كاتب الموضوع :
طِيشْ !
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة ()
رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية، بقلم : طِيشْ !
الجزء ( 68 )
- قبل لا نبدأ في البارت ودِّي أقولكم شي :( هالبارتات الأخيرة جدًا متعبة وجدًا تستنزف الواحد، ممكن البعض يقرأها يشوف أنها زي البارتات القديمة وممكن البعض يشوف لا، بس الأحداث اللي تقرونها أنا نفسي أحس أني أمرّ في مرحلة إنفجار بالروايـَة، كل الأبطال بدون تمييز يمرُّون بهالشي، وطبعًا زي ما كنت أقولكم قبل ماراح أختصر شي، بخليكم تعيشون النهايَة بكل لحظاتها، أتمنى بس تراعون هالشيء في كل لحظة أتأخر فيها، النهايَة اللي تسألون عنها ما بعد وصلنا لختامها، توّنا قاعدين نمشي في هالنهايَة، أسترخوا وعيشوا هالنهايَة زي ماعشتم أحداث الروايَة كلها، ممكن نطوّل بهالنهاية بس تأكدوا أني أحاول أختمها مثل ماخططت وإن شاء الله تتم على خير () + بارت اليوم طويل جدًا وحركي كثير . . أقروه على يومين إذا تبون عشان ما تفوتون نقطة لأن كله على بعضه مهم في مسار الروايــة.
+ يارب يارب يارب يقّر عيننا بنصِر سوريَا وبلاد المسلمين ويحفظ شعوبنَا العربيَة والإسلامية من كل شر، ويحفظ " مالِي " ويحفظ أرضها وأهلها من كل سوء.
المدخل لـ محمود درويش .
تكبّر.. تكبرّ!
فمهما يكن من جفاك
ستبقى، بعيني و لحمي، ملاك
و تبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك
نسيمك عنبر
و أرضك سكر
و إني أحبك.. أكثر
يداك خمائل
و لكنني لا أغني
ككل البلابل
فإن السلاسل
تعلمني أن أقاتل
أقاتل.. أقاتل
لأني أحبك أكثر!
غنائي خناجر ورد
و صمتي طفولة رعد
و زنيقة من دماء
فؤادي،
و أنت الثرى و السماء
و قلبك أخضر..!
و جزر الهوى، فيك، مدّ
فكيف، إذن، لا أحبك أكثر
و أنت، كما شاء لي حبنا أن أراك:
نسيمك عنبر
و أرضك سكر
و قلبك أخضر..!
وإنّي طفل هواك
على حضنك الحلو
أنمو و أكبر !
يُشير إليه بالسبابة : لو تكذب بحرف والله ثم والله ما يردِّني عن ذبحك شي . . تجاوبني على كل سؤال
زياد : مالك حق . . ت
لم يكمل من قدمِ سلطان التي كسرت ذراعه المتوسدة الأرض حتى صرخ زياد من إلتواءها، أبتعد و بإبتسامة تُصنِّف من إبتساماتٍ سلطانية كثيرة، هذه الإبتسامة التي تُخفي تهديدًا مبطن واضح.
سحب الكرسي الذي أمامه ليجلس عليه : يالله طال عُمرك سمعني صوتك
زياد يرفع ظهره من على الأرض ليجلس بتوجّع من ذراعه وهو يفركها بكفِّه الأخرى : قلت كل اللي عندي المرة اللي فاتت
سلطان يضع يدِه على ذقنه ليُردف بإستفزاز : وأنا ماعجبني اللي قلته .. خله يعجبني
زياد بقهر : أنا مو مكلّف أني أعجبك
سلطان يعقد حاجبيْه : نعم؟ عيد ما سمعت
زياد يلتزمُ الصمت وهو يُشتت نظراته للساحة الشاسِعة التي تدرّب عليها كبيرهم وصغيرهم.
سلطان يقف ليسحبه من ياقته ويوقفه، قرّبه منه ليدفعه بشدّة على الأرض : ليه قتل سليمان مقرن؟ مقرن وش اللي يعرفه وخايف منه سليمان؟
لا يُجيبه، يكره نرجسيته الواضحة رُغم أني أدرك تمامًا بأن التواضع والبساطة في حياة سلطان قاعدة أساسية ولكن معنا، نحنُ المجرمين بحسبِ تصوراته دائِمًا ما يتسلّط.
سلطان : ما أبغى أعيد السؤال كثير!
زياد يُخفض رأسه والصمت يربطُ لسانِه دُون أيّ همسٍ ولا حرف.
سلطان يقف مجددًا ليأخذه بقوة نحو عمودٍ يحترقُ من أشعة الشمس، ليضرب رأسه به وبصرخة : وش اللي خايف منه سليمان؟
من أعلى ينظرُ من النافذة وبيدِه الهاتف، رماهُ بغضب على المكتب: مجنون!!! . . . ليخرج ويُصادفه أحمد : بو سعود إذا . .
لم يُكمل كلمته من ترك عبدالرحمن إليه ونزوله للأسفل، ثواني حتى توسّط المكان وبحدة : سلطاااااااان
سلطان بغضب : عبدالرحمن أتركني
في الطابق الثاني ناداه بحماس : سعُود تعاااال شوف
الغارق بالأوراق يكتبُ على البياض بحبرٍ أزرق يُسجِّل به إحدى الشواهد التي يُريد أن يناقشها معهم : مشغول!
: بيطوفك نص عمرك . . يا حمار تعال شوف وش صاير؟ . . .
وقف ليتجه نحوه ويُطلق بشفتيْه تصفيرٌ خافت : أووه! وش يبون يسوون فيه ؟
بحماسٍ منفعل : والله لو يقطعون جلده حلال . .
سعود بضحكة : وش فيك متحمس؟ كأن اللي مات ولدك
محسن : مقهور منه الكلب! أنا جلست 4 شهور زي الحمار أتعلم كيف أكشف كذب الواحد وهذا لفّ علينا كلنا
سعُود : كلن بيلاقي جزاه! . . تهقى سلطان العيد الله يرحمه كان يعرف عنهم؟
محسن : إلا مليون بالمية! . . وبصوتٍ شاهقٌ شغُوف . . بيدعي على نفسه والله ولا يجيه شي من عبدالرحمن
بالقُربِ منهم كان عبدالرحمن يقف بإنتظارِ إبتعاد سلطان الذي لفظ كحرقةِ الشمس المصوّبة بإتجاههم : وش اللي يخاف منه سليمان؟
زياد ببرود يصطبر على هذا الجلدُ النفسِي والجسدي : ما أدري
سلطان يُخرج سلاحه ليقترب عبدالرحمن منه ويسحب السلاح من يدِه : إبعد . .
بغضب تراجع للخلف : يا عبدالرحمن! اللين والرحمة مع هالأشكال ما تنفع
عبدالرحمن يُمسك زياد من ياقته المتمزقة ليجعله ينحني بظهره قليلاً حتى عجن بطنه بركبته التي إتجهت نحوه بقوِّةٍ جعلته يسقط على الأرض، رفعه مجددًا ليلكمه على وجهه حتى نزفت شفتيْه.
من الأعلى أبتعدت شفتيْه عن بعضهما البعض وهو يلفظُ بدهشةٍ كبيرة : أححححح! . . . تشوف اللي أشوفه
سعود: بوسعود يضرب! والله هذا شكل أحد داعي عليه بليلة القدر
سلطان يقترب ويشدٌّه نحوه ليدفعه بلكمةٍ أخرى وبحدة : مين ايش خايف سليمان؟
عبدالرحمن الذي يستنزفُ كل جهدِه بمعرفة ما يحصِل لا يتحمّل برود زياد وبرود إجاباته، والصمت أصبح مستفزًا لدرجةٍ لا يصطبر عليها.
زياد : ما كلمته .. اللي يتعامل معي أسامة
سلطان يُظهر ملامح الشفقة بسخرية : والله؟ . . لا جد . . يصفعه بقوّة حتى بدأت الدماء تنزل بين أسنانه.
زياد يسعلُ بحُمرةِ سائلة تخرجُ من شفتيْه : مالنا علاقة بسليمان! علاقتنا مع أسامة وأسامة هو اللي يوصِّل كلامنا لسليمان
عبدالرحمن : ومين أسامة؟
زياد : سكرتير عند رائد
عبدالرحمن : حلو . . حلو . . يقترب ليشدّ على ياقته حتى خنقه وبغضبٍ لم ولن يرى مثله أبدًا من شخصٍ حليم كعبدالرحمن : ليه قتل سليمان مقرن؟
زياد بعد أن شعر أن روحه تصعد لعنقه وبصوتٍ مختنق : لأن مقرن كان يبي يبلغكم
تركه ليسعل بشدَّةٍ وهو يتقيأ دماءُه، سلطان : وش يبلغنا فيه؟
زياد بعد أن شعر أن لا مفّر من غضب سلطان والآن عبدالرحمن : مقرن كان مع سلطان العيد قبل وفاته
عبدالرحمن بحدّة : وش صار؟ . . تكلّم بالتفاصيل لا تخلي جنوني تطلع عليك!
زياد وأنفاسه تضطرب : سلطان العيد بعد ما تقاعد كان يشتغل معه
سلطان ينظرُ إليه وعينيْه تثور ببراكينها : عشان ؟
زياد : كان يعرف هو ومقرن أنه رجال رائد اللي وصاهم عشان يراقبونه مع رجال سليمان . . فكان يعرف أنه ماراح يصير له شي لأن التهديدات اللي من رائد مستحيل تتنفذ من رجال يتعاملون مع سليمان
سلطان بغضب يصفعه : أنا أسألك عشان مين؟ ما أسألك عن الحادث
زياد مسح دماء أنفه ليُردف : ما أعرف
سلطان جنّ جنُونه ليسحبه بقوّة حتى حاول دفعه على حجارٍ غير منتظمة الشكل قاسية، ولكن وقف أمامه عبدالرحمن ليسحبه منه ويدفعه بهدُوء ليجلس على الأرض : وش الشي اللي يعرفونه عنهم؟
زياد بعصبية : أنا مالي علاقة . . أفهموا أنا ماني مسؤول هناك . . كل اللي أسويه أنفذ أوامر
عبدالرحمن بغضبٍ كبير يأخذ حجرٌ كبير ويرميه على بطنه : الحين بتصير لك علاقة
زياد بألم يُبعدها وهو يشعر بأن كل خلية بجسدِه تتألم : معاهم الأدلة اللي تثبت كل العمليات اللي حصلت من رائد ومن سليمان واللي حصلت بينهم بدون علم رائد وكل اللي حصل من رجال سليمان لرجال رائد والعكس . . معاهم كل شي
عبدالرحمن عقد حاجبيْه : كانت مع سلطان و مقرن؟ وليه أخفوها؟
زياد بعد صمت لثواني رفع عينيْه إليهما : أتوقع كانوا مضطرين
سلطان : وليه مضطرين؟ . . مهددينهم بأيش؟ . ." صرخ ". . مهددين مقرن بأيش؟
زياد : فيكم
سلطان : فينا؟ . . بأيش؟
زياد : كان كل ما يرفض مقرن يعمل لهم شي يضرون بناتك . . وجه كلمته الأخيرة لعبدالرحمن.
عبدالرحمن : أجبروه عن طريق بناتي؟ . . صح؟
زياد هز رأسه بالإيجاب ليُكمل : كان مضطر يسكت خصوصًا أنه مقرن ماله منصب كبير هنا يحميه
سلطان بحدّة : شفت بو كريم .. هذا عندنا هنا منصبه كبير .. دوّر حجة ثانية عشان ما أخليك عمود هنا! " بو كريم مسؤول النظافة "
زياد : هذا اللي صار بعد ما تدخل فيصل
سلطان : فيصل مين؟
زياد : فيصل القايد
عبدالرحمن جلس على الكرسي بعد أن تنهَّد تنهيدةٍ تحمل الكثير من الوجع : وش علاقة فيصل؟
زياد : ما أعرف بالضبط لكن فيصل متورط معهم بعد ما خبّر ناصر عن وجود زوجته
سلطان أتسعت محاجره بصدمة : لحظة . . لحظة . . . . سليمان اللي كان ورى إختفاء غادة بعد الحادث؟
زياد : إيه
سلطان بقهر تمتم :ليه يامقرن . . ليه!
