لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-02-12, 04:20 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

موعدنـــــا كمــا وعدت سابقاً
مع أول فصــول الرواية
اليوم بعد الساعة 11 مساءً
قراءة ممتعة وأكيد مشوقة
تحيتي للجميع
جمرة لم تحترق

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 10-02-12, 12:03 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي 1 ـ طــــوق من نـــار

 

1 ـ طوق من نـــار

رن جرس الهاتف بينما كانت جيني تضع اللمسة الأخيرة على
رسمها لزي جديد . . . وتأففت بنفاذ صبر . أكــثر ما يغيظها أن
يقاطعها أحد وهــي تعمل , مما يقطع عليها تركيزهــا .
ووضعت القلم بين أسنانها وسارت بسرعة إلى الهاتف .
ـ نعم . . ؟
ـ هل لــي أن أتحدث مع الآنســة جيني نيوهام ؟
في الصوت لكنة أجنبية , وشـــيء من التردد . بدا على وجه
جيني القلق والصدمــة . فقالت وهي تنزع القلم من فمها :
ـ هـي . من المتحدث .
ـ جيني ؟
ـ من يتكلــم ؟
ـ إيفا .
وسارعت المرأة لتضيف وكأنما خشيت أن تقفل جيني الخط :
ـ أنا مضطرة للاتصال بك . . إن روبرتو . . .
فقاطعتها جيني بخشونة :
ـ لن أتحدث عنه . . . لا الآن ولا أبداً . . . لقد قلت لك من
قبل إيفا . لا أريد جرح مشاعرك . . فانا اعرف أن قصدك الخير ,
ولكنــــي لم أعد أعير ابنك أي اهتمام . .
وردت إيفا بصوت مختنق بدا و كأنه البكــاء :
ـ لم تفهمي قصدي جيني .
فردت جيني ببرود :
ـ بل أفهم جيداً . . أوه . لا تبكـــي إيفا ! لا يجب أن تدعي
الأمر يكدرك . روبرتو لا يستحق ذلـك مطلقـــاً .
وعاد صوت البكاء أعمق من قبل , ومسحت جيني شعرها بيدٍ
مرتجفة :
ـ إيفا . بحق الله لا تبكــي ! أنا آسفــة .
وهمس الصوت المرتجف المخنوق .
ـ إنه يموت . . . يموت يا جيني .
وللحظــات وقفت جيني شاردة تنظر إلى السماء الرمادية . . .
وبدأ تأثير الصدمة يظهر , فتقلصت معدتها , واتسعت عيناها ,
وصــرخت غير مصدقة .
ـ مــاذا تعنين ؟
منتديات ليلاس
بالكـــاد استطاعت أن تلفظ الكلمات , فقد خرجت وكــأنها همسة
شبح من بين شفتيها الشاحبتين من شدة التأثر . وأصدرت إيفا نحيباً
جديداً وقالت :
ـ كان يقود سيارته عندما انزلقت وانقلبت به , إذ فوجـــئ
بصهريج زيت منقلب على الطريق . وكان هو أول الواصلين ولم
يلاحظ هذا إلا بعد فوات الأوان . . وأمضى المسعفون ساعتين
لإخراجه . إنه شديد الشحوب لفقدانه الكثير من الدم .
ـ اوه يا إلهــي ! هل هو فاقد الوعــي ؟
ـ لهذا أتصل بك . . لقد استعاد وعيه منذ لحظات وأول شــيء
تلفظ به هو اسمك .
ـ اسمي ؟
وأغمضت جيني عينيها بأسى . وتابعت إيفا الحديث بسرعة
وكــأنها تخاف من أن تقفل جيني الخط :
ـ سأل عنك , ومتى ستأتين . . . جيني إنه يعتقد أنك ما زلت
زوجته .
وطال الصمت بينهما , وأنفاس جيني تتقطع , والألم فــــي
عينيها . ثم ســألت بخشونة :
ـ لمَ تقولين هذا ؟
ـ إن الأمــر واضح . . لقد قال : أين جيني ؟ أين زوجتي ؟ فـــي
البداية ظننته يهلوس . . وبعد حين أدركت أنني مخطئة . . . جيني
لقد فقد ذاكرته , نسي أي شــيء حدث له خلال الخمس سنوات
الماضية . . نســـي أندرو . . . وعندما ذكرت اسمه أمامه لم يعرفه
فأصبت بالصدمة , إنني خائفة .
ـ وهل كان واعياً للحادثة .
ـ يقول الأطباء نعم . . . ولكن الإصابة في رأســه خطرة . لقد
أجروا له عملية عند وصوله المستشفى , ويقولون إنهم خفضوا من
الضغط على الدماغ . . ولكن من يعلم ؟
ورطبت جيني شفتيهــا :
ـ قلت . . قلت إنه يموت . هل هذا رأي الأطباء ؟
ـ أنت تعرفين الأطباء جيني , إنهم لا يعطون الجواب
الصحيح , ويراوغون دائماً . ولكنك ترين الأمــور بادية على
وجوههم , ينظرون إليك فتعرفين كل شـــيء بوضوح .
ـ ولكن ماذا قالوا ؟
ـ أوه . . . إنه ليس على ما يرام . . إنه مصاب بشكل خطير . .
كما قالوا لي , والآن قالوا إذا استطعت المجيء . . سيكون هذا
أفضـــل .
ـ إذا استطعت ؟
واتسعت عيناها , وأصبح اخضرارهما شديداً مقارنة مع بياض
بشرتها . . وعضت على شفتها وقال ببطء :
ـ إيفا . . لا يمكنني الحضور .
ـ إنه يسأل عنك طوال الوقت , يريد أن يعرف لِمَ لــم
تزوريه . أوه . . جيني . . ألا تستطيعين فهمي ؟ إنه يعتقد أنك كنت
معه في السيارة ساعة الحادثة , وأنك مُت , وأننا نخفي الخبر عنه .
راقبت جيني عصفوراً طار من على شجرة قريبة , فارداً جناحيه
دون صعوبة . يرتفع وينجرف مع الهواء الحار . . إنها لا تستطيع
التفكير بروبرتو سوى إنه قوي وشرس , ولا تستطيع أن تتصور بأنه
سيموت . فهو دائماً كان بالنسبة لها مفعم بالحياة . ثم تابعت إيفا :
ـ أعلم أن معاملته لك كانت سيئة .
الملاحظة جعلت شفتي جيني تلتويان بمرارة وقالت قبل أن
تستطيع منع نفسها :
ـ ما هذا التصريح المتأخــر !
ـ ولكنه يموت ! لا يمكنك رفض رؤيته . . جيني . . تعرفين أنه
لا يمكنك .
منتديات ليلاس
صحيح . . إنها تعرف , وهذا ما جعلها غاضبة , وقد غلف
الحزن نظراتها , وهــي تتطلع من النافذة , وتابعت إيفا بســرعة :
ـ ســأرسل لك سيارة . وكل ما عليك فعله أن تقفــي قرب سريره
لبضع لحظــات ليرى أنك سالمة . . وهذا لن يؤذيك يا جيني .
