المعانقة الثانيه ~
فتح عينيه بتعب وأستحال النوم أن يغزو مقليه
لم يغمض له جفن طوال الليل
كيف له أن ينعم بالنوم , وقد بات النوم مجرد كوابيس تذكره بها
كيف تريد منه أن ينتقم من نفسه !!
ياليتهُ يستطيع الأنتقام من نفسه , لكي يريحها ويريح نفسه من هذا الجحيم
تحرك بخطواتٍ بطيئة نحو دورة المياه وهو يدخل أصباعه بين خصلات شعره الآسود ويشدهُ من الآلم الذي بدأ يفتك بخلايا رآسه ...
زفر بعمق وهو يرخي عينيه اللتان أحتلهما الأرهاق وألآلم والحزن بكل وضوح
رفع رأسه إلى الأعلى لتنهمر قطرات المياه الباردة من الدش مبللة لجسدهُ , أغمض عينيه بشدة وهو يتذكر همساتها المخترقة لطبلة أذنه
يشعر أنه في كل يوم يمر عليه يزيد من عمره أضعافاً مضاعفةً , والألم بأت يجثم على صدره كأطنانٍ من الحديد..
حتى أن الشيب قد بدأ يغزو شعر رأسه وهو مايزال في بداية الثلاثين من عمره
حرك ذراعيه بسرعة لترتطم بالجدار الساكن أمامه بقوة ألمت كفيه كلسعة نارٍ متأججه
يتمنى الموت , لكي يريح قلبه من هذا العذاب ... ولكن إن مات هي ما مصيرها؟
يجب أن لا يخبرها بشيء أبداً
هذا السر يجب أن يتبعه إلى قبره
فهو لا يريد إدماء قلبها وتعذيب روحها , أنهُ لايقوى على رؤيتها تتألم فذلك يحطمهُ أكثر
عامت على شفتيه إبتسامة سكنتها الأوجاع والألام وهو ينفض شعره المبلل بالمياه
******
وضعت رجلاً فوق الأخرى وهي تنقل بصرها في ساحة المدرسة المكتظة بالطالبات
صديقاتها مجنونات جداً
لا يكففن عن الضحك والتعليق على الماره من المعلمات والطالبات
رفعت " مروى " أحدى صديقاتها حاجبها الأيمن وهي تهمس لترفه :" أنظري إلى خطيبة ذياب إنها هناك !! "
تصاعد الغضب لحنجرةِ ترفه وأكفهر وجهها وهي تنظر إلى المعلمة علياء بمقت ضاغطة على أسنانها : "ليس هنالك شيء رسمي فذياب لن يتزوج من هذه المرأة أبداً "
رفعت مروى يديها كعلامة أستفهام وهي تغيض ترفه قائلة :" وما أدراكِ فهي جميلة جداً إلى جانب أن أم ذياب تحبها "
شهقت ترفه بغضب وهي تنزع حذائها المدرسي مما جعل مروى تقفز واقفة وهاربة من لهب البركان الذي بدأ يتفجر في وجهها وهي تصرخ : "هذه هي الحقيقة يجب عليكِ تقبل تلك السحلية المتعطشة للدماء ذات الوجه الغاضب الجميل "
وقفت ترفه ومروى تبتعد عنها راكضة ...أمسكت بحذائها مهرولة وراء مروى وهي تصرخ :" إيتها البقرة الحلوب لن تفلتي من يدي سوف أمزقكِ إرباً إربا وأجعلك عبرة لمن يعتبر "
*****
أسرعت الخطى بقلب وجل وأنفاس متلاحقة نحو الأسطبل الذي يقبع في الفناء الخلفي من الفلة
بأنفاس متضاربة, تعلقت بالحواجز التي تفصل بين الأسطبل وحديقة الفلة مدخلة جسدها فيما بينهن