رفع عينِه ليُكمل بصوتٍ واضح : وخلوا مقرن يجينا ويقولنا أنه غادة حيّة وأنها في مستشفى ثاني بعد فترة من الحادث؟
زياد : كانوا يبون يحطونكم في الصورة عشان . .
سلطان : عشان! . . بصرخة . . عشان أيش؟
زياد : عشان عبدالعزيز . . يبون يحملونكم الذنب قدامه
عبدالرحمن ضحك من شدّة قهره ليُردف : برافو! . . حبكوها عيال الكلب صح . . . . .
سلطان حكّ جبينه بحدّة أظافره ليُردف بتحليلاتٍ تتفجّر بعقله : في ليلة الحادث بلغ رائد رجاله أنهم يعترضون طريق سلطان بدُون قتل! لكن سليمان وصاهم بالقتل . . وبكذا تلبست التهمة رائد لكن اللي تسبب بالحادث فعليًا هو سليمان وأمثالك الكلاب! . . بعد الحادث جت الشرطة وجت الإسعاف! . . سلطان العيد وينه ؟
عبدالرحمن رفع عينِه بصدمة غير مصدقًا للتحليلات التي وصل إليْها سلطان.
زياد : ما أعرف
سلطان يتجاهل صوتُ زياد ليلفظ بغضب : أخذوا هديل و أم عبدالعزيز للمستشفى . . أتضح أنه أم عبدالعزيز توفت مسبقًا بنزيف و هديل توفت بعد وصولها للمستشفى بفترة . . باقي سلطان العيد . . . وينه؟
زياد : ما أدري
سلطان بتأكيد يُعيد كلماته : و طلعت غادة عكس ما يبون! رحمها الله وطلعت سليمة، أخذتوها لمستشفى ثاني و أختفت تمامًا . . . . . زورتوا تحاليل الـ دي إِن إيه و غيرتوا الجثث . . حصل تغيير الجثث بسرعة عجيبة .. كأنكم كنتم واثقين بأنه إثنين منهم راح يكونون أحياء
زياد : سلطان العيد ميّت!
سلطان : وأنا أسألك وين سلطان العيد؟ ما أسألك هو ميت ولا حيّ ؟ . . وصلت الفكرة
زياد شعر بأن قلبه ينبضُ بصورةٍ مهوِّلة : ما عندي علم
سلطان : وكلتوا مقرن لموضوع غادة! . . جبتوا لها وحدة تكرم نعالي عنها . . . . هبّلت فيها وهذا كان المقصود! كنتم تبون تتخلصون من غادة بأقل الخساير وبدون لا تلفتون النظر . . كنتم خايفين من مين؟ بموضوع غادة؟ . . لاحظ أني أسأل وأنا أبي إجابات واضحة بدون لف ودوران عشان ما أنهي لك روحك
زياد صمت قليلاً حتى أردف وصوتُه يختنق شيئًا فشيئًا : عبدالعزيز
سلطان تنهّد : عبدالعزيز! . . ألتفت لعبدالرحمن الذي يُراقب الوضع ويُحلل هو الآخر بطريقةٍ أخرى : أنا أشوف الحادث صار واضح قدامنا!
عبدالرحمن يقف مقتربًا منهما : ما دخلت مخي سالفة أنه مقرن خايف علينا . .
زياد يهزُ كتفيه : هذا اللي أعرفه
سلطان بإبتسامة مستفزة : عاد أنا أبيك تدخلها مخ بوسعود! . . عطني التفاصيل
زياد : بعد الحادث مقرن حاول يتصرف بالملفات بروحه ويفضحهم واحد واحد . . لكن كنت آآ . . كنت آخذ بيانات سرية من مكتبه وأعطيها عُمر اللي يهدده ويضطر أنكم تخلونه موضع شك
عبدالرحمن : قلت المسؤول عنك أسامة! وش جاب عُمر الحين
زياد تجمدّت ملامحه قليلاً ليُردف : أختصرت الموضوع . . عطيتها أسامة وأسامة عطاها عمر
سلطان يسحبه ليجبره على الوقوف : شايفنا حمير! . . . . لا تحاول تكذب . .لا تحاول . . فاهمني
عبدالرحمن بنبرةِ وعيد : الملفات وينها؟ الملفات اللي هدد فيها رائد؟
زياد : اللي يعرف الإجابة سليمان وحده . . كل الأشياء السرية ما يخبّر فيها أحد هو بنفسه يتصرف معها
عبدالرحمن يلكمه بقوّة على عينيْه : الملفات وينها؟
زياد ببلاهة : بباريس
عبدالرحمن : ما أنتهينا منك للحين . . . وأبتعد ليخطُو نحو الداخل ومن خلفه سلطان الذي وقف قليلاً ليعُود، أقترب من وجه زياد ليبصق عليه ويُردف بفرنسيَة تركت في نَفسِه الرعب وهو يعرف ماذا تعني تحدثه بالفرنسية أمامه؟ يعرفُ كيف يهدِّد سلطان بطريقةٍ أو بأخرى : إينيُوبل . . . . ." ignoble = خسيس/دنيء "
حاول أن يثُور عليه لولا أيدي الأمن التي أحاطت به، أعطاهُ إبتسامة ذات معنى عميق وأكمل دخُوله.
في جهةٍ أخرى : يالله شباب كل واحد شغله لا يجون ويشوفنا كذا . . . جلس . . شفت متعب؟ حالته حالة
: تقطّع قلبي اليوم عليه . . . . هو أكثثر واحد قريب منه . . الله يرحمه ويغفر له . . متى تجي جثته؟
: والله مدري . . أتوقع راح يخلون ربعنا اللي في باريس يتحركون هناك
دخل عبدالرحمن ليدخل لمكتبِ المراقبين : أبي سكرتير سلطان العيد الله يرحمه عندي . . لا تتصلون عليه . . روحوا بيته ويجيبوه معاكم . .
: إن شاء الله طال عُمرك . . . دخل مع سلطان ليُردف : سلطان العيد كان يشتغل بدون لا يحط عندنا علم! . . كان يعرف كل شي وما كلّف عمره بس يبلغنا . . يحط عندنا خبر بدل مالحوسة اللي انحسناها
سلطان يجلس على الكرسي الداكِن : ضاع آخر دليل منَّأ . . مقرن وراح وقبله سلطان . . مين الحين نسأله ولا يقولنا وش اللي قاعد يصير!
عبدالرحمن : سعد! . . اكيد يعرف شي . . والحين ناصر بعد!
سلطان : أنا متطمن من حاجة وحدة أنها زوجته مستحيل يضرّها لكن . . لايكون فاهم غلط ساعتها بينفتح علينا باب ما يتسكر
عبدالرحمن : انفتح وخلص . . لا يوصل الخبر لعبدالعزيز بهالحالة! والله ساعتها كل شي بيطلع من سيطرتها!
سلطان يقف أمام النافذة وهو يُفكر بطريقةٍ يحلّ بها هذه الأمور التي تراكمت فوق بعضها بوقتٍ واحد : تتوقع سلطان العيد كان حي بعد الحادث؟
عبدالرحمن : لا .. بس ماني مقتنع بموضوع الجثة لكن مسألة أنه حي هذي شيلها من بالك
سلطان : تذكر لما كان عبدالعزيز يهذي بأبوه! . . قلت لي مرة أنك شفته يتكلم وكأنه يشوفه
عبدالرحمن : إيه
سلطان : قلت أنه كان يقول ماراح أغلط مثلك!
عبدالرحمن : وش علاقته فينا! كان هذيان من عبدالعزيز
سلطان : أؤمن كثير بالأمور النفسية . . هذيان عبدالعزيز معتمد على حقيقة غايبة عنَّا
عبدالرحمن ألتفت عليه : نفكر الحين بخيالات عبدالعزيز ولا بهالمصايب يا سلطان!
سلطان : ليه أحس أنه سلطان العيد أرتكب خطأ وخطأ كبير!
عبدالرحمن : سلطان الله يرحمه مستحيل يغلط! . . مستحيييل يا بو بدر
سلطان تنهّد وهو يُدخل يديْه في جيُوبه : غلط يا عبدالرحمن! . . غلط ومايبي ولده يغلط مثله لكن . . وش الغلط بالضبط؟ ما أدري! . . تتوقع مسألة أنه يشتغل بعد تقاعده جريمة يُعاقب عليها؟
عبدالرحمن : سلطان بديت تهلوس!
سلطان بهدُوء : حيازته لملفات سرية بعد التقاعد هذي جريمة كبيرة! لكن مستحيل هالغلط بيكون هاجس بالنسبة له . .
عبدالرحمن بغضب : سلطان يكفي! بوعبدالعزيز مستحيل يتصرف أو حتى يفكر يضرنا بشي
سلطان : أنا أفكر حسب اللي أشوفه! ما أفكر إذا هو بيسويها أو لا . . انا أعرف سلطان العيد ومتربي على إيده ومستحيل أظن فيه ظن سيء لكن أنا أقولك حسب الأشياء اللي واضحة لي . . . ليه كانت تجي هالخيالات فترة وتروح؟ لأن فيه شي يصير ويعرفه مقرن . . أكيد كان يعرفه
عبدالرحمن : مجنون!
سلطان : قول عني مجنون بس ما تتساءل ليه هالأشياء تصير بهالطريقة وبهالتصادف العظيم! . . ليه عبدالعزيز الحين ما صار يشك فينا؟ ما صار يتصرف بهمجيته لما كان بالرياض؟
عبدالرحمن يقف وهو يقترب من سلطان مُشيرًا إليه بسبابته : شفت يا سلطان! شفت طريقتك أنت ما قعد تستنج أنت قاعد تتهم بدون أيّ دليل! . . عبدالعزيز كانت الأشياء اللي حوله تأثر عليه ولا تنسى كان ماضي على وفاة أهله شهر وأقل . .يعني أكيد حالته النفسية سيئة ويهذي كثير! لكن الحين بدآ يسترد قوته ويوقف على حيله . . طبيعي أنه بينسى كل هالخيالات وهالهذيان!
سلطان : فيه صوت بداخلي يقول أنه سلطان العيد كان شغلته بعد تقاعده ماهي شرعية!
عبدالرحمن بحدة : واللي يرحم والديك سكِّت الصوت اللي في داخلك . . بتجيب لنا مصايب . .هالصوت اللي بداخلك خلاني أشكّ في مقرن وشوف وش طلع آخر شي!
سلطان بحنق : الحين طلعت أنا السبب! طيب فسّر لي ليه كان يشتغل سلطان العيد بعد تقاعده؟ تحس أنه هذا أمر طبيعي؟
عبدالرحمن :أكيد كان لسبب لكن مو السبب اللي في بالك
سلطان : عبدالعزيز يظن أنه شغل أبوه هو الغلط اللي أرتكبه بس سلطان العيد مستحيل يظن أنه الشغل وحماية البلد غلط! . . سلطان العيد قبل وفاته ندَم أنه تصرف لحاله
عبدالرحمن بغضبٍ ينفجر بوجهه : مجنون! تحبك القصة من خيالك وتألف من عندِك وتقول ندم وما ندم! وشلون عرفت أنه ندَم! . . يا سلطان كافي تحليلات من خيالك
سلطان بغضب يبتعد عن عبدالرحمن وهو يُعطيه ظهره لينظر للنافذة : ندَم وبلغ مقرن وكان راح يجينا! لكن حصل اللي حصل
عبدالرحمن بحنق يجلس على كُرسيه : استغفر الله العظيم وأتوب إليه . . أستغفر الله بس!
سلطان : جلسنا سنين نجمِّع الأدلة عشان نعتقلهم كلهم! وكنا نعتقل جماعات تحتهم وتنتهي فترة حكمهم ويطلعون! لكن وش استفدنا؟ ما أستفدنا شي لأن كل واحد فينا يحاول يشتغل بروحه
عبدالرحمن : سلطان أطلع برا لا تطلع جنوني اليوم!
سلطان : عبدالرحمن أنت تخبي شي
ألتفت عليه بنظرةٍ مندهشة ليصرخ وهو يصِل لقمة غضبه : أتهمني بعد!
