كاتب الموضوع :
همس الزوايا
المنتدى :
الارشيف
صباح النور يشرق ضوءه...
صباح الأمل يلقى شعاعه...
صباح النوم حتى تستلذ الأعين..
صباح الاستياقظ حين ترتوي الأجفن...
صباحكم أنتم يا أحبة...
أعتذر جداً جداً جداً...عن الانقطاع الذي كان فوق رغبتي...
وعدت لكم ببارت غني نوعاً ما بأحداثه....
الجزء الحادي عشر
**********************************
تمسك بعلبة المنديل الكرتوينة مصوبة إياها بتركيز قبل أن تقذفها لتصيب رأس ابنة خالتها التي صرخت
متوجعة بينما دخل الجميع في نوبة ضحك
"رغددددد...اش هذا؟؟"
"أحسن عشان مرة ثانية ما تستلميني تريقة"
تمسك رأسها بألم:"أحححح يا عليك دقة تصويب....هب عالشيطان"
تتثاوب الآن:"لا يا آنسة أنا محصنة ضد الأعين الحاسدة"
"لا تخليني أجرب"
"ههههه روحي بس اللي يسمعك يقول عينك حارة...يختي عينك باااااردة فيها قوالب ثلج"
تتدخل الآن تالا بمرح:"صح يا خالة مسافرين بكرة"
دلال:"إن شاء الله على خير"
سارة:"وين بتحطون هذي الرجل؟"
رغد:"بنسوي لها قص مؤقت ويوم نوصل نسوى لصق"
تالا:"ههههاي..ما تضحك"
عبير:"كاكاكا....خشمك خشمك رغد لحقي عليه"
رغد:"هاتيه هاتيه..هنا هنا –ثم تلتقط شي وهمي وتقوم بوضعه على أنفها- أشوى بغيت أنكتم"
سارة:"يا مصخكم انتي وياها...قوموا خلينا نسوي ذكرى وداعية..على فكرة مها وفطوم مهم جايين؟؟"
تدخل سميرة مستمعة لآخر حديثهم:"إلا توها مها كلمتني جاية ومعها فاطمة"
تقوم إيمان:"زين ياللا أجل عبير قولي للشغالات يجيبوا القهوة والحلى للصالة فوق بنجتمع هناك"
تقوم عبير:"طيب...صحي ندى النوامة هذي بيسافروا بعد المغرب بكرة"
تشهق سميرة:"هذي لسى نايمة...أنا أبغى أعرف طالعة على مين هالبنت؟؟"
تضحك عبير بمرح:"ما أذكر إنو عمي أحمد نوام"
ترفع سميرة حاجبا بمرح:"لا يا شيخة...إذا ما طلعت لأبوها تطلع لمين؟؟"
مزنة بمرح:"تطلع لعمتها"
تبتسم سميرة:"في هذي صدقت"
ضحك الجميع فالخالة سميرة لديها أخت زوج نوامة وهادئة ولا تحب المرح كثيرا بعكسها وكم شكت لهم
من الملل الذي تعانيه عندما تكون في زيارتها
تدخل مها وهي تصفق بمرح:"أنا جييييت"
وتدخل خلفها فاطمة تحمل العديد من الأكياس الثقيلة:"وأنا ابتلشت بهذي الأكياس"
تنزل غطاءها بتعب"وه يا ثقل الأكياس"
تنادي رغد الآن:"فطوووم جبتي ورق عنب"
ترمي فاطمة بنفسها للكنبة خلفها:"إيوه جبت –وحين رأت تحفز عبير وتالا للإمساك بالأكياس- لا
تقربوا جبت لكل وحدة برميل ورق عنب"
درة:"يععع أنا ما أدري كيف تحبون ورق العنب.."
نسرين:"استغفري ربك يا بنت ما يجوز تقولين كذا على النعمة"
تدخل إيمان عليهم بغضب:"إنتوا لسى ما طلعتوا..؟؟..قدامي ياللا...سارة ومها مهمتكم طلعوهم...
خالة سميرة تكفين اجمعي خالاتي فوق...بروح أشوف جدة منى وجدة سعده"
تبتسم سميرة:"يا ناس شوفوا شوفوا الناس العملية اللي تحب الوناسة..أبشري من عيوني"
تالا تنظر بمأساوية لرغد:"تؤ تؤ..ستبقين وحيدة هنا يا أخت العرب..أمر مؤسف"
رغد وهي تستوي واقفة على عكازها:"الله الغني عن شفقتك روحي بس"
************************
أمام حاسوبها تدور على المنتديات قبل أن يرتفع رنين هاتفها
"هلا نسرين....تمامو.....كيفكم انتو؟؟...دحين؟؟...-تنظر لساعتها- الساعة دحين 12 متأكدة
أجي دحين؟..ههههه لا والله ما أفوت علي جمعات زي كذا...خلاص بأكلم فريد إن وافق يجيبنا
عندكم...ماما مهي موجودة....خلاص خلاص جايتكم.....ههههه إن شاء الله"
تغلق من نسرين قبل أن تقوم متوجهة لخزانة ثيابها لتخرج لها ثيابا تليق بجمعة وداعية في منزل
جدتها....بينما تنادي أمامة بأعلى صوتها...تدخل أمامة بملل:"نعم آنسة نجاة وش تبغين؟؟"
"قومي تجهزي بنروح لبيت جدة"
"دحيين...؟؟!!"
