كاتب الموضوع :
حلمْ يُعآنقْ السمَآء
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم
يقف مشدوها مما يراه ، شقيقته ، الحبيبة .. تجلس ارضا على بعد مترين منه ، تحيط بها حديقة من ورود لا حصر لعددها و ألوانها ، اشكالها غريبة ، تثير للدهشة !
دنى خطوتين ليجد أن الأرض تبتزه ، تطالبه بشئ ما لتتركه حرا ، فقدماه صارتا حبيستا قاع المزرعة الطينية ، رفع رأسه نحو الحبيبة ، ليجدها تراقبه بإبتسامة بشوشة ، حاكاها بروية ، ناعمة ، من مكانه : ميااسة
لتتوسع ابتسامتها ، فتقف من محيطها الزهري ، فتضيق عيناه متابعا تفاصيلها المفتقدة ، بثوب ببياض ناصع ، و شعرها مفرود بحرية يترأسه طوق من الزهر الأبيض ، شهق قلبه فرحا لما رآها تقترب ، خطوة بعد خطوة حتى صارت بين ذراعيه حبيسة ، بعاطفة تجلت بكل تفصيل صغير يلمحه منها همس
: حبيبتي شقد مشتاقلج ، شوكت جيتي ؟
: إنتة شوكت جيت ؟ و الله اني هم مشتاقتلكم ، بس روح مو هسة تجي ، من تخلص شغلك تعال ،
بوسلي نووور زين ؟
: من عيوني ؛ لج تعاالي وياية هسة ، كفاح خاتون مسوية خوش غدا
برقة هزت رأسها رافضة ، و إبتسامة ناعمة طبعت فوق الشفاه : لا طيارتي تنتظرني
لتعود خطوتها مدبرة ، فتميل ارضا رافعة احدى اروع الزهور المتواجدة ، ذات لون أبيض محبب للقلب ، لتقدمها له بغصنها الطويل ، مضيفة بخجل : إنطيها لألن .. و قله انتظره بالطيارة ، ما رح اطير
استلم منها زهرتها ، ليقول بـ صدمة واضحة : تنتظرين الن و متنتظريني ؟ منو اخوج اني لو هوة !
: مو هوة مكان الن هذا
شهـق مفزوعا ، ليرتفع بجذعه عن مخدعه و صوت تنفسه يتعالى بـ هدير ، رفع ذراعيه ليفرك رأسه بـ عنف ، متمتما بإستغفارات متتالية ، شعر بروحه تنقبض ، و الأنفاس تتلاشى ، يمينه صارت تفرك محل القلب و ملامحه تقلصت بوجعين ، جسدي و ذاك الذي شق الروح نصفين !
بعد برهة عاد ليرمي نفسه مضطجعا على الفراش ، ظلت عيناه منفرجتا الاهداب تراقب السقف بفكر مشوش ، بسرعة صار يعيد تصوير الحلم ، خوفا من ان ينساه !
و هو لن يسامح نفسه ان نسي حالة التواصل الوحيدة بينهما ، تأجج الحزن ، فإحتل القلب و الرئتين ، زفراته الملتاعة تعددت ، و شعور الاحتراق الذي غزا عينيه آلمه ، صارت دمعاته تترقرق كـ طفل يشتهي رؤية والده !
و هو كذلك ، يشتهي رؤية والده و اخته ، يشتاق للمحة واحدة ، و حضن طويل يروي ضمأ الأعوام
: ياارب ، إنا لله و إنا إليه راجعون ، إنا لله و إنا إليه راجعون ، إنا لله و إنا إليه راجعوون
تمتماته كانت مهتزة لدرجة اثارت وجعا مضاعفا بروحه ، لا يدري كم من الوقت قضاه مستلقيا ، مذبوحا كما الآن ، ليقرر اخيرا الإتصال بـ ذاك الغائب
قلق حل عليه فجأة ، أيعقل ان هنالك ما يتوجع به الألن وهم لا يعلمون ؟ لم اختصته بالوردة ، و الطيران .. معها ! هربت انفاسه هذه المرة بعجل ، و خوف .. لم يلتحم جرحه المرتق حتى هذه اللحظة ، و لن يستطيع احتمال وجع نكئ اخر يعيد الألم لأول عهده !
عاد ليعتدل بجلسته ، سحب من قربه القميص القطني ليرتديه بسرعة عجلة ، باحثا بـ توتر عن هاتفه من حوله ، حتى وجده قرب سرير صغيره ، انها اللين .. إستخدمته للإتصال بـ رسل ، لتوجز لها اخر اخبار علي ، مع الجلنار ! .. مستفسرة عن وضع الصغيرة هناك
ذهب حيث كان الهاتف ، رفعه ليتصل بدون انتظار على الرقم الثاني في الارقام المفضلة ، طال الرنين و ظن انه لن يحصل على اجابة و كاد ان يقطع الاتصال إلا إنه في اللحظة الاخيرة سمع الصوت القادم من بلاد بعيدة ، عبر اثير يفصل فـ يصل بينهما
: الوو
: السلام عليكم ، هاا شلوونك الن
: علييكم السلام ، الحممد لله انتة و الاهل شلونكم
: بخير الحمدلله ، إي ، شخبارك ؟
: كلللش زيييين
؛
آه من ميةْ آهٍ ثُم آهْ
و حَبيبٌ سَحرتنيِ مُقلتآهْ
لو تَمنيتُ قبيلْ المُوتِ ، ماذا أتمنىَ ؟
قُلتُ تَقبيلْ ثَراهْ
أتمنى المُوتِ من قلتهِ
مالذيِ يمنَعُ أن أشتاقُ فاهْ
آه من ميةِ آهٍ ثُمْ آه
و حبيبٌ عَزنيِ اليَومَ لقاهْ
إبراهيمْ نآجيِ
لم إستغربتم ؟
أنا حقا بخير ، بل بألف منه .. أفتقد روحي القديمة ، فقط ، أما الحياة ، فـ حتى الآن مازلت بها طفلا ، لم أتمم الثلاثة أشهر !
صه ، إصمت ... فـ لا أودك أن تخوض بالسير بمزرعة لن تجني من ثمارها سوى جمرات
جزئه السفلي يغوص بـ مياه زرقاء تتألق في حوض صمم ليبهر من إبداع معماري فذ القدرة ، يستند بمرفقيه على حافته الرخامية ، يمينه تثبت الهاتف فوق أذنه ، بينما الشمال فيسند بها رأسه بميلان ، نظراته تنصب على اللا شئ ، إتصال واحد .. يهزه !
