كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
لم تشعر ليندا إلا بأنامله تنساب على رأسها لتهدأ على كتفها ثم سالها :
" يوجد ندب صغير هنا ، ماذا جرى ؟".
" كنت أسير بين الأشواك وزلت بي قدمي ، حاولت ان أتمسك باحد الأغصان فغنكسر في يدي واصابني بهذا الخدش".
نهض ريك وإتكأ على ركبتيه أمامها قالبا شفته السفلى لثوان عديدة ، ثم أمالها بذراعيه مقربا وجهه من وجهها ، إنتفضت ليندا محولة وجهها عنه.
" لا ، لا ! ".
لكنه لم يدعها تفلت منه بل حدق بوجهها ، وعيناه شاخطتان الى عينيها لبرهة ، ثم انزل ذراعيه محولا نظره االى البحر :
" حسنا.... كما تريدين ".
" سأسبح قليلا ".
" سأرافقك وعندما نعود نجمع اغراضنا ونمشي من هنا ".
سبحا متمتعين بمياه البحر الباردة المنعشة ، وخفت الأمواج التي كانت تتفجر على جسميهما من حدة إنفعالها ، لم تأبه ليندا لشعرها المكشوف والمربوط بأحكام الى الوراء ، بل راحت تغوص بخفة وبراعة اثارا إعجاب ريك ، عندما خرجت من الماء كان شعرها قد فقد أناقته وتخلص من ربطته مغطيا كتفيها وقسما من وجهها.منتدى ليلاس
بحسرة وندم ، اسرعت تجفف خصلاتها وتصفها ، وبحثت في حقيبتها عن المزيد من الدبابيس لتعيد ربط شعرها ، سألها ريك :
" لماذا لا تتركينه على سجيته ؟ فهو يناسبك هكذا ".
لم يمنعها كلامه من متابعة عملها معلقة :
" شكرا ، لكنه مزعج عندما لا اربطه".
" مزعج لمن ؟".
رمقته ببرودة وهي تنهي ربط شعرها وأجابت :
" لي أنا طبعا ( ونهضت ) سأذهب لأغير ملابسي ".
جلس يراقبها تدوس على الرمل الدافىء قادمة نحوه تسبقها رائحة عطرها الناعمة ، بعد أن تجملت ، بدت كالحورية الخارجة من بين الأمواج ، وقرص الشمس وراءها كأنه هالة تحيط برأسها حاملة في عينيها زرقة البحر وعمق مياهه.
إبتسم عندما رىها وعلّق بتهكم واضح مأخوذا بجمالها :
" ها هي معلمة المدرسة قد عادت الى الحياة".
سالته بحزم :
" لم لا ؟ هذه هي الحقيقة".
زفر ريك زفرة خفيفة تدل على السخرية ، وأمسك ذراعها متوجهين نحو السيارة.
توقفا في تايروا لإلقاء نظرة أخيرة على البحر قبل العودة الى المؤسسة .
أوشكت الشمس على المغيب وليندا وريك ما زالا في نزهتهما ، وصلا الى جسر صغير حيث إنعطف ريك بإتجاه إستراحة عامة مخصصة للسياح وعابري السبيل فاوقف السيارة قائلا :
" دب في الجوع من جديد ، هل بقي لدينا سندويشات ؟".
اجابت لدينا وهي تدقق في محتويات الحقيبة :
" عدد قليل إضافة الى بعض الطماطم والفاكهة ".
جلسا الى طاولة خشبية ألصقت بها المقاعد يسدان جوعهما ، وتوجها بعدها الى ممر ضيق يؤدي الى نبع الماء وسلكاه بسهولة ، نظرا للأحجار الكبيرة المنثورة في وسط المجرى لتسهيل مرور المشاة ، خلعت ليندا حذاءها ومشت في المياه المثلجة ، تجمع حصى صغيرة مهترئة بفعل المياه.
" إنظر يا ريك الى الوان هذه الحصى ، عندما تجففها ستفقد بعضا من بريقها ، ومع ذلك فهي تشكل مجموعة جميلة ".
