كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
9- وداع على إيقاع الموسيقى
نطق بالجملة الأخيرة باحتجاج وفاضت مشاعره
-أنا أدرك أنه بمثابة أخيك بسبب زواجه من أختك ولكن هذا لا يعنى أن لا تحبه.....
وسكتت تورى عندما عاد جوناثان يهز رأسه.فسألته مترددة :
-لا؟
-إنه أخى حقاً تورى . أنظرى إلينا
وتناول صورة لـ جيدون وماديسن و قربها من وجهه :
-ألا يمكنك أن ترى الشبه؟
طبعاً يمكنها أن ترى ذلك.ألم يسبق لها أن لاحظت أن جوناثان يشبه جيدون أكثر مما يشبه ماديسن؟ لكنها ظنت حينذاك أنه تشابه سطحى وبالمصادفة...هل يعنى كلام جوناثان أن المسألة تتعدى التبرير ؟
وأعاد جوناثان الصورة إلى مكانها ثم أشاح بوجهه بعينين لا تريان .
كان الليل قد أسدل ستاره فقال بصوت ضعيف خافت بالكاد سمعته:
-بقيت اعتقد أن مالكوم ماغواير أبى حتى بلغت الثامنة عشر من عمرى حين أخبرتنى أمى الحقيقة
لم تشأ مقاطعته فقد أحست أنه بحاجة إلى التحدث إلى شخص ما حتى إليها!
-حتى بعد أن أخبرتنى أمى الحقيقة لم يشكل ذلك أى فرق بالنسبة إلىّ فقد كان مالكوم يعاملنى وكأننى أبنه وكذلك أمى التى تحبنى. كانت ماديسن شغوفة بنا جميعاً ونحن جميعاً نبادلها نفس الشعور
وأرتسمت ابتسامة حنان على محياه للحظة:
-لم يكن الأمر مهماً كما ترين
وعاد ينظر إلى تورى
لقد بدأت تفهم ذلك الحديث الذى جرى بينهما يوم تناولت العشاء معه هنا عن والد جيدون جون بيرن وتساؤل جوناثان عما إذا كانوا جميعاً عبارة عن جينات موروثة من آبائهم حينذاك ظنت أن جوناثان قلق من أن يصبح جيدون سكيراً كما كان أبوه . ولكن إذا جوناثان شقيق جيدون فيكون جون بيرن أباه هو أيضاً....
وقالت تتكهن :
-ولكن ألم تغير علاقة ماديسن وجيدون ذلك؟
ابتسم جوناثان بجفاء:
-ما كان لهذا أن يحدث
-لكنه حدث؟
فأومأ برأسه :
-فى سن الثامنة عشر أدركت أن لى أخ غير شقيق....هو منتج الأفلام السينمائية جيدون بيرن ولكننى كنت قانعاً بحظى فى الحياة بينما لم يكن هو يعلم بوجودى وهكذا أعتبرت أن من الأفضل أن تبقى الأمور على ما هو عليه
-إلى أن تقابل جيدون مع ماديسن
كان جيدون منتج أفلام وماديسن ممثلة لذا من الطبيعى ألأن يتقابلا فى مرحلة ما من مهنتهما ولكنهما وقعا فى غرام بعضهمما
أطلق جوناثان نفساً مرتجفاً وردد قولها:
-ثم تقابلا جيدون وماديسن . يبدو كفيلم سينمائى أليس كذلك؟والحماقة الحقيقية تكمن فى أننى أقنعت ماديسن بألا يخسر ماديسن عندما علم الحقيقة من أمى....عنى. كنت على صواب فهما يحبان بعضهما .ولكن لم يخطر فى بالى أننى من سيعانى لاحقاً من عقدة عاطفية
لم يخطر هذا فى باله ولكن من السهل على تورى أن ترى لماذا كان جوناثان يمر بهذه الأزمة عندما وصل إلى الجزيرة....كما وصفتها مازحة أزمة منتصف العمر !
لم تكن هذه الأوضاع مضحكة لرجل مشوش عاطفياً
كان مالكوم ماغواير حسب قوله اباً محباً تماماً كما أحبت سوزان ديلانى أبنها .لكن هذا لم يغير الوالقع بالنسبة إلى جوناثان واقع أنه لم يعرف أباه الحقيقى الذى قتل فى حادث سيارة قبل أن يولد...
وهو لم يقابل جيدون فقط بل رحب فيه فى الأاسرة بصفته صهره!