صمت ران بينه و الأخر ، و جديا .. لم يفكر بقطعه ، جر لصدره نفسا ثقيلا حينما وصلته نبرة رفيقه الهادئة : شلونك هالأيام ؟ بالي يمك
تغضن جبينه بـ خفة ، لتحل بسمة طفيفة جانب ثغره ، و أخرى إحتلت عينيه ليهمس بضجر خافت : هاي شبيك ؟ صايرلي حنون مال اخر زمن
: من يومي حنون يا ناقص ، إنتة غير نمك حراام نسييت العشرة
' نمك حرام : من لا يذكر الخير ^^ '
نفس اخر اطول ، و أثقل سحبه ليختزنه في باطن الروح ، يا الهي كم يمزقه الشوق لأرض تحتضن الأحبة ، أحياءا ، و أحياء .. تحشرج الصوت قليلا ، فإضطر أن يسعل ليتمتم بـ شبح مرح و يساره تفرك الرأس ' الأصلع ' : هاي قعدتك وية ابو حسين فسدتك ؟ صاير اخلاق سز مثله
: لك على طاري ابو حسين ، بااركله مو صار ابو جود
كشر بحيرة ، و يده توقفت ذاتيا عن الحركة : ها ؟! ليش هوة مو طلق مرته ؟ شنو جانت حامل ؟
: لا يابة انتة وين بالك ، مو من بت عبد الملك
شخر بملل ليقول ساخرا : ليش يمة هالمرة المن تزوج ' ابو النسوان '
: ترة مو شقة الشغلة جبيرة
بإستفسار نطق ليستدير هذه المرة مقابلا عمق المياه امامه ، مستندا بظهره و المرفقين على حافة المسبح : شكو يمعود ؟
: طلعت بت قاسم حامل و مقايلتله ، و هسة عنده بنية عمرها تلث سنين
توسعت احداقه و انفرج فمه بـ ببلاهة ، علقت حروفه بين حباله ليكح بقوة و جسده يرتخي ليهوي في الماء خلا رأسه و اليمين فقط ، لم يكبح ' حنينه ' لجنون مضى فيهمس به : و هوة شقال ؟ عمررر دير بالك ليسويله طلابة لخ دخيل الله
وصلته تنهيدة طويلة من رفيقه الذي سرعان ما علق : و الله مشفته ، بس بالتلفون حسيت بيه رح ينفجر ، هسة حنروح لبيتهم دنشوفهم
بسرعة قلقة استطرق : يا بيت و المن تشوفون ؟ همة مو بالاردن ؟
: إي بس جايين عالعيد .. أبوها رايح للحج فجايبهم عبد الله عديله ، تتذكره
لم يجب ، فلا زال عقله بطور الإستيعاب ، لو رآى نفسه لـ صعق من شدة شحوبه و تلون ملامحه بلمحات التوتر الأخوي !
: لعد استلم الانجس ،
بخبرة متقنة سبح المتر الفاصل بينه و الدرج القصير ، و كله مشدود لما قد يلقى فوق اسماعه : اكو انجس من هالمصيبة !
باهت الصوت ، شارد الذهن ، و متوتر النظرات ، ظل باله مشغولا ، غارقا بـ بركة من ماض سحيق ، و كأن شريط ما مضى عاد ليعرض امامه ، ها هو يأخذها مع الجدة لـ مزرعة الأخيرة ، حيث سجنت بإرادتها ، و من ثم زوجت فحملت !!
يا الله ، مالهذه المصائب لا تختر سبيلا إلا ليكون نهايته علي ؟!
أستغفر الله العظيم ، إنه قدره ، أن يربط بكلابيب قاسم ، و اهله !
: ألن ويايية ؟
عبس وجهه قليلا ، ليتنفس بعدها بهدوء متماسك ، فيختار ان يكون حياديا بنبرته وهو يتسلق الدرجات المعدودة ، فيصير فريسة للنسمات الباردة ، فريسة منقادة لآكل لحمها ، فهو لم يكلف نفسه عناء تجفيف عضلاته ، إكتفى بالتحرك نحو الكرسي الطويل المغطى بـ مظلة بحجم مهول : وياك
: اقلك ، عوفنا من علي ، فهمني انتة شلووون وياك ؟ لشوكت رح تبقى هيج ؟ يابة و الله ملينا منك دتخلينا حتى نكره نخااابرك ، شنو قصتك متفهمني لعبت نفسي
دوما ما كان ' أبو نور ' نيير القلب و البصيرة ، بحس مرهف ، و ذو تعامل إسلامي أنيق ، أن يصفعه بـ غليظ القول يعني أن دلوه إمتلئ و فاض ، لم يجد بدا من العودة للخطوط الدفاعية ، فمهما ' احترق ' لا يحق له أن يجر جلودا بريئة معه ، طوى أحد ساقيه بينما الأخرى تركها ممدة ، و اليسار استغلها كـ وسادة للرأس الممتلئ ، بترهات
فتحدث كما يريده الرفيق ، عاقلا ، حيا يرزق بـ إنفعالاته : ابو نور على كيفك ويانة ، ليش هالعصبية ، قتلك ما بية شي شو انتة من خابرت لهسة بس تقلي شبيك ، إنتة الي شنوو قصتك ؟؟
زفرة خشنة ادركها ، لتأتيه جملة عمر كـ إبرة مهددة ، بإمكانها لمس أي مملوء ، لتفجره ! : حلمت بيك و الله
لم يتظاهر باللا مبالاة ، بل احسها فعلا و هو يهمهم بما لا يفهم لمن يراه فكيف حال من يبعده عنه بحورا و جبال ، حرر يساره التي كان يتوسدها ، ليرفع علبة الماء الموضوعة على الطاولة قربه ، فرغ ربع محتواها بمعدته ببطئ متماهل .. إستطرد عمر ما إن لاح له عدم إهتمام رفيقه ، نطق و ليته لم يفعل !
: شفت ميس ....
شهق القلب بـ موت !
توسعت حدقتاه و احتل الشلل عضلاته اجمع مع اللسان ، إختل توازن ذهنه ، و إنطفئ بريق الحياة في مقلتيه ليحل محلها اخر ، للـموت ، أنت عظامه بوجع دكها مرارا ، فإعتادته و حفظت تفاصيله عن ظهر شوق ،
طفرت من فؤاده دمعتان ، بل أربع ... او اكثر ، ثوان هي كانت فاصلة بين توقف عمر ، و متابعته المتألمة
: قلتلي منتظرتك ... م رح تطير طيارتها بدونك ، قلتلها ليش منو اخوج اني لو ألن قالت لا هوة هذا مكان ألن
رجفة سرت من المساحة المنتفخة يساره ، لتتوزع عشوائيا لكافة الأعضاء ، فيستنفر الجسد كاملا بلإمتثال لأوامر ذلك الملكوم ، النصف المقتول ذبحا ، المعلق بين حياة و موت ، بين شهيق و زفير !
هنالك يجلس كمن لا روح فيه ، سكن سكون الأموات ، و إشتعل قلبه حنينا ، يا الله ... متى سيدركه السلوان ؟
رحمتك يا رحمن الدنيا ، و رحيم الأخرة ، أغثني بصبر و نسيان ، إني لأموت عند كل ذكرى ، فـ كيف بـ ذكر .. لا أريد أن استمع لذكراها من ألسنتهم ، فيشح العقل ، و يجود الجنون ، الضعف ، الإختناق
ربـاه ... أتوسلك الصبر ، سأموت حتما ، و قريبا ، سأموت اشتعالا ، و خنقا ، و شوق ! كل ما بي يدركه الموت ، إلا إنني أعيش .. تنفست بعدها ، و غفوت ، و لما شد الجوع من خناقه على عنق المعدة .. تغذيت .. لم أمت ، ها انا اجلس هنا ، ببلد غريب ، ككائن غريب لا يعرف سوى الصمت .. و التعبد !
يارب ، رحماك
سمع مناديا للحنين ، و الفقد يقرع بطباله ، و يصيح ببوقه ، سمع مذكرا يطلبه القدوم ، فموعد جلسة الشواء قد حان ، شواء الروح فوق صفائح الشوق الملتهب ، تقلبه ذات اليمين و ذات الشمال لم يترك له جلدا إلا و مزقه ، أكله !
