كاتب الموضوع :
ليتني اعود طفلة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 227- المبادلة العادلة - فاليري بارف - مكتبة مدبولي
عندما فرغت من العجين وضعته فى إناء كبير و غطته ببشكير حتى يتم تخميره و ما أن شارفت على الانتهاء من تنظيف المطبخ حتى سمعت طرق على شراعة الباب...توجهت لتفتح الباب فوجدت أن الطارق هى السيدة جين فابتسمت ورحبت بها و قالت :
ــ مرحباً بك جين لقد جئت فى الوقت المناسب فقد كنت على وشك إعداد أقداح القهوة.
كان زوج السيدة جين هو المستر ين كروفورد مدير المزرعة كانت السيدة جين تعلم مسبقاً أن المستر ناش كامبيل كان رافضاً لقبول جاكلين كمتدربة على الرغم من أنها لم تعرف ولن تعرف أبداً حقيقة الأمر...قالت لـ جاكلين
ــ أتفهم جيداً موقف المستر ناش و لكنك جاكلين قد أبديت كم أنت قادرة و على كفاءة سواء داخل المنزل أو وسط الحقول و المزارع وأشاد بك المستر لين يوم اكتشفت التسرب من صمام حوض الماء فى الحقل الشمالى الأمر الذى مكنه من إصلاحه قبل ضياع المزيد من الماء الذى هو نادراً أصلاً. أنت تعلمين أن ندرة الماء فى الأراضى الصحراوية جعل منه سلعة ذات قيمة كبيرة.
ــ هناك فى مزرعتنا بأمريكا من الأمور المعتادة يومياً فى دولاب العمل أن نقوم بفحص نقاط إمدادات الماء و أعتقد أنها صارت عادة منتديات ليلاس لدينا يصعب الآن التخلص منها.
ــ أوهـ لقد تذكرت..أشكرك يا إلهى....لم أت إليك كى أشيد و أحمد العمل الجيد الذى قمت به فأنت تعلمين موقفى من ذلك , لقد جئت اليوم أحمل إليك البريد.
من بين الخطابات الواردة إليها كان هناك خطاباً عليه طابع البريد الخاص بولاية تكساس الأمريكية.. التقطته جاكلين بسرعة و فتحته ثم صاحت و قد بدت عليها علامات الفرح:
ــ أنه من شققى جون!
ــ هل تفتقدينه يا جاكلين؟
ــ بالطبع أفتقده كثيراً لقد ظننت بعد موت أبى و أمى أنه ليس ثمة رباط لى فى تلك البلاد يربط بينى و بين أهلها...لكنى كنت الآن اعترف بأننى كنت مخطئة
ــ أن جذورنا بأواصلاها فى الأرض بأكثر مما نتخيل...هل تعلمين أننى ولدت أصلاً فى إنجلترا؟ لقد أتيت إلى استراليا حينا بلغت من العمر سن السادسة...لقد ظننت أننى استرالية لحماً و دوماً حتى أخذنى لين و سافرنا إلى انجلترا فى احتفالنا بذكرى زواجنا الخامس و العشرين...لقد كنت فى أبلغ درجات الإثارة و النشوة و لكننى لم أحسب أننى سوف أشعر بأى حنين إلى انجلترا فقد ترعرعت و كبرت فى استراليا .
ــ إذن ما الذى حدث حينما وصلت إلى انجلترا؟
ــ ما أن هبطت من الطائرة على أرض مطار هيثرو حتى شعرت و أيقنت بأننى أخيراً قد وصلت إلى بلادى و أخذت أبكى كما يبكى الأطفال الذين فقدوا أمهاتهم.
ما أن سمعت جاكلين كلام السيدة جين عن الحنين إلى الوطن و البلد حتى استشعرت فى نفسها صدق كلامها و تفهمت ماذا قصدت من مشاعر كامنة يصعب أحياناً كثيرة على المر أن يصفها إلا أنها متواجدة و متأصلة فى داخلية النفوس و تفعل تأثيرها متى ما وجدت الفرصة المواتية فالشعور بالحنين إلى الأوطان جارف و طاغ.
عرفت جاكلين أنها أيضاً تشبه تلك السيدة المسنة حيث أنها أحست أنها فى وطنها ما أن هبطت مطار ملبورن بـ استراليا رغم أنها نمت و ترعرعت فى بلاد الأمريكان بولاية تكساس فقد شعرت و أيقنت أن هذه البلاد ما هى إلا أوطانها الحقيقية...كان شعوراً غامضاً كامناً لا تعرف مصدره .
أخذت جاكلين تصب القهوة إلى ضيفتها السيدة جين و قدمت لها على الصينية بعض قطع البسكويت المصنوعة فى المنزل و عندها قالت جين :
ــ على رسلك لا تقدمى كل هذا البسكويت...أننى بدينة يزداد وزنى باضطراب و أخشى تناول البسكويت فيزيد وزنى أكثر و أكثر.
ــ أن المستر ناش يحبه و أنا أصنعه حتى أرضيه....فهو الرئيس على أية حال!