سألته تورى فجأة :
-هل تحدثت مع جيدون عن...أبيكما؟
فأجاب بخشونة:
-لا.ولمَ أتحدث إليه؟
ولمعت عيناه باستياء
-لأنك بحاجة إلى ذلك
فهز رأسه :
-هذه سخافة
-ولماذا؟
-لأن جون بيرن لم يكن له أى تاثير على حياتى فقد مات قبل ولادتى
-لكنك لم تعرف بأمره....ألا بعد أن أصبحت فى الثامنة عشرة
-وما علاقة ذلك بالموضوع؟
فقالت بلطف :
-أنت ليس إلىّ حقاً لأخبرك بذلك
ضاقت عيناه ببرودة وتوترت شفتاه فيما بدت ملامحه وكأنها قُدت من صوان.وقال بلهجة لاذعة:
-منذ متى أصبحت طبيبة نفسية؟
رفضت تورى أن تبادله أهانته مدركة أن هذا ما أراده جوناثان . فى الواقع ألأراد أن يبقى الكل بعيداً عنه عاطفياً فى الوقت الحالى!
قالت بمرح:
-أنا ليست طبيبة نفسية .كل ما فى الأمر أننى أعرف ذلك.ولو كنت فى الوضع نفسه...
فقال بإزدراء :
-لكنك لا تعرفين . فقد أمضيت طفولتك آمنة فى جزيرتك مع والدين محبين ولديك الآن مهنتك الناجحة الآمنة.....ولا تعلمين شيئاً عن تساؤل المرء عن هويته
هل حان الوقت لتخبره أنها متبناة ؟وإنها لم تشعر بحاجة إلى معرفة هوية والديها الحقيقيين لأن الأبوين الذين أختاراها أبنة لهما منحاها كل الأمان والثقة اللذين تحتاجهما فى هذه الحياة ؟
نظرت إلى جوناثا متفحصة فرأت التوتر والألم على وجهه وأدركت أن المقارنة تبنيها بوضعه لن يكون موضع ترحيب منه! كان أهتمامه منحصران بأبويه
قالت برقة:
قلت إذا كنت فى الوضع نفسه....
فقال بقوة:
-لكنك ليست كذلك
-ألا تظن أنك ترى المسألة من وجهة نظر خاطئة يا جوناثان؟
ضاقت عيناه فأصبحت كومة من الجليد:
-وماذا يعنى كلامك؟
فتنهدت:
-يبدو لى....يبدو لى...
وأضافت بعد تردد :
-يبدو لى أن ما فعلته بحياتك هو المهم وليس أصل أبويك وما فعلا أشك انك توقعت مرة ان تنجح لأن أمك هى سوزان ديلانى...
فقال بخشونة:
-كلا بكل تأكيد!
أومأت :
-تماماً كما لا يفترض بك أن تتوقع الفشل لأن أباك هو جون بيرن !
نظر إليها بصمت لثوان وقد طبق فمه وجمدت عيناه ثم تمتمت بإزدراء :
-هل عدنا إلى التحليل النفسى؟
فقالت :
-إذا شئت
فقال بلهجة مهينة :
-لا أحب ذلك
تنهدت تورى وهى تدرك إنها لن تتمكن من النجاح مع هذا الرجل .ثم قالت بهدوء:
-أخبرنى يا جوناثان ما هو رأى مالكوم برأيك حيال كل هذا؟
فأجفل:
-مالكوم؟لا أظن.....
-لا.من الواضح أنك لا تظن. قلت بنفسك أن هذا الرجل عاملك دوما كابن له مع أنه يعلم الحقيقة منذ تزوج أمك . يبدو أن الأمر لم يشكل فرقاً بالنسبة إلى حبه لك وفخره بك ويشهد على ذلك أنك تدير أعمال أسرته.ألا تظن أن تحليلك هذا منذ تزوجت ماديسن جيدونيؤثر عليه؟
راقبت المشاعر التى تتلاحق على ملامح جوناثان المتحفظة ورأت بوضوح الأضطراب والألم والذعر لأن كلماتها أصابته فى الصميم
من المؤكد أن جوناثان ما كان ليستطيع مقابلة أبيه لاحقيقى ولكن بإمكانها أن تتصور شعور مالكوم بسبب تصرفات جوناثان فى السنين الأخيرتين
وأخيراً قال جوناثان بجفاء :
-شعورى نحو جيدون جون بيرن لا يؤثر على حبى وأحترامى الدائم لـ مالكوم
-وهل هو يعرف هو ذلك؟
-أنت....
فتابعت بحزم:
-على أى حال أنت هنا وعليه أن يدير الكازينو بنفسه
كانت تعلم أن كره جوناثان لها سيزداد بسبب ضربها له على الوتر الحساس.ولكن إذا لم يستطيع جوناثان أن يحبها كما تحبه فبإمكانها على الأقل أن توفق بينه وبين أسرته
أجابها بحدة:
-لى الحق فى أجازة ككل الناس
-لابد أن يخبر المرء أسرته عن وجهته لئلا تقلق عليه.لا بأس عليك لأن ماديسن وجيدون يعلمان.لكنك لم تكن مسروراً لأن جيدون أخبر زوجته أنك فى بيته
فهتف ليلاس:
-أنا فى الثلاثة والثلاثين يا تورى وليس فى الثالثة . تجاوزت السن التى كان مفروضاً علىّ فيها أن أخبر أى شخص عن وجهتى
هزت رأسها وردت:
-أنا فى الرابعة والعشرين لكننى مازالت أعتبر أن لأبواى الحق فى أن يقلقا علىّ
فقال متهكماً :
-إذن فأنا أنانى بقدر ما أنا عديم المراعاة لشعور الآخرين؟
-نعم
أنتصب فى وقفته وعيناه الرماديتين ثلجيتين وملامحه عابسة ثم أعلن بلهجة لذعة :
-لا أتذكر أننى سألتك رأيك
أخذت تورى نفساً عميقاً . لا لم يسألها رأيها وكانت تفضل لو أن شخصاً آخر غيرها أخبره هذه الحقائق عن نفسه لكنها لم تستطيع أن تفكر فى أى شخصاً يقوم بالمهمة .ماديسن وجيدون هما الوحيدان اللذان يعرفان مكانه لكنهما لا يجرؤان على أن يقولا هذه الأشياء لـ جوناثان
وأجابته:
-لا لم تسألنى ولكن كما سبق وأخبرتك أنا مولعة جداً بـ ماديسن وجيدون
لوى فمه ساخراً:
-بعكس شعورك نحوى
أبتلعت ريقها بصعوبة .كانت مشاعر جوناثان مضطربة ما منعه من أن يدرك طبيعة شعورها وهو ليس بحاجة إلى مشكلة إضافية حين يعلم أن تورى بوكانان المعروفة بـ فيكتورى كانان واقعة فى غرامه
-أبداً يا جوناثان.كنت أحاول أن أضع نفسى مكان أفراد أسرتك ومكانك أيضاً
-وما هو أستنتاجك ؟
لم يكن يريد أن يعرف استنتاجها!تبينت ذلك من لهجته المتحدية وغطرسته البادية وذقنه القاسية لا لا يريد جوناثان حقاً أن يسمع رأيها
-ربما عليك أن تكون شاكراً لما لديك جوناثان .أخت محبة وأخ وأبنة أخت رائعة
ورق صوتها فى حنان وهى تفكر فى الطفلة كيلى ثم أضافت:
-وأم من الواضح إنها تحبك كثيراً وزوج أم يستحق الكثير من الأعجاب رغم من أننى لم أتعرف عليه قط
ومن غير المحتمل أن تتعرف إليه
منتديات ليلاس
رد جوناثان بصوت أجش:
-أنا طبعاً معجباً بـ مالكوم
-إذن ربما عليك أن تفكر فى ما يشعر به منذ عامين . اعلم ان زواج ماديسن وجيدون كان صعباً عليك ولكنه أصعب بكثير على مالكوم لأنه أصبح فجأة دخيلاً فى أسرته
وعبست لهذه الفكرة كما فعل جوناثان.يبدو أنه لم ينظر قط إلى هذا الوضع المعقد من وجهة النظر هذه
كانت واثقة من أنه إذا فكر فى هذا الأمر بعمق فسيصل إلى القرار الصحيح أى أن يعود إلى أمريكا ويقيم السلام بينه وبين أسرته
وقالت له بحزم:
-علىّ أن أعود الآن يا جوناثان سيتساءل والداى إلى أين ذهبت فقد أخبرت أمى أننى سأتمشى قليلاً
لوى فمه ساخراً وهو يتبعها إلى الردهة:
-وأنت لا تريدينهما أن يقلقا عليك!
-تماماً
واستدارت عند الباب الخارجى لتمنحه ابتسامة آسفة:
-أتمنى من كل قلبى ان تصل إلى القرار الصائب جوناثان
حتى وأن كان ذلك القرار يعنى أن يبتعد عنها ويعود إلى أمريكا فلا تراه مرة أخرى!
|