لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-01-12, 04:11 AM   المشاركة رقم: 31
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ماسي



البيانات
التسجيل: Sep 2007
العضوية: 41908
المشاركات: 1,602
الجنس أنثى
معدل التقييم: ضحكتك في عيوني عضو على طريق الابداعضحكتك في عيوني عضو على طريق الابداعضحكتك في عيوني عضو على طريق الابداعضحكتك في عيوني عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 333

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ضحكتك في عيوني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ضحكتك في عيوني المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 


الجزء الثلاثون :

*
*
*
وحدهم من غمرتهم الذنوب بضيق متخمون
و
وحدهم المستغفرون براحة يتمتعون ( جعلنا الله منهم ) ...

*
*
*

لم يغمض لي جفن طوال الليل , تتآكلني المخاوف التي أمطرت بها خيالاتي عن ما سوف يحدث ..

لا .. إنها ليست تنبؤات و العياذ با الله و لا حتى تطير و تشاؤم بما يحمله الغد ..

هي فقط تحليلاتي لشخوصهم المعتوهة و ردود أفعالهم المجنونة ...
فا هم لا يتغيرون و يعيدون المشهد بنفس الحوار حول نفس الموضوع دوما .. هي فقط الأماكن من يسمح لها أن تتغير , كأنهم يراهنون على ما حولهم لإثبات وجهة نظرهم , و من يفشل منهم يصر على تغيير المكان و البدء من جديد !

*
*
*

أنفال على سريرها غائبة في لجة أفكارها لتتنبه لنظرات هند المتسائلة : خير علامج تأمليني ؟

هند : ودي افهم ليش لما تصحين الصبح لازم تقعدين عشر دقايق على السرير أطالعين في السقف ..

أنفال : الجواب بسيط .. أبي أشوف خبالج لحد وين وصل ..

هند : أنا خبله ؟!!

أنفال: اللي مخليها أبو بنتها يفز من نومها بنص الليل و يجيبها لأهلها من دون سبب مقنع أكيد تكون خبله و هبله و

هند تقاطعها : كلامج منبعه قلب خالي من الهموم ..

أنفال بغضب : هموم !!! .. أنتش حسبالج بس انتش اللي عندج هموم و مشاكل .. كل الناس عندها اللي يشغل تفكيرها بس مو كل الناس تخلي اللي حوالينها يعانون معها ... و تصير لهم هم ..

هند : يعني أنا اللحين صرت هم عليكم يا أهلي .. سبحان الله الدنيا شلون تغير .. انا بحياتي ما اعتقدت أن بيجي اليوم اللي احس فسه أني ثقيله على أهلي ..

أنفال : أي لأنج كنتِ تستثقلين أهلج و تعدين الأيام عشان تهجين منهم ...

هند تخنقها العبرة : أنفال خفي علي و لا تصيرين قاسيه .. تراني مو ناقصة ...

أنفال : صج ؟ ... شايفتني قاسية .. أجل خليني أقسى عليج أكثر .. ترى ساري ما راح يرحب فيج مثل المره اللي فاتت ..

هند ك ليش ان شاء الله .. لا يكون أنا في بيته ؟

انفال : أي بيته .. مو هو اللي فاتحه من كده ليل و نهار ..

هند بقلق : شنو يعني بيقطني على خالد ..

انفال : قط وصايف قبلج ..

هند تحاول أن تتسلح با الشجاعة : موضوعي يختلف .و بعدين هو ما يحب خالد ..

انفال : مو مهم يحبه أو ما يحبه .. المهم هو مو ناقص مسؤولية جديدة ..

هند بخوف بان في نبرتها : و الحل ؟

أنفال تقوم عن سريرها : ردي لخالد قبل ما يكبر الموضوع و تخسرين كل شي ...

*
*
*

تركتها تجمع و تطرح لعلها تطلع بنتيجة منطقية تساعدها على العودة لزوجها عن قناعة لتحاول حل مشاكلها بعيدا عنا ...
نعم هي أختي التي أحبها جدا و هذا ما يجعلني ادفعها نحو هذا الحل
فا ليس هناك ما يمكن أن تعود له , كل شيء تغير منذ أن أصبحت أم لدانة , المسالة لم تعد تتعلق بها وحدها و هذا المنزل ليس البيئة المناسبة لتتربى به ابنة أختي الصغيرة و خالد أب صالح حتى لو أثبت فشله كا زوج , نعم هو رجل بارد عواطفه معلبة و تستعمل عند الحاجة و لا يرى من الضرورة تناولها في كل وجبة .. لكن لا يهم مدام قادر على إعالتها !

............................................................ ..............
*
*
*

أرغفة الخبز الحارة بردت و أنا هنا أصر على حملها حتى تأتي لتأخذها مني كا عادتها كل صباح , أصبح هذا الموعد هو محور تفكيري كل يوم , فا في كل مره اخطط لأبعد من دور الفتى الموكل له مهمة التوصيل و في كل مره حضورها الرقيق ينسيني ما خططت له فتلك الدقائق تمر بسرعة قبل حتى أن أشكل جملة , و وضوح دوما كانت متلصصة من الخلف, تستعجلها و تصرفني لحيث الخيبة ..

و ها أنا بعد أن قررت و عزمت أمري أن استقل الفرصة لأقترب أكثر حتى أباغت بالإهمال .. فا لي أكثر من ساعة منذ عدت من صلاة الفجر قابع ها هنا في المطبخ أنتظرها مع إحساسي أنها تتهرب مني
و لا تنوي أن تدخل هذا المطبخ حتى تتأكد من أني غادرت المنزل بأكمله و ليس فقط المطبخ ..

و الحل ؟ ... لابد أن هنالك حل , فا قبول انزوائها و تركها للعزلة غير وارد .. و إعداد الإفطار و دعوتها إليه مناسب !

و هكذا شمرت عن ذراعي و عزمت أمري , لكن توقفت للحظة عندما لم أعرف ما هي الخطوة الأولى , فا أنا لم أقم بأي عمل منزلي منذ عرفت ماهية الحياة , لكن ما مدى الصعوبة في إعداد وجبة خفيفة كا الإفطار ؟ ..

*
*
*

شملان الذي دخل المطبخ و تفاجأ با الفوضى ليصرخ بعلي : أنت شقاعد تسوي ؟!!

علي الذي أوقع البيض على الأرض : الناس تصبح مو أدرعم بصراخ ..

شملان سارع للممسحة حتى ينظف المكان : زين جذيه عفست الدنيا ..

علي : هذا جزاتي بسوي لكم ريوق فندقي ..

شملان بتهكم : أي واضح .. روح بدل ملابسك اللي وصختهم و انا بسوي الريوق ..

*
*
*

لم أجادله بل وجدت في عرضه باب للهرب , فا أنا عندما قررت أن أقوم ببادرة جميلة لم أعلم أن الأمور ستنتهي با فوضى .. و عندما عدت بعد دقائق كان الفطور جاهز ! .. و المطبخ بهيئته قبل أن أشرع باغتياله, أذهلني شملان فا أنا لا أذكر عنه معرفته بشؤون المطبخ , يبدوا أن شملان تغير منذ زمن طويل و لم ألحظ تغيره لغياب عقلي , إذا هكذا دبر أموره و أتقن دور العازب الغير محتاج لأنثى لتدير بيته !

*
*
*

علي : بروح أقعد سالم ..

شملان : سالم توه طلع لمدرسته ..

علي : و .. وداد ؟

شملان يحتسي قهوته على مهل و يرد ببطئ .. و .. وداد ؟!

علي بتذمر : لا تستعبط علي ها الصبح ..

شملان يبتسم لأخيه : الظاهر نايمه ..

علي معقبا : أو حابسة نفسها و ما تبي تشوفني .

شملان يضع فنجان قهوته أمامه و يتأمله ليحادث أخيه بهدوء : تعتقد وداد تشبه وضوح و فينوس ؟

علي بتوجس : قصدك أني خذلتها .. و حبي ما يكفي عذر ..

شملان يتجاهل سؤاله و يقرر مشاركة أخيه بما قرر : تدري يا علي أن موت عمي الله يرحمه خلاني أستعجل قرار مأجله ..

علي : اللي هو ؟

شملان يتمهل ليمهد أكثر : لو مت اليوم أنت يمكن أتضيع و تصير بدون هوية ..

علي بتوجس : و حضرتك قررت ترفع قضية على نفسك ..

شملان : مو با الضبط .. أنت اللي راح ترفعها ..

علي : ما فهمت ؟

شملان : أفهمك ...

*
*
*

"إثبات نسب" .. هذه القضية التي يريدني شملان رفعها عليه !

جادلته بان هذه الخطوة ستقود لتحقيقات مطولة ستنتهي بإتهامه و با تزوير الكثير من الأوراق الرسمية لإخفاء تواجد أبو سالم في بيته ليلة الحريق و تدنيس الأدلة التي تثبت أن الجثة المحترقة عائدة لأبو سالم .. إعدام .. نعم قد يحكم عليه با الإعدام ...

*
*
*

شملان : لا تهول من الموضوع ... و سو اللي قلت لك عليه ..

علي : لا ما راح أسوي اللي قلت عليه و إذا رحت برجلينك لهم لا توقع أنك بتشوفني ثاني مره .. بهج من ها الدنيا كلها ..

شملان : حتى من وداد ..

علي بحسرة : حتى من وداد ..

شملان : تكون غبي و قررت الهروب من دون ما تعطيها سبب مقنع ... يعني قررت تكرر أكبر أخطائي و أنا لا يمكن اسمح لك ..

علي بإصرار : و أنا لا يمكن أسمح لك تضيع حياتك ..

شملان : أنت فعلا تبالغ .. أنا ما ذبحت أحد .. و الله لا يمكن يظلمني

علي يذكره بذنوبه : بس زورت و جذبت و تلاعبت بحياة يتامى ..

شملان : با الضبط .. و أنا استغفرت و تبت و مستعد أواجه أخطائي .. فا لا تصير عقبة .. و تذكر كلامك اللي قلته لي قبل ما تروح تعلم وداد با الحقيقة ... " تبيني أجذب و أزور مثلك ؟!! .. تبيني أتلفت وراي و اشك في الكل و أتمادى با الجذب و أخطي في اليوم ألف ألف مره على من أحبهم و اسمي الحقيقة ضياع .. ضياااع يا شملان ؟!!"

علي بتردد : زين .. و أختنا .. وعمليتها .. و حياتها ...

شملان يطأطئ برأسه مفكرا ليعاود تقويم نظره باتجاه علي : لا تقول لها .. و أنا من ها الليلة مسافر لمدة طويلة لكل من سأل عني .

علي : مسافر ! .. أنت مو رجل أعمال عشان تنط من ديره لديره و الكل بيشوف أنه أمر عادي ..

شملان : لأ .. أنا مسافر على حسب أوامر الطبيب النفسي .. و إلا نسيت أني مريت بانهيار عصبي و تعبت نفسيا لمدة طويلة ..

علي : ولو .. وضوح على الأخص بتلزم تتبعك ..

شملان : أنا أبي أبتعد بروحي فا سمحوا لي أتنفس .. هذا الجواب بيكفيها ...

*
*
*

لم أقتنع لكن وافقت على مضض و للأمانة ليس حب وداد و إصلاح الوضع هو دافعي الأول , بل يدفعني خوفي على روح شملان للقبول بأصعب الحلول .. فا أنا أريد له أن يصلح مساره و يطهر ضميره الذي يأن تحت آثام تنامت من قضايا أصر على كسبها بشتى الطرق ...

............................................................ ............

*
*
*

كل منا يملك مجس يتصل بإدراكه مهمته توصيل ذبذبات الآخر ....

و لقد وصلني منها شحنة سلبية هائلة لا يستهان فيها , فقد تركتني بعد تأنيبها لي أنقع في الخجل حتى فجر هذا اليوم و لم يتلاشى إحساسي مع بزوغ الشمس بكامل هيئتها لتتسلل لغرفتها الباردة
التي سلبتني القدرة على النوم , و ها أنا أعنف نفسي سرا على ما عرضت نفسي له , فا لم يكن هذا هدفي من المبيت هنا و لا مقياس لنبل نواياي , فا قراري البقاء بجانبها نابع من اهتمامي و عظيم استشعاري بشروخ الحزن في حوائط قلبها , فقد تذوقت إحساسها من قبل عندما فقدت والديّ و أخي الذي ظننت أني فقدت ..
ذاك الشعور الثقيل المثخن بلا شيء .. لا شكل و لون يميز به .. يحس فقط من دون أن يفسر بدلالة تعريفية .. فراغ ! .. أشبه با الفراغ المترامي بصحراء .. ذاك الجماد الملقى كا نفاية على ارض قاحلة .. كا هذا الجماد من يفقد شعوره ليسكن في مكانه و تصفر الريح باذنيه و يصيبه الخرس .. فراغ !

و ها هي لأول مرة تخالف طبيعتها و تعاملني بلؤم , عرضت علي فجرا أن أعود لمنزلي و أن ليس علي أن أتصل على احد من أخوتي فا سائقها الخاص برفقة من أختار من الخادمات سيكونون بخدمتي !
و ليس علي أن أستعجل لدي حتى توسط الشمس لسماء !

*
*
*

طلعت الشمس و حل الموعد و تأهبت للمغادرة ... على الرغم من ترددي إلا أنني عزمت أمري ... فا أنا أحتاج للخروج لحيث ملاذي و لو كان في هذا مغامرة , فا أنا متعبة و كل ما يحيط بي يبكيني , صوته القريب و ملامحه الحبيبة و رائحته التي تعبق بها الزوايا تغمرني بشوق عامر لأحضانه الدافئة ...

و أمي هناك تنتظرني لتعوضني حنانه إن أمكن ! ...

لكن أنا جدا خائفة من أن أخسر حق العودة و أكون بطلة لأحد المشاهد المكررة , التي تبدأ بمفاجأة تتلخص بإدراك عقم مفتاح البيت و انه لم يعد صالح لتفقد إلى الأبد مكانها في البيت الذي كانت تسكنه ..... كأن انتماءاتنا و حقوقنا تفقد بفقد شيء كا قطعة حديد لصدأ معرض أو ورقة قد تبلى بأي ثانية , وليتها كانت بهذه البساطة و يمكن لنا أن نقيس كل ما نملك و كل ما فقدنا بشيء !

*
*
*

وضوح : وداد ! .. شتسوين هني ؟

وداد : أنفال جايه مع ساري عشان ياخذوني ازور أمي ..

وضوح : و أنفال تدري اني نايمه هني ؟

وداد : أنا قلت لها .. ليش فيها شي ؟

وضوح : لأ .. بس لقيت رقم ساري ها الصبح و ما فهمت السبب إلا اللحين ..

*
*
*

عاودت الاتصال به و أنا التي كنت تعهدت لنفسي بقطع كل خطوط الاتصال بيني و بينه لكن هذه المره وجدت من الحكمة أخذ زمام المبادرة ! ..

*
*
*

وضوح بعد أن رد ساري السلام : أنا في بيت عمي ممكن تمر تاخذني قبل ما تروح دوامك ..

ساري : واضح أنج عرفتي سبب أتصالي عليج الفجر ..

وضوح ببراءة مصطنعة: ما فهمت ؟!

ساري بتردد : أنتِ فعلا مو عارفة أني جاي مع أنفال ناخذ ديمة ؟

وضوح : زييين أجل ما عنيتك .. بس فعلا ليش متصل علي الفجر .. علي فيه شي ؟

ساري يخفي غضبه : وضوح أنا و أنتِ نعرف بعض .. وداد عندج ؟

وضوح تزفر بضيق : أي هذا هي تنتظركم ..

ساري : ترى رسالة قصيرة تعطيني فيها خبر أنج بتنامين في بيت عمي ما كان راح تضر ..

وضوح : معاك حق ..

ساري المستغرب من خضوعها أستقل الفرصة : على العموم حصل خير و هذا حنا لقينا الوقت عشان نبتدي بحل وضعنا ..

وضوح : فعلا .. أنا طول الليل أفكر أن وضعنا شاذ و العمر قصير و عمي و أم ديمة مثال ..

ساري بتوجس : و القصد ؟

وضوح : بطلع معاك للمحكمة و ننهي موضوعنا ..