سلطان : كلنا متهمين لين تثبت براءتنا
عبدالرحمن : سلطان أقسم بالله أقدِّم طلب الحين أخليك تبعد عن هالقضية! وتعرف أنه صلاحياتي تسمح ليْ
سلطان : تهددني؟
عبدالرحمن بحدّة :إيه أهددك
سلطان تشتعلُ البراكين بعينيْه : وش تعرف؟ كنت تعرف بموضوع سلطان العيد صح؟
عبدالرحمن بغضب يقف مجددًا : أطلع برا ما أبي أناقشك بأيّ شي .. ماعاد فيك عقل تفكر فيه
سلطان عقد حاجبيْه : وش اللي قاعد يصير؟ ليه كل شي قاعد ينهار!!!
عبدالرحمن بسخرية: البركة فيك من أستلمت هالشغل وكل يوم محاولة إغتيال وكل يوم سرقة ونهب!
سلطان : الحين الذنب كله صار عليّ ؟ . . بغضبٍ يصرخُ عليه . . مين اللي دفع حياته عشان هالإغتيالات على قولتك؟ . . . محد خسر كثري فلا تحلمني ذنب ما أستحقه! ولو فيه ذنب صدقني أنت تشاركني فيه
عبدالرحمن ينحني ليكتب على ورقةٍ بيضاء مهددًا : راح أطلب بإعفاءك . . وكذا مايصير عليك ذنب! . .
سلطان يضرب بكفِّه على الطاولة : تعفيني من منصبي يا عبدالرحمن!!!!!!
عبدالرحمن : صح اني ماأملك صلاحيات الإعفاء لكن أملك صلاحيات الأسباب اللي تخلي السِلطة تعفيك!
سلطان بغضبٍ يجعل عروق وجهه واضحة : وش الأسباب اللي عندِك؟
عبدالرحمن يتكتف : أطلع برا
سلطان ينظرُ إليْه بإنزعاج : الحين تفسيرات منطقية لموضوع سلطان العيد خلاك تطلع من طورك؟ أحييك والله
عبدالرحمن بثبات : أطلع برا
سلطان بغضب يصِل صوته لكل من في الطابق : لا تنسى أني أملك صلاحيات بعد تخليني أنقلك من الرياض بكبرها! . .
عبدالرحمن بإبتسامة : أطلع برا يا سلطان
سلطان يبتعد متجهًا للباب ليلتفت عليه : راح أخليهم يحجزونك لو حاولت تتصرف بموضوع أمني من غير موافقتي!
عبدالرحمن : برا !
سلطان يخرج ويضربُ الباب بقوة تُثير رهبة كل من في الممر، أتجه نحو مكتبه ليغلق الباب وهو يحاول أن يهدىء من أضطراب أنفاسه والغضب المنتشي بملامحه.
،
يقتربُ من ملامحها الناعِمة بخطواتٍ خافتة لينحني عليها وينظرُ لعينيْها المغمضتيْن، فتحتها بعد أن شعرت به، لتتجمَّد خلايا جسدِها بوجهٍ لا تعرفه، بوجهٍ يُثير الرعب في قلبها، بهمس : أششش ولا صوت . . خلينا حلويين
عبير تعُود للخلف لآخر زاويَة بالسرير الضيِّق دُون أن تلفظ حرف وعرُوق عينيْها تشتعل بالحُمرة، حمَد يتجاوز السرير ليضع كفِّه على خدِها لتشتعل حُنجرتها بصرخةٍ وصلت لمدى عميق، دخل الآخر بعجل : حمد الله يآخذ أمش قبل لا يجون!
حمد : أنتظر . . . بقسوّة وضع كفِّه على فمِها وهو يضغطُ بأظافره على ملامحها البيضاء : قلت لا تعاندين! . . . . . . هزّت رأسها كثيرًا تحاول أن تقاومه وهي ترتعشُ من لمساتٍ غريبة، من جسدٍ لا تعرفه، من هذه الملامح الكريهة، لم تعتاد أن ينظر إليْها شخصٌ لا تعرفه، لم تعتاد على نظرات الرجال وهي التي عاشت في كنفِ رجالٍ قليلين، أختنقت محاجرها بملوحةٍ مضطربة حتى سقطت عينيْها على فارس الذي توسّط المكان، ألتفت حمَد ليخرج قبل أن تتجمّد قدماه بوجود فارس أمامه، بغضبٍ أنطبق عليه نظرية الحليم الذي يجب أن تتقِ شرّه، سحبه بقوّة ودفعه على الجدار، مسك رأسه ليشدُّه من شعره ويُلقيه بإتجاه النافذة التي تكسّرت وتناثر زجاجها، لوى ذراعه خلف ظهره ليُردف بعصبية يحترق بها صوته : لا تحاول تلعب معي! . . . صرخ حمد من ذراعه التي شعر بأنها تنفصل عن جسدِه، وبعنفٍ لم يتوقعه من فارس المُسالم أخذ كفّ يدِ حمد ليكسِر أصابعه بقبضتِه، وأخترقت صرخته أسماعهم وهو يسمعُ صوت إنكسارِ أصابعه، لفّ جسدِه عليه ليُقابل وجهه : لا تحاول ولا حتى يجي على بالك أنك تقدر تلوي ذراعي!
وبصرخة : فاهم . . .
كان سيُلكمه لولا يدِ والده التي مسكته : أتركه . . حسبي الله بس
فارس بتجاهل ليدِ والده سحب يدِه الأخرى ليُلكمه بأقوى ما يملك حتى تناثرت الدماء من أنفِ حمد، شدّه من ياقته ودفعه على الأرض وهو يضع قدمِه على بطنِ حمد ويحفرها بمعدتِه : أقسم بالحي القيوم لو تحاول تقرّب منها لا أزفّك على القبر!
حمد بنظراتٍ رجاء لرائد حتى يُبعده، للحظة شعر بأنه مجنُون سيقتله، رائِد مسك فارس من كتفيْه ليُبعده : خلاص ما بقيت فيه عظم صاحي!
فارس بغضب : ولو أشوفه قدامي مرة ثانية لا أكسر راسه
رائد يُشير لحمد بأن يخرج، حمد تحامل على ألمه وهو يعرج حتى خرج من الغرفة : ما قمت تشوف قدامك! . . كل هذا عشان بنت عبدالرحمن!
فارس بقهر ينفجر بوجه والده : وش رايك بعد أصفق له ؟ عجيب والله أشوف هالحيوان يدخل وأسكت! . . ماألومهم من الوصخ اللي متربين عليه!
رائد بسخرية : لا تصدق مررة! . . طيب حبيبي؟
عبير انكمشت حول نفسِها وهي تضع رأسها على ركبتيْها، تشعرُ بأن وعيْها يغيبُ تمامًا ولا تشعرُ سوى بالبكاء، هذا الشعور تمامًا ينهشُ جسدي يالله، هذا الشعور الذي لا أعرفُ به ما يدُور في عقلي، الذي أجهل به إرتجافات قلبي، هذا الشعور الذي يتركني مع البكاء، أتوحَّدُ مع الملح، يالله لِمَ لا يدركون أن أظافرهم تقطِّع كبدِي؟ لِمَ لا يدركون أن عينايْ ملتهِبة بالبكاء، أنا لا أخافهم يالله! أخافُ من نفسي، أخافُ من هذا البكاء، أخافُ من هذه العزلة، أخافُ على أن تنام خلايا مخي ولا تستيقظ أبدًا، أخافُ من الجنون، هذا الجنون الذي يجعلني أشعر بأن لا حياة قادمة ولا حياة تستحق أن أسترجعها.
فارس بحدّة يُعيد على والده : هذي زوجتي! وصلت لك المعلومة يبه
رائد ينظرُ لعبير بنظرةٍ باهتة حتى عاد بعينيْه لإبنه : لعنة تلعنكم قل آمين . . . وخرج بخطواتٍ غاضبة.
عبير رفعت عينيْها بدهشَة، بدهشة اللعن الذي يجري على لسانِه وكأنه شيءٌ عادِي وهي التي اعتادت منذُ صغرها على حُرمة هذا اللعن وعلى الذنبُ العظيم الذي تقع به بمُجرد أن تلفظ هذا اللعن، شعرت بأن شيئًا غريبًا يحدُث، لا مُشكلة لدي بأن يلفظ كل الشتائم بوجهي ولكن أن يلعن! هذا الشيء الذي يُصيبني بفجاعة، يُصيبني بذات الشعُور كلما أتى في عقلي آيةٍ واحدة " وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيم " ، هذه الآية يا فارس التي كانت تمنعني عنك في كل مرة، تمنعني عن سماع صوتِك، عن قراءة رسائلك، عن التغنج بزهرِك، كُنت أشعر بأن ذنبي عظيم حين أتذكر الله وكنت أشعرُ بأنه لاشيء حين أجدني وحيدة لا تحفني الملائكة، سوى ملكيْن يكتبُون أعمالي، سوى ملكيْن يا فارس من حق التفكر بهما أن يقتلوني.
فارس تنهَّد بعُمق لينظر ليدِه التي أنجرحت من ضربه لحمد، مسحها بأكمامه ليتجه نحو الباب ويُغلقه، ألتفت نحوها ولا يعرف كيف يُهدىء من خوفها ومن بكاءها، وقف صامتًا دُون أن يقترب خطوة، يشعرُ بأن البراكين تفيض بصدرِه ويديْه تهيجُ بأن تعاود الضرب على حمد، شدّ على قبضةِ يداه وهو ينظر إليْها ويستمعُ لصوتِ بكاءها الخافت الخادشُ لروحه/لقلبه الذي يضطربُ بذبذباتِه، أقترب قليلاً حتى وقف بجانب السرير وبصوتٍ خافت : عبير . .
غرست أظافرها بسيقانها التي تضمّها وهي تحاول أن تُسكِن رعشة جسدها، ودمعها لا يتوقف، لا تملك أيّ خليَة بعقلها تنتصب بثبات لتُصدِّق ما يحصل لها في هذه اللحظات، تفقدُ إدراكها بالأشياء لحظةً بلحظة، جلس على طرف السرير دُون أن يقترب منها حتى لا يُثير رعبها من جديد : أهدي . . محد راح يقرّب لك . . .
ومع كل كلمةٍ يلفظها تزيدُ ببكاءها، ليس لأن الكلمات وجع! ولكن الكلمات التي تهدأني دائِمًا ما تستثيرُ دمعي، تُشعرني بأني مُتعبة حدُ العدَم، حدُ الفراغ والإحساس بذاتِ العدَم، لو أنني أختفي من هذا الوجود للحظة، فقط لحظة أعيد بها نفسِي، أخاف! والله أخافُ من فقدان نفسي، هُم لا يعرفون ماهي الجريمة التي يرتكبونها بحقي؟ جريمةٌ بحقّ روحي التي إن أندثرت لن يُعيدها إليّ أحد، هُم لا يعرفون يالله كيف يعيشُ الواحد دُون أن يشعر بما يحدثُ حوله، هُم لا يعرفون يالله كيف يصِل الواحد من شدَّةِ حزنه أن لحظات فرحه هي ذاتها لحظاتِ حزنه، والله لايعرفُون كيف أنهم يخترقون الشخص ويلوثونه! لِمَ هذا العذاب؟ لِمَ هذا الأسى؟ لِمَ هذا البكاء يا أنا؟ من يجب أن ألوم؟
فارس و تفاحةِ آدم في عنقه تضطرب بحركتها : آسف . . ماراح يتكرر هالشي مرة ثانية . . وعد
بتوجس أقترب حتى وضع يدِه على رأسها، نفرت بسُرعة لتزحف جانِبًا، فارس : عبير . . أنتِ عارفة أنه هالبكي ما راح يفيدك بشي! وانا والله أساعدِك!!!
عبير تنظرُ إليْه بضيق : تساعدني؟ تساعدني منك!
فارس أشتعلت عروقِه بحُرقة من إتهامها : تشوفني عدوّك؟
عبير تُغطي وجهها بكلتا كفيّها وهي تهزُ رأسها بالنفي، فارس : أجل؟ . . تشوفيني كيف؟ . . عبير ليه منتِ راضية تستوعبين؟ أني والله ما أخترت أحبك! ولا أفتعلت دور العاشق عشان مصلحة . . أنا ما أخترت هالشي
عبير بين دموعها وهي تشدُّ على شفتِها لحظة وتُرخيها لحظةً أخرى : كنت تعذبني كل يوم وما تجرأت حتى تقول إسمك! . . خليتني أضيع فيك . . أضيع . . أخفضت رأسها وهي تختنق بهذه الكلمات التي تستثيرُ حزنها ولا تفعل شيئًا آخر.
