كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وعندما أوقف موريس سيارته في كاراج المبنى سالته كاريسا :
"كم من المفروض ان نبقى في المنزل؟".
" حتى يتمكن رجال الشرطة من القبض على المجرم ، سأبقى على إتصال بك لأطلعك على آخر التطورات".
" بكلمات أخرى قد تطول إقامتي هناك فترة لا باس بها ، شهور ربما؟ آمل ان يبقى (زبونك) هادئا طوال هذه المدة".
" اعتمد عليك يا كاري في هذه الناحية ، مهمتك هي الإهتمام به والسهر على راحته ، لا تنسي أنني اريد منه القيام بجولة فنية لصالحي فور إنتهاء هذه القصة".
" موريس... ارجو أن تكون شرحت له طبيعة عملي ، حتى لا تراوده أي أفكار سيئة ، ربما تعرضني الى متاعب أنا في غنى عنها ".
ونظر اليها موريس معاتبا :
" طبعا يا كاري ، كيف يمكن أن يراودك الشك في ذلك ؟ أخبرته أن مساعدتي الشخصية ستهتم به ".
" هل يعلم ان الخطة تتطلّب ان نظهر كعروسين يقضيان شهر العسل ؟".
" نعم ".
" إذن ارجوك ان تفهمه بكلمات صارمة أن لا يتوقع مني أكثر من الطبخ وترتيب المنزل ".
" سأترك لك هذا الأمر يا كاريسا ، كلي ثقة بانك ستوضحين له ذلك شخصيا وبصراحة ".
ونزل من السيارة قبل أن يترك لها فرصة الإجابة ، وساد الصمت بينهما وهما في طريقهما الى الشقة ".
غرفة الإستقبال كانت خالية ، لكن كاريسا لاحظت بسرعة ان شخصا ما يستلقي بتكاسل في الشرفة مستمتعا باشعة الشمس.
شدّت كاريسا قبضتها عل كتف موريس وهمست :
" الن تخبرني من هو ؟".
" لا أسماء .... ستعرفينه فور رؤية وجهه".
وتبعته الى الشرفة بإستسلام.
كان الرجل الجالس هناك طويل القامة، أسود الشعر ، يمكن تبيّن ملامحه تماما تحت النظارتين السوداوين اللتين تخفيان عينيه تماما ، وتلقيان ظلالا داكنة على سائر وجهه ، لكن كاريسا كانت ستعرف هذا الوجه لو صادفته في أي مكان في العالم ، لقد سيطر على احلامها لسنوات عدة ، هل يمكن ان تكون هذه اللحظة جزء من الكابوس ؟ هل يكون هذا الرجل الجالس امامها حقا .... هو ؟
وأحست كاريسا بيد موريس تدفعها الى الأمام.
" هذه كاريسا مارتن... مساعدتي الخاصة ، كاري ... هذا كايك فرانكلين".
نظراته المشبعة بالمعاني الخفية ، والنبرة التي تسللّت الى صوته وهو يلفظ الإسم ، والتعابير الماكرة التي أرتسمت على وجهه.... هذه كلها أوحت أنه يستخدم إسما مستعارا ، لكن كاريسا عرفت الرجل فورا ، لم تكن تعلم أنه في أستراليا .
لسنوات طويلة حاولت ترويض نفسها على عدم قراءة أي شيء يتعلق به ، بل تمنت مع الأيام من أن تغلق ذهنها عن الحوار الدائر حولها عندما يذكر إسمه امامها ، طبعا لم تكن تستطيع أن تتجنّب رؤية صوره بين حين وآخر ، أو ان تسمع مقاطعا من اغانيه ، لكنها أبعدته تماما عن حياتها الخاصة حتى اصبح بالنسبة لها مجرد فنان معروف كغيره من الفنانين.
ولم تشعر كاريسا بيد كايد تمتد اليها إلا عندما احست باصابعه تضغط بقوة على يدها ، وبصوته الهادىء يقول:
" أهلا بالآنسة مارتن ، سمعت الكثير عنك من موريس ، قال انك أجمل وأكفأ مساعدة يمكن العثور عليها".
