كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
أرادت أن تهرب منه ، لكنه أجبرها على البقاء في مكانها :
" أنت دائما تريد الأمور كما تشتهي ".
أجاب ساخرا :
" نعم ، أنت غاضبة اليس كذلك ؟ عيناك تحولتا الى لون أخضر داكن ، هل تذكرين النادل ... في سيدني ؟".
أبعدت وجهها عنه ، وهي تدّعي اللامبالاة :
" لا ".
ضحك ضحكة خافتة :
" بل تذكرين جيدا ".
" حسنا قل أنني لا اريد ان أذكر ، ولا اريد أن يذكرني أحد بذلك ... لا اريد ان أذكر شيئا".
" لا شيء... ولا حتى هذا".
وعانقها بسرعة ، حاولت ان تتمالك أعصابها وأن تسيطر على قلبها الذي بدا يغني عاليا، يريد فقط ان يتسلى بعواطفها مرة اخرى ، بل ربما يحاول أن يثبت لنفسه انها لن تستطيع مقاومته.
إبتعدت عنه مسرعة لتخرج الى الشرفة ، هي بحاجة الى هواء نظيف ينقي ذهنها ".
ولحق بها كايد :
" ماذا تريدين يا كاريسا ؟".
أجابته بحدّة :
" لا شيء تستطيع إعطائي إياه".
إكتشف مشاعرها إذن ، يعرف أنها تريد الحب الذي لا يستطيع منحها إياه ، كرامتها الجريحة جعلتها تلفت اليه غاضبة ، لتكذب عليه قائلة بيأس :
" لا اريد حبك ، لا أريدك باية طريقة ".
وعندما رأت نظرة الشك في عينيه اكدت :
" نعم لا أريدك ، أعترف انني إنسقت قليلا قرب البحيرة وراء ذكريات حب المراهقة لكنك حطمت أحلامي ، عندما قلت انني غير جديرة بالثقة ، كانت هذه بداية النهاية ، والان وقد عدنا الى الأجواء الطبيعية اجد أنني أنتظر بشوق اللحظة التي ستغادرنا فيها ، أنت إنسان اناني لا يحب إلا نفسه ،ولا أستطيع ان اتصور كيف ساعدت المسكين غوميز ، إلا إذا كنت تحب أن تبدو بصورة البطل المتسامح الذي يراف بالغير ".
احست أنها تظلمه ، عرفت ذلك لحظة تفوهت بالكلمات ، وكادت تعتذر عندما قاطعها ضاحكا :
" لا لم يكن هذا السبب ! هناك شيء أهم من هذه الأمور السخيفة".
وحدّقت به وهو يتابع:
" غريب أنك لم تتبيني الحقيقة ، فلنفترض انني شهدت ضده أو ارسلته الى السجن ، سيخرج بعد سنوات أكثر مرارة وحقدا وحقدا علي ، أكون قد أجّلت المشكلة بدون حلها ، بهذه الطريقة ابعدته عني وأصبح صديقي مدى الحياة ".
ونظر الى وجهها الشاحب قبل ان يتابع :
" علي أن أشكرك على مساعدتك لأقناعه بأقوالي ، أعتقد ان خطابك المقنع كان فعلا لصالحي ، كنت تبدين في غاية الصدق ".
واحست كاريسا بإشمئزاز وهي تجيبه :
" كنت صادقة فعلا ، الم تكن انت كذلك ؟ظننت أنك كنت تريد مساعدته ؟".
" كنت اريد مساعدته... لأنني مهتم بالمحافظة على حياتي".
" ما قلته عن كارلوتا.... ألم يكن صحيحا ؟".
توقف كايد قليلا ، وإرتدى وجهه قناعا جامدا :
" بلى كان صحيحا الى حد كبير ، لكنني اعترف انني اغفلت ذكر تفصيل او أكثر ، صحيح انها جاءت تطلب مني المال لتنقذه من افراد العصابة فيبدأ حياة جديدة في ولاية أخرى ، وصحيح أيضا أنها تحب زوجها وطفلتها... لكن ما تبقى من القصة..".
وإبتسم ساخرا قبل ان يتابع بلؤم :
" فلنقل ان السيدة لم تكن بالطهارة التي صورتها لزوجها وفي الواقع ...".
