كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
الفصل السابع
7 – تائهة فى الضباب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منتديات ليلاس
التفتت تورى بإتهام إلى روبرت دون أن تنخد برفع حاجبيه ببراءة ثم قالت وهى تصرف بأسنانها بينما وقفت السيارة الجاغوار على بعد خطوات منها :
-فعلت هذا قصداً
فقال لها ضاحكاً دون أثر للندم :
-أخبرتينى أن جوناثان ترك الجزيرة كل شئ جائز فى الحب والحرب كما يقول المثل
فتوترت شفتاها وتمتمت :
-بما ان لا حب بيننا على الأطلاق أظننا أعلنا الحرب لتو
والتفتت حين سمعت صوت باب الجاغوار ينفتح ثم يصفق بعنف كان جوناثان يرتدى بنطلون جينز وقميصاً أسود مخفياً عينيه المعبرتين خلف نظارات شمسية.بدا واضحاً من فمه المتوتر أن مزاجه لم يتحسن منذ الليلة الماضية
ولماذا يتحسن وقد وصل لتوه ليراها فى عناق محموم مع روبرت!
هتفت تحييه وهى تبتعد بحزم عن روبرت لتعلن بأهتمام بالغ :
-جوناثان.ها قد وصلت فى الوقت المناسب لتقول وداعاً لـ روبرت قبل أن يستقل الطائرة إلى بيته
فقال روبرت:
-ألتزامات العمل
التفت جوناثان قليلاً ومن وراء النظارات السميكة افترضت تورى أنه ينظر إلى روبرت وقال دون اهتمام :
-وداعاً روبرت
بدا روبرت شديد الرضا عن نفسه كما فكرت تورى والغضب يغلى فى داخلها.فقد رأى جوناثان قادماً قبلها بعدة دقائق لهذا عانقها بذلك العنف
سيدفع روبرت ثمن ذلك فى ما بعد.قررت هذا وهى تبتسم لـ جوناثان :
-هل لك بالدخول لتناول القهوة ؟
كانت تعلم إنها وجوناثان قد وصلا إلى نوع من التفاهم الليلة الماضية.إنه اعتراف بوجود تجاذب بينهما وقد أفسد مجئ روبرت غير المنتظر ذلك.أما تظاهره المتعمد بعواطف مشبوبة فقد أزّم هذا هذا الوضع.
أجاب جوناثان:
-بكل تأكيد.لا تدعنا نعطلك يا مونغمرى عن طائرتك
أبتسم روبرت لـ تورى بعدم أكتراث :
-سأتصل بك حال وصولى إلى لندن
فقالت له بتوتر :
-لا تزعج نفسك.إذا أختفيت فسيذاع الخبر فى أخبار السادسة
قهقه روبرت ضاحكاً دون أكتراث وقال لـ جوناثان بإعجاب:
-يا لها من فتاة تحب المزاح
فتمتمت بحيث لا يسمعها سوى روبرت:
-لم أكن أمزح
وقرص ذراعها بخفة قبل أن يصعد إلى المقعد الخلفى فى سيارة الأجرة ويغلق الباب خلفه
أنحنت تورى تطل عليه من النافذة وهى تقول له موبخة :
-هل لك أن تبلغ باميلا حبى؟
توترت فم روبرت عند ذكر اسم المرأة التى شاركته غرفته فى الفندق منذ ثلاث أسابيع وقلا:
-لم أرها منذ ذلك الحين
ويبدو أنه كان متنبهاً إلى أن جوناثان يقف على بعد قدم واحدة منه,حتى ولو لم يستطيع أن يسمع حديثهما الخافت فقالت:
-يا لها من محظوظة
نظر روبرت إليها بعينين ضيقتين :
-أتعلمين ؟أنا لا أعتبر حديثنا السابق قد أنتهى
فهزت كتفيها :
-الأمر عائد إليك لكننى أؤكد لك أن الموضوع قد أنتهى من وجهة نظرى
لقد حسمت أمرها ولن تغير رأيها.من سخرية القدر أن يساعدها تعقب روبرت لها على إتخاذ هذا القرار.منذ عدة أشهر عرض عليها مخرج عالمى دور البطولة فى استعراض موسيقى جديد يأمل فى أن يعرضه فى لندن خلال ستة أشهر ويمكنها أيضاً أن تكتب الأغانى التى ستؤديها
حينذاك شكرت ستيفن جايمس على عرضه لكنها أوضحت له أنها ليست ممثلة وأن من الأفضل أن يعرض هذا الدور على ممثلة لكن ستيفن لم يشأ أن يقتنع برفضها فقال لها إنه كتب الدورلها
كانت رغم شكوكها فهى مغنية ل اكثر!لم تستطيع أن تنكر أنها شعرت بالغرور لهذا العرض وإمكانية القبول به ابتدأت تنمو وتزهر فى ذهنها.أثار اشمئزاز روبرت أن المشروع لم يكن يتضمن مالاً وافيراً كما أنه سيبقيها فى لندن لفترة طويلة ويلزمها بالحضور إلى المسرح ست ليالِ فى الأسبوع
كانت تورى تعرف كل هذا ولم يكن ترددها بسبب أى من هذه الأسباب.كل ما فى الأمر أنها ببساطة لم تشأ أن تخذل جمهورها أو ستيفن جايمس .من ناحية أخرى كان المشروع يشكل تحدياً لها وفرصة لترى إن كان بإمكانها أن تكون أكثر مما هى عليه الآن.بعد خمس سنوات من العمل اعترفت بإنها جاهزة للتغير الذى سيحررها إلى الأبد من استبداد روبرت.....
