2)
صعدتُ إلى سيارتي مشغلة مفتاحها
بروح متعبة , ونفس تتوق لتنفيس غضبها على أي كان
ضغطُ على الفرامل بدون أن ألقي نظرة على ترفه, المسندت برأسها على زجاج النافذة
المتشح بالضباب بوجه تغطى بطرف وشاحها الأسود الملتف حول رأسها
تمسكت اصابعي بالمقود, منطلقة في طرقات أكتظت بضجيج السيارات
وقفت أمام أشارة المرور منتظرة تغير لونها إلى الأخضر
انزلت زجاج النافذة , لأدخال المزيد من ذرات الأكسجين إلى رئتي
صخب صوت مزامير آتت من سيارة سكنت بجانبي الأيسر
جعلتني أرفع بصري بإتجاهها, بوجه حمل الغضب
حدقتُ بها .. لأرى شابين امتطيا سيارة فارهة , رياضية , سوداءة اللون
يهمسان بكلمات منخفضة متغزلة, تتغنى بأرقام هواتفهما
تبا لهما من عابثين!
ليس لديهما الا الركض وراء أعراض الناس بدون أي رادع أو خوف
رفعتُ النافذة بتلون أشارة المرور باللون الأخضر
منطلقة بأقصى سرعتي في شارع خلا من أزدحام السيارات
نُقشت عُقد رفيعة بين حاجبيّ
وأنا أحدق بالمرآة الجانبية القاطنة على جانبي الأيسر, ورؤية السيارة الرياضية السوداء تلاحقني
مقتربة مني بسرعتها القصوى , حتى كادت ترتطم بمؤخرة سيارتي
ولكنها أنحرفت عن مسارها , متجهة إلى جانبي الأيسر حتى باتت تقترب مني
أشتد تركيزي بتوتر أجتاح أعصابي , لست في مزاج للعب معهم
يا إلهي !
كيف سأستطيع التخلص منهم الأن , فالتخلص من هؤلاء الحثالة.. لهُو صعب جداً !
خففتُ من سرعتي في محاولة لكتم غضبي
واسكات تهوري الأحمق
الذي يحاول الأنتقام منهم لتعكيرهم المضاعف لمزاجي الحارق لأعصابي
صرخاتهم وسخريتهم مني, لجذب انتباهي زادت من فيضان الجنون بعقلي
فزدتُ من سرعتي بتهور
أستيقظت ترفه من سباتها, بكلمات شقت الصمت الساكن في الأجواء : " ما الذي يحدث؟ "
رصّتُ على أسناني
وبقبضة التحمت بالمقود, شددتُ عليه.
تشبثت ترفه في المقعد بجانبي, بأنفاس مرعوبة
وهي تقول بصوتٍ تغلف بالخوف : " أمل دعكِ منهم , أنهم مجرد شبان طائشين "
صرختُ وتركيزي يحتد أمامي , وجسدي يرتعش من الحرارة الصاهرةِ لخلاياي : " لا أستطيع , فلقد علقتُ "
لا أستطيع التنازل الأن, أو التوقف فهم يلعبون بالنار من حولي
وقد يحدث ما لا يحمد عقباه , يجب عليْ أن أغير مساري عند اول مفترق للطرق أجدهُ
أخفضتُ من سرعتي , عند رؤيتي لأكتضاض سياراتٍ أمامي
أقتربت مني السياره, حتى كادت تلتصق بسيارتي
أخرج شاب بشعر اسود, طويل, أشعث رأسه من النافذة
راطما بقبضته زجاج نافذتي بقوة
اللعنة عليه !
أستمر في ايماءات وجهه الساخرة مني
بجانب يديه الراسمة أنواعً من الأشارات الحركية التي تفتقر للأدب
قفز الغضب إلى صدري, وإزدادت حدته
بيد واحدة تركت المقود , وبقدم أخفضت سرعة السياره
فتحت النافذة
بكف راكضة نحو زجاجة العصير الممتلئة بسائل برتغالي اللون
أمسكتها أصابعي بشدة, ضاربة جزيئات الهواء مصوبة بها لخارج النافذة وعلى وجه الشاب
سكبتُ سائل العصير ليغرق وجهه المبهوت به
علت صرخةٍ من جانب ترفه , بالأضافة إلى عويل الشاب المذهول
بتراخي سرعة سيارتهما, زدتُ من سرعتي هاربة منهم , بقهقات ضجت بها حنجرتي
وبكفين تضربان المقود
انبعث صوت تــرفه بصيحة كساها الذعر : " أمل ما الذي فعلته , يا إلهي ! أنهُ جنون "
لتتفجّر من بين شفتيها ضحكات مكتومة
حدقتُ أمامي بضجيج لم يتوقف, ومن بين ضحكاتي هتفت : " انه يستحق ذلك لعلهُ يتأدب "
اشتد ضحكي لتذكر وجهه المصعوق
توقفتُ عن الضحك بعينين تعلقتا على انعكاس السيارة السوداء على مرآتي الجانبية
رحماك يا ربي !