"إيوه عمة سميرة وعمة دلال بيسافروا بكرة..وبيجتمعوا الجمعة الوداعية"
"ومين بيودينا؟؟"
"بأشوف فريد إذا ما رضي بأكلم السواق"
"ليه وين رايحين؟؟"
تضع يدها على صدرها:"بسم الله خوفتني فريد"
"وين رايحين؟؟"
نجاة"بنروح بيت جدة منى وسعده...-بترجي-...تودينا؟؟"
يبتسم الآن بسعادة...يتمنى لو تقترب أخواته من عماته أكثر من خالاته...ليس لأنه يكره خالاته
كلا...بل لأنه يريدهن..أكثر التزاما وتقربا لربهن
"خلاص ربع ساعة وألقاكم جاهزين"
تقفز أمامة بسعادة:"عشر دقايق واحنا تحت"
يسبقهم نزولا:"نشووف"
حسنا إنه مستعد لانتظارهم ساعة كاملة...فقط ليكونوا أقرب
.
.
.
.
صدق المولى حين قال:"ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة
كأنه ولي حميم"
******************************
يفتح عينيه مستنكرا مكانه...قبل أن يتذكر وصوله مع أسامة إلى الإمارات...يتمدد على سريره في منزل أسامة..الخالي
سوى منهما والخدم...يحزنه وضع أسامة كثيرا...لا أب ولا أم ولا إخوة...بلا أسرة...يضع يده على فمه مانعا إياه من
التثاؤب....يقوم من سريره ليتوضئ...تبقى على آذان الفجر ساعة إلا ربع...سيصلي فيها ركعات يتقرب بها إلى ربه
يدعوه...ويرجوه...ويبتهل إليه...ويذرف أدمعه...راجيا عفوه وغفرانه...هدايته وتوبته....يرتل آياته...يجد فيها نور
لقلبه...وبصيرته...ما ألطفك يا رب
.
.
.
رباه تباركت أغثني ياذا الإحسان والمن
غفرانك رحماك إلهي إن كنت عصيتك فارحمني
إني في بابك منكسر بالذنب مقر سامحني
فالروح تأن وكم تكوى من نفح التفريط المظني
غفرانك يا من ترعاني بالفضل الغامر والحاني
وأنا في لهوي كم هامت نفسي في وادي العصياني
إن جل الذنب فأنت أجل
والأوسع حلماً تتفضل
فلكم أسرفت وتسترني
بستار عطاياك المسبل
.
.
.
يصل لمسامعه صوت آذان الفجر...ينهي تسبيحه وذكره...قبل أن يقوم طاويا سجادته...ليغادر حجرته نحو
المسجد..خطوات تحفها السكينة....وهالة من ضياء تنير له دربه....ورضا يعم ذاته...لك الحمد يالله..لك الحمد
على ما تفضلت به من نعم على عبدك الفقير.....يبتسم لمرأى أقدام تجاوره نحو المسجد...طفل صغير لا يتجاوز
السادسة...وشيخ قد تعدى الستين....وشاب في زهرة عمره...جميع الأعمار هنا...ما الذي أيقظهم..؟؟ وقد غادورا
أسرتهم الوثيرة...والنوم الهانئ...لرضا ربهم...لإقامة فرض أمرهم به...سعادة تكتنفه..مازال في أمتك الخير يا رسول
الله...ما زال هناك من يرجو اللقاء بك في الفردوس الأعلى...أرباه لا تحرمهم لذة النظر لوجهك الكريم...إنك على
كل شيء قدير......خطا تتبعه بوقار...يلتفت ليرى أسامة...يبادله ابتسامة...قبل أن يقفز لذهنه حديث المصطفى
عليه أفضل الصلاة والتسليم"تبسمك في وجه أخيك صدقة"...ها هو يكسب أجر صدقة ببسمة يلقى بها مسلم
ما أعظمك أيها الدين....
