كاتب الموضوع :
ليتني اعود طفلة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 227- المبادلة العادلة - فاليري بارف - مكتبة مدبولي
صباح اليوم التالى خرجت جاكلين بصحبت المستر ناش كامبيل كما كان مقرراً لكى يطلعها على أحد المشروعات بمزرعته وهو المشروع الذى كانت تتوق شوقاً إلى رؤيته ...غير أن الحالة المزاجية غير مستقرة, إذ أنه كان متجهماً طوال الوقت فعلمت أنه فى تلك الصبيحة ليس على استعداد للإجابة على أية تساؤلات زهرة منسية قد توجهها له ...
لزمت الصمت و خشيت العواقب و تمنت لو أن حالته المزاجية هى مثل طابع الجو الاسترالى الملبد بالغيوم و المليئ بالبرق و الرعد الذى لا يتمخض عنه أبداً أية أمطار و ما إن قطعت السيارة شوطاً حتى قالت له:
ــ أراك اليوم عصبياً بعض الشئ؟
ــ كلا...ولكن حالة أمى ربما كانت السبب
ــ حسناً...سوف أعتنى بها
ــ أشكرك
ــ لماذا كنت تتحاشانى الأسبوعين الماضيين
ــ ماذا تقصدين؟
ــ أقصد أنك تـُبقينى فى المنزل حينما تقوم بالعمل وسط المزارع و الحقول وحينما تكون متواجداً بالمنزل تكلفنى بالقيام بمهام وسط الحقول و المزارع, أيس كذلك؟
ــ ألم نتفق من قبل؟
ــ أجل....و لكن لا تتركنى هكذا منبوذة كالمصاب بمرض الجزام لقد كان اتفاقنا على أن لا أجلب لك الضوضاء و المتاعب و لأسرتك أثناء بحثى عن ضالتى حتى العثور على ما أنشد من حقائق و أشخاص.
ــ على أى حال ...أنا أسف إذا كنت قد أخذت انطباعاً خاطئاً بأننى أفعل ذلك عمداً لتحاشيك و الابتعاد عنك بسبب كراهية منى لك...كلا, أعلمى أن هذا ليس له أساس من الصحة كما أرجو منك ألا تذهب بك الظنون مثل هذه المذاهب...هل اقتنعت أم لا؟
ــ اقتنعت....و أشكرك.
انفق كلاهما وقتاً طويلاً فى التول بمنطقة المشروع و الأراضى المحيطة به و تنقلا من مكان لآخر و انخرطا فى مناقشات علمية عن الزراعة فى المناطق الصحراوية و الأراضى المالحة . ثم جلسا فى دافئ أحد الأشجار و قد حاولا أن ينالا قسطاً من الراحة بعد الجولة الطويلة و اندارجا فى الحديث... لاحظن جاكلين كيف أن عيون المستر ناش تكاد تلتهمها التهاماً...أما هو من جانبه لاحظ أنها قد عرفت مغزى نظرته فبادرها بقوله:
ــ لقد صرت امرأة ناضجة يا جاكلين و لا أستطيع مقاومة إغراءات أنوثتك الطاغية....هل تعلمين ماذا فعلت بفؤادى؟
ــ نعم...أعرف
اقترب منها أكثر فأكثر فوجد أنها كذلك تقترب منه بوجهها احتضنها حضناً عميقاً وضمها إلى صدره بقوة وشدة و سرعان ما قبلها قبلة عارمة فألفها تستجيب له و تبادلته القبلات.
و أخذ يمسد و يربت على ظهرها براحة يديه....ضمها أكثر إلى صدره الخشن, و أطبق بقبلاته على شفايفها حتى ذابا و صارا كأنهما شخص واحد.
قال المستر ناش متسائلاً :
ــ هل عرفت المزيد من التفاصيل فى بحثك عن عائلتك؟
كان سؤاله غير متوقعاً حتى أنه أدهش جاكلين و أيقظها من الحلم الذى انخرطت فيه فاعتدلت فى جلستها و قالت :
ــ لو أنك ساعدتنى لكنت قد توصلت إلى المزيد من الخيوط...فأنت على أية حال قد نبهتنى إلى أشياء غابت عنى و لم أكن اعرفها .
ــ أشك فى أن تكون هناك ثمة معلومات تفيدك أو توصلك إلى ما تبغين دون أن أخبرك بها ما دام الأمر لن يضر بأمى أو بـ كريس!
هنا وجدت جاكلين الفرصة سانحة كى تستفسر عما تحب أن تعرفه من وجه التماثل و التشابه بينها و بين كريس فصاحت:
منتديات ليلاس
ــ إذن تستطيع أن تخبرنى كيف اكتشفت الصفات المشتركة بينى و بين أختك كريس و التى جعلتك تجزم بأنها شقيقتى التوأم على الرغم من أننى ترعرعت فى أمريكا و هى ترعرعت فى استراليا؟
ــ لقد عرفت ذلك بمحض الصدفة عندما سمعت أبى و أمى ذات يوم يتحدثان بشأن إرسال خطابات إلى أمريكا...كنت حين ذاك صغيراً و استرق منهما السمع و التصنت على حديثهما , و لقد سمعتهما يقولان :"أن إرسال الخطابات إلى أمريكا خطير جداً لأنه بمثابة الديناميت المتفجر لأنه من المحتمل جداً أن يسقط فى يد جاكلين أحد هذه الخطابات و عند ذلك ستعلم أنها و كريس قد تم تبنيهما و هما صغيرتان السن و أن هذا الأمر لا يحمد عقباه على أية حال"
عند ذلك عدلت جاكلين رأسها و قالت :
ــ لقد رأيت بالفعل أحد تلك الخطابات, لقد عثرت عليه فى خزانة أمى و أبى فى أعقاب موتهما!