ــ بالمناسبة...أين هو...أننى لم أراه اليوم؟
ــ فى الخارج بين الحقول يقوم بالإشراف على العمل و سوف يعود على الغداء فإن كنت ترغبين فى لقائه فيجب عليك أن تنتظريه و فى الغد سوف يخرج مرة ثانية حتى يرينى أحد المشروعات الجديدة فى مزرعة فيرنيدا.
كانت جاكلين تنتظر تلك الرحلة بفارغ الصبر طوال الأسبوع, لاحظت السيدة جين نبرة الإعجاب و الحب البادية فى كلمات جاكلين و لمست أنها معجبة به....فقالت:
ــ أنت مشغوفة بالمستر ناش , أليس كذلك جاكلين؟!
ــ أنا معجبة بالعمل الذى يقوم به للمساعدة فى التخفيف من مضار البيئة.
ــ إذن عمله هو السبب الكافى وراء ابتهاجك و تهليلك مثل شجرة عيد الميلاد المضاءة فى كل مرة أذكر أسمه أمامك.
ــ أنت تتخيلين يا جين أشياء لا وجود لها على أر الواقع .
ــ أعلمى يا جاكلين أنك ليست الوحيدة التى وقعت فى حب ناش!
ــ أنا لم أقع فى حبه...أنا احترمه و أقدره و كل ما هنالك أننى كنت أتساءل بينى و بين نفسى فى تعجب ...لماذا لم تزوج ناش إلى الآن؟!
تأملت جين كلامها ثم قالت :
ــ آمل أننى لا أكون قد تدخلت فى شئونك و لكنى أحبك جاكلين و لا أريد أن أجرحك ,و لكننى حينما رأيت الطريقة والأسلوب الذى تتحدثين به عن المستر ناش خشيت من وقوعك فى حبه....أردت ان أخبرك أنه لا يفكر فى الزواج البتة....كما أنه ليست لديه النية مطلقاً فى الزواج.
ــ لماذا لا يفكر فى الزواج؟
منتديات ليلاس
ــ هل أخبرك كيف مات أبوه....كيف قـُتل ؟
ــ قـُتل؟
ــ لقد قـُتل عندما أنقلب الجرار الذى كان يقوده أثناء العمل...تزحزح به الجرار من حافة مرتفعة ليسقط فى منطقة منخفضة ...ابتلعه الجرار ككل
ــ يا لها من حادثة مروعة!
ــ لقد دمرت تماماً والدة المستر ناش فقد كانت تكرس حياتها كلها لزوجها...و لما مات طاش صوابها و مضت سنوات قبل أن تستطيع استرداد صحتها و إن كان إلى يومنا هذا صحتها متدهورة طوال الوقت .
صمتت السيدة جين برهة ثم أضافت :
ــ إن المستر ناش يحب أمه حباً جماً و هو يبذل قصارى جهده من أجل الحفاظ عليها و الإبقاء عليها داخل المنزل معه...و على الرغم من أننا طلبنا منه مراراً و تكراراً أن يعهد بها إلى دار المسنين حتى تلقى الرعاية الكافية إلا أنه كان يرفض بشدة و إصرار و السبب يرجع إليها أن المستر ناش لم يتزوج حتى الآن كما أنه يكره فكرة الزواج من أساسها .
ــ و لكن بالتأكيد أن أية امرأة سوف يتزوجها ستقوم برعاية والدته أيضاً!
ــ لعل هذا ما يفسر أنه دائماً يحتفظ لنفسه بمسافة بينه و بين النساء...فقد رأى كيف فعل الحب بأمه و كيف كان الثمن باهظاً له , كان يتعين عليه أن يدفعه و يرفضه بالكامل.
انتهى حديثهما فمدت جين يدها تربت بها على يد جاكلين و قالت لها:
ــ أشكرك على القهوة....سوف أتركك الآن لقراءة الخطابات.
عندما أغلقت الباب القت جاكلين نفسها غارقة فى التفكير فى المستر ناش المسكين و كيف أن المأساة كانت كبيرة حين فقد أباه فى ذلك الحادث الأليم...أنها قصة أليمة حقاً لمن يسمعها و الذى فاقم الأمور أنها تذكرت كيف فقدت أبويها كذلك فى حادث أليم أيضاً ...وجدت جاكلين قلبها يعطف على ناش و يرق له لما لاقاه و كابده من تعاسة و شقاء و معاناة مثلها تماماً .
انتبهت لقراءة خطاب جون و وجدت أنه قد ذكر كافة أخباره و أخبار المزرعة و الأهل و الأصدقاء و لم يترك لها شيئاً إلا و قد ذكره لها...سود صفحات طويلة بالكلام يصف لها فيها كل ما حدث مؤخراً منذ آخر مرة كتب إليها فيها و لما فرغت من قراءة الخطاب وجدت نفسها تضحك طرباً بعد ما كانت حزينة منذ لحظات...أما الخطاب الثانى فكان من كاترين كايسى أخبرتها فيه أن المستر بيل كايسى قد تحسنت حالته الصحية كثيراً و تم نقله إلى المنزل مره أخرى.
مــنــتــديــــات لــيـــلاســـ
|