كان فــــي كلامها سخرية خفيفة , أدهشت جيني , فلطالما كانت
إيفا لطيفة معها . . فقالت بقلق :
ـ لا بأس .
فتنهدت إيفا ارتياحاً . أقفلت جيني الخط , وأخذت تحدق في
السماء . . المطر ينهمر , رذاذ خفيف ينقر الزجاج وكـــأنه
الأصــابع .
لم تر روبرتو منذ خمس سنوات . . ولقد عانت كثيراً لتتخلص
من ذكراه ولتمسح طيفه من عقلها الباطن . . كانت تحلم به ليلة بعد
ليلية ولسنوات . . كارهة نفسها لعدم قدرتها على السيطرة على
مخيلتهــا .
التقيا وكانت لا تزال صغيرة . . لا خبرة لها بالحياة . . وتقبلت
طابع شخصيته الأكبر سناً والأقوى دون أن تدرك حتى ما كان
يحدث لها . روبرتو , وبطرق كثيرة , كان يجعلها طيعة له . . يعيد
قولبتها وكأنه النحات يقولب الصلصال الطري . يتمتع بفرض
الغموض عليها . . ولقد مرت بنوع من الصراع الداخلي مع نفسها
عندما حاولت التخلص من سيطرته .
لقد كانا متناقضين . . . كان شديد السمرة بقدر ما هي شديدة
الشقار . . مسيطر على نفسه بينما هي متقلبة . . هو متصلب شرس
لا يلين بينما هي حساسة وسريعة العطب . . . ومن الجنون أصـــلاً
أنها انجذبت إليه . . ولكنها أصيبت بالدوار لوجوده كالفراشة أمام
الضوء الساطع , لا تهتم أن تحرق جناحيها . . و روبرتو اغتنم كل ما
فيها من ضعف ليتمسك بها دون رحمــة .
تستطيع أن ترفض الذهاب . . . بالطبع . . . و لكن إذا كان
يموت . . فهل تستطيع الرفض ؟ قد لا تستطيع مواجهة عالم هو
ليس فيه . حتى كراهيتها له تعطيها سبباً للحياة .
تخلصت من دائرة أفكارها المجنونة القاسية , ونظرت إلى
ثيابها . الملطخة بالدهان . . يجب أن تغير ثيابها وغطت رسومها ,
ثم دخلت الحمام , خلعت ملابسها واستحمت , ثم ارتدت فستاناً
صوفياً أخضــر اللون قاتماً .
عندما سمعت رنين جرس الباب كانت جاهزة , فتحت الباب
فإذا بها أمام شاب صغير خطا إلى الأمام وقال مقطباً :
ـ مرحبا جيني .
ـ هل أنت جوليان ؟
لم تستطع أن تصدق أنه ذلك الشاب اليافع أين الخمسة عشرة
سنة عندما قابلته آخر مرة . . . أين التصرفات الخرقاء , والبثور
والبشرة الناعمة , من هذا الشباب ذي الأعوام العشرين , الأنيق
الرقيق , بشعره الذي يصل إلى ياقة قميصه ؟ . . شبهه بأخيه أكثر
بروزاً الآن من ذي قبل . .
ـ كيف حالك جوليان ؟
ورد عليها بصوت خشن :
ـ أنا بخير .
كان دائماً متعلقاً بأخيه , فهم عائلة مترابطة . . الباستينو لهم
علاقة متينة منسوجة بدقة . ولقد وجدت جيني صعوبة كبيرة في
البداية في الانتساب لهذه العائلة . . وأحست في البداية بالمقاومة
لها . . والعدائية . . وحتى الغيرة . . وبالتدريج أحست أنها تلبس
ثوبهم , ولكن في النهاية لم تعد تستطيع الاحتمال .
وأخذ جوليان منها المعطف الذي تحمله وساعدها على
ارتدائه , وقال :
ـ السماء تمطر . . ولدي مظلة , سنضطر إلى الركض نحو
السيارة عندما نخرج .
منتديات ليلاس
كان قد مضى زمن طويل لم تركب جيني فيه سيارة فخمة كهذه
السيارة . ونظرت ساخرة إلى الفراش الأبيض المنجد , وإلى لوحة
العدادات اللماعة وكـــأنها صنعت لطائرة حربية .
وملس جوليان شعره الأسود إلى الخلف , واستدار لينظر إليها .
ـ تبدين أكثر جمالاً ممـــا أذكرك جيني .
كان في عينيه وميض إعجاب وهما تحومان حولها لتستقرا
قليلاً عند الساقين اللتين برزتا من تحت حافة الفستان . وكان يمكن
أن تجد اهتمامه الرجولي بها مثيراً لولا أنه ذكرها بأول لقاءٍ لها مع
أخيه . وســألته :
ـ كيف حاله وهل شاهدته ؟
ـ لقد رأيته . وماذا أستطيع أن أقول . . يبدو بحالة رهيبة . .
لقد أحسست بالدوار عندما وقفت قرب سريره وشاهدت عن كثب
ما حدث له . لطالما كان رجلاً قوياً , والآن قد أصبح حـطـــاماً .
فارتعدت جيني !
ـ أنا آسفـــة !
ـ هل أنت آسفــة حقاً ؟ أتســاءل .
فاتسعت عيناها :
ـ وماذا تعنـــي ؟
ـ أنت تكرهينه وأنا لا ألومك , فلديك أسبــابــك , ولكن
أرجوك , لا تدعـــي الحزن وأنت لا تشعرين به . لا بأس بذلك أمام
أمــي , فهي رقيقة القلب لتصدق بأنك لا زلت مهتمة . . أما أنا فلا
أطيق الكذب . فلو كنت مكان روبرتو , ولو كنت أموت , فلن
أرغب في أن تبكـــي قرب سريري .
فلمعت عيناها الخضراوان غضباً :
ـ لم أكن يوماً ممثلة بارعة لأدعي أي شـيء جوليانو . . فأنا
ذاهبة لأراه لأن والدتك توسلـت إلــي . . ولأجــل راحة نفســـي
قبلت . . إنها فكرة سخيفة أن أراه ثانية . لو أنه في وعيه لما فكرت
بالأمر . ولكن إيفا رجتني , وأنا مولعــة بأمك جداً .
كان لجوليانو بقية من الذوق ليخجل , فاحمر وجهه , ووضع يداً
معتذرة على ذراعها .
ـ جيني . . . أرجوك . . أنا آسف حقاً . أنها الصدمة لرؤيته
هكذا , جعلتني أعتقد أن لا شــــيء آمن , لاشــيء ثابت . . قد كان
دائماً صخرة العائلة . . الأقوى بيننا كلنا , كان بالنسبة لــي الأب منذ
وفاة والدي .
أجفل جيني لهذه الذكرى . . فهي لا تريد أن يذكرها أي شــيء
بأنطونيو باستينو . فقد كان عدوها منذ البداية , وآخر مرة رأته فيها
أهانـها بمرارة وأذلها . ولم يخفف موته بعد ذلك بأشهر من شعورها
بالكراهية له .
ـ ألا يجب أن نذهب الآن ؟
ـ أوه . . أجل . بالطبع .
بعد لحظات من انطلاقهما ســــألته :
ـ ماذا تفعل الآن جوليانو . . . أتعمــل في المؤسســة ؟
ـ بالطبع . . وما غيره ؟
فرددت بسخرية :
ـ وما غيره . .
ـ أعمـــل هنا في نيويورك .
ـ أوه . . لم أكن أعلم هذا . . منذ متى أنت هنا ؟
منذ سنة . أمضيت في لندن مع روبرتو ثم أرسلني إلى
هنا لأكتسب المزيد من الخبرة .
ـ وهل تعجبك السكنى في نيويورك ؟
ـ ليست مثل روما .
وابتسم . . فابتسمت بدورها :
ـ صحيح .
ـ أنا مشتاق للشمــــس .
ـ وهل ستعود إلى لندن أم ستقيم هنا ؟
فهز كتفيه :
ـ هذا عائد لقرار روبرتو . . إذا عــــاش .
وساد صمت متوتر , مرفق بأفكــار صامتة , ثم ردت عليه
بغضــــب :
ـ بالطبع سيعيش ! لا تستسلم جوليانو , فروبرتو لن يسمح لك
بهذا لو عرف . يجب أن تؤمن بأنه سيتحسن .
ـ ولكنك لا تصدقين هذا وإلا لما جئت .
منتديات ليلاس
بساطة رده صدمتها , ونظرت إلى الطريق متنهدة والدموع تنهمـر
من عينيها . إنه محق , إنها تتظاهر بالهدوء , لكن في الحقيقة . إنها
تشعر بالبؤس يملأ نفسها ولا تجرؤ على البوح به .
توقفت السيارة بهما خارج أبواب المستشفى الزجاجية , وخرج
ليساعدها على النزول واضعــاً ذراع تحت مرفقها , وقـــال :
ـ يجب أن أوقف السيارة بعيداً . انتظري هنا . . لن أتأخـــر .
صحيح أن المطر توقف ولكن السماء ما زالت مكفهــرة , وكأن
المزيد من المطر يتجمع تحت الغيوم , وعاد جوليان بسرعة ليمسك
بذراعها ثانية . . وسارا عبر المدخل المكتظ نحو مصعد فــــي
المؤخرة . ودخل وراءها جمهرة من الناس , وما أن توقف المصعد
حتى بدأ جوليان يشق طريقه معتذراً ليخرجا . ولحقت به جيني ,
قلبها يدق بقوة جعلتها تظن أن كل من كان قربها قد سمعه .
إنها لم تشاهد روبرتو منذ خمس سنوات .
ودخل بها جوليان إلى غرفة الانتظار . أحست بالقشعريرة . .
أسرعت إيفا راكضة نحوها , وذراعها مفتوحتان .
ـ جيني . . أوه يا عزيزتي !
وتعانقتا . . الخد على الخد , رأس إيفا الأسود أقصر من رأس
جيني الأشقر بقليل . كانت قد نسيت كم أن إيفا صغيرة الجسم ,
فبين ذراعيها بدت العجوز كالطفل لصغر بنيتها . وتراجعت جيني
عنها لتنظر إلى البشرة السمراء والعينين البنيتين اللتين تحملان
الحزن والألم . وبدت إيفا أكبر سناً , فمنذ خمس سنوات كانت
متوسطة العمر تمضي أوقاتاً طويلة أمام المرآة لتظهر أصغر سناً . أما
الآن فهي تبدو مسنة . لقد انقض الزمن عليها كالذئب , فحرمها من
حيويتها . وخسرت من وزنها , وتجور خداها , وأصبحت عيناها
أعمق تحت حاجبيها السوداوين الكثيفين . . . وقالت إيفا مرتجفة
محاولة الابتســام :
ـ كم اشتقت لك .
ـ وأنا كذلك .
ـ كم هي الحياة ساخرة . . أخيراً عدنا والتقينا . . ولكن
الأسبــاب مريعة !
ونظرت جيني إلى من حولها في الغرفة : آنا تعرفها , لم تتغير
أبداً ولا شعرة منها تغيرت . كانت تجلس منعزلة , إنها الفتاة الوحيدة
في العائلة . وجهها الممتلئ هادئ لا ينم عن شــيء وعيناها
السوداوان دون أي تعبير . إنها أكبر ببضع سنوات من روبرتو ,
ومتزوجة من مهندس ايطالي . . زواجها سعيد , ولديها اربعة
أولاد كما كانت تعرف آخر مرة . ثلاثة أبناء وبنت . ولكن الاولاد
بكل تأكيد لا يحملون اسم باستينو ولذلك لا حساب لهم , وآنا
تعرف هذا وتمتعض منه . كانت تكره جيني , لأنها لو حملت بأي
طفل فسيحمل اسم باستينو .
منتديات ليلاس
لويس كان يجلس قرب آنا . بدا سميناً و ضخماً . . كتفاه
العريضان يتناسبان تماماً مع سترته المفصلة بدقة على قياسه .
ولروبرتو علاقة تخلو من الود مع ابن عمه . فهو على كل الاحوال
باستينو . ابن أحد ثلاثة اشقاء , عملوا جاهدين لبناء إمبراطورية
باستينو . وباستمرار انتقال لويس الدائم من نيويورك إلى لندن ,
ومن لندن إلى روما , لم يكن عدواً لجيني . . بل على العكس فلقد
حاول عدة مرات إظهار إعجابه بطريقة سمجة اضطرت معها إلى
ردعه ببرود . . وها هو الآن يبتسم لها متمتماً بالتحية فردت عليه
تحيته بهدوء .
وجلس ولد صغير إلى جانب لويس , ويده في يده . عرفت من
هو وخفق قلبهـــا ألمــاً .
ولاحظت إيفا نظراتها إلى الصبي . . فقالت بنعومة :
ـ إنه أندرو .
انزلق الصبي من كرسيه ليأتيها راكضاً , ووضعت إيفا يدها على
رأسه الأسود , وأدارته نحو جيني :
ـ جيني هذا أندرو . . أندرو . . . هذه جيني .
وأحست جيني وهي تنظر إلى الطفل بالغضب والتأثر معاً . إنه
صورة عن أبيه . له عينا عائلة باستينو السوداوان المائلتان إلى
الأعلى , يحيط بهما رموش سوداء كثيفة ترتفع إلى فوق . . وشعر
أسود براق , أنف مستقيم متكبر , وجنتاه مرتفعتان . وحده فمه
الزهري الناعم الملــيء بالحداثة والرقة ذكرها بذلك الفم الذي كان
يجبرها يوماً على الاستسلام .
ـ مرحباً أندرو .
امتدت يده بأدب , وأمسكت بها . وأحست بالألم المفاجــئ
للسرور الذي أحست به لملمسها . . وتفحصتها عيناه . . وكأنه
يعرف كل شــيء عنها . . ولكن هل أخبروه بــشــيء بحق الله ؟
تقدمت آنا . . والامتعاض باد في كل حركاتها , وأدارته ثانية
لتعيده إلى المقعد , ونظرت إيفا لابنتها , وتنهدت . . ثم استدارت
إلى جيني وســألتها :
ـ هل ستدخلين الآن لرؤيته ؟
عند باب الغرفة توقفت والتفتت بقلق إلى جيني .
ـ ستكونين حــذرة . . ألن تفعلــي ؟ لا تدعيه يتكلم , ابتسمي له
فقط .
