كاتب الموضوع :
ليتني اعود طفلة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 227- المبادلة العادلة - فاليري بارف - مكتبة مدبولي
توجهت جاكلين سريعاً إلى غرفة نومها دون أن تلفت نظر أحد إلى حدوث شئ غير مألوف , و ارتدت البنطلون الجينز و القميص فى غمضة عين و هبطت الدرج و خرجت إلى بوابة البيت لتجد أن المستر ناش قد خدعها و أنطلق بدونها و أن موافقته لها ما كانت إلا لإسكاتها حتى لا يرتفع صوت الجدال بينهما و سيعرف المدعوون بذلك و يفسد حفل أخته كريس بالإضافة إلى حفل عيد ميلاد جاكاين أيضاً لأنهما ولدا فى يوم واحد و توءاماً واحداً و لا يليق أن تذهب وسط جنح الليل فى يوم عيد ميلادها لتطارد لصوص المواشى و ربما كانوا من المسجلين الخطرين فتصبح المخاطرة وخيمة العواقب عليها.
علمت جاكلين أن ناش أنطلق و خلفها وراءه , صممت على الذهاب فتوجهت إلى جراج العربات فلم تجد شيئاً لتركبه حيث كان الرجال قد استقلوها فى طريقهم لتعقب و مطاردة اللصوص و هنا فكرت قليلاً و قالت فى نفسها أن عودتها إلى الحفل لن تجدى شيئاً و أنها أحبت لا تكون مثل سوزان فتاة مدللة ناعمة تصلح فحسب للسهرات الخليعة.....فركبت إحدى الدراجات البخارية و انطلقت .
انطلقت جاكلين بالدراجة البخارية و وجدت مسألة العثور على الطريق الصحيح مشكلة أمامها لأن التجول ليلاً وسط الحقول و الشجيرات بالمزرعة الواسعة مسألة عسيرة حتى على العمال الخبراء بالمزرعة اللذين أمضوا عهداً طويلاً فى أرجائها . و لكنها كانت قد اعتزمت أن تعلم المستر كامبيل المغرور درساً قديماً و هو أنها لا تفشل فى أى عمل تضطلع به, و سريعاً قدحت أفكرها و استعادت قاعدة تحديد الاتجاهات و البوصلة لتصل فى دقيقة واحدة إلى تحديد الاتجاه الذى تسير فيه إلى الحق الشمالى .
كانت ثمة مشكلة أخرى و هى ان الطرق بالمزرعة طرق طينية غير مسطحة بما فيه الكفاية مليئة بالمناطق الرخوة و الأخرى العدلية مما يجعل القيادة فيها أمراً عسيراً و مضنياً , بخلاف أن الشجيرات على جانبى الطريق كثيراً ما تغطى على نهر الطريق فكان عليها ان تضرب فروع الشجيرات لتزيحها عن طريقها و كانت آخ المشاكل أن حيوانات الكنغر و هى حيوانات استرالية من ذوات الجراب أو الكيس , كانت تفضل التجمع فى قطعان لتنام على مناطق الطريق الطلبة ذلك لأنها أكثر دفئاً بتأثير تعرضها للشمس طوال النهار, و تترك مناطق الأشجار و الأعشاب بسبب برودتها النسبية , فكان على جاكلين أيضاً أن تتفادى الصدام بها برغم ضعف الضوء كل هذه المشاكل و العوائق زادتها إصراراً على تنفيذ مهمتها
اقتربت من الحقل الشمالى , اهتدت إلى تخفيض سرعتها لأن المستر ناش بالتأكيد قد وصل قبلها و يحاول أن يعمل كميناً أو فخاً لهؤلاء اللصوص, و هى أن أحدثت صخباً فسوف تـُتلف عليه تخطيته أو تنبه اللصوص فيهربوا , و بناء عليه توصلت إلى أن أفضل طريقة هى المشى على الأقدام فى هدوء حتى تلتقى برجال المزرعة و بالمستر ناش, و بينما هى فى الطريق فإذا بيد قوية تلتف حول عنقها و فمها فى قوة و صرامة فجاهدت سعيها أن تتخلص من هذه القبضة و لكنها لم تستطيع , و أخيراً علم ناش أنها جاكلين فخلعها من قبضته لتقع على الأرض على أيديها الاثنتين و قدميها و صاح:
ــ بحق الشيطان من الذى جاء بك إلى هنا؟
ــ جئت لكى أطمئن عليك
فى هذه اللحظة سمع ناش صوتاً فى أحد جوانب منطقة حوش الأيائل, فالتفتت ليجد صبين هناك منكمشين فى أحد الأركان فى الضوء الخافت و فى يد كل منهما سكين يهدد به, و لما تأملهما جيداً اكتشف أنهما صغيران السن بحيث لا يزيد عن الـ 13 من عمره بينما الآخر لا يزيد عن الـ 16... فاقترب منهما بحذر فى الضوء الواهى قائلاً :
ــ أعطنى السكين يا ولدى و لا تخشى شيئاً .
حاول الصبى الأصغر أن يستجيب لما وجده من اطمئنان إلى كلام المستر ناش إلا أن زميله الأكبر حذره فى صوت حثيث قائلاً له :
منتديات ليلاس
ــ كلا...لا تعطيه السكين و إلا سلمنا للشرطة على أننا لصوص مواشى و مزارع!
سمع ناش ذلك التحذير فعاد يحاول طمأنة الصبيين كما لو كان يهدئ من روع حيوان مفزوع خائف قائلاً:
ــ أعطنى السكين يا ولدى و لا تخشى شيئاً
اقترب منها خطوة أخرى و فى يده مصباح خافت الضوء و هو يحاول أن يتحاشى و يتجنب شفرة السكين خشية تهور الصبيين و لكن حدث أن الصبى الأصغر سناً ألقى بالسكين بعيداً فالتقطها ناش فحاول أن يتفاوض مع الصبى الآخر. وبينما هو يفعل ذلك كان قد أوعز إلى رجاله بأن ينتشروا فى قوس حول اللصوص حتى يستطيعوا الإمساك بهم و بينما هو يتقدم نحو الصبى الأكبر ليأخذ منه السكين إذا بشخص ثالث يحمل مطواة يهاجم بعنف المستر ناش فصرخت جاكلين صائحة :
ــ احترس يا ناش من وراءك
كانت تحمل فى حقيبتها آلة كاميرا فأشعلت ضوء الفلاش على اللص المهاجم جاعلة المزرعة و كأنها فى ضوء الشمس فى عز النهار , إلا أن الشخص تمكن من طنع المستر ناش طعنة نافذه فى فخذه فصرخ متألماً بينما تمكن الثلاثة من الهرب , فتبعهم رجال المزرعة يحاولون عبثاً أن يمسكوا بهم, أما جاكلين فانطلق إلى المستر ناش وقد استبد بها القلق عليه, تحاول جاهدة أن تعرف مدى الضرر من الإصابة التى تكبدها.
قالت له:
ــ أنه جرح بالفخذ سيحتاج إلى بضع غرز قليلة , فلا داعى للقلق...لقد طعنك الوغد...يا أسفى على ما فعل....
ــ جاكلين هل أستطاع الرجال الإمساك بهم؟
ــ كلا....أعتقد أنهم لن يستطيعوا, لقد هربوا مسرعين
ــ ما الذى حدث لىّ بالضبط....آهـ إن الجرح يؤلمنى , ماذا عساه أن يكون؟
ــ أنه جرحى سطحى , ربما يحتاج إلى الغرز.
تمزقت جاكلين من تأوهات المستر ناش و اعتصرها الحزن و خشيت أن يكون السكين قد أتلف شرايين القدم و أعصابه, خشيت أن يصاب بالشلل فقالت وهى تحاول جاهدة أن تخفى وساوسها عنه:
ــ هل تستطيع أن تحرك أصابع قدمك ؟
فرد قائلاً : ــ نــعـــم
قالت :
ــ إذن هيا بنا تستند علىّ و تتوكأ علىّ حتى أعيدك إلى المنزل منتديات ليلاس
بين نوبات الألم علم المستر ناش أن جاكلين قد أسدت إليه معروفاً و صنيعاً لا يمكن أن ينساه فحمد لها صنيعها بينه و بين نفسه , و نهض متكئاً عليها فقالت له:
ــ أرجوك أن تتماسك حتى نعود إلى المنزل
ــ سأحاول جهدى زهرة منسية
و انطلقت بالسيارة التى كان قد أتى بها المستر ناش و بينما هما فى الطريق راحت تتحسس بين اللحظة والأخرى الرباط الذى ضمدت به جرحه , و هو عبارة عن شريط قطعته من قميصها و ربطت به الجرح بالفخذ ليسد النزيف...و لدهشتها وجدته يغنى فى صوت أجش واهى غليظ أغنية(وردة تكساس الصفراء)
فاهتزت أوتار قلبها و تأثرت عواطفها حتى كادت تبكى , و استمرت تقطع الطريق و ألفت نفسها تردد معه الأغنية و كلماتها :
"يا وردة تكساس الصفراء, كم غيرنى حبك إلى إنسان جديد"
و اكتشفت تجاهد دموعها خشية أن تفر منها , حينما وصلا أخيراً إلى المنزل مرة أخرى.
نهاية الفصل الخامس
|