كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
جلست ليف في مقعدها ورشفت قهوتها بإرتباك ، إذ أن هذا الخضوع كان جديدا في طبعه ولم تعرف كيف تتعامل معه .
شرب قهوته بصمت وعيناه تطوفان عبر المطبخ ثم تتعلقان بها وتابع:
" إنهما طفلان رائعان ، لا شك أنك قمت بجهد مضن من أجل تربيتهما"
" شكرا".
قالت ليف بينما لم تستطع التخلص من نبرة السخرية في صوتها .
قام رايان ليغسل كوب القهوة ، فأحست ليف بالإرتياح لأعتقادها أنه سيغادر ، لكنه وقف مستندا الى المقعد ونظر اليها قائلا:
" لم أعهدك ساخرة ، لكنني اظن أنني أستحق ذلك بسبب تركي لك وحيدة تواجهين مصاعب الحياة ، لكن كانت لي اسبابي في ذلك الوقت ، أما الان ، فإنني ارغب في إصلاح اخطائي يا ليف".
نهضت وعشرات الأفكار تتزاحم في رأسها وموج كثيف من العواطف يثير قلقها ، إلا انها بقيت محافظة على هدوئها وقالت :
" نحن نتدبر أمورنا جيدا يا رايان ولا نحتاج الى شيء".
إلتفت رايان اليها والغضب يملأ وجهه وقال:
" اللعنة عليك ، إنني لا اقصد ذلك فأنت لم تلمسي مليما واحدا من المال الذي أرسلته لك بواسطة المصرف لأنك عنيدة".
توقف قليلا ثم تابع:
" ما اقصده هو أنني ارغب في بقائك الى جانبي ، اريدكم انتم الثلاثة وأريد أن أعوّض ما فاتني خلال السنوات الثماني الفائتة".
جرفتها موجة من الحنين ، لكنها عادت الى ذكريات الجرح الذي أصابها ، فأصرت على الرفض الأمر ألذي أثار الغضب في أعماقها وقالت :
" تعوّض لنا ، تصلح الأمور ، لماذا ؟ لماذا أيها المغرور المتشبث برايه ؟ هل تعتقد اننا بحاجة اليك؟".
" بالله يا ليف ، فكري بعقلك".
سار حول الطاولة ووقف أمامها متابعا :
" لست فقيرا وبإستطاعتي أن أوفر للطفلين الحياة التي يرغبان فيها".
وضع يده على ذراعها ، إلا أنها ابعدتها عنه قائلة:
" إن الطفلين سعيدان وهما يتلقيان الحب والعناية وبإستطاعتي أن أوفر لهما أي شيء يحتاجانه".
" حتى الأب ؟".
تطلعت عيناه بقسوة الى وجهها ورات ليف الغضب باديا عل محياه برغم سيطرته على نفسه.
" حتى الأب".
قالت بإهمال وهي تهدف الى جرح كبريائه مثلما كان قد جرح كبرياءها ثم أضافت:
" طلب مني مارتن ويلسون الزواج وربما أوافق ، ألا ترى انك لم تكن بحاجة لتحمل مشقة العودة ؟ إن رحلتك لم تكن سوى مضيعة للوقت ".
" وهل هذا صحيح؟".
سال بهدوء ، بهدوء خطير واضاف:
" انت إمرأة متزوجة يا ليف ، تذكري ذلك ، ليس بإستطاعتك أن تتزوجي أحدا إلا إذا كنت تريدين إقتراف جريمة تعدد الأزواج".
" هناك دائما طلاق ، إنك رحلت منذ مدة طويلة جدا تكاد تكون هجرا ، وهذا هو الأساس المناسب للطلاق".
" لكنك تنسين شيئا يا سيدة دانيسون ، فأنا لا أريد الطلاق وخصوصا بعدما عرفت ما أفتقد ، إن لدينا الوقت الكافي من أجل إعادة الأمور الى طبيعتها ، أنت لي يا ليف ، وكلما هو لي يبقى لي ، إنني مصمم على عودتك الي مع التوامين".
" تعيدني اليك؟ لن يمكنك إستعادة شيء لم يكن ملكا لك ، اراك فيما بعد ، خارجا فليس لدينا أي شيء نقوله الآن".
" حقا ، ليس لدينا شيء نقوله!"
امسك بها بقسوة ، فحاولت التخلص منه وقالت بهدوء وهي تفكر بالطفلين الموجودين قريبا منها ، وخاصة لوك الذي لاحظ الروح العدائية بينهما:
" دعني يا رايان".
إبتسم بمكر وهو يميل نحوها قائلا:
" إن وجهك لا يعبر عن ذلك".
" دعني يا رايان ، يجب أن تخرج الآن ، فأنا أريد أن أنام".
ضمها الى صدره بقوة وقال :
" كم رائحتك زكية ، أين تقع غرفتك؟".
" رايان ، ارجوك !".
قالت ليف بحزم من دون أن تملك السيطرة تماما على عواطفها الملتهبة ، ولاحظ رايان ذلك فقال :
" أنت كاذبة ! أنت تريدين ان أبقى الى جانبك وأنا اريد نفس الشيء ، إن فترة الثماني سنوات طويلة جدا".
مرت ثوان قبل أن يتركها رايان ويتوجه نحو الباب هامسا :
" أيتها العنيدة ! تذكري ما قلته لك : انت لي".
كان صباح اليوم التالي مشرقا ، ولأول مرة في حياتها ، لعنت ليف لأنها كئيبة وحزينة ، أما ميلي ، فإنها كانت تتحدث بمرح وهي تضع المربى على الخبز فيما كان لوك يسأل والدته وهو يتناول كوب الحليب:
" هل لدى العم جويل أخوة آخرون؟".
تجمدت يدها وهي تحضر الخبز الساخن إذ كانت تعلم أنها لن تستطيع الكذب عليه بسهولة ، فالمواجهة مع رايان في الليلة الماضية كانت ما تزال تقلقها وتجعل من الصعب عليها التحدث بهدوء مع طفليها.
أعاد لوك السؤال ، فنظرت اليه أخته مندهشة.
" لا ، ليس لديه أخوة آخرون".
زوجان من العيون كانا يحدقان بها ، عينا ميلي الزرقاوان وعينا لوك البريئتان.
قالت ميلي:
" إنه وسيم جدا ، أكثر وسامة من العم جويل...".
ثم اضافت بسرعة وكأنها أحست ان كلامها يدل على عدم إخلاصها له :
" لكن العم جويل لطيف جدا".
رن جرس الهاتف ، فنهضت ليف للإجابة بسرعة كي تتخلص من ذلك الموقف المحرج.
" صباح الخير يا أوليفيا ".
" صباح الخير يا مارتن ، كيف حالك ؟ يبدو أنك إستيقظت باكرا".
" نعم ، فانا أخرج عادة للركض في المنتزه قبل تناول طعام الفطور".
" عظيم جدا ".
" هل انت منشغلة بعد الظهر ؟ كنت أرغب في الخروج مع الطفلين في نزهة".
هذا ما كانت ترغب فيه ليف أيضا كي تبتعد عن المنزل وعن اية فرصة للقاء رايان.
|