إن يخفق القلب كيف العمر نرجعه
كل الذى مات فينـا كيف نحييه
*فاروق جُويدة
- مالسبب الذي يجعلك تضحك من أعماقك دومـا ؟
- هو : مالذي يدعو للإستغراب في ذلك ؟
- لا أعلم .. بعض الأشياء تستحق الأبتسامة
لا الضحك حد انهمار الدمع ..
- هو : مع كُل خيبة نمر بها ,
يختفي جزء صغير آخر من المبالاة . .
وشيخ في الخيبة مثلي ياوطن . . لا أظنه يبالي
بشيء .. كل شيء يبدو مضحكا ,
- تهكمك الأسود يرعبني
- هو : تلك طريقتي لأعيش .. ماتبقى لي على الأقل
- سمائي غائمة بغيوم رمادية اليوم ..
مابالك ؟ لما الحُزن الساخر هذا ؟
- هو : إني خائف . .
- لاشيء سيحدث لك . . لاتخف
- هو : لست خائفا مما قد يحدث لي
- مالذي يخيفك إذن ؟
- هو : أن تحزني لفراقي حُزنا
طويلا يعذبني تحت التراب . .
- توقف عن ذلك
- هو : لا أريد رؤيتك حزيـنة
لمدة طويلة .. سأكون دوما بجانبك
- توقف !
- هو : يجب ان نتحدث في الموضوع . .
قد لايكون هنالك غدا
- الا ترى بأن كُل مانتحدث عنه هو
موضوعك الذي ترى بأننا لم نتحدث
عنه بعد . . ارجوك اصغٍ إلي .. انت تتحسن ..
ولا مكروه سيحدث لك .. ولن احزن
- هو : أيعلم الأطباء بعمري الذي أحس
به كالرمل ينفذ من بين اصابعي ؟
- قلت توقف !
صمت في حُزن من لايبالي .. حُزن من يتوقف
ليس لأنك طلبت منه التوقف .. بل لأن الكلام
اصبح لا يصلح للبوح ..
تلك الجمل الباقية تحت الجلد .. تنفذ كرائحة
سُم خانق له القدرة على جعلك تتآكل نفسك
لا أحب طريقته تلك في زرع الأفكار المرعبة وتركها تنبت بهدوء , وصمت
أمسكت يده بالخجل الأول ذاته . . أردت نطقها
ولكن العجز كان اقوى من أن تكسره كلمة حُب صغيره ..
- هو : وأنا أحبك أيضا
أما آن للحُزن ولشبح الفراق أن يرحلاً بعيدا . .
أما آن لي أن استحق قليلا من الفَرح . . قليلا من الأبتسامات العميقة ..
يااااه يازمن الأبتسامة
زمن الأيام الأولى . .
الأيام التي كُنا نتشارك بها الأحاديث الطويـلة
وقوفا في وسط طريق مزدحم . . غير مكترثين
بالشتائم التي يطلقها المصطدمون بنا
كُنت على خطأ . . كُل تقاليدي وكُل ما سرت على
خطاه يومـَا اخبرني بأني اخطيء خطئا كبيرا عندما احادثك ,
وعندما امشي بصُحبتك , عندمـا اضحك وانا أعلم بأنك
عالمك يتوقف عندما تسمع ضحكتني
كان كُل منا يريٍد إسعاد الآخر . . تخرج أنت
كُل النكات السخيفة التي تعرفها لعلمك
بأنها الاكثر اضحاكَا لي .. واخبرك أنا بكل
المرات التي وقعت بها , او كُنت بها طرفا
مُحرجا تحت الأنظار . .
جميل ماكان يجمعنا . . رغم كُل إبر الخطأ
التي كان توخزني . . كُنت في كُل مرة أأتي
بها غير متأنقة لذلك المقهى بنية قطع كُل
مايجمعني بٍك , و انهاء كُل
امل لنهاية سعيدة في ما بيننا ..
ارى وجهك المتبسم كما طفل أعطيً
للتو هديـة من أحد والديه اتراجع عن قراري الهش ,
ابتسم وأجلس إلى طاولتك بفرح ..
وبإعتذار داخلي اوجهه لتقاليدي مخبرة
إياها بأن غدا موعد أفضل للحُزن
لم يكن لما بيننا مسمى في البداية ,
كنا نجتمع للضحك , لقراءة روايـة كُنت
اختارها كُل البعد من أن تكون رومنسية . .