: ألــن لك مشتاقلها و الله ... حيييل مشتاقلها
كلنا نشتاق ، لكننا عشنا يا ابا النور ، أنت و انا ، و حتى والدتك ، كيف هي ؟ ألازال اخفاقي بحق طهر الصغيرة عالقا في ذاكرتها ؟ أ لا زلت أشكل لـ ذكر الحبيبة خطرا متآكل الاطراف ؟! هل لا زالت تذكرني كـ ألن رفيقك ، أم ألن المجنون الذي غمس رأسه في بركة عشق ظنها زلالا فأصبحت دما ، و ها هو لهذه اللحظة يتنفس دمها المعطر ،
أ غبي انت يا عمر ؟ إني عشت تفاصيل الفقد بـ حذافيرها المتناهية الدقة ، أ جئت لـ تكويني بتلك الدقائق مجددا ؟ من قال إني أريد أن أسمع عن حلمك ؟!
بلى أريـد ، نعم افعل ، ماذا قلت ؟! ستنتظرني الصغيرة ؟! بربك كيف رأيتها ؟ ألا زالت سمرائكم بهية الطلة تحمل ذات الملامح الحسناء ؟ هل لا زالت نظرتها المشاكسة تفتك بأعتى القلوب ؟ بربك ، سؤال اخير ، يشق القلب شطرين ... أرأيت اعضائها كاملة ؟ كما كنت تراها دوما ؟ أو كما لملمتها يداي ؟
رباه .. سأموت
سحقا لقلبك و لك يا ابن ابيك ، ويح عمري منك عمر و من ثلاثة عقود جمعتني بك ، لأموت حيا بعدها لثلاث من السنين ، أموت حيا ارزق !
فأحيا ميت أشنق منذ ثلاثة اشهر ، أ كتب لي أن أعيش الثلاث بتمييز ؟! كم إشتقت لـ صاحبة الأحرف الثلاث ، تلك المشاغبة ،
ليتني أبصرك حلما ، حلما فقـط ، و سأكون حينها ممتنا لـ عمري ، و قبلها لربي
يارب ، أشتاقها بموت و انت تعلم ، فـ إجمعني بها بتفاصيل حلم قصير ، أود الإطمئنان بأني سأعيش لثلاثة اعوام أخر ، بإذنك .. أتوسلك الهي ، صبرا و رحمة
: ألن تسمعني ؟
شهـق بلا إحساس ، ليختنق بإرتداد الماء من جوفه ، هاربا ممن لا يود سوى النسيان ، فتراه يخرج من مجراه التنفسي ، فيختنق ، سعل بقوة و هو يعتدل جالسا ، منزلا ساقيه على الارضية الرخامية ، بشلل : بعدين اخابرك
لا يمتلك ما يتبجح به للتظاهر ، و لا بإمكانه إرتداء ثوب ليس من مقاسه ، انزل الهاتف على المقعد و لونه خطف ، و القلب كذلك ، خفقان تزامن مع استيعاب متأخر لكل ما قيل ، و ذبح .. ظل وجهه مظللا بشحوب الموتى و نظراته تتوه امامه دون ان يبصر أي من عباد الله حوله ، في هذا المسبح !!
رفع علبة الماء بهدوء ، ليفرغ ما تبقى منها فوق صدغه ، برودة الماء اخمدت فوران رأسه ، ليكف عن التفكير ، و التذكر ، إلا أن الوجع صار مضاعف على ساكن الشمال ، لتتدفق دماه بقوة برحلات ذهاب و إياب لا تتوقف ، بل كانت عجلة ، خطرة حتى الموت !
عيناه ظلتا مفتوحتين ، فجمدت نظراته اكثر لصقيعية الماء ، إلا إن إشتعال القلب كان لابد أن يطفئ ، و إلا لإستنشق رائحة شييه كل من يسكن هذه الأرض ، الشقراء
لحظات هي حتى وجد نفسه غائصا بعميق الحوض ، و بـ جسد مشدود العضلات ، متصلب الاطراف صار يتحرك بقسوة على الذات ، قسوة موجعة !
لا يريد أن يبصر ذكرى ، و لا ان يشم عطر الدم الذي إستباحوه ، و معه فؤاده ، لا يريد سوى ان ينسى ، أصعب هو ؟ انتم أخبروه ، كيف يفعل ؟ ألكم تجارب مع فقدان طعم الماء ، و الهواء ؟!
أوكان لهم طعم من قبل ؟ بالطبع ، لكنكم لا تتفكرون ، هنالك من يضفي نكهته اليهم و انتم تدركون ، و تتجاهلون !
أم او أب او اشقاء ، رفقة ام احبة ، كل و له ' ملح حياة ' لا يستطعم يومه من دونه ؛ و انا قد فقدت حاسة التذوق منذ ثلاثة اعوام
فجأة و في خضم حالة الهيجان الثورية التي اكتسح بها المسبح الخالي من معظم رواده في هذا الوقت من المساء ، توقفت اعضاءه ' العضلية ' ، تشنج اعتاده اصابه ، ليكتم صرخة الوجع الممتدة على طول ذراعيه و النابتة من عظم الكتف ، شهق ' بحلاوة روح ' محاربا الغرق ، تداعت قدرته على المقاومة ، بل الحركة ، ظل متأرجحا بين غوص و طفو ، شهقات متتالية و صرخات رجولية مكتومة ما بين وجع و إختناق ، تلاحقت الصور أمام انظاره المصوبة نحو اللا شئ !
ذات الثوب العرائسي المتلألئ بلونه ، و خمار رقيق اخفى عنه معالم الفتنة ، إبتسامة ناعمة ترتفع من اسفل خمس طوابق .. و من ثم ... موت ، يعصره بين فكي الحياة !!
دماءها ، و بسمتها ، فالبقايا .. هل حان موعد اللقيا بعد طول إنتظار ؟ هل سيشهق برؤيتها فرحا ، فهو قد تيتم من بعدها ، تيتم و ظل قلبه سجين الملاجئ ، حسبه من بعد الفراق أنه ابصر الحق الذي اظله لأعوامه الاربع و الثلاثين ، حسبه أن الله هداه ، و إجتباه ، يكفيه من الدنيا ما أخذ ، و ما ضحى ، و صدقا يتمنى اللحاق بطائرة تنتظره
تنتظره يا بشر ، صغيرته الحبيبة تختاره ... بل الله من يفعل ، أ هنالك أروع من ان يكون عبد لله ، غريق ؟!
مفطور قلب ، و مسلوب مشاعر ظلت عذرية لم تدنس سوى بـ قطرات دماء ، دماء الحبيبة ، يا الله كم يشتاقها ، ذلك الشغب ، العناد ، و العبث بـ تفاصيل حياته كيفما تشاء و دون ان تدري ، لم يمر عليه يوما دون أن ينزوي في حجرة مظلمة ، مقلبا ذكريات لم تكن من حقه .. لكنها صارت ، بعد ان فقد رؤية وجه صاحبتها البشوش
ظن أنه غادر و إنتهى به الأمر مهرولا لاحقا بالطائرة ، لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه ، و متيقن هو بأن ما من قدر كتب ، إلا لتغيير الحال لأحسنه ، لتشذيب النفس البشرية ، و بري حدة ذنوبها !