فارس : وش كان راح يصير لو ما رحت غرفتك بالمزرعة؟
عبير رفعت عينيْها بإستغراب وهي تتسعُ بصدمتها ليُردف فارس : وش كان راح يصير لو ما شفت صورك؟ لو ماشفت رقمك مسجّل بأوراق كثيرة كتبتي فيها أشياء ما فهمتها . . كتبتي عن شخص ما عرفت وش يقرب لك! . . كتبتي عن حُبك الضايع . . عن أملك اللي أنمحى . . كنت يوميًا قبل لا أنام أفكر بهالإسم . . أفكر بعبير وبالصورة اللي شفتها . . وكل ما مسكت لوحة أبغى أرسم .. القاني أرسمك . . صرت ما أعرف أميّز ملامح أحد . .
عبير بتصادم فكيّها المرتجفيْن : ملامحي؟
فارس: قدامي نوعين من الملامح! ملامح عبير و ملامح هالعالم كله . . كنت اشوفك كذا . . وكان الفضول يذبحني أعرف مين هالشخص! . . تصرفت بحقارة أعترف . . حاولت أستعمل رجال أبوي بمصالحي! . . أستعملت خدمكم حتى يوصلون لي أخبارك . . أعترف أني تعديت على خصوصيتك بس أنا ما أخترت أحبك يا عبير . . ما أخترت . .
عبير بضيق تنكر كل هذه الإعترافات : ما كتبت شي بالمزرعة
فارس الذي حفظ النصُ من كثرةِ قراءته له : أنا التي أنتظرتك كثيرًا و أحببتك كثيرًا و تخيلتُك كثيرًا و لم أجِد منك شيئًا يكافئ هذا الكثير، أنا التي قُلت لك أني أحبك وأجبتني بصوتِ درويش، أجبتني بحُنجرة غيرك " يحبونني ميتًا "، كيف أقُول لك أنني أُحب درويش من أجلك ومن اجل عينيْك، كيف أقُول لك مثلما قال تكبّر.. تكبرّ! فمهما يكن من جفاك ستبقى، بعيني و لحمي، ملاك ، و تبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك.
عبير تسقطُ دموعها من نصٍ يُعيدها لسنواتٍ ماضيَة، من ولعُ محمود درويش ومن لحظات إختناقها بشعرِ درويش، ومن نهايَة الفجر الذي أستقبلُه بـ " أحنّ إلى خبز أمي و قهوة أمي و لمسة أمي " أنا التي أرتديتُ وشاحًا نُقش من أجل قصائده، كيف يتعدّى أحدهُم ويقرأني بهذا الوضوح؟ كيف يتجرأ أحدهم أن يقرأ حُزني بهذه الشفافيَة؟
فارس : بس ما كملتيها . . ما كملتي قصيدته؟
عبير : ليه فتشت بغرفتي؟ ليه قرأت أشياء ما تخصّك
فارس بتجاهل للومها ليُردف : وإنّي طفل هواك على حضنك الحلو أنمو و أكبر !
عبير : يكفييي
فارس : كان يشعلني فضولي إتجاهك
عبير تشعرُ بأن حصونها تتهدَّم بصدرها : ممكن تتركني لحالي!
فارس يقف : براحتك . . . براحتك يا عبير . . . أتجه نحو الباب حتى ثبت في مكانه من إسمه الذي يعبرُ لسانها الآن، لأولِ مرةٍ يشعرُ بأن لإسمه موسيقى خاصَة وجميلة جدًا.
عبير : لا تتركني! . . ممكن تجلس بدون لا تتكلم
فارس إتسعت إبتسامته بإنتصارٍ لذيذ ليُبعدها عن محياه وهو يلتفت نحوها، نزع جاكيته ليجلس على الأريكة التي بزاويَة الغرفة
أخذ نفس عميق عندما شعر بسكينتها، قلبي يا عبير! تسرقينه والله. لأني أحبكِ عادت الحياة لأوردتي، وعدتُ أرى أن هذا العالم بإمكانه أن يكُون جميلاً من أجلِ عينيْك، بإمكان هذا الكون أن يتجمَّد للحظة أمامي بمُجرد عبورك نحوِي، لأني أُحبكِ عادت الأغاني والقصائد لحُنجرة الرسائل، عاد كل شيءٍ لمكانه الذي يجب أن يكون به، أظنُ أنني أتجاوز العشق بمراحل، أنا هائم! هائم حدُ الفضاء، مُصاب بكِ، مُصاب بالجوَى، بالشغف، بالكَلف، بالوجد، بالود، بالوصب، بالغرام، بالعشق ، أتصِل إليْك كلمات الهوى مثلما أريد؟ أم تختصرُ الكثير مما أريد؟ أجُنِنتْ؟ أظنُ أنني فهمتُ جيدًا كيف لنظرةٍ أن تعبثُ بقلب رجلٍ تظنُه الأنثى لم تترك لها أثرًا، كل الإناث أثَر في عُمرِ أحدهم وهذا ما يجب أن يفهمنه ، كل الإناث عبارة عن وسمٍ في صدر أحدهم، كل الإناث منذُ العصُور القديمة، منذُ أن قال جميل بثينَة " ألا تتقين الله في قتـل عاشـق ، لـه كبـد حرّى عليـك تقطّـع، فيا ربّ حببنـي إليهـا وأعطني المـودّة منها أنت تعطي وتمنع، وإلا فصبّرني وإن كنت كارهـا فإني بها يـا ذا المعارج مولـع، تمتّعْتُ منها يوم بانـوا بنظـرة وهل عاشـقٌ من نظـرةٍ يتمتّع ؟ " . . مولّع يا عبير . . مولّع!
،
تنظرُ إليْه قليلاً حتى تعود بعينيْها لطفلها النائمُ، تُراقب تفاصيله الصغيرة لترفع عينها مرةً اخرى إليه وتُراقب أدقُ الأشياء التي يفعلها، لتعقيدة حاجبيْه وضيقُ شفتيْه التي تميلُ قليلاً بفتُور، لطُوله الفارع، لعرضِ كتفيْه وساعتِه التي يرتديها منذُ سنوات رُغم أنه يشتري ساعاتٌ كثيرة ولكن تبقى هذه، تبقى وسمٌ على معصمِه لتُذكرني بأحبك رقيقة نطقتها للمرةِ الأولى له، هذا الشيء الوحيد يا منصُور أشعرُ بأنه شيء خاص بيْ لا يُشاركني به أحد، هذه الساعة التي أهديتُك إياها وأنا في سنتي الثانية بالجامعة، تحديدًا في أولِ خطوبتنا التي أستمرت فترة طويلة حتى تنتهي بالزواج، ألتفت عليها عندما لاحظ تأملها به، رفع حاجبِه بإستفهام لتأخذ نفسًا عميقًا وتنظر إلى طفلها مرةً أخرى.
تقدّم إليها ليجلس وينحني بقُبلةِ على أنف عبدالله الصغير، رفع عينه إليْها : وش فيك؟ مو على بعضك؟
نجلاء : ولا شي . . بتروح الحين؟
منصور : إيه . . أقترب ليُقبِّلها بقُبلةٍ رقيقة على جبينها وبضحكة : متهاوشة مع أحد؟
نجلاء بضجر تُبعد عينيْها لتتكتف : شايفني مشكلجية ما يمّر يوم الا وأنا متهاوشة مع احد!
منصور : لا لا النفسية اليوم ماش! . . كنت أمزح . . .
نجلاء : طيب روح لا تتأخر على أبوك
منصُور ينظر إليْها بنظرة تتفحصُ عينيْها : عشان القضية؟ . . تطمّني الموضوع منتهي ماله داعي تشيلين هم
نجلاء بقهر : ما أعرف ليه تفتحون القضية من جديد! وش تبون توصلون له يا منصور! . . بتضايقون يوسف وبتضايقون عمِّي بعد وماراح تستفيدون شي . . المجرم وأعترف وبالسجن . . ليه تفتحون أشياء راحت وأنتهت؟
منصور يمسحُ على شعرها المنسدِل بخفّة على كتفها : لأن حصل شي جديد! وإحنا في بلد لها قانون محنا بفوضى!!!!
نجلاء برجاءِ عينيْها وبصوتٍ خافت : طيب المجرم معترف ليه تشككون؟
منصور : ممكن يغطي على واحد . . نجول هذي الأشياء يمكن ما تفهمينها لكن مهمة وتأثر على ناس كثير! . . . وقف . . تآمرين على شي يا عيني؟
نجلاء :سلامتك
منصُور يأخذ هاتفه ومفتاح سيارته : الله يسلمك . . وخرج ليرى أمامه يُوسف . . . أحسبك سبقتنا!
يوسف تنهد : لا . . قلت لأبوي يسبقنا وأنا أجي معك
منصور بخفُوت : فهمتها زين وش المقصود؟
يوسف بإبتسامة ضيِّقة : جبت العيد!
منصور ينزلُ معه للأسفل : وش قلت؟
يوسف : كنت أبي أوضح لها بس خليتها تشك بأخوها الله يرحمه
منصور : يسلم لي مخك
يوسف تنهّد ليضغط على عينيْه بأصابعه : يخي أنا أفكر بأيش ولا أيش . . مخي بروحه جايّ له تشنج من هاللي صاير! . . لازم أشوف فيصل اليوم
منصور : وإحنا طالعين نمرّه
يوسف : يالله أجل خلنا نستعجل وما نتأخر عليهم
،
وضعت يدِها على فمِها لتُسكِن شهقاتها المتتاليَة، الأنين الذي يُزيد من تجاعيدها ثقلاً و يخرقُ شعيراتها بالبياض، سقطت سماعة الهاتف من يدِها الأخرى لترتفع الحُمرّة في عينيْها بدمعٍ يحرقُ محاجرها ولا يُبقي بها مساحةً للتفكر، لا يُبقي بها مساحةً للتركيز.
ركضت نحوها لتضع يديْها الصغيرتيْن حول ساقِ والدتها : ماما
أنخفضت لتجلس على الأرض بجانبها وهي تُجاهد أن تقاوم بكاءها : يا عيُون ماما
ريف تنظرُ للدمع بعينيْن مُستفهمة لتُردف : تبكين؟
والدتها بإبتسامة تزيدُ تدفق الدمعُ بعينيْها لتُردف : وش رايك ننتظر فيصل . . . تحملها لتتجه بها نحو الصالَة، أجلستها بحضنها : ننتظره هنا على ما يجي . . . . تبيني أشغلك التلفزيون؟
ريف تهز رأسها بالرفض لتُردف بنبرةٍ رقيقة تُشير لنفسها بحركةٍ طفولية: أنا ماأحبك تبكين
تعانقها وهي تستنشق رائحتها وتغرقُ بتفاصيلها البريئة : الحين لما تضيع لعبتك مو تبكين؟ . . إحنا الكبار كذا نبكي بس مو عشان ضاعت لعبتنا . . . . عشان شي هنا يعوّرنا . . *تُشير ليسارِ صدر ريف*
ريف تلتفتُ نحوها وبإبتسامة مشرقَة : إذا جاااء بابا راح أقوله أنه عوّرك
والدتها تمسحُ دمعاتها الشفافة من على خدها : عوّرني؟
ريف : دايم تقولين أنه هنا بابا!
والدتها تعانقها بشدَّة لتضع ريف يدها الناعمة حول رقبة والدتها وهي تبتسمُ بأنها عرفت كيف تمسح بكاء أمها الرقيق، شدّت على شفتِها حتى لا تغرق بحزنها أمام إبنتها، لا تعرف لِمَ يُعذِّبها هذا الإبن بهذه الصورة؟ لا يُريّحها أبدًا وهو يتجه نحو الجحيم لوحده، من هؤلاء؟ كيف سترتاح بعد هذا الإتصال الغريب.
