لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-02-12, 08:36 PM   المشاركة رقم: 21
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

6- لن اتخلى عنك

ما ان أرتدت ملابسها في صباح اليوم التالي ، حتى توجهت كريستينا الى غرفة السيدة براندون ، قرعت الباب ، ففتحته يولالي بوجه عابس ، وكادت أن تغلقه ثانية معلنة:
" الأفضل ان تعودي في وقت لاحق ، السيدة براندون لا تستطيع رؤيتك الآن ! ".
دفعت يولالي جانبا ، ودخلت الى غرفة الجلوس:
" ارجوك ان تخبريها عن حضوري".
ترددت يولالي لحظة ، ثم مشت متاففة نحو غرفة النوم ، ظلت كريستينا واقفة قرب النافذة الكبيرة تمعن النظر في جمال الحدائق وزرقة البحر المتلألئة في البعيد ، أدركت كم سيصعب عليها الرحيل عن هذا المكان ، بعد أن ألفت عالمه الغريب ، تراءى أمامها الشاطىء الفضي ، وأشجار النخيل المحيطة به ، وغمر أحاسيسها دفء المياه المترقرقة ، إنها مناظر لن تنساها أبدا ، وستحمل معها ذكريات أليمة ايضا ، وخاصة ذكرى ديفلين براندون بكل عباراته وىرائه وحركاته وهمساته الخبيثة ، احست في قرارة نفسها ان شبحه سيظل يلاحقها مهما إبتعدت عنه ، كان جزءا لا يتجزأ من كل هذه الأجواء ، من المنزل ، والشاطىء وجزيرة سانت فيكتوار ، وحتى المارتينك.
منتديات ليلاس
تنهدت متحسرة ، وإستدارت تلقي نظرة متبرمة على باب غرفة النوم المغلق ، بدا لها أن السيدة براندون تتعمد التلكؤ في الإستجابة لطلبها ، ربما ترامت الى مسامعها أحداث الليلة الفائتة ، وهي تعبر عن إستيائها بأسلوبها الخاص ، ولعلها تنوي طردها من عملها ، ولا حاجة الى تقديم إستقالتها ، ثم لم تلبث كريستينا أن طردت هذه الفكرة من ذهنها ، لا ، إن السيدة براندون تبذل قصارى جهدها لأنشاء علاقة حميمة بين حفيدها وفتاة مجهولة ، متواضعة الحسب ، ولدت صدفة في أنكلترا ، ولكن ما الذي ترمى اليه من وراء هذه العلاقة؟ فكرت كريستينا مليا ، لا أهمية لذلك ، كل ما تريده هو الرحيل ، والإبتعاد ليس عن ثيو ، بل عن ديفلين اللعين الذي كادت أن تخضع لإغرائه ، هالها أن تتجاذبها نحوه هذه المشاعر الدفينة ، الغامضة.
إنفتح باب غرفة النوم ، وأطلت يولالي تومىء برأسها علامة إستعداد سيدتها لإستقبال كريستينا.
كانت السيدة براندون جالسة في سريرها ، متوشحة بغطاء حريري ، أرجواني اللون ، ومنكبة على ما وصلها ذلك الصباح من رسائل ، رفعت حاجبيها ، ترحب بكريستينا :
" صباح الخير يا عزيزتي ، إنها زيارة مبكرة ، هل من مشكلة؟".
احنت كريستينا براسها ،وجلست على كرسي ملاصق للسرير ، وأدهشتها دماثة السيدة براندون الى حد أخجلها ، ولمست يدها قائلة:
" ما هي المشكلة ؟ هل إنزعجت من قضاء السهرة ليلة أمس مع ثيو؟".
إضطربت كريستينا :
" هل بلغتك أخبار ليلة امس ؟".
ردت السيدة براندون بهدوء:
" طبعا يا إبنتي ، لا يفوتني أي شيء يجري هنا ".
وسارعت كريستينا الى القول :
" إذن لن افاجئك إذا ما قدمت إستقالتي وغادرت فورا".
قطبت السيدة براندون جبينها :
" ولماذا؟".
تململت كريستينا فوق كرسيها:
" المسألة واضحة ، لا يمكنني البقاء هنا بعدما جرى".
هزت العجوز براسها :
" ولم لا ؟ لأن صبيا أحمق فقد صوابه في لحظة عابرة تريدين التخلي عني ؟ إن تصرفك يذهلني ، هذه مسائل تتعرض لها كل فتاة مثلك".
اجابت كريستينا بصوت خفيض:
" من السهل عليك إعتباري فتاة ساذجة ، لكنك لم تشهدي بام عينك حقيقة ما جرى ".
إستطردت السيدة براندون :
" أعرف ما فيه الكفاية ، إعترف لي ثيو بكل شيء ، وهو ياسف جدا لتمزيق أكمام فستانك ، ويبدي إستعداده لمرافقتك الى المارتينيك كي يشتري فستانا جديدا....".
قاطعتها كريستينا :
" يبدو انك يا سيدة براندون مصرة على تجاهل ما قلته لك ، طلبت منك قبول إستقالتي".