أنني موقنة بأنهم لن يتركوني أبداً, بعد المصيبة التي أفتعلتها !
اجتازت السيارة سيارتي
غيرتُ مساري إلى جانب الطريق , مقتربة من الرصيف أتحرك بسرعة متوسطة
تنفستُ باضطراب , بدخول جزيئات الهواء إلى رئتاي
وبهتاف ترفـه الخائف المخترق لطبلة أذني
سارت السيارة امامي بسرعتها القصوى, لتّوقف فجأه في منتصف الطريق!
أختنقت أنفاسي بنبضات قلب متضاربه , تبعثر بصري وتشتت تركيزي
لأضغط على الفرامل في محاولة لتخفيف سرعتي بالتدريج, قبل الأصطدام بالسيارة أمامي
أوقفتُ سيارتي ببضع أشبار قليلة عنها, بجسدا يرتعش من الرعب , متشبثة بالمقود
ابتلعتُ أنفاسي بروح يكادُ يغشى عليها
أحدق من بين فرغات المقود, بشفتين مرتجفتين , ووجه تكنف بالرعب
ارتفعت كفي لتحل على موطن قلبي في محاولة لتهدئة نبضاته الوتيرة
طمأنت نفسي بأني بخير !
وأنني لم أصطدم بالسيارة , وأنه لم يقع أي حادث لنا
ركلة قويةٍ ,عنيفةٍ ارتطمت بغطاء سيارتي الأمامي
ارتفع وجهي عن المقود أحدق إلى خارج السيارة
بوجه تلوح بالرعب, لرؤية الشاب نفسه يبتسم بشفاه أنتحلت الشر
هويت بجسدي على ظهر المقعد, وأصابع ترفه المرتجفة تحتضن ذراعي بشدة
أطلقتُ الأهات المرتعشة , بمقلتين أنحرفتا بإتجاه ترفه المغمضة لعينيها
فخرجت من بين شفتي كلماتٍ مهتزه : " نحن بخير ! "
فتحت ترفه عينيها مبعدة جسدها عني , محدقة إلي بعينين متسعتين , وشهقت قائلة: " الحمدالله لقد نجونا "
طرقاً شديداً على النافذة جعلنا نرفع أبصرنا نحوه
الشابين يقفان امام نافذة ترفه
بوجوه تلونت بالغضب, أندلعت أصواتُ صرخاتهم من الخارج مخترقة الزجاج
بشفاه مزمومه ضغطتُ لمرة, وثلاث على زر انزال النافذة
انفتحت قليلاً, لتتسابق أصوات الشتائم إلى اذنيّ : " فتحتي النافذة ايتها الحقيرة "
" تبا لكِ "
" ترجلي الآن .. وإلا سأكسر السيارة على رأسك "
ضاقت أجفان ترفه , وهي تنظر إلى وجهي المتشح بالغضب الممزوج بالخوف
هامسة بصوتٍ مذعور : " أمل دعينا نهرب, النقاش مع هؤلاء الطائشين , لهُ عقيم "
حركتُ رأسي موافقة لكلمات ترفه
حدقنا بهما بخوف , وهما يحاولان أستفزازنا بشتائم تسيل بقذارة من أفواههما
انبثقت يد احدهما إلى داخل فتحت النافذة الصغيرة , المقابلة لترفه في محاولة للمس مابداخلها
صاحت ترفه بهلع, فصحتُ أنا بفزع
انقضت أنامل ترفه على الزر, رافعة زجاج النافذة
التي قضمت أصابع الشاب التي تحاول الهروب منها
صرخ بشدة و بألم مزق طبقة جلده وعض لحمه
بأعين لاحت بالرعب أنزلت ترفه النافذة عن يده
التي هرولت عنها مسرعة, لتطوق يده الأخرى أصابعه الملتهبة , بعويل شق سكون الليل
أغلقت ترفه النافذة بأنفاس هدرت من رئتيها, وبوجه تغطى بالذهول حدقت بي
لآطلق أنا ضحكة مجنونة غير مصدقة لما حدث !
صرخت ترفه وهي تضع رأسها بين ذراعيها, وجسدها يرتعش بهلع : " يا إلهي, لقد قضي علينا "
رفعت رأسها نحوي قائلة بدموع تجمعت حول أجفانها : " أمل أرجوك دعينا نهرب , انهما لن يتركوننا بعد الذي فعلناه "
حاولتُ أستعادة اتزاني, بجسداً مرتجف , وقلبي يجري بلا توقف
يجب علينا الهروب من هؤلاء المجانين, قبل أن نصبح جسدا بلا روح
فلقد أوقعتُ نفسي في مأزق بات الخروج منه صعباً
أشغلتُ سيارتي بسرعة, ضاغطة على الفرامل
مرتدة إلى الخلف , مغيرة مسار طريقي إلى جهة اليسار
ركض احداهما أمامي , وأنا أضغط على الفرامل
لاااااا !