ساري : و السبب ؟ .. لأن بيسألونج عن السبب و لازم تعطين سبب قوي ما يحرجج ويخلي القاضي يتعاطف معاج ..

وضوح : ما عدت أحبك .. أحلف لك .. ما عدت أحبك .. ما يكفي هذا سبب ..

ساري الذي جرح كبريائه : و أنتِ تسوين عيوني بس مدامج عايفتني يا بنت خالي تراج مرخوصة .. و أنتِ طالق ..

*
*
*

كأنه أطلق علي رصاصة الرحمة .. لم أعرف هل أبكي أم أطلق الزغاريد إعلانا ببدء موسم فرح .. تحررت منه و انتقمت لقلبي الذي لم يحسن معاملته , لا .. لا أساوي عيونه أنا فقط أساوي مقدار الألم الذي سببه نبذي له .. هم هكذا لا يروننا و نحن كا ظلهم و عندما نتلاشى يبحثون عنا ! ..

آآآآه فينوس ليتك لم تنبذيني لأشاطرك نصري و أبارك لكِ أنتصارك .. هذه السويعات كانت لنا عظيمة !

*
*
*

لا أعرف ما الذي قاله ساري لوضوح ليتغير حالها و تصبح كا فراشة في موسم الربيع , لم تبالي أنني هنا أمامها حزينة و لبست ابتسامتها العريضة التي لم أراها منذ سنوات , لتهرول مسرعة نحو سيارة السائق و أنا ورائها متسائلة ما خطبها . . لم ترد علي و لم تأبه لنداءاتي .. غادرت بكل بساطة !

*
*
*

تنبهت على صوت سيارة مغادرة وسارعت لنافذتي لأستطلع , ليقع نظري على كتلة صغيرة تقف عند البوابة كأنها تودع السيارة الهاربة ! ... أنها ديمة ! ..

تدفقت الدماء الحارة لرأسي و لم أعرف على أي جانب علي أن أفسر ما رأيت , هل أحسن الظن .. فا هي و إن كانت موبوءة بأخلاق رثه لا يمكن أن تتناسى حزنها على أبيها بهذه السرعة ! ..
أم أسيئه و لي كل الحق ! .. نعم .. كل المعطيات تشير ببطلان براءتها .. وحيدة تقف عند البوابة في الصباح الباكر و أهل البيت نيام ! .. مذنبة ...

*
*
*

أصيل يلهث بغضب : مو مصدق طل و شوفها عند الباب قاعدة ..

عذبي الذي صادف أصيل با الممر و استمع لحكايته المختلقة : في مية سبب غير السبب الحقير اللي خلقه خيالك المريض ..

أصيل ك أنا مريض ؟! .. و أختك البواقة هي الصاحية ..

عذبي: وداد أختك و أختي .. و مفروض حنا نكون لها ستر و غطى .. و مو نقعد نعايرها ..

أصيل باستهزاء : لا بعد شرايك ننزل لها اللحين و نطبطب عليها و نقول أدخلي عن البرد يا صغيرة ...

*
*
*

ما كان مني إلا التجاهل , فا أصيل قرر منذ أمد بعيد كره ديمة إلى الأبد و لم يكن بمقدوري تغيير معتقداته في لحظة , لذا توجهت لحيث تقف ديمة و هو خلفي قد حضر ....

*
*
*

عذبي بنبرة لينه : بيدشج البرد هني ..

ديمة التي فزعت من وجود أخواها بررت موقفها عندما لمحت عيناي أصيل : أنا أنتظر ساري و أنفال بيجون ياخذوني لأمي ...

أصيل قبل أن يتكلم عذبي : و السيارة اللي توها مشت و أنتي واقفة تودعين صاحبها ..

عذبي ينهره : أصيل .. روح ناد أمي تريق معانا و أنا ثواني وجاي وراك مع ديمة ..

ديمة التي تلاحقت دموعها على خديها : فج عيونك و بتعرف أن اللي توه مشى سايق فينوس مودي وضوح لبيتها و إذا مو مصدق اتصل على السايق ...

عذبي ليهون من حدة الوضع : أصيل خايف عليج مو أكثر ..

أصيل مقاطعا عذبي : لأ مو صحيح أنا مو خايف عليها إلا خايف منها علينا .. هذي عقوبة علينا كلنا .. و أكيد بتأكد من السايق و حتى لو تأكدت من كلامج ما راح أنسى أنج جذابه و حراميه ..

*
*
*

لم احتمل كلامه الجارح الذي أمطرني به و تركته خلفي يتجادل مع عذبي لأتوجه لغرفتي و أغلقها علي متمنية اللحاق بأبي , لكن .. من لأمي من بعدي ؟ .. أأتركها وحيدة في هذه الدنيا التي نبذها فيها الكل .. ألا يكفي أن أبي تركها باختياره قبل أن يترك الحياة فجأة و يخلفني وراءه ؟ ..

هي فقط الدموع من واستني عندما أدركت أن لا حلول لي ..

فا أنا لا أعرف حقا ما الذي يتداعى حتى أعيد إسناده.. فا الجدران حولي لم تعرفني يوما و كنت دوما خجولة منها و آثرت الابتعاد عن المحاولة .. فا فينوس أفضل مثال , فا هي دوما كانت تمد يدها لي في محاولة توطيد علاقتنا كأختين لكني كنت أرفض هذه الرابطة بل كنت أتمادى في تهميشها و قطع كل ما يمكن أن يقربنا ..

و حتى عذبي و أصيل القاسي كان يمكن لي أن أكسبهما لو لم أتمادى في عصياني و ترديد كم أكره والدتهما ..

أنا الملامة الوحيدة لما آل إليه حالي ...

*
*
*

عذبي لساري : أنا بجيبها تزور أمها بكره ..

ساري بتوجس : و ليش مو اللحين ؟!! .. هذا أنا جيت مع أنفال ناخذها , مو معقول تبينا نرد بتعب الطريج لعمتي من دون بنتها ..

عذبي سارع في اختلاق عذر : أي بس حنا نبي ديمة تكون موجودة لأن محامي أبوي بيزورنا اليوم عشان حصر الورث ..

ساري بتفهم : مدام السالفة جذيه .. معذور ..

*
*
*

أنفال :... غريبة ما قالت لي !

ساري : يمكن توهم معلمينها ...

أنفال : زين تكفى ساري .. خلني أنزل عندها نتسلى مع بعض ..

ساري : اللحين أقولج بيجيهم محامي خالي و عندهم شغل و أنتِ تبين تجين فوق راسهم .. استريحي بس ..

أنفال بعد صمت قصير : زين .. بتقول لأمي أنك طلقت وضوح ..

ساري بمزاجه المتعكر يتأفف : وهذا شي ينخش يا آنسه أنفال ..

أنفال : أنا أقول لا تستعجل .. و أمي فيها اللي مكفيها ...

ساري : احسن تعرف مني قبل ما تعرف من غيري ...

أنفال : و منو عاد بيقول لها .. تكفى ساري أمي مو ناقصة حزن .. و بعدين أنت و وضوح مالكم إلا بعض و أكيد هذي فترة و بتعدي و تردون لبعض ...

ساري يوقف السيارة فجأة و يصب غضبه المكتوم على أنفال : ان سمعت أسم وضوح ينذكر قدامي حتى لو في عابر حديث ما تلومين إلا نفسج ...

*
*
*

لم أنطق بنصف كلمة فا كلماتي دوما تجلب المتاعب لي , و لا يهم مدى صدق نواياي فا أنا المستضعفة التي ينهال عليها الغاضبين بسياطهم بدل أن يوجهونها لظهور من أغضبهم ...

*
*
*

ندمت .. على كل شيء ...

ندمت على اتصالي بها فجرا ..

و ندمت على توجهي صباحا لمنزل خالي ..

و ندمت على استقبال مكالمتها ..

و ندمت على إنهاء ما بيننا ..

و ندمت على تقريع أنفال و تحميلها قهري ..

أنا نادم أني تخليت عنها و تزوجت بأخرى ... وحتى على إنجاب علي ! ...

أنا نادم لاستيقاظي قبل 10أعوام و تقرير مصيرنا لنرتبط با الزواج و أنا على علم أنها تسبقني بمراحل بما يتعلق با العاطفة ...

أنا نادم أنني في سنوات قحطها قررت الإنسحاب ...

و نادم أكثر على قرار العودة !!

أنا نادم و مقهور من نفسي أني جعلتها تخرج سالمة و تتركني خلفها أنزف ! ...

*
*
*

ترجلت من السيارة حالما توقفنا أمام منزلنا لكن إحساس لا يمكن لي رصد مصدره حثني على الألتفاف خلفي لتأكد من أنه غادر بسلام ..
لكن رأسه الذي أنحنى للأمام و يديه اللتان ألتفت محتضنة مقود السيارة كانت كفيله بإثارة تعاطفي و مسامحته ...

*
*
*

انفال أنطلقت مجددا لسيارة ساري و فتحت الباب المجاور له : ساري ..

ساري الذي تفاجأ بعودة أنفال : خير ؟

أنفال : أنا آسفة و حقك علي ...

ساري المتعب : أنتِ ما غلطتي أنا اللي آسف ..

أنفال : زين ممكن أطلبك طلب صغير ..

ساري : آمري ..

أنفال بتردد واضح : أبي أروح لوضوح ..

ساري مستغرب الفكرة : و ليش ؟

أنفال بعفوية : لأنها وعدتني بشغل و أنا كنت مترددة بس اللحين غيرت رايي و بروح لها بسرعة قبل ما تغير رايها ..

ساري بضيق : اجليها وقت ثاني ..

أنفال ك صدقني يا ساري ما في أحسن من ها الوقت .. ودني و أسامحك ..

*
*
*

وافقت على مضض و قد يكون دافعي نابع من خبث , فا أنفال نافذتي التي سوف تطل على حال وضوح بعد سويعات من طلاقنا
, و قد تأتي لي بأخبار تثلج صدري و تجعلني أتوسد الشماتة و أتشفى و أشفى .. قد تحمل لي أنباء عن انهيارها ناتج ندمها .. أو هكذا أتمنى !

*
*
*

عندما وصلت للمنزل و الفرح يسري بكل مساماتي وجدت علي يلغي علي كل ما يمكن أن يسدها حتى تختنق ...

*
*
*

وضوح تبكي بألم : ليش ؟ .. ليش يحول أفراحي أحزان .. ليش يغيب لما أنتصرت .. ليش ...

علي الذي وجد غرابة بردة فعل وضوح : تعوذي من الشيطان و استهدي با الله ... علامج قلبتيها مناحة و حرب و ضرب ..

وضوح تتجه للمقعد لترتمي عليه باكيه لتهذي " تطلقت من ساري .. تطلقت منه و تحررت و أجي أبي شملان يبارك لي ألقاه منحاش ... يعني إذا فينوس صارت تكره يكرهنا كلنا و ينحاش ..

علي المصدوم : تطلقتي !! .. ردي علي .. متى و ليش ؟

*
*
*

لم ترد عليه وضوح و خرجت أنا لأنقذها من أسألته و إصراره على أخذ جواب فوري لها , و ابتعدت بها لحيث غرفتها أردت لها أن تستريح لكنها طلبت مني البقاء فا هي لا تقوى على البقاء وحيده هكذا أخبرتني ! ...

*
*
*

فضلت ترك الأمور حيث هي و با الأخص أن حالة وضوح أخافتني و ما رأيته في عيني وداد كان اشد إخافة ...
و توجهت للمطبخ أريد أن اخلق فوضى لأعاقب كليهما .. لكن تراجعت عندما تذكرت أن شملان ليس هنا لينظف من بعدي !
أنا المسئول الآن و أنا من عليه أن يكون أكثر تعقلا ..
و هكذا توجهت لمكتب شملان أبحث عن ورقة و قلم لأدون مهماتي القادمة و أرسم خطتي المستقبلية ...

انهمكت بما بين يدي حتى سمعت جرس الباب ....

*
*
*

أنفال بخجل ألقت السلام و سألت : وضوح موجودة ؟

علي الذي أربكه حضور شبه أنفال بوصايف : أي .. تفضلي ..

أنفال عندما وقفت بمنتصف الصالة و جفلت من خلو المكان : أكيد وضوح با المطبخ ..

علي الذي لم يكن أقل منها خجلا : لأ .. وضوح في غرفتها متضايقه لأن شملان اليوم سافر ..

أنفال بعفوية : سافر ! ... وين ؟

علي الذي لم يجد غير الابتسام في وجه فضولها : بتفرق معاج ؟

أنفال و كساها الخجل : لأ .. أنا بس ..

علي الذي شعر بإحراجها أراد أن ينقذها و يطرح سؤاله الأهم : تدرين أن ساري طلق وضوح ؟

أنفال و في جوابها دفاع : هي اللي أطلبت الطلاق ..

علي : بس هو اللي بيده القرار .. معقول تقول له طلقني يطلقها حتى من دون ما يجي لبيتنا و يبين الأسباب .. و يخلي لنا مجال نفهم و نستوعب يمكن نتوسط و نحل الموضوع ..

أنفال لم يعجبها هجومه على أخيها : هذي هي صارلها مدة عندكم ما اشوفكم سألتوا او أتصلتوا بساري ..

*
*
*

ردها كان مفحم فقد كان الصمت جوابه ...

و كان التدخل اختياري , تقدمت منهم و رحبت بأنفال و بنظرة حانقة مررتها لعلي غادر , فا أنا جدا منه غاضبه , كنت هناك أواسي أخته و هو هنا في حديث مسهب مع شبيهة محبوبته !

*
*
*

لم أهرب خوفا بل لأنقذها من الإحراج لأني كنت على وشك الانفجار ضاحكا على شكل حاجبيها المقوسان بغضب , كم بدت جميلة و هي تبدوا كا المهرج الذي يضحك من أمامه و ملامحه تحت الألوان تتموج بضلال الحزن !

*
*
*

وضعت نفسي في موقف محرج من جديد , نعم ليس علي التذمر فا من الطبيعي أن أكون الآن قد وصلت لمرحلة البلادة و أصبحت كل المواقف مهما كانت محرجة اعتيادية ...

و ها هي وداد الودودة تحاول أن تقوم بواجب الضيافة على الرغم من أني استشعرت نظرات غيرة كادت أن تقتلني بها عندما كان علي هنا ! .. معقول ؟ .. تغار مني أنا ؟ .. لا .. من غير المعقول !!
لم أذهب بعيدا با الفكرة لأني طلبت منها أن تتأكد إن كانت وضوح لا تقدر على استقبالي لتؤكد لي ان وضوح نقط بنوم عميق فقد أخبرتها أنها لم تنم أكثر من سويعات منذ وفاة خالي , وهكذا استأذنت منها لأقوم با الاتصال بهند لتأتي و تعيدنا لمنزلنا ...

*
*
*

تركتها تقوم بإتصالها و توجهت لعلي في المجلس الخارجي أنوي أعاتبه فا أنا لا أطيق تأجيل الأمور فا الصبر ليس من صفاتي ..

*
*
*

علي بنبرة غزل: عيون و قلب و روح علي .. آمري ..

وداد الذي نجح علي بإطفاء غضبها ردت بنبرة مبحوحة : ما يامر عليك عدو بس بقيتك تروح تيجب سالم ما أبيه يرد مشي .. شكلها بتمطر ...

علي : صار .. بس شوفي انفال إذا تبيني أوصلها على دربي ..

وداد أستشاطت غضبا مره أخرى : أنت شسالفتك .. تلكك .. و غلا تستعبط .. حرام عليك تغثني جذيه ..

علي يقفز ليقابلها و ضحكاته ترن في أرجاء المكان : و الله أمزح .. خلاص عاد لا تصيرين زعول ..

وداد الطيبة تناست كل غضبها حالما أمسك يدها : و الحل معاك ؟

علي : الحل الكبير ببدي أول خطوة له اليوم ..

*
*
*

اخبرني بما خطط له مع شملان و شاطرني بمخاوفه و شاطرته بمشاعري التي كانت تتأرجح بين الفرح و الخوف .. لا أريد أن يتأذى شملان لكن أيضا لا أريد أن تستمر حياتي هكذا من دون أمل بمستقبل واضح ..