،
عضّت شفتِها السفليَة حتى لا تبكِ أمام صوتُها الذي يخترق كل الجُدران، صوتُها الذي تشعرُ بأن ظله قريبٌ منها، بأن صداه يسكنُ روحها، بأن هذه المسافات بأكملها لا تستطيع أن تقف حاجزًا بينهما، ابعدت شعرُها للجانب الآخر من كتفها لتُردف : ما فيني شي بس أشتقت لكم
والدتها : وإحنا مشتاقين لك . . . . ما ودّكم تجون؟
الجُوهرة بضيق بحّتها : ما أدري عن سلطان . . مشغول هاليومين كثير . . . أبوي عندِك؟
والدتها : آآيـ . . تنظرُ لإيماءة عبدالمحسن لها بأنه لا يُريد التحدث معها حتى خرج من المجلس بهدُوء.
أردفت : مو موجود بس يجي أقوله أنك اتصلتي
الجُوهرة شعرت بوجوده، شعرت بربكة صوتِها التي تُوحي بأنه لا يُريد التحدث معها، أبتلعت غصتها المترديَّة في حنجرتها لتُردف : تآمرين على شي يمه؟
والدتها : متأكدة أنك مو تعبانة؟ صوتِك يوجعني يا يمه . . تكلمي فيه شي صاير؟
الجُوهرة : تطمني كل أموري تمام
والدتها : أسألك بالله يالجوهرة لا تخبين شي!
الجُوهرة تستنزفُ كل طاقتها بالبكاء الذي أضناها : سلمي لي عليهم كلهم . . تآمرين على شي يالغالية؟
والدتها : ما أبي إلا أنك تكونين مرتاحة وسعيدة
الجوهرة : الحمدلله لا تشغلين بالك عليّ . . . مع السلامة
والدتها : بحفظ الرحمن . . بمُجرد ما أغلقته حتى رمت هاتف البيت الثابت بعيدًا وهي تدفنُ رأسها بالوسادة وتجهشُ بالبكاء، لا شيء يُضاهي وجع الصدُود، الصدُود من أحدٍ كأبي، لِمَ كل هذا يحدثُ معي في لحظةٍ واحدة؟ لِمَ كل هذا يالله! أرجُوك إلا أبي. كيف أعيش دُون صوتُ أبي؟ ولمسةُ أبي؟ وعينُ أبي؟ وحنانُ أبي؟ وكل أبي! لابُد أن تركي اتصل به، بالتأكيد أنه تحدَّث معه، يا مرارة الوجع التي لا تنفّك عنِّي، كُلما ظننتها أنها تلاشت أعُود لنقطة الصفر، للبداية التي ترهقني، كل شيء يستثيرُ البكاء، كل شيءٍ في الحزن يأتِ بغزارةٍ حادة، وقفت لتنظرُ للتاريخ في شاشة الهاتف، رفعته للأعلى، من المفترض أن تُنهي اليوم مراجعة سورة النور، أتجهت نحو الحمام لتُبلل ملامحها الشاحبة بالماء البارد، رفعت شعرها لتشعرُ بغثيانٍ يؤلم بطنها الخاوي، جلست على الأريكة لتأخذ مصحفها، فتحت على سورة النُور لتسقط عينيْها الآية 35 ، وتقرأها بصوتٍ مبحوح متعب: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ، يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
وقفت دُون أن تتقدم للآية الأخرى، تتأملُ الآية وكأنها للمرةِ الأولى تقرأها، للكلمةِ الأولى، لصفة القلب البشري الذي يأتِ بقلبٍ نقي صافِي كزيتٍ صافٍ لا يخالطه شيء، مستعد أن يتعلم التعاليم الإلهية، فإذا وصل له العلم النافع اشتعل هذا القلب كإشتعال النار في فتيلة المصباح. أغلقت المصحف وهي تشعرُ بأن معدتها تستفرغ داخليًا دُون أن تتقيأ، نزلت للأسفل بخطواتٍ سريعة، نظرت لحصَة التي تقرأ إحدى الكُتب، بلعت ريقها لتُردف : سلطان ما جاء؟
حصَة رفعت عينيْها : لا . . فيك شي يمه؟
الجُوهرة : لا بس . . . ولاشي . . أتجهت نحو الدرج لتشعر بأن هذا العالم يدُور حولها، مسكت مقبض الدرج تحاول أن تستنِد إليْه، تستجمع بقايا القوّة التي بدَّدها سلطان بمزاجِه، ألتفتت نحو حصَة التي أخفضت رأسها بإتجاه الكتاب، كانت عينيْها تستنجدها، أرتفع صدرها بعلوٍ شاهق حتى هبَط وبهبوطِه سقطت على الأرض مغميًا عليها.
حصَة رفعت عينيْها التي أتسعت بالصدمَة، تركت الكتاب لتهروِّل إليها سريعًا، رفعت رأسها لتضعه على فخذِها : يمه الجوهرة . . . يممه أصحي . .. . . عاااااااااااااايشة . . جيبي موياا
،
يسيرُ يمينًا ويسارًا وهو يتحدثُ بلهفة عن حالِ بناته : الحمدلله . . وعبير؟ قدرت تشوفها؟
عبدالعزيز : تطمّن عبير شايلها بعيونه
عبدالرحمن : ليه مقدرت تجيبها معك؟
عبدالعزيز : هي في الدور الثاني! مقدر أوصلها! . . طلعت وأنا واثق بفارس
عبدالرحمن تنهَّد : يارب أحس بهالثقة
عبدالعزيز: قالوا بتجي اليوم؟
عبدالرحمن : مقدر أخلي هالخراب اللي صاير بهالفترة! . . جالس أحاول والله أجيكم بس مقدر . . بين نارين
عبدالعزيز بحنق : بين نار أهلك و بين نار وطنك . .
عبدالرحمن : بالضبط
عبدالعزيز : تختار شغلك!
عبدالرحمن : مضطر . . لأني واثق فيك يا عبدالعزيز مثل ما أنت وافق بفارس . . أرجوك بس أبعد عن عواطفك وفكِّر بمنطقية
عبدالعزيز تنهد : إن شاء الله . . وش صار بموضوع رائد؟ وش قررتوا تسوون ؟
عبدالرحمن : إلى الآن! . . نحاول نحل المواضيع اللي طلعت لنا وبعدها نفكر
عبدالعزيز : وش المواضيع اللي طلعت؟
عبدالرحمن : أقولك بعدين
عبدالعزيز بقهر تعتلي نبرته : من حقي أعرف! . .
عبدالرحمن : أنت تعبان ريّح هاليومين ولاحق
عبدالعزيز بغضب : لا تقرر عنِّي . . أبي أعرف أيش قاعد يصير ؟
عبدالرحمن: أنا عندي إجتماع الحين . . نتكلم بعدين
عبدالعزيز يصرخ بقهر : أنا ماني جدار تقررون وبعدين تبلغوني!
عبدالرحمن بحدّة : لا ترفع صوتك!
عبدالعزيز بضيق صوته الذي ينخفض تدريجيًا : لا تسوي فيني كذا! . . لا تقهرني بهالصورة
عبدالرحمن يجلس على طرفِ الطاولة : بنحطّك في الصورة يا عبدالعزيز بس مو الحين .. بالوقت المناسب
عبدالعزيز : الوقت المناسب! . . يضرب بعصبيَة الطاولة الخشبيَة التي أمامه لينغرز به مسمارًا لم ينتبه له، كتم نفسُه من الألم.
عبدالرحمن عقد جاجبيْه: عبدالعزيز؟
عبدالعزيز تحامل على وجعه ليُردف بقهر عميق : اللي تسويه فيني ما يسويه أبو إتجاه ولده . . يا يبه
عبدالرحمن بلع ريقِه من حساسيته إتجاه هذه النقطة، من " يبه " حين تخرجُ من عزيز : عز . . بس عطني وقت والليلة أتصل عليك أفهمك
عبدالعزيز بعُقدة حاجبيْه ينظرُ للدماء التي تسيل وهو يتقطّع بحُرقَة . . . أغلقه دُون أن يردف كلمة، أعطى الهاتف نايف وجلَس على الكُرسي المتمرج، بفوضويَة غضبه قطَع طرفِ قميصِه ليمسح دماءه، أنحنى بظهره وهو ينظرُ للسماء النقيَة أمامه، تراجعت عن الشباك : رتيـــــــــــــــــــل! . . .
سلّمت من صلاتها التي تفوتها كثيرًا بهذا المكان المعزول، بهذا التوقيت الذي يفرقُ كثيرًا ويتجادلُ مع أرواحنًا كثيرًا، بعينيْن متلألأتين : وش تسوي عبير الحين ؟
ضي تجلسُ بجانبها على السجادة وهي تضع كفّها على كفِّ رتيل : فيه شي بداخلي يقول أنه حالها مو سيء
رتيل تُخفض رأسها لينساب شعرُها خلفها : ما تعوّدت تبعد عني كل هالفترة، ما تعوّدت يمّر أكثر من يوم بدون لا أشوفها . . أخاف . . أخاف صاير لها شي وإحنا ما ندري . . . بتقطّع عشان أشوفها يا ضي
ضي تمسح على شعرها المموّج : رتيل .. . أبوك بيجي اليوم تبينه يشوفك كذا؟ وتزيدينها عليه؟
رتيل : أحس فيها! والله أحس فيها . . مهي مرتاحة . . أنا أعرفها عبير . . ما تقدر تنام على سرير مو سريرها . .
ضي تُشتت نظراتها لبعيد لا تُريد أن تنجرف معها وتبكِي، خرج أنينها المكتُوم الذي كان نادِرًا ما يخرج أمام أحد، خرج وهي تشتعل شوقًا لعبير : كيف لو صار مثل اللي نشوفه بالجرايد؟ كيف لو ما خلوها ترجع؟ . . كيف بنعيش؟
ضي تُشاركها الدمع المالح، وبنبرةٍ ضيّقة : تفائلي! أكيد أبوك قاعد يتصرف الحين معهم . . بس ما يبي يخوّفنا . . . وقفت لتمدّ يدها إليها وتوقفها معها وبصوتٍ خافت : روحي لعبدالعزيز . . برا
رتيل تمسح عينيْها بأناملها الباردة : ليه؟
ضي : روحي شوفيه . . لا تتركينه
رتيل بضيق تشدُ على جاكيتها من بردِ هذه المدينة التي أصبحت أتعسُ مدينة في عينيْها : ما أبي يا ضي . . . ووقفت متجهة نحو الأريكَة.
ضي تنهدّت لتقف أمامها : متضايق . .
رتيل : كيف عرفتِ!
ضي: مدري مين كان يكلم بس كان واضح أنه متضايق
رتيل تنظرُ لعينِ ضي بمحاولة لإكتشاف خداعها لتُردف ضي بضحكة تمسح بها هذا البكاء : والله منتِ بهيّنة تقلدين أبوك بعد!
رتيل بإبتسامة : ضي! إن طلعتي تكذبين لأخليك تولدين الحين!
ضي غرقت بضحكتها لتُردف : والله . . أستغفر الله بس
رتيل كانت ستتقدّم للباب الخلفي ولكن تراجعت للمرآة المعلقة لتنظر لشكلها أمام إبتسامات ضي التي قلدت صوتها : ما أبغى أشوفه!
رتيل ترفع شعرها بأكمله كذيل حصان : صدقيني لو أبوي يدري عن هبالك ما كان فكّر يتزوجك! حسافة بس يحسبك عاقلة وأنتِ من جنبها . . .
لم تُكمل سيل كلماتها من يدِ ضي التي سحبتها بإتجاه الباب : ليتك تخافين على نفسك بس وتفكرين فيها . . .
رتيل فتحت الباب لتتجه نحوه، تنحنحت حتى تُجذب نظره إليْها ولكن الصمت هو من أجابها، وقفت أمامه لتشهق عندما رأت يدِه، رفع عينه إليْها دُون أن يلفظ كلمة، مسكت يدِه التي تنزف بكلتا كفيّها : وش صار؟ وش اللي جرحها؟
عبدالعزيز يسحب كفِّه منها وهو يعقدُ حاجبيْه بضجر.
رتيل بضيق : لحظة . . . . ودخلت للداخل . . وين أمس شفتي علبة الإسعافات ؟
ضي التي كانت تتجه نحو المدفأة : بالغرفة اللي جمب المطبخ . . ليه؟
رتيل وهي تبحثُ بالأدراج وتحذف كل شيء أمامها بفوضوية : يدِه مجروحة . . .