ضربت كفاي المقود بشدة منحرفة به بإتجاه اليمين
وبأصطدام عنيف لطمتُ حديداً صلب وقف أمامي
وأوقع جسدي على مقود السيارة
صادماً جسدي به, ضارباً وجهي بكتلة الاكياس التي عامت
واغرقتني فيها, بتناثر شظايا الزجاج
***
بللتُ شفتاي في محاولة لتخفيف ألم الضربة, التي جرحت وانزفت الدماء من شفتي
بيد قيدت الأخرى في حجري , حدقتُ بأمل الواقفة بوجه سبح بالأزعاج, والألم
وقد لمع جرح طفيف على وجنتها المتوردة , بدماء تخثرت عليها
عضت شفتها, صائحة بصوتٍ مدافع : " يا سيدي هو من بدأ , هما من حاولا التحرش بنا أولاً "
أنتصب جسد الشاب واقفاً
وبصدراً رفع هامته , أشار بأصابعه على أمل , قائلاً بصوت غاضب :" كاذبة ! هي من صدمت سيارتي بمحض إرادتها , فقط لمجرد انني أوقفتُ سيارتي على جانب الطريق "
صمت ليرص على أسنانه , وهو يضيف : " أنني موقن يا سيدي الشرطي, أنها من طرف أحدى العصابات المنتشرة في العاصمة "
هبت أمل متقدمة بخطوة منه , وقد ضربت الأرض بقدميها
بغضب غزا وجهها, الفاحم بحرارة الدماء المحتقنة فيه
صرخت وهي تضرب بكلا كفيها على جانبي جسدها : " تبا لك , ايها الكاذب , النجس , المفتقر للأدب والأخلاق , المراهق "
أشتعل وجهه بالحمرة, وهو يقترب من أمل بغضب اكتسح جسده رافعاً ذراعه إلى الأعلى
بكف كاد يرميها على أمل
ولكن أمسكت يده, قبل أن تسقط على خدي أمل من قبل أحد رجال الشرطة..
قفزتُ إلى أمل, واقفة قبالتها بوجه انغمس بالغضب
وقلت وعيناي تنظران إلى رجل الشرطة الجالس وراء مكتبه
والذي يحدق بنا بعدم أهتمام : " أنهُ كاذب يا سيدي , هو من اراد بنا شراً , هو من كان يلاحقنا "
وقف الأخر ليقذف من فمه سيلا من الكلمات
التي لا تتقاعس عن أحتواء شتائم بذيئة , لتردها أمل بأقوى عنها
صرخ الشرطي القاطن وراء مكتبه
وهو يضرب حزمة من الأوراق على الطاولة
لتخر أمل جالسة برعب , وأنا ورائها
زفر بتهيج وجهه الغاضب الداكن, وهو يفح بفحيح نار كلماته العصيبة : " أصمتوا!!! , أين تحسبون أنفسكم ؟ لا أريد سماع المزيد , والا رميتُ بكم في الزنزانة "
وضع ذراعاً فوق الأخرى, معانقاً لصدره
وهو يحدق بنا بحاجب تشبث على جبينه
عبثت اصابعه بالأوراق التي أمامه, بأعين تحدقُ تارة إلى الأوراق وأخرى إلى الحاسوب الذي أمامه
لتنتقل عينيه إلى أمل , وهو يقول بصوت صارم : " لقد صدمتِ السيارة عن عمد , كما هو مصور هنا وكما ظهرت في التحقيقات من ضربة سيارتك لسيارته "
صاحت أمل بذعر رنة به حنجرتها : " صدقني يا سيدي لم يكن عن عمد أني أقسم بالله "
ضغط الشاب الأسمر ذو الشعر الطويل على اسنانه , وخرجت الكلمات من بينهما بغلظة :" كاذبة ! "
ضرب الشرطي قبضته على الطاولة بصارخ : " أخرس أنت! , فكل شيء مصور في ألالات التصوير المتنشرة في الشارع , فحركاتك المتهورة وملاحقتك للفتيات مكشوفة "
أحتقن وجه الشاب بالدماء الغاضبة
وخرج من بين اسنانه صرير صوت خافت: " أنا متأكد من رؤية هذا الوجه المتوحش من قبل, انها امرأة مجرمة "
قفزت امل من المقعد , بأعين متسعة رسمت الصدمة المختلطة بالمفاجأه
مشيرة باصبعها على وجه الشاب , بشفاه أنفتحت بدهشة
وبكلمات ارتجلت منها بصياح حاد : " نــعم !!! أنهُ الملاحق , المتحرش , ذو الألفاظ البذيئة الذي رميته بالحذاء وكدتُ أقتلهُ "
تسارعت كفيها إلى شفتيها مطبقة عليها
صرخت حنجرة الشاب بأعين تغلفت بالصدمة : " سحقاً لكِ "
تهته لسانه بالكلمات , وهو يكمل بجسداً مرتعش "أنتِ المجنونة التي رمتني بالحذاء وسبّبت عاهة لي "
اخفض رأسه نحو أمل يُريها ما احدثتهُ له
فرتد جسد أمل إلى الخلف, بذعر اختنق به وجهها
رفع رأسه مقترباً منها , بوجه كساهُ الغضب والحقد مخرجً كلماتٍ مكتومة, غاضبة : " ايتها الوقحه, فتاة العصابات , أخيراً وجدتك وسألقنك درساً لن تنسيه أبداً "
انطلقت قذائف العبارات من حنجرة الشابين , بفوضى غاص بها مركز الشرطة
أرتفع لهيب الغضب في أحشائنا لرد قنابلهم الملغومة
ليشتد ويحتد قذف الشابين للكلمات على أمل
برمي وابل من الشتائم عليها في محاولة لدحض اي كلمة, قد تنزلق من حبالها الصوتية
صراخ رجال الشرطة ومحاولة إيقاف الجنون الذي عبث من حولنا بهدوء , لم يزد الموقف الا خراباً !