تحولت عينا العجوز الى قطعتي جليد :
" لا يا كريستينا ، لست مستعدة أن أقبل ذلك ، إنك فتاة جذابة ، وىن لك إدراك هذا ، واوافق على أن ثيو تمادى ...".
لم تدعها كريستينا تسترسل في عبارتها :
" لا فائدة من الإعتذار والتملق ، اوضحت لك موقفي ، ولا أنوي التراجع عنها ".
علت مسحة من الشحوب وجه السيدة براندون ، وبدات شفتاها بالإرتجاف كورقتي خريف :
" من الأفضل لك يا كريستينا إعتبار حديثك مجرد زلة لسان ، يمكنك الإنصراف الان ، عندما تهدا أعصابك سأرسل ثيو ليعتذر منك ، وأرجو ألا تخيبي ظني بك فتصفحي عنه".
إزدادت كريستينا إستياء ، وهي تتصور لقاء عاطفيا جديدا بينها وبين ثيو:
" لا حاجة الى ذلك ، ارجوك ، لا أطلب أكثر من قبول إستقالتي ، والسماح لي بالرحيل في نهاية الشهر".
أجابتها السيدة براندون بحنق ظاهر:
" إن ما احاول قوله هو أنه يستحيل عليك مغادرة هذا المكان ، والرحيل بهذه البساطة ، لا يمكنني التخلي عنك يا عزيزتي".
أمعنت كريستينا في إستفزازها:
" لماذا؟ لأنك وضعت خطة لتقرير مستقبلي!".
قررت العجوز مهادنتها:
" أرجو المعذرة يا كريستينا ، يبدو انني أخطات التقدير ، ولن تتيح لي الظروف تحقيق أمنية عزيزة على قلبي وقلب عمتك ، إنك ترفضين هذه المنية بكل قواك ، واستميحك عذرا إذا ما أغضبتك".
حملقت كريستينا في قسماتها ، أركها تواضع ربة عملها المفاجىء ، وماذا قالت بالضبط؟ إستفسرت علها تبدد مخاوفها .
" أتيت على ذكر عمتي غريس.....".
أجابت السيدة براندون بإنحناءة من راسها :
" عقدنا إتفاقا ونحن على مقاعد الدراسة ، فإلتزمت أن أنجب إبنا ، وإلتزمت هي بإنجاب إبنة ، ويتزوجان عندما يبلغان سن الرشد ، وحافظ كل منا على هذا الإتفاق ، ولهذا السبب ذهبت الى انكلترا ساعة إعلان وفاة عمتك في الصحف وجلبتك الى هنا لتحقيق وعد قطعته عل نفسي".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 14-02-12, 08:37 PM   المشاركة رقم: 22
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

جلست كريستينا صامتة ، مشوشة الأفكار ، وجدت صعوبة في تصديق كلمات السيدة براندون ، هل تريد القول أن عمتها غريس عقدت معها صفقة حول مستقبلها هي ؟؟ ألهذا السبب أتت الى هنا لتنفيذ شروط الصفقة التي تخصها ، ولم تكن تدري بوجودها ؟ غمرتها موجة من الياس القاتل ، فقررت الإفصاح عن رايها بوضوح:
" إنني آسفة ، لم يكن لي علم بكل ذلك ، وإلا لما كنت أتيت الى هنا، لا شك أن الكثيرين يرسمون خططا كهذه لمصلحة البنين والبنات ، ولكن نادرا ما يتوقعون تنفيذ هذه المشاريع حرفيا عندما يبلغ الولاد سن الرشد".
توهجت عينا السيدة براندون ببريق عجيب:
" هذا ما توقعته ، ولم يغب عن بال عمتك موقفا كهذا ، فكري في مستقبلك قليلا يا كريستينا ، ما الذي تأملينه ؟ تقلد منصب هام ؟ إنها مسالة بعيدة الإحتمال ، وأنت تنقصك المؤهلات اللازمة ، إن الزواج هو الحل الأفضل ، لا بل الوحيد ، إلا إذا كنت تريدين قضاء حياتك عانسا وعالة على الآخرين".
تسارعت نبضات قلبها ، فإكتفت كريستينا بالقول :
" شكرا على نصيحتك الثمينة ، وتصورك الأمور بهذه الصورة القاتمة".
إتكأت السيدة براندون على وسادتها ، وأشارت:
" احاول ان أكون واقعية ، لا أدري لماذا يقلقلك الزواج من حفيدي ، ألا يعجبك أن تكوني سيدة آرك إينجل؟".
اطرقت كريستينا براسها ، نشب في داخلها صراع عنيف لا بد لها من حجبه عن السيدة براندون ، وعدم إعطائها فرصة إستغلاله لمصلحتها ، دغدغت احلامها فكرة بقائها في آرك إينجل ، والتمتع بهذه الرفاهية ، والثروة الطائلة التي تراود مخيلة الملايين من الناس ، ولكن ، وفي الوقت نفسه ، رن في اعماقها صوت ديفلين هازئا ، محذرا ، فإرتعدت فرائصها هلعا ، لا يمكنها الزواج من ه\ثيو ، او من أي شخص آخر لا تكن له حبا عميقا ، علمتها تجربتها القصيرة ، المبتورة أشياء كثيرة حول أسرار القلب ، والعواطف المشبوبة ، وهي تعرف معرفة أكيدة أن ثيو لا يثير فيها أي إحساس بالحب ، كما تفهم الحب وتفسره .
