ناولته خوذة وسار الاثنان إلى السقيفة حيث تضع تورى الدراجة النارية وإذ به يقول :
- ما الذى جعلنا نقوم بهذا ؟
كانت نفسها تتساءل عن السبب وهى فى غرفتها تغير ملابسها تاركة جوناثان يستمتع بتناول الحلوى مع والديها
لكنها كانت تعلم جيداً لماذا تصرفت بهذا الشكل . فالاستخفاف الذى بدأ على جوناثان عندما سمع إنها تركب الدراجة النارية دل بوضوح على أنه لا يصدق أنها تستطيع ركوب الدراجة الهوائية فكيف بالدراجة النارية فى السباق
سألته ضاحكة :
-ألا تعلم ؟
ابتدأت تشعر بالحر فى ملابسها الجلدية فيما الشمس تصب أشعتها عليهما . ورفع حاجبيه :
-وهل تعلمين أنت ؟
فأومأت عابسة :
-تحديك للقيام بجولة , وأنت جاريتنى بذلك كشر ساخراً :
-كم يبلغ طول طريق السباق ؟
-ثمانية وثلاثين ميلاً
-ثمانية وثلاثين.....كان علىّ أن أستغنى عن القطعة الثانية من الفطيرة التى ألحت علىّ أمك أن أكلها !
التفتت إليه وهى تضحك برقة للتعبير الذى بدأ على وجهه وقالت :
-هل أنت خائف من ألا تراهما مرة ثانية ؟
دخلت السقيفة ودفعت الدراجة النارية الضخمة إلى الفناء مستعملة كل قوتها ثم ألقت نظرة على جوناثان . لم يخب أملها فقد كان يحدق مذهولاً إلى الدراجة الضخمة
كانت الدراجة الحمراء اللامعة بالغة القوة الضخامة بقدر ما هى جميلة
سألها بارتياب :
-أيمكنك حقاً أن تركبى هذا الشئ ؟
توتر فمها هلى نسى أنها هى التى أحضرته من المطار فى سيارة ضخمة ؟ يبدو أنه ليس بالرجل الذى يتعلم الدرس من أول مرة !
وضعت خوذتها على رأسها وأدارت المحرك القوى ثم قالت له بحزم :
-أصعد . سنذهب إلى الموقف الكبير حيث يبدأ السباق تمسك جيداً
أوقفت الدراجة ريثما صعد خلفها وأجفلت قليلاً عندما ألتفت ذراعاه حول خصرها . حسنا هى التى طلبت منه أن يتمسك جيداً !
عندما أصبحا فى ساحة السباق لم يعد الأمر صعباً . كانت أشعة الشمس تغمر المكان والهواء يصفر فكادت تنسى أن جوناثان ماغواير يركب معها.ولم تتذكره إلا عندما تشتد يداه أحيانا على خصرها.
لقد نسيت أيضاً بهجة الركوب وتملكها السرور والانتعاش فيما الأميال تطوى تحتهما
بعد أن اقتربا من "الموقف الكبير" وبعد أول جولة شعرت بشئ ينغرز بين ضلوعها فالتفتت ببطء لترى ما يريده جوناثان وإذا به يشير إلى منطقة الوقوف حيث تقف آلاف الدراجات
ابطأت سبرها شاعرة بخيبة أمل ثم أطفأت المحرك ورفعت الخوذة عن رأسها.هزت شعرها الأسود فأنسدل على كتفيها قبل أن تلتفتت إلى جوناثان الذى بدأ شاحباً للغاية!شهقت باهتمام وهو ينزل عن الدراجة مترنحاً
-هل أنت بخير ؟
خلغ خوذته وأخذ يعب الهواء بعد أن أصبح على أرض ثابتة ثم أجاب مزمجراً من بين أسنانه :
-وهل أبدو بخير ؟
بدا فى الحقيقة مزرياً.ثبتت الدراجة ثم عادت إلى جوناثان :
-أنا......
-تورى هاى تورى!
التفت الأثنان إلى شخص يرتدى ملابس جلدية يتقدم نحوهما وهو يلهث وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة تفصح عن البهجة
هتفت بسرور مماثل قبل أن يأخذها فى أحضانه :
تـيـرى!
-يسرنى أن أراك فى الجزيرة
تراجع قليلاً إلى الخلف لينظر إليها وهو لا يزال يبتسم ثم أضاف:
-وعلى دراجة نارية أيضاً.لقد أفتقدناك السنة الماضية
فقالت بابتسامة عريضة :
-التزامات العمل
فعاد تير يبتسم ضاحكاً :
-وكيف يسير العمل ؟
-آهـ....أنت تعلم.....
-أكره أن أقاطع مشهدكما المثير للعواطف.ولكن هل لأحدكما أن يدلنى على دورة المياة ؟
نظر تيرى إلى تورى متسائلاً عما إذا كان مرافقاً لها,قبل أن تجيبه :
-من هناك يا رفيق
وأشار باتجاه "الموقف الكبير"
أوما جوناثان باختصار قبل أن يذهب بخطى واسعة فى الاتجاه المشار إليه
سألها تيرى بلهجة ذات معنى :
-هل هو من أصدقائك ؟
أجابت وهى تلاحق جوناثان بنظراتها حتى توارى داخل استراحة الرجال :
-تقريباً لا أظن أن سباقنا أعجبه كثيراً
وراحت تفكر فى احتمال أن يكون جوناثان قد قصد استراحة الرجال لأنه يشعر بالغثيان :
-إذا لم يعد خلال عشر دقائق من الأفضل أن تذهب لترى إن كان بخير !
فقال تيرى ضاحكاً :
-إنه أمريكى أليس كذلك ؟
قال بغموض :
- نعم
- شعرت بالذنب قليلاً لأن جوناثان لم يكن مستمتعاً بالركوب مثلها ثم التفتت إلى تيرى لتغير الموضوع :
- -كيف حال جين والأسرة ؟
- الجميع بخير كلنا افتقدناك فى العرس أمس
- طبعاً من المفروض أن يكون تيرى وهو أبن خالها وشقيق العروس مع أسرته فى الأحتفال وقالت بلهجة غير صادقة :
-آسفة لأن العرس فاتن.كان لدى التزام آخر
وسرها أن ترى ذلك الالتزام عائداً نحوهما فى هذه اللحظة بالذات ولم يعد شاحباً كما بدا عند وصولهما
سألها تيرى
-كيف حال العمة ثلما اليوم؟
-عرج فى المكان
شعرت بسعادة بعد أن عرفت أن جوناثان لم ينهار وتابعت تقول :
-أنت تعرف أمى لا يمكنها أن تجلس لفترة طويلة
-هذا صحيح يجب أن أقول....
ونظر مفكراً إلى جوناثان الذى يقترب منهما :
-إنه أحسن بكثير من الرجل الآخر الذى أحضرته إلى هنا
كانت تعلم أن "الرجل الأخر" هو روبرت ! فـ روبرت بأناقته اللندنية لم يحاول أن يكسب القلوب بل كان يتعمد إظهار تفوقه على أسرتها وأصدقاءها معاً.ولكنها لم تحضر جوناثان ماغواير إلى هنا!
وعندما أنضم إليهما جوناثان التفت إليه تيرى يسأله دون أن يعطى تورى فرصة لإصلاح الغلط:
-ما رأيك فى سباقنا ؟
كان تيرى يتحلى بروح نكتة خبيثة وفقاً لـ تورى وسؤاله يكشف ذلك صحيح أن جوناثان لم يعد شاحب اللون لكنه مازال مجهداً للغاية
-جوناثان ماغواير, تيرى بريدنس
عرفت أحدهما بالآخر بسرعة ولاحظت أن عينا عادتا رماديتين فولاذيتين ما يدل على خطر وشيك قد يلحق بكل من يحتك به .
نظرت إليهما يتصافحان فيما رد جوناثان بابتسامة مكشرة :
-سباقكم هذا...هو أمر....ممتع. ماهى أنواع التعذيب الأخرى المخصصة للسائحين؟
الجملة الأخيرة كانت من النعومة بحيث منعت تورى أن تستوعب ما فيها من تهكم إلا بعد ثوان
لكن تيرى انفجر ضاحكاً وهو يربت على ظهر الرجل الأخر بمودة ويقول بابتسامة عريضة :
-نحن ندعو ذلك مرحاً
لم يعلق جوناثان على كلامه بل سأله :
-هل أنت أحد المتبارين ؟
فأجاب تيرى برزانة :
-لم أعد كذلك تركت ذلك من سنوات قليلة وضرب بكفيه على ركبتيه غير السليمتين وهما السبب فى عرجه الظاهر :
-لم يعد لدىّ سرعة الحركة التى تؤهلنى للتنافس
فقالت تورى بحزم :
-مما جعل أسرته ترتاح !
فهز تيرى كتفيه :
-أصبت
لكن الكآبة كانت واضحة فى صوته :
هل ستطول إقامتك فى الجزيرة يا جوناثان أم أنك جئت فقط من أجل السباق ؟
أجاب على سؤال تيرى وقد عاد الحذر إلى صوته :
منتديات ليلاس
-لست واثقاً تماماً من المدة التى سأمكثها هنا
-إذا بقيت هنا حتى الأسبوع القادم فهل تقبلن أنت وتورى دعوتى إلى جلسة هادئة ؟
بدا تيرى غافلاً تماماً عن جواب جوناثان غير الملتزم وهو يتابع:
-هذا الأسبوع يكون حافلاً كما ترى
وكذلك الأسبوع القادم بالنسبة لـ تورى فهى لم تشأ أن تبدو مرتبطة بـ جوناثان!خصوصاً أما أسرتها
-من الأفضل أن نعود
ولمست ذراع أبن خالها معتذرة :
-سنرى بالنسبة إلى الأسبوع القادم فأى منا غير واثق من مخططه حالياً
فقال تيرى :
-حسنا ولمن إتصلى بى قبل أن تعودى إلى لندن.سررت بمعرفتك جوناثان
ثم عاد وهو يعرج إلى مجموعة أصدقائه