و لم يوقف الهجوم المنبعث من كلي الجانبين
فأمل وأنا ثرنا وهاجت مشاعرنا , لأن الشتائم وصلت لقذف والدة أمل !
ضج صراخ غليظ زلزل الأرض من تحتنا
سكنت جلبة الأصوات
محدقين بالشرطي القاطن وراء مكتبه
وهو يصيح بنا
ويهم بالوقوف ضاربً الأرض من تحته, بوجه تكنف بالغضب, وتفجر بالعصيبة : " أرموهم بالزنزانة "
وضعتُ أصابعي على شفتاي لهول ماقاله , لا يمكن أن يكون ما قالهُ صحيحاً !!
نرمى في الزنزانة؟؟؟
هوى بصري المفزوع على أمل , التي تغلف وجهها بالذهول وهي تقول بترجي : " لا يمكن أن يحدث هذا , أرجوك يا سيدي, نحن لم نفعل شيء "
صاح الشابين منفعلان بعدم رضا , فما زاد ذلك الشرطي الا غضبً واصراراً
وهو ينصت للشتائم التي بدأت تّدفق من جديد
فصرخ بصرامة أستوطنت صوته : " هيا , خذوهم حالاً "
اندلعت صيحات وصرخات من ورائنا
كانت لفتاة تنفث حمم غضبها على من حولها
تشتم وتصرخ بانفعال مبالغ فيه, إلى جانب أنها تبكي دموعً دون صوت
أضقتُ عيني في تركيز وكأنني أعرف هذه الفتاه !
أستنشقتُ ذرات الهواء بصعوبة لتذكري لها
أنها حسناء " أبنة خالة ذياب "
حسناء المدللـه , والبغيضة
التي لم تكن تربطني بها الا علاقة سطحية, تنم على عدم الأتفاق, والضغينة المتبادلة
لتسكعها الدائم مع المعلمة علياء وعلاقتها المتينة بها
سترتُ وجهي بوشاحي مخفية إياهُ عنها , لكي لا تقع نظراتها عليْ فتعرفني !
لم تكف عن شتم السيدة التي معها
إنما زادت في مصارعتها للشرطيان , اللذان قيدا ذراعيها وراء ظهرها
فصرخت من بين دموعها : " انها كاذبه , أنها تعرفني, وأنا لم اضربها لتلك الدرجة "
ضربت الأرض من تحتها ملتقطة لأنفاسها الهاربة
وهي تقول بصياح :" دعوني , تبا لكم ! الا تعرفون من أنا , أقسم ان ابي سيقاضيكم قانونيا , دعوووني "
تحركت شفتي المرأة الطاعنة في السن التي معها
وهي تقول بصوت حمل الغضب : " أرموها في السجن , أنني لا أعرف هذه الفتاة البشعة , وأرجوا أن تتخلصو منها بأي وسيلة كانت , فهي مجرمة تابعة لأحدى العصابات المخربة "
صرخت حسناء بهستيرية
ونحن نجر بين يدي رجال الشرطة بشدة وبرفض منا
وصوت صرخاتها تتفجر في المكان : " تبا لكِ , ايتها الشمطاء , ساقتلك في يوما ما , سحقاً !!!, دعووووووووووني أقتلها "
****
انزويت وراء أعمدة الحديد
في غرفة لاحت بضوء أصفر
يتدلى من أعلى , على مصباح صغير حملهُ خيط من الأسلاك
بغرفة معتمة , تتجرد من كل شي الا من أعشاش العناكب والغبار المتراكم على مر السنين
أنطرح جسدي على الأرض, أحدق إلى ما وراء الحديد
وإلى صخب الأصوات الأتية من الخارج
بعد أن قاوموا باستجوابي بلا نتيجة ترجى , لأجل الأتصال بالوصي .. فما كان مني الا الصمت
أخذوا أمل التي عادت بعد دقائق بوجه استحال ابيضاً, وأكتسى بالخوف
دخلت لتخر بجسدها على الأرض , برأس هوى في حجرها
فصرخت وهي تضرب برجليها في الهواء , قائلة : " يا إلهي!!! لقد أصبحنا في الحضيض "
اقتربتُ منها حتى تشبثتُ بذراعها اليمنى
قائلة بصوتٍ هامس مبحوح : " ما الذي سيحدث لنا ؟ "
أطلقت الأهات من قعر صدرها , وهي تضرب ظهرها على جدار الزنزانة الملطخ بالسواد
ورأسها يلتفتُ نحوي , أغمضت عينيها وهو تبوح لي : " أتصلتُ بعمي وسيحضر بعد دقائق , وستحل المشكلة بسرعة قصوى, بدون معرفة أمي أو أبي أو آي أحداً أخر "
قوست شفتي بحزن , وخوف وقد لمعت عيني بالدموع , فقلت بصوت مرتعش : " وأنا !!! "
أنا ... ما الذي سوف يحدث لي !!