لتطلق العنان لسايقها نحو فرسها " دانه " التي كانت على وشك الولادة
دموعها متشبثة , متعلقة بين فنايه أهدابها وهي تراها تحدق بها بألم أرتسم على تقاسيم وجه تلك الفرس البيضاء الجميلة
التي رافقتها منذ أن كانت في التاسعة من عمرها
رفعت كفيها لتحط بها على أنفها بنعومة وهي تبتسم بعيون تتبعثر بها النظرات لتهمس مخاطبة لها :
"لا تخافي فأنا معكِ والطيبب مروان هنا فأنتِ في أيداي أمانه"
سمعت قهقةً مجلجلة قادمة من خلفها , ألتفت بجسدها إلى الخلف وحملقت به بوجها حمل العبوس والمقت لذلك الذي يقف خلفها متسنداً بجذعه إلى الحائط الخشبي بهندامه الأبيض وتقاسيم وجه الدقيقه وإبتسامه جذابه ترتسم على شفتيه الدقيقتين
ضبطت حجابها على راسها , وهي تنخفض إلى الأسفل مكورة يديها بمجموعةً من الحشائش التي تقبع هناك رامية بهن على مروان بينما هي تصرخ : "تبا لك , لقد أخفتني "
حرك حاجبيه وهو يبتعد عنها ويهز رأسه إستخفافاً بها ومقلداً لها :" لاتخافي فأنا معكِ "
وأكمل بصوته :" يا إلهي أنتِ ما الذي سوف تفعلينه" .. حرك يديه إلى الأعلى بأستخفاف أكثر: " إلا الصراخ والقفز من مكان إلى أخر وكأنك كنغر "
تحرك نحو الفرس وهو يحسر عن ساعديه ويردف: "أبتعدي فأنا الطبيب هنا , ودعيني أهتم بعملي مع طاقمي"
حركت ترفه يديها بوجه غاضب تقلد حركات مروان من ورائه وهي تقول : "تبا , أنت دائما تغيضني"
إبتسم مروان بسخرية وهو يضيف :"لانه من الممتع رؤية وجهكِ الغاضب "
صرخت هي بغضبٍ يتصاعد أكثر : "سخيف دع هذه النكتة الغبية لك "
أخذت تحدق بمروان الذي يعد المعدات , وينضمهن فولادة فرسها العزيزه عسيره لأنها تخطت شهرها الحادي عشر وهي الأن في عبورٍ للشهر الثاني عشر....
مروان طيبيب بيطري وهو بنفس الوقت أبن عم ذياب وأخ المعلمة علياء التي تمقتها ترفه ولكن مروان يختلف عنها تماماً فهو مرح يحب أن يداعب ويغضب ترفه دائماً عندما يلتقيان
لم تمر الا دقائق معدودة ليدخل فيها أثنان ويقوما بمساعدة مروان في عملية الولادة
مرت برهة من الزمن ليرشقها مروان بنظرات لاذعة مخيفة وهو يقول:" ألن تخرجي ؟؟"
هتفت وهي ترفع يديها وتكورهن على شكل قبضةٍ :" لا !! لن أخرج أبداً "
بدأ العرق يتصفد من على جبينها وأكفهر وجهها بتعلق بصرها بهم
لأول مره ترى هذا المنظر المخيف والمرعب في حياتهاأستحال وجهها أبيضاً .... ودقات قلبها تكاد تخترق صدرها .... أنطلقت السيالات العصبية الكهربائية لتحتل جسدها بأكملها نافضة إياه , رفعت كفها إلي شفتيها من هول المنظر بصرخة كادت تخرج من جوفها بشدة ...