*
*
*

هند : أقولج أنا في بيتي ..

أنفال بدهشة : بسم الله , متى رديتي ؟ .. و شلون ؟

هند : اول ما طلعتي مع ساري أتصلت بخالد و قلت له بنتك مريضة تعال ودها الطبيب ...

انفال مقاطعة : اسم الله عليها .. شفيها .. متى مرضت ..

هند : الحمد الله و الشكر .. أنا قلت مرضت ؟!! .. انا قلت لج اتصلت على خالد عضان يجي بعذر من دون ما أقط نفسي.. فهمتي ..

انفال براحة : أيييييه فهمت .. بس تكفين لا عاد تفاولين على بنتج .. إلا تعالي معقول طافت عليه ...

هند : أي طافت عليه لدرجة كسر خاطري جى ما يشوف بس يبي يطير في بنته ... المهم رحنا لطبيب اللي ما كلف نفسه يفحصها عدل و صرف لنا أدول !

أنفال : أي عادي .. مو شي جديد .. المهم دبريني برد البيت و ساري يمديه وصل دوامه مو معقول بيطلع منه عشاني ..

هند : خلاص أشوف منو من حماني فاضي و أجي آخذج ..

انفال بحرج : خبله أنتِ .. حمانج مره وحده ..

هند : شفيج أنفال .. تراهم حبيبين و حسبة أخواني .. خليني بس أشوف من موجود و اجي آخذج تغدين عندي .. انتِ ما عمرج شفتي شقتي في بيت أهل خالد ...

انفال بإصرار : لا تحرجيني و تحرجين احد من حمانج .. لاني ما راح أركب معاهم ..

هند : اووووف ياغثج .. خلاص أجيج مع سايق جارتنا ام وليد

انفال : مو فشلة ؟

هند : لا مو فشلة .. لان هني الجار للجار مو مثلنا حنا وبيت خوالي الكل منزوي على نفسه و ما يبي يمون على أحد أو احد يمون عليه

*
*
*

لم أعارضها لرغبة جامحة أحاطت كل حواسي مصدرها فضولي .. فا أنا أريد أن أرى بيته و أتحسس أشياءه و أتعرف على كل ما يحيطه و أقترب أكثر لعلي أكون هناك يوما ما بصفة شرعية و ليس كا ضيفة !

............................................................ ........

*
*
*
*

تغلق الأبواب بأقفال من حديد خلف من هرب

و تفتح فقط لمن عاد بنصر !

*
*
*

من دون موعد ها المرة بس بأذن الله من دون تأخير ...


 
 

 

عرض البوم صور ضحكتك في عيوني  
قديم 28-01-12, 08:30 PM   المشاركة رقم: 32
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ماسي



البيانات
التسجيل: Sep 2007
العضوية: 41908
المشاركات: 1,602
الجنس أنثى
معدل التقييم: ضحكتك في عيوني عضو على طريق الابداعضحكتك في عيوني عضو على طريق الابداعضحكتك في عيوني عضو على طريق الابداعضحكتك في عيوني عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 333

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ضحكتك في عيوني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ضحكتك في عيوني المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 


الجزء الواحد و الثلاثون :

*
*
*

القطارات لا تحتار فا سككها لا تهاجر

و المطارات لا تنام فدوما هناك مغادر ..

*
*
*

في كل الليالي التي مضت كان الحزن يهدهدني على فراشي الذي مل تواجدي به لساعات طويلة مستلقية كأني أنتظر سفينة فضائية تنتشلني لعالم أبعد عن عالمي بمئات الساعات الضوئية ...

فا في الليل تستيقظ مخاوفنا و في الظلام تتضخم أصوات الماضي
و يبدوا كل شيء أكبر و أوسع بمساحات لا تقاس في العتمة ..
و هذه الليلة على وجه الخصوص وصل حزني لذروة و ها هو
المخاض يبدأ من دون أن يمهلني لاستجماع قواي , فقد تسللت من فراشي مجبرة كأن هناك صوتا خفيا يناديني لأتبعه , متخبطة أكاد أتعثر با خوفي لأصل بعد أن تحاملت على ألمي و نازعت تلك العبرة المتضخمة التي ترفض أن تعتق مجرى التنفس , لأجدها هناك ملقية بنفسها بين كومة أثوابه و بعض أشياءه , تستنشق رائحته و تزفر الوجع .. لتتهاوى جدران قلبي أمام ما رأيت و ذلك الخيط الرفيع الذي تعلق به أنقطع ... و وقفت مهزوزة أقاوم الانهيار أمام قامة لتو تساوت مع الأرض ليتزن الميزان و تتفق النهايات !

*
*
*

فينوس تسارع لوالدتها التي تخنق نحيبها بثوب الراحل : يمه تعوذي من الشيطان , أطلبي له الرحمة و لا تعذبين نفسج ..

أم عذبي تلقي برأسها على صدر فينوس و بصوت منكسر : شلون ما حسيت فيج ؟ .. شلون قسيت عليج و أنتِ قلبج كان قدامي يتقطع

فينوس تتمالك نفسها : و هذا أنا قدامج أتنفس.. و محد يموت من فقد أحد.

أم عذبي بصوت مبحوح و أشبه للأنين تهمس : ها الكلام رددته على نفسي بس كل ما شفتج ضعفت عزيمتي ..

فينوس تبتلع الغصة : اللي راح ما يرجع لو ناديتيه بأعلى الصوت و بللتي أثيابه بدموعج ..

أم عذبي تتأمل فينوس بحنان غير مسبوق : لج ممكن يرجع .. للحين قدامج فرصة .. لا تتعبين قلبج بكبرياء بيعجزج قبل وقتج ..


*
*
*

دوما كنت أضغط عليها لتعود إليه لسبب واحد يتعلق بي , اعتقدت أنها نسختي التي ولدت بعدي بسنوات و عليها أن تمشي في أثري حتى لا تضيع , أردت لها أن تكون زوجة قبل أن تكون امرأة أو أم أن تكون أمام المجتمع مقبولة و يكون هناك شخص يشعرها بأنها محبوبة أين كانت دوافعه .. و تخطيت كل الإشارات التي وضعتها أمامي و رفضت أن أقف أو حتى أتمهل و أحاول أن أفهم أن كل ما تريده أبنتي أن تخرج من عباءتي حتى لا تكرر أخطائي فا أنا لم أنجح و أن بدا للكل أني ناجحة !

لم أفكر من قبل أن أبنتي تستحق أن تحترم !

لم افكر من قبل أنها تستحق أن تجد من يحبها لشخصها و إن لم تجد فا يكفي أنها ستحظى با حبنا غير المشروط لها ...

لكني دوما رهنت نجاحها بمقاييسي ... و لم أشعر أنه سيرضينني كا أم أن تكون أبنتي المرأة التي انتهت وحيدة ! .. لم أبرر لها أو أجد سبب لوحدتها التي تتصل بمعرفتها لقيمتها الحقيقية و رفضها التهاون أو الغش في وزنها من أجل عاطفة كبلتها أو خوف أسرها !

فينوس من دون أن أدرك تعلمت من تجربتي الكثير ... و عرفت أنها ليست فقط وجه قبيح !

*
*
*

منذ أن كانت لي ضفيرة و أتسلق تلك الشجيرة التي زرعها والدي
قبل أن أولد و أنا واعية لكل ما يحدث !

كنت أعرف أنها كانت تمارس جلد الذات من دون أن تدرك ..
حيث جعلت نفسها فار تجارب لتتراكم النظريات الفاشلة على طاولتها المستديرة !

لا تبكي والدتي على رجل أحبها بل على رجل هي أحبته و أرادت أن يحبها با المقابل !

والدتي تبكي مشاعرها المهدورة و كل أحاسيسها المذبوحة , و كل العمر الذي أمضته تحاول أن تتأكد بأنها أصبحت في حياته حقيقة جميلة !

والدتي فهمت اليوم أنها قبحت نفسها بعينيه و دفعته عنها عندما كانت تحاول التمسك به !

............................................................ ...........


*
*
*

منذ أن اندسست بفراشي بعد صلاة الفجر و أنا أحملق با السقف , حاولت أن أنام لساعة قبل أن أبدأ نهاري لكن محال .. النوم غادرني و يرفض العودة ! ..

بالي جدا مشغول .. و لدي قائمة من الأحداث التي تحتاج مني تحليل فهذا الشهر الذي مر سريعا علي كان مليئا با الأحداث التي لم أستطع تفسيرها ! ...

و فيه كان مجمل التغيير ! ..

متقلب .. مزاجي .. شخص غير اعتيادي بصفاته المقيتة !

لا .. لم أكرهه .. با الطبع لم افعل و لن أفعل !
و نعم .. مشاعري له ما زالت على حالها و هذا لب المشكلة !

عندما زرتهم قبل شهر لم يخفى علي محاولته الاقتراب و المبادرة با السلام لكنه با لطبع تراجع و اكتفى "بنحنحه" لتنبيه عند مروره با القرب من مجلس النساء , و أمه الطيبة التي كانت منه جدا منزعجة بادرت با الاعتذار مني و أخبرتني أنها نبهت على كل أبنائها أن يغادروا المنزل حتى أشعر براحة ..

ليلتها عدت للمنزل و سارعت لكمبيوتري لأجد ما كنت أنتظره !

" يبدوا أنكِ عندما غادرتِ تركتي خلفك عطرك , حاولت لملمته و تخزينه في رئتي حتى أتنفس .. لكنه هرب مني في لعبة اختباء بدأت من مغيب الشمس و لم تنتهي حتى الآن .. و للأمانة أشعر بذنب لمواصلتي ملاحقة عطرك .. فأي حق أملك فيه ؟ .. "

وددت لحظتها أن أترك ردا سريعا أخبره أني موافقة , أليس فيما كتب تلميح برغبته الجدية في الزواج مني .. لكني تراجعت و حدثت نفسي أن لا أتسرع و أن لا اسمح له أن يجرني لملعبه , التواصل عبر هذه الوسيلة ستكون نقطة ضدي حتى لو كنت متأكدة من جديته , و هكذا فعلت ...

بعدها با أسبوعين أهدتني ديمة السيارة التي كنت جدا بها سعيدة و التي اتجهت بها سريعا لهند حتى تكون دانة أول من يركبها , و يكون هو أول من يهنئني أو هكذا حلمت ! .. لكن مصادفتي له أمام منزلهم أربكتني و با الأخص عندما استجوبني بوقاحة !!!

*
*
*

سند أنتبه لسيارة التي تطابق موديل سيارته التي باعها لعلي : متى شريتيها ؟

أنفال و على خديها بانت حمرة الخجل : ما شريتها .. جتني هدية

سند بعد صمت قصير : هدية ! .. و سيارة !! .. هدية بايخة ! .. في احد يهدي سيارة موديلها انتهى من قبل سنتين ؟!

أنفال المصدومة ردت بحرج مبررة : لو جديدة ما قبلتها .. و بعدين بنت خالي شافت اني محتاجه لسيارة و اهدتها لي .. المهم الفكرة ..

سند بتهكم : بنت خالج !!!

*
*
*

ترك دانة بين يدي كأنه يرمي بها علي و رمقني بنظرة مستهزئة أرقتني لليالِ طويلة في ساعتها الثقيلة كنت أحاكم نفسي وأبحث عن خطأ و با الأخص و أنا أقضيها أمام شاشة الكمبيوتر أحدث صفحته التي أعتاد أن يكتب بها لي .. ليقتلني تجاهله !

*
*
*

مزاجي منذ مدة معكر و تبدأ هذه الحالة منذ بزوغ الشمس حتى غروبها و تنتهي بأرق ليلي أدمنته !

لم أولد بهذا المزاج الصعب و لم يعرف عني التجهم مع إشراقه الصباح , و لست كائنا ليليا و لا أعشق السهر , لكن هذا المزاج يرافقني منذ شهر , منذ أن بعت بكل حماقة سيارتي التي ادخرت كثيرا لاقتنائها و استبدلتها بسيارة اقتصادية لأوفر لها المهر !.. لأكتشف أنها قبلت سيارتي هدية بعد أن قام هو بتغيير لونها و إزالة كل الملحقات التي قضيت ساعات طويلة و جهد مضني لتركيبها بيدي , و للأسف تمادت أمامي با الكذب و ادعت أنها هدية من ابنة خالها !! .. لكن حقا .. من منهم أشتراها أو من منهم أهداها ؟!!.. علي أم أصيل ؟..

عندما أخبرني علي أنه سيشتريها مني ليهديها لشخص عزيز على قلبه لم أتصور وقتها أي شخص إلا عندما عرفني بأصيل و طلب مني تسجيلها باسمه لكنه من سيدفع الثمن !!

لكن عندما تباهت بها أمامي احترقت , إذا هكذا كان الأمر .. لعبة !!

.. هل أرادت أن تضعني بموقف مخجل حتى لا أرى نفسي في موقف أفضل عندما أتذكر أخطائها هي و ابنة خالها البلهاء ؟!!
آو أحبت أن تستمتع بمغامرة عاطفية و عندما وجدت بديل أفضل تركتني بكل سهولة !! .

لا أعرف .. أم أعرف .. أو هي تعرف إنني كنت صاحب ذاك الموقع , نعم ..و لما لا ؟ .. أخي خالد يعرف بموقعي و لابد أنه أخبر هند و هي بدورها أخبرت أختها التي بدأت اللعبة !

غبي .. أنا غبي و هذا ما كنت اردده على نفسي خلال الأيام المنصرمة ...

*
*
*

أم خالد تطل على أبنائها المجتمعين حول مائدة الفطور : يا خالد وين هند من أصبحت ما شفتها و لا سمعت حس لدانة ..

خالد الذي يحتسي الشاي بكل هدوء : توني منزلها عند أهلها ..

أم خالد بقلق : ها الصبح قبل حتى ما تريق .. لا يكون متزاعلين ؟!

خالد ينهض من مكانه و يأخذ بيد أمه : ممكن تريحين شوي و تجين تفتحين نفسنا على الفطور ..

أحد أخوة خالد الصغار : عندك خبر شين قوله و ريح أمي بدال ها الديباجة ..

خالد ينهر أخيه : أنت ما بلعت ريوقكك يله تقلع لمدرستك ..

أم خالد بغضب : تهاوشوا بعد قدامي ..

سند يسبق خالد و يقبل رأس والدته : ما عليج منهم يمه كلن غيران من الثاني تعالي بس خليني أشبع من ريحتج ..

خالد : رح وراك أنا عندي خبر لأمي بينسيها وجودك ..

سند ممازحا : لا يا حبيب ماما أنا عندي خبر أحلى ..

أم خالد استبشرت با الخير : فرحوني جعلني ما أذوق حزنكم ..

خالد يقبل رأس والدته : هند حامل و بأذن الله بتجيب لي ولي العهد .

أم خالد بفرحة غامرة : الله يبشرك با الخير .. و الله يقومها بسلامة و تجيب لك الولد الصالح ..

سند لإغاضة خالد: و إذا جابت بنت ..

أم خالد قبل أن يرد خالد : أن جابت مثل دانة بتسوى عندي جيش .

خالد : يكفينا دانة و أمها و شهوله كثرة الدلوعات .. أدعي بس لنا بوليد يكسر سيارات عمانه ..

أم خالد تنهره : كل اللي يجي من الله حياه الله .. بنت و إلا ولد ما تفرق أهم شي الذرية الصالحة ..

سند : خليه يمه في أحلامه لين تطفش منه هند و تهج و تخليه وراها

خالد : تخسى .. حرمة أم عيال و ين تروح و تهج .. مالها إلا أنا و عيالها ..

أم خالد : اللي أنا قبلها هجيت من أبوك و ش يرد هند المدلعة .. بنات ها الوقت ما هن ضعوف أن ما جزت لها ردت الباب دونك .. أهجد و أمسك مريتك و عن رفعة الخشم ..

*
*
*

كان الوجوم من تلبسنا ! ..

لم نعرف يوما بهذه المعلومة ..

" هجيت من أبوك " !! .. متى .. و كيف ... و الأهم .. لماذا ؟!!

لم ننطق بتساؤلاتنا لكنها لم تتركنا بلا جواب ..