امتزجت الاصوات ، و اشتد وقعها على القناة السمعية ، كشر ملامحه بـ وجع ، شاعرا بضغط عنيف يهد اضلاعه واحدا تلو الاخر ، اختنق بـ ما ارتد خارجا من المياه ، ليتقيئه .. لا يدري كم مضى عليه ينازع الإختناق حتى إستوعب ' عمرا جديدا ' مبجلا بالذكريات القهوائية الطعم ، السكرية اللذة !
سعال قوي تمكن منه ، قاذفا به ما تبقى من ماء ملئ قصيباته لوهلة ، شعر بسواعد قوية تعدل من استلقاءه ، مقلبة إياه ذات اليمين ، مسهلة عليه رحلة العودة من الموت ، الألم يفتك بـ عضلات صدره و الذراعيين ، تشنجات متتالية ، جعلت منه طريحا ، متقبلا لـ إعانة كل من وجد ، منذ تلك الليلة ، و ما بعدها .. صارت هذه الحالة المرضية ملازمة له ، تشنج عصبي عظيم الوقع ، سببه النوم على حزن !! و كأن جسده هو الأخر إحتج يومها ، و قرر أن تغادره عافيته .. و وزنه ، مع القلب !
: تسمعننني الن ؟ إنتتتتة زماااال اكووو واحد هيج يسبح وهوة يدري بنفسه يتشنج ؟ لشوووكت نظل نقلك على كييييفك وية نفسك يا اخي حرااام ، إتقي ربك
كان مستلقيا على شقه الايمن ، يتقيأ ماءه و الاحداق تكاد تندلق من مكانها لشدة انتفاخها و الاحمرار ، لا يدري احد أ دمع راح ينبع منهما أم بقايا الماء ! و من يرجح الأولى و هم لا يدركون ما به ؟ لم يتخطى احد يوما خطوط زميلهم ، لا أحد !
فهو من صنع سد منيع حول قامته مديدة الطول ، المتناسقة رغم ضعفها !
شعر بـ انصهار شئ من جليديته في الحمام الدافئ الذي غمر به ، لم يهتم بتفاصيل الأمور ، و لم يصغي لـ ترهات رفيقه في الغربة ، الغاضب ، فهم لا يعلمون ، !
شئ فـ أخر إرتخى التشنج ، تنفسه صار بإنتظام أفضل ، و تواصله الذهني مع من حوله إعتدل ، أبصر ذاك الذي يشاركه الحمام ، واقفا بـ جسد مستنفر ، حانق النظرات .. ليهديه وابل من تأنيب : و بعدين ويااك انتة ؟ شوكت تتعدل ؟
كان مستندا على طرفي حوض الاستحمام بـ مرفقيه ، هسيس انفاسه تعالى و هو يتلقى اللوم بصمت ، نظراته تتسمر على السلسال الذي يرتديه ، دون ميداليته !!
حانت من لحظات جموده ذوبان قصير رسم على شفتيه بسمة خفيفة ، همهم بـ ما يجول بـ قلبه ، دون أن تصل احرفه لأسماع الرفيق ، قليل من الثواني ، ليضيف بصوت واضح دون أن يرفع رأسه : يللا اطلع ، صرت زين
: إي كلش صرت زين
باوع ايدك لحد هسة متشنجة ، إنجب و خليني لحدما المي الدافي يريح عضلاتك يللا اطلع
بإستنكار كسول مد بـ حروفه هازئا : تبقى وياية بالحمااام ؟ لا يابة لا اخاف على نفسي ، ' يساار ' إنتة مو امان
الي يسمعك يقول مشايفك قبل بهالحالة ، و بعدين لتخااف النسواان ذابة روحها ذب علية فما اباوع على شكولاتك الزفرة
ضحك بـ إرهاق ، و تعب .. تنفس بعمق لحظي ، ليتمتم بعدها مصوبا نظراته نحو العابث ، المشاكس ، اللعوب ، ذو الجسم القتالي ، الفخم !!
: لك انتة صدق متستحي ، فهمني مرتك شلون مدتعوفك
بلا شعور تسمر بؤبؤاه على ذلك الشق الطولي الذي يعلو حاجبه الأيمن ، فينصفه بـ ندبة مشوهة كثيرا ما تلاقي إستحسان ' الإناث ' إذ تجدننه ' إيحاءا مثيرا '
إبتسامة خفيفة خففت من حدة وجومه مراقبا ' الاكفهرار ' الذي انسكب على ملامح الرفيق ، ليظل الأخير بـ وجه صخري كـ سبيكة من خزف لا تنكسر !
علق بعد هينهة : اقلك بعدك على قرارك ؟ صدق مترجع وياية ؟
ظل مستمتعا بمراقبة التعابير المقهورة التي حطت على قشرة السبيكة ، لتنشق مسفرة عن جملة قصيرة ، بحدة نبرة تليق بضخامة صاحبها : لا ما ارجع
: مشتاااقييت ؟؟ لتقلي ' النسوااان ' نسووك ' أم زيوني ' ما اصدق ، و زيوني و ....
: شنو رأيك أجي اكسرلك فجك ' فكك ' ، أو تدري شلون ، اني طاالع طبك مرض تتشنج تموت ، بررة تنتظرني " كاتيا " ممصدقة شافتني بالحقيقة رح تموت من الفرح و اني عفتها علمودك يا كلب
ببطئ حرك كتفه ليراه يعمل ، فجلجل بضحكة فخمة مشيعا بها رفيقه الهارب ، صاحب الحزام الذهبي و العيون العابثة ، ' زير النسوان ' !
.
.
.
يا باخلاً بالوصل
يـا مَنْ هـواه أعزّه وأذلّنـــــــــــــــي
كـيف السبـيلُ إلى وصـالِكَ؟ دُلّنــــــــــي
وتـركتـنـي حـيرانَ صـبّاً هـــــــــــائمًا
أرعى النجـوم وأنـت فـي نـومٍ هـنـــــــي
عـاهدتـنـي أن لا تـمـيلَ عـن الهــــــوى
وحـلفتَ لـي يـا غصنُ أن لا تـنثنــــــــي
هـبَّ النسـيـم ومـال غصنٌ مــــــــــــثلُه
أيـن الزمـانُ؟ وأيـن مـا عـاهدتـنـــــي؟
جـاد الزمـان وأنـتَ مـا واصلـتـنـــــــي
يـا بـاخلاً بـالـوصل أنـتَ قتلـتـنــــــي
واصلـتَنـي حتى مـلكتَ حُشـاشـتـــــــــــي
ورجَعتَ مـن بعـد الـوصـال هجـرتـنـــــــي
فلأقعـدنَّ عـلى الطريـق فأشـتكــــــــــي
فـي زيِّ مظلـومٍ وأنـت ظلـمتَنــــــــــــي
ولأشكـيـنَّكَ عـند سلطـان الهـــــــــــوى
لِيُعذبنَّك مـثلَ مـا عذَّبتـنـــــــــــــــي
ولأدعـوَنَّ عـلـيك فـي جُنْح الــــــــــدجى
فعسـاك تُبـلى مـثل مـا أبـلـيـتـنــــــي
سعيد أحمد البوسعيدي
يربض فوق إحدى أرائك الصالة ، مسترخيا بجسده الضخم ، حاملا بين يديه عقبا " عاشرا " لما كانت تسمى قبيل أن تنتهي ' سيجارة ' ، الأفكار تحتدم برأسه ، يقرر يقرر و من ثم تجيئه لمحة حادة تقطع خيط تفكيره لتنفلت قراراته كحبات عقد متناثرة
ما الحل و هو يقع امام خيارين ، أقلهم موتا .. سالبا للروح ، و أبشعهم .. سالبا للكرامة !