صرخ مروان والعرق يتصبب من صدغه:" أخرجي "
هتفت :" لا "
زمجر بقسوة : "الا ترين وجهكِ أخرجي ولا ندمتي "
قاومت كل ذلك ولم تصغي إلى مروان إنما أخذت بالدوران حولهم وجسدها يرتعد بعنف ويديها متشبثتان ببعضهما بينما أنتهت الولادة العسيره التي تألمت فيها دانه كثيراً
وخرجت مهرة صغيرة الحجم بقدمين مرتجفتين وعينين زائغتين
أقتربت منها ترفه وإبتسامة غير مصدقه إرتسمت على شفتيها لذلك الكائن الذي يقف هناك
قفزت إليها مقتربة , أخذت تقفز أمامها وهي تقول صارخة : "إنها جمميلة جممميلة جدا جدا "
وضعت كفيها على خديها وهي تحملق بها بعينين تبرقان بوميضٍ من السعادة :" يا إلهي أكاد أجن أنها ككائن خرافي رائع "
خطت بخطوات سريعة لتقترب من دانه رافعة يديها إلى رقبتها ضامتة إياها بلطفاً وهي تقهمس :" لقد أنجبتي فتاة جميلة مثلي"
فغر مروان فاه وهو يقول:" وما دخلك أنتِ ؟؟"
حركت كتفيها بدلال :" أنت لا دخل لك , فلقد أنتهى عملك هيا أذهب "
حرك شفتيه بإبتسامة تلوحت بالخبث وهو يقول:" أيكون أنتِ الوالد وأنا لا أعلم؟؟؟"
ضغطت بقوةً على أسنانها وهي تنخفضُ إلى الأسفل ملتطقة لحذائها الذي تنتعله وتهم برميه عليه
رفع يداه إلى وجهه وهو يقول: "إيتها المجنونة ما الذي تنوين فعله ؟؟"
رمته بالحذاء وهي تقول:" سوف أشكيك إلى ذياب "
نفخ مروان على يداه التي ضربها الحذاء وهو يبتسم رافعاً حاجبه الأيمن : "هيا!! إيتها المدللـه أذهبي وأخبريه "
****
لم تغادر الأسطبل فقلبها تعلق بتلك المهرة الصغيره , حتى أنها تفكر بالنوم بجانبها
لا يهم هي لن تذهب غداً إلى المدرسه فلتذهب المدرسة إلى الجحيم
أو من الأحسن أن ترمى عليها قنبلة موقومة وتدمرها
ضحكت مداعبةٍ تلك المهرة الصغيره التي تنظر إليه
بنظراتٍ خائفة
إلى أن أستسلمت لها بأعياء وتهالكت على الآرض شاعرة بالنعاس
أرخت ترفه جسدها بجانب دانه وأبنتها وهي تفكر بأسمٍ لتلك المهرة الصغيره
***
أرتخت أهدابه وهو يراها مضطجعة بجانب فرستها الغالية دانه و تداعب صغيرتها بين الفنية والأخر
مرت برهة من الزمن وهو يتأملها بصمت إلى أن شعر بحركتها تسكن وعينيها تغمضان
أحتلت شفتيه إبتسامه شفقة, رأفة بتلك اليتيمة الصغيرة البريئة
أقترب منها ليجثو على ركبتيه بجانبها وهو يتأمل تقاسيم وجهها الأبيض الذي يحوي على أنف صغير وشفاه صغيرة كالحبة التوت , ارتخت عينيه وهو يرسم شبح إبتسامة على شفتيه
دنى منها أكثر رافعاً يده نحوها وبخفة هز كتفها وهمس : " ترفه "
" صغيرتي أستيقظي "
" هيا "
فتحت عينيها خائفة , مرتجفة , وأسندت جسدها بذراعيها وهي تنهض جالسةٍ
تجول بعينيها حول المكان بأستغراب ومن ثم تعقد حاجباها بعبوس وعينيها تحطان عليه
رفعتٍ يديها إلى حجابها وهي تضعه على رأسها متمتة ببضع كلماتٍ غير مفهومة ٍ
همس لها : "عزيزتي يجب عليك النوم في غرفتك"
أغمضت عينيها وهي جالسة .. مما أرغمهُ على الإبتسام لمنظرها
فجأة
تجهم وجهه وأقشعر جسده وهو يشعر بألم حاد يخترق صدره ويمزق أوردة فؤاده
منظرها يقحم طيف الذكريات القاسيةٍ والمؤلمةٍ التي يحاول تناسيها
نشفت الدماء من على وجهه وهو يتذكر ذلك الحلم
فلقد راودهُ كابوس أخر منذ فترة قريبه وهي تهز والداها بهذا الوجه الذي هي عليه الأن
وليست تلك الطفله الصغيرة
وكم كان الكابوس مفزع , مميت , مفجع وهي تصرخ عليه وعينيها تفيضان بسيلٍ من الدموع قائلة : " لقد كذبت عليه , لقد أوهمتني , خدعتني أيها القاتل الجبان القاسي المتوحش "
خرجت أنفاسه متحشرجةٍ ببعضها ومتصارعة فيما بينها , وأرتفعت الصارخات المكتومة إلى حنجرته
أزدرد ريقه وهو يحاول ضبط أنفاسه الأهثة ومنع نفسه من الخضوغ إلى تلك الأهتزازات الجسدية العنيفة التي تريد أجتياحه
لمس ذراعها بكفٍ مرتجفة وهو يحاول أيقاظها .. فتحت عينيها بسرعة وكأنها أنتشلت من الغرق
أنفاسها أضطربت وهي تنظر إليه بعيونّ يغشاها النعاس : "ذياب "
وهمت بالنهوض وهي تحدق به بإبتسامه خجوله وخداها تتوهجان بالحمرة من جراءٍ نومها
أخفض ذياب بصره إلى الأسفل وهو يسحب أنفاسه المضطربه , ويقف متحركاً بخطواتٍ سريعة إلى الخارج
مسحت العرق المتصفد على جبينها متحركة بسرعة خلفه بدوار يكادُ يُفقد جسدها توزانه
ولحقت به إلى المنزل
****
" الجمعة"
تهالكت على المقعد متمتة بسيل من الشتائم , أنها تكره علياء ووالدتها اللتين تأتيان في كل جمعة لزيارة أم ذياب
والدة علياء دائما ما تنظر إليها بنظراتٍ مقيتة, وقحة , وكأنها مشمئزةٍ منها مستصغرة لها
مما يفقدها توازنها بموجاتٍ من الغضب العارم ...