*
*
*

أم خالد تسرد عليهم ما أوجعها لسنوات : الله يرحمه كان يحسب الرجال هو اللي في بيته ما يضحك ! ... ما كان مقصر علي و لا عليكم لا با أكل و لا ملبس جعل عظامه للجنة كان مرهي علينا .. بس كان بخيل في مشاعره , كنت معاه أحس با الفقر و هو غني معطيه الله ذرابة اللسان للأهل و للجيران من قريب و بعيد .. بس لقابلني ما يتخير إلا كل كلمة توجعني .. منه ضقت و هجيت و كلن لامني , و أبوي الله يرحمه ردني عليه و هي الرده إلا مت فيها و لا حييت إلا لما تعدل حاله و عرف خطاه .. و أنت يا خالد تمشي ممشاه و لا أنت داري و محد بيتندم كثرك و أنا أمك .. و ترى هند لا روّحت مره ثانيه ما ظنتي بتعوّد .. تراني أشوفه بعيونها و لحد قالي ..

سند يقبل كف والدته المتجعده : يمه وين ألقى مثلج و أحطها فوق راسي ...

خالد يضرب رأس أخيه : حنا وين و أنت وين .. يله بعد أنت روح لدوامك أبي أقعد مع أمي بروحنا ..

سند يتجاهل خالد : يمه مو كأني لمحت بشغله و أنتي سكتم بكتم ..

أم خالد : لصرحت و أنا أمك تكلمت أما التلميح ما وراه إلا التردد ..

سند بخيبة : واضح أنج مو متشجعة لعرسي .. يله على العموم خالد و بنته أخذوا كل الغلا ..

أم خالد تمسك بأذن سند و تعنفه بحنان بالغ : آه منك يا الغيور .. أنا أبيك اتصمل مو أروح أخطب بنت الناس و أنت توهق ..

سند : أنا كنت مصمل و بعدين ترددت .. يمكن ماني بجايز للبنت و أخطبها و تردني ..

خالد الذي انفجر ضاحكا : أثر مزاجك المتعكر وراه بنت ..

سند بنبرة هجومية: أي وراه بنت تعرف بطبعك و يمكن تحسبني مثلك و لخطبتها تهون ..

خالد يسبق أمه التي خمنت العروس : لا يكون تقصد أنفال ..

سند فاجأ نفسه : أي .. عندك مانع ؟!

خالد : قلوا بنات العرب .. يعني أخوي و متحملك تبي بعد تصير عديلي ..

سند : أقول روح وراك بس ... ها يمه شقلتي ؟

أم خالد : اللي قلته لآخوك قبلك .. تراها مدلعه مو تاخذها و تجي تحلطم مثل أخوك ..

سند بخيبة يوافق والدته : معاج حق .. خلاص أنسي الموضوع ..

أم خالد تتركهم ورائها : يله كلن يروح بطريقه با أنظف البيت قبل ما يجن جاراتي يتقهون عندي ..

*
*
*

لا أعرف ما الذي دفع فكرة الزواج من أنفال التي صارعت خلال ثلاثين يوم لدفعها في آخر اهتماماتي لتصبح با المقدمة في ثانية !
لكن رد أمي و عدم تشجيعها أنقذني !!

و هكذا تركت المكان بعد أن غادرت والدتي و اتجهت لغرفتي آليا أنوي إنهاء المسألة كأن هناك ما يجبرني على وضع نقطة النهاية ! , فتحت الكمبيوتر و عندما نويت الاتجاه لصفحتي توقفت على صوت خالد فوقي ...

*
*
*

خالد : إذا خاطرك فيها و تبيني أجس النبض .. أبشر .

سند : لا خلاص أنسى السالفة .. أمي معاها حق .. بوهق نفسي بوحدة مدلعة ..

خالد يبتسم بسخرية: وشفيها المدلعة أجل تبي تاخذ وحده مسترجلة

سند يصحح ما قاله : قصدي ابي وحده تكانه ..

خالد بنبرة مدافعة: وأنفال تكانه و إلا انت شايف شي ثاني ..

سند بضجر : أنت شتبي اللحين ؟! .. اللي يسمعك يقول أنك أسعد زوج في العالم و تتمنى الكل يجرب الزواج مثلك .. و لا اللي يضحك بعد أنك ماخذها بكيفك و عن قناعة ..

خالد : يعني عشان تهاوشت معاها كذا مره صرت أتعس زوج في العالم و صرت مو طايقها .. با العكس غلاها كل يوم يزيد ... و أنا ماني نادم أني أخذتها و لا أتخيل لي زوجة غيرها ..

سند بتعجب : أنت عن جد تكلم ؟!!

خالد بغضب : شايفني أنكت !

سند بهدوء : لأ .. بس مدام هذا اللي تحس فيه أجل تلحلح شوي و لا تصير مثل أبوي و سالفته مع أمي ..

خالد يستعيد هدوئه : فاهم ! .. بس يا أخي مشكلة التعبير .. لما أجي اعبر و أتكلم عن اللي أحس فيه أنطرم .. و هي بعد ما تساعد ..

سند : خلك منها لأنها مراح تبادر و أنت جلف ... و ترى مو كل الناس يعرفون يصففون الكلام بس عاد من له حيلة فا ليحتال .. تنق من أبيات الشعر ودزها مسج .. و إذا ما عندك ذائقة شعرية خلاص يكفي تصبح عليها بمسج أو أتصل أسال عنها لو أنت غايب لك ساعه , يا أخي لشفتها أذكر الله بصوت عالي حسسها أنك تشوفها شي ثمين و تخاف عليه من العين ..

خالد يرفع حاجبيه بدهشة : أمش يا كزنوفا .. من وين لك كل ها الخبرة ..

سند : أي عاد جينا لتحطيم .. الشرها علي اللي أبي أضبطك ..

خالد يغمز بعينه : ما عليه ضبطني و أضبطك ..

*
*
*


كأنني كنت أرغم نفسي على النوم منتظرا من يطبق على عيني و يمنعني من إنهاء حلمي , و خالد أتى لينقذني من لحظة تهور قد أندم عليها عمرا بأكمله ..

.. قررت أن أضع خلفي كل هواجسي و أنفي التردد , الأمر أبسط من كل التعقيدات التي أدخلت بها نفسي طوال شهر , أرق و تعب و تعاسة لا متناهية أحاطت بي من مجرد إحساسي بأنها باعتني و أنا كل ما أعرفه أن أبن خالها أشترى مني سيارتي ليسجلها باسم أبن عمه الذي قد يكون أعطاها لأخته لتهديها لابنة خالها ! .. تحليل منطقي لما حدث .. أليس كذلك ! .. , أنا لست متأكد و يمكن أنها فعلا صادقة و كل ما علي فعله هو طلبها لزواج أن رفضت جاءني الرد و كفى .. و إن وافقت أعرف حينها أنني فزت.


*
*
*

سند يوقف خالد الذي هم با المغادرة : أسمع لا تكلم هند بسالفتي إلا لما أضبط أمورك معاها , أخاف ما تشجع أختها و السبب أنت ..

خالد بتعاطف مع أخيه : قلنا ما أعرف أعبر بس مو معناه أني ما أفكر .. روق أنت و أنا راح أتكتكها لك صح ...

............................................................ ........

*
*
*

قد يأتي الصباح بمفاجأة قد تبدوا في أي ساعة من النهار جدا سارة لكننا لا نستسيغها باكرا ! .. لذا لم استطع الابتسام و وجدت نفسي آليا أتساءل بهلع ...

*
*
*

.... " شتسون هني من ها الصبح ؟!! " ....

وصايف : الناس يصبحون و يرحبون بضيوفهم مو يقولون شتسون هني من الصبح !

أنفال بتوجس : أمي وينها ؟ .. عمتي وين ..

هند التي كانت منزوية بمقعدها تجلس باعتدال : تعالي سلمي علينا بدال ما تشخلينا با الأسئلة ..

وصايف تتبرع با الأجوبة : أمي تلبس علي و عيالي مقابلين التلفزيون و عمتي مثل العادة في غرفتها ...

أنفال بقلق ظاهر على محياها : ودانة ؟

هند بإستغراب: وراج ما تشوفينها ...

*
*
*

كيف لم أنتبه لها و هي ورائي ترفع كلا يديها باتجاهي و تبتسم بفرح , احتضنتها بشدة ليهاجمني عطره .. نعم أنا متأكدة من انه عطره ! ... أم أصبحت من طول الهجر أتخيل ؟! .. نعم أنني أهذي .. أنه مجرد عطر للأطفال تستخدمه هند دوما لدانة بعد الاستحمام !

*
*
*

أنفال بعد أن تركت آلاف القبلات على خد دانة: أخلصوا علي قبل ما أروح دوامي . . شجايبكم من ها الصبح ؟

وصايف بإرهاق : ثنتينا نتوحم .. عاد تحمولنا ها اليومين عندكم ..

أنفال بفرحة : مبروووووووووووووووك .. فديتكم .. تكفون كثروا لنا من البنات ..

هند تلتفت لوصايف : أنتِ بعد بتنامين هني ؟

وصايف : أي عندج مشكلة ؟

هند بإعتراض : وين ؟ .. مالج مكان ..

وصايف بتهكم واضح بنبرتها و حركاتها : يا سلام .. يعني انتِ و بنتج البطة يصير لكم مكان و أنا لا ...

هند بدلع تتقنه : أنا و بنتِ خفيفين مثل النسمة مالنا حس و لا نضيق على أحد .. أما أنتِ و القبيلة اللي معاج من يبزاكم ..

وصايف بغضب : يا سلااااام ....

أنفال تسارع لإنهاء الحرب : هييييييه هدوا شوي .. كلكم بيشيلكم المكان ..

*
*
*

فعلا المكان ضيق وأن وسعنا لن يرتاح الكل , لكن أحتاج للبعد فا المكان هناك على رحابته أصبح خانق , منذ موت خالي و المكان يتشح بسواد , حتى تلك المتفرعنة المتسلطة اختفى صوتها و لم تعد تبالي بما يحدث في العالم من حولها , و هو انزوى على نفسه ليعالج حزنه بعيدا عني و كلما اقتربت قال برجاء امنحيني وقت , لكن ما هو الوقت الكافي و كم هو الوقت الذي بحوزتنا ؟... , ألم يتعلم شيئا من موت خالي .. ألم يتعلم أن الوقت ليس ملكية مطلقة و إن كان بحوزتنا .. و أنه قد يصبح عدونا و يسلب منا حياة كاملة !

*
*
*

هند تستقبل مكالمة خالد باستغراب : خير ؟

خالد البدائي في تنميق عبارات الغزل: خير بوجهج يا حلالي ..

هند ترفع حاجبها بدهشة : فيك شي ؟

خالد بمقدمة غير موفقة : أنفال موجودة ؟

هند بخوف : لا .. توها طلعت لدوامها .. ليش في شي ..

خالد الذي لم يلاحظ نبرة هند : كنت بعزمج على غدا و نخلي دانة عند خالتها بس مدامها مداومة نخليها عشا . .شرايج ؟

هند تكتم غيضها : شنو المناسبة ؟

خالد يقلد نبرتها : يعني لازم في مناسبة عشان نطلع نتمشى بروحنا ؟!

هند : لأ . .بس أنا اعرف أنك تكره المطاعم و ما ترتاح في الأكل إلا في بيتك .. شنو عاد اللي جد و خلاك تقرر تعشا برى ؟

خالد المحتار في الإجابة : عاد جذيه طقت براسي .. تبين نروح نتعشى برى و إلا أروح لربعي عندهم دوري بلي ستيشن ..

هند بقهر مكتوم : مدام فيها دوري و عند ربعك أجل بغص بعشاي و أنت تستعجلني .. فخلنا نختصرها و روح لهم و خلني أتعشى عند أهلي أبرك ..

خالد بغضب : تدرين الشرها علي مو عليج .. يله مع السلامة ..

*
*
*

وصايف التي سمعت طرف أختها من المكالمة : خبله أنتِ .. يعزمج و تسوين له فلم هندي ..

هند: تكفين وصايف راسي مصدع ومالي خلق أتكلم عن خالد و سوالفه البايخه ..

وصايف بأمر تمد الهاتف لهند: أتصلي عليه بسرعة ..

هند بعناد : ما راح أتصل .. خليه يولي ..

وصايف : إن ما أتصلني اتصلت أنا ..

هند : أنجنيتي انتِ ؟!!

وصايف : أخلصي أتصلي عليه و قولي خلها غدا .. و دانة مع عيالي و ما عليها خوف ..

هند بتردد : خلاص تلقينه اللحين معصب .. و بيزفني لو أتصل عليه ..

وصايف : حاولي ما أنتِ خسرانه شي ..

*
*
*

قبل أن ينتصف الحديث بيننا و يتصاعد النقاش كنت أتمنى أن أسترجع اللحظات و أخفف من لهجتي المندفعة و انعم با الهدوء لكنني دوما أفشل و أجعل كلماته المستفزة تقودني لصراع أنا الخاسرة الوحيدة فيه .. و هكذا عندما أصرت وصايف على أن أتصل فيه ترددت لدقائق لأني أعرف أنه لا ليقبل الاعتذار بسهولة وانا فاشلة بتقديمها .. لكن عندما تخسر لا تصبح الأمور أسوء إلا بمخيلتك فا في الواقع ساءت لتنتهي و يبدأ أمر جديد !

*
*
*

كلما حاولت فشلت .. ألا تكفي نواياي الطيبة ؟!

نعم أعرف أنه لا يمكن أن تفهمني بشكل صحيح و أنا أظللها بكلمات طائشة و أسلوب جاف , لكن لتعطيني فرصة فا أنا أحاول , و هي تعلم أنني بمحاولتي أخرج من دائرتي التي ارتاح فيها لدائرتها التي لا أرى مداخلها في محاولة مني لإنقاذ ما بيننا, فا لا أنا و لا هي نستطيع تحمل أدنى خسارة بعد أن أصبحنا والدين لطفلة رائعة و طفل في الطريق قادم لتكبر به عائلتنا ..

*
*
*

هند على استحياء و من دون مقدمة تندفع قبل أن يرد بكلمة : وصايف زايره أهلي و بخلي دانة عندها و نقدر نطلع نتغدا على راحتنا و با الليل تروح لربعك ..

خالد يكتم فرحته بنبرة جادة : خلاص أمرج بعد ساعة ...

*
*
*

ذهبت لأستعد و نبرته الجدية الخالية من أي عاطفة ترن في أذني , لا أريد أن أذهب حقا و لا أتطلع للقائه على مائدة الطعام التي اعرف مسبقا أنه سوف يختار أصنافها من دون أن يهتم لما أشتهي , ليلاحقني بتعليقاته التي تتعلق بملبسي و صوتي و كل ما لا يعجبه فيني , فا خالد الذي كنت أراه فارسا لأحلامي و فيه كل الخصلات النبيلة ما هو إلا رجل جاهل , لا يعرف عن المرأة شيء و يرفض أن يتعلم !

*
*
*

المرأة الوحيدة التي عرفتها قبل هند هي أمي , و أمي لم تخبرني من قبل أن هناك عيبا فيني !

لم تردد على مسامعي كم افتقر للباقة في حديثي و تصرفاتي , لم تتضايق يوما من مزحي و لم تخاصمني أو تجبرني على الاعتذار عندما أغضب و أعود نادما من دون تقديم تنازلات ..

أمي لم تنزعج يوما مني عندما كنت اختار لها أصناف الطعام و استفرد برأيي بما يختص بوجهة عطلاتنا أو كيف نقضي أيام الإجازات .. دوما كانت تردد علي أنني رجل البيت و أنها تثق بقراراتي الصغيرة منها و الكبيرة !

لكن هند تتصرف كا أخوتي !

دوما تجادلني و دوما تحاول أن تعاكس رأيي و تصر على أن تختار ما أكره و تصنف ما أحب في قائمة الممنوعات !

لكن المذهل أني أجد نفسي دوما مستعد لتنازل أليس بهذه الطريقة تسير المراكب !

............................................................ ........

*
*
*

ثورة و غضب عارم و صوتها الكاسر جعلني أسارع لحماية نفسي من كل ما تطاير !

حاولت أن أشرح لها لكن أمام غضبها كان من المستحيل حتى أن أقف بشكل متوازن ..