كنت أخجل من فكرة أن يرد مقطع
حُب بين بطلين في كتاب نقرأه في نفس الوقت
كُنت دومـا أأتي بعناوين لأدب السجون
او السياسة او الجريمـة
تنظر لي بدهاء من يعرف سبب إختياري ,
وبإبتسامة متواطئة من خجلي
ولم نسلم من تلك العبارات والجُمل
التي كانت تبدع في وصف جسم
أمرأة يراها الكاتب في خيـاله مغرية
وتسبب لي الأشمئزاز , وتضعني
في موقف الإحمرار
خجلا و لعن الكاتب سرا
لم يكُن امامنا من سبيل لتجنب ذلك . .
فلا أدب بلا جسد أمرأة على ما أعتقد !
- هو : أنت أجمل عندما تتعمدين
أهمال نفسـك .. ذلك الأختباء خلف
السترة السوداء وبنطلون الجينز
تجعلك فاتنة بشكل بريء
- لا اتعمد اهمال نفسي .. انا فقط لا أرى مُناسبة للتأنق
- هو : وليس هُناك من مناسبة
لمحاولة أيصال فكرة عدم جاذبيتك
إلي أيضا . . أنتٍ جميلة بأنتٍ ..
بشعرك المُهمل , بملامحك الصغيرة ,
بإذنيك التٍي لم تعتادا إرتداء المجوهرات ,
وبأظافرك المقضومـة بعنف
- شُكرا
- هو : أتعلمين ؟
- ماذا ؟
- هو : أكاد لا أُطيق صبرا .. !
- صبرا لماذا ؟
- هو : فيما بعَد
- قلت بسخريـة : آه .. اللغز الكبير , اللغز الذي لن يفلح في حله أحد
- هو : ستحلينـه أنت
لطالمـا كرهت ادخاله لي في أمور لا يفسرها
مطلقا , نظرة الحُب التي يطلقها علي كلما
تحدث عني في شيء يخصه .. لم أكن
اعلم ماكان يعنيه , ولم ارفع سقف
أملي بعلاقتنا التي ظننتها عابره فيمـا مضى
في تلك الليلة خرجنـا سويا من ذلك المقهى ,
والذي اصبح كُل من فيه يعرفنا .. حتى بعض
مرتاديه المنتظمين اصبحوا يلقون التحية مع كُل قهوة يطلبونها
- لم تخبرني يومـا عن ذلك الندب ؟
- لامس وجهه بيديه : ندب ؟ اين ؟
- اقصد ذلك الندب الموجود بالداخل ..
مايجعلك ساخرا الى هذا الحد
- حسنا , أُدعى خالد , اطل على الثلاثين
بإستحياء . . ما أزال في نهايات العشرين ولكن الحياة
تدعوك لأن تسبق عمرك بسنوات احيانا . .
خيبتي الكبرى كانت
برحيل والدتـي .. كان رضاها تلك الخيمة التي
تجمعنا انا واخوتي الكثيرون , كثيرون لدرجة
نسيانكٍ لأسمائهم في المرة الاولى
التي اعددهم بها . . أميِل لصف اخواتي الإناث دائما ..
ربما بسبب عقدة الأم .. او للضعف الانثوي
الذي يفرضه مجتمعنا على
أي انثى .. خيبتي الأخرى كانت بأن أتزوج وحيدا ,
واعني وحيدا بدون ذلك الوطن الذي كان يحتويني – أمُي - .. يحدث أن
يكون الفرح كبيرا للحد الذي تشعر فيه بالوحدة
وسط كُل اولئك المبتسمين .. إنكساري الأول ..
كان المرة الأولى التي أبكي
فيها أحدا غير أمُي .. بكيت طفلي الصغير في
يومـه السادس .. ولد ضئيلا جدا قبل أوانه ,
جاء للعالم بعد محاولات كثيرة كنت
انا الطرف الأضعف فيها .. ورحل سريعا , بالسرعه
نفسها التي خطف انفاسي بها .. ذلك الكائن
الملائكي , صغير بحجم
يدي تقريبا .. متمسكا في يومه الثالث بأصبعي الصغير ..
