كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
لم تحفظ إسم الجزيرة، وكثيرا ما كانت تعجب إن كان كونون يعني بالفعل ما وصف به جزيرته ، أم أنها كباقي الجزر العديدة المنثورة تتألق كالأحجار الكريمة فوق مياه بحر إيجة الزرقاء؟
كم كانت تتمنى ان تعرف ، كيف اصبح كونون الآن ، وما فعلت به السنون ؟ هل تزوج؟ هل كوّن أسرة؟ وإن كانت في نفسها تظن انه قد تزوج ، فهو شاب تتهافت عليه الفتيات ، بالإضافة الى أنه ورث أباه بعد وفاته ، وأصبح واحدا من أغنى أغنياء اليونان ، هذا ما علمته من ماكس الذي كان يعرف حكايتها مع كونون.
" الانا.....".
قطع صوت ماكس المنخفض الواضح على آلانا تأملاتها فرفعت اليه نظراتها مبتسمة ، وتابع:
" لقد سألتك اهم سؤال في حياتي ، آلانا ، هل تقبلين الزواج مني؟".
هزت رأسها وهي لا تزال تبتسم له إبتسامة حلوة عذبة ، وقالت :
" أأتزوج من مغازل مثلك؟ عليك ألا تبحث في امر الزواج مطلقا ، فمثلك لن يكون زوجا مخلصا ابدا".
" حقا لي علاقاتي العاطفية الكثيرة كما تعلمين ، ولكنني الآن اصبحت في السابعة والثلاثين ، ومستعدا للإستقرار ، وإنجاب عدد من الأطفال ، وأنت ، آلانا ، اصبحت في السادسة والعشرين ، وآن الوقت الذي فيه تستقرين ،وتكوّنين أسرة".
" انت تعرف رأيي من ناحية الزواج".
" يا ألهي ، ألا زلت تتشبثين برايك ، بسبب فشل زواج اختيك؟ دعينا الان من قصتهما ، ولنبحث في أمر أنفسنا ، ولا يجب أن ندع أخطاء الاخرين تنعكس على حياتنا".
" انا لا أستطيع ان أتزوج ، ماكس ، أرجوك ، إنس أنك سالتني ذلك ، دع صداقتنا المتينة التي دامت ما يقرب من السنوات التسع ، على ما هي عليه".
" كان هناك فاصل في هذه الفترة ، وإن كنت اكره ان أذكّرك به ، ذاك الفاصل هي فترة زواجك".
" كفى ! ".
صرخت آلانا وقد صعد الدم الى وجنتيها ، وتابعت:
" إنه لقبيح منك أن تذكّرني بذلك !".
وتوقفت عن الكلام تستعيد بعض المشاهد من حياتها مع ذاك البغيض ، هوارد بيومنت ، ثم أضافت:
"كانت مجرد فترة قصيرة حررتني منها رحمة القدر".
" تحرر سريع ومحظوظ ".
وغرق ماكس في خضم افكاره ، وعيناه الزرقاوان عالقتان بآلانا ، فلاحظ حمرة خديها التي كانت كافية لتزيد من جمال قسمات وجهها ، إرتفاع خديها ، غمازة ذقنها ، نعومة عنقها ، عيناها الزرقاوان الواسعتان ... كل ما فيها في منتهى الروعة.
وبعد فترة قصيرة عاد الى الكلام:
" إنها اربعة شهور فقط ، نعم لقد كان الحظ حليفك ، آلانا".
كانا في قاعةالإنتظار في فندق سافوي ، ينتظران عميلا يأمل ماكس ان يبيعه فيللا في مالطة ، فحدقت آلانا في وجهه وقد ملأت المرارة والكآبة عينيها الجميلتين ، وهي تقول:
" هل تظن ذلك يبدو أنك نسيت سبب زواجي ، نسيت أنني أجبرت على ذلك الزواج من ذلك الرجل فاقد الضمير ، المجرد من المبادىء الأخلاقية.
قطب ماكس ما بين حاجبيه وقال:
" أظن أنني نذل ، في نبش هذه القصة الان ، أو في أي وقت آخر ، ولكنني اردت فقط أن أذكّرك ، أنك تزوجت من قبل...".
قاطعته آلانا غاضبة:
" هل تظن أنني بحاجة الى تذكير؟".
توقفت عن الكلام وقد تمثلت صورة كونون أمام عينيها ، عندما رفضت طلبه الصادق المتحمس ، لا شك أن الأقدار كانت تقف ضدها وتركتها تتمسك بقرارها ، أن تبقى وحيدة ، ثم تساءلت في نفسها ، ترى هل عرف كونون أنها تزوجت أخيرا؟
تملكها شيء من الخوف وهي تتخيل غضبه وهياجه إذا عرف ذلك ، كما إرتجفت لتصورها إدانته المروعة لها ، والتي تستحق في نظره ، الحكم عليها بالموت.
الزواج ! يا لها من سخرية ، من البداية حتى النهاية ، سبب رهيب هو الذي إضطرها ان تقبل بما عاهدت نفسها أن ترفضه مدى حياتها ، ولكن القدر يحكم على المرء أحيانا بما لا يطيق.
نعم لقد تزوجت آلانا ، تزوجت لأنه لم يكن أمامها إلا أن تفعل ذلك ، من أجل أخيها التوام.
حدث مرة ان أخاها كان في عطلة جامعية ، فعمل مع هوارد بيومونت التاجر والممول المشبوه ، وسوس له الشيطان ، فإختلس مبلغا من المال ، وإكتشف هوارد الأمر ، وصمم أن يقدمه للقضاء.
جاء داريل الأخ الى اخته بالدموع ، وعلى الفور ، صممت آلانا ان تقابل هذا المدعوهوارد بيومونت.
كان هوارد رجلا بدينا ، ذا سمعة معروفة مع النساء ، سرعان ما عرفتها آلانا ، مترهل الجسم ، له أنف منتفخ ، وشفتان غليظتان نتنطقان بالشر ، وعينان ضيقتان مليئتان بالخبث.
راته شخصا مثيرا للإشمئزاز ، اكثر من أي مخلوق على وجه الأرض ، وبالتأكيد مقابل طلبها ، طلب من آلانا الزواج......
تطلعت آلانا نحو ماكس ، ورأت تطلعاته المتسائلة ، التي تجاهلتها وهي تتذكر مقابلتها الأولى مع هوارد بيومونت.
كم عانت آلانا من المرارة وأحتراق القلب ، والخوف المريع قبل أن تقرر قبولها النهائي لطلبه ، وكانت صحة والدتها المتدهورة سببا في تعجيل إتخاذها ذاك القرار ، فقد كانت تعاني مرضا في القلب ، يمكن ان يقضي عليها إذا تعرضت لصدمة ، وعرف هوارد ذلك وراح يهدد آلانا بالذهاب الى امها وإخبارها بقضية أخيها.
اخبرها هوارد أن عقوبة أخيها السجن لمدة خمس سنوات على الأقل فهو قد زوّر أكثر من تسع شيكات ، بالإضافة الى انه إختلس من خزنته الألوف من الجنيهات ، خسرها جميعها في مضاربات هوجاء ، ولا شك أن هذه الرواية ستقضي على الوالدة.
|