تبتسم ! وتنهدت بصمت , هل تعلم إيفا ما تطلب منها . . .
ومررت يدها إلى شعرها , وحملقت عينا إيفا بالخاتم الماسي الذي
لمع في يد جيني . . . فصاحت :
ـ لا يمكنك وضعه .
للحظات بدا عدم الفهم على جيني , ثم احمر وجهها ونظرت
إلى الخاتم الماسي في يدها . وتأوهت إيفا :
ـ لو شاهد هذا . . .
فقاطعتها جيني :
ـ ولكنني مخطوبة . . وسأتزوج قريباً .
وبدا الارتباك على إيفا , وأخذت شفتاها بالارتجاف .
ـ جيني . . أنت لا تفهمين . . إنه يعتقد أنك لا زلت زوجته .
ـ إنه مخطئ إذن .
ـ ولكن عليك أن تتظاهري لبضع دقائق . . ستسبب الحقيقة
صدمة قاسية له . . . وأي شــيء يمكن أن يقلب توازنه . . فهل
تستطيعين تحمل موته على ضميرك ؟
ـ أوه . . . يا إلهــي ! أنت تطلبين الكثير إيفا !
وببطء سحبت الخاتم من يدها وسألت :
ـ والآن . . ماذا ؟
فتحت إيفا حقيبة يدها , وببطء مدت راحة يدها المفتوحة
فأجفلت جيني مما رأته هناك :
ـ لا . . لن أفعــل !
ـ إنه يموت . . . ولن تتمكني من الرفض . لن اسمح لك .
وارتجفت جيني , ومدت يدها إلى الخاتم , خاتم زواجها
القديم , ووضعته في اصبعها . . إنه خاتم وراثي للعائلة . . إيطالي
قديم الصنع , له شكل أفعيان ملتفان , ولطالما أثار التعليقات بين
صديقاتها . منذ خمس سنوات خلعته ورمته عبر الغرفة إلى والده .
وانحنى أنطونيو يومها ليلتقطه , ويبتسم ببرود ويقول بلؤم :
ـ سيعود الآن ليكون في اليد المناسبة التي يجب أن تضعه لولا
أن تزوجك روبرتو .
منتديات ليلاس
أمسكت إيفا بذراع جيني لتضغط عليها :
ـ شكراً لك حبيبتي . هيا الآن . . إنه بانتظارك .
وأمسكت بيد جيني لتقودها إلى الداخل . . التفتت الممرضة
الجالسة عند الطاولة بفضول , وأخذ قلب جيني يخفق
بجنون , و بدأت تحس بالتعرق في يدها وعلى مؤخرة عنقها عند
أسفل الشعر .
وعلمت أنها تتعمد ملاحظة تفاصيل ما حوله كــي لا تنظر
مباشرة إلى عينيه السوداوين البارزتين من تحت الأربطة البيضاء .
ـ جيني !
صوته كالهمس . . أخف بكثير من أن يسمع . . تقدمت من
سريره .
ـ كنت خائفاً من أن تكوني قتلت في الحادث ويخفون الأمــر
عني .
ـ كنت مسافرة . . . وعدت فور سماعـــي بالخبر .
وتفحص وجهها بنظرته الساخرة المألوفة وتمتم :
ـ لا بد أنك ذعرت . ولكنني أرفض الموت . عندما أخفوا عني
أخبارك تساءلت اذا كنت ســأحتمل الحياة بدونك . . . ولكنني بعد
رؤيتك أنا مصمم على الخروج من هنا , حبيبتي .
والتفتت إلى إيفا , ثم عاودت النظر إليه , فرأته يقطب :
ـ ألن تقبليني جيني ؟
انحنت فوقه مرتجفة , وقلبها يضرب بصوت مرتفع , ولامست
خده بشفتيها . وكانت على وشك أن تستقيم , ولكن يده السليمة
أمسكت بها , ثم لامست وجهها . . ووقعت يده فجأة وأغمــض
عينيه .
وأخرجتها إيفا من الغرفة وذراعها حولها :
ـ إنه دائماً هكذا ! فجأة يصحو ثم فجأة يغيب . . . ولكن هذه
المرة أظنه سينام مرتاحاً لعلمه أنك سالمة . شكراً لك جيني .
ـ لا تشكريني . . بحق الله !
ـ أدرك أن الأمر كان محنة لك .
ـ محنة ؟ كان كالجحيم . . . مم تظنين أنــي مصنوعة ؟ من
حديد ؟ كنت مضطرة للوقوف هنا لتقبيله , وسماعه يناديني . . .
حبيبتي . يا إلهــي . . كم أحسست بالدوار . . . وأنت تشكريني ؟
وانتزعت الخاتم الذهبي الثقيل من إصبعها وأعادته لإيفا :
ـ خذي هذا . لا أريد أن تقع عيناي عليه ثانية . . أو على أي
واحد منكم !
اندفعت في طريقها متجاوزة إيفا , وخرجت راكضة من
المستشفى وكأنما الجن يلاحقها . . تنتحب صامتة . فــي موقف
السيارات توقفت , لم تكن تدري كيف تذهب . . . وفكرت
أخيراُ . . سيارة تاكسي . . يجب أن تحصل على تاكسي . واستدارت
نحو مكتب الاستعلامات لتستخدم الهاتف كي تطلب سيارة تاكسي .
ووجدت نفسها تواجه جوليان , الذي نظر إليها نظرة إشفاق غاضب
قائلاً :
ـ تبدين فظيعـــة .
ـ دعني وشـــأنــي جوليان . . أرجوك !
ـ لا تكونـــي سخيفة . . ســأوصلك .
وانتزعت ذراعها من يده .
ـ ألا تفهم ؟ لقد اكتفيت منكم ! أريد الذهاب لوحدي . . لقد
اكتفيت من عائلة باستينو . . ليوم واحد !
ضحكت بهستيريا وأكملــــــت :
ـ ماذا أقول ! ليوم واحد ! بل للعمـــر كله !
وقال بهدوء جعله يبدو أكثــــر نضجــاُ من سنه :
ـ أفهمـك . ولكنــــني لن اسمـــح لك بالذهاب وحــــدك , فحـــــالتك
بائسة . . . ولا يجب أن تتركي لوحدك جيني . لقد أمرتني إيفا أن
أبقى معك إلى أن تصلـــي شقتك .
وحاولت الخلاص منه , ولكنه لم يتكرها تفعل . . . وقادها
أخيراً إلى سيارته وادخلها إليها . . طريق العودة كانت أكثر صمتاً من
ساعة الذهاب . خــارج شقتها , نظر إليها وهو يطفــئ المحرك .
ـ جيني . . . أمــي ارادتني أن أقول لك . . .
فصاحت يائســة :
ـ لا أريد أن أسمع شيئاً .
فتحت الباب وخرجت قبل أن يتمكن من ملاحظة ما فعلت .
وخرج مستديراً أمام السيارة , ولكنها كانت قد اصبحت داخل المبنى
ووجدت مفتاحها ودخلت الشقة , اقفلت الباب , واتــكأت عليه . . .
تتنفس بعمق .
وبدأت الدموع تنهمر على وجههــا . . وقرع جوليان الباب
وناداها دون جدوى . . فهــي لن تستطيع التحرك حتى ولو
أرادت . . . وأخيراً سمعت وقع أقدامه تبتعد . . . . وببطء , انزلقت
على الأرض . . وغابت عن الوعـــي .