كيف لهم أن يطلقوا سراحي , بدون معرفة هويتي !!
بدون معرفة من أنا !
فأنا ... لا أحمل أي شيء قد يثبتُ من أكون !
فتحت أمل عينيها بضيق , وهي تضرب بأصابعها جزيئات الهواء من حولها, قائلة : " لا تقلقي , عمي سينقذنا, فهم لن يطالبوك بهويتك ولا حتى شيئً أخر "
ضجيج زوبعة حسناء التي ادخلت على حين غرة منا إلى الزنزانة, جعلتنا نخرس محدقين بها
حاولتُ أخفاء وجهي عنها , بالأختباء وراء كتف أمل
لا أريدها أن تراني !
فقط , أريد الخروج من هنا في أسرع وقت ممكن بدون أن تتعرف عليْ !
لم تكف عن الصراخ
انما قامت بلطم حديد الزنزانة بكفيها في محاولة لكسره أو لفتحه!
لا أعرف بصدق كيف تفكر هذه الحمقاء !
تصرخ تارة وتهدد أخرى
وكأنها أميرة على عرشها
تأبى الجلوس على الأرض , وهي تنظر إلينا بقرف حام على وجهها , وتقيأت به عينيها
حشرت جسدها في زاوية قريبة من حديد الزنزانة , محتضنة لجسدها النحيل
دافنة رأسها في حجرها, ليخرج صوت بكائها المرتعش , المخنوق
والذي تحاول كتمانهُ بصعوبة ... ولكنها لم تستطيع ذلك !
تجمعت الدموع في عيني لرؤيتها هكذا وبهذا الضعف
لتجري دموعي على خداي بألم
ما الذي سوف يحدث لنا !
فأنا لستُ مطمئنة أبدا , أني خائفة !
فالمأزق الذي وضعنا أنفسنا فيه قد بات يشد الخنق عليْ!
وبات الهروب منه صعباً !
فكيف وأنا وحيدة في هذه الحياة, وليس لدي من يحميني !
كيف سأخرج منه بدون سند أتكئ عليه !
فأمل لديها , ولكن أنا من لدي !
أغمضت عيناي في محاولة لإيقاف دموعي المنحدرة
مستنشقة ذرات الهواء بصعوبة , مانعة أنفي من النزف
لآ أريد البكاء الأن!
فأنا قد توقفت عنه منذُ زمان طويل !
طوقت ذراعي أمل الدافئة جسدي , قائلة بصوت حمل الطمأنينة : " لماذا تبكين!! ترفه لا تبكي أرجوكِ, لقد قلت لكِ أن راشد سوف يأتي في الحال , وسيقوم بإخراجنا بسهولة "
أرتفعت أناملي إلى عيناي لتمسح دموعها, وتوقف جريانها المتدفق
مسحت دموعي المتشبثة بين أهدابي بأصابع مرتجفة
بإبتسامة كاذبة أعتلت شفتيَ المرتعشة , التي تريد التقوس إلى الأسفل بوجع
أخذت أستمع إلى ثرثرت أمل التي تأبى عن التوقف
وبجنون أحتل عقلها في محاولة لتغير تعكر الأجواء من حولنا
أعرف أن الوقت غير مناسب , ولكن أمل لم تكن في وعيها !
انما اخذت بالضحك , والانطراح أرضاً في كل ثانية من شدة الهستيرية التي أصابتها
أضحكتني معها بمواقف ماضيه كدتُ انساها
إلى أن تحول مجرى الحديث إلى تخبط أمل , وقبطها من الحال الذي وصلنا له !
