الصفحة الرابعة / ...
خَلعَت أسنان اللبن وتمضمضت
بالحبر
خالعت طاعات طاعنه في العمر
شبت عن الطوق
فأشعلت حريقا صغيرا بالكاد
يتسع لها وحدها
*فوزية أبو خالد
يدٌ مكتنزه تقطف أوراق النعناع الخضراء اليانعة ، لتوغلها قلب الإبريق النحاسيّ اللون ..
دندنة خافتة نسمعها من ذلك الجسد المكتنز عمراً وهماً ، ونظرات الإعجاب تشعّ من عينيها
تكادُ لا تصدق أن الحياة تنازلت عن غضبها قليلاُ : لتوفر لها الراحة ، والسعادة وشيئاً من الضحكات الشهيّة
منزلٌ كبير ، حديقة غنّاء ، مطبخٌ حديث ، وراتبٌ شهري ينزل بحسابها البنكي الجديد أيضاً
كل ماتحملهُ هو " جديد" بما في ذلك محياها الباسم ، وصبغة شعرها السوداء الفاحمة
أقفلت الإبرايق بإحكام وإتكأت على الطاولة الصغيرة وهي تدندن
: ياعيسى باحي ..
صبري ومزاحي ،
صوتها عذب ، تعلم ذلك جيداً ، عمييق وتزيّنه البحه الخفيفة ..
وهذا ما ورثتهُ عنها طفلتها ..
طفلتها ؟ .. ساره ..
يااه كم تشتاقٌ إليها ، لصمتها ، لجسدها الذي يروح ويجيء بصمت ..
هاتفها الجديد وقد إستجاب لأمنياتها، والذي كآن هدية قيّمة من زوج إبنتها الذي أغدقها بكرمه
على الفور إستجابت له متهللة الملامح
: هلا والله .. هلا يميّ
محمد .. وش به صوتك ..
منهي ؟؟ وينهي فيه ؟
هآت .. ( إبتعلت ريقها فهي تذكر آخر مكالمة لها مع إبنتها وكيف كانت غير متوقعه )
ألوه ..
سوير .. وينها فيه ( تسارعت نبضات قلبها وقد باغتها صوت إبنتها )
هذي إنتي ؟؟
أخيرا تذكرتي إن لك أم ..!!
هذي آخرة التربية والتعب وسهر الليل ؟
هذا اللي خذيته منك ..!
آجل وشوله متصله علي ..
وإلا جايتني بمصيبة جديدة يا وجه المصايب ..
طلاق ؟؟؟ صاحيه إنتي وإلا مهبوله ( هبت واقفه يعتمرها الغضب الشديد وهي تتصور أن كل هذه الحياة الجديدة ستسلب منها بسبب جحود إبنتها )
وشو .. ؟
لا يمه ولا يحزنون .. هي كلمة وحده ..
لو تلفين هالكون كله منتب لاقيتن زي رجلك
مير تعوذي من الشيطان ، وتعالي معه ..
كافي سواد وجه للحين ..
أقول طلاق مافيه ..
نعنبو دارك ما تستحين إنتي ؟ ولد خالك متزوجك وحاشمك ومكرمك وآخرتها تبين الطلاق؟
شاري لك بيت بكبره بإسمك ، وكل شيء عندك ليه ماتبين تجين معه ؟
الله عاد يا هالوظيفه اللي متمسكتن بها .. راتبي اللي يحطه بحسابي أكثر من راتبك وأنا جالستن ببيتي
[ أجابت بغضب ] ..
موب عشان الفلوس ؟ أجل وش عشانه ؟
لايكون عشان الريم بس ؟
أقول كبري عقلك يلا ( إرتفعت حدة صوتها ) ولا تفلسفين واجد
الشرع محللن له أربع ، مايعيب الحرمه إن رجلها يعرس عليها
رجلك وعلى ذمة الله ورسوله ، ولو طلبتي الطلاق منتي ببنتي ولاني بأمك ..
(أردفت بألم ) وإلا تبين تكملين خرابيطك ؟
ترى عرفت سوالفك مع سالم ، وقريت كل شيء إنتي كتبتيه ..
وعرفت الموضوع كله ..
لا أفهم ولا يحزنون .. بنتي وواثقتن بك وآخرتها كذاا ؟
ولا تعلميني ...
منيب أمك ؟ وإلا لوح بالبيت ..
(تهّدج صوتها ) شوفي يا سوير .. كل شي بسمح لك تخربينه ..
إلا هالحياة الجديدة اللي ربي قسمها لنا ..
تجين وإنتي ماتشوفين الأرض مع رجلك .. وتعيشين معي ومعه
معززه مكرمه ، والخرابيط حقتك تخلينها هناك ..
وإلا أنا بنفسي بجي وأسحبك ..
فشلتيني وقطعتي وجهي مع أهلي .. يكفي .. خلاص ( أجهشت باكيه )