ضي تقدمت إليها لتمدّ لها الحقيبة البلاستيكية التي كانت أمام رتيل المُشتتة، رتيل وقفت لتأخذها وتخرج بخُطى مبعثرة خائفة.
جلست بجانبه لتسحب يدِه دُون أن تترك له مجال أن يناقشها، عقمتهُ وهي تمسح الدماء التي أنتشرت على راحةِ كفّه، أخذت الشاش لتلفُّه حول يدِه : تُوجعك؟
هز رأسه بالرفض ليُردف : أبوك ماراح يجي اليوم! ما قدَر
رتيل تجمدّت عينيْها دُون أن ترمش، كانت تنتظر طيلة البارحة متى يأتِ الصباح حتى تراه، وقفت وهي تُشتت نظراتها بعيدًا : طيب، أنا بدخل . .
عبدالعزيز يسحبها بيدِه الأخرى لتجلس بجانبه، وضع رأسه في حُجرها ليستلقِي على الكرسي العريض المعلّق، نظرت إليْه لثوانِي طويلة حتى رمشت وسقطت دمعتها بجانبِ عينِه، أنحنت لتراقبه وهو يُغمض عينيْه، قبَّلت مكان دمعتها بقُربِ عينِه اليُمنى، نامت كفيّها على رأسه دُون أن يشاركهما الصوت بكلمةٍ أو حتى حرفٌ بسيط يُخمد النيران التي تشتعل بهما.
الرجال لا يقولون شيء، الرجال عندما يضعفُون يلجأون لمرأةٍ واحدة تمدّهم القوة، بعد كل هذه الفترة الطويلة يا عزيز أنا أفهمك تمامًا، أفهمُ ضجرك وأفهمُ تعبك وإستيطان الحزن بك، أفهمُ تقاطعات الضيق بعينيْـك، أفهمُ تمامًا يا حبيبي لِمَ كانت حياتنا مُرَّة؟ لِمَ كان في فمِي تنامُ ذكراك و قلبِي يحاول لفظِك كل ليلة؟ لِمَ كان قلبِي يتجاوزني ولا يُلقي لمحاولاتِي بالاً؟ رُدَّ لي بعض قلبي أعش به، رُدَّ لي عقلٌ يُقنعني بحقيقة ما يجري.
رمشت عينيْه ليُعيد إغماضها وهو يضع كلتا يديْه بين فخذيْه، يتخذُ وضعيَة الجنين المنكمش حول نفسِه، مسحت على شعره كثيرًا لتلفظ ببحة هذه السماء في هذه اللحظة، بصوتِ الريح التي تحرِّك الحبال المتمسكة بهذا الكرسي، بصوتِ هذه الأرض التي لا نعرفها مرارًا ونجهلها تكرارًا : تعرف يا عبدالعزيز! . . قد ما أنقهر منك . . من تصرفاتك بس توجعني هالنظرة منك
لا يرد عليها، مازال يتوحّد مع نفسِه ومازال رأسُه المثقل في حضنها،
رتيل بحُمرة تضيِّق على دمعها : ما يعني لك شي؟ أني أنتظرك وأنت هنا . . جمبي . . قريب مني وإيدي على راسك . . ما يعني لك أيّ شي أنك قريب و أني . . أشتاق لك . .
يستلقي على ظهره ليفتح عينيْه عليها، على ملامحها الناعِمَة وإن شحبت قليلاً، كيف تكُونين أنثى بهذه الطريقة اللاذعة؟ بهذا اللؤم الأنثوي؟ كيف يكُون دمعك نقطة ضعف بي؟ وكيف تكون ضحكتِك نقطة ضُعفٍ أخرى؟
رتيل بحاجبيْها المعقوديْن: ما يعني لك أني اشبهك كثير! أشبه قسوتك . .أشبه عيونك لما تضيق . . أشبه عنادِك . .
يستعدِل بجلسته ليُبعد رأسه عن حضنها وهو ينظرُ إليْها بعينيْن تحكي بعُمق وتُراقب تفاصيل بكاءها الذي لا يُشبه بكاء أحدٍ في هذه الدُنى.
تُكمل بصوتٍ مبحوح و في الأعلى غيمَة تصرخ للحظة وتخفت للحظةٍ أخرى، في الأعلى غيمة تُظللهما وتراقب الأشياء الصغيرة التي تلتحم ببعضها البعض من أجسادهما، هُناك في الأعلى غيمة تبرق السماء وتصبُّ الرعد بها، هُناك في الأعلى مطرٌ تغنيه السماء.
رتيل : ما يعني لك أيّ شي صح؟
عبدالعزيز عقد حاجبيْه : اللي أساسه هشّ وش نهايته؟
رتيل بغضب تقف : وش بعد! .. الحياة لك يا رتيل . . شوفي أيّ حيوان وأخذيه . . بس أنا لا تفكرين فيني
عبدالعزيز : أنا ما قلت كذا
ويهطلُ المطر ليُشاركها البكاء : إلا قلت . . أفعالك تقول . . عيونك تقول . . حتى كلامك معي واضح! . . بس أنت جبان ماتعرف تنكر ولا تعترف! . . أنت من أيش مخلوق؟ . .
تُبلل السماء شعرها ليلتصق بملامحها التي يختلطُ ملحها بعذبِ المطر لتُكمل : أتقِ الله في نفسك! . . أتقِ الله في قلبك . . حرام اللي تسويه فيني وفيك . . كافي! . . من شهور وإحنا نفس السالفة .. نفس الكلام . . خلاص . . خلاااص مليت . . مليت من نفسي اللي تتأمل بشي وبعدها تنصدم! . . أنت نفسك نفسك ما تغيّرت بس أنا اللي تغيّرت . . أنا اللي صرت زي المجنونة أحاول أقنعك بأنك فعلا حمار . . لأنك لو بني آدم ما كان قلت هالكلام لبنت مثلي!
عبدالعزيز بهدُوء : بنت مثلك!
رتيل بنرجسيَة : إيه بنت مثلي! يتمناها ألف واحد بس مختارتك وكل مرة تعرف أنها تخطي بإختيارك . . . أنا أعيش مع شخص ما أحبه لكن بيننا إحترام . . إحترام لمشاعري أشرف لي مليون مرة من واحد يهنني في كل مرة يشوفني فيها
عبدالعزيز يقف ليُبللهما المطر، متجاهلين كل هذه الغزارة من المياه وبقسوةٍ تعُود لصوته : أنتِ ما اخترتيني أنا اللي اخترتك
رتيل أرتجفت شفتيْها لتُشتت نظراتها : رجعنا للنقطة اللي عمرها ماراح تنتهي! . . رجعنا لمسألة أني معروضة عليك! . . هذي المسألة ما تعنيني شي على فكرة . . ماهي مشكلتي أنك حقير بهالصورة اللي تلوي فيها أبوي!
عبدالعزيز يُدخل يديْه بجيُوب معطفه : مكبوتة كثير! . .طلعي بعد وش باقي ما قلتيه!
رتيل : أنا نفسيتي تعبت يا عبدالعزيز . . يرحم لي والديك فكّر على الأقل فيني لمرّة! . . ليه كِذا ؟ بس قولي ليه تحب تعذب نفسك وتعذبني معاك ؟
عبدالعزيز سعَل من المطر والبرد الذي يتصبب على جسدِه المرهق : وش قلت لك؟ . . قلتِ مثواي الجنَة . . وقلت عيني يا رتيل . .
رتيل ببكاء : ما أفهم! أنا حمارة . . أنا غبية ماأفهم بهالأشياء . . قولي بشكل واضح . .
عبدالعزيز يُشتت نظراته التي بدأت تصعد الحُمرَة إليها : مقدر
رتيل : ماتقدر! . . عشان مين؟ عشان أثير؟
عبدالعزيز لايُجيبها وهو ينظرُ للسماء المكتظّة بالغيم، أخذ نفس عميق يبحُّ معه صوته.
رتيل بنبرةٍ باكية : ماراح تقول شي؟
عبدالعزيز : بس ينتهي كل هذا . . نتفق
رتيل : على ؟
عبدالعزيز بضيق : عشان ما يطلع أساسنا هشّ!
رتيل تُدخل يديْها بجيُوبِ جاكيتها وعينيْها تذرفُ الدمع بلا توقف : كِذا؟ . . يهون عليك قلبك بسهولة؟
عبدالعزيز : ماراح نوصل لشي . . ماراح ننتهي من هالمشاكل . . مو تقولين مليتي! خلاص ننهي كل شي
رتيل تنفجرُ بوجهها : جباااااااااااااان . . جبااان . . أعطته ظهرها وهي تتجه نحو السُور الخشبي لتقف بجانبه.
عبدالعزيز بتجاهل لكلماتها : أدخلي داخل . .
رتيل بحدّة : مالك شغل فيني! . . أبعد عنِّي
عبدالعزيز يقف خلفها مباشرةً، يُلصق ظهرها بصدره : ما أعرف أكون مثل ما تبين يا رتيل! . . لا تطلبين مني شي أنا مقدر عليه
رتيل بصوتٍ يتحشرجُ بالبحة : كلمة . . كلمة ياعبدالعزيز ماتقدر عليها
عبدالعزيز ببحّة تؤلم قلبِ رتيل : لأني ما أعرف أنهي حياتي اللي كانت قبلك! ماأعرف كيف أتقبل أنه ماعاد فيه أحد أقوله يممه.
،
بتنهيِدة ينظرُ إليْه ليعود لمكتبه دُون أن يلفظ كلمة، وهذا الصمت يُثير الرعب في نفوسهم، جلس ليضع أقدامه على الطاولة بإتجاههم: خذوا جثته وحطوها قدام السفارة! . . خلهم يصلُّون عليه مساكيين . . *لفظ كلمته الأخيرة بإستهزاء*
عُمر : فارس ما يطلع برا الشقة! . .
سليمان ببرودِ ملامحه : طيب تبيني أروح وأطلعه لك! . . حمار أنت! . . أخلص عليّ فكني من فارس عساه ما به فارس
عُمر بلع ريقه : نستعمل القوة مع رجاله
سليمان يقف وهو يأخذ التفاحة من صحن الفواكه ويقضمها بصوتٍ مقزز : ضحكتني وأنا ماني مشتهي أضحك! . . كلّم الكلب أسامة ولا حمد يطلعونه لك . . في راسك هذا مخ ولا درج!
عُمر بضيق : موت فارس بيكلفك كثير! . . لأنه صار نسيب عبدالرحمن
سليمان رفع حاجبه : نعم؟ وأنا من متى يهمني عبدالرحمن! . . ما أبغى أعيد كلامي! . . فارس أبيه يتبخّر مع هالمطر مفهوم؟
عُمر : رائد مستعد يسوي كل شي عشان ولده! . . الموت راح يخليه يفكر بجدية ينتقم منك ويترك عبدالرحمن وسلطان
سليمان بغضب يصفعه : قلت ما أبي أشوف أثر لفارس! . . لا تناقشني
عُمر بحدّة : فارس ما يهمك بشي! كذا بتخلي ألف واحد يتربص لنا
سليمان : وأنا أبيهم يتربصون لنا على قولتك! . . خلّ أسامة يسممه ولا يسوي له أيّ شي . .
عُمر برضوخ : مثل ما تبي! لكن راح تتذكر كلامي
سليمان : أنقلع عن وجهي .. لا أبو من جمعكّم يالخمّة! . . يجلسُ بالأريكة . . والحمار الثاني؟
عُمر بسخرية : الحمير كثير
سليمان : تأكد أني لو أربي حمار كان تعلم وأنت ما تعلمت . . عبدالعزيز الزفت! . . أنا إذا ما سارت خطتي زي ما أبي راح أخلي قبوركم معلَم سياحي!
عُمر تنهّد : مقدرنا نوصله . . بحثنا في الفنادق اللي جاها وبشقته وبشقة ناصر . .مالقينا أثر له
سليمان : وش صار على ناصر؟ ما قلت لي تطورات قضيته؟
عُمر : حطيت بصماته على السلاح عشان يتأكدون أنه هددهم
سليمان : حلو حلو . . يعني القضية جاهزة لناصر! . . وقف ليتقدَّم نحو الورقَة المعلقة وهو ينظرُ للأسماء التي شُطبت . . أخذ القلم ليشطب " ناصِر " وبنبرةٍ حزينة يُمثِّل : وش قد هالبلد تخسر من رجالها!