" شكرا للإطراء سيد فرانكلين ".
ولم تنطق بكلمة أخرى ، بل ألقت نفسها بثقل على أقرب مقعد.
لا ، لم يكن ما تراه حلما ، هو كايد ، لم يتغيّر ، فقط بضع شعيرات بيضاء لوّنت شعره الأسود ، وخطوط رفيعة تسللت حول فمه.
كان عليها أن تحدثه .... أن تسليه ..... لكنها عاجزة عن القيام بذلك ، في أي حال لا يبدو وكانه بحاجة الى من يخفّف عنه ، ها هو يستلقي بتكاسل في مقعده المريح ، واضح الهدوء والإسترخاء.
وعندما عاد موريس بأكواب الشراب رفع كايد النظارتين السوداوين عن عينيه ، ومد يده لتناول كوبه ، ثم نظر اليها متفحا وجهها بإهتمام قبل ان يهز رأسه إعجابا وهو يقول:
" نسي موريس أن يخبرني كم أنت جميلة !".
حدّقت به غير مصدقة ، وشهقت بدهشة وهي تقول :
" لا اصدق ، أنت ترى إذن ؟".
" الم تعلمي أنني إستعدت بصري؟".
هزّت راسها بالنفي وهي غير قادرة على النطق بكلمة واحدة ، لم تكن تتوقع هذه المفاجأة .
" أجريت لي عملية جراحية ناجحة منذ سنتين ، وإستعدت نظري كما ترين ".
ونظر اليها بإستغراب وفضول ، فتأكدت انه لم يعرفها ، لا بد أنه إلتقى بالعديد من النساء بعدها ، طبعا لم يتذكرها ، وجهها لم يره من قبل ، ومن الواضح ان إسمها لا يعني له شيئا ، لا بد أنه إستغرب كيف لم تسمع انه إستعاد بصره رغم انها تعمل في المجال الفني ، آه لو يعلم كم عانت كي تتمكن من إبعاد شبحه عن حياتها !
وقطع صوت موريس حبل افكارها :
" هل نهتم بالترتيبات النهائية ؟ كاري ، ارجوك ان تصلي بوكالة تأجير السيارات وإطلبي منهم تسليم هذه الليلة ، قومي بذلك هاتفيا كي لا نخاطر بأن يلحق بك أحد ، وبمجرد حلول الظلام ستتحركان بإتجاه المنزل الريفي ، انت التي ستجلسين وراء المقود يا كاري ، لا تسرعي ، الطريق خطرة ".
" اعرف ذلك ".
أجابت كاريسا هامسة ، هي تخشى القيادة ليلا في تلك المنعطفات الصحية ، واحس موريس بقلقها فقال :
" حاولي القيادة ببطء شديد ، لا تخشي شيئا ، الحارسان سيرافقانك حتى المنزل الريفي".
وإطمانت كاريسا قليلا :
" واين هما الآن ؟ في الخارج ؟".
" نعم ، رايت أحدهما في الرواق الخارجي ونحن ندخل الشقة ".
" حسنا ، لكن عليّ ان أحضر بعض الثياب قبل الذهاب ".
"كم تحتاجين من الوقت لحزم حقائبك؟".
" نصف ساعة فقط ، لست بحاجة الى الكثير من الثياب ، لكن علي ان أعود أولا الى المكتب لأعطاء التعليمات اللازمة لسير العمل في فترة غيابي".
" فكرة جيدة ، هكذا ستبدو الأمور طبيعية في حال وجود شخص ما يراقب تحركاتنا".
" هل تظن ان الشخص المعني تمكّن من اللحاق بكما من أستراليا ؟".
" لا ، لكن من الأفضل عدم المجازفة ، والإستعداد لكل المفاجآت".
لم يشارك كايد في الحديث ، فلم تتمكّن كاريسا من معرفة رايه بالموضوع ، كان يبدو وكأن القضية كلها تصيبه بالضجر.
|