************************************
"مرااااااااااااااااااااااااااام"
تجلس بفزع بعد أن كانت تسترخي متابعة برنامجا طبيا على قناة المجد..."بسم الله الرحمن الرحيم..جود وبعدين معك"
تضحك بمرح:"آســــــــــــــفة خيتو..بس لي ساعة أنادي وما سمعتيني"
"أبعرف إنتي عندك يا طخه يا اكسر مخه؟؟...يا إما بصوت واطي ما ينسمع أو صوت عالي يفقع الأذن"
تستمر بالضحك:"المهم يا حلوة العشا عليك اليوم وتراني جيعاااانة بشكل غير طبيعي...إضافة إلى أني مسوية رجيم
فسوي لي سلطة فواكه بكميات هائلة...أو سلطة خضار بنفس الكمية سالفة الذكر"
تتكتف مرام وهي ترفع حاجبا:"لا يا شيخة من متى التشرط في الوجبات؟؟"
جود وهي تجلس باسترخاء:"من اليوم يا قلبي...ياللا تكفين مرومتي والله مرة جيعانة وبعدين دوبي أنقص
ثلاثة كيلو ما أبغى أخربها"
مرام:"من السمنة اللي ذابحتك...روحي بس"
جود:"إيوه يا حبيبتي اش عليك وإنتي الجسم ملكان..ما تحسين بمشاعر الدبيات أمثالي"
مرام:"والله جد جود جسمك مو محتاج ذاك الرجيم"
جود:"حلوة جد جود...هذا إنتي قلتي ذاك الرجيم..مو هذا الرجيم..بعدين تراي تعقدت كل ما شريت
فستان طلع علي جنان من فوق...ومن تحت ما يدخل"
مرام:"والله إنك هبلا هذا ما يسمى بالجسم المزهرية أو الكمثرى...وهو جسم مرغوب بشدة في هذا
الزمن"
جود:"العبي علي بهالكلمتين...ما فيه شردة بتقطعين بتقطعين"
مرام وهي تقوم متأففة:"الله يصبرني"
جود وهي تسترخي وتقلب التردد على قناة صفا:"آمييين...روحي سوي شغلك وأنا أبغى أشوف
التخلف اللي عايشين فيه الشيعة هنا...الله يخزيهم"
*********************************
يدخل عليها في الغرفة الخاصة بأمه وهي ترتدي حجابها:"ياللا نورة جدي ينتظرك تحت"
تعبس الآن بغيض:"سلطان ما تقدر توديني؟؟"
سلطان بإرهاق:"نورة تناقشنا فهالشي خلاص ما أقدر أترك أمي لحالها وإنتي شايفة وضعها كيف....محد
بيروح معكم...بيوصلك البيت خذي ملابسك وبيرجعك هنا على طول...بعدين مفروض تستانسي
رجل الأعمال السعودي المشهور مشعل بن عبد العزيز الـــــ........يوديك شخصيا..ياللا بس لا تأخريه"
نورة بتأفف تتجه نحو سرير أمها وتقبل رأسها:"ياللا يالغالية بروح أجيب ملابسي وأرجع على طول...
انتبهي على نفسك...وإذا سلطان الدب ما أكلك...أنا بأكلك...-تقبلها ثانية- دعواتك يالغالية"
تشيعها أمها بابتسامة مجهدة وتغادرها نورة..بينما يجلس سلطان إلى مقعد إلى جوارها..فاتحا مصحفه
يتلو عليها آيات من الذكر الحكيم ويده تهمز يدها بلطف...استمر هكذا لأكثر من عشر دقائق قبل
أن يشعر بيدها تشد بضعف على يده..يهب واقفا..مقتربا منها..."بغيتي شي يالغالية؟؟"
.
.
.
.
يا قلب أمي لك مشى
بالعطف والطيب انتشى
في حضنها عمري نشى
ومن حبها قلبي يميل
أمي حياتي وجنتي
أنت عيوني وبسمتي
حبك شعاع بمهجتي
والشعر من حبك يسيل
القلب سعده من رضاك
والكون عطره من شذاك
كلي على بعضي فداك
إن غبت سموني القتيل
يا نبض قلبي والوجود
يا روح عمري يالودود
يا أغلى من كل الحشود
المدح في حقك قليل
أمي كلي فداك
أمي أنت ملاك
.
.
.
.
نظراتها الواهنة تخبره أنها تريد أن تقول شيئا...يقترب منها أكثر ليصغي...بينما تجاهد هي ليصله
صوتها...ظهرت حروفها...مقطعة...خافتة.."نــ...و...ر...ة – تلتقط أنفاسا وآهة تصدر من جوفها-
..أ..بـــ...ــغــــ....ى...أ...شــــ...و...فـــ...ـــــهـــ. ..ــــا..."
تلهث بتعب على المجهود الذي بذلته بينما يشد هو على يدها:"أبشري..بس هيا راحت تجيب ملابسها
وبترجع دحين"
تهز رأسها بوهن معترضة قبل أن تفتح فمها لتخرج المزيد من الحروف:"أ...بــــ....ـــغــ...ــــى....
أ...شــــ...و...فـــ...ـــــهـــ...ــــا...قــــــ....بـــــ ....ــــل....أ...مــــــــ......ـــــو.....ت"
يشد على يدها:"الله يحفظك يا أمي...إن شاء الله ربي يحيك حياة طيبة وبتجي نورة وتشوفيها..-وبعبرة
سدت مجرى حلقه- وبتشوفين عيالها وعيالي كمان"
تبتسم له بحنان ترفع يدها بوهن تمسح على خده"انــــــ..تــــ...بـــــــ...ــــه....عــــ...ــلــــ... ـــى...نــــ...و..ر...ة"
لا يملك دموعه الآن أن تسقط...أمه تودع آخر لحظاتها في الدنيا...تشمخ بنظرها للسماء...قبل أن
تنظق بالشهادة مقطعة...
.
.
.
.
.
وتترك لروحها حرية الرحيل.....
