كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
فغرت كريستينا فمها:
" إنك قليل الحياء يا سيد براندون ، إذا كانت عمتك تعتبر مؤهلاتي وافية ، فهذا يكفيني ( ونهضت واقفة ) والان إسمح لي بالإنصراف..".
قال بفظاظة :
" إجلسي مكانك ، لم انته منك بعد".
إبتسمت بإستخفاف :
" يا لحظك السيء لم يعد لدي ما اقوله ، ومن الواضح انك تجدني غير مؤهلة لهذا المنصب ، مع أنني لا أفهم لماذا..".
قاطعها بحزم :
" لا تفهمين لماذا ؟ أمعني النظر قليلا يا عزيزتي الصغيرة".
وقبل أن تأتي بحركة ، توجه نحوها ، وأمسك بكتفيها ، فوجدت نفسها امام مرآة معلقة قرب الباب ، صدمها مظهرها ، بشعرها الأشعث ، ووجنتيها المحمرتين ، وعينيها المتطايرتين شررا ، بدت مخلوقة همجية ، حاولت التملص من بين يديه ، فنهرها بصوت أجش :
" لا تتحركي ، وإسألي نفسك ما الذي يمكن أن تقدمه فتاة بعمرك ومظهرك الى أمرأة مثل عمتي ".
رددت بعنف :
" ربما كانت السيدة براندون لا تريد الإنزواء كعجوز طاعنة في السن ، تحب ان تنعم بصحبة احد في مثل عمري ، وهذا ما قالته لي".
" وأنت أغرتك الحياة الصاخبة في هذه المنطقة من العالم ، فتشبثت بعمل كهذا".
وكادت تبوح له بكل الحقيقة وتروي له شكوكها ومخاوفها التي تقض مضجعها ، ولكن لتدعه يفكر ما يشاء ، لن تبالي به ، وقالت ضاحكة :
" طبعا ، ولا تعتقد انني وقعت ضحية خدعة معينة ، إن السيدة براندون شرحت لي كل السلبيات والعوائق التي ستعترضني ".
تركها وشأنها ومشى نحو النافذة :
" وماذا عن الإيجابيات والفوائد ... هل ذكرتها لك؟".
إستطردت بثقة:
" إنها اشهر من أن تعرّف ".
وراته يلتفت اليها بمرارة وإمتعاض :
" ربما كنت على حق ، لا أدري ما الذي اقنعك بقبول العيش في هذا المكان المنعزل ، ومع سيدة مستبدة لا تزال تظن أن عصر الرقيق لم يتم إلغاؤه بعد".
قالت كريستينا بصوت مضطرب:
" يا لك من خسيس ، كيف تقول هذه الأشياء عن عمتك ...".
قاطعها :
" إن آرائي لا تلائم خيالك الشاعري وتصورك لحياة المزرعة ، لا تخدعي نفسك يا آنسة بينيت ، أنت لا تعيشين في الفردوس ، ولا توجد ملائكة هنا ".
حمدت ربها وهي تلاحظ إنفتاح الباب ، ظنت ان يولالي عادت تطمئن عليها ، خاب ظنها .
رأت شابا في ريعان الصبا ، فائق الجمال بشعره الأسود ، وعينيه اللامعتين وفمه الجميل ، كان يرتدي ملابس ركوب الخيل بأناقة تامة ، وينتعل جزمة براقة نظيفة ، خاطب كريستينا بلباقة مهذبة :
" تاخرت كثيرا ، ويبدو انك تناولت الشاي ، أردت العودة مبكرا ، أرجو المعذرة ، إسمي ثيو براندون ".
ثم إنقبضت اساريره قليلا ،وكأن شيئا ما ازعجه ، وقال :
" مرحبا يا ديفلين ".
أجابه ديفلين بإنحناءة من رأسه :
" لم أكن أعلم انك تعشق الشاي يا ثيو ؟".
هز ثيو بكتفيه ، ونظر الى كريستينا :
" أردت الترحيب بالضيفة الجديدة ".
رفع ديفلين حاجبيه :
" ضيفة ؟ تقول انها أتت لتعمل هنا ".
رد ثيو متبرما :
" لا بأس ، ستجد جدتي شيئا يشغلها في ساعات الضجر ، ولكن عليها أن تستعيد نشاطها تحت أشعة الشمس ( ونظر اليها بإشفاق ) لقد عانت كثيرا مؤخرا ، إذ فقدت إحدى قريباتها".
تنهد ديفلين بلوعة :
" هكذا ، لو عرفت ذلك لوفرت على نفسي متاعب كثيرة ( ومشى نحو الباب ثم توقف ) عندما ترتاح عمتي من عناء السفر ، هل أبلغتها ان وفدا من لجنة الجزيرة ترغب في رؤيتها ،وفي الوقت الذي يلائمها ".
إبتسم ثيو إبتسامة باهتة :
" هل من الضروري أن تجتمع بالوفد؟".
" لا ، ولكن طلبوا مني إبلاغها ".
جلس ثيو على حافة المقعد ، ينقر جزمته بسوط الركوب ، وإستفسر :
" وهل ستكون أحد أعضاء الوفد ؟".
إستدار ديفلين يهم بالخروج ، كان معكر المزاج ، وسمعته يردد بعنهجية :
" طبعا ، طبعا ".
قالت بنبرة واضحة عذبة :
" وداعا يا سيد براندون ".
هدر غاضبا :
" افهم معنى كلماتك ، ولكنك تبالغين قليلا ، لا شك أننا سنلتقي أكثر من مرة واثناء إجازتك ".
يا لخيبة أملها ، فكرت كريستينا ،وهو يوصد الباب وراءه بشدة ، ووجدت ثيو يحدجها بإستغراب ، فخجلت قليلا .
سالها ثيو بوقاحة :
" هل تجدينه جذابا ؟".
كادت أن تشتمه ، ثم تذكرت أن الإثنين تربطهما صلة القرابة :
" آسفة ، لم اقصد.....".
قهقه:
ما لنا وللمجاملات ، كانت ردة فعلك طبيعية ، سيشعر بصدمة رهيبة لو عرف حقيقة مشاعرك ، إنه يعتبر نفسه فاتن النساء ، وما الذي قاله ليغيظك هكذا؟".
أجابت تتعمد إخفاء إضطرابها :
" لا شيء ، سبق لنا ان إلتقينا قبل هذه المرة ، هذا كل ما في الأمر ".
علت الدهشة وجهه .
" متى كان ذلك ؟ هل تعرف جدتي بالأمر ! ".
إعترفت كريستينا :
" لا ، حاولت إخبارها لكنها كانت مستاءة مني ، ورفضت الإصغاء الي".
إبتسم ثيو إبتسامة غامضة :
" يا لك من مسكينة يا كريستينا ، هل اتعبتك كثيرا؟".
قالت تغالب غيظها الدفين :
" إنني معتادة على السيدات المسنات".
" أنا لست مستاء منك ، وكلي لهفة لسماع اخبارك ، متى إلتقيت بإبن العمة ديفلين ،وماذا فعل لإزعاجك ؟".
عضت كريستينا شفتيها:
" لم يزعجني ابدا ، كان بالغ التهذيب ، صدف مروره وأنا اتعرض للسرقة ، أو اسوأ من ذلك ، في المارتينيك أمس ، كانوا ثلاثة ، وماأن أطل حتى إختفوا كلهم ".
" وهل عاملك كشخص يفيض نبلا؟".
ردت كريستينا محتدة :
" لم يعجبني تصرفه أبدا ، عاملني بأسلوب أحمق".
|