وأنها ستحدث مصبية أن علم أبويها بذلك
وستصبح هي بصمة سوداء في تاريخ عائلتها العريق
ولكن على حد قولها أن عمها راشد هو من سيتستر علينا
وسينقذنا من تشويه السمعة بدخلونا إلى السجن
نفختُ, جلبة صراخ قوي أنبثقت من جانب حسناء الباكية
جعلتنا نسكن بغضب : " اللعنة عليكم!!! اصمتن يا مجرمات , يا إلهي! كيف لهم أن يزجوني مع قذارات بشرية ومن فصائل المتوحشات والسفاحات , ذوات الصفحات الملطخة بالرذائل "
قفز جسد أمل عن الأرض
حفرت أصابعي في الغبار المتراكم على الأرض
حسناء التي تتفوه بالعبارات من غير تثمين , هي نفسها لم تتغير !!
كم هي مفلته للأعصاب , بغيضه و كريهه
رفعتُ جسدي عن الأرض
وأنا أرى أمل المتقدمة نحوها
بكلمات تحررت من حنجرتها بغضب لاح في صوتها : " أحترمي نفسكِ يا طفلة , ولا ترمي الكلمات سهواً فتقعي فيما لا يحمد عقباه , فنحن قد نكون أطهر منكِ "
أشتعل الغضب في وجه حسناء الجميل
التي وقفت هي الأخرى بجسد قصير القامة , أمام أمل ذات القوام الطويل
تراجعتُ خطوة إلى الخلف فانا لا أريد أن تعرفني حسناء !
فتتفاقم المشكلة , وتصبح مصيبة يصعب الخروج منها !
تلون وجه حسناء بالغرور , وارتفعت عينيها الكحيلة بأهداب طويلة إلى وجه أمل
بحقد دفن بداخلها, صاحت بغضب : " لا تهددني واعرفي مقامك جيداً , قالت أطهر ! وما أدراك من هي الأطهر من بيننا , فتواجدك في السجن هو بحد ذاته طهارة واضحه "
قهقهة أمل باستهزاء , وهي تتقدم من حسناء خطوة واحدة
لتفح في وجهها بكلمات غاضبة مستحقرة : " لا تنسي تواجدكِ هنا يا طاهره , فما تواجدنا هنا الا بسوء فهم وليس لآمر أخر مثلك "
أحتقن وجه حسناء بالدم , وهي تضغطُ على أسنانها بغاضب عارم
وبكلمات تطايرت من صوتها الباكي المهتز, قالت : " وما ادراك لِمَ دخلت ! لست مثلك لانني بريئة ولم افعل شيئً, وأنتِ فعلتِ ذلك على الأكيد "
صرخت أمل في وجهها: " أصمتي فلقد سمعت بحقيقة دخولك يا مخربه"
تقدمت انا باختناق ذرات الكربون في صدري, لرؤية ثورة الحرب المندلعة بينهما بهلع
أطلقت حسناء شرارات غضبها على وجه أمل بصفعة لطمت وجهها
صاحت أمل بشهقة عالية, وهي تضع كفها على خدها
سقطت دموع حسناء بغزارة , وهي تصيح من بين شهقاتٍ باكيةٍ : " أنتِ من بدأتي , أنتِ السبب ! "
أطلقت أمل جماح غضبها , وأشتدت الضربات بينهما بجنون
هالني ما أرى وكفاي تهويان على رأسي , لِمَ وصل الأمر إلى الضرب!
حاولت حل النزاع بينهما
ولكن ما ان فعلت ذلك حتى تلقيتُ ضرباً مبرحاً أدمى شفتي وخدش وجهي
فصحتُ أطلب النجدة في محاولة لايقاف المعركة الطاحنة بين هاتان الفتاتان المجنونتان
دخل رجل الشرطه وقد رُسم على وجهه الأستنكار
فصرخ عليهن بشدة, فتوقفت الأيداي عن العبث ببعضها
والتحفت أمل بحجابها الساقط على كتفها, بارتجاف سكن جسدها
إلى جانب حسناء الباكية الهائجة بعنف
جر الشرطي حسناء إلى خارج الزنزانة
مهددا كل واحدة منا على عدم ألتزامنا
وخلقنا للمشاكل في مركز الشرطة , بدون مراعاة لآي آداب
تهالكتُ أرضاً .... أبكي....
وأمل أسندت جسدها على الجدار خلفها , تحدق إلى السقف بوجه متألم , نُقش بالخدوش
هوى رأسي في حضني
وأنا أحاول كتم بكائي
فما هذه الفوضى الا زيادة في تأزم حل المشكلة الواقعة فوق رؤوسنا
يا إلهي !!
وكأنني أعيش كابوساً , لا أستطيع الا الأنغماس فيه برعب
لم تمر الا دقائق معدودة , لتفتح فيها بوابة الزنزانة مطالبينّا بالخروج منها
أحتلت قلبي سكرتُ الفرح
سنخرج!
أجاء الفرج أخيراً !
هتفت أمل محدقة بي, بتبدل ملامح وجهها المنزعجة إلى المسرورة : " الحمدالله "
مشينا إلى أن خرجنا من الممر, ليؤدي بنا إلى مكاتب رجال الشرطة
وقفتُ بجانب أمل أنظر إلى رجل ضخم الجثة, أسمر البشره
يقف قبالتنا يحدق بنا , بوجه متعكر الملامح
تكلمت أمل معهُ بصوت خافت لم اسمعهُ جيداً !
