المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
السلطان
مقدمه لقصه ارغب في كتابتها و احتاج الي رأي فيها
1
في قصر السلطان .. في مكان ما من الحديقه المتراميه الاطراف كان ضوء القمر ينير طاوله اجتمع عليها السلطان و اسرته لتناول العشاء. كان القمر بدر و غشاء من الصمت يحيط بالمكان. يخترقه من حين لحين صوت اوراق شجر المانجو و هي تتراقص مع نسيم ليلي حالم. يحب السلطان تناول غدائه و عشائه و افطاره في الحديقه. تحت ظل شجره عجوز يسمونها الام لانها اكبر الاشجار. و لها اغصان كثيفه و كانها غابه في حد ذاتها. يقال انها اقدم شجره في المملكه الصغيره. ربما هي كذلك. يقول السلطان لنفسه و هو يراقب الظل الباهت لاغصانها يتموج علي الارض.
يقطع صوت زوجته تأملاته و هي تقول : هل من جديد بشأن الغزوات ؟ ..
ينظر الي زوجته ثم الي ابنته ثم يقول بصوت متقطع .. نعم لقد دخلوا المدينه .. و قتلوا سلطانها .. و ارتكبوا المجازر في شعبها ..
هل نحن في خطر تسأل الزوجه بصوت لا يخلو من توتر ..
لا و الحمد لله فلقد اكد لي وزيري انه توصل الي اتفاق مع الغزاه باعطائهم مبلغ معين من المال كل مده في مقابل عدم التعرض للملكه .. و يالهي كم كان مبلغا ضخما .. و لا يكاد ينهي هذه الجمله حتي ينهض من مكانه قائلا .. اعتقد ان الوقت قد تأخر عليك يا سمر و حان موعد ذهابك الي النوم . . فتتململ ابنته لذلك ..
2
بعد العشاء تودع الام ابنتها الفراش ثم تتوجه الي غرفه النوم. تخطو قدماها الحافيتان خطوات صامته علي السلم. تقف امام الغرفه. زوجها في الداخل, لكنها لا تدخل مباشره بل تراقبه. يمشط شعره و شاربه. يضع بعض العطر. ثم يندس في السرير. الغرفه تضم سريرا و مراه و خزانه بمراه و كرسين و طاوله. تدخل الغرفه و تنضم الي السلطان علي السرير.تكاد تشعر بانفاسه و هي تعلو و تهبط بالقرب منها. يداعب السلطان شعرها ، يقبل رقبتها و يتحسس بانامله تضاريس جسدها. ترفع يده ببط طرف الثوب الازرق من علي جلدها الابيض كبياض الثلج. يكشف عن ساقيها و شيئا فشيئا ركبتها و ردفها. لكن قبل ان يصل. تقاطعه قائلا انها لا ترغب في ذلك الان فهي تشعر بتوعك .. يتنهد الزوج و يعتدل في جلسته. لقد مضي شهر منذ اخر مره رغبت فيها يقول الزوج .. هل فعلت شيئا ازعجك ؟ تهز رأسها نفيا ، يغادر السلطان الغرفه دون كلمه اخري
3
في الظلام صوت يتردد بين ثنايا المكان. المكان هو غرفه نوم سمر. و الصوت هو صوتها. انها تحلم و تنطق بكلمات ، نرهف السمع .. تقول لا امي امي اهربي ! ، جسدها متعرق و عيناها كباندول الساعه. و يبدو انها تصارع شيئا مخيفا. في هذه اللحظه يمر الاب من امام الغرفه. لكنه غارق في افكاره لدرجه لا يسمع معها انين ابنته.
4
جلس السلطان في غرفه الدرس يدخن النرجيله. كان دخانها يندفع في الهواء ثم يختفي. تماما كالذكريات التي تشتعل في عقله ثم تنطفيء.ذاكرته كانت تعود به الي الوراء. كمسافر في الزمن يعبر عبر مئات المشاهد. يرجع الي الخلف و الي الخلف. الي حدث حصل معه منذ شهرين و نصف تقريبا. يري المشهد من منظور الشخص الثالث. يري نفسه و قد تلوثت ملابسه بالتراب. يقف امام مقبره في وسط حشد هائل من الناس عن يمينه و يساره. شاهد القبر يشير الي ابن السلطان. نعم انه اليوم الذي دفن فيه السلطان ابنه. لا يحب ان يفكر في هذا كثيرا. هذا هي طريقته في التعامل مع الامر بدفنه عميقا في داخل نفسه. علي عكس زوجته التي استحوذ الامر علي تفكيرها مؤخرا. و اقول مؤخرا و ليس دائما. ذلك ان اول رد فعل لها كان الانكار. ففي اول شهر بعد الحادث. اغرقت زوجه السلطان نفسها في الكثير من تفاصيل حياتها. و من بين تلك التفاصيل حياتها الزوجيه التي كانت في اوجها في تلك الفتره. شيء غريب اليس كذلك ؟ ان يزداد اقبالها علي زوجها مباشره بعد وفاه ابنها و ان يقابلها زوجها بنفس الشغف. لكن الامر لم يدم اكثر من شهر واحد. ففي الشهر الثاني امتنعت عن معظم الاشياء تقريبا. و اصبحت تقضي وقتها اما تبكي او تفكر و غالبا ما ينتهي تفكيرها بالبكاء.
|