داهمها الشعور بالشفقة والذنب ، إن ثيو يعرض عليها الزواج بإخلاص وصدق نية ومع ذلك لا تبالي به ، بل تمتعض من إهتمامه بها ، في حين أن ديفلين ، الذي تعشق طيفه بدون مبرر ، ينظر اليها كمجرد دمية للتسلية ، مع ذلك ، يتحتم عليها مواجهة الحقائق كما هي ، ومهما كانت الآلآم والعقبات.
رفعت رأسها ورمقت السيدة براندون:
" أنا آسفة ، لا يمكنني الزواج من ثيو".
تجهم وجه السيدة براندون :
" إن في العجلة الندامة يا إبنتي ، أنت ما زلت في مقتبل العمر ، وأمامك متسع من الوقت لإتخاذ قرار حول هذه المسألة ( وعلت وجهها إبتسامة شاحبة وإستطردت ) إن الإنكليز مثاليون جدا ، ويحلمون دائما بالحب الحقيقي الصافي ، إن الأرض ، يا إبنتي ، والعقارات ، وإستمرار الميراث ، هذه هي الأمور الهامة في الزواج ، لم تخطر على بالك هذه الأشياء لأنها كلها بعيدة عن أجوائك السابقة ، سأترك لك مجالا رحبا للتفكير والتمعن في هذه المسائل ، لست في عجلة من أمري ، أما الآن يا عزيزتي فيمكنك الإنصراف ، أرسلي الي يولالي وأنت في طريقك الى الخارج".
مضت كريستينا الى غرفة الجلوس ، وهي في حالة يرثى لها ، ما هذه الورطة المرهقة؟ تساءلت يائسة وهي تعود الى غرفتها ، تنوي تقديم إستقالتها منذ لحظات قليلة ، وها هي تحمل معها نص الإستقالة ، وتطويه في جبينها كأنه خطأ شنيع ، وتتعرض لشتى الضغوط لكي تتزوج ثيو ، وبطريقة طبيعية ،ولا أثر لإحترام مشاعرها في كل ما يدور كأن المسالة لا تعنيها مباشرة.
قررت أن تعيد الكرة ، وتقدم حججا دامغة تثبت عبرها شخصيتها ، وحريتها في رسم مستقبلها ، ولكن ما الفائدة؟ عليها الرحيل عن هذا المكان ، لماذا لا تذهب الى المارتينيك على الأقل ، وتشتغل هناك لإعالة نفسها ، وتوفير ثمن تذكرة العودة ؟ هذا إذا رفض السيد فريث مساعدتها.
تلخصت مشكلتها الأساسية في كيفية الذهاب الى المارتينيك ،كان بإستطاعتها الطلب من لويس ليقلها بالسيارة الى الميناء حيث يرسو المركب المتنقل بين سانت فيكتوار والمارتينيك ، ولكن لويس موظف يعمل لدى السيدة براندون ، وقد يشي بها ، إذن ليست طليقة ، حرة الإرادة كما توهمت.
داعبت خيالها فكرة اللجوء الى كلايف ولورنا مينارد ، إن لورنا ستساعدها إذا ما عرفت حقيقة الأمر ، ولكن هل يحق لها جس نبضها ؟ إن كلايف هوالآخر موظف لدى عائلة براندون ، ومن الخطأ التوقع منه تعريض وظيفته للخطر.
دفنت راسها في راحتيها ، تحاول إيجاد حل لورطتها ، وأدركت أنه يوجد أمامها خيار واضح ينهي محنتها إذا ما وطئت النفس على تنفيذه.
إن ديفلين براندون يملك مركبا يبحر فيه جيئة وذهابا ، وهو ، علاوة على ذلك ، طلب منها ، وبكل وضوح ، مغادرة سانت فيكتوار ، هل سيكون عند حسن ظنها ، ويبدي إستعداده لتقديم خدماته ؟ لا تخاله سيرفض مساعدتها ، طالما أنه لا يشعر بأي ولاء لعمته وهو الذي اعلن ذلك مرارا.
ولكنها هي ، كريستينا ، مدينة له بالشيء الكثير ، هل يجوز لها إلتماس مساعدته ؟ ألم يحذرها من عدم اللجوء اليه عندما تسوء أحوالها ؟ وهي الان تلجأ اليه متضرعة ، ويا لذلها إذا أشاح بوجهه عنها!

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 14-02-12, 08:38 PM   المشاركة رقم: 23
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

مشت متثاقلة نحو النافذة ، وسمعت صوتا في داخلها يقول لها ، لا لن يطردها ويرفض مساعدتها ، ولكنه سيفرض ثمنا مقابل اتعابه ، ضغطت بيديها على اذنيها ، لإخراس الصوت المزعج ، لا بد ان تكف عن التفكير في هذه الناحية وإلا فقدت ما تبقى من بأسها وشجاعتها.