،
وقف أمام الباب كثيرًا وهو يتردد لحظةٍ ويعُود للحظةٍ أخرى، يشعرُ بشيءٍ يُرهق خلاياه، لا يستطيع للحظة أن يفكر بإتزان وبإستقامةٍ أكثر، تقدّم إلى أحمد الجالس خلف مكتبه، فيصَل بهدوء : السلام عليكم
أحمد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
فيصل : أبي أشوف سلطان بن بدر
أحمد : تفضل إجلس . . إتجه نحو مكتبه ليطرق الباب ولا يستمع صوت يأذن له، كان جالسًا يقرأ الخطاب الذي وصله، بغضبٍ عجن الورق بقبضةِ يدِه ليصرخ : مين!
أحمد أرتجف ليفتح الباب : عُذرًا .. . آآ . . ولا شي .. وخرج.
سلطان بقهر يرمي الورقَة ليخرج دُون أن ينتبه لفيصَل، أتجه نحو مكتبِ عبدالرحمن ليفتحه بقوَّة حتى سقطت عيناه عليه هو وعبدالله جالسَان يُدققان ببعض الأوراق، عبدالرحمن رفع حاجبه : خير؟
سلطان : وش اللي حاول تسويه؟ تبي تكسر ظهري ... انا ماني فاهمك! أنا عدوّك ولا صديقك! . .
عبدالله : وش صاير لكم؟
سلطان بغضب كبير : اقسم بالله لا أجيب تقرير بأنك أنهبلت .. وبأنه عقلك رسميًا توقف وماعاد تعرف تفكر زي الخلق!
عبدالله يقف : سلطااان! . . وش هالكلام؟
عبدالرحمن يقف هو الآخر ليُردف : أنت تحتاج تجلس لحالك وتراجع نفسك! راجع أخطاءك الأخيرة وطريقة تفكيرك وحبكتك لخيالاتك
سلطان يُشير إليه بسبابةٍ مُهددة : راح أعتبر اللي صار ما صار! . . . واللي محتاج يراجع نفسه هو أنتْ! وفاة مقرن مأثرة بعقلك مو بس بقلبك! . . . وخرج بغضب للأسفل متجهًا لخارج المبنى.
فيصل يقف :وش فيهم؟
أحمد يهزُ كتفه باللاأدري ليُردف : ماراح تقدر تشوفه اليوم
فيصل تنهَّد ليتجه نحو مكتبِ عبدالرحمن وينظرُ للباب المفتوح : السلام عليكم
ألتفتوا عليه، عبدالرحمن يجلس وهو يحاول أن يهدىء من غضبه، يشعرُ بالقهر من نفسه وليس فقط من سلطان : تفضَّل فيصل . . . . كنا راح نتصل عليك
،
هيفَاء تقف أمام رزنامة التقويم الموجودة في المطبخ، يومين بالتمام ويأتِ زفافها المنتظر، يومين بالتمام وتنقلبُ هذه الحياة ليُشاركها أحدٌ آخر، يومين فقط. دخلت لتجِدها تقف مبتسمة ببلاهة أمام التقويم، ألتفتت نحوها بخوف : بسم الله . . . خرعتيني
مُهرة : ما كنت أقصد
هيفاء بإبتسامة : رجع يوسف
مُهرة : لا . .
هيفاء بتوتر من الحديث مع مُهرة التي لا تجدها دائِمًا مُبتسمة : كنت أجرِّب أسوي حلا . . وش رايك تذوقينه وتعطيني رايك؟
مُهرة بإبتسامة : وريني . .
هيفاء تُبعد القصدير عن الطبق لتمدّه إليْها، أخذت حبة لتتذوقها بتلذذ : مررة حلوة
هيفاء : جد ولا تجاملين؟
مُهرة : والله مررة لذيذة . .
هيفاء : ومكوناتها يحبها يوسف مرة متأكدة . . خليه يجي بس وأذوقه إياه . . . . سمعت صوتُهما خارجًا .. هذولي هم جوّ . . خرجت لتجِد منصور ويوسف : طولتوا مررة
منصور : مرينا فيصل وما لقيناه ورجعنا
هيفاء بللت شفتيْها بلسانها بربكة : سويت حلا وأبيكم تذوقونه
منصور : بصعد أغيّر وأجيك . . . صعد لتخرج مُهرة من المطبخ متجهة نحوهما.
يوسف : وهذا اللي قدرتي عليه . . والله لو طابخة ذبيحة!
بإبتسامة يلتفت نحوها : وش صاير بالدنيا؟ السلطانة مهرة نازلة تحت
هيفاء : طيب وأنا قلت لك أني مستانسة أني مسوية حلا! شي جديد وجربته فيها شي؟
يوسف : طيب لا يكثر روحي جيبيه ويقيّمه لساني
هيفاء : مرتك لو يجيها حالة نفسية ما ألومها!
يوسف يضع ذراعه على كتفيّ مُهرة : أنا ومرتي نتهاوش ونتكافخ بعد بس أنتِ أطلعي منها
هيفاء : أفآآ يعني تفشيل بدون مقدمات
مُهرة ابتسمت : ما بعد شاف التكفيخ
يوسف : متعددة القدرات الله لايضرك
مُهرة تضربه بكوعها على بطنه بقوّة حتى عاد للخلف بألم : كِذا قدراتي تمام
هيفاء : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه منتِ هينة
يوسف يجلس على الأريكة : أنا قايل بنات حايل يرضعون مع أبليس بس محد صدقني!
مُهرة تجلس أمامه : من عذرك . . مآخذين قلبك بنات حايل
يوسف بضحكة عميقة أردف : شوفي الخبث! طبعا مين بنات حايل؟ هُم انتِ . . الله على غرورك بس تختصرين البنات كلهم فيك!
هيفاء جلست على الطاولة بجانب الباب لتتسع بإبتسامتها : أسمح لي يوسف بس طلعت مُهرة جايبة آخرتك
يوسف يحبسُ ضحكته ليُردف بغزل : تجيب آخرتي . . تجيب دنيتي . . تجيب اللي تبيه
مُهرة أرتفعت حرارة جسدِها لتضجّ الحُمرة بوجهها، غرقت هيفاء بضحكتها ليُشاركها يوسف بعينيْن تُراقب ردّة فعل مُهرة الخجولة.
هي الأخرى سحبت منديلاً لتمسح جبينها الذي تعرَّق : أنا بصعد
يُوسف : تعالي يا بنت الحلال . .
هيفاء : بروح أجيب الحلا . . دقيقة بس .. وخرجت
مُهرة تقف متجهة نحوه بعد أن أختلت معه : مشكلة أني احب الرياض ولا صدقني كان ممكن أكرهها بسببك
يوسف بسخرية : لا مالك حق! كيف يعيشون أهل الرياض بدون حبك
مُهرة تقترب منه وكانت ستتوعّده لولا أن يدِه سحبتها حتى سقطت على الأريكة بجانبه، أقترب من ملامحها : تضربين بعد!
مُهرة : محد أحسن من احد . . أتركني منصور بيجي الحين
يُوسف : يا قوتك بس! .. ماتبين تسأليني وش صار اليوم؟
مُهرة تغيّرت ملامحها بربكة : مو مهم
يوسف : مو مهم تعرفين أنك تظنين ظن سيء بأحد؟
مُهرة وقفت بتوتر كبير لتخرج من الصالة متجهة للأعلى دُون أن تلفظ كلمة وتشعرُ بأن قلبها سيخرج من مكانه، لا تُريد أن تصدِّق بأنها ظلمت أحد ولا تُريد أن تصدِّق بأن منصور بريء.
،
وضعت يدِها على شفتيْها بمحاولة تصديق ما يحدُث، نظرت بعينيْن لا تصدِّق ما تقوله حصَة امامها حتى رأت دمعتها تنزل بفرح : والله! . . يالله وش كثر بيفرح سلطان لو عرف . . راح أتصل عليه
الجُوهرة بدأت دموعها تهطلُ بغزارة على ملامحها لتشدّ على يدِ حصَة : لا . . أقصد يعني أنا أقوله . . لا تقولين له الحين
حصَة جلست بجانبها : الجوهرة خايفة من شي؟
الجوهرة أرتجفت بالبُكاء الذي يُصيبها في هذه اللحظة، لا تعرف هل يجب أن تبتسم لهذا الخبر أم تحزن؟ هل يحقُ لها أن تسعَد بخبرٍ كان من المستحيل أن تتمناه، أيجب أن أفكر بأنه من المستحيل أن يلاحظه سلطان أو حتى يهتمُ له، لن يشعر به، لن يشعُر بالشعور الذي عند جميع الأباء لأنه ببساطة لا يُحب أن يشعر! لا يُحب أن تتحرك أحاسيسه إتجاه أحدٍ ما، كيف أخبرك؟ أنا حتى أخاف أن تصرخ بوجهي عندما أقول لك، لأنك لا تُريد مني شيء، لا تُريد أن انجب طفلاً رُبما يشبهني! رُبما يشبه أحدًا من عائلتي، رُبما يذكرك في كل مرة أن هناك جرحٌ لم يتلئم، و هُناك حزن لم يندثر رُغم كل هذه السنوات، هُناك أثر! هُناك ألم و وجع فيّ أنا . . أنت لا تعرف ولا تُريد أن تعرف، قاسي جدًا.
حصَة : حبيبي جُوج وش فيك؟ . . مفروض تنبسطين .. هذا الخبر اللي منتظرينه من زمان!
الجوهرة : بس سلطان ما ينتظره
حصَة بمُقاطعة حادة : لا تقولين كذا! . . لو تبلغينه الحين بتشوفينه طاير من فرحته . . . أبعدي كل هالمشاكل اللي بينكم بعيد وخلِّي هالحمل يقربكم من بعض
الجُوهرة أخفضت رأسها لينساب شعرها عليها وهي تضع يدها على بطنها، تحاول أن تصدِّق بأن هناك روحًا بداخلها، أصغرُ من كل هذا، حصَة : تتصلين عليه ولا أنا أتصل؟
،
باللاإراديَة قلدت حركات شفتيْه عندما أستيقظ، تأفأفت لترفع شعرها بطريقةٍ أنيقة وتضع في أذنها قرطها الذهبي، ألتفتت إليه وهو يُغلق أزارير ثوبه : بتطلع؟
ريان بسخرية : لآ بجلس معك أتونّس
ريم بإبتسامة : خسارة! . . جلستك مكسب
ريّان يتقدّم نحو التسريَحة ليبعدها بيدِه وهو يُعدِّل نسفة شماغه متنهدًا : خففي هالروج!
ريم تسحب منديلاً وهي تستجيبُ له بلا إعتراض : كِذا زين؟
ريّان يعرف ماذا تُريد، بلؤم الرجال الذي لا ينتهي إقترب منها ليُقبِّلها بهدُوء جعل سيقانها تتجمَّد، أبتعد وبنظرةٍ ذات معنى : كذا أزين . . . وأخذ مفتاحه وهاتفه خارجًا.
ريم تزفرُ أنفاسها التي توترت : يبغى يروضني! . . طيب يا ريَّان . . . . لحقته لتنزل معه للأسفل.
والدته : وإحنا صايرين مانشوفك!
ريّان : معليش هالفترة مشغول
ريم : طيب ريان لا تنسى غداء بكرا! عشان تحجز لنا بدري
ريّان رفع حاجبه : غدا؟
ريم بإبتسامة : إيه مو قلت أنك عازم خالتي وأفنان وبنتغدى بالواجهة
ريّان صمت قليلاً حتى أتى صوتُ والدته : زين تسويّ صار لنا قرن ما طلعنا
ريّان بنظرة وعيد وهو يلفظُ بين أسنانه التي شدّت على بعضها البعض: طيب ماراح أنسى. . . وخرج بخطواتٍ غاضبة تشتدُ غضبًا في كل لحظة.
