ـ علاقتي معه ليست من شأنك . . . وعل كل الأحوال أنا
ســأتزوجه . أتذكر هذا كما أرجو ؟ نحن مخطوبان .
ارتدت شفتاه عن أسنانه مكشراً تكشيرة الغضب :
ـ أوه . . بل أذكر . . . فهذا ما كان يشغل بالي وأنا أقود
السيارة .
ـ عندما حصل الحادث ؟
ـ أجل عندما حصل الحادث ؟
فقالت له ساخرة :
ـ لسوء الحظ أنك لمــرة واحدة لم يكــــن تركيـزك الـــرائع يعمــــل .
علــمــت أنها تـمــــادت , وهـــي تلاحظ الشرر يتطاير من عينيـه . .
وقفت بسرعة ولكن متــأخـــرة , فقد قبض عليهــــا روبرتو بعنف ,
وعندما أطبق بفمه عليهـــا أحست بأنهـــا كانت تنتظر منه هذا مـنذ
دخلت غرفته , لقد تجاوزت مرحـلة الادعـــاء . . . أرادت أن تحـس
بجسده القاسي يجبرها على الالتصاق به . حتى إنها لم تقاومه وهو
يفعل , وتعانقا بجوع , والحرارة تكـاد تشعل جسديهما . وأدركت كم
تتلهف لأن تكون له ثانية . وسمعته يهمس في أذنها :
ـ قولــي لــي . . الحقيقة . . . هل أنت وكروالي . . ؟ هـــل
كنتمــــا . . . ؟
السؤال شتت مزاجها وكأنها تلقت صفعة . . وعــاد إليها
وعيها , فكرهت نفسها على الجنون الذي استولى على جسدها
وجعلها تنسى ما فعله روبرتو بها , وما سيفعل بكل سهولة
مستقبلاً . فشهقت , لتقاوم لتحرر نفسها :
ـ اتركنـــــي . . . !
ـ أجيبي أولاً !
فنظرت بمرارة إلى عينيه وصــاحت :
ـ أجل . . . أجــل !
وضربها , وكــادت الصفعة تطيح برأسها عن رقبتها , فحدقت به
مصدومة وفي أُذنيها طنين حــاد .
ـ أيها الخنزير !
فضربها ثانية , وقفزت الدموع من عينيها , وأخذت ترتجف ,
وذعرت فجأة , فقد ظهرت في عينيه غيرة متوحشة , وأصبح غريباً
تماماً عنها . . . بربري بدائي , عدواني قد يفعل أي شيء .
وقفت تنظر إليه بذعر , وكأنها حيوان خائف . كان ينظر إليها
وهو يتنفس بقوة وكأنه يفكر بما سيفعل تالياً , أو كأنه يكافح كي
يستعيد السيطرة على أعصابه . إنه يحاول السيطرة على مشاعره التي
تجعل دمه يغلي . . ثم قال بأنفاس متقطعة :
ـ لم أكن أنوي أن أراك ثانية .
ـ وأنا تمنيت من الله أن لا أراك .
فتنهد بخشونة . . ثم قال بعد صمت :
ـ صحيح . . لقد آلمنا بعضنا بعمق حتى أننا لن نستطيع أن
نغفر لبعضنــا .
وغلى دمها لكــلامه :
ـ آلمنا بعضنا ؟ ماذا فعلت أنا لك ؟ لقد ارتكبت الخيانة
الزوجية , ولست أن من ارتكبها روبرتو !
ـ لقد اعترفت لتوك أنك هربت من منزلي إلى ذراعي كراولي .
ـ لقد ذهبت إلى منزل والدي . . و غرانت لم يكن هناك .
ـ ولكنك رأيته تلك الليلة ؟
ـ لا !
ـ لا تكذبي علي . أعرف أنك فعلت هذا جيني . كنت فــي
فراشه تلك الليلة .
وصــاحت بغضب :
ـ لا !
ـ أيتها الكاذبة العينة ! لقد اعترف هو بهــذا .
واجتاحتها موجــات من الصدمة :
ـ عم تتحدث ؟ متى قال لك غرانت . . . ؟
ودفعها عنه ثم ســار إلى الطرف الآخر من الغرفة :
ـ لقد جئت إلى منزل أبيك في اليوم التالي . حينما أخبرني !
وأحست ببرودة الثلج . . . وتذكرت العراك الذي سمعته ,
وصوت غرانت الغاضب المرتفع , ولهجة روبرتو الخشنة المتسائلة ,
لقد كذب عليه غرانت . . ولكن لماذا ؟ أم إن عليها أن تكون شاكرة
لهذه الكذبة ؟ إنها تدرك الآن أن غرانت كان يحاول إنقاذ كبريائها ,
ويرد الصاع صاعين لـ روبرتو , بعد معرفته بأنها وجدت جيسكا في
فراشها
وتنهدت . . . تنهيدتها دفعت روبرتو للتحديق بها , ثم قال :
ـ كــان يجب أن أسـتــدعــي كراولي للــشهــــادة في محكـمة
طلاقنا . . . ولكن هذا كان سيعطي الصحف مادة فضائح إضافية
للنشــر .
