كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
6- لعبة القدر
ــــــــــــــــــــــ
منتديات ليلاس
رأت من ملامح روبرت وهو ينظر إلى ذراع جوناثان حول خصرها إنه أيضاً أستخلص استنتاجاته الخاصة.ومن الطريقة التى أظلم فيها وجهه بغضب أدركت أن تلك الاستنتاجات لم تعجبه على الأطلاق!
وعاد يقول بتلك اللهجة المطاطة التى كانت تجدها ذات يوم جذابة :
-حبيبتى....كان أبوك فى منتهى اللطف معى طوال السهرة لكننى ابتدأت أظن أنك لن تعودى إلى البيت
وأمسك بذراعها قبل أن ينحنى ليعانقها
وعلى الفور شعرت تورى بذراع جوناثان تترك خصرها ودون أن تعلم ما إذا تعمد تصرفه أم لأن جذبها روبرت من قبضته
كانت متأكدة من أمر واحد وهو ان عناق روبرت المتملك لم يعجبها.فى الواقع لم يعجبها أن يعانقها على الأطلاق
جذبت نفسها منه بحدة وعيناها الزرقاوان تلمعان فى الظلام :
-ماذا تفعل هنا روبرت؟
ابتسم دون اهتمام وهو يلتفت إلى جوناثان:
-بما أن سلوك تورى الحسن قد فارقها مؤقتاً من الأفضل أن أقدم نفسى بنفسى....
وأضاف بلهجة متحدية وهو مازال ممسكاً بذراع تورى بتملك:
-0روبرت مونتغمرى. من المؤكد أنك جوناثان
ضاقت عينا جوناثان وهو يبادل الرجل نظرات باردة كالثلج :
-هل هذا مؤكد ؟
فأجاب روبرت ضاحكاً بثقة:
-آهـ نعم
تصلب جسم تورى غضباً كان روبرت يتعمد ان يعطى جوناثان أنطباعاًة بأنه يعلم عنه كل شئ ولم يسر هذا الأنطباع جوناثان على الإطلاق خصوصاً وأن الشخص الوحيد الذى قد يمنحه هذه المعلومات هى تورى نفسها
سألته بضيق:
-متى جئت يا روبرت؟وكيف؟
-لم يكن هذا سهلاً صدقينى.ليست واثقاً من أن أصحاب النفوذ هنا يريدون زائرين للجزيرة
تكلم بإستخفاف ثم تابع :
-لقد عانيت الكثير للحصول على تذكرة سفر لهذه الليلة
إذن فقد جاء هذا المساء لكن لم يخبرها سبب حضوره فقالت:
لأنها مناسبة أسبوعى السباق.ما الذى تفعله هنا يا روبرت؟
-جئت لأزورك طبعاً
أجاب بحنان وهو يضع ذراعه حول كتفيها بخفة :
-جئت لأزورك طبعاً
وهذا لم يفت جوناثان كما لاحظت تورى غاضبة وهى ترى نظراته تنتقل ببرود بينهما
حملقت فى روبرت قبل أن تبتعد عنه بشكل واضح ثم أجابت بفظاظة :
-ومن قال إننى أريد منك زيارة؟
فابتسم روبرت بشكل صبيانى لـ جوناثان الرجل الذى يكبره بثلاث أو أربع سنوات على الأكثر وقال له:
-أرجو أن تعذرنا لأننا تشاجرنا أنا وتورى قبل حضورها إلى الجزيرة منذ أسبوع ويبدو إنها لم تسامحنى
وعبس بظرف.
رأت تورى أن الرجلان مختلفان تماماٍ فشعر روبرت قليلاً وعيناه ضاحكتان كان وسيماً إلى أقصى حد وجسمه نحيف رياضى لكن تلك الوسامة ولاظرف الصبيانى يخفيان أنانية بالغة وتصرفات ينتهجها دوماً لمصلحته الخاصة .أما جوناثان فكان وسيماً بشكل غامض وهو أيضاً جميل القامة والبنية...كما أن مظهره البارد المتغطرس يخفى طبيعة دافئة لرجل يهتم بصدق بأسرته
كانت تورى تعرف أيهما تفضل.وقالت :
-ليس هناك ما أسامحك عليه روبرت.لديك تصوراتك عن مستقبلى كما أن لدى تصوراتى الخاصة وهى متعارضة
وأخذت نفساً عميقاً ثابتاً قبل أن تلتفت إلى جوناثان قائلة:
-لقد أستمتعت حقاً بهذه السهرة
كانت عيناها الزرقاوان تتضرعان إليه كى يلطف من ملامحه الجامدة . لم يظهر أى تجاوب بل على العكس فقد بدأ فمه أكثر تجهماً وهو يقول مقوساً شفتيه بإزدراء :
-أهلاً بك.والآن أظن أن على أن أذهب وأتركك مع.....السيد مونتغمرى لتتصافيا
وأدركت الأنطباع الذى أوحاه روبرت لـ جوناثان عن علاقتهما فقد جعله يعتقد أنهما عاشقاً حصل بينهما مجرد خلاف بسيط ككل المحبين!
مدت يدها تضعها على ذراع جوناثان وأشتدت أصابعها حين أحست به يتوتر :
-فى أى وقت سنتقابل غداً؟
طرحت عليه هذا السؤال بصوت أجش فقد دعاها لقضاء النهار معه وسنتهز الفرصة المناسبة لتشرح له بالضبط ما بينها وبين روبرت
رفع جوناثان حاجبيه الأسودين ورمق روبرت بسرعة قبل أن يعود فينظر إليها ساخراً :
-فلنترك الدعوة مفتوحة إلى وقت أخر....همم؟أنا وأثق أنك ستكونين مشغولة الأيام القليلة المقبلة...وأضاف الجملة الأخيرة متهكماً
لم يكن روبرت ضيفها وهو مر سيدركه بسرعة حالما يغادر جوناثان منزلها مهما تكن الترتيبات التى أتخذها والداها المهذبان لأستقباله!
ألقت نظرة أسى على وجه جوناثان الذى لم يلن وأنزلت يدها عن ذراعه ثم قالت بهدوء :
-ربما أنت على حق.أستمتع بإقامتك
مال برأسه بحدة ثم ألتفت إلى روبرت بتحية مختصرة قبل أن يعود إلى سيارته لينطلق دون أن يلقى عليها نظرة واحدة.أصابها الأمر بالذعر فأخذت تنظر إليه وه يبتعد بسيارته.عندما تقدم روبرت منها واضعاً ذراعه حول كتفها مرة أخرى أجفلت غاضبة ثم نفضت ذراعه عنها بعنف وعندما توارت سيارة جوناثان عن النظر استدارت تحملق فيه ثم سألته ثائرة :
-من تظن نفسك لتفعل هذا؟
بدا عليه عدم الأهتمام وهو يرفع حاجبيه الأشقرين ساخراً :
-إذن هذا هو جوناثان الغامض...؟
تصلب جسدها وسألته:
-نعم؟
فقال بإزدراء :
لا تقولى أنك ترينه جذاباً يا تورى هذا الرجل أشبه بكتلة من ثلج
أحمرت وجنتاها غضباً :
-عندما أريد رأيك يا روبرت سأطلبه منك.تصبح على خير
استدارت وأتجهت إلى المنزل لكنه لحق بها وقال بمرح وقد بدا لرضا واضحاً فى عينيه :
-لقد دعانى والداك للبقاء هذه الليلة
فوقفت قبل أن تفتح الباب وقالت بحدة:
-لكننى لم أدعك
هز كتفيه وكأن صلابتها حيرته :
-أليس فى قولك شئ من الفظاظة؟
رأته يحدثها وكأنها طفلة بحاجة إلى المداراة فقالت بغضب :
