كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
سرعان ما توقفت هناك مذهولة . فللقصر شكل حصن و مناعته ، و ليس هناك ما يخفف من صلابة منظره الا نحت كثيف فوق قناطر نوافذه.. كان هناك درج حجري شبيه بحدوة حصان يرتفع عن المدخل الرئيسي كذراعين حجرتين ممدتين و كانهما على اهبة الاستعداد للعناق او السحق . و كان هناك ايضاً برج ساعة الذي حفر فيه تاج الدوقية، نظرت اليه مسحورة ثم لم تلبث عيناها أن جالتا على لون حجره الوردي و على قبته الرمادية . بدا لها القصر منيعاً ضد اي غزو فهو محصن على جوانبه و من خلفه تقبع غابات كثيفة من الصنوبر.
ركنت سيارتها تحت ظل عواميد منخفضة قبل ان ترتقي السلم الحجري الذي قادها الى الاعلى حيث الباب الضخم المصنوع من خشب السنديان الصلب . سحبت نفساً عميقاً ، ثم امسكت بمقبض الجرس النحاسي بشدة .. و لكن الصوت الذي تعالى عقب طرقتها لم يخترق الجدران بوضوح ، ما هي الا دقيقة حتي تأوه الباب و وقفت وجهاً لوجه امام عجوز شمطاء حادة القسمات ، ترتدي الاسود من رأسها حتى اخمص قدميها ، و لهذه العجوز عينان ثاقبتان مشبعتان بالريبة ، راحت تمعن بهما النظر في راوينا قبل ان تفتح فهما الاشدق لتقول :
- القصر مقفل امام العامة .. لقد دون الوقت المحدد لفتحه على لوحة قرب الباب الرئيسي و هي واضحة للعيان .
انتفضت راوينا قليلاً لكنها لم تلبث ان قالت بوقار هادئ :
- اسمي راوينا هافرشام .. لدي موعد مع الماركيز . هلا قلت له اني وصلت ؟
تراجعت العجوز الى الداخل دون ان يرف لها جفن ، ثم اشارت برأسها الى روانيا لتلحق بها و بعد ذلك امرتها بالتوقف ثم شقت طريقها في الردهة و اختفت في العتمة :
- انتظري هنا .. سأرى في اي مزاج هو .
سترى في اي مزاج هو !
منتديات ليلاس
غاصت راوينا متهالكة على اريكة خشبية ، واخذت تنظر الى ما حولها فلما رات المدينة تلتف حولها ارتفعت معنوياتها قليلاً .. كان في الردهة لوحات زيتية ممتازة و ساعة فرنسية رائعة مستطيلة الشكل و تمثال ايطالي نادر و كراسي تعود الى القرن السابع عشر و هي مصطفة امام جدران مكسوة بخشب مصقول حملت قلوباً مطلية بالذهب .
بعد دقائق من صمت ثقيل لم تقطعه سوى دقات الساعة الرهيبة ، وجدت الشجاعة الكافية للسير نحو المدفأة التي ادهشها ان تكون مصنوعة ببراعة من خشب يماثل ما راته على البرج الحجري . فعلى سطحها حفر بعمق تاج الدوقية و تحت التاج حفر شعار باللاتينية يقول:
" صدق انك تملكه ، و ستملكه !" .
كانت حائرة بشأن معاني الشعار حين رن صوت رفيع في اذنها :
- صاحب السعادة سيراك الآن .
ذعرت راوينا فقد آن اوان المواجهة . بعد لحظات ، ستكون وجهاً لوجه مع الرجل الذي قدمت الى هنا لتكرهه ، ولكن عليها كونها الموظفة المحتملة ان تبتسم له بعذوبة و ان تجلس عاقدة الذراعين و عليها في الوقت نفسه مقاومة مشاعر كره تدفعها الى تمرير أظافرها الحادة على طول بشرة وجهه الخالي من الرحمة .
أدخلت عبر باب قادها الى قاعة ظنتها فارغة فراحت تتمتع بجمالها . كانت الجدران مغمورة بلون أخضر شاحب و بزخرفة مائية ذات اطار ذهبي و كانت الرفوف مليئة بالبورسلان المنمنم و في القاعة ايضاً كراسي مذهبة ، و مساند مغطاة بأعمال يدوية ، و خزانة جميلة التطعيم ، تحتوي على وعاء من خزف ميسينا يعود الى القرن الخامس عشر و هو مزين برسوم تنين ذهبي و على اليمين الزاوية مدفأة و اريكة مريحة المنظر ، مزدانة بالوسائد المكسوة بالقماش المزخرف و على جانبيها طاولات تحمل مصابيح ذات قوائم عاجية ، اطارتها من الحرير العاجي اللون .وهناك عدة مجلات منتشرة كانت تشكل واحة بيتيه امامها طبق مجوف مليء بأزهار عطرة الرائحة، ساعدت في تشتيت القليل من الجو الرسمي الطاغي .
|