وبعد ذلك التفتّ نحوي قائلة : " تــرفه أيمكنك الجلوس هناك! "
واشارت إلى منطقة تكتظ بالمقاعد المخصصة للجلوس
واضافت بسرعة : " هناك أمر عالق سأحله وساعود لنخرج بهدوء من هنا "
هززتُ رأسي مذعنة لها
وسحبتُ خطواتي سحباً بإتجاه المقاعد, بحزن غطى تقاسيم وجهي
أيكون السبب مني!
يا إلهي!
أرجوك أنقذني
فأنا لا أريد التسبب بالمتاعب لأمل وقريبها .
فاضت دموعي من أجفاني, وأنزلقت على وجنتي بحرارة لاسعة
وأنا اجلس على أحد المقاعد
بأصابع مرتعشة أنطرحت في حجري , تعبث بأظافرها بتوتر وقلق .
مرت دقائق وكأنها دهر , رفعتُ فيها بصري بأصابع أرتفعت إلى اطراف المقعد
تصاعد بصري على جسد رجل ذو ثوب أبيض, يقف أمامي بمسافة عدت أقدام
توقف بصري عند وجهه ذو البشرة الصفراء
بعينين مظلمتين متسعتين تحدقان بي وقد ابتلعتا المفاجأة
حفرت أناملي اظافرها على حواف المقعد
أحتضنت عيناي الدامعتين اللتان التفتا حولهما سيول الأمطار , وجهه الذي لم أنساهُ أبدا !
وجهه الذي يزورني في أحلامي البائسة
وجهه الذي يصرخ قلبي به في كل ليلة
أتكون رؤيته الأن أمام عيني وهو على قيد الحياة مجرد أوهام أحلام وبعثرتُ أماني .
أنهارت روحي وأنهار جسدي معها
تاهت روحي في جسدي لرؤيته بعد رسوم تلك الأيام العابره
وقد كانت نفسي تغوص في أشباح أحزانها
مصدقة بحقيقة موته وأن جسده قد دفن تحت أطباق الثرى
وروحه قد فارقت جسده إلى الأبد إلى عالم الأموات
تشبثتُ بالمقعد وقد سكنت ذرات الهواء وتبخرت في الأجواء
وأختفى ضخب أصوات البشر من حولي
لم يكن الا هو امامي !
ذياب الشاحب كشحوب الأموات
ذياب شبح أحلامي , معانق روحي
ذياب الذي لم استطع كرهه
ذياب الذي فقدتُ رغبتي في الحياة وبالعيش كأي كائن حي من بعده
أنه ذياب !!
ذياب حي يرزق
قوست شفتي المرتعشة إلى الأسفل محدقة به بدموع سالت على خداي
أنها دموع السعادة لرؤيته
دموع تختلط بألالام وتتفجر بالشوق
رفعت جسدي المتهالك عن المقعد من هول الصدمة
رفعت خلاياه المتخبطة لرؤيته
بقدمين مرتجفتين تكادان تهويان أرضاً
وقفتُ ملتهمةٍ ذرات الهواء ألتهاماً
مخرجة حرارة أنفاسي المختنقة في صدري
بدموع بللت وجهي جررتُ قدماً تلو الأخرى
مهرولة إلى جسده الضخم المتقدم نحوي
إلى وجهه الملتحف بالسعادة لرؤيتي
وشفتيه المبتسمتين الناطقتين بحروف أسمي
ارتميتُ في بحر ذراعيه المتلهفة لي
صادمة بمحيط صدره الشاسع
غارقة في قاع أحضانه الدافئة
خرج صوت بكائي المتهدج بنحيب غمر الأرجاء
ألتصقتُ بصدره , متشبثة بملابسه
مستنشقة رحيق عطره المسكر
ألطم رأسي به
وأبكي بضجيج قلبي وعويل روحي
****
تصادمت نظراتي بنظراته الحادة المذهولة لما تسمعه
والمحدقة بي والمخترقة لعدستي
كانت تقاسيم وجهه تسكنها الغضب
وهو يسند جسد جدته على كتفه وينظر إلي بحاجبين ملتصقين
عندما أمرني رجل الشرطة أن أتصل بولي أمري
أتصلتُ بذياب ولم أتصل به هو!
ولكنه جاء فجأة بعد ذياب
مع رجل لا اعرفه وأظن ان العجوز قد اتصلت به
تكلم مع الشرطة وذياب الذي أختفى فجأة من أمام عيناي
وقد كنت أرجوا من ذياب التواجد للأختباء وراءه والأحتماء به
عن اعين مروان التي تكاد تلتهمني من غضبها بعد معرفته لحقيقة مافعلته !
لقد كنتُ خائفة من الاتصال به
كنت لا أريده أن يعرف!