ـ لقد كان لديهم مـا يكفــي لنشره عندما تزوجت جيسكا , خــاصة
أنها كانت على وشك أن تلد لك ابناً .
التوى فمه وعاد إليها متوتراً :
ـ لم يقــل لــي كراولي متى . . . فهل ذهبت إليه مباشــرة بعد أن
شــاهدتني . . .
عرفت بالطبع ما يعني , وسمعت لهجته المكبوتة فقالت ببرود :
ـ لست أنوي مناقشــة الأمر معك .
فــأمسكها بكتفيها وهزهـــا :
ـ أوه . . بحق الله ! الأمــر مهم لــي , ألا تفهمين , يجب أن
أعــرف ؟
فنظرت إليه ببرود وازدراء .
ـ غرورك بنفسك بحاجة ليعرف أنــني ذهبت إلى غرانت لأنــني
وجدتك غير مخلص لــي . . أليس كذلك ؟
ـ أيتهــا العاهر !
وردت وهي تكافح لتظهـــر البرود :
ـ على الأقل . . لم أحمــل بطفل لأثبت لك هذا .
فهمس بألم :
ـ أوه . . يا إلهي . . يا إلهـــي . . أكاد أقتلك !
ورفعت حاجبيها ببرود وتعالٍ :
ـ تكاد تقتلني ؟ لطالما نظــرت إلى كل شــيء من زاويتك
أنت . . ولكنني لم أكن لأتصور أنك أعمى لدرجة أن تلومني أنا
على فعلتك .
ودفعته في صدره وقالت ببرود وأدب :
ـ هل لــي أن أنصرف الآن ؟ أرجوك ؟ فهذا النقاش يضجرني .
فابتسم , وكانت الابتسامة سلاحاً بحد ذاتها . فقد أغضبتها
وأرسلت قشعريرة رعب فــي أوصالها , لتذكر على الفور أنها تحت
رحمته , ولا يوجد من تطلب العون منه .
وقال بنعومة , نعومة زائدة :
ـ لا . . حبيبتي . . لم أنته منك بعد .
فهمست بصوت خافت مذعور , وقد تخلت عن كل كبريائها :
ـ لو لمستني فـســأكرهك أكثر .
ضحك , وبدت الرغبة واضحة في نظراته . لم ينظـر إليها من
قبل هكذا . . صحيح أنه كان ينظر إليها دائماً برغبة , ولكن ممزوجة
بالحب . . أما الآن , فلم يكن هناك شـيء دافئ أو ناعم في تعبير
وجهه . . لم تشاهد مثل هذا التعبير على وجه رجل من قبل .
ولكنها أصبحت تعرفه الآن . . . إنها الشهوة . إنها كلمة قبيحة لشعور
أقبح . ولكن هذا ما شاهدته في وجهه . . في عينيه بريق شيطاني ,
غير إنساني , وفتحتا أنفه ابيضتا . فهمست :
ـ لا تفعل هذا ! أرجـوك !
وراقبت يداه تتحركان ببطء , ولم تكن تتمكن من الحراك , فقلبها
كان يضج في حنجرتها , وتسمرت في مكانها . وسمعته يقول :
ـ كان أمامك خمس سنوات لتتعلمي فيها كيف تسعدين
الرجل . أريد أن أعرف كم علمك كراولي في هذا المجال .
وأفلتت من الرعب الذي جمدها . . وصاحت به .
ـ أفضــل أن أموت .
ـ بإمكانك الموت بعد أن أنتهــي منك .
وأجبرها على الاستلقاء فوق السرير , ودفع ذراعيها فوق رأسها
حتى أصبحت عاجزة , مثبتة بفعل جسده . وأخذ يراقبها وهي هكذا
وكأنه يتمتع بإذلالها مـراقباً محاولات خلاصهــا .
وواجهت عقم مقاومتها فصاحت به من بين أسنانها :
ـ أوه . . . كم أكرهك !
ـ عظيم . . هذا يجعل الأمــر ألذ بالنسبة لـي .
وأطلق أحد ذراعيها , وأمسك بالبلوزة الحريرية , وتعالى صوت
تمزيق الحرير الرفيع وقالت بطفولية :
ـ لقد أفسدت فستاني .
فضحك وهمس :
ـ ســـأشتري لك آخر . . . يا حبيبتي .
وقاومت المشاعر التي بدأت تظهر كما قاومت تماماً يديه ,
حتى لم تعد تستطيع الادعاء بأن هذا لا يحصل لها , أو إنها تحلم
كمــا كانت تحلم من قبل .
وأخذ يتنفــس بصعوبة , وغطست جيني داخل أمواج الـرغبة التي
تدفقت من بحر ذكرياتها . . ومنذ اللحظة توقفت عن المقاومة
غير المتساوية .
واعترفت لنفسها أنها لم تعد تهتم حتى . فقد ذابت بنعومة بين
يديه , مع علمها الوثيق أنها تركب موجة قد تدمرها . ولكنها كذلك
تعرف , أنها عــادت بعد خمس سنوات إلى روبرتو روحاً وجســداً .
* * *
نهاية الفصل (( السادس )) . . .