*
*
*

علي : نطلع وين نروح ؟!!

وضوح تصرخ به بصوت عالي : با اللي ما يحفظك أنت و هي ..

علي يكتم غضبه : وضوح أنا مراعي زعلج و فاهم عليج بس اللي تقولينه عيب ..

وضوح تطلق ضحكه تهكمية : اللي يتبع المره و يقط أخوه بسجن يعرف العيب ! ..

علي : أنا ما قطيته بسجن هو اللي سلم نفسه يبي يبري ذمته .. و وداد لا دخلينها في الموضوع لأن مالها شغل ..

*
*
*

لم ترد علي بجواب تركتني و توجهت لغرفة وداد مسرعة الخطى لأتبعها محاولا ثنيها عن أي حماقة قد تقوم بها , فا لا يمكن أن أسمح أن تجرح وداد حتى و لو بكلمة ..

*
*
*

أنا المسئولة و لو بشكل جزئي ... فا أنا من أصررت أن ينهي الكذبة و أن يصارح وضوح بحقيقة غياب شملان , فقد كرهت أن اعلم الحقيقة و هي الأقرب له تعيش مع كذبة ... فا قبلها كنت ضحية لكذبة طالت لسنوات و أرفض أن أكون مشاركة في جريمة مماثلة ... و الكذب حبله قصير و لحظة كشفه مره و نتائجه معضلة .. أما الصراحة و الوضوح قد يوفر علينا سنوات من الضياع و يجاوب على الكثير من الأسئلة التي تعطل عقولنا بتعقيداتها !

*
*
*

جاء بكل بساطة ليخبرني انه كان يكذب ! ..

منذ عرفته و هو أصدق المخلوقات التي عرفتها , قد يكذب الورد و يهاجمني شوكه و لا يفعلها علي و يختلق كذبه ..

لقد علمته هي كيف يكذب و يحور الحقائق ... أليست هي من أختارها شملان لتكون معاونة له في إخفاء علي ..

هذه المخلوقة التي تمشي الهويدا و تمثل الخجل مجرد أفعى تلتف على علي لتدق عنقه ...

با الطبع لم يعجبها الوضع الجديد و لم تتخيل أني سوف أكون أحد أركان هذا البيت لذا بدأت بشملان و سوف تنتهي بي !

*
*
*

وضوح اندفعت لدولاب ملابس وداد لتلقي ما فيه على الأرض :
أطلعي برا حياتنا .. علي ما يبيج و مو ملزوم يدفع الدين .. أبوج مااات و شبع موت تقبلي ها الحقيقية و أطلعي من حياتنا ..

علي الذي صعق من سلوك وضوح الوقح و كره ما رددت : وضوح أنتِ أنجنيتي .. أذكري الله و أهدي ..

وداد التي لم تقدر على مكافحة دموعها : أنا طالعة بس عطيني ساعة ألم أغراضي و أغراض اخوي ..

علي بعصبية واضحة بنبرته: و أنتِ بعد أنجنيتي ؟!!.. هذا بيتج و ما أنتِ رايحه مكان ...

وداد بعناد : إلا راح أروح بيتي اللي ما يهاجمني فيه أحد و يطردني

علي يصرخ بها غاضبا : هذا بيتج يا وداد ..

وداد : من يقول ؟!! .. وضوح و إلا شملان .. و لا تقولي أنت .. لأن أسمك مو موجود بأوراق ملكية البيت ...

وضوح تطلق ضحكه تهكمية : حلو.. أطلعي على حقيقتج .. تبين تقلبينا على بعض و تفرقينا .. شفت يا علي شوي و تقول يا أنا يا وضوح في ها البيت بعد ما خلتك تقط أخوك بسجن ..

علي ينظر لوضوح با ضيق : أنا ما قطيت شملان بسجن .. أفهمي ... و هي ما قالت شي ما قلتيه ... أنتِ توج طاردتني كأنج تقولين ما في شي يثبت وجودك و أن لك حق في ها البيت ..

وضوح بندم : أنا ما قصدت جذيه ..

علي يقاطعها : الكلام لج و لها .. اللي تبيني في حياتها ما تختبر غلاها .. و أنا رجال ها البيت و لقلت الكل يسمع و إن ما جازلكم الوجه من الوجه أبيض .. امشي في طريقي و أخليكم كلكم وراي و اعرف أنكم مو حسوفة ..


*
*
*

غادر علي و تركني معها .. كلانا يحاول أن يحدد مساره , من المؤكد أنها تفكر إن كان من الذكاء أن تتابع ما بدأته أمم تتراجع و تنسحب مؤقتا ! ..

أما أنا كما كنت دوما أقف مترددة و أنتظر الآخر حتى يقرر عني مساري .. إن كانت وضوح تكره وجودي هنا فا لا يمكن أن أحتمل أن أبقى , لكن إن كان فيما قال علي تهديد جدي فا سيكون من الغباء أن أغادر , فا أنا لا يمكن أن أحتمل خسارة علي و ليس هو من طردني و لا يمكن أن أصدق أن مشاعره لي هي رد دين و تخفيف عبأ عن ضمير معذب ..

*
*
*

وضوح تنطق أخيرا : خليني على بالج أنتِ هني عشان خاطر علي بس أنا واعية لج و أعرف شلون تفكرين ..

وداد تحاول أن تهدأ نبرتها : لا يمكن تعرفين شلون أفكر بس ممكن تقيسين على تجربتج و تحاولين ..

وضوح بغضب : شنو قصدج ؟

وداد : أقصد مو كل زوجات الأخوان يفكرون بشكل واحد و مو معناه أنج كنتِ زوجة و عند حمولة بتعرفين شلون أنا أفكر كا زوجة و عند حمولة ...

*
*
*

لم استطع كتم غيضي و ألقيت بكفي على خدها بصفعة تردد صداها حتى وصل علي الذي جذبني خارج غرفة وداد و أمرني بأن أختفي سريعا قبل أن يرد لي الصفعة !

*
*
*
وجدت هروبي في منتهى الجبن .. كيف تركتهن ورائي ...
لذا عدت لأستطلع الوضع بين وضوح و وداد لكن قبل أن أدخل الغرفة وصلني صوت صفعة لأقتحم الغرفة و أجد وداد تغطي خدها بكفها المرتجفة, لأعرف أن وضوح هي المعتدية !

تعاظم غضبي و لم أعد قادرا على التحكم بأعصابي .. لذا سارعت لوضوح لأطبق كفي على ذراعها النحيلة و أخرجها من غرفة وداد آمر إياها أن تختفي من أمامي قبل أن أنتقم لمحبوبتي !

*
*
*

علي محاصرا وداد بأحضانه : لو شملان هني جان طرت فيج من ها البيت و ما خليتج تضيقين ساعة .. بس يرضيج أهد أختي في البيت بروحها ..

وداد تبتعد عن أحضانه و تمسح دموعها : لا طبعا ما يرضيني .. بس ..

علي يحثها على الكلام : بس شنو ؟

وداد تشهق بدموعها : على أنا أعترف أني استفزيتها بس عزت علي نفسي .. أنهنت في مكان مفروض أسميه بيتي ...

علي يحاصرها بنظراته : أنا بيتج يا وداد .. و ما عاش من يهينج ..

وداد : لا تردد كلام مجازي .. اللي تقصدها أختك ..

علي : معاج حق .. هي أختي و ما راح أبيعها و أشتريج بس بنفس الوقت لا يمكن أبيعج و اشتريها .. تكفين وداد لا تحطيني بها الموقف إذا تحبيني .. تجاهليها عشان خاطري ..

*
*
*

ألتزمت غرفتي ليوم كامل مقاطعة حياتي الباردة , لم يهتم لي أحد , و لم يفقدني أي بشر .. فاعلي غاضب مني بكل تأكيد و وداد لابد أنها سعيدة بأنها حولتني لمسخ مسجون في قفص .. و شملان .. أخي المسكين باع حياته عندما رفضت فينوس أن تعيشها معه !
و طليقي لابد أنه الآن يبحث عن أم لأبنه ! ..

*
*
*

علي يطرق الباب بعجل : وضوح بسرعة أفتحي الباب ..

وضوح تسارع لفتح الباب حتى ترمي با عتبها : خلوني بروحي .. ما أبي منكم شي .. و لما أطلع شملان عند وعدك هذاك الوقت تذكرني ..

علي يمد بصحيفة لوضوح : أخذي ..

وضوح تأخذ الصحيفة بتمهل لتفاجأ بصورة شملان في صفحة الأولى لتسارع بقراءة العنوان الرئيسي بصوت عالي : " تعلم القانون ليتجاوزه ! " ..

علي قبل أن تكمل : صارت قضية رأي عام . . طبعا عشان الجريدة تبيع نسخ أكثر .. و اللي يبي يهاجم جهة يهاجمهم من خلال قضية شملان .. عقدوها يا وضوح عقدوها ...

وضوح بهلع : يعني شملان ضاع ؟

علي بخوف غلف نبرته : لأبعد حد .. ليتني منعته .. ليتني وقفت بوجهة قبل ما يضيع نفسه ..

*
*
*

لكني كنت أناني و اتخذت إصراره ذريعة .. أردت أن أعود و لم أبالي لو غاب ..كأنني أردد الأعذار و أرتب الاتهامات في نفس الوقت .. و النتيجة قد أعود للحياة و تنتهي حياته للأبد ..

............................................................ .........

*
*
*

عبرت سريعا للجهة المقابلة من دون أن ألتفت أو أن أتأكد أن الطريق خالِي من أي مركبات مسرعة أردت فقط أن تخبرني أن حالتي ساءت و أني أصبحت أتوهم صورته على صفحات الجرائد !

*
*
*

فينوس ترتجف و تمد الصحيفة لديمة التي كانت تنتظرها بسيارة : هذا شملان أو أنا أتخيل ؟

ديمة تأخذ الصحيفة بسرعة لتتأكد : أي .. هذا شملان .. و كاتبين أسمه بعد تحت الصورة ...

فينوس تعض على شفتيها بجزع : هذي نهايته ؟!!

ديمة بقلق ظاهر بنبرتها : لا تفاولين عليه .. هذي الجريدة تحب الأكشن و مو كل شي ينكتب فيها ينصدق ..

فينوس بيد مرتجفة تبحث في حقيبتها عن هاتفها : لازم أتصل بعذبي يشوف شسالفة ..

ديمة تسحب من فينوس حقيبتها : بيعرف من غيرج .. ماله داعي تبينين للكل أنج للحين مهتمة فيه ..

فينوس بعصبية : و ليش ما أهتم .. مو ولد عمي ؟ .. و إلا لقلت ما عدت أحبه معناه صرت أكرهه و ما أهتم لو يحترق ..

ديمة : زين هدي أعصابج .. و خليني أنا أتصل بعذبي ...

*
*
*

نعم بعدما كنت اعتقد أن حياتي انجرفت لمصير مجهول أتى عذبي بعاطفة أبوية جديدة لم أعهدها فيه , ليصبح في غضون أيام أهم شخص في حياتي و الذي باهتمامه أحسست بأن لي مكان انتمي له .. فقد أصبح علي من السهل أن أتواصل مع فينوس و معه من دون أن احمل على ظهري ذنوب والدتي و من دون أن احملهم ذنوب والداتهم .. أتمنى لو أني عرفت قبل أعوام مضت ما أعرفه الآن من أن من يشاطرنا المكان دوما يحمل لنا عاطفة إيجابية حتى لو أراد أن نختفي من مساحته ! ... أخوتي ليسوا شياطين و لا بملائكة هم مثلي بشر يحبون و يكرهون بقدر ما يحبهم الآخر أو يكرههم ..

و أصيل مهمتي الجديدة , لا يمكن أن أسمح له أن يكرهني إلى الأبد لأني سوف أحبه و أرى الناتج !

*
*
*
*

أصيل يرمي با الجريدة على الطاولة التي أمامه : معقول علي يخش عني ؟!!

عذبي : لا تاخذها بشكل شخصي .. أكيد شملان موصيه ما يقول لأحد ..

أصيل المتضايق: ولو .. لو قالي يعني بروح أسولفه !

ساري الذي تواجد بطلب من عذبي : على كل حال هذا أنت و حنا عرفنا .. الحين المهم شلون نساعده .

عذبي : أول شي ها الصحفي التعبان و رئيس تحريره الحقير لازم يتأدبون .. راح نرفع عليهم قضية سب و تشهير ..

ساري : أخاف بدال من نكحلها نعميها ..

أصيل : خلنا ما نصعد الموضوع و نهدي السالفة و نكلمهم عن طريق أحد يمون عليهم ..

عذبي : لأ .. هذي النوعية ما تجي إلا با العين الحمرة .. لو حاولنا نتواصل معاهم و نهدي الموضوع بيكبر راسهم ..

ساري : أنا ما أعرف بها السوالف .. إذا أنت تشوف ها الشي بينفع شملان أنا معاك ..

أصيل : زين خلنا من الجريدة و خلنا في القضية الأساسية ..

عذبي : القضية ما يقدر يحلها إلا شملان .. و لازم نطلعه بكفالة و نخليه يرد لبيته و يرتاح و يفكر بشكل صح ..

ساري : تبون الصراحة .. لو راح نعتمد على شملان لحل القضية فمعناها بياخذ إعدام .. أنا و انتم عارفين أن شملان بايعها ولا يهمه .

*
*
*

عندما لا تقدم لنا حوافز يصبح من الصعب علينا أن نشحذ قوانا و نحد سنان عزيمتنا و نقدم على المعركة .. كلنا و إن لم نصرح نعرف ما علة شملان و لماذا يراكم في ملفه الأدلة التي تدينه ..
شملان لا يريد أن يريح ضميره و يصحح الأمور بل يريد أن يعاقبها ! ..

*
*
*

أصيل : اسألي ...

فينوس التي كانت توحي لمن يراها أنها مستغرقة في قراءة الكتاب الذي بين يديها : عن شنو ؟

أصيل يثبت نظرته على وجهها: عن قضية شملان ..

فينوس : ما يحتاج أسال كل شي مكتوب با الجريدة .. و كل الحقائق و الإشاعات و الآراء متداولة في الشبكات الاجتماعية ..

أصيل بإصرار: أنتِ فاهمه شنو أقصد ..

فينوس ترمي با الكتاب على الطاولة المقابلة و تقف لتواجه أخيها : أي مهتمة .. و كل اللي أفكر فيه شنو راح يصير على ولد عمي .. مثل ما ديمة و و وصايف و هند و أنفال يفكرون ..

أصيل : لأ ... انتِ تفكيرج غير .. و هذا هو اللي يبيه .. قط بنفسه بتهلكة عشان يقهرج و يخليج تندمين .. و طبعا عارف أن الكل بيستنفر عشانه إتباعا لمقولة الظفر ما يطلع من اللحم .. و انه بيطلع منها بكذا لقب .. بطل .. مضحي و آخر شي بياخذ الجائزة اللي حطها براسه .. اللي هي أنتِ ..

فينوس : لا تبالغ .. شملان با اللي سواه خسر كل شي .. وظيفته و مستقبله و حتى سمعته .. و أنا مو جائزة تنعطى و هو عارف ها الشي ..

أصيل مستمر في محاكمة فينوس : لو طلع براءة بتردين له ؟

فينوس : تبيني أقول ما راح أرد له لو باقي له ساعة و يعدمونه و أنا آخر أمنياته ..

أصيل : مفروض هذا يكون ردج ..

فينوس : هذا ردي .. ارتحت ؟

أصيل يبتسم : جدا .. اللحين أقدر أوقف معاهم عشان نبرئه و أنا عارف أني ما صرت ضدج و راح أظلمج ...

*
*
*

أنت و هم و كل من نظر لي بعيون الشفقة ظلمتموني و أرغمتموني أن أرتدي عباءة الكبرياء البالية و كلما أردت أن أرميها ذكرتموني بسبب ارتدائي لها , لأعيد ترقيعها بأنامل تقيحت بها الجروح و أرتديها بحزن من جديد ..