وإنسلت عبر السلم الى الحديقة ، لا تبالي بصحة ما تقوم به، كانت تلهث ، يهدها التعب عندما بلغت الكوخ ، توقفت لإلتقاط انفاسها ، أخذت تجيل النظر متوجسة ، لم تعثر على أي أثر لمركب ديفلين ، عذراء القمر ، وكان الكوخ رابضا مسدل الستائر ، مرصد البواب.
إنتابها قلق أليم ، لم يعد امامها سوى العودة الى المنزل وإنتظار عودته ، هذا ما يجب عليها فعله ، حدثت نفسها ، وقدماها تشدانها الى الوراء.
تقدمت من الكوخ ، فرأت المفتاح لا يزال في قفل الباب ، فتحته ودخلت ، كان الجو في الداخل خانقا ، يخيم عليه سكون رهيب ، خطت بحذر نحو النافذة ، وسحبت الستار ، فتدفقت أشعة الشمس تغمر الجدران ، وتضفي بعض الدفء على قطع الأثاث.
بدا الكوخ بالغ النظافة ، مرتبا ، ناصعا ، ويوحي كل شيء فيه أن صاحبه لم يغادره لقضاء امر مستعجل ، ولن يلبث أن يعود ، لا بل يدل على غياب في رحلة طويلة الأمد ، راحت تبحث عن أي دليل يكشف سره الغامض ، تمنت أن تعثر على عنوان أو رقم هاتف حيث يمكن الإتصال به ، وأدركت مدى حماقتها ، إن ديفلين براندون لا يهتم بهذه التفاهات ، وبأي حق تسمح لنفسها التطفل هكذا ؟ لا حق لها إطلاقا.
ورات نفسها امام المقعد الخشبي ، هنا يقوم ديفلين بممارسة فن الحفر ، إزداد فضولها لإكتشاف نوع العمل الذي ينتجه ، رفعت الغطاء بحذر ، وإلتقطت قطعة من القطع ، كانت تمثل صقرا منفرج الجناحين ، تأملته مليا مبدية إعجابها بأسلوبه الفني البارع ، وأخذت تتفحص بشغف القطع الأخرى التي لا تقل إتقانا وتبرز مهارة مرهفة.
وقع نظرها على قطعة ملفوفة بغلاف ورقي ، فضّت الغلاف وحدقت فيها ، جف حلقها ، كانت تمثالا صغيرا لفتاة ساجدة على ركبتيها ، ولا تزال تحتاج الى اللمسات الأخيرة ولكنها عرفتها لتوها ، إن التمثال يمثل الخادمة يولالي.
أعادت التمثال الى مكانه بأصابع مرتعشة ، قفز خيالها الى تلك الليلة عندما لمحت يولالي تتسلل عبر الحديقة ، لقد صح توقعها ، وتحققت من لقاء يولالي بالفنان ديفلين في هذا الكوخ ، لم تعر المسألة أهمية آنذاك ، أما الان فإنتابتها ثورة من الغضب.
إغرورقت عيناها بالدموع ، وادركت مرتاعة انها تعاني من الغيرة ، ويشتعل حسد قاتل في شرايينها ، يا لحماقتها ! لامت نفسها بحدة ، إستدارت كالمجنونة ، وخرجت من الكوخ تعدو هائمة على وجهها.
إكتشفت شيئا جديدا حول نفسها ، لمست واقعا ملموسا ، كانت تخاله مجرد وهم من الأوهام ، أنها ، وبطريقة ما ، تحب ديفلين براندون حبا يتيمها.
هزت برأسها مستنكرة عواطفها الجامحة وهي تتمهل فوق رمال الشاطىء ، لا ان ما تشعر به ليس حبا ، بل مجرد نزوة عابرة لا علاقة لها بالعاطفة الثابتة التي تضم روحين في عناق أبدي.
رددت بكآبة دامية ، لا ، لا أحبه ، وظلت تكرر العبارة كالتعويذة الى أن إستقرت ثانية في غرفتها.
شعرت كريستيتا بضياع تام في اليومين التاليين ، لم تطلب منها السيدة براندون القيام بأي عمل ، وواظبت على تناول وجبات الطعام ، كأنها تؤدي مهمة شاقة ، وكان ثيو يتصرف أمامها على أفضل وجه ، وذلك بعد أن أبدى أسفه الشديد لسلوكه السابق ، وحذّرته من مغبة عمل طائش كهذا ، كان يبذل جهدا خاصا للتودد اليها ، وتجنب كل ما يمكن أن يعكر مزاجها أو يغضبها.
ولكنها لم تعد تبالي بمسلك ثيو أو بأحلامه ، كان يشغلها إكتشافها المفاجىء لمشاعرها الحقيقية، وفي كلا الحالتين يتوجب عليها الفرار من هنا ، خاطبت نفسها ،ولا ينقصها سوى الوسيلة الناجحة.