يجول بنظره على وجهها الساكن بهدوء..يمد يده ليغلق عينيها...لا يرى للممرضات اللواتي ملأن الغرفة
وجودا ...يضع رأسه على صدرها ويجهش بالبكاء...عاد كطفل الخامسة...ينتظر منها أن تحتويه بين
ذراعيها...أن تمسح دموعه بيديها ..أن تهدئة بكلماتها....تشيعه بدعواتها....تبسم في محياه..لكنها..
لم تفعل لم تفعل...."أمااه أرجوك أجيبيني... أرجوك..لا أقوى على دفع شقاء دنياي وحدي....لا
ترحلي...انظري إلي...ابنك الذي غدا شابا...سيحملك على ظهره... سيخدمك بعينيه...أماااه...ما
زالت هناك طفلة..تحتاج لوجودك...لنصحك...لدعواتك...أمااه...هل قررتي أن تتركيني أواجه
صعوبات الحياة دونك....أن أشق طريقي في مهالكها...لا ترافقني دعواتك المباركة....مهلا أمي...
مهلا أرجوك لا ترحلي...ابقي إلى جواري...اسندي ضعفي...أنيري دربي...لا تدعيني وحدي...لا
تدعيني وحدي.. وطفلة..لا تقوى على العيش بعدك"
أيد كثيرة تحاول رفعه...إبعاده عن أمه....يتشبث بها....دعوني...لم أشبع من حضنها بعد...
أصوات مختلطة...دعوات...وتصبير...وتثبيت...وتربيت...لا يدرك شيئا منها...كل ما يدركه هو أن
أمه لم تعد تجب عليه...لم تلف ذراعيها حوله...آهة ألم تندفع من جوفه...يد تشده لتحتضنه وصوت
أجش يبلغ مسامعه:"اصبر يا خوك...ادعي لها بالرحمة...الله يتقبلها بالجنان"
.
.
.
.
يا دمع أحرقت العيون
أمي عليه ما تهون
لكن إذا حل المنون
ما يوقفه قال وقيل
يا ناس من للي بعدها
يا ناس من هو يردها
تكفون قولوا وينها
عذبت قلبي بالرحيل
.
.
.
.
.
تسير مسرعة نحو حجرة أمها..قلقة عليها هي...وخطوات جدها تتبعها...لم قلبها يؤلمها...هل أمها
تتألم تسمع رنين هاتف جدها..ما بال الممر طال فجأة...حجرة أمها في القسم الآخر من هنا...ها هو
ذا..جدها يرفع صوته مناديا وخطواته تسرع خلفها...لكن لا...قلبها يخبرها أن تتوقف..وعقلها يحثها
على الاستمرار أمي تنتظرني هناك...يجب أن أسرع...تركض الآن فارة من جدها....ها هي تصل...
لكن مهلا...ما كل هذه الضوضاء..؟؟..لم كل هذه التجمهر...تهرول مخترقة صفوف الممرضات...
تمسكها إحداهن مانعة إياها من الدخول
...تدفعها بعنف..وهي تصرخ منادية أمها...تتوقف الآن في منتصف الغرفة...سرير أمها فارغ...سرير
متحرك عليه ملاءة بيضاء...سلطان أين سلطان؟؟...تقترب من السرير المتحرك...لا تقتربي...صوت
يصرخ في قلبها....لكن خطواتها الآن لم تعد ملكها...تمد يدها لترفع الملاءة...لترى ذاك الوجه الحبيب
وهالة من نور تحيطه...حروف متقطعة...انفلتت من فمها..."أمــ...ــي..."
يد تشدها للخلف...تتفلت منها...قبل أن تسمع صوته متدحرجا..خافتا...متوجعا...:"نورة"
تلتفت إليه..عيناه المحمرة.... تهمس له:"أسسسس.....أمي نايمة..ليش ما جلست جنبها...زي ما
قلت لك؟؟"
يقترب منها قبل أن يدفنها في حضنه:"نورة أمي عطتك عمرها"
تدفعه عنها:"ههههاااي...دمك خفيف تصدق..."
يشدها لحضنه ثانية:"نورة...ادعي لها بالرحمة..."
...ماتت....ماتت...صرخة تهز فؤادها...تنطلق مجلجلة....بألم...بوجع...بفقد...
وهي تنهار أرضا تنظر إليه ببهوت وتتردد الكلمة في عقلها بكل وحشية
"أميييييييييييييي......لااااااااا....لا تتركيني.....لا تخليني.....أمييييييييييي....لااا...لاااا تكفين لاا"
تحبو إلى ذراع السرير..تعتمد عليه لتقف...لترتمي في حضن أمها...."أميييييي....لا تموتي....سلطان
الدب...راح بس والله جيت..جيت..ما عاد أروح...تكفين قومي...والله والله ما أتركك...أمييييييييييي"
يسحبها سلطان من خلفها ليبعدها عن السرير سامحا للممرضات بأخذ أمها بعيدا:"لاااااا لا ياخذونها..
أمي..سلطان أخذوا أمي.....لااا...أمي ما ماتت...هي قالت لي أمس...تبغى تقولي شي...لا
تروح....أميييي"
.
.
.
.
.
يصل لمسامعه صرخاتها...اعتراضاتها...شعور بالشفقة يتفاقم في داخله...قبل دقيقة فقط كان سلطان
بمثل حالها قبل أن يصطحبه قسرا إلى دورة المياه ليغسل وجهه.....ها هو الآن يحتضن أخته...يلتفت
ليغادر الحجرة تاركا لهم حرية نثر أوجاعهم...وذكرى غائمة...شديدة البهوت..لطفل الثالثة ينظر إلى
الحشودالتي امتلأت في بيته ودمعة متشبثة بأطراف أهدابه...ممسكا بدميته...
ينفض رأسه يقترب من جده مناديا...بل ربما منبها:"أبوية.."
ينظر لجده الذي يقف بتصلب ولا تبدو على ملامحه سوى الجمود:"ماتت..؟؟"
يهز رأسه إيجابا....فيعطيه ظهره مغادرا:"أجل بروح أشوف إجراءات الدفن..."
يزفر بغيظ...أين يجب أن يذهب الآن..؟؟
**********************************
بيت العمة حياة (أخت ساعد وحامد من الأب)
يتصفح أحد أعداد مجلة نون بأريحية...وبيده الأخرى عبوة عصير يتقاطر الندى منها...يشربها باستمتاع
دخلت عليه أخته رزان وهي الأخرى تحمل بيدها مجلة حياة للفتيات...تدخل باندفاع وتجلس
وهي تقول:"أمين أبوية يبغاك"
"اش يبغى"
"مااا أدري قلي نادي أمين يجيني بالمكتب"
أغلق المجلة ووضعها جانبا ورشف رشفة طويلة من عبوته قبل أن يلقيها في سلة المهملات
"الله يستر...استدعاء من وزارة الخارجية والحكومة"
ضحكت ضحى بمرح:"روح يا بني دعواتي معك"
دخل على والده في مكتبه باحترام:"سم يبه...."
وضع والده الكتاب الذي كان يقرأة جانبا:"سم الله عدوك....الله يحيك تفضل اجلس"
أمين:"الله يحيك...أمرني الله يطولي بعمرك"
ابتسم والده بمحبة:"ما يامر عليك عدو....عندك شي هاليومين...؟؟"
أمين:"لا...بغيت شي...؟؟"
تنهد الوالد بابتسامة:"خاطري أنزل مكة....زمن عنها...تخاويني..؟؟"
ابتسم.....ومن ينبض في قلبه عرق مسلم لا يريد مكة...أفي هذا تشاور يا أبي...؟؟
"مشينا الليلة لو تبغى"
ابتسم والده بحبور:"كفو...بكرة الفجر نسري على خير"
أمين:"الجبل ولا السيل...؟؟"
"الجبل...أسرع...نجلس لنا يومين ونرجع"
"أمي وضحى...ما يروحون معنا..؟؟"
"أمك معذورة وصعبة تجلس لحالها"
أمين وهو يقف:"أهاا...خلاص أجل...بكرة الفجر نمشي"
***********************************
يجلس مقابلا لها....أزالت نقابها...يبتسم لها...لتبادله الابتسامة بخجل
"القمر اليوم مآخذ إجازة"
بدلال:"بس اليوم..؟؟"
يبتسم لها:"اليوم وكل يوم أشوفك فيه"
لا تجيب وتكتفي بالنظر للطاولة أمامها
يرفع قائمة الأطعمة..."ها ليونتي وش تبغين؟؟"
تبتسم بمحبة:"اطلب لي على ذوقك"
"أكيييد, مو ترجعي تقولي ما عجبني"
بصدق:"إذا ما عجبني ذوق خالد...مين بيعجبني ذوقه؟؟"
"الله يخليك لخالد"
تكتفي بالصمت
أتت الوجبة...كانت قطعة مكرونة بشمل...وإلى جوارها بعض المقبلات والحلى..
أكلا باستمتاع....هكذا الوجبات التي نقضيها إلى جوار أحبابنا..تملك طعما مميزا لا مثيل له....
يتبادلان الحديث تارة مرحا...وتارة أخرى...حبا...
ينهيان تناول طعامهما قبل أن تنهض
"ليونة...ممكن نآخذ صورة؟؟"
تعود لتجلس:"أكيييد"
يقترب ليجلس إلى جوارها قبل أن تلقتط الكاميرا صورة ثنائية لهم
.
.
.
.
في طريقهما للعودة...يفتح هاتفه وكذا تفعل هي...لتنهمر رسائل موجود عليهما كليهما....
يرن هاتفه...ليجيب بتردد:"هلا أبوية."
ظل صامتا لفترة ووجهه لا يبشر بخير وصوت عمها الساخط يصل لمسامعها....قبل أن يغلق:"إن شاء
الله"
يرسم بسمة جاهد على إظهاراها:"ليونتي"
"آمر"
"ما يامر عليك عدو...مستعدة للي بيجيك؟؟"
"هههه شكله عمي ما خلا ولا بقى"
"الله يهديه لو أنا قدامه كان ضربني"
"تدري بعد إحنا مو صاحين...أجل نخرج من العصر...إلى الساعة 12 ونص"
يتنهد:"بس برضوا شيء ما ينسى"
تتنهد هي الأخرى:"صح ما ينسى"
يكمل بمرح:"طيب صوت أبوي ما يبشر بخير...أتوقع استلم النتايج....مستعدة للنتيجة"
تأخذ نفسا عميقا"لا..."
صمت يعم السيارة في طريقها المستقيم قبل أن يتوقف جانبا لتنظر إليه مدهوشة:"ليش وقفت؟؟"
"عشان تستعدين للنتيجة"
"كيف بأستعد لها؟؟"
يمسك المقود بكلتا يديه:"ما أدري...بس يمكن..." يطلق زفرة
تضع يدها على كفه:"دامنا تواعدنا...فأنا مستعدة"
يبتسم لها ليتابع طريقه والصمت يحكي الكثير
******************************************
الآن...يجب أن يفعل ذلك الآن
تأخر بما يكفي...ولا بد أنها الآن غاضبة أو حتى حزينة...
ماذا يرسل..؟؟
قلب رسائل هاتفه...للأسف كلها رسائل شباب لا للكلمات الجميلة مكان بينها...يشعر بالإحباط...
هل يحاول أن يكتب..؟؟
لكنه لا يعرف....يتأفف بغيظ....هل يلجأ لأخته هند....لا ريب أن لديها رسائل مناسبة
لكن هند...ستجعل قصته حديث الساعة لأسبوع قادم....
إذن ما الحل..؟؟
هل يذهب خفية ويسرق رسالة من هاتفها دون أن تدري...ستكون نائمة بالتأكيد
ونومها ثقيل نوعا ما...لن تشعر به إن فعل....يقوم متجها لحجرة أخته الوحيدة...يفتح الباب
بحذر...يلقي نظرة
إلى سريرها ليتأكد بأنها نائمة.....حسنا...يبدو ذلك واضحا...والآن بقيت مهمة العثور على
هاتفها...أين يمكن أنها
تضعه...ليس فوق مكتبها...ولا داخل أدراجه...ولا فوق الكومدينو....ولا في درجه...إذن أين
هو...هل يمكن أنها
تضعه تحت مخدتها..؟؟...يمد يده بحذر ليبحث عن هاتفها تحت مخدتها يبحث ويبحث وأخيرا يحكم
قبضته عليه
ويسحبه بهدوء...ليغادر حجرتها على أطراف أصابعه....يتنفس الآن بهدوء وهو ينتقل للرسائل
يقرأ الكثير والعديد...وفي كل رسالة يجد عذرا يصده عنها....أخيرا اختار أحدها أرسلها لهاتفه ثم
أضاف رقم منى
وأرسلها...وهو يدعو في سره أن يكون قد أحسن في اختيار الرسالة...."يا سلام سراق يالأخو؟؟"
"بسم الله اش مصحيك انتي؟؟"
"أبد سلامتك...قلبت مكتبي وكمدينتي وفي الأخير سويت إعصار تحت مخدتي وما تبغاني أقوم...حشا
والله لو إني برميل نوم....بعدين تعال اش تبغى بجوالي؟؟"
"أبد كنت أبغى أدور رسالة"
تنظر له بخبث:"رسالة زي إيش تراي بالخدمة"
يقوم الآن عائدا لحجرته:"لا شكرا ما يحتاج تقدمين خدماتك خلصت"
"طيب قولي اش أرسلت"
"تراي حذفتها من الرسائل المرسلة..."
.
.
.
.
.
.
.
.
تجلس وإلى جوارها إسراء والخادمة يرتبن الثياب داخل الحقائب...حتى لا تتراكم في الحجرة....
كانتا مندمجتين في الحديث حين أعلن هاتف منى عن وصول رسالة...رفعت هاتفها بلا مبالاة...قبل أن
ترى اسم مجاهد يعلو الرسالة تلتهم عينها أسطر الرسالة بابتسامة
"سلام الله أبعثه..مع نسائم الليل تهدي لمسه
سلام لمن خافقي في شوق له..في يومه وأمسه
سلام خالص من فؤادي...لمنى الورد وهمسه
مجاهد"
تناول هاتفها لإسراء ونظرة فرح تطل من عينيها تقرأ إسراء قبل أن تشاركها فرحتها
"أجل خلاص نوقف هنا ياللا ماستا...بكرة فيه كمل"
"ليه؟؟"
"خلاص لازم نفضي الغرفة عشان تقدري تراسليه زين"
"اللحين أنا لازم أرد له الرسالة؟؟"
"اش رايك يعني أكيد لازم تردين له الرسالة"
"بس...أنا ما أعرف أرسل"
تناولها هاتفها:"تجوز الاستعانة بصديق"
تنظر لها ممتنة:"شكرا"
"لا شكر على واجب حبيبتي ياللا ليلة هنية"
"ليلة هنية"
تسارع للتفتيش عن رسالة مناسبة في هاتف إسراء وترسلها وهي ترجو أنها استطاعت توصيل رسالة تفهمه
.
.
.
.
.
.
يقفز قلبه بتوتر وهو يسارع بفتح الرسالة
"ليل أورق يا صاحبي بلمسه...
وأينع ثمره بهمسه...
وحلق طيره بأنسه...
فليس يومه كأمسه..."
