كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
مدت السيدة براندون يدا مرتعشة:
" ولكنك أدخلت الأمل الى قلبي يا إبنتي ، شارفت حياتي عل نهايتها ، ولا أتمنى أي شيء سوى رؤيتك تعيشين مع ثيو في بيت واحد ، أنت وحدك قادرة على إسعاد ثيو وإسعادي".
جحظت عينا كريستينا:
" إستمعي الي جيدا يا سيدة براندون ، لن أتزوج ثيو ، الان او في أي وقت آخر ، وانوي الرحيل عن سانت فيكتوار والإستقرار في أنكلترا ، سواء قبلت ام رفضت".
إغمضت العجوز عينيها:
" نعم ، ربما كان ذلك أفضل حل ، سأحجز لك مقعدا على الطائرة من المارتينيك ، ولكن ليس الآن ، أرجوك يا كريستينا ان تتكرمي علي وتساعديني في الإعداد لعيد ميلاد ثيو الأسبوع المقبل ، وبعد ذلك لك مطلق الحرية ، وساقدم كل مساعدة ممكنة".
جلست كريستينا على سريرها ، تتجاذبها آراء متضاربة ، اقنعت نفسها أن بقاءها بضعة ايام أخرى لن يغير شيئا طالما أن السيدة براندون رضخت للأمر الواقع كما يبدو ، قالت متنهدة:
" حسنا ، سابقى ثم ارحل فور إنتهاء الحفلة".
راحت تتقلب متململة في فراشها تلك الليلة ، حائرة ، غاضبة ، تتقاذفها اصابع القدر الخفية ، وصورة مستقبلها الغامض ، لماذا قررت البقاء ؟ هل لأنها أشفقت على السيدة براندون وأرادت الحفاظ على ذكرى صداقتها القديمة مع عمتها غريس؟
دفنت راسها في الوسادة ، هتف صوت داخلي يهزأ منها ، إن عدم رحيلها مباشرة يتعلق به هو ، إنه السبب الرئيسي وراء بقائها ، وأملها في سماع كلمة واحدة تغير مجرى حياتها ، ومهما كان تعلقها به وحبها له ، فكرت يائسة ، ما الفائدة من هذا الإنتظار ؟ آن لها الإقتناع بطبيعته وإستهتاره ، إستغل يولالي ، وهو يريد إستغلالها لا أكثر ، هذا هو الواقع الأليم ، ولكن عليها مواجهته كما هو ، إن ديفلين رجل شرير عليها الإبتعاد عنه.
كانت لا تزال كئيبة ومتعبة عندما إستقبلت أنوار الصباح ، إرتدت ملابسها بسرعة، وتوجهت لتوها الى جناح السيدة براندون ، إعترضت يولالي طريقها قائلة:
" إن السيدة براندون لا تزال مرهقة ، وقد إستدعينا الطبيب لمعالجتها ، ولا ترغب في رؤية أحد".
عادت كريستينا أدراجها ، كانت تلقت تعليمات واضحة بالإعداد لحفلة ثيو ، عمدت الى إرسال كل بطاقات الدعوة ، ثم توجهت للتداول مع السيدة كريستوف ،وجدتها متجهمة الوجه ، تبدي تافها من الحفلة وهموم إستقبال الناس والإهتمام بهم، فقررت أن تتحدث الى الطاهية مباشرة.
كانت كريستينا في حالة يرثى لها ، عندما سمعت هدير سيارة خارج المنزل ، ولمحت السيدة كريستوف تفتح الباب لزائر أتى للإطمئنان على صحة السيدة براندون ، لكن اصابتها الدهشة وهي ترى لورنا مينارد تدخل الى غرفة المكتبة فلحقت بها ، وتهللت اساريرها:
" لورنا ! يا للمفاجأة السارة ، ماذا تفعلين هنا؟".
ردت لورنا تتكلف إبتسامة باهتة:
" إستدعتني السيدة براندون هذا الصباح ، ويبدو أن علي مساعدتك في شؤون الحفلة ، خاصة وانك ستصبحين سيدة المنزل عما قريب".
حملقت كريستينا مندهشة:
" ماذا تقولين ؟ هل أصبحت حديث الجزيرة؟".
أجابت لورنا بعفوية:
" إنك على كل شفة ولسان ، ولم تعد القضية سرا ، أليست الحفلة من اجل إعلان الخطبة؟".
قالت كريستينا ببطء:
" لا ، إن الحفلة من أجل عيد ميلاد ثيو لا أكثر ولا اقل ".
نظرت اليها لورنا بإرتياب :
" كنا نتوقع زواجك من ثيو منذ أن وطئت قدماك أرض سانت فيكتوار".
قالت كريستينا مستاءة:
" يا لخيبة الأمل ، أطمئنك يا لورنا انني ساقفل عائدة الى أنكلترا الأسبوع المقبل ، ولن يرى وجهي احد من عائلة براندون بعد ذلك".
إرتسمت إمارات الغبطة على وجه لورنا :
" هل انت جادة ؟ يا له من خبر سار ! ولا اخفي عنك مدى كراهيتي لهذا الصبي الأناني المدلل ، إن زوجي كلايف لا يقل كرها لثيوعني ، يا له من ولد خسيس، كلما وقع نظري عليه ، اخال انني ارى أبليس اللعين".
نعم ، فكرت كريستينا ، هذه هي الحقيقة التي فاتتها ، حقيقة غطرسته،وحبه للسيطرة والإستبداد ، وفظاظته ، كانت تظن ان تحذير العراف ينطبق على ديفلين ، ولكنها كم كانت مخطئة ! الآن تعرف من هو أبليس الحقيقي.
إستطردت لورنا:
" ولكن كيف ستغادرين هذا المكان؟ إن عائلة براندون لا تتخلى عن غنائمها بسهولة".
"وعدتني السيدة براندون امس بمساعدتي على الرحيل فور إنتهاء الحفلة".
حدّجتها لورنا مستغربة:
" يبدو لي أنها خدعتك ، وإلا ما معنى أخذ الخاتم الى الصائغ لتنظيفه وتصغير حجمه ، وطلبت منا الإستعجال".
علقت كريستينا:
" هكذا إذن ، كانت السيدة براندون تريد وضعي تحت الأمر الواقع في ليلة الحفلة معتقدة أنني لن أجرؤعلى رد طلبها أمام اصدقائها".
سالتها لورنا برقة:
" وهل ترفضين طلبها في وضع كهذا؟".
تنهدت كريستينا :
" إنه موقف حرج ، ولذلك علي الفرار بأسرع وقت ، متى يبحر المركب من الميناء؟".
" الساعة الرابعة بعد الظهر ، ولكن كيف ستصلين الى هناك؟".
تراقصت عينا كريستينا:
" سأطلب من لويس نقلي بالسيارة ، سأختلق عذرا ملائما ، فاقول له انني أريد مقابلة فرقة موسيقية لإكتشاف إمكانية إستئجارها ليلة الحفلة.
سالتها لورنا:
" وماذا عن أمتعتك ؟ كيف ستحملينها معك بدون إثارة الشكوك؟".
رمت كريستينا يديها متأوهة:
" لا بد من العثور على وسيلة ما".
قالت لورنا:
" أحزمي أمتعتك ، وضعيها في مكان أمين ، ثم آخذها معي الى بيتي وأحتفظ بها حتى تتدبري أمرك فأرسلها اليك ".
" شكرا يا لورنا ، لا أدري كيف أعبر لك عن عرفاني بالجميل".
تنهدت لورنا:
" والان لنعد الى الحفلة وتدبير شؤونها".
|