يستحيل عليها الآن اللجوء الى ديفلين ،وإلا كانت كمن يصب الزيت على النار ، ومن الأفضل لها الرحيل قبل عودته ، وقبل ان يخترق بعينيه الحادتين سرها الدفين ، ويمزق حجابها الذي يستر عواطفها.
وأضحى وجود يولالي معها تحت سقف واحد مسألة لا تطاق ، كانت تمر أمامها متهادية بغنج ودلال ، كأنها تعلن عن تحديها ، وأدراكها لصراعها النفسي وآمالها الخائبة ، وإستحواذها على إهتمام ديفلين ، كرمز للجمال والفتنة والسحر.
إزداد عزم كريستينا على الرحيل ، ولكن كيف السبيل الى ذلك؟".
قررت البقاء الى أن تتلقى الدفعة الأولى من مرتبها ، ولم يحن موعدها بعد ، ولا يمكنها الطلب من السيدة براندون أن تعطيها سلفة فتثير شكوكها ، ولا تريد كذلك أن تغادر وهي تدين لعائلة براندون بشيء.
ويترتب عليها نقل نفسها وحقائبها من البيت الى الميناء بطريقة ما ، وربما تطلب سيارة أجرة لهذا الغرض عوض التسلل ليلا ، ولكن ثمة صعوبة أخرى ، توجد آلة التلفون في غرفة جلوس السيدة براندون ، ولن تتوفر لها فرصة ملائمة لإجراء مخابرة إلا في حالات نادرة ، تنهدت كريستينا ، وهي ترى صعوبة جديدة تنتصب في وجهها .

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 14-02-12, 08:41 PM   المشاركة رقم: 24
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

كانت عائدة من نزهة قصيرة على الشاطىء ذات صباح ، عندما إستدعتها السيدة براندون الى غرفتها ، وما أن دخلت كريستينا حتى تلقفتها العجوز هاتفة:
" تعالي يا عزيزتي ، علي القيام بمقدار كبير من العمل اليوم ، إنظري هذه اللائحة من الأسماء والعناوين ، عليك طباعتها على غلافات وبسرعة ، وصلت بطاقات الدعوة من المطبعة هذا الصباح وأود إرسالها بدون إبطاء".
أمسكت كريستينا باللائحة تدرسها ، كانت تضم اسماء اعيان الجزيرة ، سالت:
" ما هي هذه الدعوات؟".
اجابتها العجوز:
" يحل عيد ميلاد ثيو الأسبوع المقبل ، وسوف نقيم له حفلة بطبيعة الحال".
راحت كريستينا تقرأ الأسماء المتعددة ، لم تجد اثرا لإسم ديفلين ، تاكد لها ان عمته حذفت إسمه عمدا تعبيرا عن إستيائها منه ، هذا في حين أن أصدقاءه من اعضاء اللجنة كانوا من بين الأسماء المختارة ، إستدارت نحو الباب قائلة:
" ساباشر العمل فورا يا سيدة".
صاحت السيدة براندون :
" لحظة من فضلك".
ورأتها كريستينا تغالب نفسها للنطق بشيء يقلقها ، ثم سمعتها تقول:
" سأكون في غاية السرور يا كريستينا لو أن الحلقة لا تقتصر على الإحتفاء بعيد ميلاد ثيو بل تكون ايضا حفلة خطبته".
تجمدت الدماء في عروقها ، كم كانت مخطئة ساعة إعتقدت ان هذه المسالة طويت الى البد ، قالت كريستينا محاولة كبت غيظها:
" ولكنك يا سيدة أفسحت لي المجال للتفكير ، ودرس الموضوع......".
نظرت اليها السيدة براندون برقة:
" لا بد انك توصلت الى قرار الان ، أن ثيو شاب حساس وعنيد ، لن ينتظر طويلا للحصول على جواب منك".
ردت كريستينا بإصرار :
" لا أريده ان ينتظر ، لا يمكنني الزواج منه يا سيدة براندون ، انا لا أحبه".
تشبثت العجوز برأيها:
" إن الحب ينمو مع مرور الزمن يا عزيزتي ، وهذا هو معنى الخطبة في المقام الأول ، إنها فترة التعارف المتبادل ، وتمتين أواصر الصداقة لكي تصبح حبا بكل معنى الكلمة، عن ثيو لن يصبر كثيرا ، وسيجد وسائله الخاصة لتلقينك بعض الدروس".
كانت كريستينا تتأجج غضبا:
" هل أنت جادة؟ ما معنى كلامك هذا؟".
إنهالت عليها السيدة براندون مؤنبة:
" لا تدّعي السذاجة يا إبنتي ، أنت تعرفين تماما ما الذي أعنيه ، إن وجودكما معا تحت سقف واحد سيؤدي حتما الى نشوء علاقة بينكما ، وعندما تعلنين خطبتك ستلمسين بنفسك مدى التغيير الذي سيطرأ على عواطفك".
كادت كريستينا تفقد صوابها:
" إنك تثيرين في نفسي الإشمئزاز يا سيدة براندون ، اؤكد لك أن مشاريعك مصيرها الفشل الذريع".