*
*
*
*

هذه الجدران الرمادية هي أنيسي في هذا السجن المزدحم فا عليها أعلق صوري الذهنية و أتأملها لساعات .. لم أعرف من قبل أن العقل يمكن له أن يحلل الصورة المحفوظة بكل دقة و لا أن امتداد الوقت يساعد في تصفية ألوانها حتى تصبح أقرب للحقيقة ...
لكن ها هي فينوس معي و هي من كانت دوما تختبئ بخجل عند وجود البشر من حولي ... و ها أنا لم أعد أخاطب الأنس و لا أهتم للجمادات من ورق و قلم و لا أتطلع لمقابلة أحد .. هي معي و هذا يكفي !

*
*
*

علي الذي يزور شملان بالسجن يهمس غاضبا: لا تجنني يا شملان ... لما تطلع بكفالة المفروض انك تستريح في البيت و تفكر لك بحل مو تخطط تهج من الديرة ...

شملان المسترخي على مقعده : أقعد في الديرة ليش ؟

علي : ليش ؟!! .. شا السؤال الغبي ؟!!

شملان بهدوء : أنا لما سلمت نفسي حليت قضيتك و رديت لك هويتك و عطيت وضوح درس بأن محد لها .. بس أنا خسرت كل شي و قررت أني ما أطلع من هني إلا و أنا مستفيد ....

علي بغضب : أولا أنا للحين من وزارة لوزارة أدور عن هويتي و وضوح ما صحاها اللي صار و حالتها متردية ... و أنت اللحين رديت لطبعك و تبي تهرب ...

شملان : الموضوع أبعد عن تصورك .. أنا أبي أنحاش با فينوس و أهج من ها الديرة و منكم كلكم ..

علي المصدوم : شنو ؟!!

شملان يستبدل نبرته الهادئة بأخرى غامضة : إذا كانوا اللي حولك سلبيين و يخافون من اللي يهمسون حولهم لازم أنت تكون إيجابي أو مغامر المهم تقدم و تغير و لا تهتم ..

علي بتهكم واضح : دايما تبرر لنفسك .. كنت اعتقد أنك تغيرت بس للأسف ما في شي فيك تغير ..

شملان : يمكن .. بس أنت تغيرت و صرت تعيب و أنت معيوب .. طالع نفسك و شوف ليش أنت تخبط من وزارة لوزارة أدور عن هوية تقدر تحصلها بمكالمة ...

علي : بمكالمة ؟!!

شملان : أصيل صديقك الصدوق و تؤمك الروحي بمكالمة وحده يقدر يحل لك الموضوع .. بس طبعا أنا و أنت عارفين أنك ما تبيه يساعدك و هو ما يبي يساعدك .. كل واحد منكم ما يبي شي يتغير .. كلكم خوافيين و تحطون قدامكم فزاعات و تلتفتون وراكم و تخوفون اللي يتبعكم ...

علي : اللحين لما عريتك يا الفاضل طلعتني سايكو !

شملان لم يهتم لهجوم علي : وداد حبتك مجنون و عاقل و ما راح تختفي من حياتك مثل وصايف .. روح طلع هويتك و أثبت وجودك و تزوجها و خلني أعيش حياتي مثل ما أبي ..

علي يبتلع غضبه : فهمني .. لا تخليني أرد البيت و أنا أحاتيك ..

شملان منهيا النقاش: روح يا علي من دون ما تفهم ..

*
*
*

يحدث معي أحيانا أن أتخيل حوار لم يحدث إلا في خيالي , كنت دوما اعتقد بان جرثومة في جزيئاتها الجنون هي المسئولة لكن اكتشفت أنها وشايات لمؤرقين ولدت مع روحي ... شملان و وضوح و أصيل و كل هؤلاء المؤرقين احتلوا دوما مساحات شاسعة في مساحة السكون التي أجد نفسي بها أتنفس .. منذ صغري و أنا أتخيل حياتهم ...أرسم عواطفهم و أعزف أحاسيسهم و أقف بهم على المنعطفات و أراقبهم من الزوايا .. و أتساءل أحيانا هل هم من صنع خيالاتي أم شخوص من واقعي ! ... ألست مجنون و كل ما أنطق به من صنع خيالي ... قد أكون من وجدتهم في غرفتي البيضاء أم هم من وجدوني ليصبح لحياتي معنى ..

هل أخلد لنوم و أتجاهل وشاياتهم و أترك الأرق لهم .. أم أستمر في السهر و أرسم لهم نهاية سعيدة ... أم اهتم بنفسي و أجعل وداد هي أنيسي الوحيد في غرفتي البيضاء التي تشبه قلبها .
............................................................ ..........

*
*
*

يوم الاثنين مساءا وشايات المؤرقين تودع أبطالها ..

ألتقي فيكم على خير بأذن الله ...

 
 

 

عرض البوم صور ضحكتك في عيوني  
قديم 30-01-12, 09:39 PM   المشاركة رقم: 33
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ماسي



البيانات
التسجيل: Sep 2007
العضوية: 41908
المشاركات: 1,602
الجنس أنثى
معدل التقييم: ضحكتك في عيوني عضو على طريق الابداعضحكتك في عيوني عضو على طريق الابداعضحكتك في عيوني عضو على طريق الابداعضحكتك في عيوني عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 333

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ضحكتك في عيوني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ضحكتك في عيوني المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 


الجزء الأخير :


*
*
*

بعض القلوب عندما تعشق تصبح قليلة الحيلة ...

و أخرى تكسر كل قانون من أجل من تعشق ...

و في النهاية كلها تموت !

*
*
*

فُتحت البوابة و خرجت لتتلقاني رياح شهر يناير الباردة لأدفئ نفسي بوعد .. أنها ستكون في شتاءاتي القادمة ...

ها أنا اخرج من هنا و أنا على يقين أنني أتممت مدة العقوبة حتى آخر دقيقة .. فتلك الفصول المجدبة و كل الأعياد التي لم أحتفل بها معها .. هي أكبر شاهد على أنني عوقبت بشكل كافي !

فقد استطعت أن أقسوا عليها و أٌقصيها من حياتي و لم استطع أن اقسوا على نفسي ! .. أي أناني أنا ؟! ..

ضعيف أنا .. و هذا الفراق بات غير محتمل ! ..

و من يحب عليه أن يدفع ثمن باهظا ليعيش با سعادة .. و سعادتي معها هي فقط ..


*
*
*

في عينيه توق و في إيماءاته و حركاته همة يكفي قامته المشدودة كا شاهد على عزمه المضي فيما خطط له ...

و لا يبدوا أني قادر على ثنيه و لا أجد أنه من الشجاعة أن أقف أمامه و اختار له طريقه .. فا لا أنا و لا هم سنعيش حياته ..
دوري يقف هنا و له قدمان تحملانه ...


*
*
*

علي عاد بعد ساعة من استراحة شملان في غرفته : وضوح ما جت تسلم عليك ؟

شملان من دون أن يرفع عينيه عن الملف الذي يتفحصه : لأ ..

علي بتردد: زين ما راح تروح لها .. تراها حابسه نفسها بغرفتها صار لها أسبوع ..

شملان : في أحد مزعلها .. و إلا هي مزعله نفسها ..

علي بحيرة : كل واحد منا زعل الثاني ..

شملان : خلها أجل ترضى من نفسها ..

علي : تكلم من جد ؟

شملان يرفع عينيه ليلتقي عيني أخيه : للأسف ساري دلع وضوح لدرجة أنها صارت تزعل على أتفه سبب .. و لا أنا و لا أنت مستعدين نصير مثله نردد عليها سنين أسفنا .. و أنت شفت النتيجة .

علي : ساري و سبب زعلها يختلف .. أنا أقول نروح لها و قبل ما نعتذر أكيد بترضى ..

شملان : إذا هذا رايك ليش صار لها اسبوع زعلانه و ما أعتذرت لها .

علي : حاولت بس كل مره تقول لي لا تجيني إلا و شملان معاك .

شملان يزفر بملل : يعني أنا اللي لازم يرضيها !

*
*
*

موبوءة هكذا أشعر في عزلتي التي فرضوها علي ..

نعم فُرضت علي العزلة و لم اخترها , فا كيف لي أن أخالطهم و الكل يتحاشى المرور من جانبي , علي لم يقترب من بابي إلا في محاولة خجولة ردد فيها أن علي أن أخرج لأتنفس !

أما تلك الأفعى التي تعلق بها توجت نفسها ملكة في منزلنا و زرعت أخيها المراهق في مجلسنا .. بت لا أستدل على طريقي في منزلنا الذي غيرت به اصغر الأشياء حتى كؤوسي الكريستالية وطأتها يديها القذرة و غيرت من بريقها !

*
*
*

شملان : سنين و أنتِ على راحتج و صاحبة قرارج .. و محد تجرأ يقول لج لو نص كلمة .. و اللحين جايه تحاكميني ؟! .. هذي حياتي و أنا حر ..

وضوح بنبرة محتقنة با الغضب : حر ! .. تبي تنقط بسجن للأبد و تقول حر ..

شملان : إن كان زعلج علي فا أنا اطلبج ما ترهقين قلبج .. ممكن .. لو سمحتي ما تحمليني زعلج ..

وضوح برجاء: شملان خلك مني و من العالم كلهم و فكر بنفسك .. معقول تبي أدمر حياتك و تنسجن للأبد و ما تطلع إلا لقبرك ..

شملان : هذا أنتِ ساجنه نفسج .. و إلا تحسبين أنج حره و عايشه و تتنفسين ؟.. توهمين الكل أنج تخططين لتغيير بس هذا أنتِ من سجن لسجن .. أول في محيط البيت و اللحين في محيط غرفتج و يمكن باجر تسجنين عقلج و تنجنين ..

علي الذي تضايق من قسوة شملان و من عبوس وضوح قرر التدخل : حنا أخوانج يا وضوح و أكثر ناس مهتمين في مصلحتج .. خلينا من باجر نباشر علاجج و بعدها أبدي خطوة جديدة و عيشي ..

وضوح كا طفلة متحدية : وين أعيش ؟ ..

علي باستغراب : وين بعد ؟ .. هني في بيتج ..

*
*
*

تطاولت قامتها فا أصبح ظلها موحش .. غيره شديدة فخخت بها مفرداتها الملغومة , ألبست وداد الطاهرة أسمال ساقطة امتهنت الحب ! .. و الهدف من كل هذا رميها خارج حياتي ..


لأرد لها الصفعة التي تركتها على خد وداد من دون أن أتردد لثانية

*
*
*

وضوح بدهشة جمدت الدموع في عينيها : تطقني عشانها ..

علي بأنفاس مقطوعة : عشانج يا أختي العاقلة .. عشان ما تنزلين من عيني أكثر ...

شملان الذي كان يقف على الحياد : أعتذر لوضوح ..

علي يصرخ في وجهه : ما راح أعتذر و هي اللي إذا تبيني في حياتها تطلع تعتذر لوداد ...

شملان : و على شنو تبيها تعتذر ؟!

علي بدهشة : ما سمعتها شقالت ..

شملان : اللي قالته ما جابته من خيالها و الغلط الوحيد اللي سوته أنها استخدمت ها المعلومة القديمة عشان أهدافها الخاصة ..

وضوح ببكاء حار : أنا ..أنا ما جبت شي من مخي هذا كلام ديمة و عندك أصيل أسأله .. و أنا .. أنا ما كنت مصدقتها بس من عرفت بخططها صدقت فيها ..

علي كأنه يبحث عن هواء ليتنفسه : أنتم شتقولون ... أنا ماني فاهم عليكم ...

شملان ببرود: با المختصر أصيل كان جدا مهتم في وداد لما كانت تشتغل في بيتهم مربية لعيال عذبي .. و ديمة شاهد .. شنو اللي حصل و اللي ما حصل مو مهم لأن الأهم أن وداد معاك اللحين و شاريتك ...

*
*
*

تابعت من حيث توقفت وضوح , لأني أردت أن ينهي علي صداقته مع أصيل , فا أصيل كومة الشر و احفورة الحقد و السبب الرئيسي لعذاباتي و قسوة فينوس لا يستحق صداقة علي ...

فا أنا على يقين الآن أنه لم يرد أن يعود علي إلا في عالمه , و الدليل أنه لم يحث و لم يساعد علي على استخراج هويته و العودة من جديد للحياة ..

و قد تكون وداد سببا آخر و قصة مكررة لقصته القبيحة مع وصايف .. لا .. لا وداد و لا وصايف شاركن بفصولها فا دوما أجاد ذاك الشرير رسم الأحداث حسب ما يهوى ..

أصيل با المختصر تمنى دوما لو كان هو علي , و لأن هذه الأمنية مستحيلة أصبح تؤمه قصرا !

*
*
*

شرعت الباب و لم أواريه و عليه علقت لافتة فارغة حتى يكتب فيها ما يريد !

لم أقر بذنب لم ارتكبه و أرفض أن أحشر نفسي بين صدوع ماضيه .. ذاك الماضي الذي لم أكن بطلته و كانت هي نجمته ..

ظلم بحقي أن يحاكمني بذنبها و إجحاف منه في حقي أن يعريني من فضائل هو أكثر شخص على وجه الأرض يعرف بامتلاكي لها ..
لم أخنه .. و حتى تلك المشاعر الفوضوية التي اعترتني أمام أصيل كانت متعلقة فيه , كنت أرى الشبه و أنجذب له لأعود و أوبخ نفسي و أسهر معذبة الضمير من مجرد ردات فعل بريئة متمثلة بارتباك في حضرته و خجل يبعثر كلماتي أمام قامته ..

*
*
*

علي و إحساس الخيانة يطغى على ملامحه : ردي علي .. جاوبيني

وداد بكبرياء : ما عندي شي أقوله .

علي يمسك بذراعها بقوة لم يستعملها ضد أنثى من قبل : لا تقهريني .. ردي علي بأي جواب حتى لو فيه موتي .. بس تكلمي و فهميني

وداد تتحمل الألم الجسدي الذي لا يقارن بألمها النفسي : أنت اللي جاوبني .. أنت شايفني مثلها ؟ ..

علي ينفض يده من ذراعها : لا تلعبين معاي ها اللعبة .. انتِ أبسط من كل ها التعقيد .. أي أو لا .. بتكفيني .. ليش تعذبيني ..

وداد تبتلع عبراتها و تنطق بقهر : و أنت ليش تسألني و أنت تعرف ؟!

علي يتأمل وجهها الصافي : اعرف أن الماي تتغير خواصه و لونه الصافي لما يطيح فيه أي شي .. و أعرف أن الطفل في محيطه بريء و لما يكبر و يطلع منه يتلوث .. و أعرف ..

وداد بدأت البكاء و أهدرت صوتها : تعرف ! .. و أنا أعرف ... أنك تعتقد أن كل أنثى كنت معاها صادق خانتك ؟!! .. وأن في كل مره حبيت لقيت أحد ينافسك ؟!! ..

علي يمد كفه لا إراديا ليمسح دموعها التي غطت خديها : بس ما كنت أعرف اني في يوم راح أكون السبب في دموعج ..

وداد تبعد كفه لتمسح دموعها بأناملها المرتجفة : مدامها نزلت خلنا ما نوفر .. و بسألك .. أنا بديل عنها ؟ .. لو كانت هي الممكن بصير أنا المستحيل ..

علي يبتسم بعذوبة لتتلاشى آخر علامات الغضب : يعني اللحين أنتِ ممكن ؟

وداد التي أمام ابتسامة علي تتلاشى : أنا لك أكيد .. بس أنت ..

*
*
*

يمكن للكل الآن أن يختفوا فلست آبه .. فا هي الآن بين أحضاني زوجة تنقش في قلبي إحساس أكبر , أعمق .. لا متناهي ...
معها لا أحتاج لعقلي فا إحساسي الطاهر بها منطق ..
وداد بكل الصدق الذي بها تمثل تضفي على الأمكنة و كل ما تلمس شيئا من روحها .. لا أشعر معها أني مستهلك أو يمكن لي أن أتكرر .. أنا معها عاشق قبلها لم يذق الحب يوما .. و الآن بت أعرف !

*
*
*

فزت بالمعركة التي خضتها من دون أن أستعد لها ! ..

أم هو الذي فاز و حطم آخر حصوني ..

ما الفرق ما دمت راضية ؟! ..

