فوقف عند النافذة :
ـ لماذا تفعلان هذا ؟ لمــاذا تعيدان الذكرى بعد خمس سنوات ؟
لماذا الانتظار خمس سنوات لتهديدي الآن بالكشف عن الأمر ؟
نظر روبرتو إلى طرف سيكاره المشتعل . . . وقال :
ـ أندرو .
فاستدار لويس بحدة وهو مقطب :
ـ ما شأنه ؟
ونظــر روبرتو إلى جيني بسرعة , ثم إلى إيفا بصمت , فســارع
لويس يسأل بقلق :
ـ حسنــاً ؟
فقالت إيفا ببرود :
ـ اجلــس يا لويس .
ـ أوه . . . لأجل الله !
فصــاح به روبرتو :
ـ اجلس !
فجلس ينتظر والغضب يملأ وجهه , فقالت إيفا :
ـ إنه ابنك .
فــحدق بها لويس بشراسة , ثم إلى روبرتو بعينين ضيقتين :
ـ أوه . . لا . . أنتما تكذبان ! . أتظنان أنـني لم اسألها عن هذا ؟
يا إلهــي . . . عندما أفكــر . . .
وأدار وجهه الوسيم نحو جيني , وعلت وجهه تكشيرة :
ـ آه . . . لقد فهمت . . . أنت تحاول تبرئة نفسك أمامها . أليس
كــذلـك ؟
فقالت جيني بخشونة :
ـ لن أستمع إلى أي شيء من هذا بعد الآن . . . إيفا أقدر لك
ما تحاولين فعله , ولكن , لأجل السماء , لا تكذبي حول ذلك
الصبي الصغير المسكين . لا أريده أن يتألم إيفا . . . أي نوع من
الوحوش تظنينني ؟
فقالت إيفا بهدوء :
ـ لدي الدليل .
وبدا أن لويس على وشك الاختناق . وســأل بيأس :
ـ أي دليل ؟
فردت ببرود :
ـ اعتراف جيسكا وسأريك إياه بعد لحظــات . فأنا لم أخبر
جيني بقصتي بعد فالزم الهدوء لويس , لأكمــل القصة .
والتفتت إلى جيني .
ـ ليلة تشاجرت مع روبرتو , وخرجــت إلى منزل أبيك . . .
حصل شجار حاد آخر بين روبرتو وأبيه . . . وأصيب بألم حاد في
رأسه حتى إنه اضطر إلى ابتلاع أكثر من حبة منوم . ووجدته في
مكتبه بعد منتصف الليل , فاستدعيت خادمان ليحملانه إلى فراشه .
ولم نستطع إيقاظه وكانت جيسكا في المنزل بالطبع . وخرجت من
غرفتها بملابس النوم لتعلق بشكــل لاذع على حالته , والشجار
بينكما . . . وكنت حادة معها . . . فعادت إلى غرفتها غاضبة .
وقاطعها روبرتو بصوت عميق :
ـ نمت كالميت طوال الليل . وعندما استيقظت وجدتها في
فراشــي .
فضحك لويس بخشونة :
ـ هنا تبدأ القصة الخرافية يا جيني .
ونظــر إليه روبرتو بغضب :
ـ اقفل فمك أو أقفله لك !
وعــاد إلى جيني :
ـ كان رأســي يضج كالطبول . . وأحـسـســت بالغثيان . . وآخــر
شيء كنت أرغب فيه هو النســاء . وخــاصة جيسكا . . يا إلهـي
جيني . . . كان بإمكاني الحصول عليها في أي وقت وبإشارة من
إصبعــي .
وشــاهد إجفالها فضحك :
ـ أعلم أن هذا كلام قاس . ولكن هذه هي الحقيقة . لقد
عرضت جيسكا نفسها علي على طبق من فضة عشرات المرات .
ولكنني لم أكن أهتم بها . . . وقلت لها يومها أن تخرج من
غرفتي . . . فضحكت . ثم قالت بأنك عدت ووجدتها في فراشي . .
كانت قدرت أنك قادمة من الخارج , فســارعت إلى غرفتنا واندست
في الفراش معــي . . . يا إلهي ! تلك ال***** ! كان يجب أن تري
وجهها وهي تخبرني بالأمر ! فنهضت من الفراش لأرتدي ملابسي
وأسرع للبحث عنك . ولم أتوقع أن يقابلني كراولي بتلك الكذبة .
كان محظوظاً أنني لم أقتله , ولكنه تمكن مع والدك من طردي
خارج المنزل .
أكملت إيفا القصة بعد أن توقف :
ـ عاد إلي يومها بحالة مريعة , وصدمت بما أخبرني به . .
ولكنني أصريت على رؤيتك بنفسي . . كنت أعلم أنك ستخبريني
الحقيقة . . وطلبت من روبرتو أن يتركك وشأنك إلى أن أراك .
وتعرفين ما حدث بعد ذلك اختفيت , ورفض والدك تمرير أي
رسالة لك . وقلت لوالدك الحقيقة حول ما حدث بين روبرتو
و جيسكا . . ولكنه لم يصغ إلــي .
وذهلت جيني :
ـ أخبرت والدي ؟ لم يقــل لــي كلمة عن الأمــر .
فرد روبرتو :
ـ لأنه لم يحــبي قط . . . كلانا كــان له أب خــلق المشاكـــل بيننا
بوجهات نظره ولأكن صريحاً , فإن والدك كان يتوق لمنع زواجك
مني .
وأكملت إيفا بنعومة :
ـ للإنصاف . . لم يصدق والدك قصتي . قال إنها قصــة لا يمكن
أن تصدق . وربما لم يخبرك لهذا السبب .