قال روبرت عابساً وهو يربت على كتف السائق لينطلق به إلى المطار :
-سنتحدث فى هذا الموضوع لدى عودتك إلى لندن
وعندما أنطلق استدارت تورى إلى جوناثان بابتسامة مشرقة لكنه لم يبادلها ابتسامتها :
-قهوة؟ليلاس
أوما برأسه فجأة ثم تبعها إلى المطبخ وعندما جلسا إلى المائدة سألها فجأة :
-والداك ليسا هنا؟
كانت تورى تحضر القهوة وتسكبها لهما :
-أبى أخذ أمى إلى الطبيب ليطمئن إلى كاحلها .لماذا.
ورفعت حاجبيها وهى تجلس أمامه إلى المائدة وهى تتابع :
-هل تخاف أن تمكث هنا وحدك معى؟
فقال بلهجة جارحة وبإزدراء واضح :
-لا لكننى أتصلت قبل أن أعود من رامسى فأجبنى المجيب الآلى مرة أخرى.بدا واضحاً أن والديك ليسا هنا ليجيبا على أى أتصال وأنت....حسنا يبدو أنك كنت مشغولة!
كانت لهجة الازدراء فى صوته توحى بإنشغالها مع روبرت فسألته منهمكة:
-هل أتصلت لسبب معين؟أم أنه مجرد اتصال اجتماعى ودود؟
هل الأمر مستعجل ما اضطره إلى الأتصال من رامسى وهى مدينة تبعد سبعة أميال شمال الجزيرة؟لم يخطر ذلك فى بالها !
-لا تباً.....
وأخذ نفساً عميقاً ليسيطر على جوابه الغاضب وتبع ذلك صمت غير مريح.ماذا حدث لهذا الرجل؟لقد أوضح بصراحة أمس أنها لن تراه اليوم.وإذا به يتصل هاتفياً وحين لم يجد جواباً أتى بنفسه
كان الرجل يناقض قراراته باستمرار عند وصوله إلى هذا البلد أخبرها أنه يريد أن يبقى وحده وإذا به يأتى إلى المزرعة مراراً خلال أربعة أيام كما دعاها إلى منزل أخته وها قد جاء إلى هنا مرة أخرى بعدما أخبرها بتأجيل موعدهما المقرر لهذا النهار.إنها لا تستطيع مجاراة تقلباته وتنهدت :
-لا أستطيع أن أفهمك جوناثان...
وأنا أيضاً لا أستطيع
و وقف وأخذ يحملق فيها :
-ذلك الرجل مونغمرى يبدو أن له عليك دالة وحق...
فقاطعته :
-إنه مدير أعمالى إذا كنت حقاً تريد أن تعلم
بدا موقف هذا الرجل الإتهامى بعد نفاق روبرت كثيراً عليها وحملقت فى جوناثان وهو يشرف عليها
-أحقاً؟زهرة منسية
-نعم حقاً
لم تصدق أن هذا الحديث يدور بينهما.لو إنها لم تكن تعرف جوناثان لقالت أنه يغار من روبرت....والله يعلم أن هذا ما يرجوه روبرت!لكنها تعرف جوناثان أكثر منه...
أبتسم دون بهجة :
-وطريقة إدارته لك واضحة
-لماذا....أنت....
ووقفت هى أيضاً وسارت حول المائدة بغضب رافعة يدها لكى تضربه.لكن جزناثان أمسك بيدها بسهولة وأنزلها شابكاً أصابعه الطويلة بأصابعها وقرب جسدها منه أخذا يحملقان فى بعضهما.كان قريباً جداً من وجهها فقال عابساً :
-أرى عينيك لامعتان ووجهك متوهجاً وأن يكن من الغضب ويمكننى بسهولة أن أستسلم للإغراء....أنا أيضاً
تمتمت تورى بفم حازم :
-جرب ذلك
فأشتد ضغط أصابعه قبل أن يلوى ذراعها برفق خلف ظهرها فالتصق جسده بها وجعلها واعية تماماً لصحة كلامه.أترأها متلهفة إلى أن يعانقها؟
آهـ....نعم!إنها تريد أن يعانقها جوناثان كما لم تفعل من قبل.ما عليها سوى أن تكون بقربه لتعلم ذلك ولكن ماذا يريد هو؟
مد يده يلامس خدها وذقنها قبل أن يعانقها.كان عناقه عنيفاً ومتملكاً سلب من تورى كل قدرة على التنفس
لابد أن هذا هو الفرق كما رأت تورى حالمة والعناق يطول ويطول وقد توقفت أنفاسها تماماً ولفها ظلام مبهم جعل حواسها تتركز عليه وحده
أطلقت زفرة عميقة ووهنت ساقاها ودار رأسها.لم تكن تشعر بغير جوناثان لم تشعر ببهجة مماثلة قطاً وأنتشرت الحرارة فىلا جسدها وهى تسترخى بوهن
كادت تنفجر من السعادة التى شعرت بها
-جوناثان.أنا....
وقبل أن تنهى ما أوشكت أن تقوله إذا به يبعدها عنه فجأة
شتم بصوت خافت وهو يتخلل شعره الأشعث بأصابعه
لماذا توقف فجأة؟اماذا ابعدها عنه بهذا الشكل؟ ما الذى....؟
قال عابساً وكأنه يجيب عن تساؤلها الصامت :
-سمعت هدير سيارة فى الخارج.عاد والداك من زيارة الطبيب
لم تسمع صوت السيارة لكنها تقبلت تبريره
كانت ضائعة فى المشاعر المحرقة التى أثارها جوناثان فى كيانها!
ولكن إذا سمع جوناثان صوت السيارة فهذا يعنى أنه لم يكن غارقاً مثلها فى مشاعر محمومة
نظر إليها وقال وهو يتأملها :
-من الأفضل أن تصعدى إى غرفتك لتغسلى وجهك قبل أن يدخل والداك
بدت متوهجة الوجه ومرتبكة ومشعثة الشعر بفعل العواطف لامحمومة التى تبادلاها أو تلك التى ظنت أنهما تبادلاها كانت تنظر إلى جوناثان فوجدت شعره مسرحاً إلى الخلف فيما ملامحه متجهمة
من الصعب أن يتصور المرء أنه كان يفعل أى شئ عدا شرب القهوة فى الدقائق العشرة الأخيرة!
أمسكها من كتفها بحزم وأدارها بأتجاه الردهة وهو يقول آمراً:
-أذهبى تورى وأنا ساشغل والديك إلى أن تعودى
أطاعته تورى وخرجت متعثرة من المطبخ لتصعد إلى غرفتها واستندت إلى الباب بضعف وهى تسمع والديها يدخلان ويدهشان لرؤية جوناثان وحده فى المطبخ.ما الذى حدث بالضبط؟
كان جوناثان يعانقها وتجاوبت معه دون شك!ولكن هل كان جوناثان مثلها؟كان راغباً فيها ولكن هل رغبته تلك نتيجة مشاعر محمومة أم نتيجة غضب مكبوت بسبب أعتقاده بوجود علاقة بينها وبين روبرت؟
طبعاً كانت نتيجة غضب كما أخذت تعنف نفسها وهى تتأوه باشمئزاز.ألم يخبرها جوناثان قبل أن يعانقها انه يريد أن يديرها كما يبدو أن روبرت يديرها؟
لقد استجابت له باى حال لأنها أرادت ذلك فالغضب كان آخر ما يجول فى ذهنها وهى بين ذراعيه
كانت....؛مقاء....غبية حمقاء....فتاة عاطفية...؟
وأبتلعت ريقها بصعوبة شاعرة بوجهها يشحب إنها تحب جوناثان ماغواير......
كيف حدث ذلك؟ولماذا؟
توجهت إلى سريرها تستلقى عليه إنها تحب جوناثان....كيف ولماذا؟ سؤالين عير مهمين فقد كان حبها حقيقة!حسناً لقد قمت ببعض الأمور الغبية فى حياتك تورى بوكانان كما أخذت تعنف نفسها ولكن لابد أن هذا الأمر يتوجها كلها
كانت تسمع غمغمة الأصوات فى المطبخ كيف يمكنها أن تنزل إليهم الآن وتتصرف بشكل طبيعى وقد ادركت لتوها أنها تحبه؟
ولكن هل يمكن ألا تنزل؟ لابد أن أبويها استغربا عدم تواجدها مع ضيفهم عند دخولهما.....رغم ثقتها بقدرة جوناثان على أختراع سبب معقول لذلك .إن عليها أن تنزل إليهم بسرعة
كيف يمكنها أن تواجه جوناثان مرة أخرى؟يكفى ذوبانها بين ذراعيه وإظهارها تلك المشاعر المحمومة من دون إضافة إدراكها لحبه!لكنه لا يعلم ذلك.
طبعاً لا يعلم.لقد أستجابت له لكنها لم تخبره عن شعورها نحوه ولن تفعل ابداً قررت هذا وهى تستبدل قميصها بأخر.من المؤكد أنه لا يحبها.لكنه لن يبقى فى الجزيرة أكثر من أيام وما من سبب لينفردا ببعضهما مرة أخرى.ستحرص على ذلك لأن لا مستقبل لهما معاً.وعندما يعود إلى امريكا ستعالج مشكلة هذا الحب غير المرغوب فيه.سمعت ضحكات أبويها وجوناثان وهى تقترب من المطبخ بعد ذلك بدقائق فكبحت شعوراً بالغيرة تملكها.لـجوناثان حياة كاملة فى أمريكا لا تعرف عنها شئ لذا لا يمكنها أن تغار من كل شئ أو كل فرد يشاركه جزءاً من حياته!
بأدرها أبوها وهى تدخل المطبخ :
-هل أنت بخير حبيبتى؟
كان أبواها جالسان إلى المائدة مع جوناثان وأمامهم فناجين القهوة يتصاعد منها البخار .وتابع أبوها مقطباً جبينه :
-لم تحرقى نفسك.أليس كذلك؟
هزت تورى رأسها وهى تنظر إلى جوناثان متسائلة أى تفسير أعطاه لأبويها بالضبط؟
نهض جوناثان ليقف قربها :
-هل أنت واثقة؟كانت القهوة ساخنة حين أرقتها على نفسك
بهذا إذن فسر غيابها.إنها كذبة جيدة تماماً حتى انها بررت سبب تغييرها ملابسها.فقالت متجنبة نظرته النافذة :
-أنا بخير تماماً.ماذ ا قال لك الطبيب يا أمى؟
كانت ساقاها ترتجفان ووجهها يتوهج أحمراراً وكانت واثقة من أن عينيها تتألقان.لم تستطيع أن تنظر فى عينى جوناثان مباشرة لأنها تشعر بقوة نظراته المصوبة عليها .لكنها حاولت على الأقل أن تبدو طبيعية
-قال أن كاحلى بخير
وأضافت وهى تنظر عابسة إلى الضمادة الجديدة :
-ما زالت متتضايقة ليس إلا
ثم هزت رأسها مبتسمة بآسى :
-لا بأس يا عزيزتى قال لى الطبيب إن بأمكانى السير بشكل أفضل حين ترحلين أى الأثنين
فسألها جوناثان:
-هل أنت راحلة؟
ألقت تورى عليه نظرة أخرى ثم ندمت على ذلك.أن وجهه الوسيم العابس يجعل قلبها يقفز فى صدرها ويسرع نبضها.لن يكن الرجل بحاجة إلى لمسها لتشعر بتأثيره المدمر.كيف ستتمكن من أحنمال ذلك؟مالت برأسها ساخرة:
-كما قالت أمى لتوها
نظر إليها بعينين ضيقتين فبذلت جهداً بالغاً لكى تصمد أمامه.عليها ألا تدع هذا الرجل يكتشف شعورها نحوه بكلمة أو إشارة فسيكون هذا مصدر إذلال كبير لها
تنفس بعنف وقد بدا عليه عدم الرضا لما أستطاع أن يقرأه على ملامحها ثم قال :
-أشكرك مرة أخرى لضيافتك.الأفضل أن أذهب الآن تركت الأطعمة التى تسوقتها فى السيارة وعلىّ أن أضعها فى الثلاجة
منذ ربع ساعة لم يكن الأمر يزعجه.ما بها تصبح مليئة بالتناقضات مثل هذا الرجل؟من ناحية هى متلهفة لأن يرحل ومن ناحية أخرى ها هى تغضب لأنه يريد أن يرحل.هل هذه هى مشاعر الحب.إذا كان الأمر كذلك فهى مسرورة لأنها لم تشعر به من قبل
-هل لك أن تسيرى معى إلى السيارة؟
طرفت بعينيها عندما أدركت انه يتحدث إليها.تسير معه إلى السيارة؟لماذا؟لكنها أدركت السبب وهى تشعر بالغثيان فـ جوناثان يريد أن يؤكد لها أن ما حدث بينهما منذ قليل لا يعنى شيئاً بالنسبة إليه
وأفقت على ذلك بأختصار متجاهلة نظرة التخمين التى تبادلها والداها وهى تتقدم جوناثان إلى الخارج.كانت تشعر به خلفها وهى تسير إلى السيارة وتكاد تحس بحرارة جسده وقوة نظراته على كتفيها.
|