صوته الساحر و عينيه الثملة لم يخدعوني بل مرروا لي رسائل مكتوبة با الفصحى .. و أنا لست راهبة و عن كل ما لمحته في عينيه لشهور جاهلة , هو فقط التوقيت الذي لم أحسب حسابه, لكن أي قانون كتبناه و أي قانون كسرنا ؟!

*
*
*

علي بخجل لم يستطع أن يخفيه :أنا وعدتج بعرس و أنا عند وعدي.

وداد بنبرة خجولة : صدقني ما يهمني .. يكفي أنك معاي ..

علي يبتسم برضا : يعني أجيب غشي و أعفس غرفتج ..

وداد تبتسم بالمقابل : أنت عفست حياتي بتوقف على غرفه .. جيبهم و الله يعيني ..

*
*
*

احدنا نام غرير العين و الآخر بات ساهرا ..

فا وضوح هي الآن من تتقلب على الجمر بعدما سقطت من عيني علي الذي ملأت وداد عالمه .. أما أنا لو كنت خططت لان تسير الأمور بهذا الشكل لما وصلت لهذه النتيجة الباهرة .. فا علي الليلة حل جميع قضاياه ..

و أولها أصيل .. أصيل الذي أتى قبل ساعة مرعوبا يبحث عن علي الذي ترك له رسالة على هاتفه الجوال مفادها أنهم لم يعودوا أصدقاء .. و لان العريس بدأ شهر العسل كنت أنا من استقبلته لدقائق معزيا له على موت صداقتهم ..

*
*
*

لان اختلافنا شديد تسلق هو القمة و وقعت أنا في قاع سحيق ..

لِما كان دوما أفضل و عني دوما متقدم ؟ .. لم تتوفر لي الأجوبة أبدا و لم أسعى في امتلاكها .. فقد كنت مهتما فقط بمنافسته على كل خطوة ! .. حتى بات الأمر يسري في دمائي و أصبحت أتقدم عليه بخطوة , حتى وداد التي لم أعرف أنها زوجته انجذبت لها لأني عن غير وعي رأيت بها الأنثى التي تستحقه !

و خسرته لها ...

وبت مجرد من كل العلاقات الإنسانية ..

لا أملك صديق و لا حبيبة و لا حتى أخوة لي يهتمون .. و حتى عاطفة والدي الذي رحل لم أتأكد منها في يوم و والدتي كأنها معه رحلت و عن بعث العاطفة أكتفت !

مسخ لا يستحق أن يحبه أحد .. هذا أنا !!

............................................................ .......

*
*
*
(.. يقول جبران " من تحب ليس نصفك الآخر , هو أنت في مكان آخر في الوقت نفسه .." ! قد يفسر ذالك إحساسي بك .. بمدى قربك على الرغم من ترامي المسافة بيننا .. و هذا ما يجعلني أكثر فضولا , و يملأني با الأسئلة .. فا أنا يمكن أن لا أعرف نفسي إلا معكِ ! .. فهل تقبلين بي زوجا حتى يعرف كلانا نفسه ؟ .. )

في صندوق الوارد وصلني طلبه .. لأضحك و ابكي و تغمرني شتى المشاعر .. فوضى لم أعرف كيف يمكن لي أن أرتبها أو كيف لي أن أتصرف ..

*
*
*

ديمة : شهيق زفير .. شهيق زفير ..

أنفال :شايفتني بولد ؟!!

ديمة : لأ بس شايفتج متوترة و مو قادرة تركزين ..

انفال : تلوميني ؟

ديمة بابتسامة خبيثة : شوي .. يعني حيل خابه عمرج تراه أقصاه سنيّد أخو خويلد ..

أنفال بابتسامة مماثلة : شكلج خايفه منه يمنعني عنج ..

ديمة : و أنتِ عاد إذا قال لج تقطعين علاقتج فيني بتقولين له سمعا و طاعة ؟!.

أنفال تضرب رأس ديمة با الوسادة : وين عايشين حنا عشان يحدد لي سي السيد علاقاتي الأجتماعية .. هو يعرف مكانتج في حياتي و لو يقول نص كلمة فيج بيكون الغلط عليه لأنه اختارني ..

ديمة بفرح حقيقي : أي جذيه طمنتيني .. زين اللي بعده ..

أنفال : شنو اللي بعده ؟!

ديمة : يعني شنو راح تسوين ؟

أنفال : و أنا متصله عليج و مخليتج تجين بسرعه عشان تسأليني .. أنا أبي حل ..

ديمة : ردي عليه عن طريق هند . .لا تعطينه مجال يتواصل معاج عن طريق ثاني ..

أنفال : أنا فكرت جذيه .. يعني مو معقول برد عليه انا موافقة أتزوجك عن طريق الإيميل .. قلنا تطورنا بس مو لهدرجة ..

*
*
*

هند التي تطعم دانة الصغيرة: اها .. اللحين فهمت ..

أنفال : شنو فهمتي ؟!

هند : خالد و سوالفه اللي ما تنتهي عن سند .. كل ما سولفنا دخله في الموضوع و قعد يمدحه .. و امس يقول لي أمي أدور له عروس ...

انفال بهلع : أدور له عورس ؟!! .. و أنا .. ليش يتلقف و يخطبني و امه أدور له عروس ...

هند : أنتش هبله .. خالتي ما أدور له و لو كانت أدور له دريت منها مو أنا مقابلته طول اليوم .. هذي سوالف من خالد يبيني أتكلم في الموضوع و يجيب طاريج لانه كذا مره يسأل ما جاج أحد يخطبج .

أنفال ك أول مره ادري أن خالد فضولي و ملقوف ..

هند : لا أنفال .. لا تظلمينه .. هو مو من هاالنوع .. عشان جذيه أستغربت ليش يجيب طاري أخوه في جملة و يجيب طاريج في الجملة الثانيه ..

أنفال : و انتِ كل هذا و ما فهمتي ؟!!

هند : يمكن لأني تمنيت أني ما أفهم ما حبيت أبحث في الموضوع أو أعطيه مجال يروح فيه لابعد .

أنفال: ما فهمت ؟!! ..

هند : أنفال الزواج مو بس إعجاب متبادل بين رجل و امرأة .. لازم يكون فيه احترام و تفاهم ... و مثل ما عرفت منج قبل أن سند صادفج في كذا موقف سخيف ..

أنفال : هذا أنتِ قلتيها كذا موقف سخيف و مو مهم .. و هو لو مو شايف أني محترمة و عاقل ما خطبني ..

هند : إذا أنتِ شايفه جذيه .. خلاص هذي حياتج و أنتِ حره .

أنفال : لأ أنا مو حره .. أنا مقيدتني مشاعري .. أنا أحبه ..

هند بتعاطف : خيبه .. أجل خلاص ما عاد يفيد القول .. تزوجيه و الله ييسر أمورج ..

أنفال في محاولة اخيرة : أنتِ شرايج فيه .. هو حماج و معاج في نفس البيت .. أكيد تعرفين عنه لو شوي ..

هند تتحرى الأمانة و تجاوب بصدق : رجال و النعم فيه .. مصلي و مسمي و مرضي أمه ..

أنفال بفرحة : خلاااااص يكفيني جوابج ..

هند بقلق واضح بنبرتها : بس ..

انفال : شنو بعد ؟!!

هند : شسالفة موقعه اللي مخليها مراسلات و غراميات..

أنفال: لا مراسلات و لا غراميات .. الموقع كله متنفس و فضاء واسع للفضفضة ..

هند : مدري أنتِ أبخص .. تبين اكلم خالد اللحين ؟

أنفال التي لاحظت عدم حماس هند للموضوع : هند أنا أستخرت .. و اللي كاتبه ربي بيصير .. أنا موافقة و إذا ربي كاتبه لي باخذه و إذا ربي ما تمم لنا راح أكون راضيه ..

*
*
*

كأني بخالد منتظرا و في أحضانه الهاتف .. بل يمكن لي أن أتخيل سند بجانبه ينازعه عليه و هو متأهب لسماع جواب أنفال .. موافقة هذه الكلمة الوحيدة التي نطقت بها ليتعالى صوت خالد بتبريكات لأخيه الذي تردد صدى ضحكاته عبر الهاتف ..

و من المضحك أني الوحيدة التي كنت بمنأى عن كل هذا المخطط !

أين كنت ؟! .. لا أتذكر !

و ها هو خالد يفاجئني بسرعة طلبه لموعد حدده لهذه الليلة لتتم الخطبة رسميا ..

............................................................ ...............


*
*
*

كنت أعتقد أنني أرمي مشاعري في سلة المهملات لاكتشف إنني كنت أدخرها عمرا ضاق به صدر الزمان .. و ها أنا أشق السكون و أنادي الصدى و أعطيه كل ما في جعبتي من إحساس .. لعل ذاك الذي زاحم ظلي يسمع و يستمع و يصغي لي باهتمام !

و في محاولته الخامسة استجمعت قوتي و رددت على هاتفه و أنا مشحونة بقوة فلينية تفتت أمام عذوبة صوته الذي غرقت به لثواني
, ألتزمت الصمت و تركت له صدر الحديث ..

*
*
*

أنفاسها من ردت على هاتفي و تركت لي مساحة التعبير فارغة !

و كل مفرداتي المهزومة التي أصر على ترميمها لم ينفعني نطقها , لذا أنتهيت بما أتقن و اعرف أنها دوما معه تجاوبت !

*
*
*

شملان : كل دليل ينقذني بحرقه ..و راضي با الإعدام عشان أريحج مني للأبد ..

فينوس بنبرة استجمعت بها كل قواها : مدامك مقرر ليش مسبب لي قلق باتصالك ؟!! .. و لعلمك أنا كارهه أرد عليك من ورى أخواني بس بقيت أريحك و أخليك تقطع اتصالاتك ..

شملان يبتلع خوفا تملكه : أبيج تحلليني ..

فينوس ببرود أتقنته : أنا محللتك .. بس في غيري ناس واجد خربت لهم حياتهم ولازم يحللونك ..

شملان بجزع : مثل منو ؟

فينوس : مثل وضوح اللي خليتها سنين قدامك تعذب و تعتقد أن علي مات محروق .. كانت موقفه حياتها و رافضة تعيش و تستريح و أنت خليتها بيد الكل و نفضت أيدك ..

شملان بألم : و غيرها ؟

فينوس : ساري اللي زوجته سكريتيرتك و وهقته ..

شملان مصدوم : شلون عرفتي ؟ ..

فينوس : وضوح اللي أعرفت و قالت لي ..

شملان يحاول التبرير : أنا .

فينوس بصرامة : خلني أكمل و لا تقاطعني ... و أبو ساري اللي استغليت كل نقطة ضعف تعرفها فيه و خليته أداة ضد أمي .. و هذا هو اللحين على بساط الفقر عالة على ولده بسبتك .. لازم تطلبه يحللك .. و عمتنا أم ساري اللي حفرت و حفرت حول بيتها لين أخذته مفروض تطلب منها بعد تحللك .. و ديمة أختي اللي غذيتها بقصص بشعة و كبرت قلبها علينا و حرمتها من الأمان مفروض تطلب أنها تحللك .. و عذبي اللي حطيته بموقف مرعب و خليته ينطعن من زوجته مفروض تطيح قدامه و تطلب منه يحللك .. و آخر ضحاياك أصيل اللي فجعته بصديقه بدال المره مرتين مفروض تطلبه يحللك..

شملان ينفجر : و أنا ؟ .. منو اللي لازم لي يعتذر .. و إلا أنا الوحش الوحيد بينهم .. و أنا اللي سبب كل آهاتهم و عذاباتهم ..

فينوس بقهر : أنت الشرارة لكل شي يستعر و يمتد و يحرق كل شي قدامه ...

شملان بقهر أكبر : لهدرجة أنا بشع بعيونج ؟!!

فينوس :لا تسألني و أسأل نفسك.. و يكفي تزيد عذاباتي و تحاول تقهرني أكثر .. انا فعلا سامحتك و حللتك على كل اللي صار في الماضي بس لا يمكن أسامحك على خطاك في حق نفسك .. إذا أعدموك و أنت بيدك تبرأ نفسك ما راح أحللك ..

شملان بأمل : يعني اهمج ..

فينوس بألم : تهمني لدرجة صرت أخاف على نفسي من شخصك اللي في الظل و توني أعرفه .. صرت أشوفك خطر و مخلوق يخوف و لا يمكن أقترب منه بإرادتي ...

*
*
*
بعض الآلام أزلية و لا ينفع معها أقراص وردية .. ألم مزمن يزول مؤقتا بمسكن تزيد جرعاته مع مرور الزمن .. و الحل متمثل.. با بتر و فصل و انتهاء .. ليتفاقم الألم !

أغلقت الهاتف لتعلق أنفاسه بصدري و تحتل الرئة , لأرتمي على الأرض بعد أن اختنقت بسمية صوته .. وجوده يلوث عالمي و يزعزع ثقتي بطهارة قلبي .. قلبي الذي ينبض له على الرغم من معرفته بكم الشر المنتشر في دمه ..

*
*
*

قطعا مني تناثرت و ظلت عينيّ مشدوهة .. كأنها رمت علي قنبلة قسمتني لأجزاء متساوية ... لأصبح أنصافُ عارية في مهب الفقد طارت .. لأكون دوما غريب من دون أمل برجوع إليها ..

و أنا المجنون من ظننت أني ما زلت أعرفها و تناسيت أني أهملتها على ذاك الرصيف لأعوام لتلوثها الحياة !

ما عادت فينوس تلك الوردة الرقيقة التي تفرح بندى بل أصبحت نبتة صحراوية تحتمل العطش ..

............................................................ ........

*
*
*

عندما تريد كل شيء فمعناه أنك لا تشعر انك تملك شيء ! ..

لسنوات كنت في قحط .. و كنت دوما أنام على أمنية أني أصبح صاحبة توقيع مهم ... لأصبح بين عشية وضحاها أملك !

ورثت من والدي قدرا من المال يفوق حاجتي و فجأة لم يعد مهم .. فا أنا لم أعد محتاجة و لا خائفة فا معهم كنت أشعر أني املك أهم شيء , العائلة .. عذبي عندما سلمني الشيك المتضمن ورثي أخبرني أنه لا يعني انه تنازل عني , نظر بعيني و قال أنه أصبح يشعر أني أبنته و أنه يرفض أن أختفي من حياته و أعيش بعيدا عنهم ..

فينوس هي الأخرى احتضنتني و برجاء همست بأذني أن أبقى ..
لترفع من صوتها كأنها تؤكد مقصدها و تقول .. لا تجعلي حفنة من الورق أي كانت قيمتها تسلب منك أصولك القيمة المتمثلة بعائلتك .

حتى أصيل المتجهم الذي لم يوجه لي كلمة طيبة أو يمرر لي لمسة حنونة قال بصوت جهوري أن لا مكان لي إلا بينهم و أنه من المستحيل أن يسمح لي با الرحيل ! .. وأي كانت دوافعه كرها أو بعض حب لا يهم مدام يهتم !

و أمي ؟! .. هكذا تساءلت برجاء .. أردت أن أبقى معهم و أن أجلبها لحياتي من دون أن يفروا هم منها ..

و على لسان عذبي جاء الحل ..

*
*
*

حل يرضي جميع الأطراف أو يرضي كل منهم بطريقة أو أخرى , فا الرضا كلمة فضفاضة أمام جشع النفس البشرية !

ابتدأت بوالدتي التي منذ رحيل والدي توحدت مع نفسها و أصبح من الصعوبة استخراج الكلمات منها , فا حزنها أنتقل بها لفصل الخريف على عجل و حولها لعجوز تأن عند أي حركة ..

لأجد نفسي أملأ دورها الذي لم يحاول والدي من قبل أن يملأه ..
لأقرر و أنفذ و أنا على يقين أنني سأقنع الكل !

*
*
*

............. عذبي قبل عدة أيام ..............

*
*
*

عذبي : لا يمكن أبتعد عنج لو بعدتهم ..

أم عذبي المتعبة : بينقسم قلبك بيني و بينهم ..

عذبي : قلبي كبير و با يكفي الكل ..

أم عذبي : يسلم قلبك يا وجه أبوي .. طلبتك يا عذبي لا توديهم بعيد

عذبي يبتسم لها بحنان : با لأرض اللي قدام بيتنا .. مو بعيد ..

