كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
3-القط والفأر
فتح جويل أبواب سيارته الفخمة كي ينزل منها التوأمان بينما وقفت ليف تتأمل منزل آل دانيسون بالإعجاب ذاته الذي شعرت به منذ ثماني سنوات ، إن أول مرة رأت فيها هذا المنزل كانت بمناسبة عيد ميلاد جويل الحادي والعشرين حيث أصيبت بذهول شديد من روعته، كان المنزل مبنيا على مرتفع يشرف عل شاطىء خاص به ، شاطىء تحتفظ ليف بذكريات ممتعة عنه.
كان دانيسون الأب فخورا جدا بمنزله بقدر ما كان شديد الإهتمام بمنطقته ، مما جعل منه شخصية معروفة بين سكان المنطقة ، ومع أن طريقة عمله وتشبثه برايه لم يرق للكثيرين ، إلا أن الجميع كانوا معجبين بإصراره على حماية المنطقة ضد إستغلالها للأغراض الصناعية.
إعتادت ليف أن تأتي مع التوأمين لمشاركة دانيسون الأب عشاءه مساء كل يوم سبت ، حتى أصبحت تلك العادة أشبه بالطقوس الروتينية ، لم يكن ذلك لأن ليف كانت ترغب في المجيء ، وإنما لأن دانيسون الب كان يصر على رؤية حفيديه بإستمرار.
حين وضعت ليف التوأمين ، أصر دانيسون الب على قدومهم جميعا لعيش معه في منزله ، لكن ليف عارضت الفكرة بحزم والحت على البقاء في منزل والدها ، لم ترغب آنذاك في التواصل مع آل دانيسون إذ كان الجرح الذي سبّبه لها رايان لا يزال طازجا وعميقا ، مع مرور الزمن ، إستطاع دانيسون الأب ، بعاطفته الواضحة نحو التوأمين ، ان يحسن العلاقة مع ليف التي سمحت له برؤية حفيديه ، بعد ثلاث سنوات ، وفي أعقاب وفاة والدها ، جدد دانيسون الأب ضغوطه عليها كي تنتقل الى منزله ولكن ليف رفضت ذلك بإصرار.
كان جويل ينجدها دائما كلما تطرق والده الى هذا الموضوع ، لأنه تفهّم بوضوح حاجتها الى الإستقلال.
في هذه الزيارة ، كانت ليف تستعد لأمسية غير عادية حيث علمت من سلفها جويل ، حينما صعدت الى سيارته من منزلها ، أن رايان سيشاركهم السهرة.
فتح الخادم توماس باب المنزل مبتسما كعادته ، وبسرعة ، هرع التوأمان الى غرفة الجلوس لمقابلة جدهما بينما سألت ليف سلفها:
" هل علم دانيسون الأب بعودة إبنه ، أعني هل جاء رايان لرؤيته في الصباح؟".
تنهد جويل بحزن وقال :
" هل تتصورين ا ن ابي لم يعلم بعد ؟ نعم ، أعتقد أن رايان سياتي لرؤيته هذه الليلة بعدما إتصل به خلال النهار وتبادل معه حديثا وديا.
" كيف إستقبل نبأ قدومه؟".
" بهدوء وهذا ما أدهشني فهو لم يثر أو ينفعل ، بل إكتفى بهز رأسه والتوجه الى مكتبه للعمل".
أمسد جويل بيد ليف تسالها:
" وماذا بشأنك، هل أنت بخير الآن ؟".
نظر جويل اليها ليرى الألم باديا في عينيها ثم هز رأسه متعاطفا معها وقال :
" أرى أنك ما زلت منشغلة البال بشأن التوأمين؟".
"نعم يا جويل ، أنا شديدة الإهتمام بشعور التوأمين وسافعل كل ما بوسعي لحمايتهما ، وإذا كان ذلك يعني التحدي ، فإنني لن أتردد ابدا".
" أظن أنه لا لزوم للقلق".
أنهى جويل حديثه حالما دخل والده غرفة الجلوس .
" أوليفيا ، جويل ، ما الذي تخططان؟".
نظر دانيسون الأب بحدة الى زوجة إبنه وتابع:
" تعال يا جويل وقدم لنا الشراب".
جلس الجميع في البهو الفخم حيث قام جويل بتوزيع كؤوس الشراب.
" أخبرني لوك أن فريقه فاز بمباراة كرة القدم الأخيرة، لذلك فانا حزين للغاية لأنني لم أشاهدها".
"نعم ، كانت مباراة مثيرة".
قالت ليف وهي ترشف الشراب فيما كان ذهنها منشغلا بالحديث الذي تبادلته مع جويل.
إنتظرت ليف أن ياتي دانيسون الأب على ذكر رايان ، إبنه الأكبر ، لكنه لم يفعل ، وهكذا ، سيطر على الجلسة جو إعتيادي تمحور حول احاديث الطفلين ، وكان لدخول الخادم توماس المتكرر أثره في الشعور العام بالإرتياح ، ولكن ليس لفترة طويلة ، فما كاد توماس يطلب الحديث مع دانيسون الأب على إنفراد حتى قطب الخير حاجبيه ،وقبل أن يأتيه الجواب ، إنفتح الباب ودخل رايان .
لم ينطق بكلمة ، وفيما كانت عيون الجميع شاخصة نحو رايان ، وضعت ليف الشوكة والسكين بإعتناء أمام صحنها وقلبها يخفق بشدة.
لم يبد رايان يوما أكثر وسامة مما كان عليه اليوم ، وكادت ليف تركض اليه وتتعلق به ، إلا أنها حافظت على توازنها وحرصت عل إخفاء الإنفعالات الفورية وحفظها في الماضي ،حيث مكانها ، الى جانب الحب الذي أعطته إياه بسخاء فحطمه عندما نال مبتغاه.
كان رايان يرتدي قميصا قصير الأكمام ، ولحظة دخوله ، إكتسى وجهه بتعبير جاف وقلما لمعت عيناه وهما تتحركان متفحصتين كل فرد.
نظر جويل بلهفة الى والده ثم وقف على قدميه، لكن الأخير أعاده الى مقعده بإنزعاج من دون ان يتطلع اليه ، بل تطلع الى إبنه الأكبر وقال:
" حسنا يا رايان ، إن وجودك غير تقليدي كالعادة ، هل ستشاركنا العشاء أم انك ستبقى واقفا هكذا طوال السهرة؟".
أحنى رايان رأسه تاركا الباب يتأرجح وراءه.
" جهّز له طعامه يا توماس".
قال دانيسون الب وهو يشد رايان الى المقعد الفارغ أمام جويل ومقابل ليف.
" تناولت طعام العشاء ، شكرا لك يا توماس ، إنني أرغب في فنجان من القهوة".
" أجل يا سيد رايان".
كان التوأمان يراقبان الزائر الجديد بإهتمام متسائلين عن سبب الإضطراب السائد في الغرفة .
نظر دانيسون الب الى ليف والتوأمين ثم الى أبنه رايان وقال ببرود:
" أيها المبذر! اما كان ينبغي أن تخبرنا بمجيئك بدلا من مفاجاتنا؟".
"كفى يا أبي ، إن حب المفاجأة شيء ورثته عنك ، فأنت سيد الوسائل الفجائية ، رفع رايان حاجبيه قبل أن ينظر الى ليف قائلا وهو يشير الى الطفلين بعينين متحديتين:
" ألن تعرفينا على بعضنا البعض؟".
خاطبت ليف التوأمين:
" هذا هو رايان ، الأخ الأكبر لعمكم جويل".
|