هزت العجوز بكتفيها متأففة:
" المعذرة ، لم أقصد جرح مشاعرك ، أنا آسفة ، كنت أطرح عليك مجرد حل عملي".
أوصدت كريستينا الباب وراءها بأحكام ، ووقفت لحظة لألتقاط أنفاسها ، كانت صدمة عنيفة هزتها هزا ، وحيرها أمر عمتها غريس وصداقتها مع هذه العجوز البليدة الإحساس.
نوجهت الى المكتبة ، وباشرت بطباعة مظاريف البطاقات ، كانت في حالة يرثى لها ، فوجدت نفسها تخلط الأسماء ببعضها ، سحبت الورقة من الآلة الكاتبة ، طوتها كالكرة ثم قذفتها صوب النافذة المشرعة.
ولفورها سمعت صوتا أليفا يهتف وراءها :
" طلقة موفقة ايتها السكرتيرة البارعة، يبدو أن مهارتك بدأت تخونك".
إحتفظت برباطة الجأش ، مقاومة دوافعها المشبوبة للنظر اليه ، ورؤية وجهه.
مشى ديفلين بخطى وئيدة ووقف بجانبها ، يحملق في اللائحة الملقاة قرب الآلة الكاتبة ، أعلن بسخرية:
" أرى ان عمتي قررت الخروج من عزلتها وإقامة حفلة إجتماعية ، لا تتعبي نفسك في طباعة دعوة الي يا آنسة بينيت ، سآخذ البطاقة معي".
لفت ظرفا جديدا على الآلة ، قائلة بجفاف:
" لا أعتقد أنك مدعو الى الحفلة".
إستقبل كلماتها ببرودة:
" إذن ساقتحم المكان إقتحاما ، هذه حفلة لن أدعها تفوتني مهما كلف الأمر ، اريد أن أكون حاضرا عندما يقلدك ثيو خاتم الخطبة ، وبالمناسبة هل رأيت الخاتم ؟ إنه خاتم هائل من الزمرد والألماس ، يا للذوق السوقي المبتذل ! ".
واظبت على الطباعة ، وأجابته بحدة:
" أقول لك للمرة الألف ، لن اعقد خطبتي على ثيو".
إرتمى فوق مقعد وثير ، مادا رجليه امامه:
" كلا؟ إن الجزيرة كلها تلغط بالموضوع".
سألته مندهشة:
" ما الذي يقوله الناس؟".
قال بنبرة جادة لا أثر للسخرية فيها:
" الكل يقول انك على وشك الزواج من ثيو ، وستكون هذه الحفلة مسك الختام".
أجابته يائسة :
" ولكن هذه الأقوال مجرد أكاذيب".
سمّر عينيه على وجهها المتجهم:
" ربما ، ومع ذلك ، ما زال أمام عمتي متسع من الوقت لأقناعك ، لن يحل عيد ميلاد ثيو قبل اسبوع ، فلا تيأسي ، ولا اظنك تنكرين نية عمتي في عقد قرانكما".
قالت مطرقة الراس:
" لا ، لا أنكر ، ولكنني لم أكن أعرف شيئا عندما أتيت الى هنا ، يجب أن تصدقني".
اشعل سيكارة ، ثم عقب:
" انا أصدقك ، هذه مسالة بسيطة ، ولكن ما الذي تنوين فعله؟".
" ما الذي أنوي فعله؟".
كاد ينفد صبره:
" نعم ، إن هذه المسألة تعنيني مباشرة ، كما تعلمين".
تنبهت الى مغزى كلامه:
" طبعا لأنه إذا تزوجني ثيو ورزق ولدا سيبطل أي حق لك في الأرث".
خيم صمت ثقيل ، ثم أطلق قهقهة ممزوجة بالمرارة:
" يا للذكاء الباهر ! نعم إن مصلحتي أن يظل ثيو عازبا ، هل يمكنني الإعتماد عليك لتحقيق هذه الغاية النبيلة؟".
أحست بوخز حاد في حنجرتها:
" قلت لك ، وبكل وصوح ، أنني لا أنوي الزواج من ثيو ، لا مبرر للتخوف على مشاريعك مني".
رد بلهجة جافة:
" اشكرك من أعماق قلبي ، وكيف تنوين الفرار من مصير رسمته لك عمتي العزيزة؟".
هزت بكتفيها :
" لا تقلق علي ، أستطيع تدبر أمري".
أجاب بعذوبة:
" ولكنني أقلق عليك ، خاصة إذا كنت ستحتاجين الى مساعدتي".
إضطربت قليلا:
" لا لن أحتاج اليك".
نهض واقفا ، وتقدم منها بحذر ، ثم مد يده الى جيبه:
" أعتقد أن هذا المنديل الذي يطرزه أول حرف من إسمك لم يكن في كوخي صدفة".
هتفت:
" كيف وجدته؟".
" لا مجال للمراوغة يا كريستينا ، أنت أتيت الى الكوخ تبحثين عني عندما كنت في المارتينيك".