أم عذبي تحاوط بكفيها المرتعشتين وجه عذبي لتقبل جبينه : الله يوفقك و يعينك على المسؤولية ..

*
*
*

بعد الحصول على الموافقة من والدتي حان الانتقال إلى المحطة الأخيرة , لا اعرف حقا ما عليه سوف تكون ردة فعلها لكني مستعد للأسوأ ..

*
*
*

عذبي : عندج مشكلة مع عمتج أم ديمة ؟

وصايف التي عادت في الليلة الماضية من منزل عائلتها : لأ !

عذبي : يعني ما راح يكون عندج مشكلة تعيشين معاها في نفس البيت ..

وصايف باستغراب : أعيش معاها ؟!!

عذبي : الأرض اللي مقابله بيتنا اشتريتها و راح أبني عليها فيلا ..
و ديمة و أمها بيعيشون معانا ..

وصايف تتأمله بحيرة : اللحين أنت تستشيريني و إلا قررت .. و جاي تعطيني خبر ..

عذبي يمرر عينيه على بطن وصايف : أفهميها بأي شكل المهم أن راح ننتقل من ها البيت اللي طول عمرج تبين تطلعين منه ..

وصايف تضع كفها بحركة لا إرادية على بطنها : أنا فاشلة بتخطيط .. و أنت سيد العارفين .. و ما راح أعتذر لأن في طفل جاي بطريق ولا راح أقبل أنك تبتزني ..

عذبي بلهجة صارمة : شنو مفروض أفهم ؟ .. انج تحَدْيني و تحَدْين نفسج و بتهديني من جديد ..

وصايف على عجل : أكيد لأ .. أنا راح أمشي وراك و المكان اللي راح تحطني فيه بتقبله بس أرفض أنك تمنعني أحلم و أتمنى ...

عذبي بابتسامة رضا يشوبها غرور : لج كل الحق تحلمين و تتمنين .. بس المهم في الواقع أنا اللي لي الكلمة الأولى و الأخيرة ..

وصايف : صحيح .. بس تأكد أنك ما تعلمني درس و لا تحطني قدام أمر واقع بأسلوبك المتسلط معاي .. أنت بس تخليني أتمسك أكثر بحلمي .. راح يكون في يوم لي بيت و محد يشاركني فيه بس وقتها ما راح أكون لك شاكره و شكري و عرفاني راح يكون لزمن اللي خلاك شايب مسلم أمورك و منتهي ..

عذبي يضحك كما لم يضحك منذ زمن طويل : وقتها يا وصايف محد راح يلومني .. بيقولون طاح عن حيله و شالته عجوزه ..

وصايف بغيض: تدري انك أحيانا تقهرني و تغثني و ودي .. ودي

عذبي الذي يتأملها بحب : تحبسيني هني و تعلميني درس ..

وصايف تمثل الغضب : أنت طالب متعب و راح ترسب بأي منهج..

عذبي بنبرة أكثر مهاودة : حاولي .. و عندنا العمر كله ..

............................................................ ..........

*
*
*

مر هذا العام بسرعة مذهلة .. و كان عام بألف سنة ! ..
كأننا ولدنا و كبرنا و شخنا بين الفصول الأربعة ..

و في نهايته أهدتني وداد ولي العهد و شبيه عمه .. لا .. لم يحمل أسمه بل اخترنا أسم والدها الراحل ليكون أسمه .. فهد .. صغيري الماكر الذي يضحك لخاله سالم فقط !

أما صداقتي بأصيل التي انتهت لعدة شهور عادت تدريجيا لكن ليست بقوتها السابقة , فما زلت منه متوجس و أمامه الكثير من الاختبارات التي عليه أن يتجاوزها بامتياز ليحظى بصداقتي للأبد ...

*
*
*

وداد تحادث وضوح عبر الهاتف بينما علي يجر الهاتف منها : يعني أكيد ..

وضوح : للمرة العاشرة هذا حنا طالعين للمطار ..

علي يسحب الهاتف من وداد : لا تنافخين على أم فهد .. شنسوي فيج أنتِ و اخوج كم مره تقولون بتجون و تأجلون ..

وضوح تبتسم بحب : لأ ها المره أن شاء الله جايين .. ما تخيل شا كثر مشتاقة لكم .. و متحمسة لعرس أنفال من زمان ما صار عندنا عرس و طقطقة و وناسة ...

علي ممازحا أخته : أفهم يعني أنج بتمترين الصالة و أنتِ ترقصين

وضوح ضاحكة : لا يا أبو فهد اللي بتمتر الصالة وداد عشان تستعيد رشاقتها أما أنا بما أني رشيقة برز نفسي با لأستقبال ..

علي يلتفت لوداد : زين جذيه الكل يقول عنج بطيطه ..

وداد تجر السماعة من يده : وضوح لا تصدقينه لما تجين بتشوفين أني ما تغيرت بعد الحمل و الولادة و هذا أنا مثل ما كنت ..

وضوح التي ما زالت تضحك : زين صدقت ..

وداد بعد أن أغلقت الهاتف : علي بقولك شي بس لا تزعل ..

علي الذي يكتم ضحكته : و أنا أقدر أزعل على أم فهد !

وداد : علي ترى أنا ملاحظة شعرك بدا يخف من جدام .. الظاهر بديت تصلع ..

علي من دون تفكير سارع لتفحص شعره أمام المرآة : وين .. مو شايف شي ..

وداد تضحك بصوت عالي : أكيد مو شايف شي لأنك صلعت ..

علي بغيض : لا تخليني أقعدج عن عرس أنفال ..

وداد تبتسم بخبث : لأ .. مو معقول تسويها .. أنت قلبك أطيب من قلبي ..

علي يضع أرنبة أنفه على انفها الدقيق : أجل يا حظج فيني ..

............................................................ ..........


*
*
*

صغيرتنا الليلة ستكون عروس و سنودعها لتمضي لحياة جديدة فيها سوف تكبر بمفردها لتتغير ملامحها و تنبت في أرضها مشاعر جديدة , قد يأتي يوما لا يمكن لنا أن نذكر صغيرتنا التي نعرف في محياها لكن سنظل دوما نحبها لأنها في يوم كانت مشاعرنا الصغيرة !

*
*
*

أنفال : مو حلو مو حلو ..

وصايف : شنو اللي مو حلو ..

انفال : كل شي .. مو عاجبتني التسريحة و المكياج ثقيل ..

ديمة : ترى أنتِ من الصبح مسويه لنا فلم ..

هند : إلا سوت دراما من مية حلقة ..

انفال : اللحين كلكم اتفقتوا علي ..

وصايف : بس يا بنات .. أسمعيني يا انفال .. التسريحه حلوه و المكياج روعه و الوقت مو بصالحنا بعد ساعتين لازم نزفج .. فا استغلي ها الوقت بتصوير و الراحة ورانا طريق بزحمة على ما نوصل الصالة ...

أنفال بعدم رضا: خلاص مو مهم .. أصلا أنا كنت عارفه ان شكلي بيطلع مو حلو بعرسي ..

ديمة تنفجر ضاحكه : تكفين انفال شلون عرفتي ...

أنفال تنطلق وراء ديمة بثوبها الثقيل : تبين تعرفين شلون وقفي ..

ديمة تختبأ خلف وصايف : خلاص ما أبي اعرف ..

أنفال تصرخ فجأة : عرفت ! .. ديمة غيري مكياجج ..

ديمة بحيرة : ليش ؟

انفال : لاني كل ما شفته و قارنته بمكياجي اكرهه ..

ديمة : يا سلااااااااام .. هذا اللي ما تبيني أعرس ..

*
*
*

ديمة و أنفال عادا لأيام الطفولة كل منهما تريد أن تكون مطابقة للأخرى في الشكل و من لم تفلح منهن ببلوغ الهدف تصر على الأخرى أن تغير من هيأتها لتتمكن من مجاراتها ..

*
*
*

ديمة تبتلع القهر : صرت كأني مشعوذة ..

أنفال برضى : أي جذيه يبين إننا نصير لبعض ..

ديمه لم تجد بدا من الضحك : زين أوريج بعرسي ..

...........................................................

*
*
*

وجدت ساري قبلي في المطار و جدا استغربت !

بعد ساعتين من الآن سوف تزف أنفال و هو هنا لاستقبال شملان أو با الأحرى لاستقبالها هي !

*
*
*

علي : شكلك من زمان تنتظر ...

ساري : لأ .. صار لي شوي .. بس أنت شعندك ؟

علي المستغرب : أنا منتظر شملان و وضوح طيارتهم على وصول من لندن .. و أنت ؟

ساري بارتباك : أنا منتظر أم علي ..

علي يصطنع ابتسامة : يعني بتردون لبعض ؟

ساري : علي محتاج لأمه و أنا محتاج لزوجة و هي محتاجة لأحد يعيلها يعني تقدر تقول صفقة الكل فيها رابح ..

*
*
*

لم نسهب في الحديث فقد وصلت عروس ساري و لمحت من بعيد وضوح و شملان .. و ساري الذي بان عليه عدم الأرتياح أستأذن قبل أن يسلم على شملان .. و شكرت له سرا مراعاته لشعور وضوح العائدة لتو من رحلة العلاج ..

*
*
*

شملان في السيارة : كأني لمحت ساري في المطار ..

علي : أي ..

وضوح التي أيقنت ان علي لا يريد أن يفتح مجالا لنقاش : و منو اللي كانت معاه ؟

علي بارتباك : أم علي ..

وضوح : ردوا لبعض ؟

علي يختصر الأجوبة : عشان علي ..

وضوح : الله يهنيهم ..

شملان : ما باركت لوضوح ..

علي : مبارك لها بدال المره ألف .. و شكرت الله اللي قومها بسلامة و ردها لنا معافاة ..

وضوح بخجل : شملان يقصد شي ثاني ..

علي : ما فهمت ..

شملان : وضوح انخطبت و وافقت ..

علي بصدمة : منو و متى ..

شملان : فايز اللي قلت لك عليه ..

علي : قصدك اللي جاي مع امه علاج ..

شملان : أي ما غيره ..

علي : زين ... أنت متأكد أنه مضبوط ..

شملان يضحك على تعليق علي : متأكد انه جدا جدا مضبوط .. مو صح وضوح ؟

وضوح بخجل : اللي عرفته عنه أقنعني بشخصه .. و على كل حال ربي يكتب اللي فيه الخير ..

*
*
*

قد يبدوا معيبا أن يبكي الرجل الشرقي لان أخته وجدت من يعوضها عن حب فاشل لكنني فعلا شعرت باني على وشك البكاء , أن تكون وضوح سعيدة يعني لي فرحة أبدية تستقر بصدري لأمارس حياتي باستقلالية بينما أنا مطمأن عليها ..

............................................................ ........

*
*
*

كانت الليلة متنفس و فرصة للفرح في رحلة على الدرجة الأولى لعاصمة كل من فيها عاشق .. أنفال في منتهى السعادة تتبادل النظرات الخجولة مع من تعشق , فرحتها توازي فرحته .. و هي و هو لا يشعرون بحد ممن حولهم .. كل منهم سخر كل حواسه المفتونة في نبض الآخر ...

تأملتهم و في عيني الدمع تحجر , في دعاء رفعته من أجلهما .. أن يحميهما الله من خيبات الزمن هكذا رددت , لأختمه بتمتمة " عسى الله لا يفرقكم " .. فا الفراق بندقية في وجه كل طير للفرح يحاول أن يرتفع ... و أنا أكثر العاشقين معرفة !

فا حنيني لذاك الفخم تضخم حتى أصبح جبلا من وله .. العام الماضي كان عبأ على رزنامتي التي مزقتُ أوراقها منتصف الربيع
حيث رددت على نفسي أنها لا تعنيني , فكل شروق و مغيب لا يأتي به ليس ممكن أن أحسبه من عمري .. ذاك كان يوما فيه أعلنت ثورة على كبريائي بعدما فشلت أكثر من مرة من قذف نفسي لأعماق النسيان من دون العودة من جديد لتسلق سواري السفن التي تخوض البحار المستعصية, و قررت حينها أن علي أن أجد له و لي وطن صغير نموت فيه بعيدا عن أعين البشر !

*
*
*

أدمنت القهوة السوداء التي تسرق النوم من عيني حتى لا تعود معشوقتي في أحلامي .. و حشوت مساحات عقلي بقراءة نهمه لكل ما يستجد على الساحة السياسية و الاقتصادية حتى لا أرى فراقها أكبر أزماتي ! .. و حشوت خريطتي الذهنية بكل الأمكنة التي لم تسير فيها يوما و أشبعت حاسة تذوقي بكل الأطعمة التي لم تحببها قط , و كل ذلك حتى يتسنى لي نسيانها في كل ما لم تطأ و تستنشق و تتذوق و تقرأ و تحب و تكره .. و أنساني النسيان أن القلب الذي فيه سكنت يحملها معي لأي أرض لها أرتحل ! ..

با الطبع قبل أن أحاول كنت أعرف أني سأفشل .. و ها أنا منذ أن عدت من سفري الذي امتد لعام قابع أمام هاتفي و عيناي تراقب الساعة .. قد قطعت عهدا على نفسي أنني إن لم استجمع قواي عند الساعة الثانية عشر سأُرحَل محاولتي لليلة القادمة لكني لن أستسلم !

*
*
*

فينوس التي لتو تأهبت لنوم انتبهت لضوء الصادر من هاتفها لترفعه و تكتفي بصمت .. !

شملان من دون مقدمات و بهمس : "وشايات المؤرقين" .. عنوان مذكرات علي ..أنا و أنتِ بس اللي فيها نعشق بعض و كل من حولنا أرقتهم الأسئلة و يوشوشون فيها لبعض .. أكبر أسألتهم .. شنو شاف فيها وشلون قلبها الأبيض أعشقه ؟! .. و أصعب أسألتهم .. متى راح يفترقون عن بعض !

فينوس : و افترقنا با قرار منك يا شملان ..

شملان برجاء حمله صوته المكسور: و بقرار منج ممكن نرجع لبعض .. فينوس .. أنا اعرف في كل نبض أني أحبج بس مدري إذا قلبج للحين يذكرني ..

فينوس التي لم تعد تقوى على التماسك بكت بحرقة ....

شملان بأنفاس مقطوعة : إلا دموعج .. تكفين فينوس لا تتعبين قلبج

فينوس تشهق بدموعها المتدفقة: أنا كنت معاك ما أحتاج لحضن أي حي و فيك ما أجوع لأي أحساس و كنت اعتقد أنك مثلي على البعد ما تقدر .. شلون أرخصت فيني .. شلون هنت عليك .. سنين و أنا اسأل نفسي .. لين تعبت ..

شملان محاولا التمسك بها لآخر نفس : قولي لي شلون اعتذر .. علميني وين أروح عشان أشتري رضاج .. أنا نادم و تايب و مستعد للي تبينه ..

فينوس تستجمع قوتها و تستعيد تركيزها : مكالمات نص الليل عيب في حق أهلي .. و هذي أول غلطة ..

شملان محاولا التبرير : فينوس ..

فينوس مقاطعة له : تدل بيتنا و ما تحتاج ولي أمر يخطب لك ..

شملان يقف غير مصدق ليعود و يجلس محاولا أن يستفهم : يعني أقدر أجيكم اللحين ..

فينوس : وين تجي حنا بنص الليل ..

شملان المرتبك بفرحته : أي قصدي أصلي الفجر بمسجدكم و أخطبج با عذبي ..

فينوس بخجل أختلط مع بحة البكاء : ما يصير لين ورى صلاة العصر ..

شملان بجدية : ورى صلاة العصر الملكة و بعد ما نصلي العشا نصير لبعض للأبد ..

*
*
*

حتى لو كانت مستحيلة ... بعض الأمنيات تأبى أن تموت !

و في قلب العاشق تبقى دوما فتية ... و تستحق الحياة .


*
*
*

النهاية .

 
 

 

عرض البوم صور ضحكتك في عيوني  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, من وحي الاعضاء, مكتمله, روايات, شارمي, سعوديه, وشايات المؤرقين, ضحكتك في عيوني, قصص, قصص من وحي الاعضاء, قصص وروايات, كويتيه
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:03 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية