كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
" انت الان في موقع قوة ".
" أنا ؟".
" نعم ، تعرفين إسمي وأنا لا اعرف عنك شيئا ".
" آه ".
ضحكتها الخافتة كان لها أيضا وقع شديد الجاذبية.
" إسمي كاريسا مارتن ، لكن معظم الأصدقاء ينادونني كريسي ".
" أفضّل إسم كاريسا ، له رنة غير مالوفة ".
" إختارته والدتي من كتاب كانت تقراه ".
" أمك تتمتع بذوق ممتاز ".
وسألها عن شقيقها الأعمى فأجابت :
" كليف يدرس الهندسة الألكترونية ".
" مجال صعب جدا ".
" نعم ... حتى على المبصرين ، ولهذا السبب بالتحديد إختار كليف تخصّصه هذا ، إنه إنسان عنيد جدا ، وأظن أنه يشعر بان عليه ان يثبت شيئا ما ".
" نعم ، أظن ذلك ، أليس لدينا كلنا شيء ما نريد أن نثبته " وأحس كايد أنه قريب جدا من كليف مارتن هذا ، رغم أنه لا يعرفه .
" انت استرالية ؟".
" لا ، نيوزيلاندية ، الأميركيون مثلك ، يرون كل اللهجات الأنكليزية الأخرى متشابهة ".
" لهجتك تميل اكثر الى طريقة اللفظ البريطانية ، سكان استراليا يتكلمون ببطء ويركزّون على مخارج الألفاظ ، هل انت في طريقك الى نيوزيلاندا ... الى عائلتك ؟".
" نعم ، عشت سنة في الولايات المتحدة ، وأنتظر بلهفة لحظة وصولي الى الوطن ".
تارجحت الطائرة قليلا وسقطت في فجوة هوائية ، فشدت كاريسا قبضتها بقوة على ذراع المقعد ، أحس كايد بخوفها :
" خائفة ؟".
" لا ، فاجأني تارجح الطائرة ، هذا كل شيء ، الحقيقة أنني لم أسافر كثيرا في حياتي ، لا بد انك معتاد على ذلك ؟".
لم تتوقف الطائرة عن الإهتزاز ، واحس كايد ان رفيقته تحاول جاهدة السيطرة على خوفها ، كانت تتكلم بسرعة حتى كادت تلهث ، امسك بيدها الصغيرة فإرتعشت أصابعها ، شدّ قبضته عليها ، ليطمئنها أولا ، ولأنه أحب ملامسة بشرتها الحريرية ثانيا .
"نعم سافرت كثيرا ، وغالبا في الطائرة، يقال أنها الوسيلة الأكثر أمانا للسفر ، هل تعرفين ذلك ؟".
" نعم ، قيل لي ذلك ".
بدا القلق بوضوح في نبرة صوتها ، فتابع حديثه وهو يحاول ان يعبّر بصوته الدافىء عن كل الحنان الذي يشعر به نحوها الآن ، كم أحبت هذا الصوت وهي تسمعه يغني ، وها هو الان يخبرها عن بعض الرحلات التي قام بها ، والأماكن الغريبة التي شاهدها .
خرجت الطائرة من الدوامة الهوائية ، وعادت تدريجيا الى ثباتها ، فسحبت كاريسا يدها برقة وهي تقول :
" شكرا ، أعتقد أنني سأغفو قليلا الآن :,
" لماذا ؟ هل كان حديثي مملا الى هذه الدرجة ؟".
" آه ، لا ، أرجوك لا تظن ذلك ، سررت جدا بحديثك يا سيد فرناند ، كان لطفا منك ان تحاول التخفيف عني ، لا بد أنك تعبت من مسايرتي ".
فاجأنه بقولها ، فرد بسرعة :
" ما الذي جعلك تظنين هذا ؟".
" حسنا ، كان من الواضح ، فور صعودك الى الطائرة ، إنك لا تريد ان تتحدث الى أحد ، لا بد ان حفلة المس أتعبتك جدا ".
" هل حضرتها؟".
" لا كنت في لوس انجلوس ، ولن أستطيع كذلك مشاهدة الحفلة التي ستقيمها غدا في سيدني ".
" ولماذا ؟ هل ستسافرين مباشرة الى نيوزيلاندا ؟".
" لا ، سأبقى يومين في سيدني ، عمتي تنتظرني ، حتى لو اردت حضور حفلتك لن استطيع ، من الصعب الحصول على بطاقة دخول ، فالأماكن تنفد قبل عدّة ايام من العرض ".
" ساطلب من جاك أن يترك لك بطاقتين على شباك التذاكر ، أنا أحتفظ دائما ببعض المقاعد لأصدقائي ".
سرورها الطفولي ، الذي لوّن صوتها بظلال دافئة عندما شكرته ، اقنعه أنها لم تكن تحاول أن تكون مهذبة فقط عندما قالت أنها تحب موسيقاه.
ثم ، ولأستغرابه الشديد ، أنزلت ظهر مقعدها وغفت.
توقفت الطائرة في ناندي ، فنزلت منها كاريسا لتشتري بعض الهدايا من المنطقة الحرة ، لم يتحرك كايد من مقعده ، فجلس جاك قربه يسليه حتى عودتها .
وعندما إقتربت منهما أخيرا نهض جاك من مكانه ليعود الى مقعده ، لكنها اوقفته بإشارة من يدها وهي تقول :
" لا ، لا تترك المقعد من فضلك ، سأجلس مكانك ".
لم يتوقع كايد ان يزعجه ذهابها بهذه القوة ، من ساعات قليلة كان سيرحب بالتغيير ، لكنه وجد نفسه الآن يرغب بالصوت الناعم قربه ، وببرود غير متوقع تجاهل جاك الذي كان يتحدث بحماس عن الجولة الفنية التي سيقومان بها في ارجاء أستراليا ، كان يرسم صورة ذهنية لما يمكن أن تكون عليه كاريسا مارتن
وهندما هبطت الطائرة في مطار سيدني ، سأل كايد مدير اعماله عن أوصافها :
" جميلة.... جميلة جدا ، شقراء ترفع شعرها الرائع الطويل في شكل عقدة، شابة أنيقة ، تستطيع ان تقول أنها سيدة بكل معنى الكلمة ، نعم ... جميلة جدا ، كم أتمن لو كنت أصغر بعشرين عاما ".
ولم يتوقف كايد عند الملاحظة الأخيرة بل سأل :
" ماذا عن عينيها ؟".
" لونهما داكن ، ليستا بنيتين ، رماديتين ! ربما ، أم عسليتين ! لا أدري ... هل يهمك امرها ؟".
وعرف كايد فورا ما يعنيه مدير أعماله ، فأجابه ضاحكا :
" لا ، لا أريدها كما تقصد ".
وربت على كتف صديقه ليخفي إشمئزازه من معنى كلمات جاك ، رغم أنه نادرا ما كان يشعر برفض مثل هذا الإقتراح.
لكن... ماذا لو جاءت الى الإستعراض.....؟
" جاك ، وعدتها بأن اترك لها بعض التذاكر على شباك الحجز، لن تنسى ، أليس كذلك ؟".
" طبعا لن أنسى ".
سيتذكر جاك .... وكذلك كايد.
|