أسئلة غبية .
آنسة خزامى , هاك ورقة الأسئلة .
ألقت نظرة سريعة عليها , ورقة أسئلة , السؤال الأول , السؤال الثاني , لقد أخبروها قبلا أن عليها أن تلتزم حرفيا بهذه الأسئلة وألا تغيرها أبدا .تتذكر الآن جلوسها مع الأستاذ باهي الذي أخذ ينظر إليها بتفرس اخافها بينما تتأرجح رجله اليمنى الموضوعة فوق رجله اليسرى في حركة استفزازية لأعصابها لأبعد الحدود بينما مكان ما في عقلها يخبرها أن هذا الرجل خطر , لكنها ستمضي لآخر الطريق فالإعلام حلم حياتها منذ الصغر ولا باهي ولا ألف من مثله سيوقفونها عن تحقيق حلمها خاصة وأنها نالت بضربة حظ ـــ ربما ـــ مالم تنله مي ولا ليلى ولا ريم , أعادها صوته إلى أرض الواقع من جديد : هل هذا مفهوم آنسة خزامى ؟
قالت بثقة بينما ضحكة شقية تتراقص متمردة في بؤبؤ عينيها : مفهوم إستاذ باهي .
كان أول لقاء لها مع الفنانة اللامعة المشهورة ........... في الحقيقة لقد كانت ترغب ألا تجري مع هذه الفنانة اللقاء , لكن ما باليد حيلة فهي مازالت جديدة في البرنامج وكانت تقريبا عبد مأمور من قبل المذيعة التي سبقتها في تقديم البرنامج . البرنامج جيد لولا أنه قديم ويحتاج لضخ دماء جديدة إليه لتجديده , لكم كانت ترغب الآن في تغيير كل هذه الأسئلة التي بين يديها ,هذه الشخصية الرياضية التي ستقابلها شخصية لها وزنها وثقلها في عالم الرياضة ولو ألقيت عليها أسئلة معينة لتحرك الركود الجاثم على هذا البرنامج وانفكت عقدته وتحول جموده إلى حركة وحيوية , تذكرت جدتها لأمها جبراء التي قالت لها آمرة فور ظهور هذا البرنامج قبل أن تتسلم تقديمه على شاشة القناة الوطنية : قومي خزامي وغيري القناة , لا يوجد برنامج يصيبني بالملل قدر هذا البرنامج ثقيل الدم , لم تستطع أن تعترض ساعتها بل غيرت القناة ولم يخطر ببالها أنها فور تعيينها في التلفزيون المحلي ستصبح شر خلف لشر سلف .
لقد حاولت مرة أن تدس ورقة الأسئلة التي أعدتها بنفسها في لقاءها بأحدى الشخصيات التجارية مع الأوراق التي سيوقع عليها مدير القناة , لكنهم لما استدعوها لاحقا اكتشفت كم هي عيون مدير القناة جاحظة وكبيرة وقبيحة وهو يحدق بها فاتحا عينيه بقوة وهو يهز برأسه يمنة ويسرة ويقول : تس تس تس تس لم أكن أحسب أنك بمثل هذا الغباء آنسة خزامى .
كان عليها أن تدافع عن نفسها : عفوا سيد عصمت , ما الأمر ؟ لم أفهم .
مدير القناة السيد عصمت : ماهذه الأسئلة العقيمة الغبية آنسةخزامى ؟
خزامى : عفوا سيدي , ماكنت أقصد , لقد حسبت أنها ستحرك ركود البرنامج .
قال صارخا وضاربا بيده بقوة : من قال لك أن البرنامج راكد , البرنامج ناجح ناجح بكل المعايير ياآنسة .
أرادت أن تقول : لكن سيدي كل المعايير تقول أنه برنامج في مراحل الاحتضار الأخيرة , لكنها بلعت قولها , عليها فقط أن تثبت قدميها في هذه القناة عبر هذا البرنامج الملل , لتبذل جهدها بكل الوسائل المتاحة لها في جعل البرنامج يتأخر موته قليلا بكل المستطاع .
اليوم ستجري لقاء مع شخصية خطيرة للغاية , لقد ظلت طوال الأربعة أشهر ورنين جوالها لا يتوقف من قبل مدير القناة ومعد البرنامج والمذيعة السابقة لها وزملاء آخرون , كلهم يتصلون لأجل ضيف اليوم .لم تفعل شيء في الأسئلة ككل مرة , لكنها لما توجهت لمقر المحطة وجدت المئات من الحشود المجتمعة المحتجة على سياسة البلد من خلال استنكارها لممارسات ضيف اليوم . عليها الآن أن تسأل الضيف الأسئلة التي لا تعرف حتى الآن ماهي وأن تنظر إليه بملامح هادئة بينا تنتظر الرد , ثم تأيد ردوده في سلام وهدوء ثم تختم البرنامج بابتسامة باتساع سور الصين العظيم وينتهي كل شيء عند ذلك .وصلت إلى الإستديو حيث كان كل شيء معد تقريبا , الكاميرات , الإضاءات , مكرفونات الصوت , جلست في مكانها المخصص لها داخل الإستديو بينما سارعت المسئولة عن المكياج إليها لتضع لها اللمسات الأخيرة , التجديد في ديكورات الأستديو هو من الأشياء الشكلية القليلة التي غيروها في هذا البرنامج القديم , نظرت ,هناك أمور غريبة تحدث اليوم فلقد حضرت المذيعة السابقة اليوم بنفسهاوهذا أمر نادر الحدوث , لن تتقدم لتحيتها بالطبع وعليها هي أن تقوم من مكانها لتحييها وتصافحها وتتملق لها , كم تكره ذلك , لاحظت كذلك بعد ذلك وجود مدير القناة وراء الكاميرات , مما هم خائفون اليوم ؟ لم كل هذا ؟ أليست الأسئلة معدة من قبل ؟ وهي ستكون الببغاء التي ستردد المكتوب ؟ لم كل هذا إذن ؟ كما لاحظت وجود معد البرنامج ومساعده الذي يشاركه في وضع الأسئلة على حد ما وصلها , وفجأة وكأنما قامت الدنيا ولم تقعد أبدا , وكأنما قامت القيامة تباعد كل من مدير القناة والمذيعة ومعد البرنامج ومساعده ليشكلا طريقا ليسمحا لضيف الحلقة أن يمر من خلاله وقد دخل وبرفقته اثنان من الحراس على جنب كل واحد منهما سلاح , تقدم مدير القناة لمصافحة الضيف وزير الدولة الدكتور حسين شرارة كما وصافحته المذيعة وصافحه معد البرنامج , إلا ان الوزير استنكف عن مصافحة مساعد معد البرنامج , وتوجه إلى حيث المذيعة في أنفة وكبرياء , وقفت خزامى لتصافحه وهي ترسم ابتسامة واسعة حاولت أن تبدو صادقة قدر ما تستطيع , ثم تقدم رجل ما إلى داخل الاستديو وضرب بفرشاة مكياج على وجه الوزير ورفع أمامه مرآة لينظر لنفسه , سمعت بعد ذلك : كاميرات , جاهز , ميكرفون , جاهز , إضاءة جاهز , في تلك الأثناء تقدم منها مساعد المعد وناولها ورقة الأسئلة وبدأ البرنامج .
خزامى : سيداتي سادتي , مساء الخير , الليلة في برنامجنا ( وراء الستار ) نحاول أن نكشف ماوراء الستار من خلال ضيف حلقتنا لهذه الليلة معالي الوزير الدكتور حسين شرارة .ثم التفتت إلى الوزير: مساء الخير معالي الوزير .
الوزير : مساء الخير عليك وعلى كل المشاهدين أمام الشاشات .
خزامى وهي تنظر لورقة الأسئلة تحاول أن تلتهم ما فيها التهاما : معالي الوزير , من أين نبدأ؟
الوزير : سنبدأ من أمن بلادنا , ومن فائض الميزانية الذي بلغ اثنان تريليون ليرة , وسنبدأ من انخفاض مستويات البطالة لدى الشباب حتى مابعد النصف , وسنبدأ من شركات القطاع الخاص التي وفرت وظائف للعاطلين عن العمل براتب لا يقل عن ثلاثة الآف ليرة , وسنبدأ من خدمات المستشفيات المكتملة سواء مستشفيات قطاع عام أو قطاع خاص وسنبدأ من التعليم المجاني لكل مواطن وسنبدأ............................................ ......كانت تستمع لكن هناك صوت ما يأتي من مكان ما من هذه البناية , صوت هتافات الحشود التي تجمعت أمام البناية التي علمت بشخصية اليوم , اخرج ياعمار اخرج برا الدار , اخرج ياعمار اخرج برا الدار , ماهذا ؟ هذه الحشود تنادي باسم الرئيس وتطالبه بالتنحي .عادت من جديد لصوت الوزير الذي كان قد وصل لآخر جملة في جوابه الطويل وسننتهي بعزم بلدنا على مواصلة جهودها لإطلاق أول طائرة مصنعة محليا للجو .
ماهذا الهراء , منذ متى تصنع الطائرات في بلادنا ؟ إن الشعب يباد فعليا وبيد زعيمه , كل ذلك طمعا في السلطة والحفاظ على المنصب , هؤلاء الثوار على حق , نظرت لورقة الأسئلة ,. عليها أن تتخذ قرارها الآن , ألم تطمع في ضخ دماء جديد إلى برنامج ( وراء الستار ) فليكن ذلك الآن .
خزامى : معالي الوزير , منذ متى والطائرات تصنع في بلادنا ؟
سمعت صوت نحنحة وراء الكاميرا بينما تململ الوزير في جلسته بشكل لاحظته .
الوزير : هناك طائرات تصنع في بلادنا وهذه هي مفاجأة سيادة الرئيس لشعبه .
وتدفقت الشجاعة داخل قلبها بجرعات كبيرة , لتسأله مايجب أن تسأله : معالي الوزير , لم تصنع الطائرات في بلادنا ويفاجأنا بها الرئيس بينما العشرات بل المئات يقتلون على يد قوات الرئيس نفسه وبدون سبب يذكر .
سمعت صوت : كت كت اقطع اقطع , بينما توجه نحوها وبقوة مدير القناة الذي انتشلها من على الكرسي بقوة , وفي نفس الوقت استطاع ذلك الحشد اقتحام مبنى القناة في حين فر الوزير من الأبواب الخلفية ناجيا بنفسه .
خزامى من الشخصيات التي اختفت فجأة بعد ذلك لكن ذلك السؤال الذي وجهته للوزير شرارة كان الشرارة التي أشعلت فتيل ثورة ضد الظلم الذي يمارس على أمة كاملة له حرية رأي وعزيمة أبطال .
تمت بقلمي : مفك العدة .
19-04-12, 04:50 PM
اسئلة غبية
جديد مواضيع قسم القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
العرض العادي