وقاطعته كاريسا بحدة :
" لا أريد ان أسمع المزيد ، اخبرتني مرة أنك تشتري النساء دائما ، لا بد انها كانت جميلة جدا حتى دفعت ثمنا غاليا لها".
وإبتعدت عنه متجاهلة بريق الغضب في عينيه ، إقتربت من الهاتف وأخذت تطلب رقم موريس بينما وقف كايد بعيدا عنها يراقبها بصمت.
وشغلت كاريسا نفسها بإعداد طعام الغداء وجلس كايد في الشرفة ، في المقعد الذي وجدته عليه عندما رأته عند موريس للمرة الأولى ، احست وكأن زمنا طويلا مضى على تلك اللحظة ، أشياء كثيرة حدثت بعد ذلك ... وعرفت أن الحياة لن تعود كما كانت .
من حسن الحظ أن موريس كان مشغولا بإعداد العقد والإشراف على آخر تفاصيله فلم يلاحظ أن كاريسا وكايد لم يتبادلا كلمة واحدة ، بل ان كاريسا كانت عاجزة حتى عن الكلام.
كانت تحس بأنها على وشك الصراخ ، كم تتمنى لو ينتهي هذا النهار ويذهب كايد ، ستصبح حياتها أسهل عندما يخرج منها ، ستستقيل من عملها في أقرب فرصة ممكنة ، وبدون ان تجعل موريس يشك في السبب ، ستغادر المدينة قبل ان يعود كايد ليقوم بجولته الفنية ، لا شيء سيجعلها تقبل المخاطرة برؤيته مرة ثانية ، ومعاناة كل هذا مر أخرى.
نظفت كاريسا المائدة ، ليضع موريس العقد عليها ، وأخذ كايد يقرأ البنود بإهتمام وهو يجري بعض التعديلات هنا وهناك ، ومرة نظر اليها موريس وكأنه يريد أن يستشيرها ، فاشاحت بوجهها ، لا تريد أن يشركها في أي شيء له علاقة بكايد.
وعندما وقع كايد العقد أخيرا ، بدا على موريس الإرتياح وهو يطويه ليضعه في المغلف وقال كايد :
" تستطيع أن تبحث التفاصيل المادية مع جاك ، سابقى في الفندق الليلة ، لأنني ساسافر في الصباح الباكر".
وإحتج موريس على ذهاب كايد الى الفندق ، لكن هذا الخير اصرّ كعادته على موقفه ، فحجزت له كاريسا شقة رائعة ، وعندما عرض عليه موريس أن تمر عليه كاريسا لترافقه الى المطار صباح اليوم التالي ، رفض قائلا :
" لا شكرا ، سئمت كاريسا من مرافقتي في هذه الرحلة".
ولم تستطع كاريسا أن تجيب حتى بكلمات مهذبة ، وعندما اكد موريس انها لن تتضايق ابدا ، بدا صمتها اكثر تأكيدا للعكس ، ونظر اليها موريس بقلق وتساؤل ، ثم عرض على كايد أن يوصله الى الفندق بنفسه فتنفست كاريسا الصعداء.
" هل تسمح لي بالذهاب الى البيت يا موريس ، أراك صباح الغد في المكتب".
" خذي إجازة يا كاريسا أنت مرهقة ".
وشكرها كايد بتهذيب بارد :
" كنت مساعدة ممتازة ، شكرا لك يا كاريسا ، أنت تستحقين إجازة طويلة ".
وقاطعه موريس ليقول لكاريسا :
" هيا بنا ، سنوصلك الى منزلك ".
وإضطرت كاريسا لتحمل مرارة الرحلة القصيرة ، جلست في المقعد الخلفي وإستقر الرجلان في المقعد الأمامي يتبادلان احاديث سطحية.
وعندما توقفت السيارة اخيرا أمام منزل كاريسا ، نزل كايد وفتح لها الباب ، حاول أن يساعدها في حمل حقيبتها لكنها رفضت بإصرار :
" ساتدبر امري شكرا ".
مدت له يدها وهي تقول ببرود :
" رافقتك السلامة يا كايد ، حظا طيبا".
تجاهل يدها الممدودة ،وطبع على خدها قبلة خفيفة :
" وداعا يا كاريسا الرقيقة ، شكرا لك على كل شيء".
ومنعت كاريسا نفسها من التحديق بالسيارة وهي تنطلق به بعيدا عنها.
|