إنها إنسانة طبيعية , إنها بنسب وحسب , لديها جواز سفر يحمل أسمها وأسم والداها بالكامل
صحيح أنها متبناه ولكنها ليست بلقيطة أو متشردة
حدقت بعلياء بغضب يتفجر كبركان ثائر
نظرات علياء لاتختلف عن والدتها أبداً ...
ضغطت تَرفه على شفتها السفلية حتى كادت الدماء تسيل منها
وهي ترى علياء تحدق بذياب بخجل يخالج عينيها
يا إلهي !!
كم تريد الآن القفز وضرب وتقطيع تلك العلياء التي تثير إشمئزازها
أحست بالغثيان يتصاعد إلى حنجرتها , لتصرفات علياء مع ذياب
تبا لها !!
إنها غير مناسبة لذياب أبداً
فالمعلمة علياء صحيح أنها جميلة جداً ولكن خبيثة , كريهة وتصرفاتها وقحة
دائماً ماكانت تلمح إلى أن تَرفه عاله وطفلة يتيمة غير مستساغه وفرد خاطىء في العائلة ... تذمها وتحاول بكل الطرق أبعادها عن ذياب
وتهزئها أمام رفيقات دراستها بشكل سيء
كيف لها أن تحتمل زواجها من ذياب أو وجودها في نفس المنزل
فذلك يجعلها تفقد كل ذرة من التعقل , سوف تجن إن أصبحت معها على سقف واحد
وتأخذ ذياب عنها بكل سهولة
فهي لن تسمح لها بذلك حتى ولو كان ذلك على جثتها
****
نظراتهما أخذت بالتشابك
تَرفه تحاول التدخل بين محداثتهم بكل الطرق , تتكلم مع ذياب الذي حضر منذ أقل من نصف ساعة
تبتسم , تتمايل بغنج كالطفله
ترمي علياء بنظراتٍ غاضبة , مستحقرة
لتردها علياء بنظراتٍ أوقح
إلى أن ذهب ذياب وكلا المرأتين المسنتين إلى الصلاة
وقفت علياء تعدل من عباءتها وصوت حذائها ذا الكعب العالي يصدر ضجيجاً ضاخباً وهي تتميل بمشيتها مقتربة من تَرفه
وقفت أمامها وهي ترشقها بنظرات كريهةٍ, متعاليةٍ ...
صلبت تَرفه جسدها وهي ترفع رآسها إلى الأعلى وإلى تلك الطويلة التي تمقتها
حركت علياء شفتيها بتعالي وهي ترمق تَرفه من أعلى رآسها إلى أخمص قدميها قائلةٍ بصوتها الحاد: "تلك النظرات لا أريد رؤيتها من فأرةٍ مثلك "
أحست بالآهانة وأتسعت حدقتا عينيها بأنفاس تكاد تتضارب فيما بينها ... فخرج صوتها غاضباً :
" من تظنين نفسكِ لتقولي لي فأره , ألزمي حدودكِ يا زرافه "
صرخت علياء بصوتٍ حاداً غاضب : " أحترمي الآكبر سناً منكِ يا لقيطة "
أمتقع وجهها بحمرة فاحمةٍ , أهتزت شفتيها بدموع تحاول حبسها , تشابكت أنفاسها بداخل رئتيها مانعة تنفسها ...