صمتت قليلا ، ثم قالت متمتمة:
" أشكرك على عرضك لمساعدتي ، ولكن زيارتي الى الكوخ لا علاقة لها بذلك ، كانت مجرد فضول ، وترويح عن النفس لتبديد السأم والضجر".
حدّق فيها بعينين تتماوجان سخرية وإعتدادا بالنفس ، ثم مر بأصابعه فوق شعرها ، مداعبا ضفائره بخفة وهدوء ، خالت كريستينا أنه ذلك الهدوء الذي يسبق هبوب العاصفة ، تراجعت الى الوراء:
" والآن دعني وشأني ، أريد الإنتهاء من طباعة هذه اللائحة الطويلة".
غمغم :
" كلا يا عزيزتي ، أنت إرتكبت خطأ كبيرا عندما زرت كوخي بهذا الأسلوب ، وإطلعت على قطعي وعملي الفني بدون إذن مني ، ولا بد لك من دفع ثمن غال".
ولم يترك أمامها مجالا للإجابة ، طوقها بذراعيه وشدها نحوه يكاد يهصرها هصرا ، حاولت دفعه عنها فخانتها قواها.
إنقضت لحظة قصيرة خالتها دهرا ، كانت تخوض معركة خاسرة ، متأرجحة بين عقلها وقلبها ، وأذعنت لعواطفها الجياشة تعيش برهة قصيرة بين ذراعيه ، وتكتشف عواطفها الجياشة ، وتلمس مدى سيطرته على أحاسيسها.
وسرعان ما إستعادت جراتها السابقة ، وعقدت العزم على مقاومة أي إغراء ال أن تنجلي حقيقة الأمور ، وتتضح نواياه إزاءها ، ظلت تقاوم بذراعيها ويديها ورجليها الى أن أجبرته على فك عقالها.
صاحت في وجهه:
" إخرج من هنا ودعني أكمل عملي".
رد ، وإمارات الظفر تكلل محياه:
" سأخرج الآن لرؤية عمتي ، ولا تيأسي لن اتخلى عنك".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 15-02-12, 07:44 PM   المشاركة رقم: 25
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

7-من يسبق العاصفة

نظرت كريستينا بإرتياح الى الالة الكاتبة ، لقد أنجزت كل ما عليها ، وطبعت اللائحة بأكملها ، وراجعتها أكثر من مرة ، إنه إنجاز عظيم ، خاطبت نفسها ، وهي تمزقها تيارات عاطفية هائلة.
حملت مظاريف الرسائل واللائحة لتتوجه الى الطبقة العليا من المنزل وتسليمها الى السيدة براندون ، ثم ترددت قليلا ، لن تصعد الان ، فتواجه ديفلين وعمته سوية ، لا ليس الآن ، وهي لا تزال تتحرق شوقا الى حب حقيقي لا يفقه عنه شيئا .
وكان عزاؤها الوحيد جهل ديفلين التام لحقيقة مشاعرها أتجاهه ، وهكذا تستطيع ان تغادر سانت فيكتوار بدون ان تتورط معه في قصة حب فاشلة ، وأمامها الآن فرصة ذهبية للرحيل محتفظة ببعض كرامتها وكبريائها.
نهضت متوجهة نحو النافذة ، كانت تشعر بالحر الخانق والعرق يتصبب منها فتزداد ثيابها إلتصاقا بجلدها ، غمرها توق جارف لمداعبة مياه حوض السباحة.
ركضت مسرعة نحوغرفتها ، وإرتدت ملابس السباة ، وإختطفت منشفة كبيرة ، ثم هبطت السلم المؤدي الى الحوض.
منتديات ليلاس
كانت المياه رائعة كما توقعتها ، سبحت متوانية من رف الى آخر ، ثم إستلقت طافية على ظهرها ، إستعادت نشاطها وحيويتها ، فقررت الإسترخاء قليلا على على حافة الحوض لتجفيف شعرها ، والتمتع بأشعة الشمس ، كان الهدوء يخيم على المكان ، ما عدا هسهسة بعض الحشرات ، غلبها النعاس ، فأغمضت عينيها ، وإستسلمت الى نوم عميق.
أيقظتها بعد فترة قصيرة قطرات ماء تتساقط فوق وجهها ، فتحت عينيها ، فرأت ثيو يقف أمامها يرش فوقها رذاذا من مياه الحوض ، غطت جسمها بالمنشفة ، وحدّجته متعجبة ، كان يرتدي ملابس السباحة ، وكأنه يدعوها الى إستئناف علاقة طبيعية بينهما.
قالت متلعثمة :
" شكرا على إيقاظي ، علي العودة ، لا شك أن جدتك تنتظرني".
قطب جبينه:
" إن جدتي لا تحتاج الى أحد اليوم ، جلست مع ديفلين طوال الصباح ، وأعرف ان مزاجها يصبح لا يطاق بعد كل جلسة من هذا النوع ، والأرجح أنها لن تغادر غرفتها ، فلنستغل الفرصة وننعم بالسباحة سوية".