في الواقع كانت الحصى رائعة للغاية وتشكل فيما بينها تناسقا فريدا في الألوان ، منها الأحمر والبنفسجي والأخضر والرمادي ومنها المرقط ، أضافت ليندا شارحة :
" بعضهم يجمعها ويدهنها فتبدو كالجواهر ".
اعجب ريك بالفكرة ، فراح بدوره يلتقط الحصى.
" إنها حقا جذابة ! ".
لفت نظره قطعة كبيرة في الماء فأسرع يتفحصها ليفاجأ بلونها الأصفر المشع ، لم يصدق عينيه في بادىء الأمر ، فمرر اصبعه عليها عدة مرات حتى تأكد أنه لا يحلم وقال بهدوء :
" يا الهي إنه...".
ضحكت ليندا :
" ذهب مزيف".
" حقا ؟.
" لست خبيرة ، لكن بعد الذي سمعته من القيم على مخيم الذهب بت افرق بسرعة بين الذهب الحقيقي والمزيف ، فالأخير يبدو أقرب الى الذهب من الحقيقي نفسه ".
دس ريك الحجر في جيبه :
" مزيفا كان أم لا ، ساحتفظ به ، لقد أعجبني منظره ".
عادا يدا بيد ، لا ينبسان ببنت شفة سالكين الممر نفسه ، في منتصفه ، حيث الأغصان الوارفة تتدلى من كل صوب فتحجب المارين عن الأنظار لمسافة صغيرة ، جذبها ريك نحوه وأمسك بيديها الإثنتين لا يرفع نظره عن وجهها ، وتحركت اصابعه بنعومة نحو كتفيها مرورا بذراعيها لينتهي الى عينيها.
" لا تمانعي ".
دنا منها على مهل وبنعومة فائقة عانقها ، إستكانت ليندا بهدوء ، وإمتنعت عن التفكير او حتى الحراك ، لا تريد ان تلقى هذه الدقائق الخالدة مصير الأحلام التي عاشت في قصورها خلال السنوات الماضية ، لن تدعها تنتهي بسرعة ولن تسمح لأي كان ان يدمرها.
لكن هذه المرة ريك لم يرحل ، إنتهت اللحظة وما زال يطوقها بذراعيه ، ثم أمسكها بيدها يساعدها في الخروج من الممر متجهين نحو السيارة.
خيم هدوء اثناء عودتهما الى المؤسسة ، لم يعكره سوى تعليق ليندا على سلاسة السيارة اثناء سيرها ، وأضافت تسأله :
" لمن هذه السيارة؟".
" إستأجرتها لتنقلاتي مدة بقائي هنا".
سكتت لا تريد التمادي في هذا الموضوع ، فهي لا تريد أن تسمع متى تنتهي مهمته هنا ، شعرت بألم خفيف يدب في أوصالها فتذكرت قرارها بالتمتع بهذا اليوم من غير التفكير بالأيام التي ستلي.
خفف ريك من سرعة السيارة حتى بانت له أبنية المؤسسة من بعيد وسالها :
" هل نذهب الى منزل الدكتور سيمونز لبعض الوقت ؟".
طأطات ليندا راسها لا تدري بما تجيب ، فما كان من ريك إلا ان إستانف سيره متخليا عن بطئه ، عندما اوقف سيارته قالت ليندا :
" أشكرك كثيرا على هذا اليوم الرائع يا ريك ".
" شكرا لك ، هل تعيدين الكرة ؟ أم تفضلين أن نتناول العشاء ؟".
" موافقة ".
" كلما بدأنا باكرا كلما طالت نزهتنا وبعدت ، هل تفضلين السفر الى أوكلاند لنمضي سهرة من سهرات العمر ؟".
" لا ، هذا مستحيل خلال الاسبوع ، هل نسيت أنني ابدأ عملي في الصباح الباكر ؟".
" حسنا ، لا رحلات طويلة ، ولكن هذا يضيق علينا مجال الخيار".
" لا أمانع في الذهاب الى المطعم نفسه مرة اخرى ، كان جوه ممتعا المرة الماضية ".
" حسنا ، أيناسبك يوم الثلاثاء ؟".
" إتفقنا ".
|