كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
صعدوا درجات السلم المؤدية الى المنزل ، واطلت السيدة كريستوف مولولة:
" سيد ديفلين ، سيد ديفلين ، الحمد لله على مجيئك ، يا لها من فاجعة مؤلمة".
دفعها جانبا :
" أين ثيو؟".
" وضعناه في غرفته ، وبذلنا المستحيل لإسعافه".
صاح ديفلين بحدة:
" لا بد من إجراء تحقيق ، أين عمتي ؟ كيف جرى الحادث ؟".
تلعثمت السيدة كريستوف ، وقالت متأوهة:
" عاد السيد ثيو الى المنزل مضطربا ، غاضبا ، سأل عن الآنسة كريستينا ، فقلنا له انها لم تعد بعد ، جن جنونه ، وأخذ يشتم ويلعن ، ثم هرول الى سيارته ، وأدار المحرك ، ولست أدري ما الذي حدث بعد ذلك ، إرتطمت سيارته ببوابة الحديد ، هرولنا لمساعدته ، ولكن بعد فوات الأوان ، كان شابا رائعا بكل معنى الكلمة ، رحمه الله".
ثم راحت تولول وتنتحب بحزن واسى ، إستدار ديفلين نحو كريستينا:
" الأفضل لك أن تذهبي مع كلايف الى بيته ، إبقي مع زوجته لورنا ، وسوف أنضم اليك في الصباح ، وبالمناسبة ، أنوي الطلب منك لقبولي زوجا لك".
تجمدت كريستينا في مكانها مشدوهة ، لا تكاد تصدق شيئا ، شدها كلايف من يدها:
" هيا بنا يا كريستينا، ستغتبط لورنا لرؤيتك ، قلقت عليك كثيرا ، وظنت أنك تعرضت لحادث ما".
ظلت تراقب ديفلين الى ان إختفى عن أنظارها ، ثم تأبطت ذراع كلايف ، وعادت أدراجها.
وكانت العاصفة تتلاشى بسرعة وحبست الغيوم هدير أمطارها.
صعد ديفلين الى الطبقة العليا ، فإعترضت طريقه يولالي تئن بالم ، ضمها اليه يهدىء من روعها ، ودخل غرفة عمته ، فوجدها في حالة من الأنهيار التام ، رفعت رأسها عندما اثترب منها ، وقالت شاكية:
" انت المسؤول عن كل هذا ، أنت قتلت ثيو ، وإياك أن تتفوه بكلمة واحدة ، ساغادر هذا المكان باقرب فرصة ممكنة ، وإفعل ما شئت بالمنزل والمزرعة ، لم يعد يهمني أي شيء بعد وفاة حلم حياتي".
قرر ديفلين ان يتركها وشأنها ، وتوجه الى غرفة ثيو ، ألقى عليه نظرة سريعة ثم اوصد الباب ، ودخل الى غرفة كريستينا وغط في نوم عميق.
نهض باكرا في صباح اليوم التالي ، وعمد الى الإتصال بالشرطة للمجيء الى المنزل ، والتحقيق في الحادث الذي ذهب ضحيته ثيو ، ثم تناول فطوره بهدوء في غرفة المكتبة ، وأسرع الى بيت كلايف لمتابعة بحث مستقبله مع كريستينا.
وجدها تجلس مع لورنا في غرفة الإستقبال ، وما أن دخل حتى هرعت كريستينا نحوه بلهفة:
" هل من جديد؟".
قال برباطة جاش:
" لا ، ستاتي الشرطة بعد قليل ، وتنتهي القضية عند هذا الحد ، ويعلنون الحادث قضاء وقدرا ، أما عمتي فسترحل الى المارتينيك ، وربما الى فرنسا ، ولكنها لن تبقى في آرك إينجل مهما كانت الأحوال ، والآن لنعد الى موضوعنا الأساسي".
نهضت لورنا ، وإستأذنت بالذهاب الى المطبخ لإعداد بعض المرطبات.....
ظلت كريستينا قلقة البال ، فقررت أن تواجه ديفلين بحقيقة شكوكها ، سألته وهو يجلس بجانبها:
" وماذا عن يولالي؟ هل ستتخلى عنك؟".
طافت إبتسامة باهتة على فمه:
" ما الذي تقولينه ، ما علاقة يولالي بي؟".
خالته يمعن في خداعه المعتاد:
" لقد رأيت يولالي تسلل عبر الحديقة الى كوخك تحت جناح الظلام ، ثم رأيت تمثالها بين مجموعة التماثيل الأخرى ، وثمة شيء آخر ، سر إحتفظت به ولم أطلع أحدا عليه ، إن يولالي حامل ، ولا بد....".
تجهم وجهه ، وإنقبضت أساريره ، ورد مقاطعا:
" يا عزيزتي كريستينا ، كم انت بريئة ، أولا ، إن يولالي زارتني مرة واحدة ، وبعد ألحاحها علي لحفر تمثال لها لكي تهديه الى حبيب قلبها ، اما حبيب القلب هذا فهو ثيو ، نعم ثيو ، كان يقيم علاقة سرية معها ، وبدون معرفة عمتي ، أما السيدة كريستوف فكانت تعلم كل شيء ، وانا بالطبع إطلعت على القصة بكاملها من يولالي نفسها".
تنفست كريستينا الصعداء:
" ما أغباني ، لم أحسب أن ذلك الإبليس اللعين قادر على كل هذه الأعمال المنكرة".
إحتضن يدها بين راحتيه:
" والآن ، أحب أن أتقدم منك وأطلب يدك ، هل تقبلين الزواج مني؟".
صمتت كريستينا غارقة في بحر أفكارها ، ماذا تقول له ؟ هل تقبل به زوجا لها ؟ إنها حتما تحبه ، وإكتشفت مع مرور الوقت وتوالي الأحداث أنه رجل صادق ، مخلص ، حاولت عائلة براندون تلطيخ سمعته النظيفة ، وماذاعن إستعدادها للعيش والسكن في هذه الجزيرة الصغيرة؟ وكيف ستتولى شؤون منزل بهذه الضخامة ؟ ثم ، قبل كل شيء ، هل يحبها كما تحبه ؟ قطع ديفلين سلسلة افكارها:
" إنني انتظر جوابا واضحا وصريحا ، وأؤكد لك أن حبي لك صادق وعميق ، ونابع من إعجابي بشخصيتك وذكائك وقدرتك على تحمل المصاعب".
عادت لورنا تحمل أكواب المرطبات ، إنتهزت كريستينا الفرصة لتعلن موافقتها:
" لورنا ، ديفلين يريدني ان أكون زوجة له ، وقد قبلت ، ما رأيك؟".
أجابت لورنا مغتبطة:
" هذا أسعد نبأ سمعته منذ زمن طويل".
غمغم ديفلين بعض الكلمات الغامضة ، ثم رفع يد كريستينا وضمها الى صدره.
وكانت الشمس ترسل اشعتها عبر النافذة ، فتغمر الغرفة بنور متوهج ، متالق وكأنها تعلن عن إبتهاجها بالنبأ السار ، وتتمنى لهما حياة سعيدة ، هنيئة.
تمت
|