كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
خرجت من المياه ، وهي تلعن أحاسيسها فكادت تصطدم بشخص ما وقف امامها ، رفعت بصرها اليه فرأت الرجل الذي إلتقت به في الدكان يوم الأمس.
حيّاها بلكنة أميركية مميزة :
" أهلا ... ها نحن نلتقي مجددا ".
إبتسمت وأكملت طريقها وهي مشغولة باحاسيسها عن الإهتمام باي تفاصيل اخرى .
وعندما إنتهت كاريسا من إرتداء ملابسها وتمشيط شعرها كان كايد بإنتظارها ، فعادا معا الى المنزل .
ومرت الأيام بطيئة قاتلة ، مزاج كايد لم يتحسن بل إزداد سوءا ، كان يمضي معظم اوقاته في الشرفة يحدق بعيدا ، لم يعد يحاول الإقتراب منها ، ولم يكن يوجه لها أية كلمة إلا عند الضرورة ، الملل تمكن منه ، وضاق بأسره.
وظنت كاريسا أنها سترتاح لأن كايد صرف النظر عنها ولم يعد يضايقها بسخريته اللاذعة ، لكنها أحست بإنقباض للجوالمشحون المتوتر ، ولم تعد تطيق الجلوس في المنزل فخرجت لتسبح في البحيرة القريبة ، علها تستعيد هدوءها.
إحتوتها المياه الباردة ، وأخذت تسبح وكأنها تصارع شخصا وهميا ،وعندما تعبت من الحركة المتواصلة قررت القيام بنزهة قصيرة قبل العودة الى المنزل ، رأت سربا من الببغاوات على أغصان قربة ، فأفرحها المشهد ، سارت بهدوء لتقترب من الطيور الملونة اللاهية عنها بحديث مرح.
وكادت تتعثر بالقارب الصغير حتى قبل ان تراه ، الظاهر أن صاحبه يخشى عليه من السرقة ، وإلا لماذا اخباه تحت الأشجار ووضع فوقه كل هذه الأغصان الخضراء؟
تسمرت في مكانها تحملق في المركب ، واخذ قلبها يخفق بسرعة ، لا بد من وجود سر ما وراء هذا الأمر ! سرية المكان الذي وجدت فيه المركب والطريقة التي اخفي بها عن الأنظار تدلان على سوء نية ، إرتعشت رغما عنها ، وعندما رأت الرجل يظهر من بين الأشجار قفزت فزعا.
" آسف ، هل أخفتك؟".
إنه الرجل الذي إلتقت به في المحل ، وقرب الينابيع الدافئة ، سيطرت على رغبتها بالهروب منه وسألته بشيء من الخوف :
" ماذا تفعل هنا ، نعم أخفتني ".
اشار الى النظارة المقربة التي تدلت على صدره وقال :
" اراقب الطيور ، وانت تفعلين الشيء ذاته ، اليس كذلك ؟".
لم تجبه فإبتسم وتابع حديثه:
" من الممتع حقا مراقبة الطيور ، خاصة هذه الببغاوات الملونة ، أليس كذلك ؟".
" نعم ، هل هذا مركبك؟".
" نعم ، لماذا تسألين؟".
" إستغربت حرصك الشديد على إخفائه بهذه الطريقة".
" لم أرد إخافة الطيور ، لو نظرت مليا لوجدت أنني بنيت ملجأ مؤقتا أستطيع الإستلقاء تحته بدون أن تشعر الطيور بوجودي ".
نظرت كاريسا الى المركب مجددا ، فلاحظت فعلا أن الاغصان وضعت على شكل خيمة ، من السهل ان يزحف المرء تحتها ليراقب الحياة البرية بدون أن تشعر الطيور بوجوده ، ولم تتمالك كاريسا نفسها من القول :
" آسفة ، هذه املاك خاصة ، لا يحق لك البقاء هنا ".
" آسف ، لم أكن أعلم ، أنت وزوجك ... تملكان الأرض ".
" لا بل هي لصديق لنا ، لا نستطيع أن نسمح لأي كان بالتنزه هنا ، آسفة ".
" لا تعتذري ، افهم موقفك ، علي بالذهاب الان ".
وتساءلت كاريسا كيف تمكن الرجل من البقاء هنا ، بدون ان يشعر الحارسان بوجوده ، فسالته :
" منذ متى انت هنا ؟".
" جئت في الساعات الأولى من الصباح ، إنه التوقيت الأمثل لمراقبة الطيور ".
كان الظلام مخيما على المنطقة فتصبت خيمتي وإنتظرت ".
" يبدو أنك إنسان صبور ".
" نعم جدا ، سأذهب الان ".
وإنحنت كاريسا لتساعده على نزع الأغصان ، فرأت على أرض المركب كيسا طويلا أحكم صاحبه إغلاقه .
قالت بحدة :
" ما هذا ؟".
" قاعدة ثلاثية لآلة التصوير ".
" آه ، آسفة ".
ولفت إنتباهها حقيبة مربعة كالتي يستعملها هواة التصوير فإطمأن قلبها ، وعندما تاكدت من ذهاب الرجل أسرعت كاريسا الخطى في إتجاه المنزل ، فإلتقت بستان الذي أشار لها بالتوقف ".
" من هو صديقك ؟".
" ليس صديقي ، بل رجل افلت منكما ليلة أمس ، لا تخف ، إنه من هواة مراقبة الطيور ".
" هل أنت متأكدة من ذلك ".
" لا أدري ، اعتقد ذلك ، شخصيته توحي بالإطمئنان ، جاء في الساعات الأولى من الفجر ".
" لكننا نقوم بدوريات منتظمة معظم ساعات الليل ".
" لا بد انه تسلل بين دوريتين ".
" ربما لست مرتاحا للأمر ، أتمنى لو لم يكن السيد فرانكلين بمثل هذه الإستقلالية ".
إبتسمت كاريسا ، شعرت انه كان يريد أن يستعمل تعبيرا اقسى ، لكنه إمتنع عن ذلك في اللحظة الأخيرة ، وحاولت أن تبرر تصرف كايد قائلة :
" لا يستطيع أن يتحمل السجن ".
وتركته لتتابع طريقها الى المنزل ، رأت كايد ينتظرها في الحديقة وهو يحمل نظارة مقرّبة ، سالها بحدة :
" أين كنت؟".
" في البحيرة... اسبح ".
" خرجت من المياه منذ عشرين دقيقة ، اين كنت ؟".
" كنت أراقب بعض الطيور و ....".
وتوقفت عندما رأت نظرة الشك في عينيه ، وقررت أن لا تكمل حديثها .
" هل عليّ ان اقدم لك تقريرا بكل حركة اقوم بها ؟".
ودخلت المنزل غاضبة ، توقعت أن يلحق بها لكنه لم يفعل ، ستان سيخبره عن الأميركي ، لن تنطق باي كلمة .
|