نهاية الفصل (( الأول )) . . .

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 10-02-12, 10:23 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
Alberteinstein 2 ـ أقوى من النسيان

 

2 ـ أقوى من النسيان


وقف غرانت في غرفة عملها مائلاً رأسه ينظر إلى رسوم الأزياء
الملونة , بنظرات رصينة لطيفة .
ـ أنت تتحسنين كل يوم . . ولسوف تلمعين في عالم الأزياء
أكثر من دانــــي أتعلمين هذا ؟
ـ وهل يعلم دانــــي بذلك ؟
ضحكت ونظرات عينيها الخضراوين تتراقصان .
ـ بالطبع يعلم . إنه يعرف أكثر من أي منا , دائماً يقول إنك
ستصبحين رائعة .
واقترب غرانت ليحدق بالخطوط الــدقيقة واللمسات الناعمة
لرسم زي الفستان أمـــامه :
ـ يعجبني هذا . . غريب كيف يبدو متماسكاً عن بعد , ويزداد
غموضــاً عن قرب .
ـ ليس من المفترض أن تنظر إليه وأنفك فوقه .
واستدار لينظر إليها ضاحكاً , ثم تقدم ليحتضنها ولامس أنفه
خدها مداعباً :
ـ أنت لا تطاقين جيـــني .
ـ ومــاذا تعني ؟
ـ جميلة , ذكية . . وهذا ليس عـدلاً .
فضحكت :
ـ ليس عدلاً ولمن ؟
ـ لكل إناث الأرض .
ونظرت إليه بعاطفة , ومالت بطريقة كلها ثقة , ولفت ذراعيها
حول وسطــه . . وهمست :
ـ ولكننـــي أحبك .
وارتفع حاجباه :
ـ عندما أطريك ؟
ـ بل فـــي كل ثانية من اليوم .
ـ هذا ما أحب سماعه . . . والآن يجب أن أذهب . . . فلدي
زبون أقابله بعد قليل .
ـ أيجب أن تذهب ؟ لم أراك كثيراً هذا الأسبوع .
إنها بحاجة لرؤيته , وخاصة بعد زيارتها لروبرتو . . لم تكن قد
ذكرت شيئاً أمامه بخصوص الزيارة بعد , فقد وجدت صعوبة في
محاولة الشرح , والله يعلم أنها قصة بسيطة , ولكن أي ذكر لروبرتو
باستينو يجعل غرانت يغضب .
وقال لها بلطف :
ـ بعد أن نتزوج ستتغير الأمور . . . ستصبح مختلفـــة .
غرانت كان يحبها منذ سنوات طويلة , حتى وهي متزوجة من
روبرتو . وكانت دائماً تعرف هذا . فهو لم يبقِ الأمر سراً , ولكنها
لم تستجب له ســوى في السنة الأخيرة , إذ وجدت فيه الأمان الذي
تحتاجه .
قال لها وهو في طريقه إلى الباب :
ـ سيعود دانـــي من باريس بعد يومين .
ـ أعلم . . لقد أرسل لــي برقية . . لا بد أنها كلفته ثروة ! إنها
رسالة أكثر منها برقية .
فضحك غرانت :
ـ أعماله رائجة , وباع كل التصاميم .
ـ هذا يفسر الأمر . هل أبرق لك أيضاً ؟
ـ لا . . بل اتصل هاتفياً . . من هي لورين ؟
ـ لورين ؟ لا أدري . . . هل ذكرها لك ؟
ـ عدة مرات , ولكنني لم أفهم ما هي علاقتها به .
ـ أنت تعرف والدي العزيز . . . ربما تكون عارضة أزياء .
فابتسم غرانت :
ـ آسف لـلسؤال .
فلكمته :
ـ ولماذا ؟ أنا فتاة كبيرة الآن , والأيام التي كان يخبئ فيها
صديقاته عني قد ولت . أتساءل إذا كانت تعرف الطبخ . . أتذكر
لينا ؟ كان طبخها كالحلم .
ـ وكانت عارضة أزياء رائعة . . . تلك الأكتاف الرائعة . . .
وضحكا معــاً . . . وقالت له :
ـ أيها المحتال . . . كتفـيها هاه !
ففتح الباب وقال :
ـ أنسى دائماً أنك لا تتأثرين بشــــيء .
ـ بعد عيشي مع داني طوال حياتي ؟ كيف يمكن أن أتأثر من
شــــيء ؟
وقطب وجهه :
ـ ليس هناك شـيء من الغيرة في نفسك . . أليس كذلك جيني ؟
كلماته جعلتها تجفل واسودت عيناها . انحنى وقبلها على
خدها ثم رحل . عادت إلى غرفة عملها , ووقفت قرب النافذة
تتمتع بشمس الخريف الدافئة , لقد تغير الطقس في اليومين
الماضيين . وتوقف المطر والريح . وحدها الأشجار العارية سوى
من بضع ورقات كانت تذكرها بالخريف .
ليس هناك شــيء من الغيرة في نفسك ! إن معرفته بها قليلة !
وفكــرت بالمشاعر الوحشية الطاحنة التي عذبتها مرة . . وامتدت
يدها إلى معدتها وكأنمــا تلك المشاعر قد عادت لتعصرها ثانية .
وأغمضت عينيها وصرخت . . يا إلهــي ! وبدا صوتها غريباً , مغايراً ,
في الغرفة المشمسة .
لم تسمع شيئاً من عائلة باستينو منذ هروبها من المستشفى يوم
زارت روبرتو . . لا بد أنه استعاد عافيته , فهي لم تشاهد أي خبر
في الصحف عن موته . مجرد فقرة صغيرة تروي الحادثة وتقول إنه
مصـــاب .
منتديات ليلاس
حاولت مرة الاتصال بالمستشفى لتســأل عنه , وبالرغم من
امتداد يدها إلى الهاتف , إلا أنها تراجعت . . فلو أنه مات لأبلغت
بالأمــر . ولكن أحلامها كانت تفيض بذكــراه . كرامتها وحدها منعتها
من العودة إلى المستشفى لرؤيته ثانية , ولو للحظات , و لتسمع
صوته الأجش يقول (( حبيبتــي )) .
واستدارت غاضبة عن النافذة لتجلس وتبدأ العمل . . وأخذت
ترسم وجه فتاة ترتدي الزي الذي تصممه . . . ثم توقفت فجأة
لتنظر إلى الرسم بذهول . . قسمات وجه أندرو الطفولية أخذت
تبدو لها من خلال الرسم . فــأجفلت .
ومزقت الورقة من دفتر الرسم , وكادت تقطعها لولا رنين
جرس الباب الذي أوقفها فوضعتها من يدها وتوجهت لتفتحه .
ووقفت إيفا بلطف , وقساوة معاً . وجهها النحيل ملــــيء
بالتصميم . .
وتنهدت جيني :
ـ ماذا تريدين إيفا ؟
العينان السوداوان كانتا ثابتتين :
ـ ألا تريدين معرفة ما إذا كان قد مات أم بقــي حياً ؟
ـ لو أنه مات لعرفت . . . العالم كله كان سيعرف .
وهزت إيفا رأسهـــا :
ـ كيف يمكن لك أن تكونـــي قاسية ؟ إنه بحاجة لك . اذهبـــي
إليه . . لمَ ابتعدت ؟
رفعت جيني كلتا يديها لتمررهما على شعرها لتخرب تصفيفته
الناعمة :
ـ إيفا . . أشفقـــي علي لأجــل الله !
ـ كنت أتمنى أن لا أطلب هذا منك . . . ولكن روبرتو هو فــــي
المقام الأول عندي يا جيني .
ـ إنه هكــذا دائماً . . إنه الأول لدى الـجميع .
فحملقت إيفا بها بعينين واسعتين :
ـ ألهذا الدرجة مرارتك , لقد كان فاقد الوعي معظم الوقت منذ
أن زرتيه . . ولكنه استفاق الآن . . وهو يسأل عنك ثانية .
فشحب لون جيني واشتد بياضه :
ـ أتعنين أنه لم يسترجع ذاكرته بعد ؟
فهزت إيفا رأسها نفياً . . . فاستدارت جيني إلى الشقـــة :
ـ يا إلهــــي !
ولحقت بها إيفا , تنظــر من حولها بفضول , تلاحظ ترتيب غرفـــة
العمل , وكيفية تعليق رسومات الأزياء فوق الــحائط وعلى الرفوف .
ـ إذن . . هنا تعملين ! لقد بدأت تحققين النجاح . هكـــذا
سمعت . ولا بد أن والدك فخور بك .
ـ أجل . . إنه فخور بي . . إيفا . . لن أستطيع الذهاب . . إذا
كان قد أصبح بصحة أفضل . . فيجب إعلامه بالحقيقة .
ـ ونقتلــه !
ـ لن تقتله الحقيقة !
ـ لقد سمعت ما قاله . . بدونك لا يريد العيش .
واستدارت جيني على عقبيها , مرتجفة , عيناها مليئتين
بالاتهـــام :
ـ كلانا يعرف إنه عاش من دوني خمس سنوات . ولن يموت
الآن لمجد تذكره أننــي لم أعد زوجته .
ـ ولكنه لا يتذكر, وصدمة إبلاغه ذلك قد تحدث له ضرراً لا
يمكن إصلاحــه .
بالرغم من اضطرابها , ضحكت جيني :