هو لن يستطيع حرمان صغيرته من أن تعيش بطبيعية ، لن تتشتت كما فعل ، لن يتشكل قلبها البرئ بيد القسوة البشرية فتراه يصير منحوتة من صخور الجبال ، لا شدة لبشري أن يكسره
تمنى لو بإمكانه أن يربي طفله ليتدلل بين أم و أب ، لكن شاء الله أن تكون أمنيته باخسة بحق رجولته .. إن ظلل فتاته بـ جناح أمها ، سيعلق فوق صدره رمحا لن يتوان عن الإندفاع بقسوة شاقا طريقه بين الأضلع فيحل محل الفؤاد !
يشيد لكرامته قبرا ، و يزفها له قتيلة أودى بها إنفجار عظيم هز أركانه الجسدية ، و الروحية ، سيستخير ربه العلام لما يخفيه بالغيب ، فهو يجده عاجزا عن الدنو مما يسمى بالقرار بمفرده !
اطفأ سيجارته ليدهسها فوق كومة أخواتها ، و يليها بأخرى .. منكوبة ، بين السبابة و الوسطى انحشرت و النار راحت تمضغها بشراهة بطيئة ، ساندا كوع يده على مسند الاريكة و على إبهامه يرتكز الفك المتقهقر بأحاديث عظام
لما شعر بقرب الخطوات الرتيبة من الحجرة جر نفسا طويلا أتبعه بـ زفرة ' دخانية الفحوى ' ، هي أجزاء من ثانية و إختفت الغشاوة الدخانية ، تلاشت لتظهر من خلفها العفريتة المحطمة لملذات حياته ، إن كان ما قبلها ' يستطعم ' !
راقبها بنظرة ساخرة و هي تتحرك بـ هدوء و برأس مرفوع 'بما لا يستحق ' ، و كومة شعرها محمولة فوق رأسها بـ كعكة ضخمة تغري الناظر بـ أن الحجم المتعاظم يعد بوجبة شهية للغاية ، لذة لا يستساغ لغيرها طعما بعد أن تذاق .. قدماها كانتا محشوتان بـ نعله ... بل بقلبه ... كيف لها أن تتصرف كيفما تشاء و تختار ما يحلو لها لتدنسه بقاسميتها ؟
رفع حاجبيه ما إن إستقرت جالسة أمامه على الأريكة الفخمة الطراز ، فبدت و كأنها إحدى ملكات سومر ، تجلس بـ عنجهية " لم يرها بها من قبل " ، رافعة ذقنها الحامل لـ أثر قسوته ، و نافخة ريشها الخافي !
نظرته إحتدت حالما بدأت الحديث بوقاحة ليست من شيمها ، و لم تلق بها و ربكم الأعظم : باوع علي .. انتة الظاهر براسك عني فكرة مستحييل تغيرها .. و رغم انو اني متأكدة كلامي محيغير شي ، بس واجبي تجاه نفسي الي هنتها انتة مليوون مرة انو اعيدلك الي صار بطريقتي
أني تربيت يم اب قاسي .. يحبني اكثر بناته صح ، أو بالاحرى جان يحبني ، ' و بسخرية استطردت غافية الإهتمام بـ قسوة نظراته ' هه هسة يشوف دم سنونه و ميشوفني و طبعا ما الومه ، لإن صار عندي طفل و بديت افكر شنو يعني يطلع ابنك عن قرارك شنو يعني يكسر قلبك و ظهرك
لتجر نفسها بتأني و تعود من ذاك الشرود مسترسلة غير واعية لعينين لم تزالا تراقبانها رغم إنشغال صاحبهما بهرس سيجارة جديدة فوق ركام من هرس : المهم .. جنت اشوف الي يسويه ، و ما ارضى عليه طبعا ، و منو يرضى على الظلم ، بس شسوي يعني ؟ أبوية هذا .. أبوووية ... يعني اذا متت فأصدق دمعة تنزل علية هية دمعته هوة و امي ، همة اهلي علي ، أهلي
صمتت لوهلة قصيرة ، مميلة برأسها بخفة ، سارقة لنفسها لمحة تبصره بها وهي تضيف بـ جدية : يمكن انتة معشت بين ام و اب و متعرف شنو يعني عائلة
شخر بسخرية ليظل منحنيا بجذعه نحو الطاولة ، منصتا لها و حدقتيه تصوبان نظراتهما على علبة السجائر ، بينما أصابعه فتتقن فن الطرق على الزجاج الشفاف للطاولة ، حلة شخصيتها الجديدة فاجئته .. و أعجبته ، جدا !
بالأخص بعد الوعكة الصحية التي عانتها منذ ساعة ، أيعقل إنه قد خدع .. مجددا ، و برضاه ؟!
لم يظن أن تقابل سخريته الواضحة بإرادة تهنئ عليها و هي تكمل اقوالها بنبرة تخلو من اي مطبات قلقة
: و بعدين انخطفت !!!!! تعرف شنو يعني بنية تنخطف دكتور ؟
بهذه اللحظة توقفت اصابعه عن الدق الممتعض لثوان ، و بصره جر جرا نحو الاعلى حيث هي ، لتقابله بإبتسامة لم تنجح في ستر عورة البؤس و رجفة الصوت هذه المرة زحفت لتصل منكبيه ، و من ثم تستند عليهما لتمتد كفها فـ تردي خده مصفوعا !
: يعني تشيل حياتها و سمعتها و شرفها و عقلها على جف ايدها ، تنتهي ... الرعب الي حسيته مرضني .. تتذكر من جنت اقلك صارت عندي فوبيا من الناس ، مجنت اكذب
البحة غزت نبرتها و هي تضيف مشيحة بنظرها بعيدا عنه ، هاربة من حملقته الماسح بها تفاصيلها المبتئسة : مقلت لاحد عليكم لإن ادري ماالك ذنب بالي صار ، و أعرف اهلي ... ميهمهم انتة ساعدتني المهم اهلك شسووا بيية
و لمن انخطفت مرة لخ غلطت .. إي غلطت غلطة عمري من اجيت وياك و قبلت ..... عالـ زواج ... غبية ادري بنفسي غبية ، بس ' ليطل التردد ضيفا لم يلق من هو به مرحبا ' ما اعرف يمكن ... ما ادري ما ادري ، غلط الي صار غلط و ما ابرر لنفسي ،
جرة نفس طويلة تلتها زفرة تهتف تعاسة ومن ثم أردفت بجدية : و اكلتها .. إنتهيت لمن كبرت المصيبة و تدمروا هواية ناس و ميحتاج اقول اني اول من تدمر ... و بعدها
ضاقت عيناه متابعا حركاتها البطيئة و هي ترف بجفنيها حينا لتقضم شفتيها أخر .. إن كانت تحاول أن تخفي توترها فقد فشلت ! نظراتها تتراقص فوق تصميم السقف .. لتفر و دون رضاها دمعة لم تكد توكز ضميره ، إذ مسحتها بسرعة محاولة دسها تحت ضحكة فاترة ، كئيبة !
