ايدلوجيا ياباشا ) .. ابتسمت في ثقه وقلت ايدلوجيا تعني .... ايدلوجيا تعني ... .. انظر هي كلمة ايدلوجيا تعني ... ثم اصابني الذهول حين فطنت الا اني طوال تلك السنين اردد كلمة ايدلوجيا دون ان اعرف معناها .. بالطبع نظر لي جيمع الركاب نظره احتقار وكأنهم عليهم اللعنة جميعا .. قد ولدن من بطون امهاتهم يعرفون معنى كلمةايدلوجيا .. أما من سالني فقد مصمص شفتيه في حسره وقال مثل ما عن الاحمق الذي يظن نفسه أنه يعلم كل شيء بينما هو ببساطه .. أحمق .. اما انا فقد جلست على كرسي يعمرني العرق البارد وقد احمر وجهي كالطماطم .. ربما كانت الفائده الواحده ان الحافله قد غرقت في صمت عميق دون اي أراء سياسيه هذه المره .
- قرأت رواية احدى عشر دقيقه للكاتب باولو كويلهو .. وفي سياق القصه رأت البطله التي كانت تعيش في سويسرا مظاهره حاشده .. وحين سألت احد سيده كانت تمسك بمقود كلب وقفت لتشاهد ما يحدث عن كنه تلك المظاهره .. أجابتها بثقه وبطريقه لاتخلو من فذلكة العالم ببواطن الامور .. انها مظاهره للمطالبه بحقوق الاكراد ... ونظرا لان بطلة القصه لم تكن تريد ان تدعي ذكاء او ثقافه لاتملكها فقد سألتها بطريقه تلقائيه .. ومن هم الاكراد ؟؟
- لم تجد السيده اجابه على هذا السؤال لانها ببساطه لم تتوقف لحظه لتسأل نفسها هذا السؤال .. يتكلم الجميع ( وأنا منهم بالطبع ) وكأننا نعرف كل شيء بينما اذا تجرأت وسألتهم قد تكتشف انهم لايعلمون اي شيء .
- تواردت تلك الخواطر على ذهني وانا اجلس في التاكسي والذي ماعدت اركب غيره منذ تلك الحادثه المؤسفه .. انتابتني القشعريره وتذكرت الموقف بكل المشاعر المصاحبه له وكأني امر به في التو والحظه
- ( أخي يبدو عليك الشرود ) .. اضطربت للحظه وقد افاقتني العباره من شرودي ونظرت الى سائق التاكسي الذي يجلس عن يساري وقد امسك بالمقود بيد واحده بتلك الطريقه التي تشعرك بالتمرس والاحتراف .. لابد انه قائل تلك الكلمات مالم يكن التاكسي مسكونا
- استكمل السائق كلامه قائلا يبدوا انك يشغلك مايشغل الجيمع .. ثم سب سائق سياره ظهر امامه فجأه بلفظ بذيء واستطرد قائلا دعني اخبرك ان انتخابات الرئاسه تلك لاقيمه له .. وان هذا الشعب لاينفع معه الا الكرباج .. ثم اكمل بعد ان كاد ان يدهس عشرة اشخاص ويصطدم بخمس سيارات على الاقل مع اننا نمشي في وسط البلد ( شعب متخلف همجي لا فائدة منه ) .. بالطبع لم ارد عليه ولا كأنيي سمعت شيء .. ولكن يبدوا ان هذا لم يعني له شيئا .. لانه استمر في الحديث قائلا .. ( سمعت بالامس استاذ عمرو اديب يتكلم عن ذلك المرشح الذي يربي لحيته .. رجل بركه يبدو عليه اثار التقوى .. صدقني انا اعرف الانسان الطيب حين انظر اليه .. فقد منحني الله بصيره كأفاني بها على تركي لشرب الحشيش والافيون .. لذا حين اقول لك انه صالح فيجب عليك ان تصدقني ..) ثم بدت عليه علامات الحيره واستطرد قائلا ( لكني لم افهم معنى كلمه ما وانت يبدو عليك انك متعلم وبن ناس معاك شهاده ولا مؤاخذه يعني .. كلمه غريبه هي تقريبا .. ايولوجيا .. ايولجا .. لالا قد تذكرت انها ايدلوجيا .. ماذا تعني هذه الكلمه يااستاذ ؟؟؟؟؟؟
|