لحظات كتلك كانت لتتركني مشلول الأحاسيس ..
في اليوم الخامس احسست بالفقد
ذاته الذي احسسته عندما توفيت والدتي ..
علمت ساعتها بأن الطفل لن يبقى , صباح اليوم
السادس اطلقت عليه إسٍم محمد ,
تيمنا بنبينا الكريم .. كُنت اظن بأن
اسم كهذا الإسم قد يطهر هذا الصغير من أب
عاصٍ مثلي .. وسيجعله في منزلة كبيرة
من منازل اطفال الجنة .. لم أجلس إليه
في تلك الليلة .. اخترت أن اكون بعيدا , الا ارى
روحه الوردية الصغيرة تطفو أمامي .. والدتـه لم
تعطً فرصة للتعلق به , كانت اضعف من أن
تلتقيه في تلك الأيام .. مما جعلني
في مقام افتقاد الأم والأب .. لم أجبرها على البقاء
بعد ذلك .. لم يُعد هنالك من سبب لبقائهـا .. رجتني بألا نفترق ..
لكن حُبي لسعادة تلك المرأة بطفل صحيح سليم
يشاركها إياه زوج لايخجل من ضعف حيلته
و سعة قلبه للحُب
وتوقه للفظة " بابا " .. فارقتها وكانت تلك
خيبتي الأخيره , لم اكن لأسمح لقلبي
بالإنكسار بعد ذلك .. اخترت أن أرحل بعيدا ,
عن العائلة التي مانفكت تذكر اسماء الجميلات لي ,
عن قبر والدتي وصغيري , وعن تلك المرأة التي كُنت سببا في
عطبها العاطفي . . لم اترك لي عنوان ثابت . .
كنت اتنقل على الدوام بين بلد وآخر ,
تساعدني في ذلك طبيعة عملي القابلة للسفر ,
وتذاكر النسيان المُتاحة في كُل المطارات . .
أظن بأن التعب الروحي اوقفني هُنا ..
وبأن القدر يفتح لي بابا للصُلح .. ولألم آخر اتجرعـه
- لم يكن أمامي بُد من ذلك السؤال ,
رغم كميـة الصمت الذي كُنت افضلها إحتراما
لرجل لايخجل من بوحٍ يؤلمـه : وماهو ذلك الألم ؟
- هو : أنت ..
لم أرد الحديث بعد حديث عميق حديثـه , كُنت
مشدوهـة بالإبتسامة التي ظَل يتحدث
بها حديثه الطويـل ذاك
ايبتسم ذلك الرجل ألما ؟ ام أن ذلك ماخيل
إليً من جمل كثيرة تراصت لتتركني هكذا
بلا أي مفردة استطيع اعطائهـا لذلك الرجُل مواساة له ..
- هو : حسنا , صرتي تعرفينني الآن ..
- أشكُرك ,
- هو : عفوا . . إسمك قد يكون مفيدا لي بالمُناسبة ..!
- إسمي غريب .. ومثير للسخرية بعض الشيء ..
و قد يدهشك الإسم كثيرا ..
- هو : مالذي قد يدهشني بكومة حروف تشكل هويتك ؟
- أسمي وطن
- هو بإندهاش : وطن ؟!
- نعم وطن
لم يكن حديثنا ليحتمل المزيد , كان بحاجة
للعق جراحٍ امضى الحديث كله يفتحهـا واحدا
تلو الآخر بأبتسامة .. لذا تركته ومضيت
لم تكن الأشياء قابلة للإعادة ,
ولم يكن هو قابلٍ للأسئلـة , ظلت جراحـه
مفتوحة لأيام وظل كبرياءه يحثه على الإبتسام والضحك أكثر
- هو : تبدين جميلة اليوم
- تظل تقولها كما لو كانت المرة الأولى
- هو : ويظل لوجنتيك الاحمرار ذاته ..
- حسنا , لم يعد هنالك كُتب ,
- هو : اتقصدين " لم يعد هُنالك كُتب لم تمنع من
قبل وزارة الثقافة " والتي تكون بإختصار ( أنتٍ )
- لا أقترح
روايات الحُب لأني لا أؤمن بذلك الكًم
من المشاعر المدلوقة على ورق كتاب , كُل
شعور صادق لا يُقال ..
- هو : نحن نؤمن بما ننكر ايماننا به الأكثر ,
تحت جلدتك اللامبالية يوجد إنسانه تتوق للحُب
- اهذه محاولة لإغاظتي ؟
- هو : لم أكمٍل بعد .. لدي اعتراض اخر
- وماهو ؟
- هو : " كُل شعور صادق لا يُقال " , كل روايات
الحُب تتحدث عن صمت مفضوح على ورق ,
بين بطلين في قصة حب ملتهبة لا يوجد حديث ..
كل المشاعر لاتقال .. كل المشاعر تكتب
- حسنا حسنا , فليكن .. فلنشاهد فيلما
- هو : ماذا ! ؟
- مابك ؟ مالمدهش الى هذا الحد ؟
- هو : انا وانتٍ في قاعة مظلمـة !
- لا تخف .. لن أعضك
اخذ يضحك بشدة لعلمـه بأني اعلم
مايتحدث عنه واختار تجاهله ,
اتجهنا لصالة العرض ,
- هو : فيلم رعب
- درامي
- رعب
- درامي
- رعب
- لماذا تُصر على الافلام المرعبة ..
- هو : ولماذا تصرين على اقناعي بأنك خائفة
من الفيلم اكثر من جلوسي إلى جانبك
- انا لا اخافك
- هو بخيبة من كان مستمتعا بلعبة : لماذا ؟
- لا أعلم .. انا فقط اثق بك
كان لجملتي تلك التي اوقعتها بإهمال من
اسقط اشيائه وقع السرور العشقي عليه ..
كان يحاول تمالك نظراته وتصرفاته التي احدثتها
جملتي الطائـشة به طوال ذلك الفيلم
لطالما كان السر في الجمل الملقاة بلا اكتراث
كان فيلم رُعب في نهاية المطاف ,
كان يحدق في شاشة العرض مبتسما غير
مكترث بمنظر المنشار والدماء المتناثرة ,
وكنت انظر إلى فرحـه بفرح يماثله
أن يجمعنا الفرح , والفرح فقط . . يااااااهـ
ظللت طوال العرض اراجع جملة الثقة تلك ,
والسبب الذي جعلني أنقض كل ميثاق حذر
ابرمته من الحياة , مع الطريق , ومع نفسي ..
اكتسبت في السنوات الأخيرة مناعة ضد
الثقة , ولسبب لا أعلمه حقيقة ..
هكذا فقط .. توقفت عن الثقة في الناس ,
ربما لأنه مامن احد عـاد يعنيني . .
توقفت فقط عن التعاطي مع الجميع
لطالمـا كنت تلك الصغيرة الهادئـة حد الكئابة ,
المبتعدة كُل البعد عن اللعب الكثير
كنت احتفظ بدميـة واحدة اتحدث اليها , ابث
لها كُل ما احسد الاطفال الآخرين عليـه ..
اعتقد بأني كنت انا من ابتعد عن الجميع ..
وليس العكس !
اخترت وحدتي , بتعبير آخر
حسنا , انتهى العرض
خرجنـا سويا .. و بحُكم الوقت الشبه متأخر ,
و ميثاق الثقة الذي ابرمته للتو ..
تقمص خالد دور رجلي الشجاع و اعترض
على مشيي كُل هذه المسافة للمنزل ..
ولا مجال لي للرفض وسط كُل ذلك الاضطراب الذي كنت احس به تجاهه
يعني ذلك أن يعرف عنواني ..
لا بأس .. انا من اخترت ان اثق بـه
كان حديثنا الصمت , كُلن يسبح بأفكاره بأتجاه ..
الى أن توقفت امام تلك البناية
- هو : لطالما اثار استغرابي ان تختار سائحة
السكن في شقة عوضـا عن فندق ضخم
- لم أأتي للإستعراض , احب الخصوصيـة
حتى في مسكني .. لا تغريني الملائـات
ذات اللون الكريمي و المنشفات المطبوع
عليها شعار كبير يوحي بأنك على بعد
امتار من بلاط ملكي ما , تربكني ايضا
فكرة الألف حكاية التي قد تكون مرت
على سرير ارقد عليه في فندق
إقترب مني بحذر , كنت اشعر مع
كُل خطوة مترددة يخطوها بإتجاهي
بخدر لذيذ وبصداع يؤنبني من جهة اخرى
- مانفعله خطأ
- هو : ومالذي نفعله ؟
- حديثنا , ضحكنا , وقوفنا هكذا الآن ..