أعاد بصره حيث الطاولة ، لترفع يمينه الولاعة فتتخذها سلوى للشرود ، إذ صار يقلبها على السطح الزجاجي و كله ينصت لأنفاس يصدرها صدر إمرأة ! .. حشرجة ضعيفة هزت بدنه فأبهرته لشدة تأثيرها ، ظل عاكفا على صمته ، منتظرا منها تتمة لشريط البؤس الذي حفظه دون أن يقصصه أحدهم .. فكيف لا يفعل و هو أحد أبطال الحكايا المحناة بالدم ؟
: و بعدين طلعت حامل هههه
حامل علي ... تعرف شنو يعني حااامل ؟ قدام العالم اني ممتزوجة !!!! قرايبنا اهلنا معارفنا .... شيقولولهم اهلي ؟
شوية ... شوية بس خلي نفسك بمكانهم و حس شلون يصير الوجع ، تخيل لينا بمكانـ ـ
بتر حديثها الملكوم بالتعاسة بـ سخرية بدت لها كنصل سيف مزق جلد رسغها الأيسر ! .. كان يراقب ردة الفعل المتصلبة التي غطت وجهها المطرق بميلان هازئ : أعرف اختي شلون متربية ...
ليرمي ولاعته بشئ من قسوة قرب علبة السجائر فيصدر عن ارتطام المعدن بالزجاج دويا أفزعها لتجفل أطرافها بما إستفزه ، أرخى جسده على المقعد مكملا بنبرة لم تخلو من الغيظ : سبااعية و مستحيل تنزل نفسها لأي أحد
أطرقت رأسها اكثر لتتمتم هامسة و بضحكة ساخرة بينما أظافر يديها المقلمة بـ ' رقي ' تتشاكس بـ إسلوب منفر : هههههه صدك ضحكتني ، صدك !!!
لتزفر تنهيدة طويلة " مصطنعة " تتلوها بـ : تدري يا اخو السباعية ... لو اختك عايشة الي عشته جان ذبحت نفسها و فضتها ' أنهت الموضوع ' ... فكر بيها شوية تلقاني دا احجي منطق
تقابلت الاعين ، و ظل يؤنب بها قوة دفنت حتى تحللت خلاياها ، فتتحدى به إحساسا على قيد الإحتضار !
لم يكن جالسا كـ وزير ، أو أمير .. أو حتى ملك ، بل كان جلادا سفاحا ، نذلا !
بإسترخاء يغمر جسده فوق الأريكة المنفردة ، رجلاه ينفرجان بطريقة مغيظة ، مرفقاه يستندان على اذرع المقعد ليكون الكفان المتشابكا الأصابع مسندا للذقن الملتحي !
زادته رجولة مستفزة تلك النظرات الضيقة ، الساخرة ، كأنه مل حكاويها و ما عاد يهتم بالإنصات لشر ما عانته و يعرفه .. أ يود أن تطرب أذناه بـ أمر جديد ؟ .. له ذلك
فقط لـ تغضبه رفعت قدما فوق الأخرى و فوق الركبة ثبتت كفيها ، وصلتها رسالته المغتاظة ، لكنها تغابت .. نطقت الحروف بـ هدوء و هي تسترسل بما " في نظرها " ليس لأنثى قدرة على تحمله
: معلينا من كل هالحجي ، أكبر وجع صار بحياتي بتي ... تدري شنو يعني احضنها و اني ادري بس هالكم سنة اقدر اعبرلها عن مشاعري براحة ، لإن بعدين حتفتهم و تقاارن ، ليش اني احبها اكثر من خواتها الباقيات .. خواتها !
متعرف شنو احساس الوحدة الي نايمة عالسدية ' سرير المشفى ' ، هستووهة جايبة ' للتو ' .. هستووهة ، و يجي ابوها و يسمعها الحجي الي يسم البدن ، هية على فرااش الموت و هوة يقول ياريتج ميتة و دافنة عارج وياج .. حقه ، و الله حقه .. بس همين ذبحني بوكتها والله
سكنت أنفاسها لبرهة ، و تهدل كتفاها معلنان حالة من التعاسة و الخيبة لتتمتم بعدها مكملة : الي يأذي أكثر و يمووت همين لمن وقف و بعلو صوته قال حسجلها بإسمي ، و إذا سويتوا شي منا لو منا بعد متشوفوها
هذه المرة قابلته بنظرات شجاعة ، و نبرتها ترتكز على بنيان الثقة بالوجع ! : انتة ادرى مني ابوية شيقدر يسوي ، و اني هم ادرى بيه .. ميهتم لبته و لا لبت بته و سنا و زينة اكبر مثال قدامي ، كتللها رجلها مثل الورد
ضيقت نظراتها لتحاوره مفتعلة الشعلة النافرة بينهما : يعني الله عليك تريدني اجاازف و اصير مثل اختي ؟ أربي بتي و اني ادري ابوية كاتل ابوها ، أو ممكن كلللش اصلا ياخذها و ما احصل لا البنية و لا ابوها ، هه
وكزت قلبه بـ نبرتها المعوجة بالصدق ، يعلم جيدا إنك قد ظلمتي يا سيدة .. و يكره جدا أن يكون أحد الذين ظلموا ، تجعد مابين حاجبيه و هو ينصت بإهتمام لما اضافته بـ رجفة تحاول التشبث بأي قشة ركوز : يعني يا دكتور أبوية ظالم .. اوكي مقلت شي ، و أني ' برأيك ' غبية و شيطان أخرس و من هالحجي هم اوكي ، بس هاية طاقتي ، و هذا الي قدرت اسويه ، أحافظ على الي يهموني حتى لو اقطع صلتهم بية لحدما الله يفرجها
و تدري شنو الي يقبض قلبي صدق ؟ إنو فرج رب العالمين يعني موت ابوية !! شايف الانانية الي صرت بيها علمود بتي ؟
لتصير على حين غفلة منشرحة المبسم ، متلألئة المقل ، رفعت سبابتها لتمسح بظهر مفصلها دمعة تكاد تخر من زاوية الحدقة النجلاء ، و إضافتها هذه المرة أصابت الهدف ، لتردي صلابته متهشمة أرضا : تدري كم مرة فزيييت من النوم مرعوبة عبالي اخذها و اني نايمة ، أدور عليها مثل المخبلة هنا و هناك و بعدين تطلع لو زينة ماخذتها لو روشن لو الجهال شايفيها قاعدة و ماخذيها .. تخبلت
ثم تفاجئه بردة فعل غريبة و هي تستقيم بـ غفلة منه لتتحرك في الصالة بهدوء ، ظل متسمرا محله ، ساندا فكه بإبهام اليمين و مغطيا فمه بـ بقية الأصابع الخشنة ، و كأنه يلجم كبوة فكيه التي ما إن تفلت ستتذيل بها كثيرا من المآسي ! ، عيناه تضيقان بلمعة شغفة ، شغف زاره للتو و هو يراقبها بـ منامة بيتية تتجول بين أغراض المنزل بحرية لا تلائم علاقتهما .. ما بينهما لم يسمى زواجا يوما ، أبدا ، رؤيتها هكذا دمرت قلاعا بنتها اياد فرعونية ضخمة ، هو يظل رجلا ، و من أمامه إمرأته .. و ما تفعله حفز به الشوق لـ يكون كـ غيره من " الطبيعيين ! "
عائلة .. لم يكن يوما ممن امتلكوا عائلة حقيقية عزلتهم عن بؤس ما حولهم ، لما كان يافعا كان حلمه أن يحصل على واحدة ، و ظل الحلم يلامس سمائه لينتهي به الأمر تائها بين كومة من السحب ، فلم يجد منها سبيلا للهرب !