صرخت بصوتٍ متألم , غاضب : " لست لقيطة "
"بلى أنتِ لقيطة"
" لدي جواز سفر وصورة لآبي "
" من يعلم من الممكن أنه ليس بوالدك الحقيقي ومجرد كذبة اختلقتها"
جفلت ثم صرخت وصرخت
لم تحتمل تلك الكلمات الطاعنة والمخترقة لصدرها الممزقة لقلبها
تحركت يدها لتضرب علياء بكفٍ على وجهها تردد صداه
أستحال وجه علياء أبيضاً وهي ترفع كفها إلى خدها
أنفتحت عيناها على إتساعهما ونظراتها أصبحت مرتعبة بأنفاساً مختنقة
أنهالت علياء عليها بضرباتٍ على الوجه إلى أن احتدم الشجار فيما بينهما بجنون
تعالت الصيحات والصراخات وأشتدت القبضات على الشعر
سقطت تَرفه على الأرض وهي تبكي بحرقة وتتوعد علياء صارخة " سأخبر ذياب "
" سأخبره بكل شيءً عنك "
"سأجعله ينتقم منكِ"
"سأقول له أنكِ نعتني باللقيطة "
" ذياب يحبني وسوف لن يصمت لإهانتك لي "
وقفت أمامها وعينيها حمروتان من الدموع وهي تحاول منعهن من السقوط أكثر
تَرفه تغيضها
ذياب لن يكون الا لها هي
وتلك الطفلة اللقيطة لن تحصل عليه وسوف تبعدها عنه بشتى الطرق
تصاعد الغضب إلى حنجرتها وهي تصرخ
" ذياب سيتزوجني رغماً عنك"
" ما أنتِ الا لقيطة سيتخلص منها قريباً "
وضعت تَرفه كفيها على شفتيها في محاولةٍ لكتم شهقاتها والألم الذي بات يمزق وجهها وخلايا شعري رأسها
صرخت بهسترية عند سماعها لكلمات علياء الأخيره
" لن يتزوجكِ أبداً "
" لن أدعه يتزوج من أمرأةٍ مثلك"
" أنتِ لا تستحقين ذياب "
***
أضطجعت على فرشها وهي تصارع دموعها المنسكبة على وجنتيها
تشعر وكأن شيءً جاثماً على صدرها
تريد الصراخ والصراخ
تريد أن ترتمي في أحضان من يستطيع تخفيف أوجاع روحها
أنقلبت على الوسادة وهي تدعس وجهها بها وتجهش ببكاءً مرير
حتى أنهكها البكاء وجفت حنجرتها
مسحت مقليها بكفيها وهي تصارع آهاتها المنطلقة من صدرها عند سماعها لصوت باب غرفتها يدق
أمسكت بغطاء الرآس ولفته على رآسها
تحركت بخطوات تسابق بعضها عند سماعها لصوتِ ذياب المنادي لها
فتحت الباب وعينيها الحمروتان تحدقان به بحزن ملئ تقاسيم وجهها
تشتت نظره وهو يحملق بها
و ينقل بصره بين وجهها الحزين وعينيها الغرقتان بالدموع
حبس أنفاسه وهو يشعر بالخوف لمنظرها الذي هز جسده
بدأت الدموع تتجمع في عينيها منذرة بالهطول
لم تستطيع الصمود أكثر
أنطلقت لترتمي في أحضانه , غائصة في أعماقه كمحيط بلا قاع
لتبتل ملابسه بدموعها المنسكبة بأهات
مسح على رآسها وقلبه يكاد ينفطر من الآلم
رفعت وجهها ناحيته وهي تبتعد عنه
فهمس
" مابكِ؟ لماذا تبكين ؟"
" ولماذا رفضتي الغداء"
قوست شفتيها إلى الآسفل وهي تكتم شهقاتها ودموعها التي تهددها بالانهمار لمرةٍ أخرى
هزت رآسها وهي تقول
" لا أشتهي الطعام "
وترددت قبل أن تقول
" شعرتُ بالوحدة لهذا بكيت"
تمسكت بملابسه وهي تقوي من قبضتها عليها هامسةً
" لاتتركني أبداً "
" لا أستطيع تخيل حياتي من دونكِ"
أضطربت أنفاسه وهو يحدق بها بوجعٍ أرتسم على ملامح وجهه
أشاح بصره عنها وهو يربت على كتفها قائلاً " حسناً "
حدقت به وهي تحاول منع دموعها من الفيضان
" أرجوك ذياب "
"لا ..لآ تت ... تتزوج من علياء "
سلط أنظاره نحوها بأستغراب , ما الذي تقوله ؟
نقل بصره في ملامح وجهها الحزين , وعينيها تنظران إليه برجاء
" ومن قال أنني سأتزوج ؟"
اعتلت شفتيها إبتسامة أنارا وجهها بها , وهي ترفع كفيها ماسحة دموع المبللتِ لوجهها
أمسكت بيده وإبتسامتها تزدادُ أتساعاً : " أريد الذهاب إلى المطعم "
فتح عينيه وهو يحدق بها مستغرباً من تغير حالها المفاجأ , مما جعله يبتسم هو الأخر: "حسناً "
***
أرخت جسدها على مقعد السيارة , وهي حدق إلى خارج النافذة منتظرة ذياب الذي ذهب إلى بقالة محطة الوقود
أمدت كفها لتفتح الخزانة التي تقبع أمامها بينما أخذت أصابعها بنبش الأوراق التي تحتويها ... ليقع بصرها على سير ذاتيه ... نظرت عن كثب وإلى واحد تلوى الأخرى... أنهن لمجرمين ...