ــ ماذا كان كل كلام الخطاب؟
ــ لقد خلف الكلام صدمة لىّ افقدتنى صوابى وجعلت كلاماته محفورة فى عقلى و ذهنى...كان الخطاب عبارة عن ورقة ممزقة , تـُركت و أُهملت و كان عليها علامة بريد مدينة سيمور الاسترالية...هذه العلامة أعطتنى الفكرة بأن أسرتى من هنا.
فى آسى قال ناش:
ــ هذا كان ما يخشاه أبى و يخاف من عقبته !
ــ هل أخبراك والداك من تكون أمى؟
ــ لا...لم تقل لىّ أمى شيئاً عن ذلك و لكنها أقسمت علىّ بأن أحافظ على هذا الأمر الغامض سراً مؤكدة لىّ أن من شأن ذلك أن يجرح كريس فى حالة اكتشافها أنها متبناة....لقد كانت علاقتى بـ كريس قوية و من الطبيعى أننى لن أفعل شئ يسبب لها الألم, و لذلك أقسمت أمام أمى و تعهدت لها بأننى لن أفعل ذلك ما حيت و أننى سوف أحترم رغباتها و إرادتها.
ــ عجيب أن أمك حاولت الحفاظ على أمر التبنى سراً...أليس كذلك؟ من الأفضل أن يعلم صاحب الشأن بحقيقة أمره!
ــ ماذا تقصدين؟
ــ أقصد أن تعلم كريس الحقيقة كاملة....هذا حقها!!
لم ينبث المستر ناش طوال طريق العودة مع جاكلين إلى المنزل بكلمة....عندما وصلت بهما السيارة وجد أن السيدة لين تنتظرهما...أقبلت نحوهما مسرعة و أخبرتهما بأنها قد أعدت طعام العشاء و أنها وضعت فى الفرن فخذ أحد الخراف إلى أن يتم شيه بالإضافة إلى أنها قامت بطهو الخضروات التى أعدتها جاكلين من قبل و لكنها فجأة تذكرت شيئاً ما...قالت:
ــ هل علمت يا مستر كامبيل أن أختك كريس قد حضرت و أمضيت ساعتين هنا ...ثم انصرفت؟
ارتسمت علامات الغضب و الثورة على ملامح جاكلين فقالت له فى حدة و خنق:
ــ إذن....كنت تعلم...اخترعت قصة السد و المشروع لكى تبعدنى عن رؤية كريس, كما قمت بتمثيل مشهد الحب بأداء رائع من أجل أن تجعلنى انفق المزيد من الوقت بعيداً عن المنزل حتى لا ترانى كريس و لا أراها ,أليس كذلك....تكلم؟
ــ كلا لم أعلم بقدومها وأؤكد لك أن وجودها و وصولها كان محتملاً و ليس أكيداً....أنا لو أدبر شئ على الإطلاق!
تساءلت السيدة لين عن سر حدة التوتر فى العلاقة بين المستر ناش و جاكلين...رد عليها ناش غاضباً:
ــ أرجوك أذهبى الآن يا سيدة جين و لا داعى للقلق أو التساؤل!
انصرفت جين غير أن جاكلين كانت لا تزال غاضبة .
قالت :
ــ لماذا....فعلت ذلك؟
ــ ألم يكن ذلك حسب الاتفاق؟!زهرة منسية
ــ اللعنة على الاتفاق...كان عليك أن تخبرنى....لم أكن لأفعل شئ سوى رؤيتها فحسب!
هدأ ناش من روعها و قال :
ــ على أى حال كريس سوف تحضر يوم الأربعاء القادم و بمقدورك رؤيتها و لكن أرجو ألا تجعلينى أندم على ذلك .
ــ لن أفعل ما تخشاه سوف أراها فقط و أتأملها و أتدبر أوجه الشبه و الاختلاف بينى و بينها فقط دون أن أثير أية متاعب لأحد.
ــ اتفقنا... و لكن أعلمى أنك متدربة تابعة للرابطة الدولية الزراعية....لا تخطئ القول أمام كريس و إذا سألتك عن شئ قولى لها أنك طالبة أمريكية فحسب....هل علمت؟
بايماءة وافقت جاكلين و تمنت انقضاء الأيام بسرعة حتى يأتى يوم الأربعاء الذى يبدو بعيد المنال ....همهمت بكلمات غير مفهومة ثم قالت :
ــ أن غداً لناظره لقريب!
نهاية الفصل الثالث
|