وقال روبرتو :
ـ كتبت لك . ولم تقرأي رسائلي , أليس كذلك ؟ لــم يكن سهلاً
علي تصديق أنك أحببت كراولي . . . ولكنني كنت آمـل أن يكون
ذلك للانتقام فقط . مجرد دواء ليشفي جراح كرامتك . وحاولت
الوصول إليك فرفضت , ولم أستطع أن أجد مكانك حتى تطلقنا .
ثم رأيت كراولي وقال لي بأنكما ستتزوجان .
ـ غرانت قال لك هذا ؟
ـ قال إنك مغرمة به , وصدقته . . وتركته وأنا أتمنى لو أستطيع
أن أخنقك بيدي .
ـ ولكنك تزوجت جيسكا .
ـ آه . . أجل . . . جيسكا . . لقد بدا عليها حتى ذلك الوقت
بوضوح عوارض الحمل . وعندما أصـــر والدي على معرفة والد
الطفل , قالت بأنه لــي .
فصــاح لويس :
ـ لقد كان ابنك . . . إنه يكذب جيني . . . إنه أبوه . . صدقاً . .
لقد نام معها تلك الليلة .
فصرخت إيفا بحدة :
ـ لا ! بالطبع أصــرت جيسكا على هذا . وأنت أصريت على
وجوب زواج روبرتو منها حال أن يصبح حراً .
وقال روبرتو :
ـ أما أنا فلقد كنت في مــزاج لم يسمح لـي بالاهتمــام بشـــيء . . .
ولكنــني كنت أكره جيسكا لما فعلته لنا . وقلت لها هذا . فهـددت أن
تقول الحقيقة لأختهــا عنهــــا وعن لويس إذا لم أتزوجها . عندهـــا
فهمت من هـــو والـــد الطفل وعندما أظهرت لها معرفتي , اعترفت
بكــل برود . . طبعاً ليس أمام والدي .
فشخــر لويس :
ـ كم هذا مقنع .
فرد عليه روبرتو :
ـ ماعدا أنني كنت احتطت للأمر .
ـ وأي احتياط ؟
ـ سجلت لها كل كلمة قالتها .
وســاد الصمت , وأحس لويس بالاختناق , ومرر أصــابعه على
شفتيه وكأنهما جفتا . وأكمــل روبرتو :
ـ وعندما علمت جيسكا أن لدي دليل على كذبها على أبي ,
غيرت لهجتها . . وأصيبت بالهستيريا , وهددت أن تجبر لويس على
الاعتراف بالطفل حتى ولو قتل هذا شقيقتها .
وتنهدت إيفا .
ـ كانت تعني ما تقول . كانت تغـار من شقيقتها وكانت تعلم
أنك لم ترغب بها إلا لأنها تشبهها . . وأظنها كانت تود أن تطلعها
على الأمر ورحبت بتلك الفرصة .
وقال روبرتو :
ـ لم أستطع تركها تفعل . كنت خسرت جيني على أي حال .
وهكذا تزوجت جيسكا لإعطاء أندرو اسمي . إنه دم آل باستينو في
كل الأحوال , وله حق بالاسم .
ووقف لويس ببطء :
ـ حتى ولو اعترفت جيسكا بهذا , فليس هناك دليل على أنه
ابني .
فقال روبرتو بهدوء :
ـ عندما ولد , كان بحاجة إلى نقل دم فوري , وأنت تعــرف
لمــاذا كما أعتقد يا لويس فئة دم (( أر إتش )) سلبي أليس كذلك ؟
ـ أجــل .
ـ وفئة دم جيسكا (( أر إتش )) إيجابي , وهذا له علاقة بدم القربى
والطفل الذي يحمله لا يمكن أن يعيش إلا إذا تغير دمه فوراً ,
وخــلال دقائق من ولادته .
فتنفس لويس بعمق :
ـ يا إلهــي !
ـ ولكن جيسكا لم تكن تعرف هذا , ولا الأطباء , الذين كانوا
يعتقدون أنني والد الطفل . وأن فئة دمي مماثلة لفئة دمها , وكانت
صدمة لهم عندما ولد الطفل بلون أزرق .
فقال لويس بصوت خفيف :
ـ إذن هو ابني . . . يا إلهي . . . ! إنه لـي . لماذا لم تخبرني من
قبل ؟ أنت تعرف أنــني كنت أجهل هذا الأمــر .
فنظر إليه روبرتو ببرود :
ـ لــم يكــن لك الحــــق بأن تعـرف . . . وحتى الآن كنت تنكـــره .
ـ هـــذا لأنـــني لم أكن أعــــرف . ولو عرفت لأسعدنـــي هذا ! أنت
تعرف أن زوجتي لا يمكن لها أن تنجب ولداً . والآن تقول لـــي أن
لدي ولد . وولد يحمل دم زوجتي ودمــي .
فنظرت إليه إيفا بغضب وقالت ببرود :
ـ ولكنك لن تتمكن أبداً من المطالبة به . . زوجتك يجب أن لا
تعرف .
بدا على لويس الذهول . . وأغمض عينيه وهو يقول :
ـ لقد نـسيـت وهذا عقـابي . . . إنه ابني . . . ولن أستطـيع
الاعتراف به .
وتوجه نحو الباب وقــال ساخراً :
ـ إنها أرواح الانتقــام . . دائماً تنتقم فــي آخر المطاف .
بعد أن ذهب , وقفت إيفا لتسير نحو الباب . . . تاركة روبرتو
يسند رأسه على ظهر كرسيه , يراقب جيني متفحصاً .
* * *
نهاية الفصل
ما قبل الأخيــر ((
التاسع ))
. . .