وضعت كفها على شفتيها بذعراً وهي تقرأ عن المجرمين المطلوبين للعداله
وقع نظرها على رجل ... يتراءى لها أنها تعرفه أو أنها قد رآته من قبل
أنها متأكدة انها قد رآته من قبل !!
حدقت عبر النافذة بسرعة , وهي تسمع صوت قفل السيارة يفتح وبسرعةٍ وضعت الورقه في حقيبتها وأعادة الأخريات إلى داخل الخزانة وأقفلتها بسرعة
خرجت أنفاسها مضطربة عند دخوله , نظرت إليه بإبتسامه وهو يعطيها قارورة المياه
*****
أختارت انواعاً شتىء من المأكولات وأخذت بأكل ملعقة ملعقه من كل واحده منهن مستمتعةً بوجبتها
بعد إنتهائهما من الطعام , أخذا بالسير في المجمع الكبير
هتفت ترفه " أريد الدخول إلى ذلك المحل وشراء بعض الملابس "
" حسناً أذهبي , ولا تخرجي منه لآنني سأذهب قليلاً وأعود إليك
تحركت تجول بنظرها بداخل المحل , تخطو بخطوات بطيئة من بين الملابس متأملة لكل واحدة منهن
أختارت لها فستانٍ باللون الفستقي
وضعت أصباعها على شفتيها متذكره ذياب , هي تريد شراء هدية ٍ له
مشت إلى قسم الرجال وأخذت بالنظر إلى الملابس التي هناك وإلى الأحذية والساعات
توقفت فجأة
لتعقد حاجبيها .... ذلك الرجل ؟؟
كان هناك رجل يقف على مقربةٍ منها , يقوم بتجربة أحد القمصان
أختنقت أنفاسها بجوفها وهي تهم بفتح حقيبتها وأخراج تلك الورقة التي تحملها
بالاضافة إلى محفظتها
بوجهاً خطف لونه .... عضت على شفتيها
غرقت عينيها بالدموع وهي تحدق به
عينيها أصبحت تتبعه إلى أن خرج من المحل ... بخطواتٍ سريعةٍ لحقت به
أمسكت حقيبتها أكثر والورقة التي باتت تعتصرها بين أناملها
دخلوا إلى زقاقاً مظلماً , ضيقٍ مابين المباني , أزدردت ريقها وازدادت ضربات قلبها جرياً
سوف تتبعه , مع أن ذلك خطير
ولكنه من الممكن أن يكون هو !!!
وقفت فجأة وقد فقدت أثره وأختفى عن نظرها كأنه لم يكن
شحب وجهها وأحتلهُ الرعب وبدأ جسدها يرتعد بعنف
صاحت بكل قوتها وهي تشعر بركلةٍ قويةٍ تلطمها من الخلف
سقطت على الأرض حتى كادت عظامها تتحطم
رفعت عينيها مذعورة وتخانقت أنفاسها بصدرهاا
أنقض عليها بعنف وأمسكها من عنقها حتى كادت تفقد أنفاسها
أنفتحت عينيها على اتساعهما وأكفهر وجهها بينما زمجر هو بغضب شديد
" من أنتِ , ولماذا تتبعينني؟؟"
نهاية المعانقة الثانية