كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
إبتسم لوك وقال :
" هائل !".
أما ميلي ، فإنها قالت بإرتباك:
" لكننا لم نحضر ثياب النوم".
رفع رايان حاجبه وقال :
" يمكنك النوم بثيابك العادية ، وأنا ساعير والدتك أحد قمصاني ".
" قميص؟".
ضحكت ميلي وهي تضع يدها الصغيرة على فمها وأردفت :
" سوف تبدين مضحكة يا أمي".
قالت ليف:
" يجب أن نعود في الصباح الباكر ، فعلى لوك أن يلعب كرة القدم ".
" هل تستطيع.... حسنا ، تعال وإحضر المباراة إن كنت تود ذلك ، هذا إن لم يكن لديك عمل".
إحمرت وجنتا لوك وهو يحدق في والده ، ثم أضاف:
" بعض الأولاد يلعب جيدا ".
" أعتقد أن لوك هو أفضل لاعب".
قالت ميلي ، بينما إزداد وجه أخيها إحمرارا.
قال لوك مضيفا:
" في بعض الأحيان ياتي عمي جويل وجدّي لمشاهدة المباراة ".
" أحب ذلك كثيرا ".
ثم إستدار قبل أن تستطيع ليف ان ترى ما إذا كان يعني ما يقول.
قال لوك:
" دينو يلعب مع فريقي ايضا ، خالتي ماريا وعمي مايك يذهبان عادة لمشاهدة المباراة".
داعب رايان شعر لوك قائلا:
" يبدو أنك تستمتع باللعب ".
أشرق وجه لوك فرحا وهويقول:
" إنها مباراة رائعة".
" تعال يا لوك كي أضعك في السرير قبل ان اذهب للنوم مع ميلي".
قالت ليف وهي تسير الى الغرفة المقابلة لغرفة رايان .
" هل كان مناسبا ان اسال......".
توقف لوك ، ثم قال بصوت منخفض:
" هل تعتقدين انه لا يمانع في ان نناديه بابا؟".
" كلا ، كلا ، انا متاكدة أنه لن يتضايق إذا كنت تريد ذلك ".
قالت وهي تحاول أن تشغل نفسها بترتيب الأغطية على السرير .
ثم سأل وهويراقب وجه أمه:
" حسنا ، وهل من المناسب أن ادعو بابا الى حضور مباراة كرة القدم؟".
" طبعا ، لكن يجب ان تتذكر أن والدك رجل أعمال ، وربما لن يستطيع المجيء دائما".
ثم إنحنت تقبله سائلة:
" لوك ، كيف إكتشفت أنه والدك ؟ هل اخبرك أحد بذلك؟".
بدا لوك مرتبكا قليلا:
" ليس تماما ، سمع دينو أحد التلاميذ يتحدث عن ذلك في المدرسة ، فسالني إن كان ذلك صحيحا ، ومن ثم إكتشفت الحقيقة ".
" آه ، فهمت الآن ".
" هل انت غاضبة يا أمي؟".
إبتسمت له وقالت :
" لا ، طبعا لا ، والان ، إذهب للنوم يا عزيزي ، اراك في الصباح".
عادت ليف ببطء الى الغرفة الخلفية ، وإستطاعت أن تسمع ضحكة ميلي عبر الممر.
" جاء والدي بقميص لك ،وعليه رسم لبيت في فيجي ، اليس جميلا؟".
" شكرا لك.....".
رفعت ليف ذقنها قليلا إذ لم تكن تريد أن تقرأ التعبير الذي يخيم على عينيه ، وكان التوتر الذي يسيطر عليهما ، يمتد ليشمل الغرفة كلها.
" أرجو ان لا تقلقي ، اراك في الصباح".
وما كاد يخرج حتى سمع ميلي تقول:
" ابي ، الن تتمنى لي ليلة طيبة؟".
ثم قفزت من سريرها وهي تقترب منه واردفت :
" إن أمي تحتضننا دائما قبل النوم".
إنحنى رايان فوق السرير ، وإلتفت ذراعا ميلي حول عنقه وهي تقول :
" إن وجود الأب الى جانبنا أمر رائع".
" وكوني ابا أيضا أمر رائع".
قال ببساطة ثم إلتفت الى ليف قائلا:
" وماذا بشان الماما ، ألا تريد ليلة طيبة أيضا؟".
" كلا ، شكرا".
قالت بفظاظة ، إذ أن آخر ما تريده هو ملامسته.
" لكنني أصر على ذلك".
قال وإنحنى نحوها بسرعة:
" ليلة سعيدة يا ليف".
ثم غادرهم بهدوء.
إرتدت ليف قميص رايان ، فشعرت برائحته تزحف لتثير مشاعرها ، إستلقت مستيقظة في السرير الذي نامت عليه أثناء رحلتهم الى جزيرة كرافن ، وهي تتمنى لو أنه ينام بجانبها مثلما فعل في تلك الليلة ، كانت تريد أن تشعر بدفء قوته.
لم تتهرب ليف أبدا من مسؤوليتها نحوالتوأمين خلال السنوات السبع الماضية ، ولم يكن تحمّل تلك المسؤولية بالأمر الهين بالنسبة الى فتاة في سن السابعة عشرة ، أما الليلة ، فهي تشعر بثقل تلك المسؤولية ، الثقل الذي لم تنتبه لوجوده ، غمرها شعور مريح حين أصبح هناك من يستطيع تخفيف العبء عنها ومساعدتها وقت الحاجة.
وبرغم أنها كانت تعتمد على جويل في كثير من الأمور ، وخاصة بعد وفاة والدها ، إلا أنها كانت تشعر بالقلق والإضطراب في داخلها ، فإجتاحتها موجة من الإشتياق والحاجة الملحّة ، أو حتى السماح لنفسها بالإعتماد على رايان.
فربما كانت هي بحاجة اليه ، أو بحاجة الى شخص يساعدها في إتخاذ القرارات المتعلقة بالطفلين ، خاصة حين يكبران ، ما كان عليها إلا الذهاب اليه الآن وإخباره بأنها تريد ...
لكن هل هذا ما يريده رايان ؟ لقد إدعى انه يريدهم الى جانبه ، ولكن هل يعرف تماما ما هو مقدم عليه ؟ وهل وجوده السريع ضمن عائلة سيدفعه الى الرحيل ثانية ؟ في الأسبوع الماضي ، قال أنه سوف يرحل بعد ما يبدأ مشروع البناء ، بدأت ليف تفكر بالأثر الذي يمكن أن يخلفه رحيله على الطفلين وعلى نفسها ، لن يكون الأمر سهلا ، إن رحيله في هذا الوقت سيكن أكثر إيلاما مما كان عليه منذ ثماني سنوات .
كلا ، يجب ان لا تستسلم ، وأن تسيطر على نفسها وتتذكر دائما أنه ما يزال كما هو .... لا يمكنه تحمل المسؤولية ، سيما وأنه الآن أصبح رجلا أكثر خطورة ونفوذا.
افاقت ليف باكرا والظلام ما يزال مخيما ، وحين تطلعت عبر نافذتها الى السماء المكفهرة، إستطاعت ان ترى أن المطر توقف عن الهطول ، تثاءبت بإرهاق بعد تلك الليلة المتعبة وخرجت تغسل وجهها وتبحث عن كوب من الحليب.
كانت تغسل وتجفف الكوب الذي إستخدمته حين سمعت صوتا رقيقا خلفها ، إلتفتت لتجد رايان يقف منحنيا على الباب وهو يرتدي سروالا قصيرا .
" إعتقدت أنني سمعت ضجة ، فخرجت لأرى إن كانت ميلي هي التي إستيقظت ".
" كلا ، ما تزال ميلي مستغرقة في النوم".
شعرت ليف وكأن قلبها قفز الى فمها وهي تحدق فيه
قال وهو يفرك خده الخشن بيده:
" وكذلك لوك".
" كنت اتناول كوبا من الحليب".
أومأ برأسه وعيناه تجولان عليها وقد إرتدت قميصه الفضفاض الطويل .
" يبدو هذا القميص أجمل عليك".
جاءت نبرته لا مبالية.
أحست ليف بالتأزم يتفاقم بينهما ، فقالت :
" ساعود الى النوم".
قال وهو يقترب منها:
" وهل نمت جيدا؟".
" نعم ، شكرا لك يا رايان".
" ألن تسأليني كيف نمت؟".
إنتقلت نظرات ليف الى عينيه الزرقاوين .
" لم أستطع النوم ابدا ، كان هناك ما يقلقني ، كنت افكر بك واتخيلك ترتدين هذا القميص وأنت نائمة في الغرفة المقابلة ".
" رايان ، في الليلة الماضية قلت لي..".
إبتعدت ليف عنه ، لكنه تبعها ، رغم أنه لم يلمسها:
" أعرف ما قلته الليلة الماضي ، من المؤكد أنني مجنون ".
ثم مسح شعره بيده ، وتابع قائلا:
" يا الله، هل تعلمين ماذا يعني وجودك نائمة ، هناك ، قريبة جدا مني ولا أستطيع اإقتراب منك؟".
كان صوته غليظا ومنخفضا ، وتحركت يده وإحتضنت وجهها ، ثم قال غاضبا :
" لا أظن انك ستغيرين رأيك؟".
إرتجف قلب ليف ، ليته يشعر فقط كم هي تريد أن تقول نعم ! ولكن إذا هي إستسلمت ، ستكون كالمعجون بين يديه ، وبإستطاعته أن يكيفها ويؤثر عليها بسهولة، وعندما يحين وقت الرحيل ، سيذهب من دون ان يلتفت اليها ، مثلما فعل سابقا ، فإتخذت قرارها الحازم:
" كلا يا رايان".
تنفس رايان بعمق ، بينما لاحظت ليف الصراع الداخلي الواضح في عينيه قبل ان يستدير ويبتعد عنها قائلا:
" إذن ، من الأفضل أن تعودي الى النوم قبل أن أغير رايي وأقرر تغيير رأيك".
|