ـ إنه أقوى من هذا . . . رأسه أقســى من الصلد .
ـ كان هكذا . . . ولكنه الآن ضعيف , هش , يتمسك بالحياة
بخيط رفيع , وأنا أرفض قطع ذلك الخيط بقولــي له ما يرفض
سمــاعه .
والتقت عيناهما . . فتنفست جيني بصعوبة :
ـ لا يريد أن يسمعه ؟ ماذا تعنين ؟
فتمتمت إيفا :
ـ أوه . . . جيني . . . أنت تعرفين بالضبط ما أعنــي . . . لقد
حصلت على رأي أخصائي نفسي بهذا الأمر . . روبرتو لم يفقد
ذاكرته فقط . . بل إن عقله الباطن يرفض أن يتذكــر .
وأخذت جيني تتحرك بقلق :
ـ ولماذا ؟ . . أعرف ما تحاولين عمله إيفا . . . ولكنك لن
تنجحي . . يجب أن تتقبلــي أنني و روبرتو قد انتهى أمرنا معاً ,
وهكذا كان منذ خمس سنوات . وحادثته لن تغير من الواقع شيئاً .
بعد ثلاثة أشهر ســأتزوج ثانية . وأنت تعرفين هذا .
وتجاهلت إيفا ملاحظتها وقالت بخشونة :
ـ روبرتو يحمي نفسه . . . هذا ما قاله الطبيب النفسي . . . إنه
يعرف أنه مريض وقد يموت . . . لذلك عاد إلى أيامه السعيدة
معك , وهذا يشعره بالأمان . ويعطيه سبباً ليعيش من أجلــه
ـ أتعرفين ما تقولين ؟ إنها ليست الحقيقة .
ـ يا عزيزتي . . أنا واثقة . . . روبرتو لم يفقد ذاكرته نهائياً , بل
فقد الجزء الأخير منذ فقدك . لقد أقفل عليها الباب . حــتى
أندرو . . ابنه . . . الذي يحبه . . . صدقيني . . . لا يذكره . ولا
يمكن له أن يرفض تذكــر ابنه للاشــيء . ومع ذلك ينظــــر إلى الولد
دون أحساس ويســأل : من هذا ؟
وعضت جيني شفتها .
ـ يا للولد المسكين ! وهل تألم لهــذا ؟
فتنهدت إيفا :
ـ لقد تكدر بالطبع . ولكنني أبعدته عن الجو , وشرحت له أن
إصابة أبيه جعلته يفقد ذاكرته , وأظنه فهم الأمر .
واستدارت جيني . . . تلف ذراعيها حول نفسها وكــأنها تكاد
تتجمد من البرد . . . وقالت :
ـ مهما يكــــن . . . لن أستطيع الذهاب .
منتديات ليلاس
وتقدمت إيفا من الطاولة , حيث ورقة الرسم المنزوعة من
الدفتر الكبير . . والتقطتها لـتنظــر إلى الرسم غير مصدقة :
ـ هذا عظيم . . . عظيم جداً . . . كــم أنت بارعة يا جيني !
فــاحمر وجه جيني .
ـ أوه . . . إنه مجرد خربشة من الذاكرة .
ـ ولكنك التقطت ملامح وجهه ببراعة . هل لــي أن أحتفظ بها ؟
ســأحافظ عليها كأنها كنز . . . جيني . . . أرجوك !
ـ بالطبع .
ـ شكــراً لك .
ونظرت إليها إيفا بعينين دامعتين :
ـ أرجوك اذهبي إليه . . أرجوك !
وتأكدت جيني أن لا مفــر لها . . وستبقى إيفا هنا إلى أن توافق
فقالت :
ـ أوه . . . حسناً .
وفي السيارة سألتهــا إيفا .
ـ مــاذا قال خطيبك عندما أخبرته عن روبرتو ؟
ـ لم أخبره بعد .
ـ ألا يعرف شيئاً عن حالته ؟
ـ أشك في أنه يعرف عن الحادثة أصلاً .
ـ وهل تظنيني سيمانع ؟
فضحكت ببرود :
ـ تعرفين جيداً أنه سيمانع , فأنا خطيبته , ومع ذلك أذهب
لأقف قرب فراش رجل آخــر وأتظاهر إننــي زوجته . . فماذا تتوقعين
منه ؟
ـ مما أذكره عنه , مع ما قلته , كــــان دائماً لطيفاً واسع المخيلة . . .
وبالطبع سيفهم .
توقفت السيارة خارج المستشفى , ولحقت جيني بإيفا إلى
الفناء الداخلـــي , ثم إلى المصعــد . . . خارج غرفة روبرتو توقفتا ,
ومدت إيفا يدها إلى جيني :
ـ الخاتم .
ارتجفت يد جيني وهي تأخذه . وفتحت إيفا الباب هامســة :
ـ ســـأنتظر في قاعة الانتظــــار .
بعد لحظـــات دخلت الغرفــــــة . . وكانت فارغـــــة وصامتة . .
والطيف الملفوف بالأربطــة فوق السرير لم يتحرك وهي تتقدم إليه .
ووقفت بهدوء إلى جانبه . . . ثم انحنت غير قادرة على مقـــاومة
إغراء يدفعهـــا , ولمست بشفتيها جبينه .
وعلى الفور امتدت يده لتلتف حول عنقها . فرفعت نظرهـــــــا
لترى أن جفنيه قد ارتدا عن عيني السوداوين , وهمــس :
ـ جيني . . . حبيبتي . . . أخيراً . . أين كنت ؟
وحاولت الابتعاد عنه دون جرح مشاعره , ولكــــــن يده كان لها
قوة غريبة ولم تتركهـــا . . فقالت :
ـ تبدو أفضـــل حالاً الآن .
ـ قبلينــــــــي ثانية . . . كنت نائماً . . هذا ليس عدلاً . . أريد أن
أكـــــــون مستيقظاً عندما تقبليني .
وقبلته بخفة , ولكن يده ضغطت على عنقهــا , وأبقت وجههـــــــــــا
قربه بينما كان يمرر فمه على خدهـــا .
لم تكن تتصور مطلقاً أنها ستشعر ثانية بهذه المشـــاعر معه .
وآلمها ذلك حتى أنها أرادت أن تهرب . وتخلصــــت من قبضته ,
ووقفت ويداها متشابكتان . . تتنفس وكــأنها كانت تركض .
وتحرك بقلق . . ولاحظت الألم في عينيه , وســألها :
ـ ما بك ؟
ـ يجب أن تبقــى دون حراك . . . فالتكدر لا ينفعك .
ـ ولكنني ســأتكدر أكثر لبرودك معــي . . تبدين أكبر سناً . . .
هل يجب أن تبقى هذه الستائر مسدلة فوق النافذة ؟ أريد أن
أراك . . . اقتربـــــــــي منـي .
واستدارت لتجر الكرسي وتجلس قرب السرير , مبقية رأسها
بعيداً . . لا بد أنه سيلاحظ التغيير عليها , فذاكرته تفتش عن الفتاة
ذات التسعة عشر سنة . وهي الآن امرأة في الرابعة والعشرين .
ـ لا يجب أن أبقى طويلاً .
ـ ولكنك وصـــلـــت لتوك . . ما الأمــر . . لماذا تبتعدين عنــــي
هكــذا ؟
فاستجمعت كل شجاعتها , ومالت إلى الأمـــام مبتسمة :
ـ آسفـــة لهذا . . . كنت قلقة عليك .
فانفجــرت أساريره :
ـ بالطبع ! يا عزيزتي المسكينة ! آسف لأنـــني سببت لك
التعاسة . أنت صغيرة على وضع كهذا . . . يا حبيبتي . والأمــر
صعب عليك . ولكن لست أدري ما حدث , ولا كيف حدث , كل
ما قالوه لــي إننــي حطمت السيارة .
وبدا مريضــاً , ضعيفاً , ولكن لم يبدُ أنه يموت . . إنه منطقــي ,
وواضح التفكير .
ـ لقد انسكب الزيت من صهريج , وتزحلقت السيارة فوقه .
فقطب :
ـ ومتى كان ذلك ؟ آخــر ما أذكــره هو رحلتنا إلى لندن . أذكـــر
عودتنا من مطار هيثرو . . وكنت معـــي في السيارة . . . يومها لم
لم تحصل حادثة أليس كذلك ؟
و أحـــســت بألم في حلقها , وابتعدت بصعوبة .
ـ لم أكن معك ســـاعة الحادثة .
ـ لا . . أمــي قالت هذا . . أذكر . . . لماذا تأخرت عن المجيء ؟
أين كنت ؟ مع داني كما أعتقد ؟ ومع صديقك العزيز غرانت ؟
ووقفت بقوة عن الكرســـي حتى كادت الكرسي تقع .
ـ يجب أن تنام الآن روبرتو . لقد وعدت الطبيب أن لا أبقى
أكثر من دقائق .
ـ أبقي هنا . . لم تردي على ســـؤالي . . هل كنت مع غرانت
كراولــي ؟
ـ لا . . . لم أكن معه . . . كنت مع أبـــي في باريس .
وبدت عليه الراحــــة :
ـ أوه . . . أنا آســف حبيبتي .
ـ والآن يجب أن أذهب .
فهمـــس :
ـ قبليني .
منتديات ليلاس
وقبلته . رغـــم إحـــســـاسهــا بالعـــذاب , وداعبت يــده شعرهـــا
الحريري . فارتجفت , ثم عاد إلى الاستقاء متنهداً , وبدا لها مرهقاً
