كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
توقفت عن تقطيع الخس ، و تغصن جبينها عبوساً :
-كنت أذكر نفسي دائماً بهذا الواقع ، لقد ترملت أمي و هي صغيرة جداً ، ولم أكن سوى طفلة حين تزوجت مرة أخرى ، وكان والداك هو الأب الوحيد الذي عرفته . كنت بالخامسة من عمري عندما ولدت انت ..أذكر يومذاك أن " دادي " فرح كثيراً وقد رماني بالهواء إلي أن صرخت طلباً للرحمة ، ومع ذلك لم يظهر يوماً في تلك السنوات ما يدل على إنه يفضل أحدانا على الآخر . كان يقسم كل شئ بيننا بالتساوي : حبه ، وتفهمه ... و ...
قاطعها هوارد و المرارة في صوته تكبح ما تبقي من كلامها .
-كل شئ عدا ماله . لا تنكري أنه كان علي أفضلية فقد ألحقك بمدرسة خاصة و لم يكتف بذلك ، بل أصر "دادي " ان تدرسي دورساً خاصة في السكرتاريا .. أما أنا فحرمت من أصدقائي الذين ترعرعت معهم ووضعت في مدرسة رسمية كنت فيها غريباً عن الأساتذة و التلاميذ في آن . لقد خرجت من المدراس الخاصة و ما فيها من أساتذة أكفاء و زججت في مدارس يزيد عدد التلاميذ في الصف الواحد على ثلاثين تلميذاً و المميز فيها أن التلاميذ لم يكن لديهم الرغبة أو القدرة على التعلم أما الأساتذة فكانوا يكافحون أوضاعاً شاذة لا تقهر للاحتفاظ بعملهم .
منتديات ليلاس
بقيت راوينا صامتة جامدة بحيث ظهرت صورة متكاملة للتحفظ ، ثم قالت بصوت أجش :
-اعرف انك تكدرت كثيراً حين تركت المدرسة الخاصة . لكنني لك أكن اعرف أبداً مدى تأثرك ..إنما لا تلم "دادي " على ذلك فهو لم يمت بإرادته و اختياره .
رد بقسوة :
- ولم يختر كذلك ان يوفر احتياطات وقائية لعائلته . كان أنانياً حين رتب شؤونه بحيث نستريح في حياته و نشقي في مماته ، الا تظنين هذا ؟
همست ببؤس :
-لم يكن يعتقد بل على الأرجح لم يفكر في انه سيموت صغير السن كما فعل .
-ربما لا .. لكنني كنت افكر فيه أثناء تنقلي من عمل إلى لآخر في ذلك ، و ليس غريبا أن افكر فيه و انا أرى نفسي غير قادر على تحقيق ترقية لأنني لا املك مؤهلات أو علاقات مدرسية أو غير مدرسية مهمة لها تأثيرها في الوصول غلي وظائف هامة في المدينة .
-المقدرة و التصميم يتغلبان على كل العوائق .. كان يمكن أن أجلس نادبة حظي لاعنة قدري السيء و أقضي ما تبقي من حياتي في العمل في أول وظيفة مملة لكنني التحقت بمدرسة ليلية حتي اتقنت ثلاث لغات ، ثم تركت أذني مشنفتين و عيني مفتوحتين حتي عثرت أخيراً على وظيفة عظيمة .. ان كان الرجل ماهراً في عمله فلا هم ما لون ربطة عنقه ؟
- من السهل ان تجد المرأة في هذه الأيام وظيفة اما الرجل فيعسر عليه إذ يعاشر غير رفاق السوء ، كما عليه ان يكون مقبولاً في دوائر خاصة . ولايهم إطلاقاً إن كان له عقل أو قدرة او تصميم بل المهم ان يدعمه أشخاص من ذوي القيمة و هذا يذكرني بخدمة اريدها منك . ولكن فلنحمل أولاً هذا الطعام الى المائدة ولنتحدث أثناء الوجبة.
أحست راوينا ان السلطة اللذيذة والأومليت الشهية ستصدمها ، فأخذت تتلاعب بها بالشوكة و السكين ، تفكر وجلة في ما سيطلبه منها فبسبب تلميحات سابقة ، استطاعت أن تقدر موضوع الطلب المقبل ، و خشيت من عواقب رفضها ، الذي يتشكل منذ الآن في رأسها.
|