-سمه ما شئت.هناك لاعديد من الفنادق روبرت وأنا أعلم أنك قد تجد صعوبة فى الحصول على غرفة فى هذا الوقت من السنة ولكن بإمكانك دوماً أن تطلب من زوار الجزيرة فى المخيمات أن يمنحوك مأوى لهذه الليلة
تكلمت بشماتة وهى تتخيل روبرت نائماً فى خيمة بملابسه الفاخرة فبعثت الفكرة الأشراق فى نفسها
هل ظنت يوماً إنها تحب هذا الرجل حقاً؟وأخذت تلوةم نفسها بصمت.إنه ليس سوى تلميذ مدرسة كبير مولع بالملابس الأنيقة والحياة المريحة
غريب إنها من شهور قليلة كانت تعتقد إنها تدين بنجاحها لـ روبرت وهو وهم تعمد أن يغرسه فى نفسها وأدركت مؤخراً أن الواقع هو العكس ولهذا السبب أصبح روبرت فجأة حريصاً عليها إلى حد أنه طلب منها الزواج
كانت تعلم سبب إسراع روبرت بالمجئ إلى الجزيرة هذا المساء إذ يبدو أنه وجد ما كتبته الصحف عن مرافقها الغامض يوم الأحد مزعجاً للغاية.فكيف حاله وهو يصل إلى هنا هذا المساء ليراها خارجة مرة أخرى مع جوناثان الغامض ذاك؟
بدا عليه الضيق :
-الأمر لا يتحمل المزاح تورى
فرفعت حاجبيها :
-لا؟لكننى أراه مسلياً تماماً!
مد يده ليمسك بذراعها وهة تفتح الباب :
-ألا تظنين أنك تتصرفين بشكل خاطئ نحو أبويك؟
وأضاف بصوت خافت :
-كانا من التهذيب بحيث قدما إلىّ هذه الدعوة وسيكون غريباً أن تخبريهما أننى ذهبت إلى الفندق
عرفت فى سرها إنه محق ومع ذلك قالت تتحداه:
- سيكون غريباً بالنسبة لمن؟
سيظن أبواها أن روبرت لم يعتبر بيتهما لائقاً بما يكفى لأستضافته إذا غادر إلى الفندق
-كفى عن التصرفات الصبيانية تورى.أنه منتصف الليل تقريباً ول يمكننى دخول أى فندق فى هذا الوقت
وتنهد بفروغ صبر فرفعت حاجبيها وقالت تذكره بنعومة:
-لا أتذكر أن هذا العذر منعك من قبل من دخول الفندق
-هل عدنا إلى هذا الموضوع؟
وضاقت عيناه الزرقاوان بشكل ينذر بالخطر بينما تبدد ظرفه الظاهر كلياً:
-لقد أخبرتك حينذاك أننى كنت مستاء لأننى جعلتنى أنتظر قبل أن تمنحينى الجواب على طلبى الزواج منك
فقالت له بإشمئزاز:
-كنت مستاء لدرجة أنك أخترت امرأة بعد العرض المسرحى وأخذتها معك إلى الفندق لتمضى الليلة معها؟
لم تكن تعلم مما مشمئزة أكثر,من نفسها لأنها فكرت فى الزواج منه أم من روبرت الذى دفعه عدم الأهتمام إلى أن يعاشر امرأة أخرى فى الليلة نفسها التى طلب فيها يدها للزواج.
-دعنا ننسى ذلك روبرت.مادام والداى طلبا منك أن تبيت الليلة هنا و أنت قبلت فعليك أن تبقى
وأضافت بحزم عندما أشرق وجهه بالأنتصار :
-لكننى أريدك أن تغادر البيت فى الصباح الباكر
فقال:
-اتفقنا . ليلاس
قبل ذلك بسهولة كما رأت تورى فهى تعرف أن روبرت يرجو أن تلين وتغير موقفها منه لكن خيبة الأمل تنتظره
مشكلتها الحالية هى جوناثان.لقد أمضيا سهرة ممتعة معاً وأتفقا على الأجتماع غداً لكن وصول روبرت المفاجئ ألغى ذلك.متى سترى جوناثان مرة أخرى؟ والأهم من ذلك هل ستراه مرة أخرى على الأطلاق؟
|