حتى أن مشاعر الحنان لديها تحركت نحوه . فقالت له متوسلة :
ـ عــدني أن تنام الآن .
فابتسم وتمتم بصوت ضعيف :
ـ أعدك .
وقبل أن تتركـــه كان يغط في سبات عميق .
وكـــان مع إيفا رجــــل قصــيـــر ممتــلئ تبدو عليه الأهمــيــة . فابتسم
لها ومد يده :
ـ آه . . سيدة باستينو , سعيد جداً لمقابلتك .
فردت جيني بحدة وهي تنظر إلى إيفا :
ـ أن الآنســة نيوهام .
وقالت إيفا :
ـ هذا هو السيد كيلي , الأخصائي الذي سيتولــى معــالجة
روبرتو .
ونظرت إليه جيني دون اهتمام :
ـ هل أنت طبيب نفساني ؟
فرد بسرور :
ـ من بين عدة أشياء . . كيف وجدت زوجك ؟
فردت بحزم :
ـ نحن مطلقان .
فابتسم :
ـ ولكنه لا يعتقد هذا .
ـ مهما كان يظن . . فنحن مطلقان .
ـ قانونياً أجل . . . ولكن إذا لم يكن يتقبل الأمــر . . . فأنت
مجبرة .
ـ هذا مناف للعقـــل !
فابتسم بخبث :
ـ ولكنك هنا سيدة باستينو , وهذا يدل على أنك تتقبلين فكـــرة
ارتباطه بك .
بدت عليها الصدمـــة والشحوب .
ـ لقد جئت لآن أمــه توسلت إلي .
ـ وإن يكــن . . مهمــا كــان السبب الذي تبررين لنفسك به , فلقد
جئت . وهذا مــا يقول لــي إنك ملتزمــة به .
ووضعت جيني قبضتيها على جبينها :
ـ لا !
وأدار الرجل القصير ابتســـامته نحو إيفا :
ـ هل لــي أن أتحدث إلى السيدة باستينو على انفراد ؟
وأمسك بذراع جيني .
ـ هل تسمحين أن تأتـــي معي إلى مكتبي ؟
فقالت إيفا :
ـ ســـأنتظرك هنا عزيزتي .
وقدم لــها كرسياً أمام طاولته , وجلس مبتسماً :
ـ زوجك لا يذكــر الحادثة . . أتعرفين هذا ؟
ـ قال لـــي .
ـ وهل قال لـك آخـــر ما يتذكر ؟
ـ أجـــل .
ـ وهل تسمحين بقوله لــي ؟
فهزت كتفيها :
ـ لست أرى حقـــاً . . .
ـ أرجوك !
فــتـــنــهــدت :
ـ آخـــر ما يذكره رجوعنا من رحلـــة إلى لندن .
ـ ومتى كــان ذلك ؟
ـ منذ أكثر من خمـــس سنوات .
ـ وهل لهـــذا أي ميزة لــديــك ؟
وجمدت الابتســـامة على شفتيها . . ميزة ؟ . . أجــل . . إنها تذكر :
ـ بعد أيام من عودتنا تشاجرت معه وتركته وعدت إلى منزل
أبــي . . .
ولم تستطـع أن تكمــل , وارتجفت شفتاها , واندفعت الدموع
إلى عينيها .
ـ وبعدها . . .
ـ لم يكن مخلصــاً لـــي .
ـ وهل اكتشفت هذا بنفسك ؟
وهزت رأسها ايجابياً وهي تتذكر , لقد نامت عند والدها ليلة . .
ثم في الصباح اكتشفت خطأها , فأخذت سيارة تاكسي إلى منزلها
في الصباح الباكر , وبكل الحب والشوق ركضت لتصل إلى غرفة
نومها , غرفتهما , وفتحت الباب لتجمد وكأنها تلقت رصــاصة في
قلبها .
من على الوسادة قرب رأس روبرتو الأسود , رفعت جيسكا
رأسها ذي الشعر الأحمر مبتسمة , ولم تقل كلمة , بل تحولت
البسمة إلى ضحكة . . . وأخذت العينان السوداوان تسخران منها .
واستدارت جيني دون كلمة وخرجت من المنزل . . . فيما بعد
ذلك اليوم جاء روبرتو ليراها . ولكن والدها رفض السماح له
بالدخول . ومن غرفتها في منزل والدها سمعت الصراخ . . . وحاول
روبرتو اقتحام طريقه إلى الداخل . . . ووصل غرانت . . . وكانت
معركة قاسية , شهدت كل فصل منها وهي ترتجف وتحس بالسقم .
و معاً . . تمكن والدها و غرانت من طرده . وفي اليوم التالي كانت
جيني في طائرة متجهة إلى لندن للإقامة مع عمتها هناك . . . ومن
هناك أرسلت وكالة لمحاميها لإجراء الطلاق . وأرسل روبرتو عدة
رسائل لها . . لم تفتح أي منها . . . وعادت لتتم إجراءات الطلاق
في أمريكا . . . وبعد أسبوع تزوج روبرتو من جيسكا . وبعد الزواج
بثلاثة أسابيع ولدت له أبنها , أندرو . . الولد الذي وضع روبرتو
كل دمغات العائلة عليه , ولا مجال له لإنكــار بنوته .
ـ وهكذا تطلقتمــا ؟
ـ أجل .
ـ وهل رأيته منذ تركتـــه ؟
ـ لا . . .
ـ إنها قضية فتحت وأقفلت . . . أليس كذلك ؟
ـ صحيح ؟
ـ هيا الآن سيدة باستينو . . .
فصاحت بشراســة :
ـ لا تناديني بهذا الاســم !
ـ يا عزيزتي الشابة , وماذا في هذا الاسم ؟ لا يمكن الجدال
حول الأمر , فزوجك بكل مرارة نادم على الطلاق . ويرفض كل ما
مر به منذ يوم تركته . لقد أبعد تلك الفترة عن ذاكرته , لأنه فــي
حالته الحاضرة , عقله الباطن يعف أنه لا يستطيع مواجهة تلك
المرحلة من جديد . وإلى أن يستعيد عافيته سوف يستعيد ذاكرته .
ـ وماذا إذن ؟ لا أستطيع الاستمرار في الادعاء . فأنا مخطوبة
لـــرجل آخــر .
ـ هكذا عرفت . . . منذ متى أنتما مخـطوبان ؟
ـ منذ أكثر من أسبوع .
واتسعت عيناه بخبث .
ـ حقــاً ؟ هذا مثير للاهتمام !
وحـــدقت به جيني . . . لماذا يبتسم هكذا ؟
ـ هل أعلنت خطوبتكمـــا في الصحف ؟
ـ طبعــاً . . .
منتديات ليلاس
شهرة داني في عالم التصميم , وشهرة دار الأزياء التي يملكها
غرانت , جعلت نشر الأمــر محتماً . حتى أن عدة صحف نشرت
قصصاً صغيرة حول الأمــر .
ـ هل تذكرين تاريخ ظهور تلك القصص ؟
ـ يوم الخطوبة بالضبط . . . أوه . . . لا في اليوم التالي . . .
وتوقفت عن الكلام فجأة وحدقت بالرجل . . . ثم قالت ببطء :
ـ يوم . . حصلت . . الحادثة . . لــ روبرتو !
فابتسم , وبدا الرضى على وجهه .
ـ بالتحديد . . . هذا مــا كنت أرتاب فيه . . . وكما قلت قضية
فتحت وهي مقفلة . . . وواضحة جداً .
ـ بل أكثــــر من واضحة . . . وأنا لا أصدقها .
وضم يديه معاً وكأنه يصلي . . . وابتسم دون أن يخفي رضــاه :
ـ وهل لديك تفسير آخـــر ؟
فوقفت :
ـ ليس في الوقت الحاضر . . . ولكنـــني ســأفكــر بتفسير آخــر .
وانفجــر ضاحكــاً .
ـ افعلـــي هذا أرجوك سيدة باستينو .
فحملقت به غاضبة , وقالت بعد تفكيــر :
ـ ألم يتبادر إلى ذهنك لو أن ظهور خبر خطوبتي هو سبب
حادثة اصطدام سيارة روبرتو . . فقد يكون فقدان الذاكرة شيئاً
متعمداً ؟
فاتســعـــت ابتســـامته :
ـ بالطبع . . . ولكن ليس بالضــرورة كمــا تعنين أنت . فهو لا
يدعـــي سيدة باستينو . . لقد فقد الذاكرة حقاً للخمس سنوات
الماضية . لقد جاهد عقله بكل طاقته ليقفل الستارة عن الذكريات
المؤلمة لحماية نفسه . وكما قلت , عندما يستعيد عافيته الجسدية ,
سيسمــح عقله للذاكــرة أن تعود .
ـ وحتى ذلك الوقت ؟
فهــز كتفيه .
ـ يجب أن أصــــر على أن لا تحرريه من هذا الوهم إلى أن
أسمح أنا بذلك . فقد تكون الصدمة مؤذية جداً له .
وحدقـــت بالأرض تعض شفتيها :
ـ لن يموت . . . وأنا واثقة من هذا . لقد كـــان أقوى بكثير اليوم
عمــا شاهدته أول مرة .
ـ ولكن الصدمــة قد تقتل أي إنســـان وهو بصـحــة كــاملة ,
صدقيني ! وعندمـــا يصــاب شخص كــزوجــك سيكــون الخطــر مضاعفاً .
وأغمضــت جيني عينيها . . . وهمست بيــــأس :
ـ أوه . . . يا إلهــــي ! . . . لست أدري كـــم أستطيع أن أتحمــــل
بعــد .