يبتسم اختارت ذات السجع الذي اختاره
أراد الخروج من جو الرسائل المتكلف...هل يتصل..؟؟
خطوة جريئة سيقدم عليها....فليفعل
.
.
.
.
تفتح عينيها بصدمة..
(ما صدق على الله)
تضع الهاتف على الصامت...بينما تقوم بتسليك حبالها الصوتية...ثم ترد بخفوت
.
.
.
.
تبدأ الليالي هنا بالامتداد لتكون صبحا...
وينقلب الصبح هنا ليكون ليلا....
************************************
أصواتهم المبتهجة...ضحكاتهم ونكاتهم...سخرياتهم...ومزاحهم....فناجين قهوة تمتد فارغة...لتملأ
ثم تعود لأصحابها...أصناف الحلى..والخفائف...مواضيع تفتح وذكريات تسترجع...
"وخري عكازك مسوي زحمة"
ترفع عكازها لتضرب بها ظهر ابنة خالتها:"لا يا شيخة ضاقت الدنيا عليك إلا تحاشري عكازي
المسكين اللي مهو ماخذ غير سانتيين في الغرفة"
"لا والله ماخذ مكان استراتيجي"
تدخل مزنة وهي ترسم بسمة ماكرة وتخبئ يدها خلف ظهرها
تنظر تالا نحوها قبل أن تقترب من خالتها سميرة:"خالة شكل مزنة ناوية نية سيئة"
ظلت سميرة ترقب خطوات مزنة التي تقترب من نسرين المندمجة في نقاش ممتع لذكرى إحدى الرحلات
الماضية مع إيمان قبل أن تلقي في حضنها قطة محمد ابن خالتها دلال
تصرخ نسرين وتقفز من مكانها وتهرب لأقصى الغرفة وترتفع الصرخات....بينما القطة المرعوبة تهرب يمنة ويسرة في
محاولة للعثور على مخرج...وتتقاذفها جميع ما يطال اليد...علبة المناديل...خداديات..ومزنة تضحك بهستريا, يدخل
محمد الصغير مقطبا وساخطا ومسرعا أيضا:"يالمتوحشات..لا ترمون على توتي...مزنة يا دبة ليش أخذتي بستي؟؟"
يقترب من بسته قبل أن تقفز في حضنه تنشد الأمان...
تصرخ رغد المتشبثة بعكازها:"حمووود طلعها من هنا"
يحتضن قطته وهو يغادر الغرفة عابسا:"ومن قال إني بأخليها عندكم يالمتوحشات"
سعده تصرخ بغضب:"حسبي الله على إبليسك من بنت تروعي البنت يدخل فيها جني ولا بلى"
تضع نسرين يدها على قلبها وتهمس لرغد:"بسم الله علي"
تجلس إلى جوار تالا وهي تضع يدها على قلبها:"الله ياخذ إبليسها...ما أدري كيف عايشة يا رغد وسط بسس..."
"آآه لو تشوفي مآساتي بس"
نجاة:"والله لو يجيبوا لي بسة في البيت لأخرج وأترك البيت لها"
سارة وهي تحتضن ابنتها:"هههههه والله ميار من تشوف البسة تنفجر بكا وما تنومني الليل من صوت بسة"
تضحك إيمان:"ههههه الله يذكر جيلنا بالخير...يوم إننا نلاحق البسس ونربيها..مهو هالعبير تشوفها تشرد لآخر البيت"
ترفع عبير حاجبا:"لا والله"
فاطمة:"هههههه والله جيلنا ما كان فيه غيرك اللي يلاحق البسس ويربيها"
تدخل مها وهي تحمل حقيبتها وتلقيها جانبا:"ياللا بنوتات خلاص ملوا المسبح"
تقفز أمامة وهي تركض حاملة ثياب السباحة:"أنا أول وحدة"
قبل أن تقفز إيمان وتالا وعبير خلفها وسميرة تصرخ خلفهم:"إيمان شوية شوية ارحمي اللي في بطنك"
تزفر رغد بسخط وهي تنظر لقدمها:"دحين بالله وقتك تنكسر؟؟"
تضربها نسرين:"استغفرِ ريك يا بنت هذا اعتراض على قضا ربي"
تستغفر رغد بينما يقوم الجميع مغادرا إلى المسبح
.
.
.
.
.
"مهاااااااا...ارمي لي اللستك"
"مااماااااااا شوووفي مزنة بتوديني عند العميق"
"ريييم بعدي عنهم لا يصقعوا بطنك"
"ياللا بنات بأنط"
"ياللا نتسابق من هنا لهناك"
"عبيييييييييييييير....يا ويلك تقربي...خالة جازززي عبير بتغرقني"
"عبير سيبي بنت خالتك"
"جدددة سعدددده تعالي اسبحي معنا"
"هههههه يا ويلك منها"
"إيييش أنا أسبح على آخر عمري..."
"إييييماان خلاص يا أمي اطلعي مهو زين لك تسبحين"
"جدة منى شوية بس شوية"
"رغوود...ارمي لنا الكورة"
.
.
.
.
جميلة هي ساعات لقاءنا بأحبتنا....تسلوا حياتنا بهم ومعهم..........ولهم
*********************************
يتوقف أمام الباب وهو يهيئ نفسه للدخول...يدفع المفتاح في الباب...يأمل أن تكون لا زالت نائمة...جيد البيت
مظلم كما تركه....بخطا خافتة يقطعها لغرفة الجلوس..الحمد الله ما زالت نائمة...يزفر بألم...لم يشأ أن تصل الأمور
لهذا الحد..يمنع خطواته قسرا من الذهاب إليها...مواصلا طريقه نحو غرفة النوم...يتمدد على سريره ويسرح تفكيره
بعيدا...حقا...لم يفعل ذلك؟؟..لا يملك هو إجابة...آلاف الإجابات تتدافع لذهنه....يرتفع صوت الآذان...ها هو
الفجر أقبل...يرتدي ثوبه...ويغادر إلى المسجد....يريد الابتعاد...إلى أقصى مكان ممكن...يصلي تحية المسجد..ثم
سنة ما قبل الفجر..قبل أن يجلس قارئا ما تيسر له من القرآن..منتظرا إقامة الصلاة...والنوم يغزوه...يغدو النوم الآن
حلما لذيذا يتأرجح أمامه...تقام الصلاة....
.
.
.
.
ها هي الشمس أشرقت منذ ساعة...وهو يمنع نفسه من العودة...رغم سلطان النوم...لا يريد أن يعود..أو يريد
تأخير عودته قدر المستطاع...حتى يتأكد من نومها...لم يعد يطيق صبرا الآن...يحمل نفسه...ويتجه لمنزله...إن
كانت نامت فذاك ما يرجو...أما إن كانت ما زالت مستيقظة...فذاك ما يخشى...
يفتح الباب بهدوء...رجاء عدم إيقاظها...لكن سرعان ما تبخر أمله وهو يراها تركض نحو الباب...يستدير مغلقا
الباب...
"ليش تأخرت؟؟.."
يكتم زفرة ضيق..لقد كان يظن أن هذا السؤال لا يسأل إلا بعد ستة أشهر على الأقل من الزواج..أما ولم يمضي على
زواجه سوى الأسبوع...يبدو ذلك أبكر قليلا مرتين...
تتبعه نحو غرفة النوم...ينزل ثوبه...ويتجه نحو دورة المياه ليغسل أسنانه قبل أن ينام...لم تتبعه هذا مطمئن نوعا ما...
رجا أن تعود لتنام أو تتركه ليفعل ذلك...تعمد الإطالة...خرج...وللمرة الثانية تقف أمام الباب...يتكئ على إطار
الباب..وهو يراها تفرك يدها وترخي رأسها...حسنا ماذا تريد..؟؟...
.
.
.
.
.
.
الآن وهو ينظر إليها بهذه النظرة...تبخرت كل الكلمات التي خططت لأن تقولها له
"آآآ....مجيد..آسفة عاللي صار أمس...ما كان قصدي..."
لا يبدي ردة فعل أيا كانت...لم؟؟
ترفع رأسها لتنظر إليها
.
.
.
.
ذلك آخر ما توقع أن تقوله...لم تخطئ...هي فقط قامت بردة الفعل المتوقعة تجاه ما يفعل هو...أتعتذر؟؟
لا يملك بسمة ترتسم على وجهه وهو يرى توترها...وفركها ليديها...ترفع نظرها الآن...يخفي بسمته بسرعة
ويحولها لنظرة جامدة لتندفع هي
"والله ما كان قصدي...بس أنا ما أدري ليه...يعني أمس أعصابي كانت شوية فلتانة...عبد الله كلمني...يقول لطيفة
تعبت شوية...وإنتا ما كنت موجود...وما قدرت أروح أشوفها بدون ما أستأذنك...بعدين يوم جيت..صار
اللي صار..."
تبرر له...تبرر له موقفها بالأمس...كانت قلقة على توأمها...كما يقلق هو على مجاهد...يتجاوزها متوجها للسرير
بينما تتبعه هي..."سامحتني"
من تحت غطائه:"سكري اللمبات وراك"
"طيب سامحتني؟؟"
"أشوف"
يصله تنهيدتها خطواتها المبتعدة...ليكون الله في عونه
.
.
.
.
.
على الأقل هي حاولت...لترضيه...تغلق النور...وقبل أن تهم بالخروج يأتيها صوته منخفضا من تحت غطائه
"تجهزي يوم أقوم أوديك تشوفي لطيفة"
بسعادة:"والله؟؟...مرررة شكرا عبد المجيد.."
تغادر الآن وقد كسبت أملا...لقد رضي..وسيذهب بها لزيارة أختها...هذا ما ترجوه
*********************************
ها هنا ينتهي الجزء الحادي عشر..ولي عودة بإذن الله
سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر
اللهم انصر عبادك الموحدين في جميع بلدان العالم
وقيض لهم من يخافك فيهم...
اللهم أتم النصر لعبادك في سوريا...اللهم اجعل فرحتنا برمضان فرحتين...
اللهم ارحم موتاهم...وفك أسراهم...واهزم عداهم...
وأجعل الدائرة لهم لا عليهم...إنك على كل شيء قدير...
|