أمسك بيدي للمرة الأولى , ولم أحاول شيئا
لمنعه , وضعها على موضع قلبـه .. لم أكن
استطيع النظر مباشره اليه .. ظللت انقل بصري
بين الاشياء والطريق و اول عتبة
من البناية .. ازرار قميصـة و البخار الذي تتركه انفاسنا
- هو : الله وحده يعلم بالنقاء الذي تحملينه
في قلبـك , ان الله لا يعاقبنا على قلوب
وهبنا إياها .. الله لا يعاقبنا على الحُب ..
نحن من نعاقب انفسنا دومـا بحرمان
انفسنا مما يسعدنا
- دعوتني بالألم ليلة اخبارك لي بتفاصيلك ..
- هو : ذلك بأني أعلم بأن النهاية مؤلمة ياحبيبة ..
أعلم بذلك ياوطن .. ولكن شيئا ما يخبرني بأنه
يجب علي ان ابقى للرمق الأخير .. لقطرة
النقاء الاخيرة التي
يمكن ان استشفها منك ..
- يجب أن اذهب ..
- هو : يجب أن اخبرك بشيء قبل أن تذهبي
بقيت صامتـة انتظر ما يريد اخباري بـه ,
- أحبك . .
تركني بعدهـا للدهشة , ولوجع اعتراف
وددت لو رددت عليه بالمثل ولكن لساني
كان اعجز .. افلت يدي من قبضة نبضه ..
اعادها لمكانها بترتيب الاشياء
لا الاعضاء البشريـة .. وابتسم ومضى
كانت الأيام التاليه تحمل لذة
غريبة في اصراري على عدم الاعتراف
شفهيا بمبادلته الشعور .. بينما كُل
ماكنت اقوم كان يدل على عكس
ماكُنت احاول ايصاله ..
كان كُل شيء جميل , كنت اتركه يعبث
بيدي متحسسه كُل خلية من خلايا اصابعه
توقفت في تلك الفترة عن ممارسـة
عادة السُكر – الزائد – التي كُنت امارسها ,
برفقتك .. أنا بحاجة لكُل ما يجعلني على
صلة بالحياة .. حتى مرورة القهوة
وجودك يجعل عالمي مائيا كما الخيال ,
كُل الليالي مبللة بقطرات الفرح ..
الفرح الذي لم يتوقف عن الهطول طويـلا . .
يحُب الفرح الرحيل المفاجئ . .
يطمئننا دوما لوجوده وفي اللحظة
الأكثر اطمئنانا يحزم حقائبه خفية و يرحل . .
كما رحل هو فجأة
كضوء أنار الحياة , ثم اختفى ..
يكفيني حديث عن الذكريات الآن ..
للألم نصيبه الوافر في القادم
طرق خفيف على باب حجرته , أعلم منه
بأن الطبيب يقف في الخلف وينتظر محادثتي
- الطبيب : كيف هو لاذع اللسان اليوم ؟
- حزين
- الطبيب : ولما يحزَن ؟
نظرت إليه بطريقة يعلم منهـا أن لاداعي
للحديث عن الوجع أكثر ..
- الطبيب : حسنا , لدي اخبار سارة ..
تعلق بصري إليه , كنت انشد جرعة من الفرح في جمله القادمـة ,
- إنه يتحسن .. بهذا المستوى من المقاومـة لديه
قد يتمكن من التغلب على مرضـه ..
وقد يخرج من هذا المكان قريبا ..
بهذه البساطة ؟ يهديني هذا الإنسان المكتسي
بالبياض فرحة لعمر قادم .. بهذه الرتابة يخبرني
بأن لاحديث عن الموت بعد الآن .. !
ظللت واقفة بالخارج رغم ذهاب الطبيب ,
ابتسمت ابتسـامة طويلة , احسب اني
بكيت فرحا في تلك الدقائق
عدت إليه وهو نائم بهدوئـه المعتاد ..
لم افعل شيئا خارقا للعادة للتعبير عن فرحي ..
استلقيت بجانبه غير مكترثة , وغفوت مبتسمة