* * *
نهاية الفصـــل (( الثانــي )) . . .

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 10-02-12, 10:27 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
Unhappy

 

مع إن مافــي متابعة للآســـف
فالمفروض ما اتحمس أنزل إلا فصــل
بس موعدنــا غداً إن شــاء الله
باربعة فصــــول
لنـــــا لقاء غداً الساعة 11
تحياتي
جمرة لم تحترق

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 11-02-12, 10:08 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي 3 ـ القلب الخائن

 

3 ـ القلب الخائن


كان الخريف قد بدأ يولــي ممهداً لقدوم فصل الشتاء الذي
يبطــئ بنعومة متمثلاً بضباب صباحي , وطقس مكفهر بارد ,
وزخات من المطر . بقيت الحرارة مرتفعة أكثر من المعتاد , فترى
النساء والرجال يسيرون في نزهاتهم باللباس الصيفي الخفيف .
بالغرم من كل حكمتها , استمرت جيني بزيارة روبرتو في
المستشفى . . وكانت تمضي معه يوماً نصف ساعة جالسة قرب
سريره . . تمسك بيده . . تراقب النور الساطع في عينيه وهو
يتأملها . كان يمازحها بلطف , كما كان يفعل في الأشهــر الأولى
لزواجها . . مظهراً لها الحنان الدافئ . الذي تتذكره بحزن وأسـى .
تلك الأشهر الأولى كانت أكثر اللحظات سعادة فــي
حياتها . . فروبرتو مُحب مثير , حساس , يعــي تماماً براءتها . يحبها
ويحميها , وإن كان يجرفها معه في لجج رغبته الحارة , العقبة
الوحيدة التي كانت تعكــر صفو تلك السعادة التامة كان والد زوجهـــا
أنطونيو وعدائيته نحوها فهو لم يكن يخفي عن أحد رغبته في أن
يتزوج ابنه من ابنة عمه جيسكا .
بعد عودتهما من رحلة إلى لندن , كمحاولة يائسة لاستعادة
سعادتهما , عادت المشاكل حـــال وصولهما إلى نيويورك . فقد كان
موعد حفلة عيد ميلاد جيسكا ليلة وصولهما . . وكانت جيني حينها
متعبة من السفر , فآوت إلى الفراش باكراً , بينما بقي روبرتو ليحضر
الحفلــة .
لم تستيقظ جيني إلا بعد منتصف الليل على صوت موسيقى
منبعثاً من الأسفل . نهضت من فراشها ومن على فسحة السلم
تطلعت إلى المرآة الضخمة التي تعكس ما في الصالون الطويل ,
فشاهدت جيسكا , مغمضة العينين , تسبح مع الموسيقى بين ذراعي
روبرتو . فعادت إلى فراشها متوترة , والغيرة تنهشها . . . ولم تغط
في النوم إلا حوالي الرابعة صباحاً ولم يكن روبرتو قد عاد بعد إلى
فراشه . . . مع أن المنزل كان خالياً يسوده الصمت .
وكان هذا بالطبع سبباً لخلاف آخــر . وتدخل أنطونيو باستينو
بعنجهيته وكبريائه , مقطباً وجهه قائلاً لها :
ـ إذا كنت تغارين من جيسكا فاسألي نفسك عن السبب ! ألست
تغارين بسبب معرفتك أنها هي امرأة من طبقته , وليس مجرد فتاة
جميلة جاهلة نكـــرة .
عندهــا خلعت جيني خاتم الزواج من يدها لترميه له بينما ظل
روبرتو صامتاً لا يفوه بكلمة . وسارعت إلى منزل أبيها , معتقدة أن
لروبرتو نفس وجهة نظر أبيه , وأنه قد ندم على زواجه منها , لكنها
مع بزوغ أول شعاع لضوء الصباح سارعت إلى منزل باستينو
لمحاولة كسب ود زوجهــا , مهما يكن الثمن .
ما شاهدته يومها لم يكن ليفارق مخيلتها ليلاً ونهاراً ولأشهر
طويلة . . . روبرتو غافٍ في فراشه . . وإلى جانبه جيسكا يعلو
وجهها بسمه انتصــار .
لم تزل هذه الذكرى تحز في نفسها حتى هذه اللحظات . . لم
لم تستطع النسيان , كانت تعرف بالطبع , أن هناك الكثير من النساء
قبلها . . ولكنها آمنت بكــل سذاجــة , أن روبرتو بعد قســمه
بالإخلاص , لن يفعل ما قد يســــيء إليها .

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الدوامة, احلام, دار الفراشة, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية, شارلوت لامب
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:17 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية