كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
لقد صدمت الانا بما عرفت ، وبأنها كانت تعرف القليل جدا عنه ، كان حزينا وآسفا على ما فعل ، وهذا يعني في رأيها ، أنه غير شرير ، لقد كان يافعا في ذاك الوقت والتجربة قوية فلم يستطع مقاومتها ، وأما الآن فليس لديها أي شك على الإطلاق ، انه يستطيع مقاومة جميع التجارب.
وبعد فترة صمت ، عادت تقول بصوت راح ينخفض حتى أصبح كالهمس:
" لن تنهار، ماكس ، لن تنهار اعمالك الرائعة...".
" يجب أن أواجه الحقيقة يا الانا ، لقد إنتهيت !".
إقتربت منه حتى كادت تلمس يده :
" لا ! انت لم تخبرني عما يريد بالضبط ، فأنا متأكدة أن هناك طريقة للخروج من هذا المأزق".
إبتعد عنها وسقطت يدها الى جانبها ، لقد كان يمر بماساة ، ولكن لا بد ان يكون هناك مخرج.
" هناك طريقة واحدة للخروج ، ولكنني على غير إستعداد لأن أخبرك بها...".
قاطعته الانا بتلهف:
" ولكنك قلت انك ستخبرني بكل شيء ، فقد اخبرتني الكثير ، وما عليك إلا أن تكمل الباقي".
" لا أستطيع".
كان صوته ثابتا ، ولكن ألانا توصلت الى حل ، ولمعت عيناها الجميلتان ببارقة امل ، وقالت:
" أنت تملك الآن مبلغا كبيرا من المال ، ويمكنك ان تستدين مبلغا آخر ،وعندئذ يمكنك ان تعيد المال للإبن".
خيم سكون عميق عليهما وعندما تكلم كان الحزن يقطر من كلماته:
" لقد إنتحر الإبن ، ألانا...".
توقف عن الكلام بضع دقائق وكتفاه تهتزان ، ثم تابع:
" لم أكن اعلم بذلك ، حتى اخبرني كونون هذه الليلة ، ألا تدركين يا ألانا ؟ لقد قتلت رجلا!".
احست الانا وكأن دفق الدم توقف في عروقها ، وسمرت في مكانها لا تستطيع الكلام .
وتابع ماكس قوله:
إنني أتعذب... ويجب علي أن أعاني حتى خر يوم في حياتي!".
حاولت ألانا ان تتكلم ، أن تخفف عنه بعض آلامه ، وخرجت الكلمات من فمها بصعوبة ولكن برقة وعذوبة:
" ماكس لا تقلق الى هذا الحد ، فأنا لا أستطيع ان احتمل رؤيتك على هذه الحال".
إغرورقت عيناها بالدموع ، وسرعان ما تذكرت كلمات كانت تقولها والدتها لها:
" مشكلتك أنك رقيقة القلب ، فأنت لن تصادفي الأذى في حياتك فحسب ، وإنما ستخدعين أيضا بأناس أكثر منك حذقا ، كوني حذرة يا بنيتي ، وحاولي أن تري ما في داخل القلوب".
كانت والدتها تحذرها وتريدها أن تغير من طبيعتها ، ولكن ألانا لا تستطيع أن تفعل ولا تريد ، فإن كانت رقّتها وحنانها يبعثان العزاء والسلوى في قلوب الآخرين ، فهي تكون سعيدة جدا بقدرتها على المساعدة ، والآن ، رغبتها الوحيدة هي ان تساعد ماكس ، ماكس الذي كان لطيفا معها ،وحسن المعاملة ، طيلة الوقت الذي عملت معه ، فهو الذي اعادها الى العمل عندما إحتاجت لذلك ، واكثر من ذلك فهي لن تنسى ما دامت على قيد الحياة ، إنه جازف مرة بحياته من أجل ان يخلصها من بناء كان يحترق وهي في داخله ، فهي مدينة له بحياتها، ولن تنسى انها وعدت أن ترد له الجميل في يوم من الأيام.
بعد ترة صمت خيم عليهما ، قال ماكس:
" إذهبي الى فراشك عزيزتي ، لا بد أنك متعبة جدا".
اجابته بصوت حازم:
لن أذهب ، أريد أن أعرف ما هي مطالب كونون ".
الح عليها بالذهاب ، واصرت أن تسمع الجواب.
" ألانا ...".
" نعم ، ماكس".
خرجت الكلمات متقطعة من فمه وهو يقول:
" أنا لا استطيع ان أخبرك عن ماهية تهديد كونون".
" تهديد؟".
رددت كلمته ،وقد حل في نفسها إحساس بأن ماكس يريد ان يخبرها كل شيء عن إنذار كونون ، ولكنه يتظاهر بأنه غير راغب في ذلك ، واضافت:
" لم افهم شيئا !".
" ارجوك إذهبي الى فراشك ، ولا تصري اكثر ".
ضاقت عيناها وبدا صوتها جافا باردا وهي تقول:
" أظن انه من الأفضل أن أذهب وأسأل كونون نفسه ، لعلي استطيع أن اعرف منه أكثر".
توقفت قليلا وبقي ماكس صامتا ، ثم اضافت:
" أن الأمر يشملني ، اليس كذلك؟ ولولا ذلك لما سألتك اية إيضاحات ، كونون قال لي أنه إذا اخبرني فلن يغمض لي جفن".
لاحظت جمود ماكس ،وإستدارت نحو الباب ، وما كادت تبلغه حتى سمعته يقول بصوت منخفض:
" ساوفر عليك مشقة الذهاب اليه ، فإن تهديده....".
وتوقف مرة أخرى ، وعادت اليها تلك الفكرة الغريبة بانه تظاهر بالإمتناع عن القول ، ولكنه تابع:
" هذا لن يغير في الأمر شيئا ، الانا ، فانا لن اسمح لك بأن تضحّي بنفسك من أجلي".
دارت ألانا على نفسها ، وقد زاغت عيناها:
" أضحّي بنفسي !".
قشعريرة إعترتها ، هزت جسمها هزا ، اشبه بقشعريرة الموت ، وإستطاعت بصعوبة ان تسال :
" ماذا تعني ماكس ؟".
جمد لحظة ثم قال :
" إنه يمنحني حريتي، إذا إستطعت أن أقنعك بالزواج منه ، فهو يعرف انني أنقذت حياتك مرة من الحريق ، ويعتمد الآن على ردك للجميل :,
" هو يعرف انك انقذت حياتي ؟ كيف عرف ذلك؟".
هز ماكس راسه وقال:
" يبدو انه يعرف كل شيء عن كلينا ، أنه أمر يكاد لا يصدق ، ولكنه الواقع ، يبدو أن له في لندن من يدوّن له حركاتنا وسكناتنا".
صمت لحظة ، ينظر اليها مباشرة ، ثم تابع:
" يظهر أنه لم يتوقف عن رغبته في الزواج منك طيلة هذه السنين، ولست أدري ما الذي يدفعه للإصرار على الزواج منك بهذا الشكل ، اهو الحب مثلا ؟ حاولت ان أستدرجه لعرف السبب ولكنني لم أفلح".
" اهو واثق أنني ساتزوج منه كي أنقذك؟".
|