كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
دخلت غرفتها وخلعت حذاءها بسام ، ثم تحركت نحو المرآة حيث أزالت زينتها ولاحظت كم كان وجهها شاحبا وعيناها ذابلتين.
إتجهت الى سريرها بكسل والألم يعصف برأسها ، كانت بحاجة الى فنجان من الشاي الساخن ، فإستجمعت قواها ونهضت كي تحضره ، غسلت وجهها بالماء البارد قبل أن تضع الماء على النار ، وهي ترفض أن يتوقف تفكيرها عند تلك الأمسية أو على وجه رايان البارد حين غادرته.
حملت فنجان الشاي ، الذي كان البخار يتصاعد منه ، الى غرفة الجلوس ، وإرتاحت على كرسيها المفضل وإحتست الشاي الدافىء ، كانت تشعر بضرورة اللجوء الى النوم، لأن ماريا ستعود بالطفلين في الصباح الباكر ، لكن الإستحمام وتبديل الملابس يحتاج الى بعض الجهد ، فأراحت رأسها وهي مغمضة العينين.
إستفاقت فجأة لدى سماعها صوت إنغلاق باب سيارة ، ظنت في البدء أنه مارتن ، لكن قبل أن تصل الى النافذة ، رات المرسيدس الفضية قابعة على جانب الطريق ، تلمع تحت ضوء القمر ، كانت متأكدة منذ الدقيقة التي تركته فيها أنه سيلحق بها .
لكن حين قرع الباب ، وقفت ليف مشدوهة من دون أن تحدث أي صوت ن لكنه اعاد الكرة ، وبعنف:
" إفتحي يا ليف ! ".
قال بنبرة آمرة ، فوجدت نفسها في الممر سائرة نحو الباب .
" إفتحي الباب يا ليف ، او اقسم أنني سأخلعه!"
إرتجف صوت ليف وهي تقول :
" رايان ، إن الوقت متأخر ، وأنا على وشك الذهاب الى النوم ".
" ليف...".
جاءت الكلمة هادئة رزينة ، ففتحت الباب على مضض .
كان يتكىء بيد واحدة على طرف الباب وقد خلع سترته وربطة عنقه ، وكان قميصه مفتوحا قليلا ، وشعره مشعثا .
إعتدل رايان ، فيما إنتحت ليف جانبا ليدخل قبل ان تغلق الباب وتلحق به الى غرفة الجلوس ، قررت أن تبادر الى الهجوم لكي تدعه يعرف أنه لن يستطيع إرهابها.
" هل تسمح بقول ما تريد ، ومن ثم تنصرف ؟ فانا متعبة وليس لي أي مزاج لتبادل الإهانات معك".
إبتسم ساخرا ويداه على خصره:
" اليك ما اريد قوله ، انت شخصية فذة ، وهذا ما لم اكتشفه منذ ثماني سنوات ".
" ربما لم تحاول ان تكتشف ذلك ".
حدّق بعينين ضيقتين واجابها :
" ربما نعم وربما لا ، كنت أحسب ان مارتن ويلسون هنا ، لكنه كما يبدو ذهب".
تغيّرت لهجته ليبدو بريئا .
قمعت ليف فورة غضبها بصعوبة بالغة ، ثم قالت:
" اوصلني مارتن الى البيت وغادر فورا ، إذ شعر أنني مرهقة ".
" أظن أنه في طريقه الى النعيم بعدما إنفتح له بابها ثانية !".
سالت بإيجاز:
" ما الذي تقصده من قولك هذا؟".
هز كتفيه بغرور وتطلع عبر النافذة :
" كفى تفكيرا بهذا التافه ، انا أعرفك يا ليف ، إن مارتن لا يناسبك ، حتى ولو بعد مليون سنة".
" هل هذه ملاحظة دقيقة ام أن كبرياءك الجريحة تكلم".
سالت بإزدراء ، فيما رفع رايان رأسه وحدّق في وجهها ثانية ، وعيناه تلمعان بخطورة.
تجمّدت ليف في مكانها مثل حيوان وديع بين يدي حيوان مفترس ، وإرتجف قلبها خوفا عندما سمعته يقول:
"
" إنني اتساءل ، هل انت حقا شجاعة مثل كلماتك يا سيدة دانيسون؟".
" من السخف ان تنتقد مارتن ، فهو رجل رزين ويمكن الإعتماد عليه".
تساءلت ليف عما إذا بدت له الكلمات فارغة مثلما بدت لأذنيها ، قال رايان وبسمة ساخرة ترفع إحدى زوايا فمه.
" بمعنى آخر ، إنه يتحلى بمزايا لا أثر لها عندي ".
ثم إختفت الإبتسامة من فمه وتابع :
" لكن اخبريني يا ليف ، هل يبعث فيك الإثارة مثلما أفعل انا ؟ اقصد ، علينا فقط أن ننظر الى بعضنا البعض حتى تتحول نظراتنا لهيبا ، هل يمكنك ان تنكري ذلك ؟ هذا ما شعرنا به في الماضي ، وهذا ما سنشعر به دائما وإذا ما لمستك الان ، أستطيع أن ارى الحقيقة في عينيك".
تراجعت ليف خطوة الى الوراء ، فإختفت الإبتسامة الساخرة عن فمه وقال :
" هل عقدت علاقة معه يوما ما ؟".
إحتقن وجه ليف أزاء الصدمة التي سببتها كلماته الوقحة واجابت:
" كلا فأنا .... لماذا ....".
بلعت ريقها ثم أضافت :
" إن كنت أقدمت على ذلك ، فالأمرلا يعنيك ، وغن إخترت الإنضمام الى فريق كرة القدم ، لن أطلب الإذن منك !".
حالما لفظت تلك الكلمات ، التي تركت في فمها طعما مرا ، شعرت ليف بالرعب وهي تراقب وجه رايان الشاحب ، خطا خطوة نحوها وسأل غاضبا:
" ما الذي تريدينه يا ليف ؟ توسلات عاطفية من أجل حب لم يمت ؟ تعابير ساحرة تفرح قلبك الحزين ؟ حسنا ، إن ذلك ليس من طبعي ، فأنا رجل واقعي ، لا أؤمن إلا بالوقائع الفعلية ، وربما هذا ما تريدينه ايضا".
صرخت ليف باعلى صوتها قائلة:
" آه ! أنت بارع في تحقيق هذا ، اليس كذلك ؟ إن هذا ما يهمك ، الوقائع الفعلية ، أن تأخذ ما تريد ، حسنا ، هناك ما هو أهم من الجانب المادي يا رايان ، فالعلاقة تحتاج الى أكثر من ذلك لتبقى حية وإن كنت لا تفكر إلا بذلك فأنت على خطأ ".
قال في نفعال:
" ن هذا ما افكر به ، صدقيني ، كلما كنت بجانبي ، لا أستطيع إلا أن أفكر بذلك".
إقترب رايان منها وضمها بقوة الى صدره .
أزاحت رأسها هربا منه وهي تقول:
" إتركني يا رايان ! إنك تدفني الى الجنون ! إبتعد عني".
" وماذا تعتقدين أنك فاعلة بي في كل دقيقة من اليوم ؟ إنك كالجرثومة يا ليف ، كلما فكرت أنني إقتلعتك من جسمي ، تعودين الي ثانية".
تحركت يده عبر شعرها الحريري ، وأمسك براسها وضمها اليه بشوق بالغ.
" يا الله ، أنت أكثر جمالا ، أكثر .... ليف....".
لم تؤثر به مقاومة ليف له ، وما لبثت أن شعرت بنفسها تغرق هي ايضا في بحر المشاعر المثيرة.
" رايان ، ارجوك ! كف عن ذلك الآن ".
بذلت ليف جهدا اتسكت النيران التي اشعلها في داخلها ، وأضافت تقول :
" قبل أن يصبح لدي المزيد من السباب لأكرهك !".
ضحك رايان بخشونة وقال :
" هل تتعلمين أنني أول من يكره نفسي ؟ لكنني لا استطيع إنقاذها ".
نظر اليها بياس وتابع:
" لن أستطيع ذلك حتى لوهبطت السماء!".
لكنها بقيت مسمرة في مكانها تحدق اليه ، حيث سيطرت عليها النار المتوهجة المنبعثة من عينيه الزرقاوين.
|