ريم بإبتسامة واسعة : خالتي وين أفنان ؟
،
على أطرافِ أصابعها كانت تسيرُ بإتجاه النافذة، فتحتها ليهبّ هواءُ باريس المحمَّل بالمطر، تجمدَّت أصابعها عندما أقترب لأذنها الصوت القادم من الشرفة الجانبيَة : مجنون أنت! . . قوله مقدر، هو أصلا بينهبل من بعد هروب عبدالعزيز! .............................. لا . . . تقريبًا يمكن الحين نايم يا عمر مقدر أدخل عليه و بنت عبدالرحمن عنده . . . . من جدك أنت ؟ . . . . . . . أستغفر الله بس! . . . . طيب الليلة أنهي لك هالموضوع . . . . خلاص لا تحنّ الليل بمحي لك هالفارس! . . . . طيب . . .يخي أبثرتني . .. مع السلامة
تجمدّت عروقها وهي تسمعُ لكلماته المُفزعة، ألتفتت لتجِدهُ نائِمًا على الأريكة ويتضحُ على ملامحه التعب، جلست على ركبتيْها عند رأسه وهي لا تعرف كيف توقظه : آآآآ . . آ .. ففـ .. فارس! .. وضعت يدها على كتفِه لتُحركه قليلاً، أستيقظ بفزع لتلفظ بعفويَة : بسم الله عليك! . . .
فارس يرمشُ بعينيْه يحاول أن يستوعب من أيقظه؟ أم يستوعب كلمتها الأخيرة . . نظر إليها بعينيْن غير مصدقة حتى قطعت كل خيالاته بصوتها : آآآ .. يعني . . . . . ممكن تصحى؟
إبتسم على ربكتها ليستعدِل بجلستها : محتاجة شي؟
عبير تقف ويديْها تتشابك ببعضها البعض : لا . . شتت نظراتها بعيدًا عنه لتُكمل : تو فتحت الشباك . . و .. يعني سمعت واحد يتكلم
فارس : إيه
عبير بربكة : يقولون أنهم بيمحونك . . ما فهمت كلامه بالضبط . . لكن كان يقول إسمك
عقد حاجبيْه : أنا؟
عبير : إيه . .
فارس وقف : طيب لا تتحركين وراجع لك . . . وخرج وهو يضع يديْه في جيُوبه وينظر لرجال والده المنتشرين في كل مكان وفي كل زاويـة، دخل عند والده ليجذب عينيْه له : صح النوم!
فارس : اللي يسمعك يقول نمت نومة ولا أحلى منها! كلها غفوة . . بعدين يبه وش دراك أني كنت نايم؟
رائد : العصفورة قالت لي
فارس بإبتسامة : عصفورة! . . عصفورة ولا الحمار اللي مخليه يراقبني!
رائد : ما أناقشك بمسألة انه حمار لأن هو حمار فعلاً لكن . . أرتاح وتطمن حبيبي محد يراقبك
فارس ينظر لأسامة الجالس بعينٍ جعلته يرتبك من أن وصل له شيءٌ عنه : باين يا أسامة أنك تشتغل بتركيز . . عيونك تعبانة!
أسامة وقف : تآمر على شي؟
رائد : لا تقدر تروح
فارس يقف أمامه : وين كنت اليوم؟
أسامة : هنا . . أبتعد قليلاً ووقف فارس مجددًا أمامه : بس ما كنت موجود العصر! . .
أسامة بتوتر : كنت تحت
فارس يُبعد جسدِه عن طريقه : أحلام سعيدة . . ألتفت لوالده . . واثق في هالحمار؟
رائد تنهّد : ألفاظك بدت تصير زي وجهك
فارس : مليت من الكلام الحلو والذرب قلت أجرّب شوي ألفاظ الشوارع
رائد : بنت عبدالرحمن طلعت جنونك
فارس يقترب من والده ليلفظ : على فكرة ما تنتقص مني بشي بهالكلام! إيه مجنون فيها
رائد : الله يخلف عليك! ما منّك فايدة ..
فارس يحك رقبته التي تيبست من غفوته الخاطئة : إيه نسيت لازم الفايدة تكون بأني أنهي حياة أحد . . كذا المجد لي
رائد : بالله ريّح مخي من مثاليتك وأفكارك اللي ما كسبنا منها شي! . . الحياة همجية . . حط هالشي في بالك
فارس تنهّد : مدري مين حاط في بالك هالتعاريف الواطية
رائد إبتسم ليُردف وهو ينظرُ للأوراق : أمك أتصلت تقول ليه ما ترد عليها ؟ قلبها تقطع المسكينة
فارس يُراقب نبرة والده الساخرة ليُردف : بس هذا اللي قالته ؟
رائد : إيه محرومة من النوم كله تفكر فيك خايفة أننا ما رضعناك
فارس : هههههههههههههههههههههههههههه
رائد يرفع عينه : من جدي أتكلم! . . أتصل عليها تراها مجنونة تروح تبلغ عنك وتفضحنا
فارس : الله العالم مين المجنون
رائد بهدُوء :أنا أحس الله رزقني عائلة تذهلني بقدراتها دايم . . أنقلع عن وجهي لا يجيك ذاك الكف اللي يخليك تعيش البرزخ
فارس : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ما افتي لك بس ما يصير كذا! لا تقول البرزخ
رائد بغضب : انقلع عن وجهي! . . أنقلع لا تخليني أذبحك الحين
فارس ببرود يستفز والده : إحنا يبه من ربع اللي قالوا نحنُ قوم إذا أحبوا ماتوا . .
رائد : الكلب اللي قالها لو يشوف أمك ينتحر مو من حبه من قهره . . . . .
فارس بهدُوء :حقك عليّ
رائد : وش تبي توصله ؟
فارس : لهدرجة هالجملة تضايقك كثير؟
رائد يقف متجهًا نحوه : ما تضايقني! بس لأني عارف وش تبي توصله . . . أنا بالنسبة لي حياتك أهم من كل شي وحط هالشي في بالك قبل لا تسوي أيّ شي غبي!
فارس : أمرك . . يقتربُ منه ليقبِّل جبينه ويهمس . . أبعد رجالك عنِّي لا أصدمك باللي راح أسويه . . . . وخرج متجهًا للأسفل.
نظر لأسامة وهو يعطيه ظهره ويحضِّر الشاي، نظر لإنفلات شيءٍ من جيبه في كُوب الشاي، ألتفت أسامة : جيت! . . أجل خذ صحصح على هالشاي
فارس : وش حطيت فيه؟
أسامة بإبتسامة : سكر
فارس رفع حاجبه : سكر؟ . . .أخذه منه ليقذفه بوجهه الذي أحترق بحرارته، ركله في بطنه حتى سقط على الأرض ليشدُّه نحوه : مين بيمحيني؟ . . ها ؟ . . . لكمه بشدّة على وجهه المبتَّل بالشاي ليجلس فوقه وهو يُردف بغضب : وش رايك أخليك عظة للحيوانات اللي معك؟ . . صرخ بقوة . . يبــــــــــــــــــــــــــــــــــه! . . .
ثواني حتى أتى بغضب والشتائم يطلقها بصورةٍ سريعة : قوم عنه
فارس : لا أبيك تشوف رجالك وش يخططون عليه؟ . . تكلّم
أسامة : فارس وش فيك! فاهم غلط . .
رائد : حسبي الله بس . . قوم لا أفرمك الحين معه
فارس : قبل وش كنت تقول ؟ حياتي أهم من كل شي .. طيب هذا اللي تشوفه كان بيسممني ولا تسألني ليه؟
رائد ينظرُ لأسامة بريبِ ليُردف فارس وهو يقف : قايلك أنك تتعامل مع حمير بس ما صدقتني . . . ودخل لغُرفة عبير . . شدّ معطفها ليتقدّم نحوها . . سحبها من معصمها دُون أن يترك لها فرصة بأن تتحدث او تقول شيئًا، خرج بخطواتٍ سريعة من الشقَة وبنبرةٍ يستعجلها : أركبي السيارة
عبير تفتح الباب وهي لا تعرف ماذا يُريد أن يصِل إليه، ركبت ليركب معها ويقودها بسرعة، توجهت طلقات الرصاص ناحيته لتكسر الزجاج الخلفي، فارس : دنقي . . .
،
يضع معطفه فوقها : عنيدة!
رتيل التي تجمدّت بالبرد و البياض يتبخَّر من بين شفتيْها : مزعوجة منك يا عز ولا تحاول تكلمني
يجلسُ بجانبها ليبتسم بخفُوت : عز! . . اول مرة تناديني بهالإسم
رتيل بسخرية : واضح أني كرهتك
عبدالعزيز يقترب منها ليُقرِّب كتفيْها منه وهو يحاول أن يدفئها بجسدِه : على فكرة بما أنك قلتي جبان كثير لازم أثبت لك العكس
رتيل : تثبت لي بأيش؟
عبدالعزيز يقترب من إذنها ليهمس : وش منتظرة تسمعين؟
رتيل تحاول أن تدفعه ولكن قوته أكبر، ضحك ليُردف : صفِّي النية
رتيل : عبدالعزيز أنت تجرح وتجي ببساطة تمشي على جرحك! ولا كأنك مسوي شي
عبدالعزيز بهدُوء : لما أجرحك . . أجرحني
بجهةٍ أخرى يُطلق تصفيرًا خافتًا بلسانه من خلف الأشجار، ليضع السماعة في إذنه وهو يلحِّن الكلمات : موجودين . . موجودين يا حبيبي .
عُمر : وين ؟ برا باريس؟
: مدري إذا موجود عبدالعزيز أو لا بس الأنوار شغالة. . و إذا ساكنة مرت أبو سعود ماظنتي يكون داخل .. أتوقع أنه مو موجود . . مافيه ولا سيارة أصلاً قدام الباب
عُمر بإبتسامة خبث : محد موجود . . غير البنات؟ .. طيب لحظة أول شي سالفة أخته وصورها مع ناصر في لندن!
: إيه لا تهتم دقيقتين وربِّك لا تشوف خبر غادة عنده . .
عُمر : كفو والله . . الساعة 11 أبي يكون عند عز خبر بموضوع غادة! . . وأسمعني زين لا يدري سليمان أننا نعرف بأنه ناصر بلندن! . . لازم نستغل توريطة ناصر هالفترة . . ونستغل بعد توريطتهم هناااااك!
،
يدخلُ البيت بخطواتٍ تشتعل من أمور العمل التي لا تنتهي، ألتفت ناحية عائشة الواقفة : ماما حصة وين؟
عائشة قبل أن تتحدث أنفتح الباب لتدخل معه الجوهرة وعمتِه، بعُقدة حاجبيْه : وين كنتم؟
حصَة تنزع نقابها وبإبتسامة شاسعة : خل الجوهرة تقولك
سلطان : تطلعون بدون لا تقولون لي وأنا محذركم مليون مرة!
حصة تنهدت : وش فيك معصب! خلاص طلعنا ورجعنا ماصار في الدنيا شي .. أنا بدخل أطبخ شي للجوهرة ماكلت شي من الصبح . . وأبتعدت عنهما.
سلطان أقترب منها : وين كنتم؟
الجوهرة تنزع عباءتها : كنا في المستشفى .. تعبت شوي وأصرّت عمتك
سلطان بنبرةٍ تُخيفها : تعبتِي شوي؟
الجوهرة وصدرها يضطرب معها بعلوِه وهبوطه : إيه . . يعني وش فيها الواحد ما يتعب
سلطان بقهر : لاأتعبي يا قلبي . . ألف سلامة عليك
الجوهرة تراقب عروقه المتفجرة بوجهه : صاير شي؟
سلطان يتجاهلها متجهًا للأعلى، تبعته وهي تُردف : فيه شي أبي أقوله لك
سلطان : ماأبغى أسمعه لأن مزاجي مقفل
الجوهرة : على أساس أنه مزاجك دايم مروّق
ألتفت عليها بنظرة . . . .
.
.
أنتهى
.
.
نلتقي إن شاء الله يوم الجمعة ()
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم :$()
لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.
و لا ننسى أخواننا المسلمين المُستضعفين في كُل مكان أن يرحمهم ربُّ العباد و يرفعُ عنهم ظُلمهم و أن يُبشِرنـا بنصرهُم ، اللهم لا تسلِّط علينا عدوِك وعدونـا و أحفظ بلادِنا وبلاد المُسلمين.
أستغفر الله العظيم وأتُوب إليْه
لا تشغلكم عن الصلاة
*بحفظ الرحمن.
|