ظل ما تمناه معلقا على علو ، علو لا يظن بأنه سيمسه يوما .. فـ لو فعلها و صلى من أجل أن تمطر تلك السحب و تأتيه بحلمه ، لن تكون دعواه سوى ذابحة لعنق الرجولة ، فهو لا يود قطرة غيث إلا و رمان على أثرها يزهر !
اما الزهرة بأوراقها المصفرة كانت تلامس بيمينها أطراف الجمادات من حولهما ، ' غير واعية لـ رجل ينبض جلد قلبه بـ دبيب نمل افزع تماسكه ' ، حتى أن صادفتها بركة ترابية فوق أحدى الفازات الضخمة ، وقفت محلها لتفرك سبابتها و الإبهام و من ثم تنفخ فوقهما بـ لطف ، جمدت جسدها على ذلك الوضع لتحاكيه بـ بثبات بطئ جدا دون أن تنقل نظرها صوبه : ما اخجل من هالحجاية لإنو فعلا ظروفي " جبرتني " أتخبل ...... و تقريباا أدمن المهدئات ، أو يصير مزاجي مثل متشوف ....... " قذف حلقها تنهيدة مصطنعة التفكير ، و من ثم اردفت وهي تستدير بكاملها لتقابله " شوية ابجي .....
لتخطو بعدها خطوات رتيبة بإتجاهه ، مراقبة تعابيره الواجمة لكنها لم تهتز ، بل أكملت و نظرتها تكتسي بتسلية غريبة : شوية اعيط .... ورة شوية اهدى ،
خيرا اختارت الوقوف قرب الطاولة الواسعة المنصفة للصالة ، لتميل بجذعها الرشيق " و المكسو بألوان مبهجة " نحوها فترفع المزهرية الكريستالية ذات البريق البنفسجي بيد واحدة تصوبها نحوه و نظراتها تتشكل كطين صلصالي فـ تصير لأول مرة مشاكسة : و إحتمال من توصل عندي الحالة للقمة .... " لتردف متظاهرة برمي التحفة الثمينة نحو رأسه " أكتل .. ههههههه
جفلت ،
إهتز بدنها بإرتعاشة لم تفته بعد أن لمحت تلك الإبتسامة البشوشة التي رسمت بدقة لوحة صدق فوق ملامحه المكفهرة ، ثوان هي مرت بعجل لم تستسغه لتلقاه امامها يأخذ من يديها التحفة قائلا كأنه يؤنب طفلا في الثانية : تؤتؤتؤ ، عوفيها ' بابا ' لتنكسر ، هاية ام لينا جايبتها وياها من جانت بفرنسا ، قبل عشرين سنة او اكثر ، يعني اذا تريدين بتها تذبحج ضربي اخوها الـ 'ماعدها غيره ' بيها
أثبتت ظنه عند تراجعها خطوتين مدبرة ، متقهقرة ، لحظات و إستعادت سخريتها السابقة ، لتعود فتحتمي بالمقعد و تتوثر بوسادته ، رفعت ذقنها بخفة لتبصره و هو يكلمها بـ جدية كمن مل من دور المنصت الأخرس
: ورة هالفلم الدرامي شتريدين ؟
شمخت بأنفها لتحجب خلف جلدها الرقيق رجفة حقيقية اعترتها : ما اريد شي بس بردت قلبي
صار يدقق النظر بتخلجاتها الساكنة ، ليضع كفيه بجيبي بنطاله ، مستقيما امامها ، و تعترض طريقهما ' طاولة ' : ماشي يا ام قلب بارد ، اني ترة هاللغوة كلها متهمني ، المهم بتي ، و هية و الحمد لله وصلتني ، هسة بعد انتي هم تتوكلين و تروحين لابوج و بعد لا اني عندي يمه شي و لا هوة عنده يمي شي .. كل واحد اخذ بته .. هه
أراد إستفزازها و نجح ، إذ إعتراها العنف ، لتتمنى ان تمتلك قبضة رجل تهشم بها فمه الساخر ، وقفت لتصرح بخشونة مهددة بسبابتها : علي لتستفزني بهالطريقة ، جود مثل مهية بتك بتي ، و الام احق بيها من الأب ، فيعني لتحاااول تـ ـ
: إنتي الي لتحااولين تدخلين نفسج بسين و جيم ، تدورين وياية قانون أقلب الدنيا فوق راسج انتي و اهلج .. صورة من الهوية الي يمج و وحدة لخ من الهوية الي يمي و ملف تحقيق كامل نهايته معروفة
تبسمت بهدوء ، لترفع حاجبيها فترد : تهديد جديد .... و تريدني اصير قوية ؟ وانتو كل واحد منكم حااار شلون يلعب بأعصابي !
بس لا علي ... إلا بتي ، مو صارلي تلث سنين حاارمة نفسي من امومتها علمود ليصيرلك و لا يصيرلها شي تجي عالحاضر هسة تاخذها ، و الله ما اخليك لو على قص رقبتي
أخرج كف يساره من جيبه رافعا اياها ليفرك بها عنقه بهزل متظاهرا بأن ما قالته يستحق التفكير ، همهم قليلا لينطق بعدها بـ نشوة متسلية : شتسوين مثلا ؟ تضحين بأهلج و بنفسج و كلكلم تصيرون بالسجن ؟ اوووف لج والله اذا سويتيها شتريدين انطيج ، إلا جود طبعا .. ماريد بتي تتربى بالسجون
ليتحرك ماشيا ليدور حول الطاولة ، فيصلها .. توقف امامها ليضيف بـ ذات الإسلوب الساخر و بحقارة لا تليق الا به : يعني يا حبيبتي فكري بيها ، اول و تالي راح تنحرمين منها بالحالتين ، فليش دتجيبين للطفلة سمعة جايفة ، باجر عقبة صديقاتها بالمدرسة يعيروها بأمها و بجدها الي بالسجون ... ضحي علمودها يا عيني .. متعودة حضرتج تعيشين دور الضحية
صارت تقضم شفتيها العلوى تلو السفلى ، تقبض كفيها مستجدية من العقل فكرة واحدة تكن لها عونا و امامه حجة تناقشه بها ، صدرها يعلو و يهبط بإنفعال عنيف ، و أنفاسها تنفث غضبها الكامن بـ تجاويف الجسد نفثا ، لن يفعلها ، لن ينفذ تهديده ، ليس له قلبا بتلك الصلافة ... أليس كذلك ؟
قرصت باطن كفيها بأظافرها ، لتقلل من وطأة عقاب الذات ، و بعدها قررت أن تكون كما يريد .. قوية ، قاومت رعبا سكنها مما يقول ' ببسالة ' ، إذ دنت منه خطوة ، لترفع بذقنها باعثة له رسالة التحدي ، همست بعدها بتصميم حار : ميهمني أحد ، و حتى لو تسجني ميهم .. على الاقل اكون حاربت ، باجر عقبة ' على قولتك ' من تجي بتي و تلومني لإن عفتها اقوللها حتى سجن علمودج دخلت ، أبوووج دخلني ! و نشوف وكتها بتك شلون رح تحبك ... تخيل إنتة الوضع ... تخيل
أخفى صدمته بصعوبة ، يكاد يقسم إنه ظل منتظرا منها خنوعا منتحب كعادتها ، لكن و منذ أن أتت وهي تكيله مكعبات مليئة بالمفاجئات ، فـ كل ساعة يراها بشأن !