لآنه سيغضب بشدة , وسيكرهني
كنت أعرف انهُ سيعرف
وفكلا الحالتين سأقع في وكر ما نصبتهُ العجوز لي
ولن استطيع أنقاذ نفسي منه , بعد الذي حدث
لوحان بركان الغضب المتفجر في عينيه المقيدة لعيني
جعلني أرتجف بذعر مترجية إياهُ أن يهدأ , بأجفان أمتلأت بالدموع
لا يمكن أن يحدث هذا!
يجب عليْ أن أثبت له , أنني لم أكن المخطئة انما هي !
هي التي تجردت من الرحمة , ومزقت رزم أعصابي بكلماتها , وأفعالها المدسوسة بالسموم
قوست شفتي إلى الأسفل
وأنا اراهُ يعانق العجوز ويضعها على أحد المقاعد مطبطباً على كتفها , مبتسماً لها
تبا لها !
أني أكره كذبها , ونفاقها هذا وهي تمثل دور البريئة المتعبة والصدومة أمامه
رفع جذعه منتصب الجسد
وبخطواتٍ تسابق الأخرى أتجه نحوي ملتهماً المسافة الفاصلة بيننا
ليستقيم أمامي بجسده الضخم
رفعتُ بصري إلى الأعلى , محدقة به من وراء أعين أرتدت الخوف وأحتضنت الدموع
أنقضت أصابعه على كفي بقسوة , وهو يقودني وراءه إلى الخارج
خرجنا من بوابة مركز الشرطة
ونور المصابيح ينسل من بين ظلام الليل المتوشح برذاذ الضباب
خرجت أنفاسي الحارة على هيئة بخار يكاد يتجمد
لم تكن البرودة تجتاح جسدي إنما الحرارة لتواجده
التي تعبث بخلايا جسدي وأنا اقف أمام بوجل
رمى يدي في الهواء بغضب غلف وجهه
وحدق بي بأنفاسً حارة , وصلتني وعبرت بشرة وجهي
ازدريت ريقي برعب سكن جسدي, لرؤية وجهه المحتقن بالدماء
ووجهه الفاحم , والغضب الذي أراهُ لآول مرة
صاح كالرعد على وجهي : " من تحسبين نفسكِ لكي تضرب امرأة كبيرة في السن , ألأنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها فعلت ذلك "
نفخ من حرارة أنفاسه , وقد تراخى غضب ملامح وجهه
سقطت دموعي على وجنتي لوقع كلماته القاسية على قلبي " أ.. أ.. "
لم أستطع النطق فحنجرتي قد غصت بحروفها
أبتلع أنفاسه اللاهثة , وهو يضرب فكي ببعضهما قائلاً :" لا أصدق هذا , فحسناء التي أعرفها ليست صغيرة العقل هكذا, أو لهذه الدرجة الحقيرة , وليست عنيفة أبدا , لقد كسرتي ماكنت أتخيله عنكِ لقد صدمتني بشدة "
لم أستطع تحمل زحزحة ثقته بي
نعم !! فلقد صُدم بي!!
شهقتُ بدموع تتساقط على وجنتي بغزارة
رفعتُ رأسي إلى الأعلى أهزهُ بشدة
لنفي كلماته
للدفاع عن نفسي, التي اتهمت بإدانة كاذبة
لا أريده أن يكرهني !
أني أحبه ولست بقادرة على تخيل ذلك
أن لم يكن يبادلني مشاعر الحب فلا ضير منها
ولكن أن يكرهني فذلك وحده يقتلني
لا , لا , لن أصمت أبداً
أمطرتُ عليه عبارات تبللت برداء البكاء : " أنها كاذبه هي من بدأت , هي من قذفتني بسمومها أولاً , هي من قامت باخذي من المنزل واثارت غضبي , وضربي "
ألتقطت أنفاسي المتسارعة
وانا أضيف بسرعة محدقة بوجهه الذي أتسعت مقليه : " كانت تقول أنها ستزوجك هدى قريباً , كانت تغيضني , حتى أنها شتمتني , وضربتني على وجهي حتى أدمته , وايضا هي من أدخلني السجن, صدقني.. أقسم بالله.. أنني لم أضربها فقط أمسكتُ بها من عباءتها , صدقني أنها تكذب "
طارت كفه ضاربة ذرات الهواء لتسقط على وجهي بلسعة شديدة الحرارة
بهت وصعقت
وأختنق الأكسجين في صدري
وأختفى من الغلاف الجوي
لم استطع التنفس من هول ماحصل !
وكأنني غرقت في مياه ضحلة
أختنقت, وغرقت فيها
فقط دموعي ... هي الشيء الوحيد الذي يعمل على جسدي
فهي تدّفق كالسيول
زفرتُ وشهقت في محاولة لإعادة انفاسي المسروقة
وقدماي تجران جسدي إلى الخلف , حتى هويت في بركة من وحل الأمطار
خرج صوت بكائي المرتعد, وأنا أصيح من بين شهقاتي : " أني أسفه , أني أسفه "
نهاية المعانقة العاشرة