كاتب الموضوع :
أوراق~
المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
الورقة الثالثة
مجزرة !!
بعد أن أسدل الليل ستاره ،كانوا مفترشين تراب العزة وملتحفين بسماء الكرامة
البعض منهم قد نام وخصوصاً الأطفال
البعض جلس في حلقة يتحدثون عن حكاياتهم ويتعارفون على بعض
والبعض يتابع أخبار الثورات العربية من خلال التلفاز الذي تم توصيله
والبعض يتحدث عن الثورة ويحللون الأوضاع السياسية في المنطقة
كان الوضع هادئ
لم يكن أحد متوقعاً ما سيحدث بعد قليل
لم يتوقع أحد أن يتم غدرهم ويتم الهجوم عليهم بشكل مباغت
لم يكن في الحسبان أن يسقطوا شهداء بالجملة
لم يكن في الحسبان أن تعتقل النساء
أشياء كثيرة لم تكن في الحسبان ولكنها حصلت
بعد الهدوء تأتي العاصفة وها قد أتت
قام رجال سلب الأمن بحصار الميدان
لم يكن هناك مخرج
قُمِع المعتصمون النائمون
البعض منهم استيقظ والبعض نام نومته الأخير
البعض منهم استطاع الفرار والبعض لم يستطع
صراخ النساء والأطفال تعالى
الرجال يحاولون حمايتهم قدر استطاعتهم
وجهوا نداءات الاستغاثة للماكثين في منازلهم
البعض منهم سمع النداء والبعض لم يسمع
فلنتحدث عن أول شهيد في هذا الهجوم
((أسامة))
شاب يبلغ من العمر 22 عاماً يدرس في الجامعة هندسة معمارية في سنته الأخيرة
بشوش الوجه طيب الخلٌُق
استطاع الفرار من الميدان ، ولكنه لم يستطع أن يصم أذنه عن صراخ النسوة و الأطفال
عاد أدراجه استطاع أن يحمل طفلة نائمة ويركض بها إلى أحد البيوت القريبة من الميدان
عاد إلى الميدان مرة أخرى رأى طلقة غدر ستصوب إحدى النساء ذهب مسرعاً ليتلّقى تلك الطلقة
وخرّ صريعاً
لا تظن يا قاتلي بإن بقتلك تؤذيني بقتلي أرديت نفسك قبل أن ترديني
لم تتوقف قافلة الشهداء على هذا الشهيد
هناك شهيد آخر
(( يعقوب ))
رجل مسن يبلغ 60 عاماً
لديه 4 من الأولاد
ابن واحد و3 فتيات
رجل مسالم ، محبوب بين أهل قريته لم يؤذِ جيرانه قط معروف بين أهل قريته بالرجل الطيب
كان مع ابنه في الميدان طلب من ابنه العودة إلى المنزل
استغرب ابنه طلبه فسأله عن السبب فقال له : بني الليلة سوف استشهد هنا عد إلى المنزل فأمك وأخواتك يحتاجونك من بعدي
رفض الابن الطلب ولكن الأب أصرّ عليه فلم يجد إلا العودة إلى المنزل بعد توديع والده الوداع الأخير
الوداع الأخير دوماً يأتي مؤلماً مباغتاً
في الهجوم على الميدان تم تفجير رأسه بدون أن تأخذهم أية شفقة بالرجل المسن
(( أحمد ))
شاب في الـ ((30)) من عمره
متزوج لديه ابن يبلغ الرابعة من عمره
ترك زوجته وطفله في المنزل
وصّى زوجته بالإعتناء جيداً بنفسها وابنه
كان متيقناً باستشهاده ولكنه لا يعلم متى
مصاب بضيق التنفس
استشهد متأثراً بالغازات المسيلة للدموع
معروف بشهامته بار بوالدته
دائماً ما يكونون الشهداء من خيرة الناس
(( عبدالله ))
شاب يبلغ 25 عاماً
من المفترض أن تكون الليلة ليلة زفافه ولكنه ما إن سمع نداء الشهادة حتى أسرع لتلبيتها
توّجه التاريخ بلقب (( عريس الشهادة ))
ترك الدنيا وما فيها لينال الجنة وما فيها
كانت مجزرة حقيقية
الدماء في كل مكان
صراخ النسوة والأطفال تتعالى
الإسعاف يسعى للدخول إلى الميدان ولكن قوات سلب الأمن منعته !!
قام الرجال بحمل المصابين إلى المستشفى
حالات حرجة
إغماءات
إصابات في العين
وغيرها من الإصابات التي لا يمكن علاجها بالإسعافات الأولية
كانت ليلة طويلة مخضبة بالدماء
حلت بمصابها على الشعب أجمع
ليلة لن ينساها الأحياء
سُميت تلك الليلة بـ ((ليلة الدماء))
|