إرتسمت بسمة خفيفة بـ عينيه ، لتترك أثرا خفيفا جانب ثغره ، خنق رغبة يديه بـ الإلتفاف حول عنقها المرفوع ، و دقه .. ليحاكيها ممتعضا بـ إصطناع : اوف .. هسة المفروض تهديدج يرجفني !!
بس تدرين عجبتيني ، لا صدق عجبتيني ، إنتظرتج تلطمين و تنوحين و تتوسلين ، بس حلوو ، أول امتحان انطيج بيه ' جيد ' ... هسة نريد ننتقل للخطوة الثانية ، تتحدين قاسم نفس هالتحدي ، حتى نشوفج تستاهلين تبقين وية بتج لو لأ
بهت لونها لـ ثوان ، خبى بريق العزيمة ، و دكت تلال الإرادة ، لتصير نفسيتها صحراء تجردت مما يضج بها الحياة ، أسرت بـ شهيق طويل كما من الهواء ، لتعقبه بزفير طارد لمخلفاته ، إبتلع حلقها غصة بكاء ، و إنتفض حضنها مطالبا إياها بالنهوض مجددا ، فهو لا يطيق أن يفرغ بعد أن ملئته تلك الكتلة الشهية ذات الشعر اللولبي ، لن يعيش دونها !
وجد فيها تسلية ممتعة هذا الطبيب الجاني بحق صحتها النفسية ، لا يستطيع إخفاء لمعان التلذذ بأحداقه و هو يستذلها بهذا الإسلوب المنمق ، يحاكيها و كأنه يحاور مراهقة غبية تود التأخر حتى ساعة ' مناسبة ' في حفلة تضم رفيقاتها !
يتخذ قراره و يصمم على تنفيذه بتهشيمه لوجودها تماما ، ' كما فعلت من قبل ، فالصاع لا يرد إلا مضاعفا أليس كذلك ؟ ' و من ثم يستمتع برؤيتها تتقافز لـ نيل شرف الوجود .. خفت نبضها لحظات ، ليشتد عرق برقبتها ، متوسعا بشكل فجائي و منه صار الدم يتراكض للدماغ معلنا عن إندلاع ثورة ستأتي بمصرع الحاكم الجائر ، فترديه صريع معركة عسكرية
قست نظراتها ، و إشتد عودها ليعود لها شئ من الإصرار ، فتراها تستعيد توازنها و الثبات ، متحدثة بـ جدية .. سارقة من جملته ثغرات تحمد الله على وجودها ، و على نعمة المحاماة !
فها هي لأول مرة تكون بالفعل مستغلة لهفوات سقط بها المدعي العام ، إذ أوهمته بغباءها .. و كأنها صدقت ' ببلاهة ' جملة هزلية قذفها بوجهها .. لتصر على تنفيذها !
: اوكي مثل متريد ، إذا هالشي يثبتلك اني قد المسؤليية ، و يخليك تقتنع انو اقدر اربي بتي ' وحدي ' فأني مستعدة .. خلي بابا يرجع من الحج و ان شاءالله رأسا اقله
رفع حاجبيه سويا ، هذه المرة لم يستطع كبح الصدمة التي غطت على عينيه غشاوة ، ما بال تصميمها لا ينضب بئره ؟ أتغيرت فعلا أم إنها تتثعلب كأي أنثى بدهاء ماكر ؟! لم تكن كذلك منذ أعوام و لكن سنونا رزقتها قوة على الوقوف بـ وجهه لابد أن تزودها أيضا بـ حيل حوائية !!
قرر الإبتعاد عن حقل زرعت به الغامها ، ليعلق عما إضطره للقهر : بابا و حج ... ههههه و الله يا الله .. ابوج هذا مخبل ... و الله مخبل شبيج ، يعني بربج اكو واحد طبيعي يبوووق طفلة ، يبوقها و ينسبها لنفسه و يروح يحج للمرة العاشرة يمكن و فرحان يا عيني من الناس تقله حجي !!
هذا من كل عقله ؟
زفرت بـ طولة بال ، و أحجمت رغبتها في الصراخ ، لتتمسك بالعقلانية ، رغم عدم منطقية تواجدها هنا : هذا مو موضوعنا ... خلينا بـ جود
ساقته قدماه للمقعد المجاور ، ليسكن فوقه بصمت ، ظل لمدة شارد البصر ، مشتعل الذهن ، لم يتوقف عقله لبرهة عن العمل ، يحاول إيجاد حلا منطقيا لهذه القصة اللا منطقية ، فيفشل !
يعترف بأنه رد خائبا مرات عدة ، متعجبا من قدرته الضئيلة على إيجاد مخرجا من تلك المتاهة .. تنفس بعمق ثم مال بجذعه حيث علبة سجائره و الولاعة ، رفعهما سويا ، و بعد ثوان كانت " المحروسة " تحترق و تحرق رئتيه و القلب !
عكف على الصمت ، دارسا زوايا الحكاية ، أحس بها اخيرا تتملل لتجلس محلها ، مستفيضة هي الاخرى بالسكون ، و كأنها تركت له دفة الربان ، ليبحر بهما حيث تهوى نفسه و يشتهي قهره ،
: مو كافي جكاير ؟ هاي ثالث وحدة و النفاضة شوفها ملياانة !!!
إستهجان تام بان من قبله ، ليلتفت صوبها مدركا للتو إنه كان غارقا بالتفكير حتى نسي كيفية التنفس ، نطق بـ لا مبالاة ليس في نيتها أن تجرحها لكنها فعلت : و إنتي شعليج ؟
ضربة على بطن الشوق ، أسفرت عن مخاض مبكر أدى الى إجهاض جنين الحب ، فكفنته و غسلته ليقبر بداخلها و ينتهي أمره ، أو هذا ما تتمناه ! امتعضت بـ درع الكبرياء الصدئ : شعلية .. بس كتمتتني مدا اقدر اتنفس
: طلعي برة اذا مو عاجبج
قالها ليعود فيوجه نظره امامه ، جارا انفاسا متوالية من السيجارة ، وصله تذمرها لكنه لم يهتم بالإتيان بـ معنى له ، بعد حين من الوقت كان قد اغدق فيها على المنفضة بضيوف كرام محترقي الرؤوس و الأجساد ، إلتفت نحوها بهدوء ليتحدث بـ نبرة خلت من كل شئ الا الجدية : باعيني يا بت الناس .. أني مال اعوف بتي فجذب ، و مال احرمها من امها هم جذب ، عقب باجر ارجع لأربيل و اخذها وياية .. و إنتي شوكت متريدين تجين تشوفيها هلا بيج .. بيبيتي و امي موجودين قعدي يمهم و شبعي من بتج
نهايةْ الجلسَةْ
حُلمْ
|