المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
عندما كنت ميتا
الضجيج يعج بالمكان كعادة قطارات الدرجة الثانية وهذا لا يلفت انتباه من اعتاد على ركوب القطار ولكن لفت نظري شخصا يستحق مني الانتباه له.
شاب في منتصف العمر لا يوجد احد امامه ويتحدث مع نفسه بصوت عال وكأن هناك أحدهم يجلس أمامه، البعض ينظر اليه بتعجب والبعض لا يكترث لهذه الأشكال انهم يملؤون القطارات بل أن أحدهم كان يردد (المجانين أصبحوا أكثر من العقلاء)…
لم أفكر كثيرا نظرا لطول الفترة التي ستمر علي وانا واقفا على قدماي دون الجلوس فكان هذا المقعد الفارغ أمام الشاب المجنون فجلست أمامه وليتني لم افعل حيث صرخ الشاب عاليا هل انت أعمى؟! ألا ترى أن هناك شخص يجلس على هذا المقعد!
تمالكت أعصابي وصحت فيه بصوت عال هل أنت مجنون؟؟ .. لا يوجد اي شخص على هذا المقعد اللعين ولن أغير المقعد لأنه ببساطه لا يوجد مقعد فارغ وجميع المقاعد شاغرة!
إرتعد الشاب وأخذ يلفظ انفاسه وقال لي يبدو لي انك غريب عن المحافظة. فكان ردي ويبدو لي انك لست مجنونا. فقال الشاب بتهكم(مجنون!) أنتم لا تفهمون شيئا ايها البشر فأنتم جميعا مجانين.
فكان ردي سريعا وهل أنت من خلق اخر غير البشر؟؟ فرد سريعا انا من البشر ولكني اختلف كثيرا عنكم وقال دعنا نتحدث في شيئ اخر بدلا من الحديث عن نفسي ونفسك، ثم استطرد قائلا عندما مر القطار على نهر النيل فرع دمياط في مدينة بنها، أترى هذا المشهد الجميل للنهر العظيم؟
وأضاف: انا اعشق هذا المشهد حيث يذكرني بنهر الحجيم الذي رأيته عندما كنت ميتا. ما أروع هذه الشجرة التي يقف عليها طيور ابي قردان وكأنها تحتلها، قاطعته مسرعا ماذا قلت؟
قال لي طيور ابي قردان التي… قاطعته وقلت له ماذا قلت قبل ذلك؟
قال لي (عندما كنت ميتا)، قلت له يبدو انك مجنون بالفعل لأن هذا الزمن ليس بزمن معجزات وما انت الا مجرد شاب تهذي او تستهزئ بي.
فقال انا لا استهزئ بك ولكني اعرف بعض الطقوس التي قرأتها في كتب السحر التي تعيد البشر من الموت ويمكنني ان أعلمك اياها سريعا قبل ان يتوقف القطار في محطة بنها.
فقال لي قف، فوقفت سريعا دون تفكير ووقف الرجل خلفي وقال لي ضع يديك الإثنتين على عينيك ثم أغمضهما وإحفظ هذه الكلمات التي سأرددها عليك…
ثم ردد بكلمات لم افهمها! وكررها ثلاث مرات وانا واضعا يداي على عيناي بسذاجة فرفع هذا الشاب يداي وقال لي لقد حان وقت النزول من القطار حيث توقف في المحطة.
فلم أرد عليه لأنني تأكدت أنه مجنون، وقف الرجل على باب القطار وقال لي نسيت أن أخبرك شيئا مهما.
وقال بصوت عال: لا أحد يعود من الموت أيها المغفل! أنت مغفل كبير
وتحرك القطار وانا واقفا متعجبا لما حدث وغير قادر على النطق حتى رأيت شاب يمر بعربة صغيرة يبيع الناس الشاي فطلبت منه كوبا من الشاي ودسست يدي في جيبي الخلفي لأخرج حافظة نقودي وأوراقي فلم أجدها!
لقد سرقني الشاب عندما كنت واضعا يداي على عيني! إنني حقا مفغل .. مغفلا كبيرا….
|