ردت :
" مع ذلك ، علي الذهاب الآن...".
ولم يدعها تكمل كلامها ، مد يده وشدها من قدمها ، وقال :
" لا تتركيني يا كريستينا ، لا يمكنك أن تحقدي علي الى الأبد بسبب حادث طارىء".
أكدت له:
" لم أعد أفكر في الأمر".
إبتسم قليلا:
" إذن إمكثي بعض الوقت ، إن حوض السباحة لا معنى له بدون وجود فتاة جميلة ، وأنا مولع بك كما تعرفين".
قالت مهتاجة:
" إذا أمعنت في كلام كهذا ، سأمضي لتوي الى الداخل".
تنهد مستاء ، ثم ارخى قبضته عن قدمها ، وقال متلوعا:
" اف لديفلين ، ما الذي أتى به اليوم؟ جاء ليلهي عمتي ويعكر مزاجها ، وكنت أحضر نفسي للذهاب معها بعد الظهر لمشاهدة زورقي الجديد".
سألته كريستينا ببعض الدهشة:
" زورق ؟ أي زورق؟".
قال:
" إنه هدية عيد ميلادي ، وهو زورق رائع ، أكثر جمالا من مركب ديفلين ،ويرسو الآن في سانت فيكتوار ، ينتظر جدتي لتوقيع عقد الشراء ، أما الآن فقد ترفض بعد إجتماعها بذلك اللعين".
علقت كريستينا بجفاف:
" أستبعد ذلك يا ثيو ، إن جدتك لا ترفض لك طلبا".
نظر اليها بتمعن:
" نعم ، هذا صحيح بإستثناء أمر واحد أحتاج اليه أكثر من أي شيء آخر ، لماذا لا تأتين معنا لرؤية الزورق؟ إنه ملائم جدا لقضاء شهر العسل".
قالت بنبرة حادة :
" لا أعتقد أنها فكرة صائبة ".
نهضت على قدميها ، فإرتبك متوسلا:
" لم أقصد إزعاجك ، المعذرة ، أرجو الا تغادري ، وأعدك بتحسين سلوكي إذا قبلت الإجابة على سؤال واحد".
قالت بتافف:
" وما هو هذا السؤال؟".
سالها بصوت خفيض:
" لماذا ترفضين الزواج مني؟".
أدركت مدى كآبته، وعمق ماساته ، فحاولت أن تهدىء من روعه:
" لأننا لا نستطيع التحكم بمشاعرنا يا ثيو ، لا اعرف كيف اشرح لك ، ولكن...".
قاطعها برفق:
" أنت ترفضين ، وهذا كل شيء ، كوني صريحة معي ، لا تخافي استطيع تلقي الصدمة".
إستطردت:
" إن المسالة ليست في هذه البساطة ، انا لا أريد أي شخص...".
إنفرجت أساريره:
" لا ينطبق هذا تماما على ما رأيته عبر نافذة المكتبة صباح اليوم".
تجمدت في مكانها ، والغضب يتأجج في داخلها ، تنهد ثيو بتكلف:
" آه يا كريستينا كم يؤلمني أن ارى ديفلين يستغلك بهذا الأسلوب الدنيء ، ولكن لا تجزعي ، لن أبوح بشيء أمام جدتي ، وأنا لست متزمتا كثيرا ، وعندما نتزوج ستكتشفين ذلك بنفسك".
جن جنونها:
" ما هذا الهراء يا ثيو ؟".
إبتسم بوداعة ، وإنتصب واقفا:
" هيا بنا لنسبح معا".
ظل يلح عليها الى ان أذعنت للأمر الواقع ، وغطسا في الماء ، وأخذا يتسابقان لبلوغ الطرف الآخر ، فطنت الى أن ثيو يتعمد التلكؤ ليتيح أمامها فرصة تجاوزه ، إنتظرته قليلا ، فلحقها صائحا:
" أحسنت، أحسنت".
قالت محتجة:
" أنت تعمدت التأخر".
دفعها برشاقة:
" لا أبدا ، أقسم لك".
وأخذا يتراشقان بالمياه ، اغمضت عينيها لأتقاء هجماته المتواصلة ، ثم فتحتهما بحذر ، فلم تجد له أثرا ، صاحت :
" ثيو ؟ أين أنت؟".
لم يجبها أحد ، ألقت نظرة على حافة الحوض ، حيث كانا يجلسان ، فلم تجده ، ثم أحست بقوة هائلة تشدها من قدميها الى قاع المياه ، فغرت فمها مشدوهة فإبتلعت بعض الماء ، افلتت من القبضة الملتوية حول قدميها ، وإندفعت نحو سطح الحوض ، قالت صارخة:
يا لك من صبي أحمق يا ثيو....".
وشدّها مرة ثانية الى الأسفل ، حبست أنفاسها توجسا ، ثم أخذت تركل بعنف ، وتتلوى للإفلات منه.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الملاك الحارس, devil at archangel, دار الكتاب العربي, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, روايات عبير رومانسية, سارة كريفن, sara craven, عبير, قيد الوفاء
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:05 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية